আল বিদায়া ওয়া আন্নিহায়া

পৃষ্ঠা - ৯৯১৪
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَخَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا خَطَبَ الْمَلِكُ طُغْرُلْبَكُ ابْنَةَ الْخَلِيفَةِ، فَانْزَعَجَ الْخَلِيفَةُ مِنْ ذَلِكَ، وَقَالَ: هَذَا شَيْءٌ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِمِثْلِهِ. ثُمَّ طَلَبَ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً كَهَيْئَةِ الْمُبْعِدِ لَهُ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا كَانَ لِزَوْجَتِهِ الَّتِي تُوُفِّيَتْ مِنَ الْإِقْطَاعَاتِ بِأَرْضِ وَاسِطٍ وَصَدَاقٌ ثَلَاثُمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، وَأَنْ يُقِيمَ الْمَلِكُ بِبَغْدَادَ لَا يَتَرَحَّلُ مِنْهَا، وَلَا يَحِيدُ عَنْهَا يَوْمًا أَبَدًا، فَوَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَى بَعْضِ ذَلِكَ، وَأَرْسَلَ إِلَيْهَا بِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ مَعَ ابْنَةِ أَخِيهِ دَاوُدَ، زَوْجَةِ الْخَلِيفَةِ أَرْسَلَانَ خَاتُونَ، وَأَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ مِنْ آلَاتِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالنِّثَارِ وَالْجَوَارِي وَالْكُرَاعِ، وَمِنَ الْجَوَاهِرِ أَلْفَانِ وَمِائَتَا قِطْعَةٍ، مِنْ ذَلِكَ سَبْعُمِائَةٍ وَعِشْرُونَ قِطْعَةً مِنْ جَوْهَرٍ، وَزْنُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مَا بَيْنَ الثَّلَاثَةِ مَثَاقِيلَ إِلَى الْمِثْقَالِ، وَأَشْيَاءُ كَثِيرَةٌ. فَتَمَنَّعَ الْخَلِيفَةُ لِفَوَاتِ بَعْضِ الشُّرُوطِ، فَغَضِبَ عَمِيدُ الْمُلْكِ الْكُنْدُرِيُّ الْوَزِيرُ لِمَخْدُومِهِ السُّلْطَانِ، وَجَرَتْ شُرُورٌ طَوِيلَةٌ اقْتَضَتْ أَنْ أَرْسَلَ السُّلْطَانُ كِتَابًا يَأْمُرُ فِيهِ بِانْتِزَاعِ ابْنَةِ أَخِيهِ السَّيِّدَةِ أَرْسَلَانَ خَاتُونَ، وَنَقْلِهَا مِنْ دَارِ الْخِلَافَةِ إِلَى دَارِ الْمُلْكِ، حَتَّى تَنْفَصِلَ هَذِهِ الْقَضِيَّةُ، وَعَزَمَ الْمَلِكُ عَلَى النُّقْلَةِ مِنْ بَغْدَادَ وَأَصْلَحَ الطَّيَّارَ فَانْزَعَجَ النَّاسُ لِذَلِكَ، وَجَاءَ كِتَابُ السُّلْطَانِ إِلَى رَئِيسِ شِحْنَةِ بَغْدَادَ بِرْشَقَ يَأْمُرُهُ بِعَدَمِ الْمُرَاقَبَةِ، وَكَثْرَةِ الْعَسْفِ فِي مُقَابَلَةِ رَدِّ أَصْحَابِنَا بِالْحِرْمَانِ، وَيَعْزِمُ عَلَى نُقْلَةِ الْخَاتُونِ إِلَى دَارِ
পৃষ্ঠা - ৯৯১৫
الْمَمْلَكَةِ، وَيُرْسِلُ مَنْ يَحْمِلُهَا إِلَى الْبَلْدَةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا، وَكُلُّ ذَلِكَ غَضَبًا عَلَى الْخَلِيفَةِ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَفِي رَمَضَانَ رَأَى إِنْسَانٌ مِنَ الزَّمْنَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ وَهُوَ قَائِمٌ، وَمَعَهُ ثَلَاثَةُ أَنْفُسٍ فَجَاءَهُ إِلَيْهِ أَحَدُهُمْ فَقَالَ لَهُ: أَلَا تَقُومُ؟ فَقَالَ: لَا أَسْتَطِيعُ أَنَا رَجُلٌ مُقْعَدٌ، فَأَخَذَ بِيَدِهِ وَقَالَ: قُمْ، فَقَامَ وَانْتَبَهَ، فَإِذَا هُوَ قَدْ بَرِأَ وَأَصْبَحَ يَمْشِي فِي حَوَائِجِهِ. وَفِي رَبِيعٍ الْآخَرِ اسْتَوْزَرَ الْخَلِيفَةُ أَبَا الْفَتْحِ مَنْصُورَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ دَارَسَتِ الْأَهْوَازِيَّ، وَخَلَعَ عَلَيْهِ، وَجَلَسَ فِي مَجْلِسِ الْوِزَارَةِ. وَفِي جُمَادَى الْآخِرَةِ لِلَيْلَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنْهُ كُسِفَتِ الشَّمْسُ كُسُوفًا عَظِيمًا ; جَمِيعُ الْقُرْصِ، فَمَكَثَ أَرْبَعَ سَاعَاتٍ، حَتَّى بَدَتِ النُّجُومُ وَآوَتِ الطُّيُورُ إِلَى أَوْكَارِهَا وَتَرَكَتِ الطَّيَرَانَ، وَكُلُّ ذَلِكَ لِشِدَّةِ الظُّلْمَةِ. وَفِيهَا وَلِيَ أَبُو تَمِيمِ بْنُ مُعِزِّ بْنِ بَادِيسَ بِلَادَ إِفْرِيقِيَّةَ بَعْدَ وَفَاةِ أَبِيهِ صَاحِبِهَا. وَفِيهَا وَلِيَ نَصْرُ بْنُ نَصْرِ الدَّوْلَةِ أَحْمَدَ بْنِ مَرْوَانَ الْكُرْدِيُّ دِيَارَ بَكْرٍ بَعْدَ أَبِيهِ أَيْضًا. وَفِيهَا وَلِيَ شَرَفُ الدَّوْلَةِ بْنُ قُرَيْشِ بْنِ بَدْرَانَ بِلَادَ الْمَوْصِلِ وَنَصِيبِينَ بَعْدَ أَبِيهِ. وَفِيهَا خُلِعَ عَلَى طَرَّادِ بْنِ مُحَمَّدٍ الزَّيْنَبِيِّ الْمُلَقَّبِ بِالْكَامِلِ وَوَلِيَ نِقَابَةَ الْعَبَّاسِيِّينَ. وَخُلِعَ عَلَى أُسَامَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ وَقُلِّدَ نِقَابَةَ الطَّالِبِيِّينَ وَلُقِّبَ الْمُرْتَضَى. وَفِيهَا ضَمِنَ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلَّانَ الْيَهُودِيُّ ضَيَاعَ الْخَلِيفَةِ مِنْ صَرْصَرَ إِلَى
পৃষ্ঠা - ৯৯১৬
أَوَانَا، كُلُّ سَنَةٍ بِسِتَّةٍ وَثَمَانِينَ أَلْفَ دِينَارٍ وَسَبْعَةَ عَشَرَ أَلْفَ كُرٍّ مِنْ غَلَّةٍ. وَلَمْ يَحُجَّ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: أَحْمَدُ بْنُ مَرْوَانَ، أَبُو نَصْرٍ الْكُرْدِيُّ صَاحِبُ بِلَادِ بَكْرٍ وَمَيَّافَارِقِينَ، لَقَّبَهُ الْقَادِرُ بِاللَّهِ نَصْرَ الدَّوْلَةِ، مَلَكَ هَذِهِ الْبِلَادَ ثِنْتَيْنِ وَخَمْسِينَ سَنَةً، وَتَنَعَّمَ تَنَعُّمًا لَمْ يَقَعْ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ زَمَانِهِ، وَلَا أَدْرَكَهُ فِيهِ أَحَدٌ مِنْ بَعْدِهِ، وَكَانَ عِنْدَهُ خَمْسُمِائَةِ سُرِّيَّةٍ سِوَى مَنْ يَخْدِمُهُنَّ، وَعِنْدَهُ خَمْسُمِائَةِ خَادِمٍ، وَعِنْدَهُ مِنَ الْمُغَنِّيَاتِ شَيْءٌ كَثِيرٌ، كُلُّ وَاحِدَةٍ مُشْتَرَاهَا خَمْسَةُ آلَافِ دِينَارٍ وَأَكْثَرُ، وَكَانَ يَحْضُرُ فِي مَجْلِسِهِ مِنَ الْآلَاتِ وَالْأَوَانِي مَا يُسَاوِي مِائَتَيْ أَلْفِ دِينَارٍ، وَتَزَوَّجَ بِعِدَّةٍ مِنْ بَنَاتِ الْمُلُوكِ، وَكَانَ كَثِيرَ الْمُهَادَنَةِ لِلْمُلُوكِ، إِذَا قَصَدَهُ عَدُوٌّ أَرْسَلَ إِلَيْهِ بِمِقْدَارِ مَا يَغْرَمُهُ عَلَى حَرْبِهِ وَيُصَالِحُهُ بِذَلِكَ، فَيَرْجِعُ عَنْهُ. وَقَدْ أَرْسَلَ إِلَى الْمَلِكِ طُغْرُلْبَكَ بِهَدِيَّةٍ عَظِيمَةٍ حِينَ مَلَكَ الْعِرَاقَ، مِنْ ذَلِكَ جَبَلٌ مِنْ يَاقُوتٍ كَانَ لِبَنِي بُوَيْهِ، اشْتَرَاهُ بِمِقْدَارٍ عَظِيمٍ، وَبَعَثَ إِلَيْهِ بِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ عَيْنًا، وَغَيْرُ ذَلِكَ. وَوَزَرَ لَهُ أَبُو الْقَاسِمِ الْمَغْرِبِيُّ مَرَّتَيْنِ، وَوَزَرَ لَهُ أَيْضًا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جُهَيْرٍ، فَخْرُ الْمُلْكِ، وَكَانَتْ بِلَادُهُ مِنْ آمَنِ الْبِلَادِ، وَأَطْيَبِهَا وَأَكْثَرِهَا عَدْلًا. وَقَدْ بَلَغَهُ أَنَّ الطُّيُورَ تَنْجِعُ فِي الشِّتَاءِ فِي الْجِبَالِ إِلَى
পৃষ্ঠা - ৯৯১৭
الْقُرَى، فَيَصْطَادُهَا النَّاسُ، فَأَمَرَ بِفَتْحِ الْأَهْرَاءِ وَإِلْقَاءِ مَا يَكْفِيهَا مِنَ الْغَلَّاتِ فِي مُدَّةِ الشِّتَاءِ، فَكَانَتْ تَكُونُ فِي ضِيَافَتِهِ طُولَ عُمُرِهِ. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَقَدْ قَارَبَ الثَّمَانِينَ أَوْ جَاوَزَهَا. قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: قَالَ ابْنُ الْأَزْرَقِ فِي " تَارِيخِهِ ": إِنَّهُ لَمْ يُصَادِرْ أَحَدًا مِنْ رَعِيَّتِهِ سِوَى رَجُلٍ وَاحِدٍ، وَلَمْ تَفُتْهُ صَلَاةٌ مَعَ كَثْرَةِ مُبَاشَرَتِهِ لِلَّذَّاتِ، وَكَانَتْ لَهُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ حَظِيَّةً، يَبِيتُ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدَةٍ لَيْلَةً مِنَ السَّنَةِ، وَخَلَّفَ أَوْلَادًا كَثِيرَةً، وَلَمْ يَزَلْ عَلَى ذَلِكَ الْحَالِ إِلَى أَنْ تُوَفِّيَ فِي التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ شَوَّالٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
পৃষ্ঠা - ৯৯১৮
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا وَرَدَتِ الْكُتُبُ الْكَثِيرَةُ مِنَ الْمَلِكِ طُغْرُلْبَكَ يَشْكُو قِلَّةَ إِنْصَافِ الْخَلِيفَةِ وَعَدَمِ مُوَافَاتِهِ لَهُ بِمَا أَسْدَاهُ إِلَيْهِ مِنَ الْخَدَمِ وَالنِّعَمِ إِلَى مُلُوكِ الْأَطْرَافِ، وَقَاضِي الْقُضَاةِ الدَّامَغَانِيِّ، فَلَمَّا رَأَى الْخَلِيفَةُ ذَلِكَ، وَأَنَّ الْمَلِكَ قَدْ أَرْسَلَ إِلَى نُوَّابِهِ بِالِاحْتِيَاطِ عَلَى أَمْلَاكِ الْخَلِيفَةِ - وَقَدِ انْزَعَجَ لِذَلِكَ - كَتَبَ إِلَى الْمَلِكِ طُغْرُلْبَكَ يُجِيبُهُ إِلَى مَا سَأَلَ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى الْمَلِكِ فَرِحَ فَرَحًا شَدِيدًا، وَأَرْسَلَ إِلَى نُوَّابِهِ أَنْ يُطْلِقُوا الْأَمْلَاكَ الْخَلِيفِيَّةَ. فَلَمَّا انْتَهَتِ الرِّكَابِيَّةُ بِذَلِكَ إِلَى بَغْدَادَ دَقَّتِ الْبَشَائِرُ بِدَارِ الْخِلَافَةِ، وَطِيفَ بِالرِّكَابِيَّةِ وَبَيْنَ أَيْدِيهِمُ الدَّبَادِبُ وَالْبُوقَاتُ، وَفَرِحَ النَّاسُ بِإِجَابَةِ الْخَلِيفَةِ إِلَى ذَلِكَ، وَاتَّفَقَتِ الْكَلِمَةُ، فَوَكَلَ الْخَلِيفَةُ فِي الْعَقْدِ، وَكَتَبَ بِذَلِكَ وَكَالَةً، ثُمَّ وَقَعَ الْعَقْدُ بِمَدِينَةِ تِبْرِيزَ بِحَضْرَةِ الْمَلِكِ طُغْرُلْبَكَ وَعَمِلَ سِمَاطًا عَظِيمًا، فَلَمَّا جِيءَ بِالْوَكَالَةِ قَامَ لَهَا الْمَلِكُ، وَقَبَّلَ الْأَرْضَ عِنْدَ رُؤْيَتِهَا، ثُمَّ أَوْجَبَ الْعَقْدَ عَلَى صَدَاقِ أَرْبَعِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، وَكَثُرَ دُعَاءُ النَّاسِ لِلْخَلِيفَةِ، وَذَلِكَ فِي يَوْمِ الْخَمِيسِ الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْ شَعْبَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، ثُمَّ بَعَثَ ابْنَةَ أَخِيهِ الْخَاتُونَ أَرْسَلَانَ خَاتُونَ زَوْجَةَ الْخَلِيفَةِ فِي شَوَّالٍ بِتُحَفٍ عَظِيمَةٍ، وَذَهَبٍ كَثِيرٍ، وَجَوَاهِرَ عَدِيدَةٍ ثَمِينَةٍ، وَهَدَايَا عَظِيمَةٍ لِأُمِّ الْعَرُوسِ وَأَهْلِهَا كُلِّهِمْ، وَقَالَ الْمَلِكُ جَهْرَةً لِلنَّاسِ: أَنَا عَبْدٌ قِنٌّ لِلْخَلِيفَةِ مَا بَقِيتُ، لَا أَمْلِكُ شَيْئًا سِوَى مَا عَلَيَّ مِنَ الثِّيَابِ.
পৃষ্ঠা - ৯৯১৯
وَفِيهَا عَزَلَ الْخَلِيفَةُ وَزِيرَهُ، وَاسْتَوْزَرَ أَبَا نَصْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ جُهَيْرٍ، اسْتَقْدَمَهُ مِنْ مَيَّافَارِقِينَ. وَفِيهَا عَمَّ الرُّخْصُ جَمِيعَ الْأَرْضِ حَتَّى أُبِيعَ بِالْبَصْرَةِ كُلُّ أَلْفِ رِطْلِ تَمْرٍ بِثَمَانِ قَرَارِيطَ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: ثُمَالُ بْنُ صَالِحٍ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ صَاحِبُ حَلَبَ كَانَ كَرِيمًا حَلِيمًا وَقُورًا ذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ أَنَّ الْفَرَّاشَ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ لِيَغْسِلَ يَدَهُ فَصَدَمَتْ بَلْبَلَةُ الْإِبْرِيقِ ثَنِيَّتَهُ، فَسَقَطَتْ فِي الطَّسْتِ، فَعَفَا عَنْهُ. الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ وُلِدَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ عَلَى جَمَاعَةٍ، وَتَفَرَّدَ بِمَشَايِخَ كَثِيرَةٍ. مِنْهُمْ أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ الْقَطِيعِيُّ، وَكَانَ آخِرَ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ، تُوُفِّيَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ. الْحُسَيْنُ بْنُ أَبِي يَزِيدَ، أَبُو عَلِيٍّ الدَّبَّاغُ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي
পৃষ্ঠা - ৯৯২০
الْمَنَامِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يُحْيِيَنِي عَلَى الْإِسْلَامِ. فَقَالَ: وَعَلَى السُّنَّةِ، وَعَلَى السُّنَّةِ، وَعَلَى السُّنَّةِ. سَعْدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ، أَبُو الْمَحَاسِنِ الْجُرْجَانِيُّ كَانَ رَئِيسًا قَدِيمًا، وُجِّهَ رَسُولًا إِلَى الْمَلِكِ مَحْمُودِ بْنِ سُبُكْتِكِينَ فِي حُدُودِ سَنَةِ عَشْرٍ، وَكَانَ مِنَ الْفُقَهَاءِ الْعُلَمَاءِ، تَخَرَّجَ بِهِ جَمَاعَةٌ، وَرَوَى الْحَدِيثَ عَنْ جَمَاعَةٍ، وَعُقِدَ لَهُ مَجْلِسُ الْمُنَاظَرَةِ بِبُلْدَانٍ كَثِيرَةٍ، وَقُتِلَ ظُلْمًا بِإِسْتَرَابَاذَ فِي رَجَبٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَإِيَّانَا بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ.
পৃষ্ঠা - ৯৯২১
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا دَخَلَ السُّلْطَانُ طُغْرُلْبَكُ بَغْدَادَ وَعَزَمَ الْخَلِيفَةُ عَلَى تَلَقِّيهِ، ثُمَّ تَرَكَ ذَلِكَ، وَأَرْسَلَ وَزِيرَهُ أَبَا نَصْرٍ عِوَضًا عَنْهُ، وَكَانَ مِنَ الْجَيْشِ أَذِيَّةٌ لِلنَّاسِ فِي الطَّرِيقِ، وَتَعَرُّضٌ لِلْحُرَمِ حَتَّى إِنَّهُمْ هَجَمُوا عَلَى النِّسَاءِ فِي الْحَمَّامَاتِ، فَخَلَّصَهُنَّ مِنْهُمُ الْعَامَّةُ بَعْدَ جَهْدٍ جَهِيدٍ. دُخُولُ الْمَلِكِ طُغْرُلْبَكَ عَلَى بِنْتِ الْخَلِيفَةِ لَمَّا اسْتَقَرَّ الْمَلِكُ طُغْرُلْبَكُ بِبَغْدَادَ، أَرْسَلَ وَزِيرَهُ عَمِيدَ الْمُلْكِ إِلَى الْخَلِيفَةِ يُطَالِبُهُ بِنَقْلِ السَّيِّدَةِ مِنَ الدَّارِ الْعَزِيزَةِ النَّبَوِيَّةِ إِلَى دَارِ الْمَمْلَكَةِ، فَتَمَنَّعَ الْخَلِيفَةُ مِنْ ذَلِكَ، وَقَالَ: إِنَّكُمْ إِنَّمَا سَأَلْتُمْ أَنْ يَعْقِدَ الْعَقْدَ فَقَطْ لِحُصُولِ التَّشْرِيفِ، وَالْتَزَمْتُمْ لَنَا بِعَدَمِ الْمُطَالَبَةِ بِهَا، فَتَرَدَّدَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْخَلِيفَةِ وَالْمَلِكِ، وَأَرْسَلَ الْمَلِكُ زِيَادَةً عَلَى النَّقْدِ مِائَةَ أَلْفِ دِينَارٍ وَمِائَةً وَخَمْسِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَتُحَفًا أُخَرَ، وَأَشْيَاءَ لَطِيفَةً، فَلَمَّا كَانَ لَيْلَةُ الِاثْنَيْنِ الْخَامِسَ عَشَرَ مِنْ صَفَرِ هَذِهِ السَّنَةِ زُفَّتِ السَّيِّدَةُ ابْنَةُ الْخَلِيفَةِ إِلَى دَارِ الْمَمْلَكَةِ، فَضُرِبَتْ لَهَا السُّرَادِقَاتُ مِنْ دِجْلَةَ إِلَى دَارِ الْمَمْلَكَةِ، وَضُرِبَتِ الدَّبَادِبُ وَالْبُوقَاتُ عِنْدَ دُخُولِهَا دَارَ الْمَمْلَكَةِ، وَكَانَتْ سَاعَةً عَظِيمَةً، فَأُجْلِسَتْ
পৃষ্ঠা - ৯৯২২
عَلَى سَرِيرٍ مُكَلَّلٍ بِالذَّهَبِ، وَعَلَى وَجْهِهَا بُرْقُعٌ، وَدَخَلَ الْمَلِكُ طُغْرُلْبَكُ فَوَقَفَ بَيْنَ يَدَيْهَا، فَقَبَّلَ الْأَرْضَ وَلَمْ تَقُمْ لَهُ وَلَمْ تَرَهُ، وَلَمْ يَجْلِسْ حَتَّى انْصَرَفَ إِلَى صَحْنِ الدَّارِ، وَالْحُجَّابُ وَالْأَتْرَاكُ يَرْقُصُونَ هُنَاكَ فَرَحًا وَسُرُورًا، وَبَعَثَ لَهَا مَعَ الْخَاتُونِ أَرْسَلَانَ ابْنَةِ أَخِيهِ زَوْجَةِ الْخَلِيفَةِ عِقْدَيْنِ فَاخِرَيْنِ وَقِطْعَةَ يَاقُوتٍ حَمْرَاءَ كَبِيرَةً هَائِلَةً، وَدَخَلَ مِنَ الْغَدِ فَقَبَّلَ الْأَرْضَ، وَجَلَسَ عَلَى سَرِيرٍ مُكَلَّلٍ بِالْفِضَّةِ بِإِزَائِهَا سَاعَةً، ثُمَّ خَرَجَ وَأَرْسَلَ لَهَا جَوَاهِرَ نَفِيسَةً كَثِيرَةً مُثَمَّنَةً، وَفَرَجِيَّةَ نَسِيجٍ مُكَلَّلَةً بِاللُّؤْلُؤِ، وَمَا زَالَ كَذَلِكَ كُلَّ يَوْمٍ يَدْخُلُ، وَيُقَبِّلُ الْأَرْضَ، وَيَجْلِسُ عَلَى سَرِيرٍ بِإِزَائِهَا، ثُمَّ يَخْرُجُ فَيَبْعَثُ بِالتُّحَفِ وَالْهَدَايَا، وَلَمْ يَكُنْ مِنْهُ إِلَيْهَا شَيْءٌ مِقْدَارَ سَبْعَةِ أَيَّامٍ، وَيَمُدُّ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ السَّبْعَةِ سِمَاطًا عَظِيمًا، وَخَلَعَ يَوْمَ السَّابِعِ عَلَى جَمِيعِ الْأُمَرَاءِ، ثُمَّ عَرَضَ لَهُ سَفَرٌ وَاعْتَرَاهُ مَرَضٌ، فَاسْتَأْذَنَ الْخَلِيفَةَ بِالِانْصِرَافِ بِالسَّيِّدَةِ مَعَهُ إِلَى تِلْكَ الْبِلَادِ مُدَّةً قَرِيبَةً، ثُمَّ يَعُودُ بِهَا، فَأَذِنَ لَهُ الْخَلِيفَةُ بَعْدَ تَمَنُّعٍ شَدِيدٍ وَحُزْنٍ عَظِيمٍ، فَخَرَجَ بِهَا مَعَهُ، وَلَيْسَ مَعَهَا مِنْ دَارِ الْخِلَافَةِ سِوَى ثَلَاثِ نِسْوَةٍ، بِرَسْمِ خِدْمَتِهَا، وَتَأَلَّمَتْ وَالِدَتُهَا لِفَقْدِهَا أَلَمًا عَظِيمًا جِدًّا لَا يُعَبَّرُ عَنْهُ، وَخَرَجَ السُّلْطَانُ وَهُوَ مَرِيضٌ مُدْنِفٌ مَأْيُوسٌ مِنْهُ مُثْقَلٌ لَا تُرْجَى مِنْهُ الْعَافِيَةُ، فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ الْأَحَدِ الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ جَاءَ الْخَبَرُ بِأَنَّ الْمَلِكَ طُغْرُلْبَكَ تُوُفِّيَ فِي ثَامِنِ الشَّهْرِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، فَثَارَتِ الْعَيَّارُونَ بِهَمَذَانَ، فَقَتَلُوا الْعَمِيدَ وَالشِّحْنَةَ وَسَبْعَمِائَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَنَهَبُوا الْأَمْوَالَ، وَجَعَلُوا يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ عَلَى الْقَتْلَى نَهَارًا حَتَّى انْسَلَخَ الشَّهْرُ، لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَقَبَّحَهُمْ، وَأُخِذَتِ الْبَيْعَةُ بَعْدَهُ لِوَلَدِ أَخِيهِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ، وَكَانَ طُغْرُلْبَكُ قَدْ نَصَّ عَلَيْهِ وَأَوْصَى إِلَيْهِ ; لِأَنَّهُ كَانَ
পৃষ্ঠা - ৯৯২৩
قَدْ تَزَوَّجَ بِأُمِّهِ بَعْدَ أَبِيهِ، وَاتَّفَقَتِ الْكَلِمَةُ عَلَيْهِ وَأُنْفِقَتْ فِي الْأُمَرَاءِ وَالْأَتْرَاكِ الْأَمْوَالُ وَالْخِلَعُ، وَلَمْ يَبْقَ عَلَيْهِمْ خَوْفٌ. إِلَّا مِنْ جِهَةِ أَخِي سُلَيْمَانَ، وَهُوَ الْمَلِكُ عَضُدِ الدَّوْلَةِ أَلْبُ أَرْسَلَانَ مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ، فَإِنَّ الْجَيْشَ كَانُوا يَمِيلُونَ إِلَيْهِ وَيُقْبِلُونَ عَلَيْهِ، وَقَدْ خَطَبَ لَهُ أَهْلُ الْجَبَلِ، وَمَعَهُ نِظَامُ الْمُلْكِ أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ إِسْحَاقَ وَزِيرُهُ، وَلَمَّا رَأَى الْكُنْدُرِيُّ قُوَّةَ أَمْرِهِ خَطَبَ لَهُ بِالرَّيِّ، ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ لِأَخِيهِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ. وَقَدْ كَانَ الْمَلِكُ طُغْرُلْبَكُ عَاقِلًا حَلِيمًا، كَثِيرَ الِاحْتِمَالِ، شَدِيدَ الْكِتْمَانِ لِلسِّرِّ، مُحَافِظًا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَعَلَى صَوْمِ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ، مُوَاظِبًا عَلَى لُبْسِ الْبَيَاضِ، وَكَانَ عُمُرُهُ يَوْمَ مَاتَ سَبْعِينَ سَنَةً، وَلَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا، وَكَانَ مُدَّةُ مُلْكِهِ بِحَضْرَةِ الْقَائِمِ سَبْعَ سِنِينَ وَإِحْدَى عَشَرَ شَهْرًا، وَاثْنَيْ عَشَرَ يَوْمًا، وَلَمَّا مَاتَ اضْطَرَبَتِ الْأَحْوَالُ وَانْتَقَضَتْ بَعْدَهُ جِدًّا، وَعَاثَتِ الْأَعْرَابُ فِي سَوَادِ بَغْدَادَ وَأَرْضِ الْعِرَاقِ يَنْهَبُونَ الْأَمْوَالَ وَيُشَلِّحُونَ الرِّجَالَ. وَتَعَذَّرَتِ الزِّرَاعَةُ إِلَّا عَلَى الْمُخَاطَرَةِ، فَانْزَعَجَ لِذَلِكَ النَّاسُ. وَفِيهَا كَانَتْ زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ بِوَاسِطٍ وَأَرْضِ الشَّامِ فَهُدِمَتْ قِطْعَةٌ مِنْ سُورِ طَرَابُلُسَ. وَفِيهَا وَقَعَ مُوتَانٌ بِالْجُدَرِيِّ وَالْفَجْأَةِ، وَوَقَعَ بِمِصْرَ وَبَاءٌ شَدِيدٌ، كَانَ يَخْرُجُ مِنْهَا كُلَّ يَوْمٍ أَلْفُ جِنَازَةٍ. وَفِيهَا مَلَكَ الصُّلَيْحِيُّ صَاحِبُ الْيَمَنِ مَكَّةَ وَجَلَبَ الْأَقْوَاتَ إِلَيْهَا، وَأَحْسَنَ إِلَى أَهْلِهَا.
পৃষ্ঠা - ৯৯২৪
وَفِي أَوَائِلِ هَذِهِ طَلَبَتِ السِّتُّ أَرْسَلَانُ خَاتُونَ زَوْجَةُ الْخَلِيفَةِ النُّقْلَةَ مِنْ عِنْدِهِ إِلَى عِنْدِ عَمِّهَا، وَذَلِكَ لَمَّا هَجَرَهَا بِالْكُلِّيَّةِ وَبَارَتْ عِنْدَهُ، فَبَعَثَهَا الْخَلِيفَةُ مَعَ الْوَزِيرِ الْكُنْدُرِيِّ، فَلَمَّا وَصَلَتْ إِلَى عَمِّهَا كَانَ مَرِيضًا مُدْنِفًا مُثْقَلًا، فَأَرْسَلَ إِلَى الْخَلِيفَةِ يَعْتِبُ عَلَيْهِ فِي تَهَاوُنِهِ بِهَا، فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْخَلِيفَةُ يَقُولُ ارْتِجَالًا: ذَهَبَتْ شِرَّتِي وَوَلَّى الْغَرَامُ ... وَارْتِجَاعُ الشَّبَابِ مَا لَا يُرَامُ أَذْهَبَتْ مِنِّي اللَّيَالِي جَدِيدًا ... وَاللَّيَالِي يُضْعِفْنَ وَالْأَيَّامُ فَعَلَى مَا عَهِدْتُهُ مِنْ شَبَابِي ... وَعَلَى الْغَانِيَاتِ مِنِّي السَّلَامُ [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ وَالْمَشَاهِيرِ: زُهَيْرُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ خِدَامٍ، أَبُو نَصْرٍ الْخِدَامِيُّ وَرَدَ بَغْدَادَ وَتَفَقَّهَ عَلَى الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيِّ، وَسَمِعَ بِالْبَصْرَةِ " سُنَنَ أَبِي دَاوُدَ " عَلَى الْقَاضِي أَبِي عُمَرَ، وَحَدَّثَ بِالْكَثِيرِ، وَكَانَ يَرْجِعُ إِلَيْهِ فِي الْفَتَاوَى وَحَلِّ الْمُشْكِلَاتِ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بِسَرَخْسَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ. سَعِيدُ بْنُ مَرْوَانَ صَاحِبُ آمِدَ وَيُقَالُ: إِنَّهُ سُمَّ، فَانْتَقَمَ صَاحِبُ مَيَّافَارِقِينَ مِمَّنْ سَمَّهُ، فَقَطَّعَهُ قِطَعًا.
পৃষ্ঠা - ৯৯২৫
الْمَلِكُ الْكَبِيرُ أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ بْنُ مِيكَائِيلَ بْنِ سَلْجُوقَ بْنِ دُقَاقٍ الْمُلَقَّبُ طُغْرُلْبَكَ كَانَ أَوَّلُ مُلُوكِ السَّلَاجِقَةِ، وَكَانَ خَيِّرًا مُصَلِّيًا، مُحَافِظًا عَلَى الصَّلَاةِ فِي أَوْقَاتِهَا، يُدِيمُ صِيَامَ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ، حَلِيمًا عَمَّنْ أَسَاءَ إِلَيْهِ، كَتُومًا لِلْأَسْرَارِ، سَعِيدًا فِي حَرَكَاتِهِ وَتَقَلُّبَاتِهِ، مَلَكَ فِي أَيَّامِ مَسْعُودِ بْنِ مَحْمُودِ بْنِ سُبُكْتِكِينَ عَامَّةَ بِلَادِ خُرَاسَانَ وَاسْتَنَابَ أَخَاهُ دَاوُدَ وَأَخَاهُ لِأُمِّهِ إِبْرَاهِيمَ يَنَّالَ وَأَوْلَادَ إِخْوَتِهِ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ الْبِلَادِ، ثُمَّ اسْتَدْعَاهُ الْخَلِيفَةُ لِمُلْكِ الْعِرَاقِ حِينَ فَسَدَ الْحَالُ بِبَغْدَادَ مِنَ الْبَسَاسِيرِيِّ وَضَعُفَ الْمَلِكُ الرَّحِيمُ، فَقَدِمَهَا وَجَلَسَ لَهُ الْخَلِيفَةُ وَخَلَعَ عَلَيْهِ سَبْعَ خِلَعٍ، وَلَقَّبَهُ بِمَلِكِ الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ، ثُمَّ اشْتَغَلَ بِقِتَالِ أَخِيهِ إِبْرَاهِيمَ حَتَّى كَانَ مِنْ أَمْرِ الْبَسَاسِيرِيِّ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي سَنَةِ خَمْسِينَ وَالَّتِي تَلِيهَا، ثُمَّ ظَفِرَ بِأَخِيهِ إِبْرَاهِيمَ فَقَتَلَهُ، ثُمَّ عَادَ إِلَى بَغْدَادَ فَاسْتَعَادَهَا وَأَعَادَ الْخَلِيفَةَ مِنْ حَدِيثَةِ عَانَةَ إِلَى دَارِ خِلَافَتِهِ وَمَقَرِّ سَعَادَتِهِ، ثُمَّ سَعَى فِي التَّزْوِيجِ بِبِنْتِ الْخَلِيفَةِ فَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ تَمَنُّعٍ مِنَ الْخَلِيفَةِ، وَدَخَلَ بِهَا فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فَفَرِحَ فَرَحًا شَدِيدًا كَمَا ذَكَرْنَا، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَتَمَتَّعْ بِهَا، فَإِنَّهُ عَرَضَ لَهُ مَرَضٌ مُتْلِفٌ وَاسْتَمَرَّ بِهِ حَتَّى كَانَتْ وَفَاتُهُ فِي ثَامِنِ رَمَضَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَلَهُ مِنَ الْعُمُرِ سَبْعُونَ سَنَةً، وَكَانَ لَهُ فِي الْمُلْكِ مُدَّةَ ثَلَاثِينَ سَنَةً، مِنْهَا فِي مَمْلَكَةِ الْعِرَاقِ ثَمَانُ سِنِينَ إِلَّا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا.
পৃষ্ঠা - ৯৯২৬
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا قَبَضَ السُّلْطَانُ أَلْبُ أَرْسَلَانَ عَلَى وَزِيرِ عَمِّهِ عَمِيدِ الْمُلْكِ الْكُنْدُرِيِّ، وَسَجَنَهُ فِي بَعْضِ الْقِلَاعِ سَنَةً، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِ مَنْ قَتَلَهُ، وَاعْتَمَدَ فِي الْوِزَارَةِ عَلَى نِظَامِ الْمُلْكِ وَكَانَ وَزِيرَ صِدْقٍ، يُكْرِمُ الْعُلَمَاءَ وَالْفُقَرَاءَ، وَلَمَّا عَصَى الْمَلِكُ شِهَابُ الدَّوْلَةِ قُتُلْمِشُ، وَخَرَجَ عَنِ الطَّاعَةِ، وَطَمِعَ فِي أَخْذِ الْمُلْكِ مِنْ أَلْبِ أَرْسَلَانَ، وَكَانَ مِنْ بَنِي عَمِّ طُغْرُلْبَكَ، فَجَمَعَ وَحَشَدَ وَاحْتَفَلَ لَهُ أَلْبُ أَرْسَلَانَ، فَقَالَ لَهُ الْوَزِيرُ: أَيُّهَا الْمَلِكُ، لَا تَخَفْ ; فَإِنِّي قَدِ اسْتَخْدَمْتُ لَكَ جُنْدًا لَيْلِيًّا يَدْعُونَ لَكَ وَيَنْصُرُونَكَ بِالتَّوَجُّهِ فِي صَلَوَاتِهِمْ وَخَلَوَاتِهِمْ، وَهُمُ الْعُلَمَاءُ وَالصُّلَحَاءُ. فَطَابَتْ نَفْسُهُ بِذَلِكَ، فَحِينَ الْتَقَى مَعَ قُتُلْمِشَ لَمْ يَنْتَظِرْهُ أَنْ كَسَرَهُ، وَقَتَلَ خَلْقًا مِنْ جُنُودِهِ، وَقُتِلَ قُتُلْمِشُ فِي الْمَعْرَكَةِ، وَاجْتَمَعَتِ الْكَلِمَةُ عَلَى أَلْبِ أَرْسَلَانَ. وَفِيهَا أَرْسَلَ وَلَدَهُ مَلِكْشَاهْ وَوَزِيرَهُ نِظَامَ الْمُلْكِ هَذَا فِي جُنُودٍ عَظِيمَةٍ إِلَى بِلَادِ الْكُرَجِ، فَفَتَحُوا حُصُونًا كَثِيرَةً وَغَنِمُوا أَمْوَالًا جَزِيلَةً جِدًّا، وَفَرِحَ الْمُسْلِمُونَ بِنَصْرِهِمْ، وَكَتَبَ كِتَابَ وَلَدِهِ عَلَى ابْنَةِ الْخَانِ الْأَعْظَمِ صَاحِبِ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ وَزَوَّجَ وَلَدَهُ الْآخَرَ بِابْنَةِ صَاحِبِ غَزْنَةَ وَاجْتَمَعَ شَمْلُ الْبَيْتَيْنِ السَّلْجُوقِيِّ وَالْمَحْمُودِيِّ. وَفِيهَا أَذِنَ أَلْبُ أَرْسَلَانَ لِلسَّيِّدَةِ ابْنَةِ الْخَلِيفَةِ فِي الرُّجُوعِ إِلَى بَغْدَادَ وَأَرْسَلَ
পৃষ্ঠা - ৯৯২৭
مَعَهَا بَعْضَ الْقُضَاةِ وَالْأُمَرَاءِ، فَدَخَلَتْ بَغْدَادَ فِي تَجَمُّلٍ عَظِيمٍ، وَخَرَجَ النَّاسُ لِلنَّظَرِ إِلَيْهَا، فَدَخَلَتْ لَيْلًا فِي أُبَّهَةٍ، فَفَرِحَ الْخَلِيفَةُ وَأَهْلُهَا بِذَلِكَ، وَأَمَرَ الْخَلِيفَةُ بِالدُّعَاءِ لِلْمَلِكِ أَلْبَ أَرْسَلَانَ عَلَى الْمَنَابِرِ فِي الْخُطَبِ، فَقِيلَ فِي الدُّعَاءِ: اللَّهُمَّ وَأَصْلِحِ السُّلْطَانَ الْمُعَظَّمَ عَضُدَ الدَّوْلَةِ وَتَاجَ الْمِلَّةِ أَلْبَ أَرْسَلَانَ أَبَا شُجَاعٍ مُحَمَّدَ بْنَ دَاوُدَ. وَجَلَسَ الْخَلِيفَةُ لِلنَّاسِ جُلُوسًا عَامًّا وَبَايَعَهُمْ لِلْمَلِكِ أَلْبَ أَرْسَلَانَ وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ بِالْخِلَعِ وَالتَّقْلِيدِ مَعَ الشَّرِيفِ نَقِيبِ الْعَبَّاسِيِّينَ طِرَادِ بْنِ مُحَمَّدٍ الزَّيْنَبِيِّ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيِّ، وَمُوَفَّقٍ الْخَادِمِ، وَلَقَّبَ الْوَزِيرَ نِظَامَ الْمُلْكِ قَوَامَ الدِّينِ وَالدَّوْلَةِ رَضِيَّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَإِنَّمَا كَانَ يُقَالُ لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ: خَوَاجَا بَزْرَكَ. وَأَرْسَلَ الْمَلِكُ أَلْبُ أَرْسَلَانَ بِالْهَدَايَا وَالتُّحَفِ النَّفِيسَةِ الْمُفْتَخَرَةِ، وَاسْتَقَرَّ أَمْرُهُ عَلَى بَغْدَادَ وَجَمِيعَ بِلَادِ الْعِرَاقِ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَفِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ شَاعَ بِبَغْدَادَ أَنَّ قَوْمًا مِنَ الْأَكْرَادِ خَرَجُوا يَتَصَيَّدُونَ، فَرَأَوْا فِي الْبَرِّيَّةِ خِيَامًا سُودًا، سَمِعُوا فِيهَا لَطْمًا شَدِيدًا، وَعَوِيلًا كَثِيرًا، وَقَائِلًا يَقُولُ: قَدْ مَاتَ سَيِّدُوكُ مَلِكُ الْجِنِّ، وَأَيُّ بَلَدٍ لَمْ يُلْطَمْ بِهِ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَقُمْ لَهُ مَأْتَمٌ فِيهِ قُلِعَ أَصْلُهُ وَأُهْلِكَ أَهْلُهُ. قَالَ: فَخَرَجَ النِّسَاءُ الْعَوَاهِرُ مِنْ حَرِيمِ بَغْدَادَ إِلَى الْمَقَابِرِ يَلْطِمْنَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَيَخْرِقْنَ ثِيَابَهُنَّ، وَيَنْشُرْنَ شُعُورَهُنَّ، وَخَرَجَ رِجَالٌ مِنَ السَّفْسَافِ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ، وَفُعِلَ هَذَا فِي وَاسِطٍ وَخُوزِسْتَانَ وَغَيْرِهَا مِنَ الْبِلَادِ. قَالَ: وَكَانَ هَذَا فَنًّا مِنَ الْحُمْقِ لَمْ يُنْقَلْ مِثْلُهُ.
পৃষ্ঠা - ৯৯২৮
قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَفِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ ثَانِي عَشَرَ شَعْبَانَ هَجَمَ قَوْمٌ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ الصَّمَدِ عَلَى أَبِي عَلِيِّ بْنِ الْوَلِيدِ الْمُدَرِّسِ لِلْمُعْتَزِلَةِ فَسَبُّوهُ وَشَتَمُوهُ ; لِامْتِنَاعِهِ مِنَ الصَّلَاةِ فِي الْجَامِعِ وَتَدْرِيسِهِ لِهَذَا الْمَذْهَبِ، وَأَهَانُوهُ وَجَرُّوهُ، وَلُعِنَتِ الْمُعْتَزِلَةُ فِي جَامِعِ الْمَنْصُورِ، وَجَلَسَ أَبُو سَعْدِ بْنُ أَبِي عِمَامَةَ، فَلَعَنَ الْمُعْتَزِلَةَ، قَبَّحَهُمُ اللَّهُ. وَفِي شَوَّالٍ وَرَدَ الْخَبَرُ بِأَنَّ السُّلْطَانَ غَزَا بَلَدًا عَظِيمًا، فِيهِ سَبْعُمِائَةِ أَلْفِ دَارٍ، وَأَلْفُ بِيعَةٍ وَدَيْرٍ، وَقَتَلَ مِنْهُمْ خَلْقًا كَثِيرًا، وَأَسَرَ خَمْسَمِائَةِ أَلْفِ إِنْسَانٍ. وَفِي ذِي الْقَعْدَةِ حَدَثَ بِالنَّاسِ وَبَاءٌ عَظِيمٌ بِبَغْدَادَ وَغَيْرِهَا مِنْ بِلَادِ الْعِرَاقِ، وَغَلَتِ الْأَسْعَارُ الَّتِي يُتَدَاوَى بِهَا، وَعُدِمَ الشِّيرْخُشْكَ وَقَلَّ التَّمْرُهِنْدِيٍّ، وَزَادَ الْحَرُّ فِي تَشَارِينَ، وَفَسَدَ الْهَوَاءُ. وَفِي هَذَا الشَّهْرِ خُلِعَ عَلَى أَبِي الْغَنَائِمِ الْمَعْمَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعَلَوِيِّ فِي بَيْتِ النُّوبَةِ بِنِقَابَةِ الطَّالِبِيِّينَ، وَالْحَجِّ وَالْمَظَالِمِ، وَلُقِّبَ بِالطَّاهِرِ ذِي الْمَنَاقِبِ، وَقُرِئَ تَقْلِيدُهُ فِي الْمَوْكِبِ. وَحَجَّ بِالنَّاسِ أَهْلُ الْعِرَاقِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ. وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: ابْنُ حَزْمٍ الظَّاهِرِيُّ هُوَ الْإِمَامُ الْحَافِظُ الْعَلَّامَةُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ حَزْمِ بْنِ غَالِبِ بْنِ صَالِحِ بْنِ خَلَفِ بْنِ مَعْدَانَ بْنِ سُفْيَانَ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى
পৃষ্ঠা - ৯৯২৯
يَزِيدَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ صَخْرِ بْنِ حَرْبٍ الْأُمَوِيُّ، أَصْلُ جَدِّهِ يَزِيدُ هَذَا فَارِسِيٌّ، أَسْلَمَ وَخَلَّفَ الْمَذْكُورَ، أَوَّلُ مَنْ دَخَلَ مِنْهُمْ بِلَادَ الْمَغْرِبِ، وَكَانَتْ بَلَدُهُمْ قُرْطُبَةُ فَوُلِدَ ابْنُ حَزْمٍ هَذَا بِهَا فِي سَلْخِ رَمَضَانَ، مِنْ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، فَقَرَأَ الْقُرْآنَ، وَاشْتَغَلَ بِالْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ، فَبَرَزَ فِيهَا، وَفَاقَ أَهْلَ زَمَانِهِ، وَصَنَّفَ الْكُتُبَ الْمُفِيدَةَ الْمَشْهُورَةَ، يُقَالُ: إِنَّهُ جَمَعَ أَرْبَعَمِائَةِ مُجَلَّدَةٍ مِنْ تَصْنِيفِهِ فِي قَرِيبٍ مِنْ ثَمَانِينَ أَلْفَ وَرَقَةٍ. وَكَانَ أَدِيبًا طَبِيبًا شَاعِرًا فَصِيحًا، لَهُ فِي الطِّبِّ وَالْمَنْطِقِ الْيَدُ الْعُلْيَا، وَكَانَ مِنْ بَيْتِ وِزَارَةٍ وَرِيَاسَةٍ وَوَجَاهَةٍ وَمَالٍ وَثَرْوَةٍ، وَكَانَ مُصَاحِبًا لِلشَّيْخِ أَبِي عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْبَرِّ النَّمِرِيِّ، وَكَانَ مُنَاوِئًا لِلشَّيْخِ أَبِي الْوَلِيدِ سُلَيْمَانَ بْنِ خَلَفٍ الْبَاجِيِّ، وَقَدْ جَرَتْ بَيْنَهُمَا مُنَاظَرَاتٌ يَطُولُ شَرْحُهَا. وَكَانَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ كَثِيرَ الْوَقِيعَةِ فِي الْعُلَمَاءِ بِلِسَانِهِ وَقَلَمِهِ أَيْضًا، فَأَوْرَثَهُ ذَلِكَ حِقْدًا فِي قُلُوبِ أَهْلِ زَمَانِهِ، وَمَا زَالُوا بِهِ حَتَّى بَغَّضُوهُ إِلَى مُلُوكِهِمْ، فَطَرَدُوهُ عَنْ بِلَادِهِ، حَتَّى كَانَتْ وَفَاتُهُ فِي قَرْيَةٍ لَهُ فِي ثَانِي شَعْبَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ وَقَدْ جَاوَزَ السَّبْعِينَ. وَالْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ أَنَّهُ كَانَ ظَاهِرِيًّا فِي الْفُرُوعِ، لَا يَقُولُ بِشَيْءٍ مِنَ الْأَقْيِسَةِ، لَا الْجَلِيَّةِ وَلَا غَيْرِهَا، وَهَذَا الَّذِي وَضَعَهُ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ، وَأَدْخَلَ عَلَيْهِ خَطَأً كَبِيرًا فِي نَظَرِهِ وَتَصَرُّفِهِ، وَكَانَ مَعَ هَذَا مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ تَأْوِيلًا فِي بَابِ الْأُصُولِ ; لِأَنَّهُ كَانَ قَدْ تَضَلَّعَ أَوَّلًا مِنْ عِلْمِ الْمَنْطِقِ، أَخَذَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْمَذْحِجِيِّ الْكِنَانِيِّ الْقُرْطُبِيِّ، ذَكَرَهُ ابْنُ مَاكُولَا وَابْنُ خَلِّكَانَ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
পৃষ্ঠা - ৯৯৩০
عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ بُرْهَانَ، أَبُو الْقَاسِمِ النَّحْوِيُّ كَانَ شَرِسَ الْأَخْلَاقِ جِدًّا، لَمْ يَلْبَسْ سَرَاوِيلَ قَطُّ، وَلَا غَطَّى رَأْسَهُ، وَلَمْ يَقْبَلْ عَطَاءً لِأَحَدٍ، وَذُكِرَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُقَبِّلُ الْمُرْدَ فِي غَيْرِ رِيبَةٍ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَكَانَ يَخْتَارُ مَذْهَبَ مُرْجِئَةِ الْمُعْتَزِلَةِ وَيَنْفِي خُلُودَ الْكُفَّارِ، وَيَقُولُ: دَوَامُ الْعِقَابِ فِي حَقِّ مَنْ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ التَّشَفِّي لَا وَجْهَ لَهُ مَعَ مَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ مِنَ الرَّحْمَةِ. وَيَتَأَوَّلُ قَوْلَهُ تَعَالَى: {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} [النساء: 169] أِيْ أَبَدًا مِنَ الْآبَادِ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَقَدْ كَانَ ابْنُ بُرْهَانَ يَقْدَحُ فِي أَصْحَابِ أَحْمَدَ، وَيُخَالِفُ اعْتِقَادُهُ اعْتِقَادَ الْمُسْلِمِينَ ; لِأَنَّهُ قَدْ خَالَفَ الْإِجْمَاعَ فِي عَدَمِ خُلُودِ الْكُفَّارِ فِي النَّارِ، فَكَيْفَ يُقْبَلُ كَلَامُهُ. تُوُفِّيَ فِي هَذَا الْعَامِ وَقَدْ نَيَّفَ عَلَى الثَّمَانِينَ. [ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ] ا
পৃষ্ঠা - ৯৯৩১
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ. فِيهَا سَارَ جَمَاعَةٌ لِلْحَجِّ بِخِفَارَةٍ فَلَمْ يُمْكِنْهُمُ الْمَسِيرُ فَعَدَلُوا إِلَى الْكُوفَةِ وَرَجَعُوا، وَفِي ذِي الْحِجَّةِ مِنْهَا شُرِعَ فِي بِنَاءِ الْمَدْرَسَةِ النِّظَامِيَّةِ بِبَغْدَادَ، وَنُقِضَ لِأَجْلِهَا دَوْرٌ كَثِيرَةٌ مِنْ مَشْرِعَةِ الزَّوَايَا وَبَابِ الْبَصْرَةِ وَفِيهَا كَانَتْ حُرُوبٌ كَثِيرَةٌ بَيْنَ تَمِيمِ بْنِ الْمُعِزِّ بْنِ بَادِيسَ وَأَوْلَادِ حَمَّادٍ وَالْعَرَبِ وَالْمَغَارِبَةِ بِصِنْهَاجَةَ وَزَنَاتَةَ. وَحَجَّ بِالنَّاسِ مِنْ بَغْدَادَ النَّقِيبُ أَبُو الْغَنَائِمِ. وَفِيهَا كَانَ مَقْتَلُ عَمِيدِ الْمُلْكِ الْكُنْدُرِيِّ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَبُو نَصْرٍ وَزِيرُ طُغْرُلْبَكَ وَقَدْ كَانَ مَسْجُونًا لَهُ سَنَةً تَامَّةً، وَلَمَّا قُتِلَ حُمِلَ فَدُفِنَ عِنْدَ أَبِيهِ بِقَرْيَةِ كُنْدُرَ مِنْ عَمَلِ طُرَيْثِيثَ وَلَيْسَتْ بِكُنْدُرَ
পৃষ্ঠা - ৯৯৩২
الَّتِي بِالْقُرْبِ مِنْ قَزْوِينَ وَاسْتَحْوَذَ السُّلْطَانُ عَلَى أَمْوَالِهِ وَحَوَاصِلِهِ، وَقَدْ كَانَ ذَكِيًّا فَصِيحًا شَاعِرًا لَدَيْهِ فَضَائِلُ جَمَّةٌ حَاضِرَ الْجَوَابِ سَرِيعَهُ. وَلَمَّا أَرْسَلَهُ طُغْرُلْبَكُ إِلَى الْخَلِيفَةِ يَخْطُبُ إِلَيْهِ ابْنَتَهُ وَامْتَنَعَ الْخَلِيفَةُ مِنْ ذَلِكَ أَشَدَّ الِامْتِنَاعِ، أَنْشَدَ مُتَمَثِّلًا بِقَوْلِ الْمُتَنَبِّي: مَا كُلُّ مَا يَتَمَنَّى الْمَرْءُ يُدْرِكُهُ فَتَمَّمَهُ الْوَزِيرُ: تَجْرِي الرِّيَاحُ بِمَا لَا تَشْتَهِي السُّفُنُ فَسَكَتَ الْخَلِيفَةُ وَأَطْرَقَ. وَكَانَ عُمْرُ الْكُنْدُرِيِّ حِينَ قُتِلَ نَيِّفًا وَأَرْبَعِينَ سَنَةً وَمِنْ شِعْرِهِ الْجَيِّدِ قَوْلُهُ: إِنْ كَانَ فِي النَّاسِ ضِيقٌ عَنْ مُنَافَسَتِي ... فَالْمَوْتُ قَدْ وَسَّعَ الدُّنْيَا عَلَى النَّاسِ مَضَيْتُ وَالشَّامِتُ الْمَغْبُونُ يَتْبَعُنِي ... كُلٌّ لِكَأْسِ الْمَنَايَا شَارِبٌ حَاسِي وَقَدْ كَانَ الْمَلِكُ طُغْرُلْبَكُ بَعَثَهُ مَرَّةً يَخْطُبُ لَهُ امْرَأَةَ خُوَارَزْمَ شَاهْ فَتَزَوَّجَهَا هُوَ فَخَصَاهُ وَأَقَرَّهُ عَلَى عَمَلِهِ، فَدُفِنَ ذَكَرُهُ بِخُوَارَزْمَ وَسُفِحَ دَمُهُ حِينَ قُتِلَ بِمَرْوِ الرُّوذِ، وَدُفِنَ جَسَدُهُ بِكُنْدُرَ، وَحُمِلَ رَأْسُهُ فَدُفِنَ بِنَيْسَابُورَ وَنُقِلَ قَحْفُ رَأْسِهِ إِلَى كَرْمَانَ.
পৃষ্ঠা - ৯৯৩৩
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَغْلَقَ أَهْلُ الْكَرْخِ دَكَاكِينَهُمْ وَأَحْضَرُوا نِسَاءً فَنُحْنَ عَلَى الْحُسَيْنِ كَمَا جَرَتْ بِهِ سَالِفُ عَادَاتِ بِدَعِهِمُ الْمُتَقَدِّمَةِ، فَحِينَ وَقَعَ ذَلِكَ أَنْكَرَتْهُ الْعَامَّةُ، وَطَلَبَ الْخَلِيفَةُ أَبَا الْغَنَائِمِ نَقِيبَ الطَّالِبِيِّينَ، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَاعْتَذَرَ بِأَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ، وَأَنَّهُ حِينَ عَلِمَ بِهِ أَزَالَهُ وَتَرَدَّدَ أَهْلُ الْكَرْخِ إِلَى الدِّيوَانِ يَعْتَذِرُونَ مِنْ ذَلِكَ، وَيَتَنَصَّلُونَ مِنْهُ وَخَرَجَ التَّوْقِيعُ بِكُفْرِ مَنْ يَسُبُّ الصَّحَابَةَ وَيُظْهِرُ الْبِدَعَ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ وُلِدَ بِبَابِ الْأَزْجِ صَبِيَّةٌ لَهَا رَأْسَانِ وَوَجْهَانِ وَرَقَبَتَانِ وَأَرْبَعُ أَيْدِي عَلَى بَدَنٍ كَامِلٍ ثُمَّ مَاتَتْ. قَالَ: وَفِي جُمَادَى الْآخِرَةِ كَانَتْ زَلْزَلَةٌ بِخُرَاسَانَ لَبِثَتْ أَيَّامًا تَصَدَّعَتْ مِنْهَا الْجِبَالُ وَأَهْلَكَتْ جَمَاعَةً وَخَسَفَتْ بِعِدَّةِ قُرًى وَخَرَجَ النَّاسُ إِلَى الصَّحْرَاءِ وَأَقَامُوا هُنَالِكَ، وَوَقَعَ حَرِيقٌ بِنَهْرِ مُعَلَّى مِنْ بَغْدَادَ فَأَحْرَقَ مِائَةَ دُكَّانٍ وَثَلَاثَةَ دُورٍ وَذَهَبَ لِلنَّاسِ شَيْءٌ كَثِيرٌ وَنَهَبَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَفِي شَعْبَانَ وَقَعَ قِتَالٌ بِدِمَشْقَ فَضَرَبُوا دَارًا كَانَتْ مُجَاوِرَةً مِنَ الْجَامِعِ بِالنَّارِ فَاحْتَرَقَ جَامِعُ دِمَشْقَ كَذَا قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ ; وَالْمَشْهُورُ أَنَّ حَرِيقَ جَامِعِ دِمَشْقَ إِنَّمَا كَانَ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ
পৃষ্ঠা - ৯৯৩৪
وَأَرْبَعِمِائَةٍ بَعْدِ ثَلَاثِ سِنِينَ. وَأَنَّ غِلْمَانَ الْفَاطِمِيِّينَ اقْتَتَلُوا مَعَ غِلْمَانِ الْعَبَّاسِيِّينَ فَأُلْقِيَتْ نَارٌ بِدَارِ الْإِمَارَةِ - وَهِيَ الْخَضْرَاءُ - فَاحْتَرَقَتْ وَتَعَدَّى حَرِيقُهَا إِلَى أَنْ وَصَلَ إِلَى الْجَامِعِ فَسَقَطَتْ سُقُوفُهُ وَزَخْرَفَتُهُ وَرُخَامُهُ وَبَقِيَ كَأَنَّهُ خَرَابَةٌ وَبَادَتِ الْخَضْرَاءُ فَصَارَتْ كَوْمًا مِنْ تُرَابٍ، بَعْدَمَا كَانَتْ فِي غَايَةِ الْإِحْكَامِ وَالْإِتْقَانِ وَطَيِّبِ الْغِنَاءِ وَحُسْنِ الْبِنَاءِ فَهِيَ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا لَا يَسْكُنُهَا - لِرَدَاءَةِ مَكَانِهَا - إِلَّا سِفْلَةُ النَّاسِ وَسُقَّاطُهُمْ بَعْدَمَا كَانَتْ دَارَ الْمُلْكِ وَالْإِمَارَةِ مُنْذُ أَسَّسَهَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ. وَأَمَّا الْجَامِعُ فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ بِنَاءٌ أَحْسَنُ مِنْهُ، إِلَى أَنِ احْتَرَقَ فَبَقِيَ خَرَابًا مُدَّةً طَوِيلَةً ثُمَّ شَرَعَ الْمُلُوكُ فِي تَجْدِيدِهِ وَتَرْمِيمِهِ حَتَّى بُلِّطَ فِي زَمَنِ الْعَادِلِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَيُّوبَ، وَلَمْ يَزَلْ فِي تَحْسِينِ مَعَالِمِهِ إِلَى زَمَانِنَا هَذَا فَتَمَاثَلَ حَالُهُ بَعْضَ التَّمَاثُلِ، وَهُوَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى حَالِهِ الْأَوَّلِ كَلَا شَيْءٍ، وَلَا زَالَ التَّحْسِينُ فِيهِ إِلَى أَيَّامِ الْأَمِيرِ سَيْفِ الدِّينِ تَنْكِزَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّاصِرِيِّ فِي حُدُودِ سَنَةِ ثَلَاثِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ وَمَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا بِيَسِيرٍ. وَفِيهَا رَخُصَتِ الْأَسْعَارُ بِبَغْدَادَ رُخَصًا بَيِّنًا. وَنَقَصَتْ دِجْلَةُ نَقْصًا ظَاهِرًا. وَفِيهَا أَخَذَ الْمَلِكُ أَلْبُ أَرْسَلَانَ الْعَهْدَ بِالْمُلْكِ مِنْ بَعْدِهِ لِوَلَدِهِ مَلِكْشَاهْ وَمَشَى بَيْنَ يَدَيْهِ بِالْغَاشِيَةِ، وَالْأُمَرَاءُ بَيْنَ يَدَيْهِ يَتَمَاشَوْنَ بِالْخِلَعِ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا. وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ نُورُ الْهُدَى أَبُو طَالِبٍ الْحُسَيْنُ بْنُ نِظَامِ الْحَضْرَتَيْنِ