আল বিদায়া ওয়া আন্নিহায়া

পৃষ্ঠা - ৯৮৫০
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثِنْتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا فَتَحَ السُّلْطَانُ طُغْرُلْبَكُ أَصْبَهَانَ بَعْدَ حِصَارِ سَنَةٍ، فَنَقَلَ إِلَيْهَا حَوَاصِلَهُ مِنَ الرَّيِّ وَجَعَلَهَا دَارَ إِقَامَتِهِ، وَخَرَّبَ قِطْعَةً مِنْ سُورِهَا، وَقَالَ: إِنَّمَا يَحْتَاجُ إِلَى السُّورِ مَنْ تَضْعُفُ قُوَّتُهُ، وَإِنَّمَا حِصْنِي عَسَاكِرِي وَسَيْفِي. وَقَدْ كَانَ فِيهَا أَبُو مَنْصُورٍ قَرَامِرْزُ بْنُ عَلَاءِ الدَّوْلَةِ أَبِي جَعْفَرِ بْنِ كَاكَوَيْهِ، فَأَخْرَجَهُ مِنْهَا وَأَقْطَعَهُ بَعْضَ بِلَادِهَا. وَفِيهَا سَارَ الْمَلِكُ الرَّحِيمُ إِلَى الْأَهْوَازِ، وَأَطَاعَهُ عَسْكَرُ فَارِسَ وَمَلَكَ عَسْكَرَ مُكْرَمٍ. وَفِيهَا اسْتَوْلَتِ الْخَوَارِجُ عَلَى عُمَانَ أَخْرَبُوا دَارَ الْإِمَارَةِ فِيهَا، وَأَسَرُوا أَبَا الْمُظَفَّرِ بْنَ أَبِي كَالِيجَارَ. وَفِيهَا دَخَلَتِ الْعَرَبُ بِإِذْنِ الْمُسْتَنْصِرِ الْفَاطِمِيِّ بِلَادَ إِفْرِيقِيَّةَ، وَجَرَتْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُعِزِّ بْنِ بَادِيسَ حُرُوبٌ طَوِيلَةٌ، وَعَاثُوا فِي الْأَرْضِ فَسَادًا عِدَّةَ سِنِينَ. وَفِيهَا اصْطَلَحَ الرَّوَافِضُ وَالسُّنَّةُ بِبَغْدَادَ، وَذَهَبُوا كُلُّهُمْ لِزِيَارَةِ مَشْهَدِ عَلَيٍّ
পৃষ্ঠা - ৯৮৫১
وَمَشْهَدِ الْحُسَيْنِ، وَتَرَضَّوْا فِي الْكَرْخِ عَنِ الصَّحَابَةِ كُلِّهِمْ، وَتَرَحَّمُوا عَلَيْهِمْ، وَهَذَا عَجِيبٌ جِدًّا، إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ التَّقِيَّةِ. وَرَخُصَتِ الْأَسْعَارُ بِبَغْدَادَ جَدًّا. وَلَمْ يَحُجَّ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْحَسَنِ، أَبُو الْحَسَنِ الْحَرْبِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالْقَزْوِينِيِّ، وُلِدَ فِي مُسْتَهَلِّ الْمُحَرَّمِ فِي سَنَةِ سِتِّينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَهِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي تُوَفِّيَ فِيهَا أَبُو بَكْرٍ الْآجُرِّيُّ، وَسَمِعَ أَبَا بَكْرِ بْنَ شَاذَانَ وَأَبَا حَفْصِ بْنَ الزَّيَّاتِ وَابْنَ حَيَّوَيْهِ، وَكَانَ وَافِرَ الْعَقْلِ، مِنْ كِبَارِ عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، لَهُ كَرَامَاتٌ كَثِيرَةٌ، وَكَانَ يُقْرِئُ الْقُرْآنَ وَيَرْوِي الْحَدِيثَ، وَلَا يَخْرُجُ إِلَّا لِلصَّلَاةِ. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي شَعْبَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، فَغُلِّقَتْ بَغْدَادُ يَوْمَئِذٍ، وَحَضَرَ النَّاسُ جِنَازَتَهُ وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا، رَحِمَهُ اللَّهُ. عُمَرُ بْنُ ثَابِتٍ الثَّمَانِينِيُّ النَّحْوِيُّ الضَّرِيرُ، شَارِحُ " اللَّمْعِ " كَانَ فِي غَايَةِ الْعِلْمِ بِالنَّحْوِ، وَكَانَ يَأْتَجِرُ عَلَيْهِ. وَذَكَرَ ابْنُ خَلِّكَانَ أَنَّهُ اشْتَغَلَ عَلَى ابْنِ جِنِّيٍّ وَشَرَحَ كَلَامَهُ، وَكَانَ مَاهِرًا فِي صَنَاعَةِ النَّحْوِ، قَالَ: وهَذِهِ النِّسْبَةُ إِلَى قَرْيَةٍ مِنْ نَوَاحِي جَزِيرَةِ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ الْجَبَلِ الْجُودِيِّ، يُقَالُ لَهَا: ثَمَانِينَ، بِاسْمِ الثَّمَانِينَ
পৃষ্ঠা - ৯৮৫২
الَّذِينَ كَانُوا مَعَ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي السَّفِينَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قِرْوَاشُ بْنُ مُقَلَّدٍ، أَبُو الْمَنِيعِ صَاحِبُ الْمَوْصِلِ وَالْكُوفَةِ وَغَيْرِهِمَا، كَانَ مِنَ الْجَبَّارِينَ، وَقَدْ كَاتَبَهُ الْحَاكِمُ صَاحِبُ مِصْرَ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ، فَاسْتَمَالَهُ إِلَيْهِ، فَخَطَبَ لَهُ بِبِلَادِهِ، ثُمَّ تَرَكَهُ، وَاعْتَذَرَ إِلَى الْقَادِرِ فَعَذَرَهُ. وَقَدْ جَمَعَ هَذَا الْجَبَّارُ بَيْنَ أُخْتَيْنِ فِي النِّكَاحِ، فَلَامَتْهُ الْعَرَبُ، فَقَالَ: وَأَيُّ شَيْءٍ نَعْمَلُهُ مِمَّا هُوَ مُبَاحٌ فِي الشَّرِيعَةِ؟! وَقَدْ نُكِبَ فِي أَيَّامِ الْمُعِزِّ الْفَاطِمِيِّ، وَنُهِبَتْ حَوَاصِلُهُ، وَحِينَ تُوُفِّيَ قَامَ بِالْأَمْرِ بَعْدَهُ ابْنُ أَخِيهِ قُرَيْشُ بْنُ بَدْرَانَ بْنِ مُقَلَّدٍ. مَوْدُودُ بْنُ مَسْعُودِ بْنِ مَحْمُودِ بْنِ سُبُكْتِكِينَ صَاحِبُ غَزْنَةَ، تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَقَامَ بِالْأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ عَمُّهُ عَبْدُ الرَّشِيدِ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ سُبُكْتِكِينَ.
পৃষ্ঠা - ৯৮৫৩
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِي صَفَرٍ مِنْهَا وَقَعَ الْحَرْبُ بَيْنَ الرَّوَافِضِ وَالسُّنَّةِ، فَقُتِلَ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَذَلِكَ أَنَّ الرَّوَافِضَ نَصَبُوا أَبْرَاجًا، وَكَتَبُوا عَلَيْهَا بِالذَّهَبِ: مُحَمَّدٌ وَعَلِيٌّ خَيْرُ الْبَشَرِ، فَمَنْ رَضِيَ فَقَدْ شَكَرَ، وَمَنْ أَبَى فَقَدْ كَفَرَ. فَأَنْكَرَتِ السُّنَّةُ اقْتِرَانَ عَلَيٍّ مَعَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا، فَنَشِبَتِ الْحَرْبُ بَيْنَهُمْ، وَاسْتَمَرَّ الْقِتَالُ بَيْنَهُمْ إِلَى رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، فَقُتِلَ رَجُلٌ هَاشِمِيٌّ، فَدُفِنَ عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَرَجَعَ السُّنَّةُ مِنْ دَفْنِهِ، فَنَهَبُوا مَشْهَدَ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ وَأَحْرَقُوهُ، وَأَحْرَقُوا ضَرِيحَ مُوسَى وَمُحَمَّدٍ الْجَوَادِ، وَقُبُورَ مُلُوكِ بَنِي بُوَيْهِ مَنْ هُنَاكَ مِنَ الْوُزَرَاءِ، وَأُحْرِقَ قَبْرُ جَعْفَرِ بْنِ الْمَنْصُورِ، وَمُحَمَّدٍ الْأَمِينِ، وَأُمِّهِ زُبَيْدَةَ، وَقُبُورٌ كَثِيرَةٌ جِدًّا، وَانْتَشَرَتِ الْفِتْنَةُ وَتَجَاوَزَتِ الْحَدَّ، وَقَدْ قَابَلَهُمْ أُولَئِكَ أَيْضًا بِمَفَاسِدَ كَثِيرَةٍ، فَأَحْرَقُوا مَحَالَّ كَثِيرَةً، وَبَعْثَرُوا قُبُورًا قَدِيمَةً، وَأَحْرَقُوا مَنْ فِيهَا مِنَ الصَّالِحِينَ، حَتَّى هَمُّوا بِقَبْرِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، فَمَنَعَهُمُ النَّقِيبُ، وَخَافَ مِنْ غَائِلَةِ ذَلِكَ، وَتَسَلَّطَ عَلَى الرَّافِضَةِ عَيَّارٌ يُقَالُ لَهُ: الطَّقَيطِقِيُّ، وَكَانَ يَتَتَبَّعُ رُءُوسَهُمْ وَكِبَارَهُمْ فَيَقْتُلُهُمْ جِهَارًا غِيلَةً، وَعَظُمَتِ الْمِحْنَةُ بِسَبَبِهِ جِدًّا، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ وَكَانَ فِي غَايَةِ الشَّجَاعَةِ وَالْبَأْسِ وَالْمَكْرِ، وَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ دُبَيْسَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ مَزْيَدٍ، وَكَانَ رَافِضِيًّا،
পৃষ্ঠা - ৯৮৫৪
قَطَعَ خُطْبَةَ الْخَلِيفَةِ الْقَائِمِ بِاللَّهِ، ثُمَّ رُوسِلَ فَأَعَادَهَا. وَفِي رَمَضَانَ جَاءَتِ الْهَدَايَا مِنَ الْمَلِكِ طُغْرُلْبَكَ إِلَى الْخَلِيفَةِ شُكْرًا لَهُ عَلَى إِنْعَامِهِ إِلَيْهِ وَإِحْسَانِهِ إِلَيْهِ بِمَا كَانَ بَعَثَهُ لَهُ مِنَ الْخِلَعِ وَالتَّقْلِيدِ، وَأَرْسَلَ إِلَى الْخَلِيفَةِ بِعِشْرِينَ أَلْفَ دِينَارٍ، وَإِلَى الْحَاشِيَةِ بِخَمْسَةِ آلَافٍ، وَإِلَى رَئِيسِ الرُّؤَسَاءِ بِأَلْفَيْ دِينَارٍ، وَقَدْ كَانَ طُغْرُلْبَكُ حِينَ عَمَّرَ الرَّيَّ وَخَرَّبَ فِيهَا أَمَاكِنَ لِيُصْلِحَهَا وَجَدَ فِيهَا دَفَائِنَ كَثِيرَةً مِنَ الذَّهَبِ وَالْجَوْهَرِ، فَعَظُمَ شَأْنُهُ بِذَلِكَ، وَقَوِيَ مُلْكُهُ بِسَبَبِهِ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ، أَبُو الْحَسَنِ الشَّاعِرُ الْبَصْرَوِيُّ نِسْبَةً إِلَى قَرْيَةٍ دُونَ عُكْبَرَا يُقَالُ لَهَا: بُصْرَى، بِاسْمِ الْمَدِينَةِ الَّتِي هِيَ أُمُّ حَوْرَانَ، وَقَدْ سَكَنَ بَغْدَادَ وَكَانَ مُتَكَلِّمًا مَطْبُوعًا، لَهُ نَوَادِرُ، وَمِنْ شِعْرِهِ الَّذِي رَوَاهُ عَنْهُ الْخَطِيبُ: تَرَى الدُّنْيَا وَزَهْرَتَهَا فَتَصْبُو ... وَمَا يَخْلُو مِنَ الشَّهَوَاتِ قَلْبُ فُضُولُ الْعَيْشِ أَكْثَرُهَا هُمُومٌ ... وَأَكْثَرُ مَا يَضُرُّكَ مَا تُحِبُّ فَلَا يَغْرُرْكَ زُخْرُفُ مَا تَرَاهُ ... وَعَيْشٌ لَيِّنُ الْأَعْطَافِ رَطْبُ إِذَا مَا بُلْغَةٌ جَاءَتْكَ عَفْوًا ... فَخُذْهَا فَالْغِنَى مَرْعَى وَشُرْبُ إِذَا اتَّفَقَ الْقَلِيلُ وَفِيهِ سِلْمٌ ... فَلَا تُرِدِ الْكَثِيرَ وَفِيهِ حَرْبُ
পৃষ্ঠা - ৯৮৫৫
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا كُتِبَتْ مَحَاضِرُ بِذِكْرِ الْخُلَفَاءِ الْمِصْرِيِّينَ، وَأَنَّهُمْ أَدْعِيَاءُ لَا نَسَبَ لَهُمْ صَحِيحًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَتَبَ فِيهَا الْقُضَاةُ وَالْفُقَهَاءُ وَالْأَشْرَافُ. وَفِيهَا كَانَتْ زَلَازِلُ عَظِيمَةٌ بِنُوَاحِي أَرَّجَانَ وَالْأَهْوَازِ وَتِلْكَ الْبِلَادِ، تَهَدَّمَ بِسَبَبِهَا شَيْءٌ كَثِيرٌ مِنَ الْعُمْرَانِ وَالدُّورِ وَشُرُفَاتِ الْقُصُورِ، وَحَكَى بَعْضُ مَنْ يُعْتَمَدُ قَوْلُهُ أَنَّهُ انْفَرَجَ إِيوَانُهُ وَهُوَ يُشَاهِدُ ذَلِكَ، حَتَّى رَأَى السَّمَاءَ مِنْهُ، ثُمَّ عَادَ إِلَى حَالِهِ لَمْ يَتَغَيَّرْ. وَفِي ذِي الْقَعْدَةِ مِنْهَا تَجَدَّدَتِ الْحَرْبُ بَيْنَ الرَّوَافِضِ وَأَهْلِ السُّنَّةِ، وَأَحْرَقُوا أَمَاكِنَ كَثِيرَةً، وَقُتِلَ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ خَلَائِقُ، وَكَتَبُوا عَلَى مَسَاجِدِهِمْ: مُحَمَّدٌ وَعَلِيٌّ خَيْرُ الْبَشَرِ. وَأَذَّنُوا بِحَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ، وَاسْتَمَرَّتِ الْحَرْبُ بَيْنَهُمْ، وَتَسَلَّطَ الطَّقَيطِقِيُّ الْعَيَّارُ عَلَى الرَّوَافِضِ بِحَيْثُ إِنَّهُ لَمْ يَقِرَّ لَهُمْ مَعَهُ قَرَارٌ، وَهَذَا مِنْ جُمْلَةِ مَا جَرَتْ بِهِ الْأَقْدَارُ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ وَهْبِ بْنِ شُبَيْلِ بْنِ فَرْوَةَ
পৃষ্ঠা - ৯৮৫৬
بْنِ وَاقِدٍ، أَبُو عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ الْوَاعِظُ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْمُذْهِبِ، وُلِدَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَسَمِعَ " مُسْنَدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ " مِنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مَالِكٍ الْقَطِيعِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِيهِ، وَقَدْ سَمِعَ الْحَدِيثَ مِنْ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ مَاسِيٍّ وَابْنِ شَاهِينَ وَالدَّارَقُطْنِيِّ وَخَلْقٍ، وَكَانَ دَيِّنًا خَيِّرًا، وَقَدْ ذَكَرَ الْخَطِيبُ أَنَّهُ كَانَ صَحِيحَ السَّمَاعِ لِ " مُسْنَدِ أَحْمَدَ " مِنَ الْقَطِيعِيِّ، غَيْرَ أَنَّهُ أَلْحَقَ اسْمَهُ فِي أَجْزَاءٍ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَلَيْسَ هَذَا بِقَدْحٍ ; لِأَنَّهُ إِذَا تَحَقَّقَ سَمَاعُهُ جَازَ أَنْ يُلْحِقَ اسْمَهُ الَّذِي غَفَلَ عَنْهُ الْكَاتِبُ، وَالْعَجَبُ أَنْ يُجَازَ قَوْلُ الشَّيْخِ: أَخْبَرَنِي فُلَانٌ، وَلَا يُسْمَعُ مِنْهُ إِلْحَاقُهُ اسْمَهُ فِيمَا تَحَقَّقَ سَمَاعُهُ لَهُ. وَقَدْ عَابَ عَلَيْهِ الْخَطِيبُ أَشْيَاءَ لَا حَاجَةَ إِلَيْهَا. عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَبُو الْحَسَنِ الْمَعْرُوفُ بَالشَّبَّاشِ الْبَغْدَادِيُّ، وَقَدْ أَقَامَ بِالْبَصْرَةِ فَاسْتَحْوَذَ هُوَ وَعَمُّهُ عَلَيْهَا وَعَلَى أَهْلِهَا، وَعَمِلَ أَشْيَاءَ مِنَ الْحِيَلِ يُوهِمُ بِهَا أَنَّهُ مِنْ ذَوِي الْأَحْوَالِ وَالْمُكَاشَفَاتِ، وَهُوَ فِي ذَلِكَ كَاذِبٌ فَاجِرٌ، قَبَّحَهُ اللَّهُ وَقَبَّحَ عَمَّهُ، وَقَدْ كَانَ مَعَ هَذَا رَافِضِيًّا خَبِيثًا قِرْمِطِيًّا، لَا كَثَّرَ اللَّهُ مِنْ أَمْثَالِهِ فِي الْعَالَمِينَ. كَانَتْ وَفَاتُهُ فِي هَذَا الْعَامِ، فَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالشُّكْرُ عَلَى الْإِنْعَامِ. الْقَاضِي أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَبُو جَعْفَرٍ السِّمْنَانِيُّ
পৃষ্ঠা - ৯৮৫৭
الْقَاضِي أَحَدُ الْمُتَكَلِّمِينَ عَلَى طَرِيقَةِ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ، وَقَدْ سَمِعَ الْحَدِيثَ مِنَ الدَّارَقُطْنِيِّ وَغَيْرِهِ، كَانَ عَالِمًا فَاضِلًا سَخِيًّا، تَوَلَّى الْقَضَاءَ بِالْمَوْصِلِ، وَكَانَ لَهُ فِي دَارِهِ مَجْلِسٌ لِلْمُنَاظَرَةِ، وَتُوُفِّيَ بَعْدَ مَا كُفَّ بَصَرُهُ بِالْمَوْصِلِ، وَهُوَ قَاضِيهَا فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَقَدْ بَلَغَ خَمْسًا وَثَمَانِينَ سَنَةً.
পৃষ্ঠা - ৯৮৫৮
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا تَجَدَّدَ الشَّرُّ وَالْقِتَالُ وَالْحَرِيقُ بَيْنَ الرَّوَافِضِ وَالسُّنَّةِ، وَقَوِيَ، وَتَفَاقَمَ الْحَالُ. وَوَرَدَتِ الْأَخْبَارُ بِأَنَّ الْغُزَّ عَلَى قَصْدِ الْعِرَاقِ. وَفِيهَا نُقِلَ إِلَى الْمَلِكِ طُغْرُلْبَكَ أَنَّ الشَّيْخَ أَبَا الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيَّ يَقُولُ بِكَذَا وَكَذَا، وَذَكَرَ أَشْيَاءَ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي أَنْكَرَهَا الْمَلِكُ، فَأَمَرَ بِلَعْنِهِ، وَصَرَّحَ أَهْلُ نَيْسَابُورَ بِتَكْفِيرِ مَنْ يَقُولُ ذَلِكَ، فَضَجَّ أَبُو الْقَاسِمِ الْقُشَيْرِيُّ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ هَوَازِنَ، وَصَنَّفَ رِسَالَةً سَمَّاهَا " شِكَايَةَ أَهْلِ السُّنَّةِ لِمَا نَالَهُمْ مِنَ الْمِحْنَةِ "، وَاسْتَدْعَى السُّلْطَانُ جَمَاعَةً مِنْ رُءُوسِ الْأَشَاعِرَةِ، مِنْهُمُ الْقُشَيْرِيُّ، فَسَأَلَهُمْ عَمَّا أُنْهِي إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ، فَأَنْكَرُوا أَنْ يَكُونَ الْأَشْعَرِيُّ قَالَ ذَلِكَ، فَقَالَ: نَحْنُ إِنَّمَا لَعَنَّا مَنْ يَقُولُ بِذَلِكَ. وَجَرَتْ فِتَنٌ طَوِيلَةٌ. وَفِيهَا اسْتَوْلَى فُولَاسْتُونُ أَبُو مَنْصُورِ بْنُ الْمَلِكِ أَبِي كَالِيجَارَ عَلَى شِيرَازَ وَخَرَجَ مِنْهَا أَخُوهُ أَبُو سَعْدٍ.
পৃষ্ঠা - ৯৮৫৯
وَفِي شَوَّالٍ سَارَ الْبَسَاسِيرِيُّ إِلَى أَكْرَادٍ وَأَعْرَابٍ أَفْسَدُوا بِالْبَوَازِيجِ، فَهَزَمَهُمْ، وَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ. وَلَمْ يَحُجَّ فِيهَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ أَيْضًا. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ رَوْحٍ، أَبُو الْحُسَيْنِ النَّهْرَوَانِيُّ، كَانَ يَنْظُرُ فِي الْعِيَارِ بِدَارِ الضَّرْبِ، وَلَهُ شِعْرٌ حَسَنٌ. قَالَ: كُنْتُ يَوْمًا عَلَى شَطِّ النَّهْرَوَانِ فَسَمِعْتُ رَجُلًا يَتَغَنَّى فِي سَفِينَةٍ مُنْحَدِرَةٍ: وَمَا طَلَبُوا سِوَى قَتْلِي ... فَهَانَ عَلَيَّ مَا طَلَبُوا فَاسْتَوْقَفْتُهُ وَقُلْتُ: أَضِفْ إِلَيْهِ أَيْضًا: عَلَى قَتْلِي الْأَحِبَّةُ بَالتَّمَ ... ادِي فِي الْجَفَا غَلَبُوا وَبِالْهُجْرَانِ طِيبُ النَّوْ ... مِ مِنْ عَيْنَيَّ قَدْ سَلَبُوا وَمَا طَلَبُوا سِوَى قَتْلِي ... فَهَانَ عَلَيَّ مَا طَلَبُوا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَنْجَوَيْهِ، أَبُو سَعْدٍ الرَّازِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالسَّمَّانِ، شَيْخُ الْمُعْتَزِلَةِ، سَمِعَ الْحَدِيثَ الْكَثِيرَ، وَكَتَبَ عَنْ أَرْبَعَةِ آلَافِ شَيْخٍ، وَكَانَ عَالِمًا بَارِعًا فَاضِلًا مَعَ اعْتِزَالِهِ، وَمِنْ كَلَامِهِ: مَنْ لَمْ يَكْتُبِ الْحَدِيثَ لَمْ يَتَغَرْغَرْ بِحَلَاوَةِ الْإِسْلَامِ. وَكَانَ حَنَفِيَّ الْمَذْهَبِ، عَالِمًا بِالْخِلَافِ وَالْفَرَائِضِ
পৃষ্ঠা - ৯৮৬০
وَالْحِسَابِ وَأَسْمَاءِ الرِّجَالِ، وَقَدْ تَرْجَمَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي " تَارِيخِهِ " فَأَطْنَبَ فِي شُكْرِهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ. عُمَرُ بْنُ الشَّيْخِ أَبِي طَالِبٍ الْمَكِّيِّ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَطِيَّةَ، سَمِعَ أَبَاهُ وَابْنَ شَاهِينَ، وَكَانَ صَدُوقًا، يُكَنَّى بِأَبِي حَفْصٍ. مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ الْفَرَجِ بْنِ الْأَزْهَرِ، أَبُو طَالِبٍ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ السَّوَادِيِّ، وَهُوَ أَخُو أَبِي الْقَاسِمِ الْأَزْهَرِيِّ، تُوُفِّيَ عَنْ نَيِّفٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً. مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي تَمَّامٍ، أَبُو تَمَّامٍ الزَّيْنَبِيُّ نَقِيبُ النُّقَبَاءِ، قَامَ ابْنُهُ مَكَانَهُ فِي النِّقَابَةِ.
পৃষ্ঠা - ৯৮৬১
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا غَزَا السُّلْطَانُ طُغْرُلْبَكُ بِلَادَ الرُّومِ بَعْدَ أَخْذِهِ بِلَادِ أَذْرَبِيجَانَ فَغَنِمَ مِنْ بِلَادِ الرُّومِ وَسَبَى، وَعَمِلَ أَشْيَاءَ حَسَنَةً، ثُمَّ عَادَ سَالِمًا إِلَى أَذْرَبِيجَانَ فَأَقَامَ بِهَا سَنَةً. وَفِيهَا أَخَذَ قُرَيْشُ بْنُ بَدْرَانَ الْأَنْبَارَ وَخَطَبَ بِهَا وَبِالْمَوْصِلِ لِلسُّلْطَانِ طُغْرُلْبَكَ وَأَخْرَجَ مِنْهَا نُوَّابَ الْبَسَاسِيرِيِّ. وَفِيهَا دَخَلَ أَبُو الْحَارِثِ الْمُظَفَّرُ الْبَسَاسِيرِيُّ إِلَى بَغْدَادَ مَعَ بَنِي خَفَاجَةَ مُنْصَرَفَهُ مِنَ الْوَقْعَةِ، وَظَهَرَتْ مِنْهُ آثَارُ النَّفْرَةِ لِلْخِلَافَةِ، فَرَاسَلَهُ الْخَلِيفَةُ لِتَطِيبَ نَفْسُهُ، وَخَرَجَ فِي ذِي الْحِجَّةِ إِلَى الْأَنْبَارِ فَأَخَذَهَا، وَكَانَ مَعَهُ دُبَيْسُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مَزْيَدٍ، وَخَرَّبَ أَمَاكِنَ، وَحَرَّقَ غَيْرَهَا، ثُمَّ أَذِنَ لَهُ فِي الدُّخُولِ إِلَى بَيْتِ النُّوبَةِ لِيَخْلَعَ عَلَيْهِ، فَجَاءَ إِلَى أَنْ حَاذَى بَيْتَ النُّوبَةِ فَخَدَمَ وَانْصَرَفَ وَلَمْ يَعْبُرْ، فَقَوِيَتِ الْوَحْشَةُ. وَلَمْ يَحُجَّ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: الْحُسَيْنُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ دَاوُدَ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ
পৃষ্ঠা - ৯৮৬২
السَّلَمَاسِيُّ، سَمِعَ ابْنَ شَاهِينَ وَابْنَ حَيَّوَيْهِ وَالدَّارَقُطْنِيَّ، وَكَانَ ثِقَةً أَمِينًا، مَشْهُورًا بِاصْطِنَاعِ الْمَعْرُوفِ، وَفِعْلِ الْخَيْرِ، وَافْتِقَادِ الْفُقَرَاءِ وَكَثْرَةِ الصَّدَقَةِ، وَكَانَ قَدْ أُرِيدَ عَلَى الشَّهَادَةِ، فَأَبَى مِنْ ذَلِكَ. فِي كُلِّ شَهْرٍ عَشْرَةُ دَنَانِيرَ نَفَقَةً لِأَهْلِهِ. عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْأَصْبَهَانِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ اللَّبَّانِ، أَحَدُ تَلَامِذَةِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيِّ، وَلِيَ قَضَاءَ إِيذَجَ، وَكَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ التَّرَاوِيحَ، ثُمَّ يَقُومُ بَعْدَهُمْ إِلَى الْفَجْرِ، فَرُبَّمَا انْقَضَى الشَّهْرُ عَنْهُ، وَلَمْ يَضْطَجِعْ إِلَى الْأَرْضِ، رَحِمَهُ اللَّهُ.
পৃষ্ঠা - ৯৮৬৩
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا مَلَكَ طُغْرُلْبَكَ بَغْدَادَ وَهُوَ أَوَّلُ مُلُوكِ السَّلْجُوقِيَّةِ لِبِلَادِ الْعِرَاقِ وَآخَرُ مُلْكِ بَنِي بُوَيْهِ. وَفِيهَا تَأَكَّدَتِ الْوَحْشَةُ بَيْنَ الْبَسَاسِيرِيِّ وَبَيْنَ الْخَلِيفَةِ، وَاشْتَكَتِ الْأَتْرَاكُ مِنْهُ، وَأَطْلَقَ رَئِيسُ الرُّؤَسَاءِ عِبَارَتَهُ فِيهِ، وَذَكَرَ قَبِيحَ أَفْعَالِهِ، وَأَنَّهُ كَاتَبَ الْمِصْرِيِّينَ بِالطَّاعَةِ، وَخَلَعَ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ بَيْعَةِ الْعَبَّاسِيِّينَ، وَقَالَ الْخَلِيفَةُ: وَلَيْسَ إِلَّا إِهْلَاكُهُ. وَفِيهَا غَلَتِ الْأَسْعَارُ بِنُوَاحِي الْأَهْوَازِ، حَتَّى بِيعَ الْكُرُّ فِي مَدِينَةِ شِيرَازَ بِأَلْفِ دِينَارٍ. وَفِيهَا وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ بَيْنَ السُّنَّةِ وَالرَّافِضَةِ عَلَى الْعَادَةِ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا مُسْتَمِرًّا، وَلَا تَمَكَّنَ الدَّوْلَةُ أَنْ يَحْجِزُوا بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ. وَفِيهَا وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ بَيْنَ الْأَشَاعِرَةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَكَانَ جَانِبُ الْحَنَابِلَةِ قَوِيًّا بِحَيْثُ إِنَّهُ كَانَ لَا يَتَمَكَّنُ أَحَدٌ مِنَ الْأَشَاعِرَةِ شُهُودَ الْجَمَاعَاتِ. قَالَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ
পৃষ্ঠা - ৯৮৬৪
فِي " الْمُنْتَظَمِ ". قَالَ الْخَطِيبُ: كَانَ أَرْسَلَانُ التُّرْكِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالْبَسَاسِيرِيِّ قَدْ عَظُمَ أَمْرُهُ وَاسْتَفْحَلَ ; لِعَدَمِ أَقْرَانِهِ مِنْ مُتَقَدِّمِي الْأَتْرَاكِ، وَاسْتَوْلَى عَلَى الْبِلَادِ وَطَارَ اسْمُهُ وَتَهَيَّبَتْهُ أُمَرَاءُ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ، وَدُعِيَ لَهُ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ الْمَنَابِرِ الْعِرَاقِيَّةِ وَالْأَهْوَازِ وَنَوَاحِيهَا، وَلَمْ يَكُنِ الْخَلِيفَةُ الْقَائِمُ بِأَمْرِ اللَّهِ يَقْطَعُ أَمْرًا دُونَهُ، ثُمَّ صَحَّ عِنْدَ الْخَلِيفَةِ سُوءُ عَقِيدَتِهِ، وَشَهِدَ عِنْدَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَتْرَاكِ عَرَّفَهُمْ وَهُوَ بِوَاسِطٍ عَزْمَهُ عَلَى نَهْبِ دَارِ الْخِلَافَةِ وَالْقَبْضِ عَلَى الْخَلِيفَةِ، فَكَاتَبَ الْخَلِيفَةُ أَبَا طَالِبٍ مُحَمَّدَ بْنَ مِيكَائِيلَ بْنِ سَلْجُوقَ الْمُلَقَّبَ طُغْرُلْبَكَ يَسْتَنْهِضُهُ عَلَى الْمَسِيرِ إِلَى الْعِرَاقِ، فَانْفَضَّ أَكْثَرُ مَنْ كَانَ مَعَ الْبَسَاسِيرِيِّ، وَعَادُوا إِلَى بَغْدَادَ سَرِيعًا، ثُمَّ أَجْمَعَ رَأْيُهُمْ عَلَى قَصْدِ دَارِ الْبَسَاسِيرِيِّ وَهِيَ فِي الْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ فَأَحْرَقُوهَا، وَهَدَمُوا أَبْنِيَتَهَا. وَوَصَلَ طُغْرُلْبَكُ إِلَى بَغْدَادَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ، وَقَدْ تَلَقَّاهُ إِلَى أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ الْأُمَرَاءُ وَالْوُزَرَاءُ وَالْحُجَّابُ، وَدَخَلَ بَغْدَادَ فِي أُبَّهَةٍ عَظِيمَةٍ جِدًّا، وَخُطِبَ لَهُ بِهَا، ثُمَّ بَعْدَهُ لِلْمَلِكِ الرَّحِيمِ، ثُمَّ قُطِعَتْ خُطْبَةُ الْمَلِكِ الرَّحِيمِ فِي أَوَاخِرِ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَرُفِعَ إِلَى الْقَلْعَةِ مُعْتَقَلًا، وَكَانَ آخِرَ مُلُوكِ بَنِي بُوَيْهِ، وَكَانَتْ مُدَّةُ وِلَايَتِهِ لِبَغْدَادَ سِتَّ سِنِينَ وَعَشَرَةَ أَيَّامٍ، وَطُغْرُلْبَكُ أَوَّلُ مُلُوكِ السَّلْجُوقِيَّةِ، وَنَزَلَ طُغْرُلْبَكُ دَارَ الْمَمْلَكَةِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ عِمَارَتِهَا، وَنَزَلَ أَصْحَابُهُ دُورَ الْأَتْرَاكِ، وَكَانَ مَعَهُ ثَمَانِيَةُ أَفْيِلَةٍ، وَوَقَعَتِ الْفِتْنَةُ بَيْنَ الْأَتْرَاكِ وَالْعَامَّةِ، وَنُهِبَ الْجَانِبُ الشَّرْقِيُّ
পৃষ্ঠা - ৯৮৬৫
بِكَمَالِهِ، وَجَرَتْ خُطُوبٌ وَخَبْطَةٌ عَظِيمَةٌ. وَأَمَّا الْبَسَاسِيرِيُّ فَإِنَّهُ فَرَّ مِنَ الْخَلِيفَةِ إِلَى نَاحِيَةِ بِلَادِ الرَّحْبَةِ، وَكَتَبَ إِلَى صَاحِبِ مِصْرَ بِأَنَّهُ عَلَى إِقَامَةِ الدَّعْوَةِ لَهُ بِالْعِرَاقِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ بِوِلَايَةِ الرَّحْبَةِ وَنِيَابَتِهِ بِهَا ; لِيَكُونَ عَلَى أُهْبَةِ التَّمَكُّنِ مِنَ الْأَمْرِ الَّذِي يُحَاوِلُهُ، قَبَّحَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى. وَفِي يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ عَاشِرِ ذِي الْقَعْدَةِ قُلِّدَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الدَّامَغَانِيُّ قَضَاءَ الْقُضَاةِ، وَخُلِعَ عَلَيْهِ بِهِ، وَذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَاكُولَا، ثُمَّ خُلِعَ عَلَى الْمَلِكِ طُغْرُلْبَكَ بَعْدَ دُخُولِهِ بَغْدَادَ بِيَوْمٍ، وَرَجَعَ إِلَى دَارِهِ وَبَيْنَ يَدَيْهِ الدَّبَادِبُ وَالْبُوقَاتُ. وَفِي هَذَا الشَّهْرِ تُوُفِّيَ ذَخِيرَةُ الدِّينِ أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْقَائِمِ بِأَمْرِ اللَّهِ وَهُوَ وَلِيُّ عَهْدِ أَبِيهِ، فَعَظُمَتِ الرَّزِيَّةُ بِهِ، وَجَلَسَ رَئِيسُ الرُّؤَسَاءِ لِلْعَزَاءِ، وَجَاءَ النَّاسُ، وَقَدْ أُمِرُوا بِتَخْرِيقِ ثِيَابِهِمْ وَنَشْرِ عَمَائِمِهِمْ وَالتَّحَفِّي، وَقُطِعَتِ الدَّبَادِبُ أَيَّامَ الْعَزَاءِ بِدَارِ الْخِلَافَةِ وَدَارِ الْمُلْكِ حُزْنًا عَلَى وَلِيِّ عَهْدِ الْخِلَافَةِ. وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ اسْتَوْلَى أَبُو كَامِلٍ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الصُّلَيْحِيُّ الْهَمْدَانِيُّ عَلَى أَكْثَرِ أَعْمَالِ الْيَمَنِ، وَخَطَبَ فِيهَا لِلْفَاطِمِيِّينَ، وَقَطَعَ خُطْبَةَ الْعَبَّاسِيِّينَ. وَفِيهَا كَثُرَ فَسَادُ الْغُزِّ وَنَهْبُهُمْ، فَثَاوَرَهُمُ الْعَوَامُّ وَاقْتَتَلُوا، وَنَهَبُوا الْعَامَّةَ حَتَّى أُبِيعَ الثَّوْرَ بِخَمْسَةِ قَرَارِيطَ، وَالْحِمَارُ بِقِيرَاطَيْنِ إِلَى خَمْسَةِ قَرَارِيطَ.
পৃষ্ঠা - ৯৮৬৬
وَفِيهَا اشْتَدَّ الْغَلَاءُ بِمَكَّةَ، وَعُدِمَتِ الْأَقْوَاتُ، فَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ جَرَادًا مِلْءَ الْأَرْضِ، فَتَعَوَّضُوا بِهِ عَنِ الطَّعَامِ. وَلَمْ يَحُجَّ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَيْضًا. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ عَلَّكَانَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ دُلَفَ بْنِ أَبِي دُلَفَ الْعِجْلِيُّ قَاضِي الْقُضَاةِ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ مَاكُولَا الشَّافِعِيُّ، أَصْلُهُ مِنْ أَهْلِ جَرْبَاذَقَانَ، وَوَلِيَ الْقَضَاءَ بِالْبَصْرَةِ، ثُمَّ وَلَّاهُ الْقَادِرُ بِاللَّهِ قَضَاءَ الْقُضَاةِ بِبَغْدَادَ سَنَةَ عِشْرِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، وَأَقَرَّهُ ابْنُهُ الْقَائِمُ بِأَمْرِ اللَّهِ إِلَى أَنْ مَاتَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً، مِنْهَا فِي الْقَضَاءِ سَبْعٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً، وَكَانَ صِيِّنَا دَيِّنًا، لَا يَقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ هَدِيَّةً وَلَا مِنَ الْخَلِيفَةِ، وَكَانَ يُذْكَرُ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَنْدَهْ، وَلَهُ شِعْرٌ حَسَنٌ، فَمِنْهُ: تَصَابَى بُرْهَةً مِنْ بَعْدِ شَيْبٍ ... فَمَا أَغْنَى مَعَ الشَّيْبِ التَّصَابِي وَسَوَّدَ عَارِضَيْهِ بِلَوْنِ خَضْبٍ ... فَلَمْ يَنْفَعْهُ تَسْوِيدُ الْخِضَابِ وَأَبْدَى لِلْأَحِبَّةِ كُلَّ لُطْفٍ ... فَمَا زَادُوا سِوَى فَرْطِ اجْتِنَابِ سَلَامُ اللَّهِ عَوْدًا بَعْدَ بِدْءٍ ... عَلَى أَيَّامِ رَيَعَانِ الشَّبَابِ
পৃষ্ঠা - ৯৮৬৭
تَوَلَّى غَيْرَ مَذْمُومٍ وَأَبْقَى ... بِقَلْبِي حَسْرَةً تَحْتَ الْحِجَابِ عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْفَهْمِ، أَبُو الْقَاسِمِ التَّنُوخِيُّ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَتَنُوخُ اسْمٌ لِعِدَّةِ قَبَائِلَ اجْتَمَعُوا بِالْبَحْرَيْنِ، وَتَحَالَفُوا عَلَى التَّنَاصُرِ وَالتَّآزُرِ، فَسُمُّوا تَنُوخًا. وُلِدَ بِالْبَصْرَةِ سَنَةَ خَمْسَةٍ وَسِتِّينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ سَنَةَ سَبْعِينَ، وَقُبِلَتْ شَهَادَتُهُ عِنْدَ الْحُكَّامِ فِي حَدَاثَتِهِ، وَوَلِيَ الْقَضَاءَ بِالْمَدَائِنِ وَغَيْرِهَا، وَكَانَ صَدُوقًا مُحْتَاطًا، إِلَّا أَنَّهُ كَانَ يَمِيلُ إِلَى الِاعْتِزَالِ وَالرَّفْضِ.
পৃষ্ঠা - ৯৮৬৮
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِي يَوْمِ الْخَمِيسِ لِثَمَانٍ بَقِينَ مِنَ الْمُحَرَّمِ عُقِدَ عَقْدُ الْخَلِيفَةِ عَلَى خَدِيجَةَ بِنْتِ أَخِي السُّلْطَانِ طُغْرُلْبَكَ وَقِيلَ: ابْنَةُ أَخِيهِ دَاوُدَ، وَاسْمُهَا خَدِيجَةُ، الْمُلَقَّبَةُ أَرْسَلَانَ خَاتُونَ، عَلَى صَدَاقِ مِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، وَحَضَرَ هَذَا الْعَقْدَ عَمِيدُ الْمُلْكِ الْكُنْدُرِيُّ وَزِيرُ طُغْرُلْبَكَ، وَنَقِيبُ الْعَلَوِيِّينَ، وَنَقِيبُ الْهَاشِمِيِّينَ، وَقَاضِي الْقُضَاةِ الدَّامَغَانِيُّ، وَأَقْضَى الْقُضَاةِ الْمَاوَرْدِيُّ، وَرَئِيسُ الرُّؤَسَاءِ ابْنُ الْمُسْلِمَةِ وَهُوَ الَّذِي خَطَبَ الْخُطْبَةَ، وَقَبِلَ الْخَلِيفَةُ الْعَقْدَ، فَلَمَّا كَانَ شَعْبَانُ ذَهَبَ رَئِيسُ الرُّؤَسَاءِ إِلَى الْمَلِكِ طُغْرُلْبَكَ وَقَالَ: يَقُولُ لَكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58] . وَقَدْ أَذِنَ فِي نَقْلِ الْوَدِيعَةِ الْكَرِيمَةِ إِلَى دَارِهِ الْعَزِيزَةِ. فَقَالَ: السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ. فَذَهَبَتْ أُّمُّ الْخَلِيفَةِ إِلَى دَارِ الْمَمْلَكَةِ لِاسْتِدْعَاءِ الْعَرُوسِ، فَجَاءَتْ مَعَهَا، وَفِي خِدْمَتِهَا الْوَزِيرُ عَمِيدُ الْمُلْكِ وَالْحَشَمُ، فَدَخَلُوا دَارَهُ، وَشَافَهَ الْخَلِيفَةَ ابْنُ عَمِّهَا يَسْأَلُ مُعَامَلَتَهَا بِاللُّطْفِ وَالْإِحْسَانِ، فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ قَبَّلَتِ الْأَرْضُ بَيْنَ يَدَيْهِ مِرَارًا، فَأَدْنَاهَا إِلَيْهِ، وَأَجْلَسَهَا إِلَى جَانِبِهِ، وَأَفَاضَ عَلَيْهَا خِلْعَةً سَنِيَّةً وَتَاجًا مِنْ جَوْهَرٍ، وَأَعْطَاهَا مِنَ
পৃষ্ঠা - ৯৮৬৯
الْغَدِ مِائَةَ ثَوْبٍ دِيبَاجًا، وَقَصَبَاتٍ مِنْ ذَهَبٍ، وَطَاسَةَ ذَهَبٍ قَدْ نَبَتَ فِيهَا الْجَوْهَرُ وَالْيَاقُوتُ وَالْفَيْرُوزَجُ، وَأَقْطَعَهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ مِنْ عَمَلِ الْفُرَاتِ اثْنَيْ عَشْرَ أَلْفَ دِينَارٍ. وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ أَمَرَ السُّلْطَانُ طُغْرُلْبَكُ بِبِنَاءِ دَارِ الْمُلْكِ الْعَضُدِيَّةِ، فَخَرِبَتْ مَحَالٌّ كَثِيرَةٌ فِي عِمَارَتِهَا، وَنَهَبَتِ الْعَامَّةُ أَخْشَابًا كَثِيرَةً بِسَبَبِهَا مِنْ دُورِ الْأَتْرَاكِ وَالْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ، وَبَاعُوهُ عَلَى الْخَبَّازِينَ وَغَيْرِهِمْ. وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ وَقَعَ غَلَاءٌ شَدِيدٌ وَخَوْفٌ وَنَهْبٌ كَثِيرٌ بِبَغْدَادَ، ثُمَّ عَقِبَ ذَلِكَ فَنَاءٌ عَظِيمٌ بِحَيْثُ دُفِنَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ بِغَيْرِ غَسْلٍ وَلَا تَكْفِينٍ، وَغَلَتِ الْأَشْرِبَةُ وَمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْمَرْضَى كَثِيرًا، وَاغْبَرَّ الْجَوُّ، وَفَسَدَ الْهَوَاءُ، وَكَثُرَ الذُّبَابُ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي " مُنْتَظَمِهِ ": وَعَمَّ هَذَا الْوَبَاءُ وَالْغَلَاءُ مَكَّةَ وَالْحِجَازَ وَدِيَارَ بَكْرٍ وَالْمَوْصِلَ وَبِلَادَ الرُّومِ وَخُرَاسَانَ وَالْجِبَالَ وَالدُّنْيَا كُلَّهَا. هَذَا لَفَظُهُ فِي " الْمُنْتَظَمِ ". قَالَ: وَوَرَدَ كِتَابٌ مِنْ مِصْرَ أَنَّ ثَلَاثَةً مِنَ اللُّصُوصِ نَقَبُوا بَعْضَ الدُّورِ، فَوُجِدُوا عِنْدَ الصَّبَاحِ مَوْتَى ; أَحَدُهُمْ عَلَى بَابِ النَّقْبِ، وَالثَّانِي عَلَى رَأْسِ الدَّرَجَةِ، وَالثَّالِثُ عَلَى الثِّيَابِ الْمُكَوَّرَةِ. وَفِيهَا أَمَرَ رَئِيسُ الرُّؤَسَاءِ بِأَنْ تُنْصَبُ أَعْلَامٌ سُودٌ فِي الْكَرْخِ، فَانْزَعَجَ أَهْلُهُ لِذَلِكَ، وَكَانَ كَثِيرَ الْأَذِيَّةِ لِلرَّافِضَةِ، وَإِنَّمَا كَانَ يُدَافِعُ عَنْهُمْ عَمِيدُ الْمُلْكِ
পৃষ্ঠা - ৯৮৭০
الْكُنْدُرِيُّ وَزِيرُ طُغْرُلْبَكَ. وَفِيهَا هَبَّتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ، وَارْتَفَعَتْ سَحَابَةٌ تُرَابِيَّةٌ، فَأَظْلَمَتِ الدُّنْيَا، وَاحْتَاجَ النَّاسُ فِي الْأَسْوَاقِ إِلَى السُّرُجِ فِي النَّهَارِ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي " الْمُنْتَظَمِ " وَفِيهَا فِي الْعَشْرِ الثَّانِي مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ ظَهَرَ وَقْتَ السَّحَرِ نَجْمٌ لَهُ ذُؤَابَةٌ طُولُهَا فِي رَأْيِ الْعَيْنِ نَحْوٌ مِنْ عَشَرَةِ أَذْرُعٍ، وَفِي عَرْضِ نَحْوِ الذِّرَاعِ، وَلَبِثَ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ إِلَى النِّصْفِ مِنْ رَجَبٍ ثُمَّ اضْمَحَلَّ، وَكَانُوا يَقُولُونَ: إِنَّهُ طَلَعَ مِثْلُ هَذَا بِمِصْرَ فَمُلِكَتْ. وَكَذَلِكَ بَغْدَادُ لَمَّا طَلَعَ فِيهَا هَذَا مُلِكَتْ وَخُطِبَ بِهَا لِلْمِصْرِيِّينَ. وَفِيهَا أُلْزِمَ الرَّوَافِضُ بِتَرْكِ الْأَذَانِ بِحَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ، وَأُمِرُوا أَنْ يُنَادِيَ الْمُؤَذِّنُونَ فِي الصُّبْحِ بَعْدَ الْحَيْعَلَتَيْنِ: الصَّلَاةُ خَيْرُ مِنَ النَّوْمِ، مَرَّتَيْنِ، وَأُزِيلَ مَا كَانَ عَلَى أَبْوَابِ مَسَاجِدِهِمْ وَمَشَاهِدِهِمْ وَأَبْوَابِهِمْ مِنْ كِتَابَةِ: مُحَمَّدٌ وَعْلِيٌّ خَيْرُ الْبَشَرِ. وَدَخَلَ الْمُنْشِدُونَ مِنْ بَابِ الْبَصْرَةِ إِلَى الْكَرْخِ، فَأَنْشَدُوا بِفَضَائِلِ الصَّحَابَةِ فِي مَدَائِحَ لَهُمْ، وَذَلِكَ أَنَّ النَّوْءَ الْأَوَّلَ اضْمَحَلَّ ; كَانَتْ بَنُو بُوَيْهِ تُقَوِّيهِمْ وَتَنْصُرُهُمْ، فَزَالُوا وَبَادُوا، وَأَذْهَبَ اللَّهُ دَوْلَتَهُمْ، وَجَاءَ اللَّهُ بِقَوْمٍ آخَرِينَ مِنَ الْأَتْرَاكِ السَّلْجُوقِيَّةِ يُحِبُّونَ السُّنَّةَ وَيُوَالُونَ أَهْلَهَا، وَيَعْتَرِفُونَ بِرِفْعَةِ قَدْرِهَا، وَيَرْفَعُونَ مَحَلَّهَا، وَاللَّهُ الْمَحْمُودُ أَبَدًا عَلَى طُولِ الْمَدَى. وَأَمَرَ رَئِيسُ الرُّؤَسَاءِ وَزِيرَ الْخِلَافَةِ لِلْوَالِي بِقَتْلِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجَلَّابِ شَيْخِ الْبَزَّازِينَ بِبَابِ الطَّاقِ ; لِمَا كَانَ يَتَظَاهَرُ بِهِ مِنَ الْغُلُوِّ فِي الرَّفْضِ، فَقُتِلَ وَصُلِبَ عَلَى بَابِ دُكَّانِهِ، وَهَرَبَ أَبُو جَعْفَرٍ الطُّوسِيُّ وَنُهِبَتْ دَارُهُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.