আল বিদায়া ওয়া আন্নিহায়া

পৃষ্ঠা - ৯৭৪৯
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ وَقَعَ بَرَدٌ أَهْلَكَ شَيْئًا كَثِيرًا مِنَ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ، وَقَتَلَ خَلْقًا كَثِيرًا مِنَ الْغَنَمِ وَالْوُحُوشِ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ كَانَ فِي كُلِّ بَرَدَةٍ رِطْلَانِ وَأَكْثَرُ، وَفِي وَاسِطٍ بَلَغَتِ الْبَرَدَةُ أَرْطَالًا، وَفِي بَغْدَادَ بِقَدْرِ الْبَيْضِ. وَفِي رَبِيعٍ الْآخَرِ سَأَلَتِ الْأَسْفَهْسِلَارِيَّةُ وَالْغِلْمَانُ الْخَلِيفَةَ أَنْ يَعْزِلَ عَنْهُمْ أَبَا كَالِيجَارَ ; لِتَهَاوُنِهِ بِأَمْرِهِمْ، وَفَسَادِهِ وَفَسَادِ الْأُمُورِ فِي أَيَّامِهِ، وَيُوَلِّيَ جَلَالَ الدَّوْلَةِ الَّذِي كَانُوا قَدْ عَدَلُوا عَنْهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ، فَمَاطَلَهُمُ الْخَلِيفَةُ فِي ذَلِكَ، وَكَتَبَ إِلَى أَبِي كَالِيجَارَ أَنْ يَتَدَارَكَ أَمْرَهُ، وَأَنْ يُسْرِعَ الْأَوْبَةَ إِلَى بَغْدَادَ قَبْلَ أَنْ يَفُوتَ الْأَمْرُ، وَأَلَحَّ أُولَئِكَ عَلَى الْخَلِيفَةِ فِي تَوْلِيَةِ جَلَالِ الدَّوْلَةِ، وَأَقَامُوا لَهُ الْخُطْبَةَ بِبَغْدَادَ، وَتَفَاقَمَ الْحَالُ، وَفَسَدَ النِّظَامُ. وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ وَرَدَ كِتَابٌ مِنْ يَمِينِ الدَّوْلَةِ مَحْمُودِ بْنِ سُبُكْتِكِينَ أَنَّهُ دَخَلَ بِلَادَ الْهِنْدِ أَيْضًا، وَأَنَّهُ كَسَرَ الصَّنَمَ الْأَعْظَمَ الَّذِي لَهُمُ الْمُسَمَّى بِسُومَنَاتَ، وَقَدْ كَانُوا يَفِدُونَ إِلَيْهِ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ، وَيُنْفِقُونَ عِنْدَهُ مِنَ الْأَمْوَالِ شَيْئًا كَثِيرًا جِدًّا، وَكَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْأَوْقَافِ عَشَرَةُ آلَافِ قَرْيَةٍ مَشْهُورَةٍ وَقَدِ امْتَلَأَتْ خَزَائِنُهُ أَمْوَالًا،
পৃষ্ঠা - ৯৭৫০
وَعِنْدَهُ أَلْفُ رَجُلٍ يَخْدِمُونَهُ، وَثَلَاثُمِائَةٍ يَحْلِقُونَ حَجِيجِهِ، وَثَلَاثُمِائَةٍ وَخَمْسُونَ يُغَنُّونَ وَيَرْقُصُونَ عَلَى بَابِ الصَّنَمِ، وَقَدْ كَانَ الْعَبْدُ - يَعْنِي الْمَلِكَ مَحْمُودَ بْنَ سُبُكْتِكِينَ - يَتَمَنَّى قَلْعَ هَذَا الصَّنَمِ، وَكَانَ يَعُوقُهُ عَنْهُ طُولُ الْمَفَاوِزِ وَكَثْرَةُ الْمَوَانِعِ، ثُمَّ اسْتَخَارَ اللَّهَ تَعَالَى وَتَجَشَّمَ بِجَيْشِهِ تِلْكَ الْأَهْوَالَ إِلَيْهِ فِي ثَلَاثِينَ أَلْفًا مِمَّنِ اخْتَارَهُمْ سِوَى الْمُطَّوِّعَةِ، فَسَلَّمَ اللَّهُ تَعَالَى حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى بَلَدِ هَذَا الْوَثَنِ، فَمَلَكْنَاهُ وَقَتَلْنَا مِنْ أَهْلِهِ خَمْسِينَ أَلْفًا، وَقَلَعْنَا هَذَا الْوَثَنَ وَأَوْقَدْنَا تَحْتَهُ النَّارَ. وَقَدْ ذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّ الْهُنُودَ بَذَلُوا أَمْوَالًا جَزِيلَةً لِلْمَلِكِ مَحْمُودِ بْنِ سُبُكْتِكِينَ لِيَتْرُكَ لَهُمْ هَذَا الصَّنَمَ الْأَعْظَمَ، فَأَشَارَ مَنْ أَشَارَ مِنَ الْأُمَرَاءِ بِقَبُولِ تِلْكَ الْأَمْوَالِ الْجَزِيلَةِ، فَقَالَ: حَتَّى أَسْتَخِيرَ اللَّهَ تَعَالَى. فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ: إِنِّي فَكَّرْتُ فِي الْأَمْرِ فَرَأَيْتُ إِذَا نُودِيتُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُقَالُ: أَيْنَ مَحْمُودٌ الَّذِي كَسَرَ الصَّنَمَ؟ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يُقَالَ: أَيْنَ مَحْمُودٌ الَّذِي تَرَكَ الصَّنَمَ؟ ثُمَّ عَزَمَ فَكَسَرَهُ، فَوَجَدَ عَلَيْهِ وَفِيهِ مِنَ الذَّهَبِ وَاللَّآلِئِ وَالْجَوَاهِرِ النَّفِيسَةِ مَا يُنَيِّفُ عَلَى مَا بَذَلُوهُ بِأَضْعَافٍ مُضَاعَفَةٍ، مَعَ مَا ادَّخَرَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ مِنَ الْأَجْرِ الْجَزِيلِ فِي الْآخِرَةِ وَالثَّنَاءِ الْجَمِيلِ فِي الْأُولَى، فَرَحِمَهُ اللَّهُ وَأَكْرَمَ مَثْوَاهُ. وَفِي يَوْمِ السَّبْتِ ثَالِثِ رَمَضَانَ دَخَلَ جَلَالُ الدَّوْلَةِ إِلَى بَغْدَادَ فَتَلَقَّاهُ الْخَلِيفَةُ فِي دِجْلَةَ فِي الطَّيَّارِ، وَمَعَهُ الْأَكَابِرُ وَالْأَعْيَانُ، فَلَمَّا وَاجَهَ جَلَالَ الدَّوْلَةِ قَبَّلَ الْأَرْضَ دَفَعَاتٍ، ثُمَّ سَارَ إِلَى دَارِ الْمُلْكِ، وَعَادَ الْخَلِيفَةُ إِلَى دَارِهِ، وَأَمَرَ جَلَالُ الدَّوْلَةِ أَنْ يُضْرَبَ لَهُ الطَّبْلُ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ الثَّلَاثِ، كَمَا كَانَ الْأَمْرُ فِي زَمَنِ عَضُدِ الدَّوْلَةِ وَصَمْصَامِهَا وَشَرَفِهَا وَبَهَائِهَا، وَكَانَ الْخَلِيفَةُ يُضْرَبُ لَهُ الطَّبْلُ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، فَأَرَادَ جَلَالُ الدَّوْلَةِ ذَلِكَ، فَقِيلَ: لَا يَحْسُنُ مُسَاوَاةُ الْخَلِيفَةِ. ثُمَّ صَمَّمَ عَلَى ذَلِكَ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ.
পৃষ্ঠা - ৯৭৫১
قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَفِيهَا وَقَعَ بَرَدٌ شَدِيدٌ حَتَّى جَمَدَ الْخَلُّ وَالنَّبِيذُ وَأَبْوَالُ الدَّوَابِّ وَالْمِيَاهُ الْكِبَارُ وَحَافَّاتُ دِجْلَةَ. وَلَمْ يَحُجَّ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْمَشْرِقِ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ الْمُهْتَدِي بِاللَّهِ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الشَّاهِدُ خَطَبَ فِي جَامِعِ الْمَنْصُورِ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَمَانِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَلَمْ يَكُنْ يَخْطُبُ إِلَّا بِخُطْبَةٍ وَاحِدَةٍ فِي كُلِّ جُمُعَةِ، فَإِذَا سَمِعَهَا النَّاسُ مِنْهُ ضَجُّوا بِالْبُكَاءِ، وَخَشَعُوا لِصَوْتِهِ. الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، أَبُو الْقَاسِمِ الْوَزِيرُ الْمَغْرِبِيُّ وُلِدَ بِمِصْرَ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ سَبْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَهَرَبَ مِنْهَا حِينَ قَتَلَ صَاحِبُهَا أَبَاهُ وَعَمَّهُ، وَقَصَدَ مَكَّةَ ثُمَّ الشَّامَ وَوَزَرَ فِي عِدَّةِ أَمَاكِنَ، وَقَدْ وَزَرَ لِشَرَفِ الدَّوْلَةِ بَعْدَ الرُّخَّجِيِّ، وَكَانَ يَقُولُ الشِّعْرَ الْحَسَنَ، وَقَدْ تَذَاكَرَ هُوَ وَبَعْضُ الصَّالِحِينَ، فَأَنْشَدَهُ ذَلِكَ الرَّجُلُ الصَّالِحُ شِعْرًا: إِذَا شِئْتَ أَنْ تَحْيَا غَنِيًّا فَلَا تَكُنْ ... عَلَى حَالَةٍ إِلَّا رَضِيتَ بِدُونِهَا
পৃষ্ঠা - ৯৭৫২
فَاعْتَزَلَ الْمَنَاصِبَ وَالسُّلْطَانَ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: تَرَكْتَ الْمَنَاصِبَ فِي عُنْفُوَانِ شَبَابِكَ. فَأَنْشَأَ يَقُولُ: كُنْتُ فِي سَفْرَةِ الْبِطَالَةِ وَالْجَهْ ... لِ زَمَانًا فَحَانَ مِنِّي الْقُدُومُ تُبْتُ مِنْ كُلِّ مَأْثَمٍ فَعَسَى يُمْ ... حِي بِهَذَا الْحَدِيثِ ذَاكَ الْقَدِيمُ بَعْدَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ لَقَدْ مَا ... طَلْتُ إِلَّا أَنَّ الْغَرِيمَ كَرِيمُ وَقَدْ كَانَتْ وَفَاتُهُ بِمَيَّافَارِقِينَ فِي رَمَضَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، عَنْ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً، وَدُفِنَ بِمَشْهَدِ عَلِيٍّ، بِحِيلَةٍ احْتَالَهَا قَبْلَ وَفَاتِهِ، رَحِمَهُ اللَّهُ. مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، أَبُو بَكْرٍ الْوَرَّاقُ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْخَفَّافِ رَوَى عَنِ الْقَطِيعِيِّ وَغَيْرِهِ، وَقَدِ اتَّهَمُوهُ بِوَضْعِ الْأَسَانِيدِ وَالْأَحَادِيثِ. قَالَهُ الْخَطِيبُ وَغَيْرُهُ. أَبُو الْقَاسِمِ اللَّكَائِيُّ، هِبَةُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مَنْصُورٍ الرَّازِيُّ وَهُوَ طَبَرِيُّ الْأَصْلِ أَحَدُ تَلَامِذَةِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيِّ وَكَانَ يَفْهَمُ وَيَحْفَظُ، وَعُنِيَ بِالْحَدِيثِ، فَصَنَّفَ فِيهِ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً، وَلَكِنْ عَاجَلَتْهُ الْمَنِيَّةُ قَبْلَ أَنْ تَنْتَشِرَ أَكْثَرُ كُتُبِهِ، وَلَهُ كِتَابٌ فِي السُّنَّةِ وَشَرْحِهَا، وَذَكَرَ طَرِيقَةَ السَّلَفِ الصَّالِحِ فِي ذَلِكَ، وَقَعَ لَنَا سَمَاعُهُ عَلَى الْحَجَّارِ، عَالِيًا عَنْهُ، وَقَدْ كَانَتْ وَفَاتُهُ بِالدِّينَوَرِ فِي رَمَضَانَ
পৃষ্ঠা - ৯৭৫৩
مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَرَآهُ بَعْضُهُمْ فِي الْمَنَامِ، فَقَالَ لَهُ: مَا فَعَلَ اللَّهُ بِكَ؟ قَالَ: غَفَرَ لِي. قَالَ: بِمَاذَا؟ قَالَ: بِالسُّنَّةِ. رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْقَادِرِ بِاللَّهِ تُوُفِّيَ لَيْلَةَ الْأَحَدِ الثَّانِي مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ غَيْرَ مَرَّةٍ وَمَشَى النَّاسُ فِي جِنَازَتِهِ، وَحَزِنَ عَلَيْهِ أَبُوهُ حُزْنًا شَدِيدًا، وَقُطِعَ الطَّبْلُ أَيَّامًا. ابْنُ طَبَاطَبَا الشَّرِيفُ كَانَ شَاعِرًا مُجِيدًا، وَلَهُ شِعْرٌ حَسَنٌ. الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الْإِسْفَرَايِينِيُّ، إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مِهْرَانَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ، رُكْنُ الدِّينِ، الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ، الْمُتَكَلِّمُ الْأُصُولِيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيفِ فِي الْأَصْلَيْنِ ; مِنْهَا " جَامِعُ الْجِلَى " فِي خَمْسِ مُجَلَّدَاتٍ، وَتَعْلِيقَةٌ نَافِعَةٌ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَقَدْ سَمِعَ الْحَدِيثَ الْكَثِيرَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَدَعْلَجٍ وَغَيْرِهِمَا، وَأَخَذَ عَنْهُ الْبَيْهَقِيُّ وَالشَّيْخُ أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ وَالْحَاكِمُ النَّيْسَابُورِيُّ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ بِنَيْسَابُورَ، ثُمَّ نُقِلَ إِلَى بَلَدِهِ فَدُفِنَ فِي مَشْهَدِهِ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ أَبُو الْحُسَيْنِ الْقُدُورِيُّ
পৃষ্ঠা - ৯৭৫৪
الْفَقِيهُ الْحَنَفِيُّ، صَاحِبُ الْمُصَنَّفِ الْمُخْتَصَرِ الَّذِي يُحْفَظُ، كَانَ إِمَامًا بَارِعًا عَالِمًا، دَيِّنًا مُنَاظِرًا، وَكَانَ هُوَ الَّذِي تَوَلَّى مُنَاظَرَةَ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيِّ، وَكَانَ يُطْرِيهِ، وَيَقُولُ: هُوَ أَعْلَمُ وَأَنْظَرُ مِنَ الشَّافِعِيِّ. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ يَوْمَ الْأَحَدِ الْخَامِسِ مِنْ رَجَبٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ سِتٍّ وَسِتِّينَ سَنَةً، وَدُفِنَ إِلَى جَانِبِ الْفَقِيهِ أَبِي بَكْرٍ الْخُوَارِزْمِيِّ الْحَنَفِيِّ.
পৃষ্ঠা - ৯৭৫৫
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا وَقَعَ بَيْنَ الْجَيْشِ وَبَيْنَ جَلَالِ الدَّوْلَةِ، وَنَهَبُوا دَارَ وَزِيرِهِ، وَجَرَتْ أُمُورٌ طَوِيلَةٌ آلَ الْحَالُ فِيهَا إِلَى أَنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى إِخْرَاجِهِ مِنَ الْبَلَدِ، فَهُيِّئَ لَهُ زَبْزَبٌ رَثٌّ، فَخَرَجَ وَفِي يَدِهِ طَبَرٌ نَهَارًا، فَجَعَلُوا لَا يَلْتَفِتُونَ إِلَيْهِ، وَلَا يُفَكِّرُونَ فِيهِ، فَلَمَّا عَزَمَ فِي الرُّكُوبِ فِي ذَلِكَ الزَّبْزَبِ الرَّثِّ رَثَوْا لَهُ وَرَقُّوا عَلَيْهِ، فَجَاءُوا إِلَيْهِ، وَقَبَّلُوا الْأَرْضَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَانْصَلَحَتْ قَضِيَّتُهُ بَعْدَ فَسَادِهَا. وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ قَلَّ الرُّطَبُ جِدًّا بِسَبَبِ هَلَاكِ النَّخْلِ فِي السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ بِالْبَرَدِ، فَبِيعَ الرَّطْبُ كُلُّ ثَلَاثَةِ أَرْطَالٍ بِدِينَارٍ جَلَالِيٍّ، وَوَقَعَ بَرَدٌ شَدِيدٌ أَيْضًا فَأَهْلَكَ شَيْئًا كَثِيرًا مِنَ النَّخْلِ أَيْضًا، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. وَلَمْ يَحُجَّ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْمَشْرِقِ وَلَا مِنْ أَهْلِ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، إِلَّا أَنَّ قَوْمًا مِنْ خُرَاسَانَ رَكِبُوا فِي الْبَحْرِ مِنْ مَدِينَةِ مُكْرَانَ فَانْتَهَوْا إِلَى جَدَّةَ فَحَجُّوا، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَحِمَهُمْ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
পৃষ্ঠা - ৯৭৫৬
حَمْزَةُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَبُو الْخَطَّابِ الْمُنَجِّمُ حَظِيَ عِنْدَ بَهَاءِ الدَّوْلَةِ وَعَلَّمَهُ النُّجُومَ، وَكَانَ لَهُ ذَا وَجَاهَةٍ عِنْدَهُ، حَتَّى أَنَّ الْوُزَرَاءَ كَانُوا يُكَارِمُونَهُ وَيُرَاسِلُونَهُ وَيَتَوَسَّلُونَ بِهِ إِلَيْهِ فِي أُمُورِهِمْ، ثُمَّ حَارَ أَمْرُهُ حَتَّى مَاتَ - يَوْمَ مَاتَ بِالْكَرْخِ مِنْ سَامَرَّا - غَرِيبًا فَقِيرًا مَفْلُوجًا، قَدْ ذَهَبَ مَالُهُ وَجَاهُهُ. مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَخْلَدٍ، أَبُو الْحَسَنِ التَّاجِرُ، سَمِعَ الْكَثِيرَ عَلَى الْمَشَايِخِ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَتَفَرَّدَ بِعُلُوِّ الْإِسْنَادِ، وَكَانَ ذَا مَالٍ جَزِيلٍ، فَخَافَ مِنَ الْمُصَادَرَةِ بِبَغْدَادَ، فَانْتَقَلَ إِلَى مِصْرَ، فَأَقَامَ بِهَا سَنَةً، ثُمَّ عَادَ إِلَى بَغْدَادَ فَاتَّفَقَ مُصَادَرَةُ أَهْلِ مَحَلَّتِهِ، فَقُسِّطَ عَلَيْهِ مَا أَفْقَرَهُ، وَمَاتَ حِينَ مَاتَ وَلَمْ يُوجَدْ لَهُ كَفَنٌ، رَحِمَهُ اللَّهُ. مُبَارَكٌ الْأَنْمَاطِيُّ كَانَ ذَا مَالٍ جَزِيلٍ، خَلَّفَ يَوْمَ تُوُفِّيَ ثَلَاثَمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، وَلَمْ يَتْرُكْ وَارِثًا سِوَى ابْنَةٍ وَاحِدَةٍ بِبَغْدَادَ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بِمِصْرَ. أَبُو الْفَوَارِسِ بْنُ بَهَاءِ الدَّوْلَةِ كَانَ ظَالِمًا، وَكَانَ إِذَا سَكِرَ يَضْرِبُ الرَّجُلَ مِنْ أَصْحَابِهِ أَوْ وَزِيرِهِ مِائَتَيْ مِقْرَعَةٍ، بَعْدَ أَنْ يُحَلِّفَهُ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يَتَأَوَّهُ، وَلَا يُخْبِرُ بِذَلِكَ أَحَدًا. فَيُقَالُ: إِنَّ حَوَاشِيَهُ سَمُّوهُ. فَلَمَّا مَاتَ نَادُوا
পৃষ্ঠা - ৯৭৫৭
بِشِعَارِ ابْنِ أَخِيهِ أَبِي كَالِيجَارَ. أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ بَاشَاذَ وَزِيرُ أَبِي كَالِيجَارَ، لَقَّبَهُ مُعِزَّ الدِّينِ فَلَكَ الدَّوْلَةِ، سَيِّدَ الْأُمَّةِ، وَزِيرَ الْوُزَرَاءِ، عِمَادَ الْمُلْكِ، ثُمَّ سُلِّمَ إِلَى جَلَالِ الدَّوْلَةِ فَاعْتَقَلَهُ، وَمَاتَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ. أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمُتَكَلِّمُ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ. هَكَذَا رَأَيْتُ ابْنَ الْجَوْزِيِّ تَرْجَمَهُ مُخْتَصَرًا. ابْنُ غَلْبُونَ الشَّاعِرُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْمُحْسِنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ غَالِبِ بْنِ غَلْبُونَ الشَّامِيُّ ثُمَّ الصُّورِيُّ الشَّاعِرُ الْمُطَبِّقُ، لَهُ دِيوَانُ شِعْرٍ مَلِيحٌ بَلِيغٌ، كَانَ قَدْ نَظَمَ قَصِيدَةً بَلِيغَةً فِي بَعْضِ الرُّؤَسَاءِ، ثُمَّ أَنْشَدَهَا لِرَئِيسٍ آخَرَ يُقَالُ لَهُ: ذُو الْمَنْقَبَتَيْنِ. وَزَادَ فِيهَا بَيْتًا وَاحِدًا يَقُولُ فِيهِ: وَلَكَ الْمَنَاقِبُ كَلُّهَا ... فَلِمَ اقْتَصَرْتَ عَلَى اثْنَتَيْنِ فَأَجَازَهُ جَائِزَةً سَنِيَّةً، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهَا لَيْسَتْ فِيكَ، فَقَالَ: إِنَّ هَذَا الْبَيْتَ وَحْدَهُ بِقَصِيدَةٍ.
পৃষ্ঠা - ৯৭৫৮
وَلَهُ أَيْضًا فِي بَخِيلٍ نَزَلَ عِنْدَهُ: وَأَخٍ مَسَّهُ نُزُولِي بِقَرْحٍ ... مِثْلَ مَا مَسَّنِي مِنَ الْجُوعِ قَرْحُ بِتُّ ضَيْفًا لَهُ كَمَا حَكَمَ الدَّهْ ... رُ وَفِي حُكْمِهِ عَلَى الْحُرِّ قُبْحُ فَابْتَدَانِي يَقُولُ وَهْوَ مِنَ ال ... سُّكْرِ بِالْهَمِّ طَافِحٌ لَيْسَ يَصْحُو لِمْ تَغَرَّبْتَ قَلْتُ قَالَ رَسُولُ ال ... لَّهِ وَالْقَوْلُ مِنْهُ نُصْحٌ وَنُجْحُ " «سَافَرُوا تَغْنَمُوا» " فَقَالَ وَقَدْ قَا ... لَ تَمَامَ الْحَدِيثِ «صُومُوا تَصِحُّوَا» "
পৃষ্ঠা - ৯৭৫৯
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ عِشْرِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا سَقَطَ بِنَاحِيَةِ الْمَشْرِقِ مَطَرٌ شَدِيدٌ مَعَهُ بَرَدٌ كِبَارٌ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: حُزِرَتِ الْبَرَدَةُ الْوَاحِدَةُ مِنْهُ بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ رِطْلًا، وَغَاصَتْ فِي الْأَرْضِ نَحْوًا مِنْ ذِرَاعٍ. وَرَدَ كِتَابٌ مِنْ يَمِينِ الدَّوْلَةِ مَحْمُودِ بْنِ سُبُكْتِكِينَ أَنَّهُ أَحَلَّ بِطَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الرَّيِّ مِنَ الْبَاطِنِيَّةِ وَالرَّوَافِضِ قَتْلًا ذَرِيعًا، وَصَلْبًا شَنِيعًا، وَأَنَّهُ انْتَهَبَ أَمْوَالَ رَئِيسِهِمْ رُسْتُمَ بْنِ عَلِيٍّ الدَّيْلِمِيِّ، فَحَصَّلَ مَا يُقَارِبُ أَلْفَ أَلْفِ دِينَارٍ، وَقَدْ كَانَ فِي حِبَالَتِهِ نَحْوٌ مَنْ خَمْسِينَ امْرَأَةً حُرَّةً، وَقَدْ وَلَدْنَ لَهُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَلَدًا مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى، وَكَانُوا يَرَوْنَ إِبَاحَةَ ذَلِكَ. وَفِي رَجَبٍ مِنْهَا انْقَضَتْ كَوَاكِبُ كَثِيرَةٌ شَدِيدَةُ الصَّوْتِ قَوِيَّةُ الضَّوْءِ. وَفِي شَعْبَانَ كَثُرَتِ الْعَمَلَاتُ، وَضَعُفَتْ رِجَالُ الْمَعُونَةِ عَنْ مُقَاوَمَةِ الْعَيَّارِينَ. وَفِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ ثَامِنَ عَشَرَ مِنْهُ غَارَ مَاءُ دِجْلَةَ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهُ إِلَّا الْقَلِيلُ، وَوَقَفَتِ الْأَرْحَاءُ، وَتَعَذَّرَ الطَّحْنُ.
পৃষ্ঠা - ৯৭৬০
وَفِي هَذَا الْيَوْمِ جُمِعَ الْقُضَاةُ وَالْعُلَمَاءُ فِي دَارِ الْخِلَافَةِ، وَقُرِئَ عَلَيْهِمْ كِتَابٌ جَمَعَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الْقَادِرُ بِاللَّهِ فِيهِ مَوَاعِظُ وَتَفَاصِيلُ مَذَاهِبِ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَالرَّدُّ عَلَى أَهْلِ الْبِدَعِ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ. وَفِي الْعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ جُمِعُوا أَيْضًا، وَقُرِئَ عَلَيْهِمْ كِتَابٌ آخَرُ جَمَعَهُ الْخَلِيفَةُ أَيْضًا فِيهِ أَخْبَارٌ وَمَوَاعِظُ، وَالرَّدُّ عَلَى أَهْلِ الْبِدَعِ، وَتَفْسِيقُ مَنْ قَالَ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ، وَصِفَةُ مَا وَقَعَ بَيْنَ بِشْرٍ الْمَرِيسِيِّ وَعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَحْمَدَ الْكَتَّانِيِّ مِنَ الْمُنَاظَرَةِ، ثُمَّ خَتَمَ الْقَوْلَ بِالْوَعْظِ وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَأَخَذَ خُطُوطَ الْحَاضِرِينَ بِالْمُوَافَقَةِ لِمَا سَمِعُوهُ. وَفِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ غُرَّةِ ذِي الْقَعْدَةِ جُمِعُوا أَيْضًا كُلُّهُمْ، وَقُرِئَ عَلَيْهِمْ كِتَابٌ آخَرُ طَوِيلٌ يَتَضَمَّنُ بَيَانَ السُّنَّةِ، وَالرَّدَّ عَلَى أَهْلِ الْبِدَعِ، وَمُنَاظَرَةَ بِشْرٍ الْمَرِيسِيِّ وَالْكَتَّانِيِّ، وَالْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَفَضْلَ الصَّحَابَةِ، وَذِكْرَ فَضَائِلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَلَمْ يَفْرَغُوا مِنْهُ إِلَّا بَعْدَ الْعَتَمَةِ، وَأُخِذَتْ خُطُوطُهُمْ بِمُوَافَقَةِ مَا سَمِعُوهُ، وَعُزِلَ خُطَبَاءُ الشِّيعَةِ، وَوَلِيَ خُطَبَاءُ غَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ. وَجَرَتْ فِتْنَةٌ عَظِيمَةٌ بِمَسْجِدِ بَرَاثَا، وَضَرَبُوا الْخَطِيبَ السُّنِّيَّ بِالْآجُرِّ حَتَّى كَسَرُوا أَنْفَهُ وَخَلَعُوا كَتِفَهُ، فَانْتَصَرَ لَهُ الْخَلِيفَةُ وَأَهَانَ الشِّيعَةَ وَأَذَلَّهُمْ، حَتَّى جَاءُوا يَعْتَذِرُونَ مِمَّا صَنَعُوا، وَأَنَّهُ مَا تَعَاطَاهُ إِلَّا سُفَهَاؤُهُمْ وَسَقَطُهُمْ. وَلَمْ يَتَمَكَّنْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَخُرَاسَانَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنَ الْحَجِّ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
পৃষ্ঠা - ৯৭৬১
الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْهُبَيْشِ، أَبُو عَلِيٍّ الزَّاهِدُ أَحَدُ الْعُبَّادِ وَالزُّهَّادِ وَأَصْحَابِ الْأَحْوَالِ، دَخَلَ عَلَيْهِ بَعْضُ الْوُزَرَاءِ فَقَبَّلَ يَدَهُ، فَعُوتِبَ الْوَزِيرُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: كَيْفَ لَا أُقَبِّلُ يَدًا مَا امْتَدَّتْ إِلَّا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى؟! عَلِيُّ بْنُ عِيسَى بْنِ الْفَرَجِ بْنِ صَالِحٍ، أَبُو الْحَسَنِ الرَّبَعِيُّ النَّحْوِيُّ أَخَذَ الْعَرَبِيَّةَ أَوَّلًا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ السِّيرَافِيِّ، ثُمَّ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْفَارِسِيِّ، وَلَازَمَهُ عِشْرِينَ سَنَةً حَتَّى كَانَ يَقُولُ: قُولُوا لَهُ: لَوْ سَارَ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ لَمْ يَجِدْ أَحَدًا أَنْحَى مِنْهُ. وَكَانَ يَوْمًا يَمْشِي عَلَى شَاطِئِ دِجْلَةَ إِذْ نَظَرَ إِلَى الشَّرِيفَيْنِ الرَّضِيِّ وَالْمُرْتَضَى فِي سَفِينَةٍ، وَمَعَهُمَا عُثْمَانُ بْنُ جِنِّيٍّ، فَقَالَ لَهُمَا: مِنْ أَعْجَبِ الْأَشْيَاءِ أَنَّ عُثْمَانَ مَعَكُمَا، وَعَلِيٌّ بَعِيدٌ مِنْكُمَا يَمْشِي عَلَى شَاطِئِ دِجْلَةَ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي الْمُحَرَّمِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ ثِنْتَيْنِ وَتِسْعِينَ سَنَةً، وَدُفِنَ بِبَابِ الدَّيْرِ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ لَمْ يَتْبَعْ جِنَازَتَهُ سِوَى ثَلَاثَةِ أَنْفُسٍ. أَسَدُ الدَّوْلَةِ، أَبُو عَلِيٍّ صَالِحُ بْنُ مِرْدَاسِ بْنِ إِدْرِيسَ الْكِلَابِيُّ أَوَّلُ مُلُوكِ بَنِي مِرْدَاسٍ بِحَلَبَ، انْتَزَعَهَا مِنْ يَدَيْ نَائِبِهَا الظَّاهِرِ بْنِ الْحَاكِمِ الْعُبَيْدِيِّ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، ثُمَّ جَاءَهُ جَيْشٌ كَثِيفٌ مِنْ مِصْرَ، فَاقْتَتَلُوا، فَقُتِلَ أَسَدُ الدَّوْلَةِ هَذَا فِي سَنَةِ تِسْعَ عَشْرَةَ، وَقَامَ حَفِيدُهُ نَصْرٌ.
পৃষ্ঠা - ৯৭৬২
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] لَمَّا كَانَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ تُوُفِّيَ الْمَلِكُ الْعَادِلُ، الْكَبِيرُ الْمُثَاغِرُ، الْمُرَابِطُ الْمُؤَيَّدُ، الْمَنْصُورُ الْمُجَاهِدُ، يَمِينُ الدَّوْلَةِ أَبُو الْقَاسِمِ مَحْمُودُ بْنُ سُبُكْتِكِينَ، صَاحِبُ بِلَادِ غَزْنَةَ وَتِلْكَ الْمَمَالِكِ الْكِبَارِ، وَفَاتِحُ أَكْثَرِ بِلَادِ الْهِنْدِ قَهْرًا، وَكَاسِرُ بُدُودِهِمْ وَأَوْثَانِهِمْ كَسْرًا، وَقَاهِرُ هُنُودِهِمْ وَسُلْطَانِهِمُ الْأَعْظَمِ قَهْرًا، وَقَدْ تَمَرَّضَ نَحْوًا مِنْ سَنَتَيْنِ لَمْ يَضْطَجِعْ فِيهِمَا عَلَى فِرَاشٍ وَلَا تَوَسَّدَ وِسَادًا، بَلْ كَانَ يَنَامُ قَاعِدًا حَتَّى مَاتَ كَذَلِكَ، وَذَلِكَ لِشَهَامَتِهِ وَصَرَامَتِهِ وَقُوَّةِ عَزْمِهِ، وَلَهُ مِنَ الْعُمُرِ سِتُّونَ سَنَةً، رَحِمَهُ اللَّهُ، وَقَدْ عَهِدَ بِالْأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ لِوَلَدِهِ مُحَمَّدٍ، فَلَمْ يَتِمَّ أَمْرُهُ حَتَّى غَافَصَهُ أَخُوهُ مَسْعُودُ بْنُ مَحْمُودٍ، فَاسْتَحْوَذَ عَلَى مَمَالِكِ أَبِيهِ، مَعَ مَا كَانَ إِلَيْهِ مِمَّا يَلِيَهُ وَفَتَحَهُ هُوَ بِنَفْسِهِ مِنْ بِلَادِ الْكُفَّارِ ; مِنَ الرَّسَاتِيقِ الْكِبَارِ وَالصِّغَارِ، فَاسْتَقَرَّتْ لَهُ الْمَمَالِكُ شَرْقًا وَغَرْبًا فِي تِلْكَ النَّوَاحِي فِي أَوَاخِرِ هَذَا الْعَامِ، وَجَاءَتْهُ الرُّسُلُ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ وَمِنْ كُلِّ مَلِكٍ هُمَامٍ، بِالتَّحِيَّةِ وَالسَّلَامِ وَالْإِكْرَامِ، وَسَتَأْتِي تَرْجَمَةُ الْمَلِكِ مَحْمُودٍ فِي الْوَفِيَّاتِ. وَفِيهَا اسْتَحْوَذَتِ السَّرِيَّةُ الَّتِي كَانَ بَعَثَهَا الْمَلِكُ مَحْمُودٌ إِلَى بِلَادِ الْهِنْدِ عَلَى
পৃষ্ঠা - ৯৭৬৩
أَكْبَرِ مَدَائِنِهِمْ وَهِيَ الْمُسَمَّاةُ نَرْسَى، دَخَلُوهَا فِي نَحْوِ مِائَةِ أَلْفِ مُقَاتِلٍ، مَا بَيْنَ فَارِسٍ وَرَاجِلٍ، فَنَهَبُوا سُوقَ الْعِطْرِ وَالْجَوَاهِرِ بِهَا نَهَارًا كَامِلًا، وَلَمْ يَسْتَطِيعُوا أَنْ يُحَوِّلُوا مَا فِيهِ مِنْ أَنْوَاعِ الطِّيبِ وَالْمِسْكِ وَالْجَوَاهِرِ وَاللَّآلِئِ وَالْيَوَاقِيتِ، وَمَعَ هَذَا لَمْ يَدْرِ أَكْثَرُ أَهْلِهَا بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لِاتِّسَاعِهَا، وَذَلِكَ أَنَّهَا كَانَتْ فِي غَايَةِ الْكِبَرِ، طُولُهَا مَسِيرَةُ مَنْزِلَةٍ مِنْ مَنَازِلِ الْهِنْدِ، وَعَرْضُهَا كَذَلِكَ، وَأُخِذَ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالتُّحَفِ مَا لَا يُحَدُّ وَلَا يُوصَفُ، حَتَّى قِيلَ: إِنَّهُمُ اقْتَسَمُوا الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ بِالْكَيْلِ. وَلَمْ يَصِلْ جَيْشٌ مِنْ جُيُوشِ الْمُسْلِمِينَ إِلَى هَذِهِ الْمَدِينَةِ، لَا قَبْلَ هَذِهِ السَّنَةِ وَلَا بَعْدَهَا. وَفِيهَا عَمِلَتِ الرَّافِضَةُ بِدْعَتَهُمُ الشَّنْعَاءَ، وَحَادِثَتَهُمُ الصَّلْعَاءَ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ، مِنْ تَعْلِيقِ الْمُسُوحِ، وَتَغْلِيقِ الْأَسْوَاقِ، وَالنَّوْحِ وَالْبُكَاءِ، فِي الْأَزِقَّةِ وَالْأَرْجَاءِ، فَأَقْبَلَ إِلَيْهِمْ أَهْلُ السُّنَّةِ فِي الْحَدِيدِ، وَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، فَقُتِلَ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ طَوَائِفُ كَثِيرَةٌ، وَجَرَتْ فِتَنٌ كَبِيرَةٌ، وَشُرُورٌ مُسْتَطِيرَةٌ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ مَرِضَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الْقَادِرُ بِاللَّهِ وَعَهِدَ بِوِلَايَةِ الْعَهْدِ مِنْ بَعْدِهِ إِلَى وَلَدِهِ أَبِي جَعْفَرٍ الْقَائِمِ بِأَمْرِ اللَّهِ بِمَحْضَرٍ مِنَ الْقُضَاةِ وَالْوُزَرَاءِ وَالْأُمَرَاءِ وَالْكُبَرَاءِ، وَخُطِبَ لَهُ بِذَلِكَ عَلَى الْمَنَابِرِ، وَضُرِبَ اسْمُهُ عَلَى السِّكَّةِ الْمُتَعَامَلِ بِهَا فِي الْبَادِي وَالْحَاضِرِ. وَفِيهَا أَقْبَلَ مَلِكُ الرُّومِ مِنْ قُسْطَنْطِينِيَّةَ فِي ثَلَاثِمِائَةِ أَلْفِ مُقَاتِلٍ، فَسَارَ حَتَّى
পৃষ্ঠা - ৯৭৬৪
بَلَغَ بِلَادَ حَلَبَ وَعَلَيْهَا شِبْلُ الدَّوْلَةِ نَصْرُ بْنُ صَالِحِ بْنِ مِرْدَاسٍ، فَنَزَلُوا عَلَى مَسِيرَةِ يَوْمٍ مِنْهَا، وَمِنْ عَزْمِ مَلِكِ الرُّومِ - قَبَّحَهُ اللَّهُ - أَنْ يَسْتَحْوِذَ عَلَى بِلَادِ الشَّامِ بِكَمَالِهَا، وَأَنْ يَسْتَرِدَّهَا إِلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ فِي أَيْدِيهِمْ قَبْلَ الْإِسْلَامِ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلَا قَيْصَرَ بَعْدَهُ» وَقَيْصَرُ هُوَ مَنْ مَلَكَ الشَّامَ مَعَ بِلَادِ الرُّومِ، فَلَا سَبِيلَ لِمَلِكِ الرُّومِ إِلَى هَذَا الرَّوْمِ الَّذِي أَرَادَهُ هَذَا الْمَذْمُومُ، فَلَمَّا نَزَلَ بِجَيْشِهِ قَرِيبًا مِنْ حَلَبَ كَمَا ذَكَرْنَا، أَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَطَشًا شَدِيدًا، وَخَالَفَ بَيْنَ كَلِمَتِهِمْ ; وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ مَعَهُ الدُّمُسْتُقُ، فَعَامَلَ طَائِفَةً مِنَ الْجَيْشِ عَلَى قَتْلِهِ لِيَسْتَقِلَّ بِالْأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ، فَفَهِمَ ذَلِكَ مَلِكُ الرُّومِ، فَكَرَّ مِنْ فَوْرِهِ رَاجِعًا {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا} [الأحزاب: 25] وَلَمَّا كَرُّوا رَاجِعِينَ إِلَى بِلَادِهِمْ، اتَّبَعَهُمُ الْأَعْرَابُ يَنْهَبُونَهُمْ لَيْلًا وَنَهَارًا وَصَبَاحًا وَمَسَاءً، وَهَلَكَ أَكْثَرُ الرُّومِ جُوعًا وَعَطَشًا، وَنَهْبَهُمُ الْأَعْرَابُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ. وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. وَفِيهَا مَلَكَ جَلَالُ الدَّوْلَةِ وَاسِطًا وَاسْتَنَابَ وَلَدَهُ عَلَيْهَا، وَبَعَثَ وَزِيرَهُ أَبَا عَلِيِّ بْنَ مَاكُولَا إِلَى الْبَطَائِحِ وَالْبَصْرَةِ، فَفَتَحَ الْبَطَائِحَ وَسَارَ فِي الْمَاءِ إِلَى الْبَصْرَةِ وَعَلَيْهَا نَائِبٌ لِأَبِي كَالِيجَارَ، فَهَزَمَهُمُ الْبَصْرِيُّونَ، فَسَارَ إِلَيْهِمْ جَلَالُ الدَّوْلَةِ بِنَفْسِهِ، فَدَخَلَهَا فِي شَعْبَانِ هَذِهِ السَّنَةِ، وَدُقَّتِ الْبَشَائِرُ فَرَحًا بِبَغْدَادَ ; فَرَحًا بِنَصْرِهِ. وَفِيهَا جَاءَ سَيْلٌ عَظِيمٌ بِغَزْنَةَ، فَأَهْلَكَ شَيْئًا كَثِيرًا مِنَ الزُّرُوعِ وَالْأَشْجَارِ. وَفِي رَمَضَانَ مِنْهَا تَصَدَّقَ مَسْعُودُ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ سُبُكْتِكِينَ بِأَلْفِ أَلْفِ
পৃষ্ঠা - ৯৭৬৫
دِرْهَمٍ وَأَجْرَى أَرْزَاقًا لِلْفُقَهَاءِ وَالْعُلَمَاءِ بِبِلَادِهِ، عَلَى عَادَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلِهِ، وَفَتَحَ بُلْدَانًا كَثِيرَةً، وَاتَّسَعَتْ مَمَالِكُهُ جِدًّا، وَعَظُمَ شَأْنُهُ وَقَوِيَتْ أَرْكَانُهُ، وَكَثُرَتْ جُنُودُهُ وَأَعْوَانُهُ. وَفِيهَا دَخَلَ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ الْأَكْرَادِ إِلَى بَغْدَادَ يَسْرِقُونَ خَيْلَ الْأَتْرَاكِ لَيْلًا، فَتَحَصَّنَ النَّاسُ مِنْهُمْ، وَحَصَّنُوا خُيُولَهُمْ حَتَّى خَيْلَ السُّلْطَانِ. وَفِيهَا سَقَطَ جِسْرٌ بِبَغْدَادَ، وَهُوَ الَّذِي عِنْدَ الزَّيَّاتِينَ عَلَى نَهْرِ عِيسَى. وَفِيهَا وَقَعَتْ فِتْنَةٌ بَيْنَ الْأَتْرَاكِ النَّازِلِينَ بِبَابِ الْبَصْرَةِ وَبَيْنَ الْهَاشِمِيِّينَ، فَرَفَعُوا الْمَصَاحِفَ، وَرَمَتْهُمُ الْأَتْرَاكُ بِالنُّشَّابِ، وَجَرَتْ خَبْطَةٌ عَظِيمَةٌ، ثُمَّ اصْطَلَحَتِ الْحَالُ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ. وَفِيهَا كَثُرَتِ الْعَمَلَاتُ بِبَغْدَادَ، وَأُخِذَتِ الدُّورُ جَهْرَةً، وَكَثُرَ الْعَيَّارُونَ وَلُصُوصُ الْأَكْرَادِ. وَفِيهَا تَعَطَّلَ الْحَجُّ أَيْضًا مِنْ بِلَادِ الْعِرَاقِ وَخُرَاسَانَ لِفَسَادِ الْبِلَادِ، وَلَمْ يَحُجَّ أَحَدٌ سِوَى سَرِيَّةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ ; رَكِبُوا مِنْ جِمَالِ الْبَادِيَةِ مَعَ الْأَعْرَابِ مُخَاطَرَةً، فَفَازُوا بِالْحَجِّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] ذِكْرُ مَنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنَ الْأَعْيَانِ: أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ، أَبُو الْحَسَنِ الْوَاعِظُ، الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الرَّانِ
পৃষ্ঠা - ৯৭৬৬
صَاحِبُ كَرَامَاتٍ وَمُعَامَلَاتٍ، كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَزِيرَةِ فَسَكَنَ دِمَشْقَ وَكَانَ يَعِظُ النَّاسَ بِالزِّيَادَةِ الْقِبَلِيَّةِ حَيْثُ كَانَ يَجْلِسُ الْقُصَّاصُ. قَالَ ذَاكَ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ. قَالَ: وَصَنَّفَ كُتُبًا فِي الْوَعْظِ، وَحَكَى حِكَايَاتٍ كَثِيرَةً، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمِ بْنَ السَّمَرْقَنْدِيِّ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا طَاهِرٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي صَقْرٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ أَحْمَدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الرَّانِ الْوَاعِظَ يُنْشِدُ أَبْيَاتًا: أَنَا مَا أَصْنَعُ بِاللَّذَّ ... اتِ شُغْلِي بِالذُّنُوبِ إِنَّمَا الْعِيدُ لِمَنْ فَا ... زَ بِوَصْلٍ مِنْ حَبِيبِ أَصْبَحَ النَّاسُ عَلَى رَوْ ... حٍ وَرَيْحَانٍ وَطِيبِ ثُمَّ أَصْبَحْتُ عَلَى نَوْ ... حٍ وَحُزْنٍ وَنَحِيبَ فَرِحُوا حِينَ أَهَلُّوا ... شَهْرَهُمْ بَعْدَ الْمَغِيبِ وَهِلَالِي مُتَوَارٍ ... مِنْ وَرَا حُجْبِ الْغُيُوبِ فَلِهَذَا يَا خَلِيلِي ... قُلْتُ لِلذَّاتِ غِيبِي وَجَعَلْتُ الْهَمَّ وَالْحُزْ ... نَ مِنَ الدُّنْيَا نَصِيبِي يَا حَيَاتِي وَمَمَاتِي ... وَشَقَائِي وَطَبِيبِي جُدْ لِصَبٍّ يَتَلَظَّى ... مِنْكَ بِالرَّحْبِ الرَّحِيبِ ثُمَّ أَرَّخَ وَفَاتَهُ لِعَشْرٍ بَقِينَ مِنْ جُمَادَى الْأُولَى مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَدُفِنَ بِمَسْجِدِ الْقِدَمِ.
পৃষ্ঠা - ৯৭৬৭
الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَالِعُ الشَّاعِرُ، لَهُ دِيوَانُ شِعْرٍ حَسَنٌ مَلِيحٌ، عَمَّرَ طَوِيلًا، وَوَفَاتُهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ سِنٍّ عَالِيَةٍ. الْمَلِكُ الْكَبِيرُ الْعَادِلُ مَحْمُودُ بْنُ سُبُكْتِكِينَ، أَبُو الْقَاسِمِ، الْمُلَقَّبُ بِيَمِينِ الدَّوْلَةِ وَأَمِينِ الْمِلَّةِ صَاحِبُ بِلَادِ غَزْنَةَ وَمَا وَالَاهَا، وَجَيْشُهُ يُقَالُ لَهُمْ: السَّامَانِيَّةُ. وَكَانَ أَبُوهُ قَدْ تَمَلَّكَ عَلَيْهِمْ، وَتُوَفِّي سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، فَتَمَلَّكَ بَعْدَهُ وَلَدُهُ هَذَا، فَسَارَ فِيهِمْ وَفِي سَائِرِ الرَّعَايَا سِيرَةً عَادِلَةً، وَقَامَ بِأَعْبَاءِ الْإِسْلَامِ قِيَامًا تَامًّا، وَفَتَحَ فُتُوحَاتٍ كَثِيرَةً فِي بِلَادِ الْهِنْدِ وَغَيْرِهَا وَعَظُمَ شَأْنُهُ فِي الْعَالَمِينَ، وَاتَّسَعَتْ مَمْلَكَتُهُ وَامْتَدَّتْ رَعَايَاهُ وَطَالَتْ أَيَّامُهُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. وَكَانَ يَخْطُبُ فِي سَائِرِ مَمَالِكِهِ لِلْخَلِيفَةِ الْعَبَّاسِيِّ الْقَادِرِ بِاللَّهِ وَكَانَتْ رُسُلُ الْفَاطِمِيِّينَ مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ تَفِدُ إِلَيْهِ بِالْكُتُبِ وَالْهَدَايَا وَالتُّحَفِ، فَيُحْرِقُ بِهِمْ، وَيُقَطِّعُ كُتُبَهُمْ، وَيُخَرِّقُ حِلَلَهُمْ. وَقَدِ اتَّفَقَ لَهُ فِي بِلَادِ الْهِنْدِ فُتُوحَاتٌ لَمْ تَتَّفِقْ لِغَيْرِهِ مِنَ الْمُلُوكِ، لَا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ، وَغَنِمَ مَغَانِمَ كَثِيرَةً لَا تَنْحَصِرُ وَلَا تَنْضَبِطُ كَثْرَةً، مِنَ الذَّهَبِ وَاللَّآلِئِ وَالسَّبْيِ، وَكَسَّرَ مِنْ أَصْنَامِهِمْ وَأَبْدَادِهِمْ
পৃষ্ঠা - ৯৭৬৮
وَأَوْثَانِهِمْ شَيْئًا كَثِيرًا جِدًّا، بَيَّضَ اللَّهُ وَجْهَهُ وَأَكْرَمَ مَثْوَاهُ، وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ مُفَصَّلًا فِيمَا سَلَفَ مُفَرَّقًا فِي السِّنِينَ، كَانَ فِي جُمْلَةِ مَا كَسَرَ مِنْ أَصْنَامِهِمْ بُدٌّ عَظِيمٌ لِلْيَهُودِ يُقَالُ لَهُ: سُومَنَاتُ. بَلَغَ مَا تَحَصَّلَ مِنْهُ مِنَ الذَّهَبِ عِشْرِينَ أَلْفَ أَلْفِ دِينَارٍ، وَكَسَرَ مَلِكَ الْهِنْدِ الْكَبِيرَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: جِيبَالُ. وَقَهَرَ مَلِكَ التُّرْكِ الْأَعْظَمَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: إِيلَكُ خَانَ. وَأَبَادَ مُلْكَ السَّامَانِيَّةِ، وَقَدْ مَلَكُوا بِخُرَاسَانَ مِائَةَ سَنَةٍ بِلَادَ سَمَرْقَنْدَ وَمَا حَوْلَهَا، ثُمَّ هَلَكُوا، وَبَنَى عَلَى جَيْحُونَ جِسْرًا غَرِمَ عَلَيْهِ أَلْفَيْ أَلْفِ دِينَارٍ، وَهَذَا شَيْءٌ لَمْ يَتَّفِقْ لِغَيْرِهِ مِنَ الْمُلُوكِ، وَكَانَ مَعَهُ فِي جَيْشِهِ أَرْبَعُمِائَةِ فِيلٍ تُقَاتِلُ، وَهَذِهِ عَظِيمَةٌ هَائِلَةٌ وَمَرْتَبَةٌ طَائِلَةٌ، وَجَرَتْ لَهُ فُصُولٌ ذِكْرُ تَفْصِيلِهَا يَطُولُ. وَكَانَ فِي غَايَةِ الدِّيَانَةِ وَالصِّيَانَةِ يُحِبُّ الْعُلَمَاءَ وَالْمُحَدِّثِينَ، وَيُكْرِمُهُمْ، وَيُجَالِسُهُمْ، وَيُحْسِنُ إِلَيْهِمْ، وَكَانَ حَنَفِيَّ الْمَذْهَبِ، ثُمَّ صَارَ شَافِعِيًّا عَلَى يَدَيْ أَبِي بَكْرٍ الْقَفَّالِ الصَّغِيرِ، عَلَى مَا ذَكَرَهُ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَغَيْرُهُ، وَكَانَ كَرَّامِيًّا عَلَى اعْتِقَادِهِمْ، وَكَانَ مِنْ جُمْلَةِ مَنْ يُجَالِسُهُ مِنْهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ الْهَيْضَمِ، وَتَنَاظَرَ هُوَ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكَ بَيْنَ يَدَيِ الْمَلِكِ مَحْمُودِ بْنِ سُبُكْتِكِينَ فِي مَسْأَلَةِ الْعَرْشِ مُنَاظَرَةً طَوِيلَةً، ذَكَرَهَا ابْنُ الْهَيْضَمِ فِي مُصَنَّفٍ لَهُ، فَمَالَ السُّلْطَانُ مَحْمُودُ بْنُ سُبُكْتِكِينَ إِلَى قَوْلِ ابْنِ الْهَيْضَمِ، وَنَقَمَ عَلَى ابْنِ فُورَكَ كَلَامَهُ، وَأَمَرَ بِطَرْدِهِ وَإِخْرَاجِهِ ; لِمُوَافَقَتِهِ لِرَأْيِ الْجَهْمِيَّةِ. وَكَانَتْ مَعْدِلَتُهُ جَيِّدَةً ; اشْتَكَى إِلَيْهِ رَجُلٌ أَنَّ ابْنَ أُخْتِ الْمَلِكِ يَهْجِمُ عَلَيْهِ وَعَلَى أَهْلِهِ فِي كُلِّ وَقْتٍ، فَيُخْرِجُهُ مِنَ الْبَيْتِ وَيَخْتَلِي بِامْرَأَتِهِ، وَقَدْ حَارَ فِي أَمْرِهِ، وَكُلَّمَا اشْتَكَاهُ إِلَى أَحَدٍ مِنْ أُولِي الْأَمْرِ لَا يَتَجَاسَرُ عَلَى إِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ ; يَهَابُونَ الْمَلِكَ. فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: وَيْحَكَ! مَتَى جَاءَكَ فَائْتِنِي فَأَعْلِمْنِي، وَلَا تَسْمَعْنَ مِنْ أَحَدٍ مَنَعَكَ مِنَ الْوُصُولِ إِلَيَّ، وَلَوْ كَانَ فِي اللَّيْلِ. وَتَقَدَّمَ إِلَى الْحَجَبَةِ
পৃষ্ঠা - ৯৭৬৯
أَنَّ هَذَا لَا يَمْنَعُهُ أَحَدٌ مَتَى جَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ. فَذَهَبَ الرَّجُلُ مَسْرُورًا، فَمَا كَانَ إِلَّا لَيْلَةٌ أَوْ لَيْلَتَانِ حَتَّى هَجَمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ الشَّابُّ فَأَخْرَجَهُ وَاخْتَلَى بِأَهْلِهِ، فَذَهَبَ بَاكِيًا إِلَى دَارِ الْمَلِكِ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ الْمَلِكَ نَائِمٌ. فَقَالَ: قَدْ تَقَدَّمَ إِلَيْكُمْ بِمَا سَمِعْتُمْ، فَأَنْبَهُوا الْمَلِكَ، فَخَرَجَ مَعَهُ بِنَفْسِهِ وَحْدَهُ، وَجَاءَ مَنْزِلَ ذَلِكَ الرَّجُلِ، فَنَظَرَ إِلَى الْغُلَامِ وَهُوَ نَائِمٌ مَعَ الْمَرْأَةِ فِي فِرَاشِ الرَّجُلِ، وَعِنْدَهُمَا شَمْعَةٌ تَقِدُ، فَتَقَدَّمَ الْمَلِكُ فَأَطْفَأَ الضَّوْءَ، ثُمَّ جَاءَ فَاحْتَزَّ رَأْسَ الْغُلَامِ، وَقَالَ لِلرَّجُلِ: وَيْحَكَ! أَلْحَقَنِي بِشَرْبَةٍ مِنْ مَاءٍ، فَسَقَاهُ، ثُمَّ انْطَلَقَ لِيَذْهَبَ، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: سَأَلْتُكَ بِاللَّهِ لِمَ أَطْفَأْتَ الشَّمْعَةَ؟ فَقَالَ: وَيْحَكَ! إِنَّهُ ابْنُ أُخْتِي، وَكَرِهْتُ أَنْ أُشَاهِدَهُ حَالَ الذَّبْحِ. قَالَ: وَلِمَ طَلَبْتَ الْمَاءَ سَرِيعًا؟ فَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ آلَيْتُ مُنْذُ أَخْبَرْتَنِي أَنْ لَا أَطْعَمَ طَعَامًا وَلَا أَشْرَبَ شَرَابًا حَتَّى أَقُومَ بِحَقِّكَ، فَكُنْتُ عَطْشَانَ هَذِهِ الْأَيَّامَ، حَتَّى كَانَ مَا رَأَيْتُ. فَدَعَا لَهُ، وَانْصَرَفَ، رَحِمَهُ اللَّهُ. وَكَانَ مَرَضُهُ سُوءَ مِزَاجٍ اعْتَرَاهُ وَانْطِلَاقَ الْبَطْنِ سَنَتَيْنِ، فَكَانَ فِيهِمَا لَا يَضْطَجِعُ عَلَى فِرَاشٍ، وَلَا يَتَّكِئُ عَلَى شَيْءٍ لِقُوَّةِ بَأْسِهِ، بَلْ كَانَ يَسْتَنِدُ إِلَى مَخَادَّ تُوضَعُ لَهُ، وَيَحْضُرُ مَجْلِسَ مُلْكِهِ، وَيَفْصِلُ بَيْنَ النَّاسِ عَلَى عَادَتِهِ، حَتَّى مَاتَ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي يَوْمِ الْخَمِيسِ لِسَبْعٍ بَقِينَ مِنْ رَبِيعٍ الْآخَرِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، عَنْ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً، مَلَكَ مِنْهَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ سَنَةً، وَخَلَّفَ مِنَ الْأَمْوَالِ شَيْئًا كَثِيرًا، مِنْ ذَلِكَ سَبْعُونَ رَطْلًا مِنْ جَوْهَرٍ، سَامَحَهُ اللَّهُ تَعَالَى. وَقَامَ بِالْأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ وَلَدُهُ مُحَمَّدٌ، ثُمَّ صَارَ الْمُلْكُ إِلَى ابْنِهِ الْآخَرِ مَسْعُودِ بْنِ مَحْمُودٍ، فَأَشْبَهَ أَبَاهُ، وَقَدْ صَنَّفَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مُجَلَّدًا فِي سِيرَتِهِ وَأَيَّامِهِ وَفُتُوحَاتِهِ وَمَمَالِكِهِ، فَأَفَادَ.