আল বিদায়া ওয়া আন্নিহায়া

পৃষ্ঠা - ৯৬৭৩
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثِنْتَيْنِ وَأَرْبَعِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِي الْمُحَرَّمِ أَذِنَ فَخْرُ الْمُلْكِ لِلرَّوَافِضِ أَنْ يَعْمَلُوا الْبِدْعَةَ الشَّنْعَاءَ، وَالْفَضِيحَةَ الصَّلْعَاءَ، مِنَ الِانْتِحَابِ وَالنَّوْحِ وَالْبُكَاءِ، وَتَعْلِيقِ الْمُسُوحِ، وَتَغْلِيقِ الْأَسْوَاقِ مِنَ الصَّبَاحِ إِلَى الْمَسَاءِ، وَدَوَرَانِ النِّسَاءِ حَاسِرَاتٍ عَنْ وُجُوهِهِنَّ وَرُءُوسِهِنَّ، يَلْطِمْنَ خُدُودَهُنَّ، كَفِعْلِ الْجَاهِلِيَّةِ الْجَهْلَاءِ، فَلَا جَزَاهُ اللَّهُ عَنِ السُّنَّةِ خَيْرًا، وَسَوَّدَ اللَّهُ وَجْهَهُ يَوْمَ الْجَزَاءِ، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاءِ، رَبُّ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ. وَفِي رَبِيعٍ الْآخَرِ أَمَرَ الْقَادِرُ بِاللَّهِ بِعِمَارَةِ مَسْجِدِ الْكَفِّ بِقَطِيعَةِ الدَّقِيقِ، وَأَنْ يُعَادَ إِلَى أَحْسَنِ مَا كَانَ، فَفُعِلَ ذَلِكَ وَزُخْرِفَ زَخْرَفَةً عَظِيمَةً جِدًّا. ذِكْرُ الطَّعْنِ فِي نَسَبِ الْفَاطِمِيِّينَ، مِنْ أَئِمَّةِ بَغْدَادَ وَغَيْرِهَا مِنَ الْبِلَادِ وَفِي رَبِيعٍ الْآخَرِ مِنْهَا كَتَبَ هَؤُلَاءِ بِبَغْدَادَ مَحَاضِرَ تَتَضَمَّنُ الطَّعْنَ وَالْقَدْحَ فِي نَسَبِ الْخُلَفَاءِ الْمِصْرِيِّينَ الَّذِينَ يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ فَاطِمِيُّونَ وَلَيْسُوا كَذَلِكَ، وَنِسْبَتُهُمْ إِلَى دَيْصَانَ بْنِ سَعِيدٍ الْخُرَّمِيِّ، وَكَتَبَ فِي ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَالْقُضَاةِ
পৃষ্ঠা - ৯৬৭৪
وَالْفُقَهَاءِ وَالْأَشْرَافِ وَالْأَمَاثِلِ وَالْمُعَدِّلِينَ وَالصَّالِحِينَ، شَهِدُوا جَمِيعًا أَنَّ النَّاجِمَ بِمِصْرَ - وَهُوَ مَنْصُورُ بْنُ نِزَارٍ الْمُلَقَّبُ بِالْحَاكِمِ، حَكَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِالْبَوَارِ، وَالْخِزْيِ وَالدَّمَارِ، وَالنَّكَالِ وَالِاسْتِئْصَالِ، ابْنِ مَعَدِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدٍ، لَا أَسْعَدَهُ اللَّهُ، فَإِنَّهُ لَمَّا صَارَ إِلَى بِلَادِ الْمَغْرِبِ تَسَمَّى بِعُبَيْدِ اللَّهِ، وَتَلَقَّبُ بِالْمَهْدِيِّ - وَمَنْ تَقَدَّمَ مِنْ سَلَفِهِ مِنَ الْأَنْجَاسِ وَالْأَرْجَاسِ - عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَلَعْنَةُ اللَّاعِنِينَ - أَدْعِيَاءُ خَوَارِجُ لَا نَسَبَ لَهُمْ فِي وَلَدِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالَبٍ وَلَا يَتَعَلَّقُونَ بِسَبَبٍ، وَأَنَّهُ مُنَزَّهٌ عَنْ بَاطِلِهِمْ، وَأَنَّ الَّذِي ادَّعَوْهُ مِنَ الِانْتِسَابِ إِلَيْهِ بَاطِلٌ وَزُورٌ، وَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ بُيُوتَاتِ الطَّالِبِيِّينَ تَوَقَّفَ عَنْ إِطْلَاقِ الْقَوْلِ فِي هَؤُلَاءِ الْخَوَارِجِ أَنَّهُمْ أَدْعِيَاءُ، وَقَدْ كَانَ هَذَا الْإِنْكَارُ لِبَاطِلِهِمْ شَائِعًا فِي الْحَرَمَيْنِ، وَفِي أَوَّلِ أَمْرِهِمْ بِالْمَغْرِبِ مُنْتَشِرًا انْتِشَارًا يَمْنَعُ أَنْ يُدَلِّسَ عَلَى أَحَدٍ كَذِبُهُمْ، أَوْ يَذْهَبَ وَهْمٌ إِلَى تَصْدِيقِهِمْ فِيمَا ادَّعَوْهُ، وَأَنَّ هَذَا النَّاجِمَ بِمِصْرَ هُوَ وَسَلَفُهُ كَفَّارٌ فُسَّاقٌ فُجَّارٌ، مُلْحِدُونَ زَنَادِقَةٌ مُعَطِّلُونَ، وَلِلْإِسْلَامِ جَاحِدُونَ، وَلِمَذْهَبِ الثَّنَوِيَّةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ مُعْتَقِدُونَ، قَدْ عَطَّلُوا الْحُدُودَ، وَأَبَاحُوا الْفُرُوجَ، وَأَحَلُّوا الْخُمُورَ، وَسَفَكُوا الدِّمَاءَ، وَسَبُّوا الْأَنْبِيَاءَ، وَلَعَنُوا السَّلَفَ، وَادَّعَوُا الرُّبُوبِيَّةَ، وَكَتَبَ فِي رَبِيعٍ الْآخَرِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِمِائَةٍ. وَقَدْ كَتَبَ خَطَّهُ فِي الْمَحْضَرِ خَلْقٌ كَثِيرٌ، فَمِنَ الْعَلَوِيِّينَ: الْمُرْتَضَى وَالرَّضِيُّ وَابْنُ الْأَزْرَقِ الْمُوسَوِيُّ، وَأَبُو طَاهِرِ بْنُ أَبِي الطَّيِّبِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ، وَابْنُ أَبِي يَعْلَى. وَمِنَ الْقُضَاةِ: أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ الْأَكْفَانِيِّ، وَأَبُو الْقَاسِمِ الْخَزَرِيُّ، وَأَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ السُّورِيِّ. وَمِنَ الْفُقَهَاءِ: أَبُو حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدِ بْنُ
পৃষ্ঠা - ৯৬৭৫
الْكَشْفُلِيِّ وَأَبُو الْحُسَيْنِ الْقُدُورِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصَّيْمَرِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَيْضَاوِيُّ، وَأَبُو عَلِيِّ بْنُ حَمَكَانَ. وَمِنَ الشُّهُودِ: أَبُو الْقَاسِمِ التَّنُوخِيُّ، فِي خَلْقٍ كَثِيرٍ، وَقُرِئَ بِالْبَصْرَةِ وَكَتَبَ فِيهِ خَلْقٌ كَثِيرٌ. هَذِهِ عِبَارَةُ أَبِي الْفَرَجِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ. قُلْتُ: وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَؤُلَاءِ أَدْعِيَاءُ، كَمَا ذَكَرَ هَؤُلَاءِ السَّادَةُ الْعُلَمَاءُ، وَالْأَئِمَّةُ الْفُضَلَاءُ، وَأَنَّهُمْ لَا نَسَبَ لَهُمْ إِلَى عَلِيٍّ وَلَا إِلَى فَاطِمَةَ كَمَا يَزْعُمُونَ، قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ لِلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ حِينَ أَرَادَ الدُّخُولَ إِلَى الْعِرَاقِ، وَذَلِكَ عَنْ كُتُبِ عَوَامِّ أَهْلِ الْكُوفَةِ إِلَيْهِ بِالْبَيْعَةِ لَهُ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: لَا تَذْهَبُ إِلَيْهِمْ، فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكَ أَنْ تُقْتَلَ، وَإِنَّ جَدَّكَ قَدْ خُيِّرَ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَاخْتَارَ الْآخِرَةَ عَلَى الدُّنْيَا، وَأَنْتَ بُضْعَةٌ مِنْهُ، وَإِنَّهُ وَاللَّهِ لَا تَنَالُهَا لَا أَنْتَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ. فَهَذَا الْكَلَامُ الْحَسَنُ الصَّحِيحُ الْمُتَوَجِّهُ الْمَعْقُولُ مِنْ هَذَا الصَّحَابِيِّ الْجَلِيلِ، يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَلِي الْخِلَافَةَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ إِلَّا مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْمَهْدِيَّ، الَّذِي يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ وَقْتَ نُزُولِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ، كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ مُفَصَّلًا فِي أَحَادِيثِ الْمَلَاحِمِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَدْ مَلَكُوا دِيَارَ مِصْرَ مُدَّةً طَوِيلَةً، فَدَلَّ ذَلِكَ دَلَالَةً قَوِيَّةً ظَاهِرَةً أَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ بَيْتِ النُّبُوَّةِ، كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ سَادَةُ الْقُضَاةِ وَالشُّهُودِ وَالْفُقَهَاءِ وَالْكُبَرَاءِ، وَقَدْ صَنَّفَ الْقَاضِي الْبَاقِلَّانِيُّ كِتَابًا فِي الرَّدِّ عَلَى هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الْمُنْتَسِبِينَ إِلَى الْفَاطِمِيِّينَ وَسَمَّاهُ " كَشْفَ الْأَسْرَارِ وَهَتْكَ الْأَسْتَارِ " نَثَرَ فِيهِ فَضَائِحَهُمْ وَقَبَائِحَهُمْ، وَوَضَّحَ أَمْرَهُمْ لِكُلِّ أَحَدٍ يَفْهَمُ شَيْئًا مِنْ مَطَاوِي أَفْعَالِهِمْ وَأَقْوَالِهِمْ، وَقَدْ كَانَ يَقُولُ فِي عِبَارَتِهِ: هَؤُلَاءِ قَوْمٌ
পৃষ্ঠা - ৯৬৭৬
يُظْهِرُونَ الرَّفْضَ وَيُبْطِنُونَ الْكُفْرَ الْمَحْضَ. وَفِي رَجَبٍ وَشَعْبَانَ وَرَمَضَانَ أَخْرَجَ الْوَزِيرُ فَخْرُ الْمُلْكِ صَدَقَاتٍ كَثِيرَةٍ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْمُقِيمِينَ بِالْمَشَاهِدِ وَالْمَقَابِرِ، وَزَارَ بِنَفْسِهِ الْمَسَاجِدَ وَالْمَشَاهِدَ، وَأَخْرَجَ خَلْقًا مِنَ الْمَسْجُونِينَ بِالْحُبُوسِ، وَأَظْهَرَ نُسُكًا كَثِيرًا، وَعَمَّرَ دَارًا عَظِيمَةً عِنْدَ سُوقِ الدَّقِيقِ هَائِلَةً. وَفِي شَوَّالٍ عَصَفَتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ سَوْدَاءُ، فَقَصَفَتْ كَثِيرًا مِنَ النَّخْلِ، أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةِ آلَافٍ. وَوَرَدَ كِتَابٌ مِنْ يَمِينِ الدَّوْلَةِ مَحْمُودِ بْنِ سُبُكْتِكِينَ صَاحِبِ غَزْنَةَ أَيَّدَهُ اللَّهُ تَعَالَى، بِأَنَّهُ رَكِبَ بِجَيْشِهِ إِلَى دَارِ الْعَدُوِّ، فَاجْتَازَ بِهِمْ فِي مَفَازَةٍ، فَأَعْوَزَهُمْ فِيهَا الْمَاءُ حَتَّى كَادُوا أَنْ يَهْلِكُوا عَطَشًا، فَبَعَثَ اللَّهُ لَهُمْ سَحَابَةً، فَأَمْطَرَتْ عَلَيْهِمْ حَتَّى شَرِبُوا وَرَوُوا، ثُمَّ تَوَاقَفُوا هُمْ وَعَدُوُّهُمْ، وَمَعَ الْأَعْدَاءِ نَحْوٌ مِنْ سِتِّمِائَةِ فِيلٍ، فَهَزَمُوهُمْ، وَغَنِمُوا شَيْئًا كَثِيرًا مِنَ الْأَمْوَالِ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. وَعَمِلَتِ الشِّيعَةُ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ - وَهُوَ الْيَوْمُ الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ - الْبِدْعَةَ الَّتِي ابْتَدَعُوهَا لَا لِابْتِغَاءِ وَجْهِ اللَّهِ، وَزُيِّنَتِ الْحَوَانِيتُ، وَتَمَكَّنُوا بِسَبَبِ الْوَزِيرِ وَكَثِيرٍ مِنَ الْأَتْرَاكِ تَمَكُّنًا كَثِيرًا. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: الْحَسَنُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي سَهْلِ بْنِ نُوبَخْتَ، أَبُو مُحَمَّدٍ النُوبَخْتِيُّ الْكَاتِبُ وُلِدَ سَنَةَ عِشْرِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَرَوَى عَنْ
পৃষ্ঠা - ৯৬৭৭
الْمَحَامِلِيِّ وَغَيْرِهِ، وَعَنْهُ الْبَرْقَانِيُّ، وَقَالَ: كَانَ شِيعِيًّا مُعْتَزِلِيًّا، إِلَّا أَنَّهُ تَبَيَّنَ لِي أَنَّهُ كَانَ صَدُوقًا. وَالْأَزْهَرِيُّ، وَقَالَ: كَانَ رَافِضِيًّا رَدِيءَ الْمَذْهَبِ. وَقَالَ الْعَتِيقِيُّ: كَانَ ثِقَةً فِي الْحَدِيثِ وَيَذْهَبُ إِلَى الِاعْتِزَالِ. عُثْمَانُ بْنُ عِيسَى، أَبُو عَمْرٍو الْبَاقِلَّانِيُّ أَحَدُ الزُّهَّادِ الْكِبَارِ الْمَشْهُورِينَ، كَانَتْ لَهُ نَخَلَاتٌ يَأْكُلُ مِنْهُنَّ، وَيَعْمَلُ بِيَدِهِ فِي الْبَوَارِيِّ، وَيَأْكُلُ مِنْ ذَلِكَ، وَكَانَ فِي غَايَةِ الزَّهَادَةِ وَالْعِبَادَةِ الْكَثِيرَةِ، وَكَانَ لَا يَخْرُجُ مِنْ مَسْجِدِهِ إِلَّا مِنَ الْجُمُعَةِ إِلَى الْجُمُعَةِ، يُصَلِّي فِي الْجَامِعِ، ثُمَّ يَعُودُ إِلَى مَسْجِدِهِ، وَكَانَ مَسْجِدُهُ لَا يَحْصُلُ لَهُ شَيْءٌ يُشْعِلُهُ فِيهِ، فَطَلَبَ مِنْهُ بَعْضُ الْأُمَرَاءِ أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ شَيْئًا وَلَوْ زَيْتًا يُشْعِلُهُ فِي قَنَادِيلِهِ، فَأَبَى الشَّيْخُ ذَلِكَ. وَلَمَّا مَاتَ رَأَى بَعْضُهُمْ بَعْضَ الْأَمْوَاتِ مِنْ جِيرَانِ قَبْرِهِ، فَسَأَلَهُ عَنْ جِوَارِهِ، فَقَالَ: وَأَيْنَ هُوَ؟! لَمَّا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ سَمِعْنَا قَائِلًا يَقُولُ: الْفِرْدَوْسَ الْأَعْلَى. أَوْ كَمَا قَالَ. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي رَجَبٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ سِتَّةٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً. مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ بْنِ فَرْوَةَ بْنِ نَاجِيَةَ، أَبُو الْحَسَنِ النَّحْوِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ النَّجَّارِ التَّمِيمِيُّ الْكُوفِيُّ، قَدِمَ بَغْدَادَ وَرَوَى عَنِ ابْنِ دُرَيْدٍ وَالصُّولِيِّ وَنِفْطَوَيْهِ وَغَيْرِهِمْ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي جُمَادَى الْأُولَى مِنْ هَذِهِ
পৃষ্ঠা - ৯৬৭৮
السَّنَةِ عَنْ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً. أَبُو الطِّيِّبِ سَهْلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصُّعْلُوكِيُّ النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ أَبُو يَعْلَى الْخَلِيلِيُّ: تُوُفِّيَ فِيهَا. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ.
পৃষ্ঠা - ৯৬৭৯
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِي سَادِسَ عَشَرَ الْمُحَرَّمِ قُلِّدَ الشَّرِيفُ الرَّضِيُّ أَبُو الْحَسَنِ الْمُوسَوِيُّ نِقَابَةَ الطَّالِبِيِّينَ فِي سَائِرِ الْمَمَالِيكِ، وَقُرِئَ تَقْلِيدُهُ فِي دَارِ الْوَزِيرِ فَخْرِ الْمُلْكِ، بِمَحْضَرِ الْقُضَاةِ وَالْأَعْيَانِ، وَخُلِعَ عَلَيْهِ السَّوَادُ، وَهُوَ أَوَّلُ طَالِبِيٍّ خُلِعَ عَلَيْهِ السَّوَادُ. وَفِيهَا جِيءَ بِأَمِيرِ بَنِي خَفَاجَةَ أَبِي فُلَيْتَةَ، قَبَّحَهُ اللَّهُ، وَجَمَاعَةٍ مِنْ رُءُوسِ قَوْمِهِ أُسَارَى، وَكَانُوا قَدِ اعْتَرَضُوا الْحَجِيجَ فِي السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ وَهُمْ رَاجِعُونَ، وَغَوَّرُوا الْمَنَاهِلَ الَّتِي يَرِدُهَا الْحُجَّاجُ، وَوَضَعُوا فِيهَا الْحَنْظَلَ، بِحَيْثُ إِنَّهُ مَاتَ مِنَ الْعَطَشِ نَحْوٌ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا، وَأَخَذُوا بَقِيَّتَهُمْ، فَجَعَلُوهُمْ رُعَاةً لِمَوَاشِيهِمْ فِي أَسْوَإِ حَالٍ، وَأَخَذُوا جَمِيعَ مَا كَانَ مَعَهُمْ مِنَ الْأَحْمَالِ وَالْجِمَالِ، فَحِينَ أَحْضَرَهُمُ الْوَزِيرُ فَخْرُ الْمُلْكِ سَجَنَهُمْ وَمَنَعَهُمُ الْمَاءَ، ثُمَّ صَلَبَهُمْ تِلْقَاءَ دِجْلَةَ يَرَوْنَ صَفَاءَ الْمَاءِ، وَلَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُ، حَتَّى مَاتُوا كَذَلِكَ جَزَاءً وِفَاقًا، وَلَقَدْ أَحْسَنَ فَخْرُ الْمُلْكِ فِي هَذَا الصَّنِيعِ وَاقْتَدَى بِحَدِيثِ أَنَسٍ فِي الرِّعَاءِ الَّذِينَ كَانُوا فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْحَدِيثُ فِي " الصَّحِيحَيْنِ ". ثُمَّ بَعَثَ إِلَى أُولَئِكَ الَّذِينَ اعْتُقِلُوا فِي بِلَادِ بَنِي خَفَاجَةَ مِنَ الْحُجَّاجِ فَجِيءَ بِهِمْ، وَقَدْ تَزَوَّجَتْ نِسَاؤُهُمْ، وَقُسِمَتْ
পৃষ্ঠা - ৯৬৮০
أَمْوَالُهُمْ، فَرُدُّوا إِلَى أَهَالِيهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ. وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَفِي رَمَضَانَ انْقَضَّ كَوْكَبٌ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ، غَلَبَ ضَوْءُهُ عَلَى ضَوْءِ الْقَمَرِ، وَتَقَطَّعَ قِطَعًا، وَبَقِيَ سَاعَةً طَوِيلَةً. قَالَ: وَفِي شَوَّالٍ تُوُفِّيَتْ زَوْجَةُ بَعْضِ رُؤَسَاءِ النَّصَارَى، فَخَرَجَتِ النَّوَائِحُ وَالصُّلُبُ مَعَهَا جَهْرَةً، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ بَعْضُ الْهَاشِمِيِّينَ، فَضَرَبَهُ بَعْضُ غِلْمَانِ ذَلِكَ الرَّئِيسِ النَّصْرَانِيِّ بِدَبُّوسٍ فِي رَأْسِهِ فَشَجَّهُ، فَثَارَ الْمُسْلِمُونَ بِهِمْ، فَانْهَزَمُوا وَلَجَئُوا إِلَى كَنِيسَةٍ لَهُمْ هُنَاكَ، فَدَخَلَتِ الْعَامَّةُ إِلَيْهَا فَنَهَبُوا مَا فِيهَا وَمَا قَرُبَ مِنْهَا مِنْ دُورِ النَّصَارَى، وَتَتَبَّعُوا النَّصَارَى فِي الْبَلَدِ، وَقَصَدُوا دَارَ الْمُنَاصِحِ وَابْنِ أَبِي إِسْرَائِيلَ، فَقَاتَلَهُمْ غِلْمَانُهُمْ، وَانْتَشَرَتِ الْفِتْنَةُ بِبَغْدَادَ، وَرَفَعَ الْمُسْلِمُونَ الْمَصَاحِفَ فِي الْأَسْوَاقِ، وَعُطِّلَتِ الْجُمُعَةُ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ، وَاسْتَعَانُوا بِالْخَلِيفَةِ، فَأَمَرَ بِإِحْضَارِ ابْنِ أَبِي إِسْرَائِيلَ فَامْتَنَعَ، فَعَزَمَ الْخَلِيفَةُ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ بَغْدَادَ وَقَوِيَتِ الْفِتْنَةُ جِدًّا، وَنُهِبَتْ دُورٌ كَثِيرَةٌ مِنَ النَّصَارَى، ثُمَّ أُحْضِرَ ابْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ، فَبَذَلَ أَمْوَالًا جَزِيلَةً، فَعُفِيَ عَنْهُ، وَسَكَنَتِ الْفِتْنَةُ. وَفِي ذِي الْقَعْدَةِ وَرَدَ كِتَابٌ مِنْ يَمِينِ الدَّوْلَةِ مَحْمُودِ بْنِ سُبُكْتِكِينَ إِلَى الْخَلِيفَةِ يَذْكُرُ أَنَّهُ وَرَدَ إِلَيْهِ رَسُولٌ مِنَ الْحَاكِمِ صَاحِبِ مِصْرَ، يَدْعُوهُ إِلَى طَاعَتِهِ، فَبَصَقَ فِيهِ وَأَمَرَ بِتَحْرِيقِهِ، وَأَسْمَعَ رَسُولَهُ غَلِيظَ مَا يُقَالُ. وَفِيهَا قُلِّدَ أَبُو نَصْرِ بْنُ مَرْوَانَ الْكُرْدِيُّ إِمْرَةَ آمِدَ وَمَيَّافَارِقِينَ وَدِيَارِ بَكْرٍ، وَخُلِعَ
পৃষ্ঠা - ৯৬৮১
عَلَيْهِ بِطَوْقٍ وَسِوَارٍ، وَلُقِّبَ نَصِيرَ الدَّوْلَةِ. وَلَمْ يَتَمَكَّنْ رَكْبُ الْعِرَاقِ وَخُرَاسَانَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنَ الذَّهَابِ إِلَى الْحَجِّ لِفَسَادِ الطَّرِيقِ، وَغَيْبَةِ فَخْرِ الْمُلْكِ فِي إِصْلَاحِ الْأَرَاضِي. وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ عَادَتْ مَمْلَكَةُ الْأُمَوِيِّينَ بِالْأَنْدَلُسِ، فَتَوَلَّى فِيهَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّاصِرِ الْأُمَوِيُّ، وَلُقِّبَ بِالْمُسْتَعِينِ بِاللَّهِ، وَبَايَعَهُ النَّاسُ بِقُرْطُبَةَ. وَفِيهَا مَاتَ بَهَاءُ الدَّوْلَةِ أَبُو نَصْرٍ فَيْرُوزُ بْنِ عَضُدِ الدَّوْلَةِ بْنِ بُوَيْهِ الدَّيْلَمِيُّ، صَاحِبُ بَغْدَادَ وَالْعِرَاقِ، وَقَامَ بِالْأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ وَلَدُهُ سُلْطَانُ الدَّوْلَةِ أَبُو شُجَاعٍ. وَفِيهَا مَاتَ مَلِكُ التُّرْكِ الْأَعْظَمُ إِيلَكُ خَانَ، فَوَلِيَ أَمْرَهُمْ مِنْ بَعْدِهِ أَخُوهُ طُغَانُ خَانَ. وَفِيهَا هَلَكَ شَمْسُ الْمَعَالِي قَابُوسُ بْنُ وُشْمَكِيرَ ; أُدْخِلَ بَيْتًا بَارِدًا فِي الشِّتَاءِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنَ اللِّبَاسِ حَتَّى مَاتَ كَذَلِكَ، وَوَلِيَ الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ وَلَدُهُ مِنُوجِهْرُ، وَلُقِّبَ فَلَكَ الْمَعَالِي، وَخُطِبَ لِمَحْمُودِ بْنِ سُبُكْتِكِينَ، وَقَدْ كَانَ شَمْسُ الْمَعَالِي قَابُوسُ عَالِمًا فَاضِلًا أَدِيبًا شَاعِرًا، فَمِنْ شِعْرِهِ قَوْلُهُ: قُلْ لِلَّذِي بِصُرُوفِ الدَّهْرِ عَيَّرَنَا ... هَلْ عَانَدَ الدَّهْرُ إِلَّا مَنْ لَهُ خَطَرُ أَمَا تَرَى الْبَحْرَ يَطْفُو فَوْقَهُ جِيَفٌ ... وَيَسْتَقِرُّ بِأَقْصَى قَعْرِهِ الدُّرَرُ فَإِنْ تَكُنْ نَشِبَتْ أَيْدِي الْخُطُوبِ بِنَا ... وَمَسَّنَا مِنْ تَوَالِي صَرْفِهَا ضَرَرُ فَفِي السَّمَاءِ نُجُومٌ غَيْرُ ذِي عَدَدِ ... وَلَيْسَ يَكْسِفُ إِلَّا الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ
পৃষ্ঠা - ৯৬৮২
وَمِنْ شَعْرِهِ الْمُسْتَجَادِ قَوْلُهُ خَطِرَاتُ ذِكْرِكَ تَسْتَثِيرُ مَوَدَّتِي ... فَأُحِسُّ مِنْهَا فِي الْفُؤَادِ دَبِيبًا لَا عُضْوَ لِي إِلَّا وَفِيهِ صَبَابَةٌ ... فَكَأَنَّ أَعْضَائِي خُلِقْنَ قُلُوبًا [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، أَبُو الْحَسَنِ الْبَتِّيُّ كَانَ يَكْتُبُ لِلْقَادِرِ وَهُوَ بِالْبَطِيحَةِ، ثُمَّ كَتَبَ لَهُ عَلَى دِيوَانِ الْخَبَرِ وَالْبَرِيدِ، وَكَانَ يَحْفَظُ الْقُرْآنَ حِفْظًا حَسَنًا، مَلِيحَ الصَّوْتِ وَالتِّلَاوَةَ، حَسَنَ الْمُجَالَسَةِ، ظَرِيفَ النَّادِرَةِ وَالْمَجَانَةِ ; خَرَجَ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ هُوَ وَالشَّرِيفَانِ الرَّضِيُّ وَالْمُرْتَضَى وَجَمَاعَةٌ مِنْ رُءُوسِ الْأَكَابِرِ لِتَلَقِّي بَعْضَ الْمُلُوكِ، فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ بَعْضُ اللُّصُوصِ، فَجَعَلُوا يَرْمُونَهُمْ بِالْحَذَّافَاتِ، وَيَقُولُونَ: يَا أَزْوَاجَ الْقِحَابِ. فَقَالَ الْبَتِّيُّ: مَا خَرَجَ هَؤُلَاءِ عَلَيْنَا إِلَّا بِعَيْنٍ. فَقَالُوا: وَمِنْ أَيْنَ عَلِمْتَ هَذَا؟ فَقَالَ: وَإِلَّا مِنْ أَيْنَ عَلِمُوا أَنَّنَا أَزْوَاجُ قِحَابٍ. الْحَسَنُ بْنُ حَامِدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَرْوَانَ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْوَرَّاقُ الْحَنْبَلِيُّ كَانَ مُدَرِّسَ أَصْحَابِ أَحْمَدَ وَفَقِيهَهُمْ فِي زَمَانِهِ، وَلَهُ الْمُصَنَّفَاتُ الْمَشْهُورَةُ، مِنْهَا كِتَابُ " الْجَامِعِ " فِي اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي أَرْبَعِمِائَةِ جُزْءٍ، وَلَهُ فِي أُصُولِ الدِّينِ وَالْفِقْهِ،
পৃষ্ঠা - ৯৬৮৩
وَعَلَيْهِ اشْتَغَلَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى بْنُ الْفَرَّاءِ، وَكَانَ مُعَظَّمًا فِي النُّفُوسِ، مُقَدَّمًا عِنْدَ السُّلْطَانِ، وَلَا يَأْكُلُ إِلَّا مِنْ كَسْبِ يَدِهِ مِنَ النَّسْجِ، وَرَوَى الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الشَّافِعِيِّ وَابْنِ مَالِكٍ الْقَطِيعِيِّ وَغَيْرِهِمَا، وَخَرَجَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ إِلَى الْحَجِّ، فَلَمَّا عَطِشَ النَّاسُ فِي الطَّرِيقِ اسْتَنَدَ هُوَ إِلَى حَجَرٍ هُنَاكَ فِي الْحَرِّ الشَّدِيدِ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ بِقَلِيلٍ مِنْ مَاءٍ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ حَامِدٍ: مِنْ أَيْنَ لَكَ هَذَا؟ فَقَالَ: مَا هَذَا وَقْتُهُ، اشْرَبْ. فَقَالَ: بَلَى، هَذَا وَقْتُهُ عِنْدَ لِقَاءِ اللَّهِ تَعَالَى. فَلَمْ يَشْرَبْ وَمَاتَ مِنْ فَوْرِهِ، رَحِمَهُ اللَّهُ. الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَلِيمٍ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَلِيمِيُّ صَاحِبُ " الْمِنْهَاجِ " فِي أُصُولِ الدِّيَانَةِ، كَانَ أَحَدَ مَشَايِخِ الشَّافِعِيَّةِ، وُلِدَ بِجُرْجَانَ، وَحُمِلَ إِلَى بُخَارَى، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ الْكَثِيرَ حَتَّى انْتَهَتْ إِلَيْهِ رِيَاسَةُ الْمُحَدِّثِينَ فِي عَصْرِهِ، وَوَلِيَ الْقَضَاءَ بِبُخَارَى. قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: انْتَهَتْ إِلَيْهِ الرِّيَاسَةُ فِيمَا وَرَاءَ النَّهْرِ، وَلَهُ وُجُوهٌ حَسَنَةٌ فِي الْمَذْهَبِ، وَرَوَى عَنْهُ الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. فَيْرُوزُ، أَبُو نَصْرٍ الْمُلَقَّبُ بَهَاءَ الدَّوْلَةِ بْنُ عَضُدِ الدَّوْلَةِ الدَّيْلَمِيُّ صَاحِبُ بَغْدَادَ وَالْعِرَاقِ، وَهُوَ الَّذِي قَبَضَ عَلَى الطَّائِعِ وَوَلَّى الْقَادِرَ، وَكَانَ يُحِبُّ الْمُصَادَرَاتِ، فَجَمَعَ مِنَ الْأَمْوَالِ مَا لَمْ يَجْمَعْهُ أَحَدٌ قَبْلَهُ مِنْ بَنِي بُوَيْهِ، وَكَانَ بَخِيلًا جِدًّا، تُوُفِّيَ بِأَرَّجَانَ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ ثِنْتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً وَتِسْعَةِ أَشْهُرٍ
পৃষ্ঠা - ৯৬৮৪
وَعِشْرِينَ يَوْمًا، وَكَانَتْ مُدَّةُ مُلْكِهِ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ سَنَةً وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَكَانَ مَرَضُهُ بِالصَّرْعِ، وَدُفِنَ بِمُشْهِدِ عَلَيٍّ إِلَى جَانِبِ أَبِيهِ. قَابُوسُ بْنُ وُشْمَكِيرَ كَانَ أَهْلُ دَوْلَتِهِ قَدْ تَغَيَّرُوا عَلَيْهِ، فَبَايَعُوا وَلَدَهُ مِنُوجِهْرَ، وَقَتَلُوا أَبَاهُ كَمَا ذَكَرْنَا فِي الْحَوَادِثِ، وَكَانَ قَدْ نَظَرَ فِي النُّجُومِ فَرَأَى أَنَّ وَلَدَهُ يَقْتُلُهُ، وَكَانَ يَتَوَهَّمُ أَنَّهُ وَلَدَهُ دَارَا ; لِمَا يَرَى مِنْ مُخَالَفَتِهِ لَهُ، وَلَا يَخْطِرُ بِبَالِهِ مِنُوجِهْرُ ; لِمَا يَرَى مِنْ طَاعَتِهِ لَهُ، فَكَانَ هَلَاكُهُ عَلَى يَدَيْهِ، وَقَدْ قَدَّمْنَا شَيْئًا مِنْ شِعْرِهِ الْحَسَنِ الْجَيِّدِ، فِي الْحَوَادِثِ. الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ، مُحَمَّدُ بْنُ الطَّيِّبِ رَأْسُ الْمُتَكَلِّمِينَ عَلَى مَذْهَبِ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْأَشْعَرِيِّ، وَمِنْ أَكْثَرِ النَّاسِ كَلَامًا وَتَصْنِيفًا فِي الْكَلَامِ، يُقَالُ: إِنَّهُ كَانَ لَا يَنَامُ كُلَّ لَيْلَةٍ حَتَّى يَكْتُبَ عِشْرِينَ وَرَقَةً، فِي مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ مِنْ عُمُرِهِ. فَانْتَشَرَتْ عَنْهُ تَصَانِيفُ كَثِيرَةٌ، مِنْ جَيِّدِهَا كِتَابُ " التَّبْصِرَةِ "، وَ " دَقَائِقُ الْحَقَائِقِ " وَ " التَّمْهِيدُ " فِي أُصُولِ الْفِقْهِ، وَ " شَرْحُ الْإِبَانَةِ "، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْمَجَامِيعِ الْكِبَارِ وَالصِّغَارِ، وَمِنْ أَحْسَنِ تَصَانِيفِهِ كِتَابُهُ فِي الرَّدِّ عَلَى الْبَاطِنِيَّةِ، الَّذِي سَمَّاهُ " كَشْفَ الْأَسْرَارِ وَهَتْكَ الْأَسْتَارِ "، وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي مَذْهَبِهِ فِي الْفُرُوعِ ; فَقِيلَ: شَافِعِيٌّ. وَقِيلَ: مَالِكِيٌّ. حَكَى ذَلِكَ عَنْهُ
পৃষ্ঠা - ৯৬৮৫
أَبُو ذَرٍّ الْهَرَوِيُّ وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ عَلَى الْفَتَاوَى: كَتَبَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الطَّيِّبِ الْحَنْبَلِيُّ. وَهَذَا غَرِيبٌ جِدًّا. وَقَدْ كَانَ فِي غَايَةِ الذَّكَاءِ وَالْفِطْنَةِ، ذَكَرَ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْهُ أَنَّ عَضُدَ الدَّوْلَةِ بَعْثَهُ فِي رِسَالَةٍ إِلَى مَلِكِ الرُّومِ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيْهِ إِذَا هُوَ يَدْخُلُ عَلَيْهِ مِنْ بَابٍ قَصِيرٍ، فَفَهِمَ أَنَّ مُرَادَهُ بِذَلِكَ أَنْ يَنْحَنِيَ كَهَيْئَةِ الرَّاكِعِ لِلْمَلِكِ، فَدَخَلَ الْبَابَ بِظَهْرِهِ وَجَعَلَ يَمْشِي الْقَهْقَرَى إِلَى نَحْوِ الْمَلِكِ، ثُمَّ انْفَتَلَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَعَرِفَ الْمَلِكُ مَكَانَهُ مِنَ الْعِلْمِ وَالْفَهْمِ، فَعَظَّمَهُ. وَيُذْكَرُ أَنَّ الْمَلِكَ أَحْضَرَ إِلَى بَيْنِ يَدَيْهِ آلَةَ الطَّرَبِ الْمُسَمَّاةِ بِالْأُرْغُلِ، لِيَسْتَفِزَّ عَقْلَهُ بِهَا، فَلَمَّا سَمِعَهَا الْبَاقِلَّانِيُّ خَافَ أَنْ تَظْهَرَ مِنْهُ حَرَكَةٌ نَاقِصَةٌ بِحَضْرَةِ الْمَلِكِ، فَجَعَلَ لَا يَأْلُو جَهْدًا أَنْ جَرَحَ رِجْلَهُ حَتَّى خَرَجَ مِنْهَا الدَّمُ الْكَثِيرُ، فَاشْتَغَلَ بِالْأَلَمِ عَنِ الطَّرَبِ، وَلَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنَ النَّقْصِ وَالْخِفَّةِ، فَعَجِبَ الْمَلِكُ مِنْ كَمَالِ عَقْلِهِ، ثُمَّ اسْتَكْشَفَ الْمَلِكُ عَنْ أَمْرِهِ، فَإِذَا هُوَ قَدْ جَرَحَ نَفْسَهُ بِمَا أَشْغَلَهُ عَنِ الطَّرَبِ، فَتَحَقَّقَ وُفُورَ عِلْمِهِ وَعُلُوَّ فَهْمِهِ. وَقَدْ سَأَلَهُ بَعْضُ الْأَسَاقِفَةِ بِحَضْرَةِ مَلِكِهِمْ، فَقَالَ: مَا فَعَلَتْ زَوْجَةُ نَبِيِّكُمْ؟ وَمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهَا فِيمَا رُمِيَتْ بِهِ مِنَ الْإِفْكِ؟ فَقَالَ مُجِيبًا لَهُ عَلَى الْبَدِيهَةِ: هُمَا امْرَأَتَانِ ذُكِرَتَا بِسُوءٍ ; مَرْيَمُ وَعَائِشَةُ، فَبَرَّأَهُمَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَكَانَتْ عَائِشَةُ ذَاتَ زَوْجٍ وَلَمْ تَأْتِ بِوَلَدٍ، وَأَتَتْ مَرْيَمُ بِوَلَدٍ وَلَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ. يَعْنِي أَنَّ عَائِشَةَ أَوْلَى بِالْبَرَاءَةِ مِنْ مَرْيَمَ - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - فَإِنْ تَطَرَّقَ فِي الذِّهْنِ الْفَاسِدِ احْتِمَالٌ إِلَى هَذِهِ فَهُوَ إِلَى تِلْكَ أَسْرَعُ، وَهُمَا بِحَمْدِ اللَّهِ مُبَرَّأَتَانِ مِنَ السَّمَاءِ بِوَحْيٍ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.
পৃষ্ঠা - ৯৬৮৬
وَقَدْ سَمِعَ الْبَاقِلَّانِيُّ الْحَدِيثَ مِنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مَالِكٍ الْقَطِيعِيِّ وَأَبِي مُحَمَّدِ بْنِ مَاسِيِّ وَغَيْرِهِمَا، وَقَدْ قَبَّلَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ يَوْمًا بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَقَالَ: هَذَا يَرُدُّ عَلَى أَهْلِ الْأَهْوَاءِ بَاطِلَهُمْ. وَدَعَا لَهُ. وَكَانَتْ وَفَاةُ الْبَاقِلَّانِيِّ يَوْمَ السَّبْتَ لِسَبْعٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ، وَدُفِنَ بِدَارِهِ، ثُمَّ نُقِلَ إِلَى مَقْبَرَةِ بَابِ حَرْبٍ. مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدٍ، أَبُو بَكْرٍ الْخُوَارِزْمِيُّ شَيْخُ الْحَنَفِيَّةِ وَفَقِيهُهُمْ، وَقَدْ أَخَذَ الْعِلْمَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الرَّازِيِّ، وَانْتَهَتْ إِلَيْهِ رِيَاسَةُ الْحَنَفِيَّةِ بِبَغْدَادَ، وَكَانَ مُعَظَّمًا عِنْدَ الْمُلُوكِ، وَمِنْ تَلَامِذَتِهِ الرَّضِيُّ وَالصَّيْمَرِيُّ، وَقَدْ سَمِعَ الْحَدِيثَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ، وَكَانَ ثِقَةً دَيِّنًا عَلَى طَرِيقَةِ السَّلَفِ، وَيَقُولُ: دِينُنَا دِينُ الْعَجَائِزِ، لَسْنَا مِنَ الْكَلَامِ فِي شَيْءٍ. وَكَانَ فَصِيحًا حَسَنَ التَّدْرِيسِ. دُعِيَ إِلَى وِلَايَةِ الْقَضَاءِ غَيْرَ مَرَّةٍ، فَلَمْ يَقْبَلْ. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، وَدُفِنَ بِدَارِهِ مِنْ دَرْبِ عَبْدَةَ. الْحَافِظُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَلَفٍ الْمَعَافِرَيُّ الْقَابِسِيُّ مُصَنِّفُ " التَّلْخِيصِ "، أَصْلُهُ قَرَوِيٌّ، وَإِنَّمَا غَلَبَ عَلَيْهِ الْقَابِسَيُّ ; لِأَنَّ عَمَّهُ كَانَ يَتَعَمَّمُ قَابِسِيَّةً، فَقِيلَ لَهُمْ ذَلِكَ، وَقَدْ كَانَ حَافِظًا بَارِعًا فِي عِلْمِ الْحَدِيثِ، رَجُلًا صَالِحًا
পৃষ্ঠা - ৯৬৮৭
جَلِيلَ الْقَدْرِ، وَلَمَّا تُوُفِّيَ فِي رَبِيعٍ الْآخَرِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ عَكَفَ النَّاسُ عَلَى قَبْرِهِ لَيَالِيَ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ وَيَدْعُونَ لَهُ، وَجَاءَ الشُّعَرَاءُ مِنْ كُلِّ أَوْبٍ يَرْثُونَ وَيَتَرَحَّمُونَ. وَلَمَّا أُجْلِسَ لِلْمُنَاظَرَةِ أَنْشَدَ لِغَيْرِهِ: لَعَمْرُ أَبِيكَ مَا نُسِبَ الْمُعَلَّى ... إِلَى كَرَمٍ وَفِي الدُّنْيَا كَرِيمُ وَلَكِنَّ الْبِلَادَ إِذَا اقْشَعَرَّتْ ... وَصَوَّحَ نَبْتُهَا رُعِيَ الْهَشِيمُ ثُمَّ بَكَى وَأَبْكَى، وَجَعَلَ يَقُولُ: أَنَا الْهَشِيمُ، أَنَا الْهَشِيمُ. رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. الْحَافِظُ بْنُ الْفَرْضِيِّ، أَبُو الْوَلِيدِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ نَصْرٍ الْأَزْدِيُّ الْفَرْضِيُّ قَاضِي بَلَنْسِيَةَ سَمِعَ الْكَثِيرَ، وَجَمَعَ وَحَصَّلَ وَصَنَّفَ " التَّارِيخَ "، وَفِي الْمُؤْتَلِفِ وَالْمُخْتَلِفِ وَمُشْتَبَهِ النِّسْبَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَكَانَ عَلَّامَةَ زَمَانِهِ، قُتِلَ شَهِيدًا عَلَى يَدِ الْبَرْبَرِ، فَسُمِعَ، وَهُوَ جَرِيحٌ طَرِيحٌ، يَقْرَأُ عَلَى نَفْسِهِ الْحَدِيثَ الَّذِي فِي الصَّحِيحِ: «مَا يُكْلَمُ أَحَدٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ، إِلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَكَلْمُهُ يُدْمَى، اللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ، وَالرِّيحُ رِيحُ الْمِسْكِ» . وَقَدْ كَانَ سَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى الشَّهَادَةَ عِنْدَ أَسْتَارِ الْكَعْبَةِ، فَأَعْطَاهُ اللَّهُ ذَلِكَ، وَمِنْ شِعْرِهِ قَوْلُهُ: أَسِيرُ الْخَطَايَا عِنْدَ بَابِكَ وَاقِفُ ... عَلَى وَجَلٍ مِمَّا بِهِ أَنْتَ عَارِفُ يَخَافُ ذُنُوبًا لَمْ يَغِبْ عَنْكَ غَيْبُهَا ... وَيَرْجُوكَ فِيهَا فَهْوَ رَاجٍ وَخَائِفُ وَمَنْ ذَا الَّذِي يُرْجَى سِوَاكَ وَيُتَّقَى ... وَمَا لَكَ فِي فَصْلِ الْقَضَاءِ مُخَالِفُ فَيَا سَيِّدِي لَا تُخْزِنِي فِي صَحِيفَتِي ... إِذَا نُشِرَتْ يَوْمَ الْحِسَابِ الصَّحَائِفُ وَكُنْ مُؤْنِسِي فِي ظُلْمَةِ الْقَبْرِ عِنْدَ مَا. يَصُدُّ ذَوُوا الْقُرْبَى وَيَجْفُو الْمُؤَالِفُ ... لَئِنْ ضَاقَ عَنِّي عَفْوُكَ الْوَاسِعُ الَّذِي أَرَجِّي لِإِسْرَافِي فَإِنِّي تَالِفُ
পৃষ্ঠা - ৯৬৮৮
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِي يَوْمِ الْخَمِيسِ غُرَّةِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْهَا جَلَسَ الْخَلِيفَةُ الْقَادِرُ بِاللَّهِ فِي أُبَّهَةِ الْخِلَافَةِ، وَأُحْضِرَ إِلَى بَيْنِ يَدَيْهِ فَخْرُ الْمُلْكِ، وَالْحَجَبَةُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَخَلَعَ عَلَيْهِ سَبْعَ خِلَعٍ عَلَى الْعَادَةِ، وَعِمَامَةً سَوْدَاءَ، وَسَيْفًا، وَتَاجًا مُرَصَّعًا، وَسِوَارَيْنِ، وَطَوْقًا، وَلِوَاءَيْنِ خَلَعَهُمَا الْخَلِيفَةُ بِيَدِهِ، ثُمَّ أَعْطَاهُ سَيْفًا، وَقَالَ لِلْخَادِمِ: قَلِّدْهُ بِهِ، فَهُوَ شَرَفٌ لَهُ وَلِعَقِبِهِ، يَفْتَحُ بِهِ شَرْقَ الْأَرْضِ وَغَرْبَهَا. وَكَانَ ذَلِكَ يَوْمًا مَشْهُودًا بِمَحْضَرٍ مِنَ الْقُضَاةِ وَالْأُمَرَاءِ وَالْوُزَرَاءِ، وَالْأَمَاثِلِ وَالْأَعْيَانِ وَالْكُبَرَاءِ بِدَارِ الْخِلَافَةِ. وَفِيهَا غَزَا مَحْمُودُ بْنُ سُبُكْتِكِينَ بِلَادَ الْهِنْدِ، فَفَتَحَ وَقَتَلَ وَسَبَى وَغَنِمَ وَسَلِمَ، وَكَتَبَ إِلَى الْخَلِيفَةِ الْقَادِرِ بِاللَّهِ أَنْ يُوَلِّيَهُ مَا بِيَدِهِ مِنْ مَمْلَكَةِ خُرَاسَانَ وَغَيْرِهَا مِنَ الْبِلَادِ، فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ. وَفِيهَا عَاثَتْ بَنُو خَفَاجَةَ بِبِلَادِ الْكُوفَةِ فَبَرَزَ إِلَيْهِمْ نَائِبُهَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ مَزْيَدٍ فَوَاقَعَهُمْ، فَقَتَلَ مِنْهُمْ خَلْقًا وَأَسَرَ مُحَمَّدَ بْنَ ثُمَالٍ وَجَمَاعَةً مِنْ رُءُوسِهِمْ، وَانْهَزَمَ الْبَاقُونَ، فَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ رِيحًا حَارَّةً، فَأَهْلَكَتْ مِنْهُمْ خَمْسَمِائَةِ إِنْسَانٍ.
পৃষ্ঠা - ৯৬৮৯
وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْأَقْسَاسِيُّ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَفِيهَا تُوُفِّيَ مِنَ الْأَعْيَانِ: الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْبَغْدَادِيِّ سَمِعَ الْحَدِيثَ، وَكَانَ زَاهِدًا عَابِدًا، كَثِيرَ الْمُجَاهَدَةِ، لَا يَنَامُ إِلَّا عَنْ غَلَبَةٍ، وَكَانَ لَا يَدْخُلُ الْحَمَّامَ، وَلَا يَغْسِلُ ثِيَابَهُ إِلَّا بِالْمَاءِ وَحْدَهُ، رَحِمَهُ اللَّهُ. الْحُسَيْنُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمُقْرِئُ الضَّرِيرُ الْمُجَاهِدِيُّ قَرَأَ عَلَى ابْنِ مُجَاهِدٍ الْقُرْآنَ وَهُوَ صَغِيرٌ، وَكَانَ آخِرَ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِهِ، تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الْأُولَى مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ وَقَدْ جَاوَزَ الْمِائَةَ سَنَةٍ، وَدُفِنَ فِي مَقَابِرِ الْفَرَادِيسِ. عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيُّ أَحَدُ شُيُوخِ الْمُعْتَزِلَةِ، صَنَّفَ لِلْقَادِرِ بِاللَّهِ " الرَّدَّ عَلَى الْبَاطِنِيَّةِ "، فَأَجْرَى عَلَيْهِ جِرَايَةً سَنِيَّةً، وَكَانَ يَسْكُنُ دَرْبَ رَبَاحٍ، تُوُفِّيَ فِي شَوَّالٍ وَقَدْ جَاوَزَ الثَّمَانِينَ.
পৃষ্ঠা - ৯৬৯০
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا مَنَعَ الْحَاكِمُ صَاحِبُ مِصْرَ النِّسَاءَ مِنَ الْخُرُوجِ مِنَ الْمَنَازِلِ، أَوْ أَنْ يَطَّلِعْنَ مِنَ الْأَسْطُحَةِ أَوِ الطَّاقَاتِ، وَمَنَعَ الْخَفَّافِينَ مِنْ عَمَلِ الْأَخْفَافِ لَهُنَّ، وَمَنَعَهُنَّ مِنْ الْخُرُوجِ إِلَى الْحَمَّامَاتِ، وَقَتَلَ خَلْقًا مِنَ النِّسَاءِ عَلَى مُخَالَفَتِهِ فِي ذَلِكَ، وَهَدَمَ بَعْضَ الْحَمَّامَاتِ عَلَيْهِنَّ، وَجَهَّزَ عَجَائِزَ كَثِيرَةً يَطُفْنَ فِي الْبُيُوتِ ; يَسْتَعْلِمْنَ أَحْوَالَ النِّسَاءِ مَنْ مِنْهُنَّ تَعْشَقُ أَوْ تُعْشَقُ، بِأَسْمَائِهِنَّ وَأَسْمَاءِ مَنْ يَتَعَرَّضُ لَهُنَّ، فَمَنْ وُجِدَ مِنْهُنَّ كَذَلِكَ أَطْفَاهَا، وَأَكْثَرَ مِنَ الدَّوَرَانِ فِي اللَّيْلِ فِي الْبَلَدِ فِي طَلَبِ ذَلِكَ، وَغَرَّقَ خَلْقًا مِمَّنْ يَطَّلِعُ عَلَى فِسْقِهِمْ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، فَضَاقَ النِّطَاقُ عَلَى النِّسَاءِ وَالْفُسَّاقِ، وَلَمْ يَتَمَكَّنْ أَحَدٌ أَنْ يَصِلَ إِلَى أَحَدٍ إِلَّا نَادِرًا، حَتَّى إِنَّ امْرَأَةً نَادَتْ قَاضِيَ الْقُضَاةِ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ - وَهُوَ مَالِكُ بْنُ سَعِيدٍ الْفَارِقِيُّ - وَحَلَفَتْ بِحَقِّ الْحَاكِمِ لَمَا وَقَفَ لَهَا وَاسْتَمَعَ كَلَامَهَا، فَوَقَفَ لَهَا، فَبَكَتْ بُكَاءً شَدِيدًا، وَقَالَتْ: إِنَّ لِي أَخًا لَيْسَ لِي غَيْرُهُ وَهُوَ فِي السِّيَاقِ، وَإِنِّي أَسْأَلُكَ لَمَا وَصَّلْتَنِي إِلَيْهِ ; لِأَنْظُرَ إِلَيْهِ قَبْلَ الْمَوْتِ، فَرَقَّ لَهَا الْقَاضِي رِقَّةً شَدِيدَةً، وَأَمَرَ رَجُلَيْنِ مَعَهُ أَنْ يَكُونَا مَعَهَا حَتَّى يُبَلِّغَاهَا إِلَى الْمَنْزِلِ الَّذِي تُرِيدُهُ، فَأَغْلَقَتْ بَابَهَا، وَأَعْطَتِ الْمِفْتَاحَ جَارَتَهَا، وَذَهَبَتْ حَتَّى وَصَلَتْ مَعَ الرَّجُلَيْنِ إِلَى مَنْزِلٍ، فَطَرَقَتْ وَدَخَلَتْ، وَقَالَتْ لَهُمَا: اذْهَبَا رَاشِدَيْنِ. فَإِذَا هُوَ مَنْزِلُ رَجُلٍ تَهْوَاهُ وَيَهْوَاهَا، فَأَخْبَرَتْهُ بِمَا احْتَالَتْ بِهِ
পৃষ্ঠা - ৯৬৯১
مِنَ الْحِيلَةِ عَلَى الْقَاضِي، فَأَعْجَبَهُ ذَلِكَ، وَجَاءَ زَوْجُهَا مِنْ آخِرِ النَّهَارِ، فَوَجَدَ بَابَهُ مُغْلَقًا، فَسَأَلَ عَنْ أَمْرِهَا، فَذُكِرَ لَهُ مَا صَنَعَتْ، فَاسْتَغَاثَ عَلَى الْقَاضِي وَذَهَبَ إِلَيْهِ، وَقَالَ لَهُ: مَا أُرِيدُ امْرَأَتِي إِلَّا مِنْكَ، فَإِنَّهَا لَيْسَ لَهَا أَخٌ بِالْكُلِّيَّةِ، وَإِنَّمَا ذَهَبَتْ إِلَى عَشِيقِهَا. فَخَافَ الْقَاضِي مِنْ مَعَرَّةِ هَذَا الْأَمْرِ، فَرَكِبَ إِلَى الْحَاكِمِ وَبَكَى لَدَيْهِ، فَسَأَلَهُ عَنْ شَأْنِهِ، فَأَخْبَرَهُ بِمَا اتَّفَقَ لَهُ مِنَ الْأَمْرِ، فَأَرْسَلَ الْحَاكِمُ مَعَ الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ سَارَا بِهَا مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي مَنْ يُحْضِرُ الرَّجُلَ وَالْمَرْأَةَ جَمِيعًا عَلَى أَيِّ حَالٍ كَانَا عَلَيْهِ، فَوَجَدَهُمَا مُتَعَانِقَيْنِ سُكَارَى، فَسَأَلَهُمَا الْحَاكِمُ عَنْ أَمْرِهِمَا، فَأَخَذَا يَعْتَذِرَانِ بِمَا لَا يُجْدِي شَيْئًا، فَأَمَرَ بِتَحْرِيقِ الْمَرْأَةِ فِي بَارِيَّةٍ، وَضَرَبَ الرَّجُلَ بِالسِّيَاطِ ضَرْبًا مُبَرِّحًا. وَازْدَادَ احْتِيَاطُ الْحَاكِمِ عَلَى النِّسَاءِ حَتَّى مَاتَ. ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ. وَفِي رَجَبٍ مِنْهَا وَلِيَ أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ قَضَاءَ الْحَضْرَةِ بَعْدَ مَوْتِ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ الْأَكْفَانِيِّ. وَفِيهَا عَمَّرَ فَخْرُ الْمُلْكِ مَسْجِدَ الشَّرْقِيَّةِ، وَنَصَبَ عَلَيْهِ شَبَابِيكَ مِنْ حَدِيدٍ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: بَكْرُ بْنُ شَاذَانَ بْنِ بَكْرٍ، أَبُو الْقَاسِمِ الْمُقْرِئُ الْوَاعِظُ سَمِعَ أَبَا بَكْرٍ الشَّافِعِيَّ،
পৃষ্ঠা - ৯৬৯২
وَجَعْفَرًا الْخُلْدِيَّ، وَعَنْهُ الْأَزْهَرِيُّ وَالْخَلَّالُ، وَكَانَ ثِقَةً أَمِينًا صَالِحًا عَابِدًا زَاهِدًا، لَهُ قِيَامُ لَيْلٍ، وَكَرِيمُ أَخْلَاقٍ. مَاتَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَقَدْ نَيَّفَ عَلَى الثَّمَانِينَ، وَدُفِنَ بِبَابِ حَرْبٍ. بَدْرُ بْنُ حَسْنَوَيْهِ بْنِ الْحُسَيْنِ، أَبُو النَّجْمِ الْكُرْدِيُّ، كَانَ مِنْ خِيَارِ الْمُلُوكِ بِنَاحِيَةِ الدِّينَوَرِ وَهَمَذَانَ، لَهُ سِيَاسَةٌ وَصَدَقَةٌ كَثِيرَةٌ، كَنَّاهُ الْقَادِرُ بِاللَّهِ أَبَا النَّجْمِ، وَلَقَّبَهُ نَاصِرَ الدَّوْلَةِ، وَعَقَدَ لَهُ لِوَاءً وَأَنْفَذَهُ إِلَيْهِ، وَكَانَتْ أَعْمَالُهُ فِي غَايَةِ الْأَمْنِ، بِحَيْثُ إِذَا أَعْيَا جَمَلُ أَحَدٍ مِنَ الْمُسَافِرِينَ فَتَرَكَهُ بِمَا عَلَيْهِ فِي الْبَرِّيَّةِ، رُدَّ إِلَيْهِ - وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ - بِمَا كَانَ عَلَيْهِ لَا يُنْقَصُ مِنْهُ شَيْءٌ. وَلَمَّا عَاثَتْ أُمَرَاؤُهُ فِي الْبِلَادِ فَسَادًا عَمِلَ لَهُمْ ضِيَافَةً حَسَنَةً، فَقَدَّمَهَا إِلَيْهِمْ وَلَمْ يَأْتِهِمْ بِخُبْزٍ، فَجَلَسُوا يَنْتَظِرُونَ الْخُبْزَ، فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ سَأَلُوا عَنْهُ، فَقَالَ: إِذَا كُنْتُمْ تُهْلِكُونَ الْحَرْثَ، فَمِنْ أَيْنَ تُؤْتَوْنَ بِخُبْزٍ؟ ! ثُمَّ قَالَ: لَا أَسْمَعُ بِأَحَدٍ أَفْسَدَ فِي الْأَرْضِ إِلَّا أَرَقْتَ دَمَهُ. وَاجْتَازَ مَرَّةً فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ بِرَجُلٍ قَدْ حَمَلَ حُزْمَةَ حَطَبٍ وَهُوَ يَبْكِي، فَقَالَ لَهُ: مَا لَكَ؟ فَقَالَ: إِنِّي كَانَ مَعِي رَغِيفَانِ أُرِيدُ أَنْ أَتَقَوَّتَ بِهِمَا، فَأَخَذَهُمَا مِنِّي بَعْضُ الْجُنْدِ. فَقَالَ لَهُ: أَتَعْرِفُهُ إِذَا رَأَيْتَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَوَقَفَ بِهِ فِي مَضِيقٍ حَتَّى مَرَّ عَلَيْهِ الْجُنْدُ، فَلَمَّا اجْتَازَ بِهِ ذَلِكَ الرَّجُلُ الَّذِي أَخَذَ مِنْهُ الرَّغِيفَيْنِ، قَالَ: هَذَا هُوَ. فَأَمَرَ بِهِ أَنْ يَنْزِلَ عَنْ فَرَسِهِ، وَأَنْ يَحْمِلَ هَذِهِ الْحُزْمَةَ مِنَ الْحَطَّابِ حَتَّى يَبْلُغَ بِهَا إِلَى الْمَدِينَةِ فَأَرَادَ أَنْ يَفْتَدِيَ مِنْ ذَلِكَ بِمَالٍ جَزِيلٍ، فَلَمْ يَقْبَلْ مِنْهُ، حَتَّى تَأَدَّبَ بِهِ الْجَيْشُ كُلُّهُمْ.
পৃষ্ঠা - ৯৬৯৩
وَكَانَ يَصْرِفُ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمِ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْأَرَامِلِ وَالْأَيْتَامِ، وَفِي كُلِّ شَهْرٍ عِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فِي تَكْفِينِ الْمَوْتَى، وَيَصْرِفُ فِي كُلِّ سَنَةٍ أَلْفَ دِينَارٍ إِلَى عِشْرِينَ نَفْسًا يَحُجُّونَ عَنْ وَالِدَيْهِ وَعَنْ عَضُدِ الدَّوْلَةِ ; لِأَنَّهُ كَانَ السَّبَبَ فِي تَمْلِيكِهِ، وَثَلَاثَةَ آلَافِ دِينَارٍ فِي كُلِّ سَنَةٍ إِلَى الْحَدَّادِينَ وَالْحَذَّائِينَ لِلْمُنْقَطِعِينَ بَيْنَ هَمَذَانَ وَبَغْدَادَ، يُصْلِحُونَ لَهُمُ الْأَحْذِيَةَ وَنِعَالَ دَوَابِّهِمْ، وَيَصْرِفُ فِي كُلِّ سَنَةٍ مِائَةَ أَلْفِ دِينَارٍ إِلَى الْحَرَمَيْنِ صَدَقَةً عَلَى الْمُجَاوِرِينَ، وَعِمَارَةِ الْمَصَانِعِ، وَإِصْلَاحِ الْمِيَاهِ فِي طَرِيقِ الْحِجَازِ، وَإِطْلَاقًا لِأَهْلِ الْمَنَازِلِ، وَحَفْرِ الْآبَارِ وَإِصْلَاحِهَا، وَمَا اجْتَازَ فِي طَرِيقِهِ بِمَاءٍ جَارٍ إِلَّا بَنَي عِنْدَهُ قَرْيَةً، وَعُمِّرَ فِي أَيَّامِهِ مِنَ الْمَسَاجِدِ وَالْخَانَاتِ مَا يُنَيِّفُ عَلَى أَلْفَيْ مَسْجِدٍ وَخَانٍ، هَذَا كُلُّهُ خَارِجًا عَمَّا يَصْرِفُ مِنْ دِيوَانِهِ مِنَ الْجِرَايَاتِ، وَالنَّفَقَاتِ وَالصَّدَقَاتِ، وَالْبِرِّ وَالصِّلَاتِ، عَلَى أَصْنَافِ النَّاسِ، مِنَ الْفُقَهَاءِ، وَالْقُضَاةِ، وَالْمُؤَذِّنِينَ، وَالْأَشْرَافِ، وَالشُّهُودِ، وَالْفُقَرَاءِ، وَالْمَسَاكِينِ، وَالْأَيْتَامِ، وَالضُّعَفَاءِ. وَكَانَ كَثِيرَ الصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ، وَكَانَ لَهُ مِنَ الدَّوَابِّ الْمُرْتَبِطَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَفِي الْجَشْرِ مَا يُنَيِّفُ عَنْ عِشْرِينَ أَلْفًا. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَمُدَّةُ إِمَارَتِهِ اثْنَتَانِ وَثَلَاثُونَ سَنَةً، وَدُفِنَ بِمَشْهَدِ عَلَيٍّ، وَتَرَكَ مِنَ الْأَمْوَالِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ أَلْفَ بَدْرَةٍ، وَنَيِّفًا وَأَرْبَعِينَ بَدْرَةً، الْبَدْرَةُ عَشَرَةُ آلَافٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. الْحَسَنُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ حَمَكَانَ، أَبُو عَلِيٍّ الْهَمَذَانِيُّ