আল বিদায়া ওয়া আন্নিহায়া

পৃষ্ঠা - ৯৬৬১
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا قُتِلَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ ثُمَالٍ نَائِبُ الرَّحْبَةِ مِنْ طَرَفِ الْحَاكِمِ الْعُبَيْدِيِّ، قَتَلَهُ عِيسَى بْنُ خَلَّاطٍ الْعُقَيْلِيُّ، وَمَلَكَهَا، فَأَخْرَجَهُ مِنْهَا عَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ صَاحِبُ حَلَبَ وَمَلَكَهَا. وَفِيهَا صُرِفَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ عَنْ قَضَاءِ الْبَصْرَةِ وَوَلِيَهُ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ أَبِي الشَّوَارِبِ، فَذَهَبَ النَّاسُ يُهَنُّونَ هَذَا وَيُعَزُّونَ هَذَا، فَقَالَ فِي ذَلِكَ الْعُصْفُرِيُّ: عِنْدِي حَدِيثٌ طَرِيفٌ ... بِمِثْلِهِ يَتَغَنَّى مِنْ قَاضِيَيْنِ يُعَزَّى ... هَذَا وَهَذَا يُهَنَّا فَذَا يَقُولُ أَكْرَهُونَا ... وَذَا يَقُولُ اسْتَرَحْنَا وَيَكْذِبَانِ وَنَهْذِي ... فَمَنْ يُصَدَّقُ مِنَّا وَفِي شَعْبَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ عَصَفَتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ، فَأَلْقَتْ رَمْلًا أَحْمَرَ فِي طُرُقَاتِ بَغْدَادَ. وَفِيهَا هَبَّتْ عَلَى الْحُجَّاجِ رِيحٌ سَوْدَاءُ مُظْلِمَةٌ، وَاعْتَرَضَهُمُ الْأَعْرَابُ، فَصَدُّوهُمْ عَنِ السَّبِيلِ، وَاعْتَاقُوهُمْ حَتَّى فَاتَهُمُ الْحَجُّ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَيْضًا، فَرَجَعُوا
পৃষ্ঠা - ৯৬৬২
وَأَخَذَتْ بَنُو هِلَالٍ طَائِفَةً مِنْ حُجَّاجِ الْبَصْرَةِ نَحْوًا مِنْ سِتِّمِائَةِ وَاحِدٍ، وَأَخَذُوا مِنْهُمْ نَحْوًا مِنْ أَلْفِ أَلْفِ دِينَارٍ. وَالْخُطْبَةُ بِالْحَرَمَيْنِ لِلْمِصْرِيِّينَ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، أَبُو أَحْمَدَ الطَّبَرَانِيُّ سَمِعَ بِبَغْدَادَ وَمَكَّةَ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْبِلَادِ، وَكَانَ مُكْثِرًا، سَمِعَ مِنْهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَعَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سَعِيدٍ، ثُمَّ أَقَامَ بِالشَّامِ بِالْقُرْبِ مِنْ جَبَلٍ عِنْدَ بَانْيَاسَ يَعْبُدُ اللَّهَ تَعَالَى إِلَى أَنْ مَاتَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ. مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، أَبُو مُسْلِمٍ كَاتِبُ الْوَزِيرِ ابْنُ حِنْزَابَةَ، رَوَى عَنِ الْبَغَوِيِّ وَابْنِ صَاعِدٍ وَابْنِ دُرَيْدٍ وَابْنِ أَبِي دَاوُدَ وَابْنِ عَرَفَةَ وَابْنِ مُجَاهِدٍ وَغَيْرِهِمْ. وَكَانَ آخِرَ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِ الْبَغَوِيِّ، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْحَدِيثِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالْفَهْمِ، وَقَدْ تَكَلَّمَ بَعْضُهُمْ فِي رِوَايَتِهِ عَنِ الْبَغَوِيِّ ; لِأَنَّ أُصُولَهُ كَانَ غَالِبُهَا مَفْسُودًا. وَذَكَرَ الصُّورِيُّ أَنَّهُ خَلَطَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ
পৃষ্ঠা - ৯৬৬৩
الْأَعْلَى الصَّدَفِيُّ الْمِصْرِيُّ صَاحِبُ كِتَابِ " الزِّيجِ الْحَاكِمِيِّ " فِي أَرْبَعِ مُجَلَّدَاتٍ، كَانَ أَبُوهُ مِنْ أَكَابِرِ الْمُحَدِّثِينَ مِنَ الْحُفَّاظِ، وَقَدْ أَرَّخَ لِمِصْرَ تَارِيخًا نَافِعًا يَرْجِعُ إِلَيْهِ الْعُلَمَاءُ، وَأَمَّا هَذَا فَاشْتَغَلَ بِعِلْمِ النُّجُومِ، فَنَالَ مِنْ شَأْنِهِ مَنَالًا جَيِّدًا، وَكَانَ شَدِيدَ الِاعْتِنَاءِ بِعِلْمِ الرَّصْدِ، وَكَانَ مَعَ هَذَا مُغَفَّلًا، سَيِّئَ الْحَالِ، رَثَّ الثِّيَابِ، طَوِيلًا يَتَعَمَّمُ عَلَى طُرْطُورٍ طَوِيلٍ وَيَتَطَيْلَسُ فَوْقَهُ، وَيَرْكَبُ حِمَارًا، فَمَنْ رَآهُ ضَحِكَ مِنْهُ، وَكَانَ يَدْخُلُ عَلَى الْحَاكِمِ فَيُكْرِمُهُ، وَيَذْكُرُ مِنْ تَغَفُّلِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ اعْتِنَائِهِ بِأَمْرِ نَفْسِهِ، وَكَانَ شَاهِدًا مُعَدَّلًا، وَلَهُ شِعْرٌ جَيِّدٌ، فَمِنْهُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ خَلِّكَانَ: أُحَمِّلُ نَشْرَ الرِّيحِ عِنْدَ هُبُوبِهِ ... رِسَالَةَ مُشْتَاقٍ لِوَجْهِ حَبِيبِهِ بِنَفْسِيَ مَنْ تَحْيَا النُّفُوسُ بِقُرْبِهِ ... وَمَنْ طَابَتِ الدُّنْيَا بِهِ وَبِطِيبِهِ وَجَدَّدَ وَجْدِي طَائِفٌ مِنْهُ فِي الْكَرَى ... سَرَى مَوْهِنًا فِي خُفْيَةٍ مِنْ رَقِيبِهِ لَعَمْرِي لَقَدْ عَطَّلْتُ كَأْسِي بَعْدَهُ ... وَغَيَّبْتُهَا عَنِّي لَطُولِ مَغِيبِهِ تَمَنِّي أُمُّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْقَادِرِ بِاللَّهِ مَوْلَاةُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ الْمُقْتَدِرِ، كَانَتْ مِنَ الْعَابِدَاتِ الصَّالِحَاتِ، وَمِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ وَالدِّينِ، تُوُفِّيَتْ لَيْلَةَ الْخَمِيسِ الثَّانِيَ وَالْعِشْرِينَ مِنْ شَعْبَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَصَلَّى عَلَيْهَا ابْنُهَا الْقَادِرُ، وَحُمِلَتْ بَعْدَ الْعِشَاءِ إِلَى الرُّصَافَةِ.
পৃষ্ঠা - ৯৬৬৪
سَنَةُ أَرْبَعِمِائَةٍ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ عَلَى صَاحِبِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ فِي رَبِيعٍ الْآخَرِ مِنْهَا نَقَصَتْ دِجْلَةُ نَقْصًا كَثِيرًا، حَتَّى ظَهَرَتْ جَزَائِرُ لَمْ تَكُنْ تُعْرَفُ، وَامْتَنَعَ سَيْرُ السُّفُنِ فِي أَمَاكِنِهَا مِنْ أَوَانَا وَالرَّاشِدِيَّةِ فَأُمِرَ بِكَرْيِ تِلْكَ الْأَمَاكِنِ وَلَمْ تُكْرَ قَبْلَ ذَلِكَ. وَفِيهَا كَمُلَ السُّورُ عَلَى الْمَشْهَدِ بِالْحَائِرِ، وَكَانَ الَّذِي بَنَاهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ سَهْلَانَ عَلَى نَذْرٍ نَذَرَهُ حِينَ زَارَهُ. وَفِي رَمَضَانَ أَرْجَفَ النَّاسُ بِالْخَلِيفَةِ الْقَادِرِ بِاللَّهِ فَجَلَسَ لِلنَّاسِ يَوْمَ جُمُعَةٍ بَعْدَ الصَّلَاةِ، وَعَلَيْهِ الْبُرْدَةُ، وَبِيَدِهِ الْقَضِيبُ، وَجَاءَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيُّ فَقَبَّلَ الْأَرْضَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَقَرَأَ {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا} [الأحزاب: 60] [الْأَحْزَابِ: 60، 61] فَتَبَاكَى النَّاسُ، وَدَعَوْا، وَانْصَرَفُوا.
পৃষ্ঠা - ৯৬৬৫
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ وَرَدَ الْخَبَرُ بِأَنَّ الْحَاكِمَ أَنْفَذَ إِلَى دَارِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ بِالْمَدِينَةِ، فَأَخَذَ مِنْهَا مُصْحَفًا وَآلَاتٍ كَانَتْ بِهَا، وَهَذِهِ الدَّارُ لَمْ تُفْتَحْ بَعْدَ مَوْتِ صَاحِبِهَا إِلَى هَذِهِ الْمُدَّةِ، وَكَانَ مَعَ الْمُصْحَفِ قَعْبٌ خَشَبٌ مُطَوَّقٌ بِحَدِيدٍ وَدَرَقَةٌ خَيْزُرَانٌ وَحَرْبَةٌ وَسَرِيرٌ، حَمَلَ ذَلِكَ كُلَّهَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعَلَوِيِّينَ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، فَأَطْلَقَ لَهُمْ أَنْعَامًا كَثِيرَةً وَنَفَقَاتٍ زَائِدَةً، وَرَّدَ السَّرِيرَ، وَأَخَذَ الْبَاقِيَ، وَقَالَ: أَنَا أَحَقُّ بِهِ، فَرَدُّوا وَهُمْ ذَامُّونَ لَهُ دَاعُونَ عَلَيْهِ. وَبَنَى الْحَاكِمُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ دَارَ الْعِلْمِ، وَأَجْلَسَ فِيهَا الْفُقَهَاءَ، ثُمَّ بَعْدَ ثَلَاثِ سِنِينَ هَدَمَهَا، وَقَتَلَ خَلْقًا كَثِيرًا مِمَّنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالْمُحَدِّثِينَ وَأَهْلِ الْخَيْرِ وَالدِّيَانَةِ. وَعَمَّرَ الْجَامِعَ الْمَنْسُوبَ إِلَيْهِ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَهُوَ جَامِعُ الْحَاكِمِ، وَتَأَنَّقَ فِي بِنَائِهِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ. وَفِي ذِي الْحِجَّةِ مِنْهَا أُعِيدَ الْمُؤَيَّدُ هِشَامُ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأُمَوِيُّ إِلَى مُلْكِهِ بَعْدَ خَلْعِهِ وَحَبْسِهِ مُدَّةً طَوِيلَةً. وَكَانَتِ الْخُطْبَةُ بِالْحَرَمَيْنِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ لِلْحَاكِمِ الْعُبَيْدِيِّ صَاحِبِ مِصْرَ وَالشَّامِ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: الْحُسَيْنُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، أَبُو أَحْمَدَ الْمُوسَوِيُّ النَّقِيبُ وَالِدُ الرَّضِيِّ وَالْمُرْتَضَى، وَلِيَ نِقَابَةَ الطَّالِبِيِّينَ مَرَّاتٍ بِبَغْدَادَ نَحْوًا مِنْ خَمْسِ مَرَّاتٍ، يُعْزَلُ وَيُعَادُ ثُمَّ أَضَرَّ فِي آخِرِ عُمُرِهِ، وَتُوُفِّيَ عَنْ
পৃষ্ঠা - ৯৬৬৬
سَبْعٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً، وَصَلَّى عَلَيْهِ ابْنُهُ الْمُرْتَضَى، وَدُفِنَ فِي مَشْهَدِ الْحُسَيْنِ. وَقَدْ رَثَاهُ ابْنُهُ الْمُرْتَضَى هَذَا بِقَصِيدَةٍ حَسَنَةٍ قَوِيَّةِ الْمَنْزَعِ وَالْمَطْلَعِ مِنْهَا قَوْلُهُ: سَلَامُ اللَّهِ تَنْقُلُهُ اللَّيَالِي ... وَيَهْدِيهِ الْغُدُوُّ إِلَى الرَّوَاحِ عَلَى جَدَثٍ تَشَبَّثَ مِنْ لُؤَيٍّ ... بِيَنْبُوعِ الْعِبَادَةِ وَالصَّلَاحِ فَتًى لَمْ يَرْوِ إِلَّا مِنْ حَلَالٍ ... وَلَمْ يَكُ زَادُهُ غَيْرَ الْمُبَاحِ وَلَا دَنِسَتْ لَهُ إِزْرٌ بِوِزْرٍ ... وَلَا عَلِقَتْ لَهُ رَاحٌ بِرَاحِ خَفِيفُ الظَّهْرِ مِنْ ثِقْلِ الْخَطَايَا ... وَعُرْيَانُ الْجَوَانِحِ مِنْ جَنَاحِ مَشُوقٌ فِي الْأُمُورِ إِلَى عُلَاهَا ... وَمَدْلُولٌ عَلَى بَابِ النَّجَاحِ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ لَهُمْ قُلُوبٌ ... بِذِكْرِ اللَّهِ عَامِرَةُ النَّوَاحِ بِأَجْسَامٍ مِنَ التَّقْوَى مِرَاضٍ ... لِمُبْصِرِهَا وَأَدْيَانٍ صِحَاحِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَرَضِيَ عَنْهُ وَتَجَاوَزَ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ. الْحَجَّاجُ بْنُ هُرْمُزَ، أَبُو جَعْفَرٍ نَائِبُ بَهَاءِ الدَّوْلَةِ عَلَى الْعِرَاقِ، وَكَانَ يَنْتَدِبُهُ لِقِتَالِ الْأَعْرَابِ وَالْأَكْرَادِ، وَكَانَ مِنَ الْمُقَدَّمِينَ عَلَى عَهْدِ عَضُدِ الدَّوْلَةِ، وَكَانَتْ لَهُ خِبْرَةٌ تَامَّةٌ بِالْحَرْبِ، وَحُرْمَةٌ شَدِيدَةٌ، وَشُجَاعَةٌ وَافِرَةٌ، وَهِمَّةٌ عَالِيَةٌ، وَآرَاءٌ سَدِيدَةٌ. وَلَمَّا خَرَجَ مِنْ بَغْدَادَ فِي سَنَةِ ثِنْتَيْنِ وَتِسْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ كَثُرَتْ بِهَا الْفِتَنُ وَالشُّرُورُ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بِالْأَهْوَازِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ مِائَةِ سَنَةٍ وَخَمْسِ سِنِينَ، رَحِمَهُ اللَّهُ.
পৃষ্ঠা - ৯৬৬৭
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقُمِّيُّ الْمِصْرِيُّ التَّاجِرُ كَانَ ذَا مَالٍ جَزِيلٍ جِدًّا، اشْتَمَلَتْ تَرِكَتُهُ عَلَى أَزْيَدِ مِنْ أَلْفِ أَلْفِ دِينَارٍ، مِنْ سَائِرِ أَنْوَاعِ الْأَمْوَالِ. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بِأَرْضِ الْحِجَازِ، وَدُفِنَ بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ عِنْدَ قَبْرِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ. أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الرَّفَّاءِ الْمُقْرِئُ الْمُتَقَدِّمُ ذِكْرُهُ، كَانَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ صَوْتًا بِالْقُرْآنِ وَأَحْلَاهُمْ أَدَاءً، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ هُنَا.
পৃষ্ঠা - ৯৬৬৮
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَأَرْبَعِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ الرَّابِعِ مِنَ الْمُحَرَّمِ مِنْهَا خُطِبَ بِالْمَوْصِلِ لِلْحَاكِمِ الْعُبَيْدِيِّ عَنْ أَمْرِ صَاحِبِهَا قِرْوَاشِ بْنِ مُقَلَّدٍ أَبِي مَنِيعٍ، وَقَهْرِ رَعِيَّتَهُ عَلَى ذَلِكَ، وَقَدْ سَرَدَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ صِفَةَ الْخُطْبَةِ يَوْمَئِذٍ بِحُرُوفِهَا، وَفِي آخِرِ الْخُطْبَةِ صَلَّوْا عَلَى آبَائِهِ مِنَ الْخُلَفَاءِ ; الْمَهْدِيِّ، ثُمَّ ابْنِهِ الْقَائِمِ، ثُمَّ ابْنِهِ الْمَنْصُورِ، ثُمَّ ابْنِهِ الْمُعِزِّ، ثُمَّ ابْنِهِ الْعَزِيزِ، ثُمَّ ابْنِهِ الْحَاكِمِ صَاحِبِ الْوَقْتِ، وَبَالَغُوا فِي الدُّعَاءِ لَهُمْ، وَلَا سِيَّمَا لِلْحَاكِمِ الْمَذْكُورِ، وَكَذَلِكَ بِبَقِيَّةِ أَعْمَالِهِ مَنَ الْأَنْبَارِ وَالْمَدَائِنِ وَغَيْرِهَا، وَكَانَ سَبَبَ ذَلِكَ أَنَّ الْحَاكِمَ تَرَدَّدَتْ مُكَاتَبَاتُهُ وَرُسُلُهُ وَهَدَايَاهُ إِلَى قِرْوَاشٍ يَسْتَمِيلُهُ إِلَيْهِ، وَلِيُقْبِلَ بِوَجْهِهِ عَلَيْهِ، حَتَّى فَعَلَ مَا فَعَلَ مِمَّا ذَكَّرْنَا، فَلَمَّا بَلَغَ الْخَبَرُ الْقَادِرَ بِاللَّهِ الْعَبَّاسِيَّ كَتَبَ يُعَاتِبُ قِرْوَاشَ بْنَ مُقَلَّدٍ عَلَى مَا صَنَعَ، وَنَفَذَ بَهَاءُ الدَّوْلَةِ إِلَى عَمِيدِ الْجُيُوشِ بِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ لِمُحَارَبَةِ قِرْوَاشٍ، فَلَمَّا بَلَغَ قِرْوَاشًا رَجَعَ عَنْ رَأْيِهِ، وَنَدِمَ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ، وَأَمَرَ بِقَطْعِ الْخُطْبَةِ الْحَاكِمِيَّةِ مِنْ بِلَادِهِ، وَأَعَادَهَا إِلَى الْقَادِرِ الْعَبَّاسِيِّ عَلَى عَادَتِهِ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَلِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ رَجَبٍ زَادَتْ دِجْلَةُ زِيَادَةً كَثِيرَةً، وَاسْتَمَرَّتِ الزِّيَادَةُ إِلَى رَمَضَانَ، وَبَلَغَتْ أَحَدًا وَعِشْرِينَ ذِرَاعًا وَثُلُثًا،
পৃষ্ঠা - ৯৬৬৯
وَدَخَلَ الْمَاءُ إِلَى أَكْثَرِ دُورِ بَغْدَادَ. وَفِيهَا رَجَعَ الْوَزِيرُ أَبُو غَالِبِ بْنُ خَلَفٍ إِلَى بَغْدَادَ وَلُقِّبَ فَخْرَ الْمُلْكِ بَعْدَ عَمِيدِ الْجُيُوشِ. وَفِيهَا عَصَى أَبُو الْفَتْحِ الْحَسَنُ بْنُ جَعْفَرٍ الْعَلَوِيُّ، وَدَعَا إِلَى نَفْسِهِ، وَتَلَقَّبَ بِالرَّاشِدِ بِاللَّهِ. وَلَمْ يَحُجَّ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ أَيْضًا، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ وَالْأَشْرَافِ: أَبُو مَسْعُودٍ الدِّمَشْقِيُّ، إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ، أَبُو مَسْعُودٍ الدِّمَشْقِيُّ الْحَافِظُ الْكَبِيرُ، مُصَنِّفُ كِتَابِ " الْأَطْرَافِ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ "، رَحَلَ إِلَى بِلَادٍ شَتَّى كَبَغْدَادَ وَالْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ وَوَاسِطٍ وَالْأَهْوَازِ وَأَصْبَهَانَ وَخُرَاسَانَ، وَكَانَ مِنَ الْحُفَّاظِ الصَّادِقِينَ الْأُمَنَاءِ الضَّابِطِينَ، وَلَمْ يَرْوِ إِلَّا الْيَسِيرَ، رَوَى عَنْهُ أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرِيُّ وَأَبُو ذَرٍ الْهَرَوِيُّ وَحَمْزَةُ السَّهْمِيُّ وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بِبَغْدَادَ فِي رَجَبٍ، وَأَوْصَى إِلَى أَبِي حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيِّ، فَصَلَّى عَلَيْهِ، وَدُفِنَ فِي مَقْبَرَةِ جَامِعِ الْمَنْصُورِ قَرِيبًا مِنَ السِّكَكِ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَقَدْ تَرْجَمَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. عَمِيدُ الْجُيُوشِ، الْحَسَنُ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ أُسْتَاذُ هُرْمُزَ، أَبُو عَلِيٍّ، الْمُلَقَّبُ
পৃষ্ঠা - ৯৬৭০
بِعَمِيدِ الْجُيُوشِ، وَزِيرُ بِهَاءِ الدَّوْلَةِ، وُلِدَ سَنَةَ خَمْسِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَكَانَ أَبُوهُ مِنْ حُجَّابِ عَضُدِ الدَّوْلَةِ، وَوَلَّاهُ بَهَاءُ الدَّوْلَةِ النَّظَرَ فِي وِزَارَتِ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَتِسْعِينَ، وَالشُّرُورُ عَامَّةٌ كَثِيرَةٌ، فَمَهَّدَ الْبِلَادَ وَأَخَافَ الْعَيَّارِينَ وَاسْتَقَامَتْ بِهِ الْأُمُورُ، وَأَمَرَ بَعْضَ غِلْمَانِهِ أَنْ يَحْمِلَ صِينِيَّةً فِيهَا دَرَاهِمُ مَكْشُوفَةٌ، مِنْ أَوَّلِ بَغْدَادَ إِلَى آخِرِهَا فِي أَزِقَّتِهَا، فَإِنِ اعْتَرَضَهُ أَحَدٌ فَلْيَدْفَعْهَا إِلَيْهِ، وَلْيَعْرِفَ ذَلِكَ الْمَكَانَ، فَذَهَبَ الْغُلَامُ، فَلَمْ يَعْتَرِضْهُ أَحَدٌ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ، وَمَنَعَ الرَّوَافِضَ مِمَّا كَانُوا يَتَعَاطَوْنَهُ مِنَ النِّيَاحَةِ فِي عَاشُورَاءَ، وَإِقَامَةِ الْعِيدِ الْمُبْتَدَعِ فِي الْيَوْمِ الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: غَدِيرُ خُمٍّ. وَكَانَ عَادِلًا مُنْصِفًا، رَحِمَهُ اللَّهُ. خَلَفُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حَمْدُونَ، أَبُو مُحَمَّدٍ الْوَاسِطِيُّ رَحَلَ إِلَى الْبِلَادِ، وَسَمِعَ الْكَثِيرَ، ثُمَّ عَادَ إِلَى بَغْدَادَ ثُمَّ رَحَلَ إِلَى الشَّامِ وَمِصْرَ، وَكَتَبَ النَّاسُ بِانْتِخَابِهِ، وَصَنَّفَ أَطْرَافًا عَلَى " الصَّحِيحَيْنِ " وَكَانَتْ لَهُ مَعْرِفَةٌ تَامَّةٌ، وَحِفْظٌ جَيِّدٌ، ثُمَّ عَادَ إِلَى بَغْدَادَ وَاشْتَغَلَ بِالتِّجَارَةِ، وَتَرَكَ النَّظَرَ فِي الْعِلْمِ حَتَّى تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، رَحِمَهُ اللَّهُ وَسَامَحَهُ. وَمِمَّنْ رَوَى عَنْهُ الْأَزْهَرِيُّ. أَبُو عُبَيْدٍ الْهَرَوِيُّ، صَاحِبُ " الْغَرِيبَيْنِ "، أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ الْعَبْدِيُّ اللُّغَوِيُّ الْبَارِعُ، كَانَ مِنْ عُلَمَاءِ النَّاسِ فِي الْأَدَبِ وَاللُّغَةِ،
পৃষ্ঠা - ৯৬৭১
وَكِتَابُهُ " الْغَرِيبَيْنِ " فِي مَعْرِفَةِ غَرِيبِ الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ، يَدُلُّ عَلَى اطِّلَاعِهِ وَتَبَحُّرِهِ فِي هَذَا الشَّأْنِ، وَكَانَ مِنْ تَلَامِذَةِ أَبِي مَنْصُورٍ الْأَزْهَرِيِّ. قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: وَقِيلَ: إِنَّهُ كَانَ يُحِبُّ الْبِذْلَةَ، وَيَتَنَاوَلُ فِي الْخَلْوَةِ، وَيُعَاشِرُ أَهْلَ الْأَدَبِ فِي مَجَالِسِ اللَّذَّةِ وَالطَّرَبِ. سَامَحَهُ اللَّهُ تَعَالَى. قَالَ: وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي رَجَبٍ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِمِائَةٍ. وَذَكَرَ ابْنُ خَلِّكَانَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَوِ الَّتِي قَبْلَهَا وَفَاةُ أَبِي الْفَتْحِ الْبُسْتِيِّ الشَّاعِرِ وَهُوَ: عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْكَاتِبُ صَاحِبُ الطَّرِيقَةِ الْأَنِيقَةِ فِي التَّجْنِيسِ الْأَنِيسِ، الْبَدِيعِ التَّأْسِيسِ، وَالْحَذَاقَةِ وَالنَّظْمِ وَالنَّثْرِ، وَقَدْ أَسْلَفْنَا ذِكْرَهُ. وَمِمَّا أَوْرَدَ لَهُ ابْنُ خَلِّكَانَ قَوْلُهُ: مَنْ أَصْلَحَ فَاسِدَهُ أَرْغَمَ حَاسِدَهُ. مَنْ أَطَاعَ غَضَبَهُ أَضَاعَ أَدَبَهُ. مِنْ سَعَادَةِ جَدِّكَ وُقُوفُكَ عِنْدَ حَدِّكَ. الْمَنِيَّةُ تَضْحَكُ مِنَ الْأُمْنِيَةِ. الرَّشْوَةُ رِشَاءُ الْحَاجَاتِ. حَدُّ الْعَفَافِ الرِّضَا بِالْكَفَافِ. وَمِنْ شَعْرِهِ: إِنْ هَزَّ أَقْلَامَهُ يَوْمًا لِيُعْمِلَهَا ... أَنْسَاكَ كُلَّ كَمِيٍّ هَزَّ عَامِلَهُ وَإِنْ أَقَرَّ عَلَى رِقٍّ أَنَاَمِلَهُ ... أَقَرَّ بَالرِّقِّ كُتَّابُ الْأَنَامِ لَهُ
পৃষ্ঠা - ৯৬৭২
وَلَهُ: إِذَا تَحَدَّثْتَ فِي قَوْمٍ لِتُؤْنِسَهُمْ ... بِمَا تُحَدِّثُ مِنْ مَاضٍ وَمِنْ آتِ فَلَا تَعُدْ لِحَدِيثٍ إِنَّ طَبْعَهُمُ ... مُوَكَّلٌ بَمُعَادَاةِ الْمُعَادَاتِ
পৃষ্ঠা - ৯৬৭৩
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثِنْتَيْنِ وَأَرْبَعِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِي الْمُحَرَّمِ أَذِنَ فَخْرُ الْمُلْكِ لِلرَّوَافِضِ أَنْ يَعْمَلُوا الْبِدْعَةَ الشَّنْعَاءَ، وَالْفَضِيحَةَ الصَّلْعَاءَ، مِنَ الِانْتِحَابِ وَالنَّوْحِ وَالْبُكَاءِ، وَتَعْلِيقِ الْمُسُوحِ، وَتَغْلِيقِ الْأَسْوَاقِ مِنَ الصَّبَاحِ إِلَى الْمَسَاءِ، وَدَوَرَانِ النِّسَاءِ حَاسِرَاتٍ عَنْ وُجُوهِهِنَّ وَرُءُوسِهِنَّ، يَلْطِمْنَ خُدُودَهُنَّ، كَفِعْلِ الْجَاهِلِيَّةِ الْجَهْلَاءِ، فَلَا جَزَاهُ اللَّهُ عَنِ السُّنَّةِ خَيْرًا، وَسَوَّدَ اللَّهُ وَجْهَهُ يَوْمَ الْجَزَاءِ، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاءِ، رَبُّ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ. وَفِي رَبِيعٍ الْآخَرِ أَمَرَ الْقَادِرُ بِاللَّهِ بِعِمَارَةِ مَسْجِدِ الْكَفِّ بِقَطِيعَةِ الدَّقِيقِ، وَأَنْ يُعَادَ إِلَى أَحْسَنِ مَا كَانَ، فَفُعِلَ ذَلِكَ وَزُخْرِفَ زَخْرَفَةً عَظِيمَةً جِدًّا. ذِكْرُ الطَّعْنِ فِي نَسَبِ الْفَاطِمِيِّينَ، مِنْ أَئِمَّةِ بَغْدَادَ وَغَيْرِهَا مِنَ الْبِلَادِ وَفِي رَبِيعٍ الْآخَرِ مِنْهَا كَتَبَ هَؤُلَاءِ بِبَغْدَادَ مَحَاضِرَ تَتَضَمَّنُ الطَّعْنَ وَالْقَدْحَ فِي نَسَبِ الْخُلَفَاءِ الْمِصْرِيِّينَ الَّذِينَ يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ فَاطِمِيُّونَ وَلَيْسُوا كَذَلِكَ، وَنِسْبَتُهُمْ إِلَى دَيْصَانَ بْنِ سَعِيدٍ الْخُرَّمِيِّ، وَكَتَبَ فِي ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَالْقُضَاةِ
পৃষ্ঠা - ৯৬৭৪
وَالْفُقَهَاءِ وَالْأَشْرَافِ وَالْأَمَاثِلِ وَالْمُعَدِّلِينَ وَالصَّالِحِينَ، شَهِدُوا جَمِيعًا أَنَّ النَّاجِمَ بِمِصْرَ - وَهُوَ مَنْصُورُ بْنُ نِزَارٍ الْمُلَقَّبُ بِالْحَاكِمِ، حَكَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِالْبَوَارِ، وَالْخِزْيِ وَالدَّمَارِ، وَالنَّكَالِ وَالِاسْتِئْصَالِ، ابْنِ مَعَدِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدٍ، لَا أَسْعَدَهُ اللَّهُ، فَإِنَّهُ لَمَّا صَارَ إِلَى بِلَادِ الْمَغْرِبِ تَسَمَّى بِعُبَيْدِ اللَّهِ، وَتَلَقَّبُ بِالْمَهْدِيِّ - وَمَنْ تَقَدَّمَ مِنْ سَلَفِهِ مِنَ الْأَنْجَاسِ وَالْأَرْجَاسِ - عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَلَعْنَةُ اللَّاعِنِينَ - أَدْعِيَاءُ خَوَارِجُ لَا نَسَبَ لَهُمْ فِي وَلَدِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالَبٍ وَلَا يَتَعَلَّقُونَ بِسَبَبٍ، وَأَنَّهُ مُنَزَّهٌ عَنْ بَاطِلِهِمْ، وَأَنَّ الَّذِي ادَّعَوْهُ مِنَ الِانْتِسَابِ إِلَيْهِ بَاطِلٌ وَزُورٌ، وَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ بُيُوتَاتِ الطَّالِبِيِّينَ تَوَقَّفَ عَنْ إِطْلَاقِ الْقَوْلِ فِي هَؤُلَاءِ الْخَوَارِجِ أَنَّهُمْ أَدْعِيَاءُ، وَقَدْ كَانَ هَذَا الْإِنْكَارُ لِبَاطِلِهِمْ شَائِعًا فِي الْحَرَمَيْنِ، وَفِي أَوَّلِ أَمْرِهِمْ بِالْمَغْرِبِ مُنْتَشِرًا انْتِشَارًا يَمْنَعُ أَنْ يُدَلِّسَ عَلَى أَحَدٍ كَذِبُهُمْ، أَوْ يَذْهَبَ وَهْمٌ إِلَى تَصْدِيقِهِمْ فِيمَا ادَّعَوْهُ، وَأَنَّ هَذَا النَّاجِمَ بِمِصْرَ هُوَ وَسَلَفُهُ كَفَّارٌ فُسَّاقٌ فُجَّارٌ، مُلْحِدُونَ زَنَادِقَةٌ مُعَطِّلُونَ، وَلِلْإِسْلَامِ جَاحِدُونَ، وَلِمَذْهَبِ الثَّنَوِيَّةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ مُعْتَقِدُونَ، قَدْ عَطَّلُوا الْحُدُودَ، وَأَبَاحُوا الْفُرُوجَ، وَأَحَلُّوا الْخُمُورَ، وَسَفَكُوا الدِّمَاءَ، وَسَبُّوا الْأَنْبِيَاءَ، وَلَعَنُوا السَّلَفَ، وَادَّعَوُا الرُّبُوبِيَّةَ، وَكَتَبَ فِي رَبِيعٍ الْآخَرِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِمِائَةٍ. وَقَدْ كَتَبَ خَطَّهُ فِي الْمَحْضَرِ خَلْقٌ كَثِيرٌ، فَمِنَ الْعَلَوِيِّينَ: الْمُرْتَضَى وَالرَّضِيُّ وَابْنُ الْأَزْرَقِ الْمُوسَوِيُّ، وَأَبُو طَاهِرِ بْنُ أَبِي الطَّيِّبِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ، وَابْنُ أَبِي يَعْلَى. وَمِنَ الْقُضَاةِ: أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ الْأَكْفَانِيِّ، وَأَبُو الْقَاسِمِ الْخَزَرِيُّ، وَأَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ السُّورِيِّ. وَمِنَ الْفُقَهَاءِ: أَبُو حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدِ بْنُ
পৃষ্ঠা - ৯৬৭৫
الْكَشْفُلِيِّ وَأَبُو الْحُسَيْنِ الْقُدُورِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصَّيْمَرِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَيْضَاوِيُّ، وَأَبُو عَلِيِّ بْنُ حَمَكَانَ. وَمِنَ الشُّهُودِ: أَبُو الْقَاسِمِ التَّنُوخِيُّ، فِي خَلْقٍ كَثِيرٍ، وَقُرِئَ بِالْبَصْرَةِ وَكَتَبَ فِيهِ خَلْقٌ كَثِيرٌ. هَذِهِ عِبَارَةُ أَبِي الْفَرَجِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ. قُلْتُ: وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَؤُلَاءِ أَدْعِيَاءُ، كَمَا ذَكَرَ هَؤُلَاءِ السَّادَةُ الْعُلَمَاءُ، وَالْأَئِمَّةُ الْفُضَلَاءُ، وَأَنَّهُمْ لَا نَسَبَ لَهُمْ إِلَى عَلِيٍّ وَلَا إِلَى فَاطِمَةَ كَمَا يَزْعُمُونَ، قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ لِلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ حِينَ أَرَادَ الدُّخُولَ إِلَى الْعِرَاقِ، وَذَلِكَ عَنْ كُتُبِ عَوَامِّ أَهْلِ الْكُوفَةِ إِلَيْهِ بِالْبَيْعَةِ لَهُ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: لَا تَذْهَبُ إِلَيْهِمْ، فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكَ أَنْ تُقْتَلَ، وَإِنَّ جَدَّكَ قَدْ خُيِّرَ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَاخْتَارَ الْآخِرَةَ عَلَى الدُّنْيَا، وَأَنْتَ بُضْعَةٌ مِنْهُ، وَإِنَّهُ وَاللَّهِ لَا تَنَالُهَا لَا أَنْتَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ. فَهَذَا الْكَلَامُ الْحَسَنُ الصَّحِيحُ الْمُتَوَجِّهُ الْمَعْقُولُ مِنْ هَذَا الصَّحَابِيِّ الْجَلِيلِ، يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَلِي الْخِلَافَةَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ إِلَّا مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْمَهْدِيَّ، الَّذِي يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ وَقْتَ نُزُولِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ، كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ مُفَصَّلًا فِي أَحَادِيثِ الْمَلَاحِمِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَدْ مَلَكُوا دِيَارَ مِصْرَ مُدَّةً طَوِيلَةً، فَدَلَّ ذَلِكَ دَلَالَةً قَوِيَّةً ظَاهِرَةً أَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ بَيْتِ النُّبُوَّةِ، كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ سَادَةُ الْقُضَاةِ وَالشُّهُودِ وَالْفُقَهَاءِ وَالْكُبَرَاءِ، وَقَدْ صَنَّفَ الْقَاضِي الْبَاقِلَّانِيُّ كِتَابًا فِي الرَّدِّ عَلَى هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الْمُنْتَسِبِينَ إِلَى الْفَاطِمِيِّينَ وَسَمَّاهُ " كَشْفَ الْأَسْرَارِ وَهَتْكَ الْأَسْتَارِ " نَثَرَ فِيهِ فَضَائِحَهُمْ وَقَبَائِحَهُمْ، وَوَضَّحَ أَمْرَهُمْ لِكُلِّ أَحَدٍ يَفْهَمُ شَيْئًا مِنْ مَطَاوِي أَفْعَالِهِمْ وَأَقْوَالِهِمْ، وَقَدْ كَانَ يَقُولُ فِي عِبَارَتِهِ: هَؤُلَاءِ قَوْمٌ
পৃষ্ঠা - ৯৬৭৬
يُظْهِرُونَ الرَّفْضَ وَيُبْطِنُونَ الْكُفْرَ الْمَحْضَ. وَفِي رَجَبٍ وَشَعْبَانَ وَرَمَضَانَ أَخْرَجَ الْوَزِيرُ فَخْرُ الْمُلْكِ صَدَقَاتٍ كَثِيرَةٍ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْمُقِيمِينَ بِالْمَشَاهِدِ وَالْمَقَابِرِ، وَزَارَ بِنَفْسِهِ الْمَسَاجِدَ وَالْمَشَاهِدَ، وَأَخْرَجَ خَلْقًا مِنَ الْمَسْجُونِينَ بِالْحُبُوسِ، وَأَظْهَرَ نُسُكًا كَثِيرًا، وَعَمَّرَ دَارًا عَظِيمَةً عِنْدَ سُوقِ الدَّقِيقِ هَائِلَةً. وَفِي شَوَّالٍ عَصَفَتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ سَوْدَاءُ، فَقَصَفَتْ كَثِيرًا مِنَ النَّخْلِ، أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةِ آلَافٍ. وَوَرَدَ كِتَابٌ مِنْ يَمِينِ الدَّوْلَةِ مَحْمُودِ بْنِ سُبُكْتِكِينَ صَاحِبِ غَزْنَةَ أَيَّدَهُ اللَّهُ تَعَالَى، بِأَنَّهُ رَكِبَ بِجَيْشِهِ إِلَى دَارِ الْعَدُوِّ، فَاجْتَازَ بِهِمْ فِي مَفَازَةٍ، فَأَعْوَزَهُمْ فِيهَا الْمَاءُ حَتَّى كَادُوا أَنْ يَهْلِكُوا عَطَشًا، فَبَعَثَ اللَّهُ لَهُمْ سَحَابَةً، فَأَمْطَرَتْ عَلَيْهِمْ حَتَّى شَرِبُوا وَرَوُوا، ثُمَّ تَوَاقَفُوا هُمْ وَعَدُوُّهُمْ، وَمَعَ الْأَعْدَاءِ نَحْوٌ مِنْ سِتِّمِائَةِ فِيلٍ، فَهَزَمُوهُمْ، وَغَنِمُوا شَيْئًا كَثِيرًا مِنَ الْأَمْوَالِ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. وَعَمِلَتِ الشِّيعَةُ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ - وَهُوَ الْيَوْمُ الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ - الْبِدْعَةَ الَّتِي ابْتَدَعُوهَا لَا لِابْتِغَاءِ وَجْهِ اللَّهِ، وَزُيِّنَتِ الْحَوَانِيتُ، وَتَمَكَّنُوا بِسَبَبِ الْوَزِيرِ وَكَثِيرٍ مِنَ الْأَتْرَاكِ تَمَكُّنًا كَثِيرًا. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: الْحَسَنُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي سَهْلِ بْنِ نُوبَخْتَ، أَبُو مُحَمَّدٍ النُوبَخْتِيُّ الْكَاتِبُ وُلِدَ سَنَةَ عِشْرِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَرَوَى عَنْ
পৃষ্ঠা - ৯৬৭৭
الْمَحَامِلِيِّ وَغَيْرِهِ، وَعَنْهُ الْبَرْقَانِيُّ، وَقَالَ: كَانَ شِيعِيًّا مُعْتَزِلِيًّا، إِلَّا أَنَّهُ تَبَيَّنَ لِي أَنَّهُ كَانَ صَدُوقًا. وَالْأَزْهَرِيُّ، وَقَالَ: كَانَ رَافِضِيًّا رَدِيءَ الْمَذْهَبِ. وَقَالَ الْعَتِيقِيُّ: كَانَ ثِقَةً فِي الْحَدِيثِ وَيَذْهَبُ إِلَى الِاعْتِزَالِ. عُثْمَانُ بْنُ عِيسَى، أَبُو عَمْرٍو الْبَاقِلَّانِيُّ أَحَدُ الزُّهَّادِ الْكِبَارِ الْمَشْهُورِينَ، كَانَتْ لَهُ نَخَلَاتٌ يَأْكُلُ مِنْهُنَّ، وَيَعْمَلُ بِيَدِهِ فِي الْبَوَارِيِّ، وَيَأْكُلُ مِنْ ذَلِكَ، وَكَانَ فِي غَايَةِ الزَّهَادَةِ وَالْعِبَادَةِ الْكَثِيرَةِ، وَكَانَ لَا يَخْرُجُ مِنْ مَسْجِدِهِ إِلَّا مِنَ الْجُمُعَةِ إِلَى الْجُمُعَةِ، يُصَلِّي فِي الْجَامِعِ، ثُمَّ يَعُودُ إِلَى مَسْجِدِهِ، وَكَانَ مَسْجِدُهُ لَا يَحْصُلُ لَهُ شَيْءٌ يُشْعِلُهُ فِيهِ، فَطَلَبَ مِنْهُ بَعْضُ الْأُمَرَاءِ أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ شَيْئًا وَلَوْ زَيْتًا يُشْعِلُهُ فِي قَنَادِيلِهِ، فَأَبَى الشَّيْخُ ذَلِكَ. وَلَمَّا مَاتَ رَأَى بَعْضُهُمْ بَعْضَ الْأَمْوَاتِ مِنْ جِيرَانِ قَبْرِهِ، فَسَأَلَهُ عَنْ جِوَارِهِ، فَقَالَ: وَأَيْنَ هُوَ؟! لَمَّا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ سَمِعْنَا قَائِلًا يَقُولُ: الْفِرْدَوْسَ الْأَعْلَى. أَوْ كَمَا قَالَ. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي رَجَبٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ سِتَّةٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً. مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ بْنِ فَرْوَةَ بْنِ نَاجِيَةَ، أَبُو الْحَسَنِ النَّحْوِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ النَّجَّارِ التَّمِيمِيُّ الْكُوفِيُّ، قَدِمَ بَغْدَادَ وَرَوَى عَنِ ابْنِ دُرَيْدٍ وَالصُّولِيِّ وَنِفْطَوَيْهِ وَغَيْرِهِمْ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي جُمَادَى الْأُولَى مِنْ هَذِهِ
পৃষ্ঠা - ৯৬৭৮
السَّنَةِ عَنْ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً. أَبُو الطِّيِّبِ سَهْلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصُّعْلُوكِيُّ النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ أَبُو يَعْلَى الْخَلِيلِيُّ: تُوُفِّيَ فِيهَا. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ.
পৃষ্ঠা - ৯৬৭৯
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِي سَادِسَ عَشَرَ الْمُحَرَّمِ قُلِّدَ الشَّرِيفُ الرَّضِيُّ أَبُو الْحَسَنِ الْمُوسَوِيُّ نِقَابَةَ الطَّالِبِيِّينَ فِي سَائِرِ الْمَمَالِيكِ، وَقُرِئَ تَقْلِيدُهُ فِي دَارِ الْوَزِيرِ فَخْرِ الْمُلْكِ، بِمَحْضَرِ الْقُضَاةِ وَالْأَعْيَانِ، وَخُلِعَ عَلَيْهِ السَّوَادُ، وَهُوَ أَوَّلُ طَالِبِيٍّ خُلِعَ عَلَيْهِ السَّوَادُ. وَفِيهَا جِيءَ بِأَمِيرِ بَنِي خَفَاجَةَ أَبِي فُلَيْتَةَ، قَبَّحَهُ اللَّهُ، وَجَمَاعَةٍ مِنْ رُءُوسِ قَوْمِهِ أُسَارَى، وَكَانُوا قَدِ اعْتَرَضُوا الْحَجِيجَ فِي السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ وَهُمْ رَاجِعُونَ، وَغَوَّرُوا الْمَنَاهِلَ الَّتِي يَرِدُهَا الْحُجَّاجُ، وَوَضَعُوا فِيهَا الْحَنْظَلَ، بِحَيْثُ إِنَّهُ مَاتَ مِنَ الْعَطَشِ نَحْوٌ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا، وَأَخَذُوا بَقِيَّتَهُمْ، فَجَعَلُوهُمْ رُعَاةً لِمَوَاشِيهِمْ فِي أَسْوَإِ حَالٍ، وَأَخَذُوا جَمِيعَ مَا كَانَ مَعَهُمْ مِنَ الْأَحْمَالِ وَالْجِمَالِ، فَحِينَ أَحْضَرَهُمُ الْوَزِيرُ فَخْرُ الْمُلْكِ سَجَنَهُمْ وَمَنَعَهُمُ الْمَاءَ، ثُمَّ صَلَبَهُمْ تِلْقَاءَ دِجْلَةَ يَرَوْنَ صَفَاءَ الْمَاءِ، وَلَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُ، حَتَّى مَاتُوا كَذَلِكَ جَزَاءً وِفَاقًا، وَلَقَدْ أَحْسَنَ فَخْرُ الْمُلْكِ فِي هَذَا الصَّنِيعِ وَاقْتَدَى بِحَدِيثِ أَنَسٍ فِي الرِّعَاءِ الَّذِينَ كَانُوا فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْحَدِيثُ فِي " الصَّحِيحَيْنِ ". ثُمَّ بَعَثَ إِلَى أُولَئِكَ الَّذِينَ اعْتُقِلُوا فِي بِلَادِ بَنِي خَفَاجَةَ مِنَ الْحُجَّاجِ فَجِيءَ بِهِمْ، وَقَدْ تَزَوَّجَتْ نِسَاؤُهُمْ، وَقُسِمَتْ
পৃষ্ঠা - ৯৬৮০
أَمْوَالُهُمْ، فَرُدُّوا إِلَى أَهَالِيهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ. وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَفِي رَمَضَانَ انْقَضَّ كَوْكَبٌ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ، غَلَبَ ضَوْءُهُ عَلَى ضَوْءِ الْقَمَرِ، وَتَقَطَّعَ قِطَعًا، وَبَقِيَ سَاعَةً طَوِيلَةً. قَالَ: وَفِي شَوَّالٍ تُوُفِّيَتْ زَوْجَةُ بَعْضِ رُؤَسَاءِ النَّصَارَى، فَخَرَجَتِ النَّوَائِحُ وَالصُّلُبُ مَعَهَا جَهْرَةً، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ بَعْضُ الْهَاشِمِيِّينَ، فَضَرَبَهُ بَعْضُ غِلْمَانِ ذَلِكَ الرَّئِيسِ النَّصْرَانِيِّ بِدَبُّوسٍ فِي رَأْسِهِ فَشَجَّهُ، فَثَارَ الْمُسْلِمُونَ بِهِمْ، فَانْهَزَمُوا وَلَجَئُوا إِلَى كَنِيسَةٍ لَهُمْ هُنَاكَ، فَدَخَلَتِ الْعَامَّةُ إِلَيْهَا فَنَهَبُوا مَا فِيهَا وَمَا قَرُبَ مِنْهَا مِنْ دُورِ النَّصَارَى، وَتَتَبَّعُوا النَّصَارَى فِي الْبَلَدِ، وَقَصَدُوا دَارَ الْمُنَاصِحِ وَابْنِ أَبِي إِسْرَائِيلَ، فَقَاتَلَهُمْ غِلْمَانُهُمْ، وَانْتَشَرَتِ الْفِتْنَةُ بِبَغْدَادَ، وَرَفَعَ الْمُسْلِمُونَ الْمَصَاحِفَ فِي الْأَسْوَاقِ، وَعُطِّلَتِ الْجُمُعَةُ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ، وَاسْتَعَانُوا بِالْخَلِيفَةِ، فَأَمَرَ بِإِحْضَارِ ابْنِ أَبِي إِسْرَائِيلَ فَامْتَنَعَ، فَعَزَمَ الْخَلِيفَةُ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ بَغْدَادَ وَقَوِيَتِ الْفِتْنَةُ جِدًّا، وَنُهِبَتْ دُورٌ كَثِيرَةٌ مِنَ النَّصَارَى، ثُمَّ أُحْضِرَ ابْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ، فَبَذَلَ أَمْوَالًا جَزِيلَةً، فَعُفِيَ عَنْهُ، وَسَكَنَتِ الْفِتْنَةُ. وَفِي ذِي الْقَعْدَةِ وَرَدَ كِتَابٌ مِنْ يَمِينِ الدَّوْلَةِ مَحْمُودِ بْنِ سُبُكْتِكِينَ إِلَى الْخَلِيفَةِ يَذْكُرُ أَنَّهُ وَرَدَ إِلَيْهِ رَسُولٌ مِنَ الْحَاكِمِ صَاحِبِ مِصْرَ، يَدْعُوهُ إِلَى طَاعَتِهِ، فَبَصَقَ فِيهِ وَأَمَرَ بِتَحْرِيقِهِ، وَأَسْمَعَ رَسُولَهُ غَلِيظَ مَا يُقَالُ. وَفِيهَا قُلِّدَ أَبُو نَصْرِ بْنُ مَرْوَانَ الْكُرْدِيُّ إِمْرَةَ آمِدَ وَمَيَّافَارِقِينَ وَدِيَارِ بَكْرٍ، وَخُلِعَ
পৃষ্ঠা - ৯৬৮১
عَلَيْهِ بِطَوْقٍ وَسِوَارٍ، وَلُقِّبَ نَصِيرَ الدَّوْلَةِ. وَلَمْ يَتَمَكَّنْ رَكْبُ الْعِرَاقِ وَخُرَاسَانَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنَ الذَّهَابِ إِلَى الْحَجِّ لِفَسَادِ الطَّرِيقِ، وَغَيْبَةِ فَخْرِ الْمُلْكِ فِي إِصْلَاحِ الْأَرَاضِي. وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ عَادَتْ مَمْلَكَةُ الْأُمَوِيِّينَ بِالْأَنْدَلُسِ، فَتَوَلَّى فِيهَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّاصِرِ الْأُمَوِيُّ، وَلُقِّبَ بِالْمُسْتَعِينِ بِاللَّهِ، وَبَايَعَهُ النَّاسُ بِقُرْطُبَةَ. وَفِيهَا مَاتَ بَهَاءُ الدَّوْلَةِ أَبُو نَصْرٍ فَيْرُوزُ بْنِ عَضُدِ الدَّوْلَةِ بْنِ بُوَيْهِ الدَّيْلَمِيُّ، صَاحِبُ بَغْدَادَ وَالْعِرَاقِ، وَقَامَ بِالْأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ وَلَدُهُ سُلْطَانُ الدَّوْلَةِ أَبُو شُجَاعٍ. وَفِيهَا مَاتَ مَلِكُ التُّرْكِ الْأَعْظَمُ إِيلَكُ خَانَ، فَوَلِيَ أَمْرَهُمْ مِنْ بَعْدِهِ أَخُوهُ طُغَانُ خَانَ. وَفِيهَا هَلَكَ شَمْسُ الْمَعَالِي قَابُوسُ بْنُ وُشْمَكِيرَ ; أُدْخِلَ بَيْتًا بَارِدًا فِي الشِّتَاءِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنَ اللِّبَاسِ حَتَّى مَاتَ كَذَلِكَ، وَوَلِيَ الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ وَلَدُهُ مِنُوجِهْرُ، وَلُقِّبَ فَلَكَ الْمَعَالِي، وَخُطِبَ لِمَحْمُودِ بْنِ سُبُكْتِكِينَ، وَقَدْ كَانَ شَمْسُ الْمَعَالِي قَابُوسُ عَالِمًا فَاضِلًا أَدِيبًا شَاعِرًا، فَمِنْ شِعْرِهِ قَوْلُهُ: قُلْ لِلَّذِي بِصُرُوفِ الدَّهْرِ عَيَّرَنَا ... هَلْ عَانَدَ الدَّهْرُ إِلَّا مَنْ لَهُ خَطَرُ أَمَا تَرَى الْبَحْرَ يَطْفُو فَوْقَهُ جِيَفٌ ... وَيَسْتَقِرُّ بِأَقْصَى قَعْرِهِ الدُّرَرُ فَإِنْ تَكُنْ نَشِبَتْ أَيْدِي الْخُطُوبِ بِنَا ... وَمَسَّنَا مِنْ تَوَالِي صَرْفِهَا ضَرَرُ فَفِي السَّمَاءِ نُجُومٌ غَيْرُ ذِي عَدَدِ ... وَلَيْسَ يَكْسِفُ إِلَّا الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ