আল বিদায়া ওয়া আন্নিহায়া

পৃষ্ঠা - ৯৬৪০
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] وَفِيهَا وَلَّى بَهَاءُ الدَّوْلَةِ الشَّرِيفَ أَبَا أَحْمَدَ الْحُسَيْنَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى الْمُوسَوِيَّ قَضَاءَ الْقُضَاةِ وَالْحَجَّ وَالْمَظَالِمَ وَنِقَابَةَ الطَّالِبِيِّيِنَ، وَلُقِّبَ بِالطَّاهِرِ الْأَوْحَدِ ذِي الْمَنَاقِبِ، وَكَانَ التَّقْلِيدُ لَهُ بِشِيرَازَ، فَلَمَّا وَصَلَ الْكِتَابُ إِلَى بَغْدَادَ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْخَلِيفَةُ الْقَادِرُ فِي قَضَاءِ الْقُضَاةِ، فَتَوَقَّفَ حَالُهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ. وَفِيهَا مَلَكَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ وَاصِلٍ بِلَادَ الْبَطِيحَةِ، وَأَخْرَجَ مِنْهَا مُهَذِّبَ الدَّوْلَةِ فَقَصَدَهُ زَعِيمُ الْجُيُوشِ لِيَأْخُذَهَا مِنْهُ، فَهَزَمَهُ ابْنُ وَاصِلٍ وَنَهَبَ أَمْوَالَهُ وَحَوَاصِلَهُ، وَكَانَ فِي جُمْلَةِ مَا أَصَابَ فِي خَيْمَةِ الْخِزَانَةِ ثَلَاثُونَ أَلْفَ دِينَارٍ وَخَمْسُونَ أَلْفَ دِرْهَمٍ. وَفِيهَا خَرَجَ الرَّكْبُ الْعِرَاقِيُّ فِي جَحْفَلٍ كَبِيرٍ وَتَجَمُّلٍ كَثِيرٍ، فَاعْتَرَضَهُمُ الْأُصَيْفِرُ أَمِيرُ الْأَعْرَابِ لِيَنْهَبَهُمْ، فَبَعَثُوا إِلَيْهِ بِشَابَّيْنِ قَارِئَيْنِ مُجِيدَيْنِ كَانَا مَعَهُمْ - يُقَالُ لَهُمَا: أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الرَّفَّاءِ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الدَّجَاجِيِّ، وَكَانَا مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ قِرَاءَةً - لِيُكَلِّمَاهُ فِي شَيْءٍ يَأْخُذُهُ مِنَ الْحَجِيجِ، وَيُطْلِقُ سَرَاحَهُمْ ;
পৃষ্ঠা - ৯৬৪১
لِيُدْرِكُوا الْحَجَّ، فَلَمَّا جَلَسَا بَيْنَ يَدَيْهِ قَرَآ جَمِيعًا عَشْرًا بِأَصْوَاتٍ هَائِلَةٍ مَطْبُوعَةٍ، فَأَدْهَشَهُ ذَلِكَ وَأَعْجَبَهُ جِدًّا، وَقَالَ لَهُمَا: كَيْفَ عَيْشُكُمَا بِبَغْدَادَ؟ فَقَالَا: بِخَيْرٍ، لَا يَزَالُ النَّاسُ يُكْرِمُونَنَا وَيَبْعَثُونَ إِلَيْنَا بِالذَّهَبِ وَالدَّرَاهِمِ وَالتُّحَفِ، فَقَالَ: هَلْ أَطْلَقَ لَكُمَا أَحَدٌ مِنْهُمْ أَلْفَ أَلْفِ دِينَارٍ؟ فَقَالَا: لَا، وَلَا أَلْفَ دِينَارٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ؟! ، قَالَ: فَإِنِّي أُطْلِقُ لَكُمَا أَلْفَ أَلْفِ دِينَارٍ. فَأَطْلَقَ بِسَبَبِهِمَا الْحَجِيجَ، فَلَمْ يَعْرِضْ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ، وَذَهَبَ النَّاسُ، وَهُمْ سَالِمُونَ شَاكِرُونَ لِذَيْنِكَ الرَّجُلَيْنِ الْمُقْرِئَيْنِ. وَلَمَّا وَقَفَ النَّاسُ بِعَرَفَاتٍ قَرَأَ هَذَانِ الرَّجُلَانِ قِرَاءَةً عَظِيمَةً عَلَى جَبَلِ الرَّحْمَةِ، فَضَجَّ النَّاسُ مِنْ سَائِرِ الرُّكُوبِ لِقِرَاءَتِهِمَا، وَقَالُوا لِأَهْلِ الْعِرَاقِ: مَا كَانَ يَنْبَغِي لَكُمْ أَنْ تَخْرُجُوا مَعَكُمْ بِهَذَيْنَ الرَّجُلَيْنِ فِي سَفْرَةٍ وَاحِدَةٍ ; لِاحْتِمَالِ أَنْ يُصَابَا جَمِيعًا، بَلْ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَخْرُجُوا بِأَحَدِهِمَا، فَإِذَا أُصِيبَ سَلِمَ الْآخَرُ. وَكَانَتِ الْحُجَّةُ وَالْخُطْبَةُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَيْضًا لِلْمِصْرِيِّينَ كَمَا هِيَ لَهُمْ مِنْ سِنِينَ مُتَقَدِّمَةٍ. وَقَدْ كَانَ أَمِيرُ الْعِرَاقِيِّينَ عَزَمَ عَلَى الْعَوْدِ سَرِيعًا إِلَى بَغْدَادَ عَلَى طَرِيقِهِمُ الَّتِي جَاءُوا مِنْهَا، وَأَنْ لَا يَسِيرَ إِلَى الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ ; خَوْفًا مِنَ الْأَعْرَابِ، وَكَثْرَةِ الْخِفَارَاتِ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ، فَوَقَفَ هَذَانِ الْقَارِئَانِ عَلَى جَادَّةِ الطَّرِيقِ الَّتِي مِنْهَا يُعْدَلُ إِلَى الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ، وَقَرَآ {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ} [التوبة: 120] الْآيَاتِ. فَضَجَّ النَّاسُ بِالْبُكَاءِ، وَأَمَالَتِ النُّوقُ أَعْنَاقَهَا نَحْوَهُمَا، فَمَالَ
পৃষ্ঠা - ৯৬৪২
النَّاسُ وَالْأَمِيرُ بِأَجْمَعِهِمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً إِلَى الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ، فَزَارُوا وَعَادُوا سَالِمِينَ إِلَى بِلَادِهِمْ. وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. وَلَمَّا رَجَعَ هَذَانِ الْقَارِئَانِ رَتَّبَهُمَا وَلِيُّ الْأَمْرِ مَعَ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْبُهْلُولِ - وَكَانَ مُقْرِئًا مُجِيدًا أَيْضًا - لِيُصَلُّوا بِالنَّاسِ صَلَاةَ التَّرَاوِيحِ فِي رَمَضَانَ، فَكَثُرَ الْجَمْعُ وَرَاءَهُمْ لِحُسْنِ تِلَاوَتِهِمْ، وَكَانُوا يَتَنَاوَبُونَ فِي الْإِمَامَةِ. وَقَدْ قَرَأَ ابْنُ الْبُهْلُولِ يَوْمًا فِي جَامِعِ الْمَنْصُورِ قَوْلَهُ تَعَالَى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ} [الحديد: 16] فَنَهَضَ إِلَيْهِ رَجُلٌ صُوفِيٌّ، وَهُوَ يَتَمَايَلُ، فَقَالَ: كَيْفَ قُلْتَ؟ فَأَعَادَ الْآيَةَ، فَقَالَ الصُّوفِيُّ: بَلَى وَاللَّهِ، وَسَقَطَ مَيِّتًا رَحِمَهُ اللَّهُ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَكَذَلِكَ وَقَعَ لِأَبِي الْحَسَنِ بْنِ الْخَشَّابِ شَيْخِ ابْنِ الرَّفَّا، وَكَانَ تِلْمِيذًا لِأَبِي بَكْرِ بْنِ الْأَدَمِيِّ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ، وَكَانَ جَيِّدَ الْقِرَاءَةِ حَسَنَ الصَّوْتِ أَيْضًا، قَرَأَ ابْنُ الْخَشَّابِ لَيْلَةً فِي جَامِعِ الرُّصَافَةِ فِي الْإِحْيَاءِ هَذِهِ الْآيَةَ: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} [الحديد: 16] فَتَوَاجَدَ رَجُلٌ صُوفِيٌّ، وَقَالَ: بَلَى وَاللَّهِ قَدْ آنَ. وَجَلَسَ وَبَكَى بُكَاءً طَوِيلًا، ثُمَّ سَكَتَ سَكْتَةً، فَحَرَّكُوهُ فَإِذَا هُوَ مَيِّتٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، أَبُو عَلِيٍّ الْإِسْكَافِيُّ، وَيُلَقَّبُ بِالْمُوَفَّقِ
পৃষ্ঠা - ৯৬৪৩
كَانَ مُقَدَّمًا عِنْدَ بَهَاءِ الدَّوْلَةِ، فَوَلَّاهُ بَغْدَادَ فَأَخَذَ أَمْوَالًا كَثِيرَةً مِنَ الْيَهُودِ ثُمَّ هَرَبَ إِلَى الْبَطِيحَةِ، فَأَقَامَ بِهَا سَنَتَيْنِ، ثُمَّ قَدِمَ بَغْدَادَ فَوَلَّاهُ بَهَاءُ الدَّوْلَةِ الْوِزَارَةَ، وَكَانَ شَهْمًا مَنْصُورًا فِي الْحُرُوبِ، ثُمَّ عَاقَبَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَتَلَهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، عَنْ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً.
পৃষ্ঠা - ৯৬৪৪
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا عَادَ مُهَذِّبُ الدَّوْلَةِ إِلَى الْبَطِيحَةِ، وَلَمْ يُمَانِعْهُ ابْنُ وَاصِلٍ، وَتَقَرَّرَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ سَنَةٍ لِبَهَاءِ الدَّوْلَةِ خَمْسُونَ أَلْفَ دِينَارٍ. وَفِيهَا كَانَ غَلَاءٌ عَظِيمٌ وَفَنَاءٌ بِبِلَادٍ بِإِفْرِيقِيَّةَ، بِحَيْثُ تَعَطَّلَتِ الْمَخَابِزُ وَالْحَمَّامَاتُ، وَذَهَبَ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ الْفَنَاءِ، وَهَلَكَ آخَرُونَ مِنْ شِدَّةِ الْغَلَاءِ، فَلِلَّهِ الْأَمَرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ، وَهُوَ الْمَسْئُولُ الْمَأْمُولُ أَنْ يُحْسِنَ الْعَاقِبَةَ. وَفِيهَا أَصَابَ الْحَجِيجَ فِي الطَّرِيقِ عَطَشٌ شَدِيدٌ بِحَيْثُ هَلَكَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، وَكَانَتِ الْخِطْبَةُ لِلْمِصْرِيِّينَ، كَمَا تَقَدَّمَ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ أَبُو نَصْرٍ الْبُخَارِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالْمَلَاحِمِيِّ، أَحَدُ الْحُفَّاظِ، قَدِمَ بَغْدَادَ وَحَدَّثَ بِهَا عَنْ مَحْمُودِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الْبُخَارِيِّ، وَرَوَى عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ كُلَيْبٍ وَغَيْرِهِ، وَحَدَّثَ عَنْهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَكَانَ مِنْ أَعْيَانِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ. تُوُفِّيَ بِبُخَارَى فِي شَعْبَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ وَقَدْ جَاوَزَ الثَّمَانِينَ.
পৃষ্ঠা - ৯৬৪৫
مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي إِسْمَاعِيلَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، أَبُو الْحَسَنِ الْعَلَوِيُّ وُلِدَ بِهَمَذَانَ، وَنَشَأَ بِبَغْدَادَ، وَكَتَبَ الْحَدِيثَ عَنْ جَعْفَرٍ الْخُلْدِيِّ وَغَيْرِهِ، وَسَمِعَ بِنَيْسَابُورَ مِنَ الْأَصَمِّ وَغَيْرِهِ، وَدَرَسَ فِقْهَ الشَّافِعِيِّ عَلَى أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ، ثُمَّ دَخَلَ الشَّامَ فَصَحِبَ الصُّوفِيَّةَ، حَتَّى صَارَ مِنْ كِبَارِهِمْ، وَحَجَّ مَرَّاتٍ عَلَى الْوَحْدَةِ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي مُحَرَّمِ هَذِهِ السَّنَةِ. ابْنُ فَارِسٍ: أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ فَارِسِ بْنِ زَكَرِيَّا بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَبِيبٍ الرَّازِيُّ اللُّغَوِيُّ صَاحِبُ " الْمُجْمَلِ " فِي اللُّغَةِ، وَكَانَ مُقِيمًا بِهَمَذَانَ، وَلَهُ رَسَائِلُ حِسَانٌ، أَخَذَ عَنْهُ الْبَدِيعُ صَاحِبُ الْمَقَامَاتِ، وَمِنْ رَائِقِ شِعْرِهِ قَوْلُهُ مَرَّتْ بِنَا هَيْفَاءُ مَجْدُولَةٌ ... تُرْكِيَّةٌ تَنْمِي لِتُرْكِيِّ تَرْنُو بِطَرْفٍ فَاتِرٍ فَاتِنٍ ... أَضْعَفَ مِنْ حُجَّةِ نَحْوِيِّ وَلَهُ أَيْضًا: إِذَا كُنْتَ فِي حَاجَةِ مُرْسِلًا ... وَأَنْتَ بِهَا كَلِفٌ مُغْرَمُ فَأَرْسِلْ حَكِيمًا وَلَا تُوصِهِ ... وَذَاكَ الْحَكِيمُ هُوَ الدِّرْهَمُ قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَقِيلَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ، وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ.
পৃষ্ঠা - ৯৬৪৬
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَتِسْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: فِي لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ مُسْتَهَلِّ شَعْبَانَ طَلَعَ نَجْمٌ يُشْبِهُ الزُّهَرَةَ فِي كِبَرِهِ وَضَوْئِهِ عَنْ يُسْرَةِ الْقِبْلَةِ يَتَمَوَّجُ، وَلَهُ شُعَاعٌ عَلَى الْأَرْضِ كَشُعَاعِ الْقَمَرِ، وَثَبَتَ إِلَى النِّصْفِ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ، ثُمَّ غَابَ. وَفِيهَا وَلِيَ مُحَمَّدُ بْنُ الْأَكْفَانِيِّ قَضَاءَ جَمِيعِ بَغْدَادَ وَفِيهَا جَلَسَ الْقَادِرُ لِلْأَمِيرِ قِرْوَاشِ بْنِ أَبِي حَسَّانَ وَأَفْرَدَهُ فِي إِمَارَةِ الْكُوفَةِ، وَلَقَّبَهُ مُعْتَمِدَ الدَّوْلَةِ. وَفِيهَا قُلِّدَ الشَّرِيفُ الرَّضِيُّ نِقَابَةَ الطَّالِبِيِّينَ، وَلُقِّبَ بِالرَّضِيِّ ذِي الْحَسَبَيْنِ، وَلُقِّبَ أَخُوهُ الْمُرْتَضَى ذَا الْمَجْدَيْنِ. وَفِيهَا غَزَا يَمِينُ الدَّوْلَةِ مَحْمُودُ بْنُ سُبُكْتِكِينَ بِلَادَ الْهِنْدِ، فَافْتَتَحَ مُدُنًا كِبَارًا مِنْهَا، وَأَخَذَ أَمْوَالًا جَزِيلَةً، وَأَسَرَ بَعْضَ مُلُوكِهِمْ، وَهُوَ مَلِكُ كَوَاشَى حِينَ هَرَبَ مِنْهُ لَمَّا افْتَتَحَهَا، وَكَسَّرَ أَصْنَامَهَا، فَأَلْبَسَهُ مِنْطَقَةً، وَشَدَّهَا عَلَى وَسَطِهِ بَعْدَ تَمَنُّعٍ شَدِيدٍ، وَقَطَعَ خِنْصَرَهُ، ثُمَّ أَطْلَقَهُ ; إِهَانَةً لَهُ وَإِظْهَارًا لِعَظَمَةِ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ. وَفِيهَا كَانَتِ الْخُطْبَةُ بِالْحَرَمَيْنِ لِلْحَاكِمِ الْعُبَيْدِيِّ، وَتَجَدَّدُ فِي حَالِ الْخُطْبَةِ أَنَّهُ
পৃষ্ঠা - ৯৬৪৭
إِذَا ذَكَرَ الْخَطِيبُ الْحَاكِمَ يَقُومُ النَّاسُ كُلُّهُمْ، وَكَذَلِكَ فَعَلُوا بِدِيَارِ مِصْرَ مَعَ زِيَادَةِ السُّجُودِ، وَكَانُوا يَسْجُدُونَ عِنْدَ ذِكْرِهِ ; يَسْجُدُ مَنْ هُوَ فِي الصَّلَاةِ، وَمَنْ هُوَ فِي الْأَسْوَاقِ أَيْضًا يَسْجُدُونَ لِسُجُودِهِمْ، لَعَنَهُمُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: أَبُو سَعْدٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ أَبُو سَعْدٍ الْجُرْجَانِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالْإِسْمَاعِيلِيِّ، وَرَدَ بَغْدَادَ وَالدَّارَقُطْنِيُّ حَيٌّ، وَحَدَّثَ عَنْ أَبِيهِ أَبِي بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَالْأَصَمِّ وَابْنِ عَدِيٍّ، وَحَدَّثَ عَنْهُ الْخَلَّالُ وَالتَّنُوخِيُّ، وَكَانَ ثِقَةً فَاضِلًا، فَقِيهًا عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، عَارِفًا بِالْعَرَبِيَّةِ، سَخِيًّا جَوَّادًا عَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ، وَلَهُ وَرَعٌ، وَالرِّيَاسَةُ إِلَى الْيَوْمِ فِي بَلَدِهِ إِلَى وَلَدِهِ. قَالَ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ: سَمِعْتُ الشَّيْخَ أَبَا الطِّيبِ الطَّبَرِيَّ يَقُولُ: وَرَدَ أَبُو سَعْدٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ بَغْدَادَ فَعَقَدَ لَهُ الْفُقَهَاءُ مَجْلِسَيْنِ ; تَوَلَّى أَحَدَهُمَا أَبُو حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيُّ وَتَوَلَّى الثَّانِيَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْبَافِيُّ، فَبَعَثَ الْبَافِيُّ إِلَى الْقَاضِي الْمُعَافَى بْنِ زَكَرِيَّا الْجَرِيرِيِّ يَسْتَدْعِيهِ إِلَى حُضُورِ الْمَجْلِسِ ; لِيَتَجَمَّلَ بِحُضُورِهِ، وَكَانَتِ الرِّسَالَةُ مَعَ وَلَدِهِ أَبِي الْفَضْلِ، وَكَتَبَ عَلَى يَدِهِ هَذَيْنَ الْبَيْتَيْنِ:
পৃষ্ঠা - ৯৬৪৮
إِذَا أَكْرَمَ الْقَاضِي الْجَلِيلُ وَلِيَّهُ ... وَصَاحَبَهُ أَلْفَاهُ لِلشُّكْرِ مَوْضِعَا وَلِي حَاجَةٌ يَأْتِي بُنَيَّ بِذَكْرِهَا ... وَيَسْأَلُهُ فِيهَا التَّطَوُّلَ أَجْمَعَا فَأَجَابَهُ الْجَرِيرِيُّ مَعَ وَلَدِ الشَّيْخِ: دَعَا الشُّيْخُ مِطْوَاعًا سَمِيعًا لِأَمْرِهِ ... يُوَاتِيهِ بَاعًا حَيْثُ يَرْسُمُ أَصْبُعَا وَهَا أَنَا غَادٍ فِي غَدٍ نَحْوَ دَارِهِ ... أُبَادِرُ مَا قَدْ حَدَّهُ لِي مُسْرِعَا وَكَانَتْ وَفَاةُ أَبِي سَعْدٍ الْإِسْمَاعِيلِيِّ فَجْأَةً بِجُرْجَانَ فِي رَبِيعٍ الْآخَرِ، وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ، فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ، فَلَمَّا قَرَأَ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] فَاضَتْ نَفْسُهُ فَمَاتَ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ بَحِيرٍ، أَبُو عَمْرٍو الْمُزَكِّي الْحَافِظُ النَّيْسَابُورِيُّ، وَيُعْرَفُ بِالْبَحِيرِيِّ، رَحَلَ إِلَى الْآفَاقِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ، وَكَانَ حَافِظًا جَيِّدَ الْمُذَاكَرَةِ، ثِقَةً، ثَبْتًا، حَدَّثَ بِبَغْدَادَ وَغَيْرِهَا مِنَ الْبِلَادِ، وَتُوَفِّيَ فِي شَعْبَانِ هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً. أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مَنْدَهْ الْحَافِظُ: مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ مَنْدَهْ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْأَصْفَهَانِيُّ الْحَافِظُ مِنْ بَيْتِ الْحَدِيثِ وَالْحِفْظِ، رَحَلَ
পৃষ্ঠা - ৯৬৪৯
إِلَى الْبِلَادِ الشَّاسِعَةِ، وَسَمِعَ الْكَثِيرَ، وَصَنَّفَ " التَّارِيخَ " وَ " الشُّيُوخَ ". قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَافِظُ: مَا رَأَيْتُ أَحْفَظَ مِنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَنْدَهْ. تُوُفِّيَ بِأَصْفَهَانَ فِي صَفَرٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَإِيَّانَا بِرَحْمَتِهِ.
পৃষ্ঠা - ৯৬৫০
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا كَانَ خُرُوجُ أَبِي رَكْوَةَ عَلَى الْحَاكِمِ الْعُبَيْدِيِّ صَاحِبِ مِصْرَ. وَمُلَخَّصُ أَمْرِ هَذَا الرَّجُلِ: أَنَّهُ كَانَ مِنْ سُلَالَةِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ الْأُمَوِيِّ، وَاسْمُهُ الْوَلِيدُ، وَإِنَّمَا لُقِّبَ بِأَبِي رَكْوَةَ ; لِرَكْوَةٍ كَانَ يَسْتَصْحِبُهَا فِي أَسْفَارِهِ عَلَى طَرِيقِ الصُّوفِيَّةِ، وَقَدْ كَانَ سَمِعَ الْحَدِيثَ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، ثُمَّ أَقَامَ بِمَكَّةَ، ثُمَّ بِالْيَمَنِ، ثُمَّ دَخَلَ الشَّامَ وَهُوَ فِي غُبُونِ هَذَا كُلِّهِ يُبَايِعُ مَنِ انْقَادَ لَهُ، مِمَّنْ يَرَى عِنْدَهُ هِمَّةً وَنَهْضَةً لِلْقَائِمِ مِنْ وَلَدِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الْأُمَوِيِّ، ثُمَّ إِنَّهُ أَقَامَ بِبَعْضِ بِلَادِ مِصْرَ فِي حَلَّةٍ مِنْ حِلَالِ الْعَرَبِ، يُعَلِّمُ الصِّبْيَانَ، وَيُظْهِرُ النُّسُكَ وَالتَّقَشُّفَ وَالْعِبَادَةَ وَالْوَرَعَ، وَيُخْبِرُ بِشَيْءٍ مِنَ الْمُغَيَّبَاتِ، حَتَّى خَضَعُوا لَهُ وَعَظَّمُوهُ جِدًّا، ثُمَّ دَعَا إِلَى نَفْسِهِ، وَذَكَرَ لَهُمْ أَنَّهُ الَّذِي يَدْعُو إِلَيْهِ مِنَ الْأُمَوِيِّينَ، فَاسْتَجَابُوا لَهُ وَخَضَعُوا، وَخَاطَبُوهُ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَلُقِّبَ بِالثَّائِرِ بِأَمْرِ اللَّهِ الْمُنْتَصِرِ مِنْ أَعْدَاءِ اللَّهِ. وَدَخَلَ بَرْقَةَ فِي جَحْفَلٍ، فَجَمَعَ لَهُ أَهْلُهَا نَحْوًا مِنْ مِائَتَيْ أَلْفِ دِينَارٍ، وَأَخَذَ رَجُلًا مِنَ الْيَهُودِ اتُّهِمَ بِشَيْءِ مِنَ الْوَدَائِعِ فَأَخَذَ مِنْهُ مِائَتَيْ أَلْفِ دِينَارٍ أَيْضًا، وَنَقَشُوا الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ بِأَلْقَابِهِ، وَخَطَبَ بِالنَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَلَعَنَ الْحَاكِمَ فِي خُطْبَتِهِ - وَنِعِمَّا فَعَلَ - فَالْتَفَّ عَلَى أَبِي رَكْوَةَ مِنَ الْجُنُودِ نَحْوٌ مَنْ سِتَّةَ عَشَرَ أَلْفًا،
পৃষ্ঠা - ৯৬৫১
فَلَمَّا بَلَغَ الْحَاكِمَ أَمْرُهُ وَمَا آلَ إِلَيْهِ حَالُهُ، بَعَثَ بِخَمْسِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ وَخَمْسَةِ آلَافِ ثَوْبٍ مِنَ الْحَرِيرِ إِلَى مُقَدَّمِ جُيُوشِ أَبِي رَكْوَةَ - وَهُوَ الْفَضْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ - يَسْتَمِيلُهُ إِلَيْهِ وَيَثْنِيهِ عَنْ أَبِي رَكْوَةَ، فَحِينَ وَصَلَتْهُ الْأَمْوَالُ مِنَ الْحَاكِمِ، رَجَعَ عَنْ أَبِي رَكْوَةَ، وَقَالَ: إِنَّا لَا طَاقَةَ لَنَا بِالْحَاكِمِ، وَمَا دُمْتَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا فَنَحْنُ مَطْلُوبُونَ بِسَبَبِكَ، فَاخْتَرْ لِنَفْسِكَ بَلَدًا تَكُونُ فِيهَا. فَسَأَلَ أَنْ يَبْعَثُوا مَعَهُ فَارِسَيْنِ يُوصِّلَانِهِ إِلَى النَّوْبَةِ فَإِنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَلِكِهَا مَوَدَّةً وَصُحْبَةً، فَأَرْسَلَهُ، ثُمَّ بَعَثَ وَرَاءَهُ مَنْ رَدَّهُ إِلَى الْحَاكِمِ بِمِصْرَ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَيْهِ أَرْكَبَهُ جَمَلًا وَأَشْهُرَهُ، ثُمَّ قَتَلَهُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي، ثُمَّ أَكْرَمَ الْحَاكِمُ الْفَضْلَ، وَأَقْطَعَهُ إِقْطَاعَاتٍ كَثِيرَةً. وَاتَّفَقَ مَرَضُ الْفَضْلِ، فَعَادَهُ الْحَاكِمُ مَرَّتَيْنِ، فَلَمَّا عُوفِيَ قَتَلَهُ، وَأَلْحَقَهُ بِصَاحِبِهِ أَيْضًا، وَكَافَأَهُ مُكَافَأَةَ التِّمْسَاحِ. وَفِي رَمَضَانَ مِنْهَا عُزِلَ قِرْوَاشٌ عَمَّا كَانَ بِيَدِهِ وَوَلِيَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مَزْيَدٍ، وَلُقِّبَ بِسَنَدِ الدَّوْلَةِ. وَفِيهَا هَزَمَ يَمِينُ الدَّوْلَةِ مَحْمُودُ بْنُ سُبُكْتِكِينَ أَتْلَكَ مَلِكَ التُّرْكِ عَنْ بِلَادِ خُرَاسَانَ وَقَتَلَ مِنَ الْأَتْرَاكِ خَلْقًا كَثِيرًا. وَفِيهَا قُتِلَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ وَاصِلٍ صَاحِبُ الْبَصْرَةِ وَحُمِلَ رَأْسُهُ إِلَى بَهَاءِ الدَّوْلَةِ، فَطِيفَ بِهِ بِخُرَاسَانَ وَفَارِسٍ. وَفِيهَا ثَارَتْ عَلَى الْحَجِيجِ وَهُمْ بِالطَّرِيقِ رِيحٌ سَوْدَاءُ مُظْلِمَةٌ جِدًّا، وَاعْتَرَضَهُمُ
পৃষ্ঠা - ৯৬৫২
ابْنُ الْجَرَّاحِ أَمِيرُ الْأَعْرَابِ فَاعْتَاقَهُمْ عَنِ الذَّهَابِ، فَفَاتَهُمُ الْحَجُّ فَرَجَعُوا إِلَى بَغْدَادَ فَدَخَلُوهَا فِي يَوْمِ التَّرْوِيَةِ، وَكَانَتِ الْخُطْبَةُ بِالْحَرَمَيْنِ لِلْمِصْرِيِّينَ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، أَبُو الْقَاسِمِ الدِّينَوَرِيُّ الْوَاعِظُ الزَّاهِدُ، قَرَأَ الْقُرْآنَ، وَدَرَسَ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيِّ، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنِ سَلْمَانَ النَّجَّادِ، وَرَوَى عَنْهُ الْأَزَجِيُّ وَالصَّيْمَرِيُّ، وَكَانَ ثِقَةً صَالِحًا، يُضْرَبُ بِهِ الْمَثَلُ فِي مُجَاهَدَةِ النَّفْسِ، وَاسْتِعْمَالِ الصِّدْقِ الْمَحْضِ، وَالتَّعَفُّفِ وَالتَّقَشُّفِ، وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَحُسْنِ وَعْظِهِ وَنَفْعِهِ فِي الْقُلُوبِ. جَاءَهُ يَوْمًا رَجُلٌ بِمِائَةِ دِينَارٍ، فَقَالَ: أَنَا غَنِيٌّ عَنْهَا. قَالَ: خُذْهَا فَفَرِّقْهَا عَلَى أَصْحَابِكَ هَؤُلَاءِ، فَقَالَ: ضَعْهَا عَلَى الْأَرْضِ، فَوَضَعَهَا، ثُمَّ قَالَ لِلْجَمَاعَةِ: لِيَأْخُذْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ حَاجَتَهُ مِنْهَا، فَجَعَلُوا يَأْخُذُونَ بِقَدْرِ حَاجَاتِهِمْ حَتَّى أَنْفَذُوهَا، وَجَاءَ وَلَدُهُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَشَكَى إِلَيْهِ حَاجَتَهُمْ، فَقَالَ: اذْهَبْ إِلَى الْبَقَّالِ، فَخُذْ عَلَيَّ رُبُعَ رِطْلِ تَمْرٍ. وَرَآهُ رَجُلٌ، وَقَدِ اشْتَرَى دَجَاجَةً وَحَلْوَاءَ، فَتَعَجَّبَ مِنْ ذَلِكَ، فَاتَّبَعَهُ فَانْتَهَى
পৃষ্ঠা - ৯৬৫৩
إِلَى دَارٍ فِيهَا أَرَامِلُ وَأَيْتَامٌ، فَدَفَعَهَا إِلَيْهِمْ. وَقَدْ كَانَ يَدُقُّ السُّعْدَ لِلْعَطَّارِينَ بِالْأُجْرَةِ وَيَقْتَاتُ مِنْهُ. وَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ جَعَلَ يَقُولُ: سَيِّدِي، لِهَذِهِ السَّاعَةِ خَبَّأْتُكَ. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ لِسَبْعٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ بِجَامِعِ الْمَنْصُورِ، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ. أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ وَاصِلٍ صَاحِبُ سِيرَافَ وَالْبَصْرَةِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْبِلَادِ، كَانَ أَوَّلًا يَخْدِمُ بِالْكَرْخِ، وَكَانَ مُتَصَوَّرًا لَهُ أَنَّهُ سَيَمْلِكُ، فَكَانَ أَصْحَابُهُ يَهْزَءُونَ بِهِ وَيَمْجُنُونَ عَلَيْهِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمْ: إِذَا مَلَكْتَ فَاسْتَخْدِمْنِي، وَيَقُولُ الْآخَرُ: اخْلَعْ عَلَيَّ، وَيَقُولُ الْآخَرُ: عَاقِبْنِي. فَقُدِّرَ لَهُ أَنْ تَتَقَلَّبَ بِهِ الْأَحْوَالُ إِلَى أَنْ مَلَكَ سِيرَافَ ثُمَّ الْبَصْرَةَ وَأَخَذَ بِلَادَ الْبَطِيحَةِ مِنْ مُهَذِّبِ الدَّوْلَةِ وَأَخْرَجَهُ مِنْهَا طَرِيدًا، بِحَيْثُ إِنَّهُ احْتَاجَ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ إِلَى أَنْ رَكِبَ بَقَرَةً، وَاسْتَحْوَذَ ابْنُ وَاصِلٍ عَلَى مَا هُنَاكَ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْحَوَاصِلِ، وَقَصَدَ الْأَهْوَازَ، وَهَزَمَ بِهَاءَ الدَّوْلَةِ، ثُمَّ ظَفِرَ بِهِ بَهَاءُ الدَّوْلَةِ، فَقَتَلَهُ فِي شَعْبَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَطِيفَ بِرَأْسِهِ فِي الْبِلَادِ.
পৃষ্ঠা - ৯৬৫৪
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا غَزَا يَمِينُ الدَّوْلَةِ مَحْمُودُ بْنُ سُبُكْتِكِينَ بِلَادَ الْهِنْدِ، فَفَتَحَ حُصُونًا كَثِيرَةً، وَأَخَذَ أَمْوَالًا جَزِيلَةً وَجَوَاهِرَ نَفِيسَةً، وَكَانَ فِي جُمْلَةِ مَا وَجَدَ بَيْتٌ طُولُهُ ثَلَاثُونَ ذِرَاعًا، وَعَرْضُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ ذِرَاعًا مَمْلُوءًا فِضَّةً، وَلَمَّا رَجَعَ إِلَى غَزْنَةَ بَسَطَ هَذِهِ الْحَوَاصِلَ كُلَّهَا فِي صَحْنِ دَارِهِ، وَأَذِنَ لِرُسُلِ الْمَلِكِ، فَدَخَلُوا عَلَيْهِ، فَرَأَوْا مَا بَهَرَهُمْ وَهَالَهُمْ. وَفِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ رَبِيعٍ الْآخَرِ، وَقَعَ بِبَغْدَادَ ثَلْجٌ عَظِيمٌ، بِحَيْثُ بَقِيَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ ذِرَاعًا وَنِصْفًا، وَمَكَثَ أُسْبُوعًا لَمْ يَذُبْ، وَبَلَغَ سُقُوطُهُ إِلَى تِكْرِيتَ وَالْكُوفَةِ وَعَبَّادَانَ وَالنَّهْرَوَانَاتِ. وَفِي هَذَا الشَّهْرِ كَثُرَتِ الْعَمَلَاتُ خَفِيَّةً وَجَهْرَةً، حَتَّى مِنَ الْمَسَاجِدِ وَالْمَشَاهِدِ، ثُمَّ ظَفِرَ أَصْحَابُ الشُّرْطَةِ بِكَثِيرٍ مِنْهُمْ فَقَطَعُوا أَيْدِيَهُمْ وَكَحَلُوهُمْ وَشَهَرُوهُمْ، فَخَمَدَتِ الْفِتْنَةُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.
পৃষ্ঠা - ৯৬৫৫
قِصَّةُ مُصْحَفِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَتَحْرِيقِهِ عَنْ فُتْيَا الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيِّ، مِمَّا ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي " الْمُنْتَظَمِ " وَفِي عَاشِرِ رَجَبٍ جَرَتْ فِتْنَةٌ بَيْنَ الرَّافِضَةِ وَالسُّنَّةِ، سَبَبُهَا أَنَّ بَعْضَ الْهَاشِمِيِّينَ قَصَدَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدَ بْنَ النُّعْمَانِ، الْمَعْرُوفَ بِابْنِ الْمُعَلِّمِ - وَكَانَ فَقِيهَ الشِّيعَةِ - فِي مَسْجِدِهِ بِدَرْبِ رِيَاحٍ، فَعَرَضَ لَهُ بِالسَّبِّ، فَثَارَ أَصْحَابُهُ لَهُ، وَاسْتَنْفَرَ أَصْحَابَ الْكَرْخِ، وَصَارُوا إِلَى دَارِ الْقَاضِي أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ الْأَكْفَانِيِّ وَالشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيِّ، وَجَرَتْ فِتْنَةٌ طَوِيلَةٌ، وَأَحْضَرَتِ الشِّيعَةُ مُصْحَفًا ذَكَرُوا أَنَّهُ مُصْحَفُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَهُوَ يُخَالِفُ الْمَصَاحِفَ كُلَّهَا، فَجُمِعَ الْأَشْرَافُ وَالْقُضَاةُ وَالْفُقَهَاءُ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ لِلَّيْلَةٍ بَقِيَتْ مِنْ رَجَبٍ، وَعُرِضَ الْمُصْحَفُ عَلَيْهِمْ، فَأَشَارَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيُّ وَالْفُقَهَاءُ بِتَحْرِيقِهِ، فَفَعَلَ ذَلِكَ بِمَحْضَرٍ مِنْهُمْ، فَغَضِبَ الشِّيعَةُ مِنْ ذَلِكَ غَضَبًا شَدِيدًا، وَجَعَلُوا يَدْعُونَ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَيَسُبُّونَهُ، وَقَصَدَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَحْدَاثِهِمْ دَارَ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ لِيُؤْذُوهُ، فَانْتَقَلَ مِنْهَا إِلَى دَارِ الْقُطْنِ، وَصَاحُوا: يَا حَاكِمُ يَا مَنْصُورُ، وَبَلَغَ ذَلِكَ الْخَلِيفَةَ، فَغَضِبَ وَبَعَثَ أَعْوَانَهُ لِنُصْرَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ، فَحُرِّقَتْ
পৃষ্ঠা - ৯৬৫৬
دُورٌ كَثِيرَةٌ مِنْ دُورِ الشِّيعَةِ، وَجَرَتْ خُطُوبٌ شَدِيدَةٌ، وَبَعَثَ عَمِيدَ الْجُيُوشِ إِلَى بَغْدَادَ لِيَنْفِيَ عَنْهَا ابْنَ الْمُعَلِّمِ فَأُخْرِجَ مِنْهَا، ثُمَّ شُفِعَ فِيهِ، وَمُنِعَتِ الْقُصَّاصُ مِنَ التَّعَرُّضِ لِلْفِتَنِ وَالسُّؤَالِ بَاسِمِ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَعَادَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ إِلَى دَارِهِ عَلَى عَادَتِهِ. وَفِي شَعْبَانَ زُلْزِلَتِ الدِّينَوَرُ زِلْزَالًا شَدِيدًا، سَقَطَتْ مِنْهَا دُورٌ كَثِيرَةٌ، وَهَلَكَ تَحْتَ الْهَدْمِ سِتَّةَ عَشَرَ أَلْفًا غَيْرَ مَنْ سَاخَتْ بِهِ الْأَرْضُ، وَهَلَكَ لِلنَّاسِ شَيْءٌ كَثِيرٌ مِنَ الْأَثَاثِ وَالْأَمْتِعَةِ. وَهَبَّتْ رِيحٌ سَوْدَاءُ بِدَقُوقَاءَ وَتِكْرِيتَ وَشِيرَازَ، فَقَلَعَتْ كَثِيرًا مِنَ الْمَنَازِلِ وَالنَّخِيلِ وَالزَّيْتُونِ، وَقَتَلَتْ خَلْقًا كَثِيرًا. وَسَقَطَ بَعْضُ شِيرَازَ وَوَقَعَتْ رَجْفَةٌ بِشِيرَازَ، غَرِقَ بِسَبَبِهَا مَرَاكِبُ كَثِيرَةٌ فِي الْبَحْرِ، وَوَقَعَ بِوَاسِطٍ بَرَدٌ زِنَةُ الْوَاحِدَةِ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَسِتَّةُ دَرَاهِمَ. وَوَقَعَ بِبَغْدَادَ فِي رَمَضَانَ - وَذَلِكَ فِي أَيَّارَ - مَطَرٌ عَظِيمٌ سَالَتْ مِنْهُ الْمَزَارِيبُ.
পৃষ্ঠা - ৯৬৫৭
ذِكْرُ تَخْرِيبِ قُمَامَةَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَفِيهَا أَمَرَ الْحَاكِمُ الْعُبَيْدِيُّ بِتَخْرِيبِ كَنِيسَةِ الْقُمَامَةِ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَبَاحَ لِلْعَامَّةِ مَا كَانَ فِيهَا مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَمْتِعَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَكَانَ سَبَبَ ذَلِكَ مَا أُنْهِيَ مِنَ الْبُهْتَانِ الَّذِي يَتَعَاطَاهُ النَّصَارَى فِي يَوْمِ الْفُصْحِ مِنَ النَّارِ الَّتِي يَحْتَالُونَ لَهَا، بِحَيْثُ يَتَوَهَّمُ الْأَغْمَارُ مِنْ جَهَلَتِهِمْ أَنَّهَا نَزَلَتْ مِنَ السَّمَاءِ، وَإِنَّمَا هِيَ مَصْنُوعَةٌ بِدُهْنِ الْبَلَسَانِ فِي خُيُوطِ الْإِبْرَيْسَمِ الرِّفَاعِ الْمَدْهُونَةِ بِالْكِبْرِيتِ وَغَيْرِهِ، بِالصَّنْعَةِ اللَّطِيفَةِ الَّتِي تَرُوجُ عَلَى الطَّغَامِ مِنْهُمْ وَالْعَوَامِّ، وَهُمْ إِلَى الْآنِ يَسْتَعْمِلُونَهَا فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ بِعَيْنِهِ. وَكَذَلِكَ أَمَرَ بِهَدْمِ عِدَّةِ كَنَائِسَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ بِبِلَادِ مِصْرَ، وَنُودِيَ فِي النَّصَارَى بِمِصْرَ: مَنْ أَحَبَّ الدُّخُولَ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ دَخَلَ، وَمَنْ لَا يَدْخُلْ فَلْيَرْجِعْ إِلَى بِلَادِ الرُّومِ آمِنًا، وَمَنْ أَقَامَ مِنْهُمْ عَلَى دِينِهِ فَلْيَلْتَزِمْ بِمَا شُرِطَ عَلَيْهِمْ مِنَ الشُّرُوطِ الَّتِي زَادَ فِيهَا عَلَى الْعُمَرِيَّةِ، مِنْ تَعْلِيقِ الصُّلْبَانِ عَلَى صُدُورِهِمْ مِنْ خَشَبٍ زِنَةُ الصَّلِيبِ مِنْهُمْ أَرْبَعَةُ أَرْطَالٍ، وَعَلَى الْيَهُودِ تَعْلِيقُ رَأْسِ الْعِجْلِ زِنَتُهُ سِتَّةُ أَرْطَالٍ، وَفِي الْحَمَّامِ يَكُونُ فِي عُنُقِ الْوَاحِدِ مِنْهُمْ قِرْبَةٌ زِنَةُ خَمْسَةِ أَرْطَالٍ، وَأَجْرَاسٌ، وَأَنْ لَا يَرْكَبُوا خَيْلًا. ثُمَّ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ أَمَرَ بِإِعَادَةِ بِنَاءِ الْكَنَائِسِ الَّتِي هَدَمَهَا، وَأَذِنَ لِمَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ فِي الِارْتِدَادِ إِلَى دِينِهِ، وَقَالَ: نُنَزِّهُ مَسَاجِدَنَا أَنْ يَدْخُلَهَا مَنْ لَا نِيَّةَ لَهُ. قَبَّحَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
পৃষ্ঠা - ৯৬৫৮
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَبُو مُحَمَّدٍ الْبَافِيُّ الْبُخَارِيُّ الْخُوَارِزْمِيُّ، أَحَدُ أَئِمَّةِ الشَّافِعِيَّةِ فِي وَقْتِهِ، تَفَقَّهَ عَلَى أَبِي الْقَاسِمِ الدَّارَكِيِّ، وَدَرَّسَ مَكَانَهُ، وَلَهُ مَعْرِفَةٌ جَيِّدَةٌ بِالْأَدَبِ وَالْفَصَاحَةِ وَالشِّعْرِ. جَاءَ مَرَّةً لِيَزُورَ بَعْضَ أَصْحَابِهِ فَلَمْ يَجِدْهُ فَكَتَبَ إِلَيْهِ: قَدْ حَضَرْنَا وَلَيْسَ يَقْضِي التَّلَاقِي ... نَسْأَلُ اللَّهَ خَيْرَ هَذَا الْفِرَاقِ إِنْ تَغِبْ لَمْ أَغِبْ وَإِنْ لَمْ تَغِبْ غِبْ ... تُ كَأَنَّ افْتِرَاقَنَا بِاتِّفَاقِ وَقَدْ كَانَتْ وَفَاتُهُ فِي مُحَرَّمِ هَذِهِ السَّنَةِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا تَرْجَمَتَهُ فِي " طَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ ". عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، أَبُو الْقَاسِمِ الْمُقْرِئُ الْمَعْرُوفُ بِالصَّيْدَلَانِيِّ وَهُوَ آخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنِ ابْنِ صَاعِدٍ مِنَ الثِّقَاتِ، وَرَوَى عَنْهُ الْأَزْهَرِيُّ، وَكَانَ ثِقَةً مَأْمُونًا صَالِحًا. تُوُفِّيَ فِي رَجَبٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَقَدْ جَاوَزَ
পৃষ্ঠা - ৯৬৫৯
التِّسْعِينَ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. الْبَبَّغَاءُ، عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ نَصْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَبُو الْفَرَجِ الْمَخْزُومِيُّ الشَّاعِرُ الْمُلَقَّبُ بِالْبَبَّغَاءِ، تُوُفِّيَ فِي شَعْبَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَكَانَ أَدِيبًا فَاضِلًا مُتَرَسِّلًا شَاعِرًا مُجِيدًا، فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: يَا مَنْ تَشَابَهَ مِنْهُ الْخَلْقُ وَالْخَلْقُ ... فَمَا تُسَافِرُ إِلَّا نَحْوَهُ الْحَدَقُ تَوْرِيدُ دَمْعِي مَنْ خَدَّيْكَ مُخْتَلَسٌ ... وَسُقْمُ جِسْمِي مِنْ جَفْنَيْكَ مُسْتَرَقُ لَمْ يَبْقَ لِي رَمَقٌ أَشْكُو هَوَاكَ بِهِ ... وَإِنَّمَا يَتَشَكَّى مَنْ بِهِ رَمَقُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجُرْجَانِيُّ أَحَدُ الْعُلَمَاءِ الزُّهَّادِ الْعُبَّادِ، الْمُنَاظِرِينَ لِأَبِي بَكْرٍ الرَّازِيِّ، وَكَانَ يُدَرِّسُ فِي قَطِيعَةِ الرَّبِيعِ، وَقَدْ فُلِجَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ، وَحِينَ مَاتَ دُفِنَ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ. أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَبُو الْفَضْلِ الْهَمَذَانِيُّ الْحَافِظُ الْمَعْرُوفُ بِبَدِيعِ الزَّمَانِ، صَاحِبُ الرَّسَائِلِ الرَّائِقَةِ، وَالْمَقَامَاتِ الْفَائِقَةِ، وَعَلَى مِنْوَالِهِ نَسَجَ الْحَرِيرِيُّ، وَاقْتَفَى أَثَرَهُ، وَشَكَرَ تَقَدُّمَهُ، وَاعْتَرَفَ بِفَضْلِهِ، وَكَانَ قَدْ أَخَذَ اللُّغَةَ عَنِ ابْنِ فَارِسٍ، ثُمَّ بَرَزَ، وَكَانَ أَحَدَ الْفُضَلَاءِ الْفُصَحَاءِ، وَيُذْكَرُ أَنَّهُ سُمَّ،
পৃষ্ঠা - ৯৬৬০
وَأَخَذَتْهُ سَكْتَةٌ، فَدُفِنَ سَرِيعًا، ثُمَّ عَاشَ فِي قَبْرِهِ، وَسَمِعُوا صُرَاخَهُ، فَنَبَشُوا عَنْهُ، فَإِذَا هُوَ قَدْ مَاتَ، وَهُوَ آخِذٌ عَلَى لِحْيَتِهِ مِنْ هَوْلِ الْقَبْرِ، وَذَلِكَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَعَفَا عَنْهُ وَسَامَحَهُ وَإِيَّانَا بِمَنِّهِ.