আল বিদায়া ওয়া আন্নিহায়া

পৃষ্ঠা - ৯৬৩২
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثِنْتَيْنِ وَتِسْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِي الْمُحَرَّمِ مِنْهَا غَزَا يَمِينُ الدَّوْلَةِ مَحْمُودُ بْنُ سُبُكْتِكِينَ بِلَادَ الْهِنْدِ، فَصَمَدَ مَلِكُهَا لَهُ جِيبَالُ فِي جَيْشٍ عَظِيمٍ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، فَفَتَحَ اللَّهُ لِلْمُسْلِمِينَ، وَانْهَزَمَتِ الْهُنُودُ، وَأُسِرَ مَلِكُهُمْ جِيبَالُ، وَأُخِذَ مِنْ عُنُقِهِ قِلَادَةٌ قِيمَتُهَا ثَمَانُونَ أَلْفَ دِينَارٍ، وَغَنِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْهُمْ أَمْوَالًا عَظِيمَةً، وَفَتَحُوا بِلَادًا كَثِيرَةً، ثُمَّ أَطْلَقَ مَحْمُودٌ مَلِكَ الْهِنْدِ ; احْتِقَارًا لَهُ وَاسْتِهَانَةً بِهِ، لِيَرَاهُ أَهْلُ مَمْلَكَتِهِ فِي لِبَاسِ الْمَذَلَّةِ، فَحِينَ وَصَلَ جِيبَالُ - لَعَنَهُ اللَّهُ - إِلَى بِلَادِهِ أَلْقَى نَفْسَهُ فِي النَّارِ الَّتِي يَعْبُدُونَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاحْتَرَقَ، لَعَنَهُ اللَّهُ. وَفِي رَبِيعٍ الْآخَرِ مِنْهَا ثَارَتِ الْعَوَامُّ عَلَى النَّصَارَى بِبَغْدَادَ، فَنَهَبُوا كَنِيسَتَهُمُ الَّتِي بِقَطِيعَةِ الرَّقِيقِ وَأَحْرَقُوهَا، فَسَقَطَتْ عَلَى خَلْقٍ فَمَاتُوا، وَفِيهِمْ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ; رِجَالٌ وَنِسَاءٌ وَصِبْيَانٌ. وَفِي رَمَضَانَ مِنْهَا قَوِيَ أَمْرُ الْعَيَّارِينَ، وَكَثُرَتِ الْعَمَلَاتُ وَالنَّهْبُ بِبَغْدَادَ، وَانْتَشَرَتِ الْفِتْنَةُ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَفِي لَيْلَةِ الِاثْنَيْنِ ثَالِثِ ذِي الْقَعْدَةِ انْقَضَّ كَوْكَبٌ أَضَاءَ
পৃষ্ঠা - ৯৬৩৩
كَضَوْءِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ التَّمَامِ، وَمَضَى الشُّعَاعُ وَبَقِيَ جِرْمُهُ يَتَمَوَّجُ نَحْوَ ذِرَاعَيْنِ فِي ذِرَاعٍ بِرَأْيِ الْعَيْنِ، ثُمَّ تَوَارَى بَعْدَ سَاعَةٍ. وَفِي هَذَا الشَّهْرِ قَدِمَ الْحُجَّاجُ مِنْ خُرَاسَانَ إِلَى بَغْدَادَ لِيَسِيرُوا إِلَى الْحِجَازِ، فَبَلَغَهُمْ عَيْثُ الْأَعْرَابِ بِالْفَسَادِ، وَأَنَّهُ لَا قَاهِرَ لَهُمْ وَلَا نَاظِرَ يَنْظُرُ فِي أُمُورِهِمْ، فَرَجَعُوا إِلَى بِلَادِهِمْ، وَلَمْ يَحُجَّ مِنْ بِلَادِ الْمَشْرِقِ أَحَدٌ فِي هَذِهِ السَّنَةِ. وَفِي يَوْمِ عَرَفَةَ وُلِدَ لِبَهَاءِ الدَّوْلَةِ ابْنَانِ تَوْأَمَانِ، فَمَاتَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ سَبْعِ سِنِينَ، وَبَقِيَ الْآخَرُ حَتَّى قَامَ بِالْأَمْرِ مِنْ بَعْدِ أَبِيهِ، وَلُقِّبَ مُشَرِّفُ الدَّوْلَةِ وَحَجَّ الْمِصْرِيُّونَ فِيهَا بِالنَّاسِ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: أَبُو الْفَتْحِ عُثْمَانُ بْنُ جِنِّيٍّ الْمَوْصِلِيُّ النَّحْوِيُّ اللُّغَوِيُّ صَاحِبُ التَّصَانِيفِ الْفَائِقَةِ الْمُتَدَاوَلَةِ فِي النَّحْوِ وَاللُّغَةِ، وَكَانَ أَبُوهُ جِنِّيٌّ عَبْدًا رُومِيًّا مَمْلُوكًا لِسُلَيْمَانَ بْنِ فَهْدِ بْنِ أَحْمَدَ الْأَزْدِيِّ الْمَوْصِّلِيِّ. وَمِنْ شِعْرِهِ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ: فَإِنْ أُصْبِحْ بِلَا نَسَبٍ ... فَعِلْمِي فِي الْوَرَى نَسَبِي عَلَى أَنِّي أَؤُولُ إِلَى ... قُرُومٍ سَاَدَةٍ نُجُبِ قَيَاصِرَةٍ إِذَا نَطَقُوا ... أَرَمَّ الدَّهْرُ ذُو الْخُطُبِ
পৃষ্ঠা - ৯৬৩৪
أُولَاكَ دَعَا النَّبِيُّ لَهُمْ ... كَفَى شَرَفًا دُعَاءُ نَبِي وَقَدْ أَقَامَ بِبَغْدَادَ، وَدَرَسَ بِهَا الْعِلْمَ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ لِلَيْلَتَيْنِ خَلَتَا مَنْ صَفَرٍ مِنْهَا، قَالَ الْقَاضِي ابْنُ خَلِّكَانَ: وَيُقَالُ: إِنَّهُ كَانَ أَعْوَرَ وَلَهُ فِي ذَلِكَ: صُدُودُكَ عَنِّي وَلَا ذَنْبَ لِي ... يَدُلُّ عَلَى نِيَّةٍ فَاسِدَهْ فَقَدْ وَحَيَاتِكَ مِمَّا بَكَيْتُ ... خَشِيتُ عَلَى عَيْنِيَ الْوَاحِدَهْ وَلَوْلَا مَخَافَةُ أَنْ لَا أَرَاكَ ... لَمَا كَانَ فِي تَرْكِهَا فَائِدَهْ وَيُقَالُ: إِنَّ هَذِهِ الْأَبْيَاتَ لِغَيْرِهِ. وَلَهُ فِي مَمْلُوكٍ حَسَنِ الصُّورَةِ أَعْوَرَ: لَهُ عَيْنٌ أَصَابَتْ كُلَّ عَيْنٍ ... وَعَيْنٌ قَدْ أَصَابَتْهَا الْعُيُونُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْجُرْجَانِيُّ، الْقَاضِي بِالرَّيِّ، الشَّاعِرُ الْمَاهِرُ سَمِعَ الْحَدِيثَ وَتَرَقَّى فِي الْعُلُومِ حَتَّى أَقَرَّ لَهُ النَّاسُ بِالتَّفَرُّدِ، وَلَهُ أَشْعَارٌ حِسَانٌ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: يَقُولُونَ لِي فِيكَ انْقِبَاضٌ وَإِنَّمَا ... رَأَوْا رَجُلًا عَنْ مَوْقِفِ الذُّلِّ أَحْجَمَا أَرَى النَّاسَ مَنْ دَانَاهُمُ هَانَ عِنْدَهُمْ ... وَمَنْ أَكْرَمَتْهُ عِزَّةُ النَّفْسِ أُكْرِمَا وَلَمْ أَقْضِ حَقَّ الْعِلْمِ إِنْ كَانَ كُلَّمَا ... بَدَا طَمَعٌ صَيَّرْتُهُ لِي سُلَّمَا إِذَا قِيلَ هَذَا مَنْهَلٌ قُلْتُ قَدْ أَرَى ... وَلَكِنَّ نَفْسَ الْحُرِّ تَحْتَمِلُ الظَّمَا
পৃষ্ঠা - ৯৬৩৫
وَلَمْ أَبْتَذِلْ فِي خِدْمَةِ الْعِلْمِ مُهْجَتِي ... لِأَخْدُمَ مَنْ لَاقَيْتُ لَكِنْ لِأُخْدَمَا أَأَشْقَى بِهِ غَرْسًا وَأَجْنِيهِ ذِلَّةً ... إِذًا فَاتِّبَاعُ الْجَهْلِ قَدْ كَانَ أَحْزَمَا وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ صَانُوهُ صَانَهُمْ ... وَلَوْ عَظَّمُوهُ فِي النُّفُوسِ لَعُظِّمَا وَلَكِنْ أَهَانُوهُ فَهَانَ وَدَنَّسُوا ... مُحَيَّاهُ بِالْأَطْمَاعِ حَتَّى تَجَهَّمَا وَمِنْ مُسْتَجَادِ شِعْرِهِ أَيْضًا: مَا تَطَعَّمْتُ لَذَّةَ الْعَيْشِ حَتَّى ... صِرْتُ لِلْبَيْتِ وَالْكِتَابِ جَلِيسًا لَيْسَ شَيْءٌ أَعَزَّ عِنْدِي مِنَ الْعِلْ ... مِ فَمَا أَبْتَغِي سِوَاهُ أَنِيسَا إِنَّمَا الذُّلُّ فِي مُخَالَطَةِ النَّا ... سِ فَدَعْهُمْ وَعِشْ عَزِيزًا رَئِيسًا وَمِنْ شَعْرِهِ أَيْضًا: إِذَا شِئْتَ أَنْ تَسْتَقْرِضَ الْمَالَ مُنْفِقًا ... عَلَى شَهَوَاتِ النَّفْسِ فِي زَمَنِ الْعُسْرِ فَسَلْ نَفْسَكَ الْإِنْفَاقَ مِنْ كَنْزِ صَبْرِهَا ... عَلَيْكَ وَإِنْظَارًا إِلَى زَمَنِ الْيُسْرِ فَإِنْ فَعَلْتَ كُنْتَ الْغَنِيَّ وَإِنْ أَبَتْ ... فَكُلُّ مُنَوَّعٍ بَعْدَهَا وَاسِعُ الْعُذْرِ تُوُفِّيَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَحُمِلَ تَابُوتُهُ إِلَى جُرْجَانَ فَدُفِنَ بِهَا.
পৃষ্ঠা - ৯৬৩৬
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا كَانَتْ وَفَاةُ الطَّائِعِ لِلَّهِ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ. وَفِيهَا مُنِعَ عَمِيدُ الْجُيُوشِ الشِّيعَةِ مِنَ النَّوْحِ عَلَى الْحُسَيْنِ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ، وَمُنِعَ جَهَلَةُ السُّنَّةِ بِبَابِ الْبَصْرَةِ وَبَابِ الشَّعِيرِ مِنَ النِّيَاحَةِ عَلَى مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ بَعْدَ ذَلِكَ بِثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ، فَامْتَنَعَ الْفَرِيقَانِ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. وَفِي أَوَاخِرِ الْمُحَرَّمِ خَلَعَ بَهَاءُ الدَّوْلَةِ وَزِيرَهُ أَبَا غَالِبٍ مُحَمَّدَ بْنَ خَلَفٍ عَنِ الْوِزَارَةِ، وَصَادَرَهُ بِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ قَاسَانِيَّةٍ. وَفِي أَوَائِلِ صَفَرٍ مِنْهَا غَلَتِ الْأَسْعَارُ بِبَغْدَادَ جِدًّا، وَعُدِمَتِ الْحِنْطَةُ حَتَّى بِيعَ الْكُرُّ بِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ دِينَارًا. وَفِيهَا بَرَزَ عَمِيدُ الْجُيُوشِ إِلَى سُورَا، وَاسْتَدْعَى سَيِّدَ الدَّوْلَةِ أَبَا الْحَسَنِ عَلِيَّ بْنَ مَزْيَدٍ، وَقَرَّرَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ سَنَةٍ أَرْبَعِينَ أَلْفَ دِينَارٍ، فَالْتَزَمَ ذَلِكَ وَقَرَّرَهُ عَلَى بِلَادِهِ.
পৃষ্ঠা - ৯৬৩৭
وَفِيهَا هَرَبَ أَبُو الْعَبَّاسِ الضَّبِّيُّ وَزِيرُ مَجْدِ الدَّوْلَةِ بْنِ فَخْرِ الدَّوْلَةِ مِنَ الرَّيِّ إِلَى بَدْرِ بْنِ حَسْنَوَيْهِ فَأَكْرَمَهُ، وَوَلِيَ بَعْدَ ذَلِكَ وِزَارَةَ مَجْدِ الدَّوْلَةِ أَبُو عَلِيٍّ الْخَطِيرُ. وَفِيهَا اسْتَنَابَ الْحَاكِمُ عَلَى دِمَشْقَ وَجُيُوشِ الشَّامِ أَبَا مُحَمَّدٍ الْأَسْوَدَ، ثُمَّ بَلَغَهُ أَنَّهُ عَزَّرَ رَجُلًا مَغْرِبِيًّا عَلَى حُبِّهِ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَطَافَ بِهِ فِي الْبَلَدِ، فَخَافَ مِنْ مَعَرَّةِ ذَلِكَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ، فَعَزَلَهُ مَكْرًا وَخَدِيعَةً. وَانْقَطَعَ الْحَجُّ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنَ الْعِرَاقِ بِسَبَبِ الْأَعْرَابِ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَبُو إِسْحَاقَ الطَّبَرِيُّ الْفَقِيهُ الْمَالِكِيُّ، مُقَدَّمُ الْمُعَدِّلِينَ بِبَغْدَادَ، وَشَيْخُ الْقِرَاءَاتِ، وَقَدْ سَمِعَ الْكَثِيرَ مِنَ الْحَدِيثِ، وَخَرَّجَ لَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ خَمْسَمِائَةِ جُزْءِ حَدِيثٍ، وَكَانَ كَرِيمًا مُفَضَّلًا عَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. الطَّائِعُ لِلَّهِ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ الْمُطِيعِ تَقَدَّمَ كَيْفَ خَلَعَهُ بِهَاءُ الدَّوْلَةِ أَبُو نَصْرِ بْنُ عَضُدِ الدَّوْلَةِ، وَأَنَّهُ أُودِعَ فِي غُرْفَةٍ بِدَارِ الْخِلَافَةِ، وَأُجْرِيَ عَلَيْهِ أَرْزَاقٌ كَثِيرَةٌ وَأَلْطَافٌ غَزِيرَةٌ، إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ لَيْلَةَ عِيدِ الْفِطْرِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ
পৃষ্ঠা - ৯৬৩৮
عَنْ سِتٍّ وَسَبْعِينَ سَنَةً، وَقَدْ بَاشَرَ الْخِلَافَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَسِتَّةَ أَشْهُرٍ وَخَمْسَةَ أَيَّامٍ، وَصَلَّى عَلَيْهِ الْقَادِرُ بِاللَّهِ فَكَبَّرَ عَلَيْهِ خَمْسًا، وَشَهِدَ جِنَازَتَهُ الْأَكَابِرُ وَالْأَعْيَانُ، وَدُفِنَ بِالرُّصَافَةِ. مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَكَرِيَّا، أَبُو طَاهِرٍ الْمُخَلِّصُ شَيْخٌ كَبِيرٌ كَثِيرُ الرِّوَايَةِ، سَمِعَ الْبَغَوِيَّ وَابْنَ صَاعِدٍ وَخَلْقًا، وَعَنْهُ الْبَرْقَانِيُّ وَالْأَزْهَرِيُّ وَالْخَلَّالُ وَالتَّنُوخِيُّ، وَكَانَ ثِقَةً مِنَ الصَّالِحِينَ، تُوُفِّيَ فِي رَمَضَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً، رَحِمَهُ اللَّهُ. مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَبُو الْحَسَنِ السَّلَامِيُّ الشَّاعِرُ الْمُجِيدُ، لَهُ شِعْرٌ مَشْهُورٌ، وَمَدَائِحُ فِي عَضُدِ الدَّوْلَةِ وَغَيْرِهِ. مَيْمُونَةُ بِنْتُ شَاقُولَةَ الْوَاعِظَةُ الَّتِي هِيَ لِلْقُرْآنِ حَافِظَةٌ، ذَكَرَتْ يَوْمًا فِي وَعْظِهَا أَنَّ ثَوْبَهَا الَّذِي عَلَيْهَا - وَأَشَارَتْ إِلَيْهِ - لَهُ فِي صُحْبَتِهَا تَلْبَسُهُ مُنْذُ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً وَمَا تَغَيَّرَ، وَأَنَّهُ كَانَ مِنْ غَزْلِ أُمِّهَا، قَالَتْ: وَالثَّوْبُ إِذَا لَمْ يُعْصَ اللَّهُ فِيهِ، لَا يَتَخَرَّقُ سَرِيعًا. وَقَالَ ابْنُهَا عَبْدُ الصَّمَدِ: كَانَ فِي دَارِنَا حَائِطٌ يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ، فَقُلْتُ لَهَا: أَلَا نَدْعُوَ الْبَنَّاءَ لِيُصْلِحَ هَذَا الْجِدَارَ؟ فَأَخَذَتْ رُقْعَةً، فَكَتَبَتْ
পৃষ্ঠা - ৯৬৩৯
فِيهَا شَيْئًا، ثُمَّ أَمَرَتْنِي أَنْ أَضَعَهَا فِي مَوْضِعٍ مِنَ الْجِدَارِ، فَوَضَعْتُهَا، فَمَكَثَ عَلَى ذَلِكَ عِشْرِينَ سَنَةً، فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ أَرَدْتُ أَنْ أَسْتَعْلِمَ مَا كَتَبَتْ فِي الرُّقْعَةِ فَحِينَ أَخَذْتُهَا مِنَ الْجِدَارِ سَقَطَ، وَإِذَا فِي الرُّقْعَةِ: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا} [فاطر: 41] بِسْمِ اللَّهِ يَا مُمْسِكَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَمْسِكْهُ.
পৃষ্ঠা - ৯৬৪০
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] وَفِيهَا وَلَّى بَهَاءُ الدَّوْلَةِ الشَّرِيفَ أَبَا أَحْمَدَ الْحُسَيْنَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى الْمُوسَوِيَّ قَضَاءَ الْقُضَاةِ وَالْحَجَّ وَالْمَظَالِمَ وَنِقَابَةَ الطَّالِبِيِّيِنَ، وَلُقِّبَ بِالطَّاهِرِ الْأَوْحَدِ ذِي الْمَنَاقِبِ، وَكَانَ التَّقْلِيدُ لَهُ بِشِيرَازَ، فَلَمَّا وَصَلَ الْكِتَابُ إِلَى بَغْدَادَ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْخَلِيفَةُ الْقَادِرُ فِي قَضَاءِ الْقُضَاةِ، فَتَوَقَّفَ حَالُهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ. وَفِيهَا مَلَكَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ وَاصِلٍ بِلَادَ الْبَطِيحَةِ، وَأَخْرَجَ مِنْهَا مُهَذِّبَ الدَّوْلَةِ فَقَصَدَهُ زَعِيمُ الْجُيُوشِ لِيَأْخُذَهَا مِنْهُ، فَهَزَمَهُ ابْنُ وَاصِلٍ وَنَهَبَ أَمْوَالَهُ وَحَوَاصِلَهُ، وَكَانَ فِي جُمْلَةِ مَا أَصَابَ فِي خَيْمَةِ الْخِزَانَةِ ثَلَاثُونَ أَلْفَ دِينَارٍ وَخَمْسُونَ أَلْفَ دِرْهَمٍ. وَفِيهَا خَرَجَ الرَّكْبُ الْعِرَاقِيُّ فِي جَحْفَلٍ كَبِيرٍ وَتَجَمُّلٍ كَثِيرٍ، فَاعْتَرَضَهُمُ الْأُصَيْفِرُ أَمِيرُ الْأَعْرَابِ لِيَنْهَبَهُمْ، فَبَعَثُوا إِلَيْهِ بِشَابَّيْنِ قَارِئَيْنِ مُجِيدَيْنِ كَانَا مَعَهُمْ - يُقَالُ لَهُمَا: أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الرَّفَّاءِ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الدَّجَاجِيِّ، وَكَانَا مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ قِرَاءَةً - لِيُكَلِّمَاهُ فِي شَيْءٍ يَأْخُذُهُ مِنَ الْحَجِيجِ، وَيُطْلِقُ سَرَاحَهُمْ ;
পৃষ্ঠা - ৯৬৪১
لِيُدْرِكُوا الْحَجَّ، فَلَمَّا جَلَسَا بَيْنَ يَدَيْهِ قَرَآ جَمِيعًا عَشْرًا بِأَصْوَاتٍ هَائِلَةٍ مَطْبُوعَةٍ، فَأَدْهَشَهُ ذَلِكَ وَأَعْجَبَهُ جِدًّا، وَقَالَ لَهُمَا: كَيْفَ عَيْشُكُمَا بِبَغْدَادَ؟ فَقَالَا: بِخَيْرٍ، لَا يَزَالُ النَّاسُ يُكْرِمُونَنَا وَيَبْعَثُونَ إِلَيْنَا بِالذَّهَبِ وَالدَّرَاهِمِ وَالتُّحَفِ، فَقَالَ: هَلْ أَطْلَقَ لَكُمَا أَحَدٌ مِنْهُمْ أَلْفَ أَلْفِ دِينَارٍ؟ فَقَالَا: لَا، وَلَا أَلْفَ دِينَارٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ؟! ، قَالَ: فَإِنِّي أُطْلِقُ لَكُمَا أَلْفَ أَلْفِ دِينَارٍ. فَأَطْلَقَ بِسَبَبِهِمَا الْحَجِيجَ، فَلَمْ يَعْرِضْ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ، وَذَهَبَ النَّاسُ، وَهُمْ سَالِمُونَ شَاكِرُونَ لِذَيْنِكَ الرَّجُلَيْنِ الْمُقْرِئَيْنِ. وَلَمَّا وَقَفَ النَّاسُ بِعَرَفَاتٍ قَرَأَ هَذَانِ الرَّجُلَانِ قِرَاءَةً عَظِيمَةً عَلَى جَبَلِ الرَّحْمَةِ، فَضَجَّ النَّاسُ مِنْ سَائِرِ الرُّكُوبِ لِقِرَاءَتِهِمَا، وَقَالُوا لِأَهْلِ الْعِرَاقِ: مَا كَانَ يَنْبَغِي لَكُمْ أَنْ تَخْرُجُوا مَعَكُمْ بِهَذَيْنَ الرَّجُلَيْنِ فِي سَفْرَةٍ وَاحِدَةٍ ; لِاحْتِمَالِ أَنْ يُصَابَا جَمِيعًا، بَلْ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَخْرُجُوا بِأَحَدِهِمَا، فَإِذَا أُصِيبَ سَلِمَ الْآخَرُ. وَكَانَتِ الْحُجَّةُ وَالْخُطْبَةُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَيْضًا لِلْمِصْرِيِّينَ كَمَا هِيَ لَهُمْ مِنْ سِنِينَ مُتَقَدِّمَةٍ. وَقَدْ كَانَ أَمِيرُ الْعِرَاقِيِّينَ عَزَمَ عَلَى الْعَوْدِ سَرِيعًا إِلَى بَغْدَادَ عَلَى طَرِيقِهِمُ الَّتِي جَاءُوا مِنْهَا، وَأَنْ لَا يَسِيرَ إِلَى الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ ; خَوْفًا مِنَ الْأَعْرَابِ، وَكَثْرَةِ الْخِفَارَاتِ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ، فَوَقَفَ هَذَانِ الْقَارِئَانِ عَلَى جَادَّةِ الطَّرِيقِ الَّتِي مِنْهَا يُعْدَلُ إِلَى الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ، وَقَرَآ {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ} [التوبة: 120] الْآيَاتِ. فَضَجَّ النَّاسُ بِالْبُكَاءِ، وَأَمَالَتِ النُّوقُ أَعْنَاقَهَا نَحْوَهُمَا، فَمَالَ
পৃষ্ঠা - ৯৬৪২
النَّاسُ وَالْأَمِيرُ بِأَجْمَعِهِمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً إِلَى الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ، فَزَارُوا وَعَادُوا سَالِمِينَ إِلَى بِلَادِهِمْ. وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. وَلَمَّا رَجَعَ هَذَانِ الْقَارِئَانِ رَتَّبَهُمَا وَلِيُّ الْأَمْرِ مَعَ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْبُهْلُولِ - وَكَانَ مُقْرِئًا مُجِيدًا أَيْضًا - لِيُصَلُّوا بِالنَّاسِ صَلَاةَ التَّرَاوِيحِ فِي رَمَضَانَ، فَكَثُرَ الْجَمْعُ وَرَاءَهُمْ لِحُسْنِ تِلَاوَتِهِمْ، وَكَانُوا يَتَنَاوَبُونَ فِي الْإِمَامَةِ. وَقَدْ قَرَأَ ابْنُ الْبُهْلُولِ يَوْمًا فِي جَامِعِ الْمَنْصُورِ قَوْلَهُ تَعَالَى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ} [الحديد: 16] فَنَهَضَ إِلَيْهِ رَجُلٌ صُوفِيٌّ، وَهُوَ يَتَمَايَلُ، فَقَالَ: كَيْفَ قُلْتَ؟ فَأَعَادَ الْآيَةَ، فَقَالَ الصُّوفِيُّ: بَلَى وَاللَّهِ، وَسَقَطَ مَيِّتًا رَحِمَهُ اللَّهُ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَكَذَلِكَ وَقَعَ لِأَبِي الْحَسَنِ بْنِ الْخَشَّابِ شَيْخِ ابْنِ الرَّفَّا، وَكَانَ تِلْمِيذًا لِأَبِي بَكْرِ بْنِ الْأَدَمِيِّ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ، وَكَانَ جَيِّدَ الْقِرَاءَةِ حَسَنَ الصَّوْتِ أَيْضًا، قَرَأَ ابْنُ الْخَشَّابِ لَيْلَةً فِي جَامِعِ الرُّصَافَةِ فِي الْإِحْيَاءِ هَذِهِ الْآيَةَ: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} [الحديد: 16] فَتَوَاجَدَ رَجُلٌ صُوفِيٌّ، وَقَالَ: بَلَى وَاللَّهِ قَدْ آنَ. وَجَلَسَ وَبَكَى بُكَاءً طَوِيلًا، ثُمَّ سَكَتَ سَكْتَةً، فَحَرَّكُوهُ فَإِذَا هُوَ مَيِّتٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، أَبُو عَلِيٍّ الْإِسْكَافِيُّ، وَيُلَقَّبُ بِالْمُوَفَّقِ
পৃষ্ঠা - ৯৬৪৩
كَانَ مُقَدَّمًا عِنْدَ بَهَاءِ الدَّوْلَةِ، فَوَلَّاهُ بَغْدَادَ فَأَخَذَ أَمْوَالًا كَثِيرَةً مِنَ الْيَهُودِ ثُمَّ هَرَبَ إِلَى الْبَطِيحَةِ، فَأَقَامَ بِهَا سَنَتَيْنِ، ثُمَّ قَدِمَ بَغْدَادَ فَوَلَّاهُ بَهَاءُ الدَّوْلَةِ الْوِزَارَةَ، وَكَانَ شَهْمًا مَنْصُورًا فِي الْحُرُوبِ، ثُمَّ عَاقَبَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَتَلَهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، عَنْ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً.
পৃষ্ঠা - ৯৬৪৪
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا عَادَ مُهَذِّبُ الدَّوْلَةِ إِلَى الْبَطِيحَةِ، وَلَمْ يُمَانِعْهُ ابْنُ وَاصِلٍ، وَتَقَرَّرَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ سَنَةٍ لِبَهَاءِ الدَّوْلَةِ خَمْسُونَ أَلْفَ دِينَارٍ. وَفِيهَا كَانَ غَلَاءٌ عَظِيمٌ وَفَنَاءٌ بِبِلَادٍ بِإِفْرِيقِيَّةَ، بِحَيْثُ تَعَطَّلَتِ الْمَخَابِزُ وَالْحَمَّامَاتُ، وَذَهَبَ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ الْفَنَاءِ، وَهَلَكَ آخَرُونَ مِنْ شِدَّةِ الْغَلَاءِ، فَلِلَّهِ الْأَمَرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ، وَهُوَ الْمَسْئُولُ الْمَأْمُولُ أَنْ يُحْسِنَ الْعَاقِبَةَ. وَفِيهَا أَصَابَ الْحَجِيجَ فِي الطَّرِيقِ عَطَشٌ شَدِيدٌ بِحَيْثُ هَلَكَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، وَكَانَتِ الْخِطْبَةُ لِلْمِصْرِيِّينَ، كَمَا تَقَدَّمَ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ أَبُو نَصْرٍ الْبُخَارِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالْمَلَاحِمِيِّ، أَحَدُ الْحُفَّاظِ، قَدِمَ بَغْدَادَ وَحَدَّثَ بِهَا عَنْ مَحْمُودِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الْبُخَارِيِّ، وَرَوَى عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ كُلَيْبٍ وَغَيْرِهِ، وَحَدَّثَ عَنْهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَكَانَ مِنْ أَعْيَانِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ. تُوُفِّيَ بِبُخَارَى فِي شَعْبَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ وَقَدْ جَاوَزَ الثَّمَانِينَ.
পৃষ্ঠা - ৯৬৪৫
مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي إِسْمَاعِيلَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، أَبُو الْحَسَنِ الْعَلَوِيُّ وُلِدَ بِهَمَذَانَ، وَنَشَأَ بِبَغْدَادَ، وَكَتَبَ الْحَدِيثَ عَنْ جَعْفَرٍ الْخُلْدِيِّ وَغَيْرِهِ، وَسَمِعَ بِنَيْسَابُورَ مِنَ الْأَصَمِّ وَغَيْرِهِ، وَدَرَسَ فِقْهَ الشَّافِعِيِّ عَلَى أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ، ثُمَّ دَخَلَ الشَّامَ فَصَحِبَ الصُّوفِيَّةَ، حَتَّى صَارَ مِنْ كِبَارِهِمْ، وَحَجَّ مَرَّاتٍ عَلَى الْوَحْدَةِ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي مُحَرَّمِ هَذِهِ السَّنَةِ. ابْنُ فَارِسٍ: أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ فَارِسِ بْنِ زَكَرِيَّا بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَبِيبٍ الرَّازِيُّ اللُّغَوِيُّ صَاحِبُ " الْمُجْمَلِ " فِي اللُّغَةِ، وَكَانَ مُقِيمًا بِهَمَذَانَ، وَلَهُ رَسَائِلُ حِسَانٌ، أَخَذَ عَنْهُ الْبَدِيعُ صَاحِبُ الْمَقَامَاتِ، وَمِنْ رَائِقِ شِعْرِهِ قَوْلُهُ مَرَّتْ بِنَا هَيْفَاءُ مَجْدُولَةٌ ... تُرْكِيَّةٌ تَنْمِي لِتُرْكِيِّ تَرْنُو بِطَرْفٍ فَاتِرٍ فَاتِنٍ ... أَضْعَفَ مِنْ حُجَّةِ نَحْوِيِّ وَلَهُ أَيْضًا: إِذَا كُنْتَ فِي حَاجَةِ مُرْسِلًا ... وَأَنْتَ بِهَا كَلِفٌ مُغْرَمُ فَأَرْسِلْ حَكِيمًا وَلَا تُوصِهِ ... وَذَاكَ الْحَكِيمُ هُوَ الدِّرْهَمُ قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَقِيلَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ، وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ.
পৃষ্ঠা - ৯৬৪৬
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَتِسْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: فِي لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ مُسْتَهَلِّ شَعْبَانَ طَلَعَ نَجْمٌ يُشْبِهُ الزُّهَرَةَ فِي كِبَرِهِ وَضَوْئِهِ عَنْ يُسْرَةِ الْقِبْلَةِ يَتَمَوَّجُ، وَلَهُ شُعَاعٌ عَلَى الْأَرْضِ كَشُعَاعِ الْقَمَرِ، وَثَبَتَ إِلَى النِّصْفِ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ، ثُمَّ غَابَ. وَفِيهَا وَلِيَ مُحَمَّدُ بْنُ الْأَكْفَانِيِّ قَضَاءَ جَمِيعِ بَغْدَادَ وَفِيهَا جَلَسَ الْقَادِرُ لِلْأَمِيرِ قِرْوَاشِ بْنِ أَبِي حَسَّانَ وَأَفْرَدَهُ فِي إِمَارَةِ الْكُوفَةِ، وَلَقَّبَهُ مُعْتَمِدَ الدَّوْلَةِ. وَفِيهَا قُلِّدَ الشَّرِيفُ الرَّضِيُّ نِقَابَةَ الطَّالِبِيِّينَ، وَلُقِّبَ بِالرَّضِيِّ ذِي الْحَسَبَيْنِ، وَلُقِّبَ أَخُوهُ الْمُرْتَضَى ذَا الْمَجْدَيْنِ. وَفِيهَا غَزَا يَمِينُ الدَّوْلَةِ مَحْمُودُ بْنُ سُبُكْتِكِينَ بِلَادَ الْهِنْدِ، فَافْتَتَحَ مُدُنًا كِبَارًا مِنْهَا، وَأَخَذَ أَمْوَالًا جَزِيلَةً، وَأَسَرَ بَعْضَ مُلُوكِهِمْ، وَهُوَ مَلِكُ كَوَاشَى حِينَ هَرَبَ مِنْهُ لَمَّا افْتَتَحَهَا، وَكَسَّرَ أَصْنَامَهَا، فَأَلْبَسَهُ مِنْطَقَةً، وَشَدَّهَا عَلَى وَسَطِهِ بَعْدَ تَمَنُّعٍ شَدِيدٍ، وَقَطَعَ خِنْصَرَهُ، ثُمَّ أَطْلَقَهُ ; إِهَانَةً لَهُ وَإِظْهَارًا لِعَظَمَةِ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ. وَفِيهَا كَانَتِ الْخُطْبَةُ بِالْحَرَمَيْنِ لِلْحَاكِمِ الْعُبَيْدِيِّ، وَتَجَدَّدُ فِي حَالِ الْخُطْبَةِ أَنَّهُ
পৃষ্ঠা - ৯৬৪৭
إِذَا ذَكَرَ الْخَطِيبُ الْحَاكِمَ يَقُومُ النَّاسُ كُلُّهُمْ، وَكَذَلِكَ فَعَلُوا بِدِيَارِ مِصْرَ مَعَ زِيَادَةِ السُّجُودِ، وَكَانُوا يَسْجُدُونَ عِنْدَ ذِكْرِهِ ; يَسْجُدُ مَنْ هُوَ فِي الصَّلَاةِ، وَمَنْ هُوَ فِي الْأَسْوَاقِ أَيْضًا يَسْجُدُونَ لِسُجُودِهِمْ، لَعَنَهُمُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: أَبُو سَعْدٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ أَبُو سَعْدٍ الْجُرْجَانِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالْإِسْمَاعِيلِيِّ، وَرَدَ بَغْدَادَ وَالدَّارَقُطْنِيُّ حَيٌّ، وَحَدَّثَ عَنْ أَبِيهِ أَبِي بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَالْأَصَمِّ وَابْنِ عَدِيٍّ، وَحَدَّثَ عَنْهُ الْخَلَّالُ وَالتَّنُوخِيُّ، وَكَانَ ثِقَةً فَاضِلًا، فَقِيهًا عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، عَارِفًا بِالْعَرَبِيَّةِ، سَخِيًّا جَوَّادًا عَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ، وَلَهُ وَرَعٌ، وَالرِّيَاسَةُ إِلَى الْيَوْمِ فِي بَلَدِهِ إِلَى وَلَدِهِ. قَالَ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ: سَمِعْتُ الشَّيْخَ أَبَا الطِّيبِ الطَّبَرِيَّ يَقُولُ: وَرَدَ أَبُو سَعْدٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ بَغْدَادَ فَعَقَدَ لَهُ الْفُقَهَاءُ مَجْلِسَيْنِ ; تَوَلَّى أَحَدَهُمَا أَبُو حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيُّ وَتَوَلَّى الثَّانِيَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْبَافِيُّ، فَبَعَثَ الْبَافِيُّ إِلَى الْقَاضِي الْمُعَافَى بْنِ زَكَرِيَّا الْجَرِيرِيِّ يَسْتَدْعِيهِ إِلَى حُضُورِ الْمَجْلِسِ ; لِيَتَجَمَّلَ بِحُضُورِهِ، وَكَانَتِ الرِّسَالَةُ مَعَ وَلَدِهِ أَبِي الْفَضْلِ، وَكَتَبَ عَلَى يَدِهِ هَذَيْنَ الْبَيْتَيْنِ:
পৃষ্ঠা - ৯৬৪৮
إِذَا أَكْرَمَ الْقَاضِي الْجَلِيلُ وَلِيَّهُ ... وَصَاحَبَهُ أَلْفَاهُ لِلشُّكْرِ مَوْضِعَا وَلِي حَاجَةٌ يَأْتِي بُنَيَّ بِذَكْرِهَا ... وَيَسْأَلُهُ فِيهَا التَّطَوُّلَ أَجْمَعَا فَأَجَابَهُ الْجَرِيرِيُّ مَعَ وَلَدِ الشَّيْخِ: دَعَا الشُّيْخُ مِطْوَاعًا سَمِيعًا لِأَمْرِهِ ... يُوَاتِيهِ بَاعًا حَيْثُ يَرْسُمُ أَصْبُعَا وَهَا أَنَا غَادٍ فِي غَدٍ نَحْوَ دَارِهِ ... أُبَادِرُ مَا قَدْ حَدَّهُ لِي مُسْرِعَا وَكَانَتْ وَفَاةُ أَبِي سَعْدٍ الْإِسْمَاعِيلِيِّ فَجْأَةً بِجُرْجَانَ فِي رَبِيعٍ الْآخَرِ، وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ، فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ، فَلَمَّا قَرَأَ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] فَاضَتْ نَفْسُهُ فَمَاتَ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ بَحِيرٍ، أَبُو عَمْرٍو الْمُزَكِّي الْحَافِظُ النَّيْسَابُورِيُّ، وَيُعْرَفُ بِالْبَحِيرِيِّ، رَحَلَ إِلَى الْآفَاقِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ، وَكَانَ حَافِظًا جَيِّدَ الْمُذَاكَرَةِ، ثِقَةً، ثَبْتًا، حَدَّثَ بِبَغْدَادَ وَغَيْرِهَا مِنَ الْبِلَادِ، وَتُوَفِّيَ فِي شَعْبَانِ هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً. أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مَنْدَهْ الْحَافِظُ: مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ مَنْدَهْ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْأَصْفَهَانِيُّ الْحَافِظُ مِنْ بَيْتِ الْحَدِيثِ وَالْحِفْظِ، رَحَلَ
পৃষ্ঠা - ৯৬৪৯
إِلَى الْبِلَادِ الشَّاسِعَةِ، وَسَمِعَ الْكَثِيرَ، وَصَنَّفَ " التَّارِيخَ " وَ " الشُّيُوخَ ". قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَافِظُ: مَا رَأَيْتُ أَحْفَظَ مِنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَنْدَهْ. تُوُفِّيَ بِأَصْفَهَانَ فِي صَفَرٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَإِيَّانَا بِرَحْمَتِهِ.
পৃষ্ঠা - ৯৬৫০
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا كَانَ خُرُوجُ أَبِي رَكْوَةَ عَلَى الْحَاكِمِ الْعُبَيْدِيِّ صَاحِبِ مِصْرَ. وَمُلَخَّصُ أَمْرِ هَذَا الرَّجُلِ: أَنَّهُ كَانَ مِنْ سُلَالَةِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ الْأُمَوِيِّ، وَاسْمُهُ الْوَلِيدُ، وَإِنَّمَا لُقِّبَ بِأَبِي رَكْوَةَ ; لِرَكْوَةٍ كَانَ يَسْتَصْحِبُهَا فِي أَسْفَارِهِ عَلَى طَرِيقِ الصُّوفِيَّةِ، وَقَدْ كَانَ سَمِعَ الْحَدِيثَ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، ثُمَّ أَقَامَ بِمَكَّةَ، ثُمَّ بِالْيَمَنِ، ثُمَّ دَخَلَ الشَّامَ وَهُوَ فِي غُبُونِ هَذَا كُلِّهِ يُبَايِعُ مَنِ انْقَادَ لَهُ، مِمَّنْ يَرَى عِنْدَهُ هِمَّةً وَنَهْضَةً لِلْقَائِمِ مِنْ وَلَدِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الْأُمَوِيِّ، ثُمَّ إِنَّهُ أَقَامَ بِبَعْضِ بِلَادِ مِصْرَ فِي حَلَّةٍ مِنْ حِلَالِ الْعَرَبِ، يُعَلِّمُ الصِّبْيَانَ، وَيُظْهِرُ النُّسُكَ وَالتَّقَشُّفَ وَالْعِبَادَةَ وَالْوَرَعَ، وَيُخْبِرُ بِشَيْءٍ مِنَ الْمُغَيَّبَاتِ، حَتَّى خَضَعُوا لَهُ وَعَظَّمُوهُ جِدًّا، ثُمَّ دَعَا إِلَى نَفْسِهِ، وَذَكَرَ لَهُمْ أَنَّهُ الَّذِي يَدْعُو إِلَيْهِ مِنَ الْأُمَوِيِّينَ، فَاسْتَجَابُوا لَهُ وَخَضَعُوا، وَخَاطَبُوهُ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَلُقِّبَ بِالثَّائِرِ بِأَمْرِ اللَّهِ الْمُنْتَصِرِ مِنْ أَعْدَاءِ اللَّهِ. وَدَخَلَ بَرْقَةَ فِي جَحْفَلٍ، فَجَمَعَ لَهُ أَهْلُهَا نَحْوًا مِنْ مِائَتَيْ أَلْفِ دِينَارٍ، وَأَخَذَ رَجُلًا مِنَ الْيَهُودِ اتُّهِمَ بِشَيْءِ مِنَ الْوَدَائِعِ فَأَخَذَ مِنْهُ مِائَتَيْ أَلْفِ دِينَارٍ أَيْضًا، وَنَقَشُوا الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ بِأَلْقَابِهِ، وَخَطَبَ بِالنَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَلَعَنَ الْحَاكِمَ فِي خُطْبَتِهِ - وَنِعِمَّا فَعَلَ - فَالْتَفَّ عَلَى أَبِي رَكْوَةَ مِنَ الْجُنُودِ نَحْوٌ مَنْ سِتَّةَ عَشَرَ أَلْفًا،
পৃষ্ঠা - ৯৬৫১
فَلَمَّا بَلَغَ الْحَاكِمَ أَمْرُهُ وَمَا آلَ إِلَيْهِ حَالُهُ، بَعَثَ بِخَمْسِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ وَخَمْسَةِ آلَافِ ثَوْبٍ مِنَ الْحَرِيرِ إِلَى مُقَدَّمِ جُيُوشِ أَبِي رَكْوَةَ - وَهُوَ الْفَضْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ - يَسْتَمِيلُهُ إِلَيْهِ وَيَثْنِيهِ عَنْ أَبِي رَكْوَةَ، فَحِينَ وَصَلَتْهُ الْأَمْوَالُ مِنَ الْحَاكِمِ، رَجَعَ عَنْ أَبِي رَكْوَةَ، وَقَالَ: إِنَّا لَا طَاقَةَ لَنَا بِالْحَاكِمِ، وَمَا دُمْتَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا فَنَحْنُ مَطْلُوبُونَ بِسَبَبِكَ، فَاخْتَرْ لِنَفْسِكَ بَلَدًا تَكُونُ فِيهَا. فَسَأَلَ أَنْ يَبْعَثُوا مَعَهُ فَارِسَيْنِ يُوصِّلَانِهِ إِلَى النَّوْبَةِ فَإِنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَلِكِهَا مَوَدَّةً وَصُحْبَةً، فَأَرْسَلَهُ، ثُمَّ بَعَثَ وَرَاءَهُ مَنْ رَدَّهُ إِلَى الْحَاكِمِ بِمِصْرَ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَيْهِ أَرْكَبَهُ جَمَلًا وَأَشْهُرَهُ، ثُمَّ قَتَلَهُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي، ثُمَّ أَكْرَمَ الْحَاكِمُ الْفَضْلَ، وَأَقْطَعَهُ إِقْطَاعَاتٍ كَثِيرَةً. وَاتَّفَقَ مَرَضُ الْفَضْلِ، فَعَادَهُ الْحَاكِمُ مَرَّتَيْنِ، فَلَمَّا عُوفِيَ قَتَلَهُ، وَأَلْحَقَهُ بِصَاحِبِهِ أَيْضًا، وَكَافَأَهُ مُكَافَأَةَ التِّمْسَاحِ. وَفِي رَمَضَانَ مِنْهَا عُزِلَ قِرْوَاشٌ عَمَّا كَانَ بِيَدِهِ وَوَلِيَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مَزْيَدٍ، وَلُقِّبَ بِسَنَدِ الدَّوْلَةِ. وَفِيهَا هَزَمَ يَمِينُ الدَّوْلَةِ مَحْمُودُ بْنُ سُبُكْتِكِينَ أَتْلَكَ مَلِكَ التُّرْكِ عَنْ بِلَادِ خُرَاسَانَ وَقَتَلَ مِنَ الْأَتْرَاكِ خَلْقًا كَثِيرًا. وَفِيهَا قُتِلَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ وَاصِلٍ صَاحِبُ الْبَصْرَةِ وَحُمِلَ رَأْسُهُ إِلَى بَهَاءِ الدَّوْلَةِ، فَطِيفَ بِهِ بِخُرَاسَانَ وَفَارِسٍ. وَفِيهَا ثَارَتْ عَلَى الْحَجِيجِ وَهُمْ بِالطَّرِيقِ رِيحٌ سَوْدَاءُ مُظْلِمَةٌ جِدًّا، وَاعْتَرَضَهُمُ
পৃষ্ঠা - ৯৬৫২
ابْنُ الْجَرَّاحِ أَمِيرُ الْأَعْرَابِ فَاعْتَاقَهُمْ عَنِ الذَّهَابِ، فَفَاتَهُمُ الْحَجُّ فَرَجَعُوا إِلَى بَغْدَادَ فَدَخَلُوهَا فِي يَوْمِ التَّرْوِيَةِ، وَكَانَتِ الْخُطْبَةُ بِالْحَرَمَيْنِ لِلْمِصْرِيِّينَ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، أَبُو الْقَاسِمِ الدِّينَوَرِيُّ الْوَاعِظُ الزَّاهِدُ، قَرَأَ الْقُرْآنَ، وَدَرَسَ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيِّ، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنِ سَلْمَانَ النَّجَّادِ، وَرَوَى عَنْهُ الْأَزَجِيُّ وَالصَّيْمَرِيُّ، وَكَانَ ثِقَةً صَالِحًا، يُضْرَبُ بِهِ الْمَثَلُ فِي مُجَاهَدَةِ النَّفْسِ، وَاسْتِعْمَالِ الصِّدْقِ الْمَحْضِ، وَالتَّعَفُّفِ وَالتَّقَشُّفِ، وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَحُسْنِ وَعْظِهِ وَنَفْعِهِ فِي الْقُلُوبِ. جَاءَهُ يَوْمًا رَجُلٌ بِمِائَةِ دِينَارٍ، فَقَالَ: أَنَا غَنِيٌّ عَنْهَا. قَالَ: خُذْهَا فَفَرِّقْهَا عَلَى أَصْحَابِكَ هَؤُلَاءِ، فَقَالَ: ضَعْهَا عَلَى الْأَرْضِ، فَوَضَعَهَا، ثُمَّ قَالَ لِلْجَمَاعَةِ: لِيَأْخُذْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ حَاجَتَهُ مِنْهَا، فَجَعَلُوا يَأْخُذُونَ بِقَدْرِ حَاجَاتِهِمْ حَتَّى أَنْفَذُوهَا، وَجَاءَ وَلَدُهُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَشَكَى إِلَيْهِ حَاجَتَهُمْ، فَقَالَ: اذْهَبْ إِلَى الْبَقَّالِ، فَخُذْ عَلَيَّ رُبُعَ رِطْلِ تَمْرٍ. وَرَآهُ رَجُلٌ، وَقَدِ اشْتَرَى دَجَاجَةً وَحَلْوَاءَ، فَتَعَجَّبَ مِنْ ذَلِكَ، فَاتَّبَعَهُ فَانْتَهَى