আল বিদায়া ওয়া আন্নিহায়া

পৃষ্ঠা - ৯৪৫৬
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِي عَاشِرِ الْمُحَرَّمِ مِنْهَا عَمِلَتِ الرَّوَافِضُ بِدْعَتَهُمُ الشَّنْعَاءَ، فَغُلِّقَتِ الْأَسْوَاقُ، وَتَعَطَّلَتِ الْمَعَايِشُ، وَدَارَتِ النِّسَاءُ سَافِرَاتٍ عَنْ وُجُوهِهِنَّ يَنُحْنَ عَلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ وَيَلْطِمْنَ وُجُوهَهُنَّ، وَالْمُسُوحُ مُعَلَّقَةٌ فِي الْأَسْوَاقِ، وَالتِّبْنُ مَذْرُورٌ فِيهَا. وَفِيهَا دَخَلَتِ الرُّومُ الْمَلَاعِينُ أَنْطَاكِيَةَ فَنَفَوْا مِنْ أَهْلِهَا الشُّيُوخَ وَالْعَجَائِزَ، وَسَبَوْا مِنَ النِّسَاءِ وَالْأَطْفَالِ نَحَوًا مِنْ عِشْرِينَ أَلْفًا ; وَذَلِكَ كُلُّهُ بِتَدْبِيرِ مَلِكِ الْأَرْمَنِ نُقْفُورَ، لَعَنَهُ اللَّهُ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَكَانَ قَدْ قَهَرَ وَطَغَا وَتَمَرَّدَ، وَقَدْ تَزَوَّجَ مَعَ ذَلِكَ بِامْرَأَةِ الْمَلِكِ الَّذِي كَانَ قَبْلَهُ، وَلَهَا مِنْهُ ابْنَانِ، فَأَرَادَ أَنْ يَخْصِيَهُمَا وَيَجْعَلَهُمَا فِي الْكَنِيسَةِ ; لِئَلَّا يَصْلُحَا بَعْدَ ذَلِكَ لِلْمُلْكِ، فَلَمَّا فَهِمَتْ ذَلِكَ أُمُّهُمَا عَمِلَتْ عَلَيْهِ، وَسَلَّلَتْ عَلَيْهِ الْأُمَرَاءَ، فَقَتَلُوهُ وَهُوَ نَائِمٌ، وَمَلَّكُوا عَلَيْهِمْ أَكْبَرَ وَلَدَيْهَا. وَفِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ صُرِفَ عَنِ الْقَضَاءِ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سَيَّارٍ، وَأُعِيدَ إِلَيْهِ أَبُو
পৃষ্ঠা - ৯৪৫৭
مُحَمَّدِ بْنُ مَعْرُوفٍ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ نَقَصَتْ دِجْلَةُ حَتَّى غَارَتِ الْآبَارُ. وَحَجَّ بِالنَّاسِ الشَّرِيفُ أَبُو أَحْمَدَ النَّقِيبُ. قَالَ: وَانْقَضَّ كَوْكَبٌ فِي ذِي الْحِجَّةِ، فَأَضَاءَتْ مِنْهُ الدُّنْيَا حَتَّى بَقِيَ لَهُ شُعَاعٌ كَالشَّمْسِ، ثُمَّ سُمِعَ لَهُ صَوْتٌ كَالرَّعْدِ. قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: وَفِي الْمُحَرَّمِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ خُطِبَ لِلْمُعِزِّ الْفَاطِمِيِّ بِدِمَشْقَ عَنْ أَمْرِ جَعْفَرِ بْنِ فَلَاحٍ الَّذِي سَيَّرَهُ جَوْهَرٌ الْقَائِدُ مِنْ مِصْرَ إِلَى الشَّامِ فَقَاتَلَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طُغْجٍ بِالرَّمْلَةِ، فَغَلَبَهُ ابْنُ فَلَاحٍ، وَأَسَرَهُ وَسَيَّرَهُ إِلَى جَوْهَرٍ، فَأَرْسَلَهُ جَوْهَرٌ إِلَى الْمُعِزِّ وَهُوَ بِإِفْرِيقِيَّةَ، وَاسْتَقَرَّتْ يَدُ الْفَاطِمِيِّينَ عَلَى دِمَشْقَ أَيْضًا بَعْدَ حُرُوبٍ يَطُولُ ذِكْرُهَا، تَطَاوَلَ أَمْرُهَا إِلَى آخِرِ هَذِهِ السَّنَةِ. وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ وَقَعَتِ الْمُنَافَرَةُ بَيْنَ نَاصِرِ الدَّوْلَةِ بْنِ حَمْدَانَ وَبَيْنَ ابْنِهِ أَبِي تَغْلِبَ، وَسَبَبُهُ أَنَّهُ لَمَّا مَاتَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ بْنُ بُوَيْهِ بِبَغْدَادَ، عَزَمَ أَبُو تَغْلِبَ وَمَنْ وَافَقَهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ عَلَى الدُّخُولِ إِلَى بَغْدَادَ وَأَخْذِ مَمْلَكَةِ الْعِرَاقِ، فَقَالَ لَهُمْ أَبُوهُمْ: إِنَّ
পৃষ্ঠা - ৯৪৫৮
مُعِزَّ الدَّوْلَةِ قَدْ تَرَكَ لِابْنِهِ أَمْوَالًا جَزِيلَةً، لَا تَقْدِرُونَ عَلَيْهِ مَا دَامَتْ فِي يَدِهِ، وَلَكِنِ اصْبِرُوا حَتَّى يُنْفِقَهَا فَإِنَّهُ مُبَذِّرٌ، فَإِذَا أَفْلَسَ فَثُورُوا عَلَيْهِ، فَإِنَّكُمْ تَغْلِبُونَهُ لَا مَحَالَةَ. فَحَقَدَ عَلَيْهِ وَلَدُهُ أَبُو تَغْلِبَ بِسَبَبِ ذَلِكَ، وَلَمْ يَزَلْ بِأَبِيهِ حَتَّى سَجَنَهُ بِالْقَلْعَةِ، فَاخْتَلَفَ أَوْلَادُهُ بَيْنَهُمْ، وَصَارُوا أَحْزَابًا، وَضَعُفُوا عَنْ حِفْظِ مَا بِأَيْدِيهِمْ حَتَّى بَعَثَ أَبُو تَغْلِبَ إِلَى عِزِّ الدَّوْلَةِ فَضَمِنَ مِنْهُ بِلَادَ الْمَوْصِلِ بِأَلْفِ أَلْفِ دِرْهَمٍ كُلَّ سَنَةٍ يَحْمِلُهَا إِلَيْهِ، وَاتَّفَقَ مَوْتُ أَبِيهِ نَاصِرِ الدَّوْلَةِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَاسْتَقَرَّ أَبُو تَغْلِبَ بِالْمَوْصِلِ وَمَلَكَهَا، إِلَّا أَنَّهُمْ فِيمَا بَيْنَهُمْ مُخْتَلِفُونَ مُتَحَارِبُونَ. وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ دَخَلَ مَلِكُ الرُّومِ إِلَى طَرَابُلُسَ فَأَحْرَقَ كَثِيرًا مِنْهَا، وَمَلَكَ قَلْعَةَ عِرْقَةَ وَنَهَبَهَا وَسَبَى أَهْلَهَا وَكَانَ فِي قَلْعَتِهَا صَاحِبُ طَرَابُلُسَ كَانَ لَجَأَ إِلَيْهَا حِينَ أَخْرَجَهُ أَهْلُ طَرَابُلُسَ مِنْهَا لِشِدَّةِ ظُلْمِهِ، فَأَسَرَتْهُ الرُّومُ، وَاسْتَحْوَذُوا عَلَى جَمِيعِ أَمْوَالِهِ وَحَوَاصِلِهِ، وَكَانَتْ كَثِيرَةً جِدًّا، ثُمَّ مَالُوا عَلَى السَّوَاحِلِ، فَمَلَكُوا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مِنْبَرًا سِوَى الْقُرَى، وَتَنَصَّرَ خَلْقٌ كَثِيرٌ عَلَى أَيْدِيهِمْ، لَعَنَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى. وَجَاءُوا إِلَى حِمْصَ فَحَرَقُوا وَنَهَبُوا. وَمَكَثَ مَلِكُ الرُّومِ شَهْرَيْنِ يَأْخُذُ مَا شَاءَ مِنَ الْبِلَادِ، وَيَأْسِرُ مَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ مِنَ الْعِبَادِ، وَصَارَتْ لَهُ مَهَابَةٌ عَظِيمَةٌ فِي قُلُوبِ النَّاسِ، ثُمَّ عَادَ إِلَى بِلَادِهِ وَمَعَهُ مِنَ السَّبْيِ نَحْوٌ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ صَبِيٍّ وَصَبْيَةٍ، وَكَانَ سَبَبَ عَوْدِهِ إِلَى بِلَادِهِ كَثْرَةُ الْأَمْرَاضِ فِي جَيْشِهِ وَاشْتِيَاقُهُمْ إِلَى أَوْلَادِهِمْ
পৃষ্ঠা - ৯৪৫৯
وَأَهْلِيهِمْ وَأَوْطَانِهِمْ. وَبَعَثَ سَرِيَّةً إِلَى الْجَزِيرَةِ فَنَهَبُوا وَسَبَوْا، وَكَانَ قَرْعُوَيْهِ غُلَامُ سَيْفِ الدَّوْلَةِ قَدِ اسْتَحْوَذَ عَلَى حَلَبَ وَأَخْرَجَ مِنْهَا ابْنَ أُسْتَاذِهِ أَبَا الْمَعَالِي شَرِيفَ بْنَ سَيْفِ الدَّوْلَةِ، فَسَارَ إِلَى حُرَّانَ وَهِيَ تَحْتَ حُكْمِهِ، فَأَبَوْا أَنْ يُدْخِلُوهُ إِلَيْهِمْ، فَذَهَبَ إِلَى أُمِّهِ بِمَيَّافَارِقِينَ، وَهِيَ ابْنَةُ سَعِيدِ بْنِ حَمْدَانَ، فَمَكَثَ عِنْدَهَا حِينًا، ثُمَّ سَارَ إِلَى حُمَاةَ فَمَلَكَهَا، ثُمَّ عَادَ إِلَى حَلَبَ بَعْدَ سَنَتَيْنِ كَمَا سَنَذْكُرُهُ فِيمَا بَعْدُ. وَلَمَّا عَاثَتِ الرُّومُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ بِالشَّامِ صَانَعَهُمْ قَرْعُوَيْهِ عَنْ حَلَبَ وَبَعَثَ إِلَيْهِمْ بِأَمْوَالٍ وَتُحَفٍ، ثُمَّ عَادُوا إِلَى أَنْطَاكِيَةَ فَمَلَكُوهَا وَقَتَلُوا خَلْقًا كَثِيرًا مِنْهَا، وَسَبَوْا عَامَّةَ أَهْلِهَا، وَرَكِبُوا إِلَى حَلَبَ وَأَبُو الْمَعَالِي شَرِيفٌ مُحَاصِرٌ غُلَامَهُمْ قَرْعُوَيْهِ بِهَا، فَخَافَهُمْ أَبُو الْمَعَالِي، فَهَرَبَ عَنْهَا، وَحَاصَرَهَا الرُّومُ، فَأَخَذُوا الْبَلَدَ، وَامْتَنَعَتِ الْقَلْعَةُ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ اصْطَلَحُوا مَعَ قَرْعُوَيْهِ عَلَى هُدْنَةٍ مُؤَبَّدَةٍ وَمَالٍ يَحْمِلُهُ إِلَيْهِمْ كُلَّ سَنَةٍ، وَسَلَّمُوا إِلَيْهِ الْبَلَدَ، وَرَجَعُوا عَنْهُ. وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ خَرَجَ عَلَى الْمُعِزِّ الْفَاطِمِيِّ وَهُوَ بِإِفْرِيقِيَّةَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: أَبُو خَزْرٍ، فَنَهَضَ إِلَيْهِ الْمُعِزُّ بِنَفْسِهِ وَجُنُودِهِ، فَهَرَبَ مِنْهُ فَأَرْسَلَ فِي طَلَبِهِ يُوسُفَ بْنَ بُلُكِّينَ بْنِ زِيرِي، فَشَرَّدَهُ، وَطَرَدَهُ، ثُمَّ عَادَ فَاسْتَأْمَنَ، فَقَبِلَ مِنْهُ الْمُعِزُّ ذَلِكَ وَصَفَحَ عَنْهُ، وَجَاءَ الرَّسُولُ مِنْ جَوْهَرٍ الْقَائِدِ إِلَى الْمُعِزِّ فِي هَذِهِ السَّنَةِ يُبَشِّرُهُ بِفَتْحِ الدِّيَارِ
পৃষ্ঠা - ৯৪৬০
الْمِصْرِيَّةِ وَإِقَامَةِ الدَّعْوَةِ لَهُ بِهَا، وَطَلَبَهُ إِلَيْهَا، فَفَرِحَ بِذَلِكَ الْمُعِزُّ الْفَاطِمِيُّ فَرَحًا شَدِيدًا، وَامْتَدَحَهُ الشُّعَرَاءُ، فَكَانَ مِمَّنِ امْتَدَحَهُ شَاعِرُهُ مُحَمَّدُ بْنُ هَانِئٍ فِي قَصِيدَةٍ أَوَّلُهَا: يَقُولُ بَنُو الْعَبَّاسِ هَلْ فُتِحَتْ مِصْرُ ... فَقُلْ لِبَنِي الْعَبَّاسِ قَدْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَذَكَرَ ابْنُ الْأَثِيرِ أَنَّ فِي هَذِهِ السَّنَةِ تُوُفِّيَ النِّقْفُورُ الَّذِي كَانَ دُمُسْتُقًا، ثُمَّ صَارَ مَلِكَ الرُّومِ، وَأَرَادَ قَتْلَ ابْنَيِ الْمَلِكِ الَّذِي كَانَ قَبْلَهُ، فَغَارَتْ أُمُّهُمَا لَهُمَا، فَقَتَلَتْهُ غِيلَةً. قَالَ: وَقَدْ كَانَ هَذَا اللَّعِينُ مِنْ أَبْنَاءِ الْمُسْلِمِينَ، كَانَ أَبُوهُ مِنْ أَهْلِ طَرَسُوسَ مِنْ خِيَارِ الْمُسْلِمِينَ يُعْرَفُ بِابْنِ الْفَقَّاسِ، فَتَنَصَّرَ وَلَدُهُ هَذَا وَحَظِيَ عِنْدَ النَّصَارَى حَتَّى صَارَ مِنْ أَمْرِهِ مَا صَارَ، وَكَانَ مِنْ أُشِدِّ النَّاسِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَقَدْ أَخَذَ بِلَادًا كَثِيرَةً عَنْوَةً، مِنْ ذَلِكَ طَرَسُوسُ وَأَذَنَةُ، وَعَيْنُ زَرْبَةَ، وَالْمِصِّيصَةُ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْبِلَادِ، وَقَتَلَ خَلْقًا كَثِيرًا لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَسَبَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ مَا لَا يَعْلَمُ عَدَدَهُمْ إِلَّا الَّذِي خَلَقَهُمْ. وَهَذَا اللَّعِينُ هُوَ الَّذِي بَعَثَ تِلْكَ الْقَصِيدَةَ إِلَى الْمُطِيعِ لِلَّهِ وَقَدْ أَوْرَدْنَاهَا فِي آخِرِ الْجُزْءِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، ثُمَّ انْتُدِبَ لَهَا فِيمَا بَعْدُ ذَلِكَ الْفَقِيهُ الْإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ الظَّاهِرِيُّ، فَأَجَابَ عَنْهَا جَوَابًا شَافِيًا كَافِيًا، فَجَزَاهُ اللَّهُ عَنِ الْإِسْلَامِ خَيْرًا.
পৃষ্ঠা - ৯৪৬১
وَفِيهَا رَامَ عِزُّ الدَّوْلَةِ صَاحِبُ بَغْدَادَ مُحَاصَرَةَ عِمْرَانَ بْنِ شَاهِينَ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ، فَصَالَحَهُ وَرَجَعَ إِلَى بَغْدَادَ. وَفِيهَا اصْطَلَحَ قَرْعُوَيْهِ وَأَبُو الْمَعَالِي شَرِيفٌ، فَخَطَبَ لَهُ قَرْعُوَيْهِ بِحَلَبَ، وَخَطَبَا جَمِيعًا فِي مُعَامَلَتَيْهَا لِلْمُعِزِّ الْفَاطِمِيِّ بِحَلَبَ وَحِمْصَ، وَخُطِبَ بِمَكَّةَ لِلْمُطِيعِ لِلَّهِ وَلِلْقَرَامِطَةِ أَيْضًا، وَبِالْمَدِينَةِ لِلْمُعِزِّ الْفَاطِمِيِّ، وَخَطَبَ أَبُو أَحْمَدَ الْمُوسَوِيُّ بِظَاهِرِهَا لِلْمُطِيعِ لِلَّهِ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَبُو عَلِيٍّ الصَّوَّافُ رَوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ وَطَبَقَتِهِ، وَعَنْهُ خَلْقٌ ; مِنْهُمُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَالَ: مَا رَأَتْ عَيْنَايَ مِثْلَهُ فِي تَحَرُّزِهِ وَدِينِهِ. وَقَدْ بَلَغَ تِسْعًا وَثَمَانِينَ سَنَةً، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. مُحَارِبُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَارِبٍ، أَبُو الْعَلَاءِ الْقَاضِي الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ، مِنْ ذُرِّيَّةِ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، وَكَانَ ثِقَةً عَالِمًا فَاضِلًا، رَوَى عَنْ جَعْفَرٍ الْفِرْيَابِيِّ وَغَيْرِهِ. أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْقَطَّانِ، أَحَدُ أَئِمَّةِ الشَّافِعِيَّةِ،
পৃষ্ঠা - ৯৪৬২
تَفَقَّهَ بِابْنِ سُرَيْجٍ، ثُمَّ بِالشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ، وَتَفَرَّدَ بِرِيَاسَةِ الْمَذْهَبِ بَعْدَ مَوْتِ أَبِي الْقَاسِمِ الدَّارَكِيِّ، وَصَنَّفَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ وَفُرُوعِهِ، وَكَانَتِ الرِّحْلَةُ إِلَيْهِ بِبَغْدَادَ، وَدَرَّسَ بِهَا، وَكَتَبَ شَيْئًا كَثِيرًا، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، فِي جُمَادَى الْأُولَى مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ.
পৃষ্ঠা - ৯৪৬৩
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتِّينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِي عَاشِرِ مُحَرَّمٍ مِنْهَا عَمِلَتِ الرَّافِضَةُ بِدْعَتَهُمُ الْمُحَرَّمَةَ عَلَى عَادَتِهِمُ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرِهَا. وَفِي ذِي الْقَعْدَةِ مِنْهَا أَخَذَتِ الْقَرَامِطَةُ دِمَشْقَ وَقَتَلُوا نَائِبَهَا جَعْفَرَ بْنَ فَلَاحٍ مِنْ جِهَةِ الْمُعِزِّ الْفَاطِمِيِّ، وَكَانَ رَئِيسَ الْقَرَامِطَةِ وَأَمِيرَهُمُ الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَهْرَامٍ، وَقَدْ أَمَدَّهُ عِزُّ الدَّوْلَةِ مِنْ بَغْدَادَ بِسِلَاحٍ وَعُدَدٍ كَثِيرَةٍ، ثُمَّ سَارُوا إِلَى الرَّمْلَةِ فَأَخَذُوهَا، وَتَحَصَّنَ مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمَغَارِبَةِ بِيَافَا، فَتَرَكُوا عَلَيْهَا مَنْ يَحْصُرُهَا، ثُمَّ سَارُوا نَحْوَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ فِي جَمْعٍ كَثِيرٍ مِنَ الْأَعْرَابِ وَالْإِخْشِيدِيَّةِ وَالْكَافُورِيَّةِ، فَوَصَلُوا عَيْنَ شَمْسٍ فَاقْتَتَلُوا هُمْ وَجُنُودُ جَوْهَرٍ قِتَالًا شَدِيدًا، وَالظَّفَرُ لِلْقَرَامِطَةِ، وَحَصَرُوا الْمَغَارِبَةَ حَصْرًا عَظِيمًا. ثُمَّ حَمَلَتِ الْمَغَارِبَةُ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ عَلَى مَيْمَنَةِ الْقَرَامِطَةِ فَهَزَمَتْهَا، وَرَجَعَتِ الْقَرَامِطَةُ إِلَى الشَّامِ فَجَدُّوا فِي حِصَارِ يَافَا فَأَرْسَلَ جَوْهَرٌ إِلَى أَصْحَابِهِ خَمْسَةَ عَشَرَ مَرْكَبًا، مِيرَةً لِأَصْحَابِهِ، فَأَخَذَتْهَا مَرَاكِبُ الْقَرَامِطَةِ، سِوَى مَرْكَبَيْنِ أَخَذَتْهَا الْفِرِنْجُ. وَجَرَتْ خُطُوبٌ كَثِيرَةٌ.
পৃষ্ঠা - ৯৪৬৪
وَمِنْ شَعْرِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ بَهْرَامٍ أَمِيرِ الْقَرَامِطَةِ: زَعَمَتْ رِجَالُ الْغَرْبِ أَنِّي هِبْتُهَا ... فَدَمِي إِذَنْ مَا بَيْنَهُمْ مَطْلُولُ يَا مِصْرُ إِنْ لَمْ أَسْقِ أَرْضَكِ مِنْ دَمٍ ... يَرْوِي ثَرَاكِ فَلَا سَقَانِي النِّيلُ وَفِيهَا تَزَوَّجَ أَبُو تَغْلِبَ بْنُ حَمْدَانَ ابْنَةَ بَخْتِيَارَ عِزِّ الدَّوْلَةِ، وَعُمُرُهَا ثَلَاثُ سِنِينَ، عَلَى صَدَاقٍ مِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، وَوَقَعَ الْعَقْدُ فِي صَفَرٍ. وَفِيهَا اسْتَوْزَرَ مُؤَيِّدُ الدَّوْلَةِ بْنُ رُكْنِ الدَّوْلَةِ الصَّاحِبَ أَبَا الْقَاسِمِ بْنَ عَبَّادٍ، فَأَصْلَحَ أُمُورَهُ كُلَّهَا وَسَاسَ دَوْلَتَهُ جَيِّدًا. وَفِيهَا أُذِّنَ بِدِمَشْقَ وَسَائِرِ الشَّامِ بِحَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ. قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَرْجَمَةِ جَعْفَرِ بْنِ فَلَاحٍ نَائِبِ دِمَشْقَ: أَوَّلُ مَنْ تَأَمَّرَ بِهَا عَنِ الْفَاطِمِيِّينَ وَهُوَ الَّذِي أَمَرَ بِذَلِكَ نِيَابَةً عَنِ الْمُعِزِّ الْفَاطِمِيِّ صَاحِبِ الْقَاهِرَةِ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ الْأَلْهَانِيِّ، قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شِرَامٍ: وَفِي يَوْمِ الْخَمِيسِ لِخَمْسٍ خَلَوْنَ مِنْ صَفَرٍ سَنَةَ سِتِّينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ أَعْلَنَ الْمُؤَذِّنُونَ فِي الْجَامِعِ بِدِمَشْقَ وَسَائِرِ مَآذِنِ الْبَلَدِ، وَمَآذِنِ الْمَسَاجِدِ بِحَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ، بَعْدَ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، أَمَرَهُمْ بِذَلِكَ جَعْفَرُ بْنُ فَلَاحٍ، وَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى مُخَالَفَتِهِ، وَلَا وَجَدُوا مِنَ الْمُسَارَعَةِ إِلَى طَاعَتِهِ بُدًّا. وَفِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ، الثَّامِنِ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ مِنْهَا أُمِرَ الْمُؤَذِّنُونَ أَنْ يُثَنُّوا الْأَذَانَ
পৃষ্ঠা - ৯৪৬৫
وَالتَّكْبِيرَ فِي الْإِقَامَةِ مَثْنَى مَثْنَى، وَأَنْ يَقُولُوا فِي الْإِقَامَةِ: حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ. فَاسْتَعْظَمَ النَّاسُ ذَلِكَ، وَصَبَرُوا عَلَى حُكْمِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: الرَّفَّاءُ الشَّاعِرُ، السَّرِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ السَّرِيِّ، أَبُو الْحَسَنِ الْكِنْدِيُّ الرَّفَّاءُ الشَّاعِرُ الْمَوْصِلِيُّ أَرَّخَ وَفَاتَهُ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ - أَعْنِي سَنَةَ سِتِّينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ - وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بِبَغْدَادَ، ذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ أَنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَسِتِّينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ كَمَا سَيَأْتِي. مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْهَيْثَمِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ يَزِيدَ، أَبُو بَكْرٍ الْبُنْدَارُ أَصْلُهُ أَنْبَارِيٌّ، سَمِعَ مِنْ أَحْمَدَ بْنِ الْخَلِيلِ الْبُرْجُلَانِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْعَوَّامِ الرِّيَاحِيِّ، وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّائِغِ، وَأَبِي إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيِّ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَهُوَ آخِرُ مَنْ رَوَى عَنْهُمْ. قَالُوا: وَكَانَتْ أُصُولُهُ جِيَادًا بِخَطِّ أَبِيهِ، وَسَمَاعُهُ صَحِيحًا، وَقَدِ انْتَقَى عَلَيْهِ عُمَرُ الْبَصْرِيُّ. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فَجْأَةً يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَقَدْ جَاوَزَ التِّسْعِينَ.
পৃষ্ঠা - ৯৪৬৬
مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَبُو بَكْرٍ الْآجِرِيُّ سَمِعَ جَعْفَرًا الْفِرْيَابِيَّ، وَأَبَا شُعَيْبٍ الْحَرَّانِيَّ، وَأَبَا مُسْلِمٍ الْكَجِّيَّ وَخَلْقًا، وَكَانَ ثِقَةً صَدُوقًا دَيِّنًا، وَلَهُ تَصَانِيفُ كَثِيرَةٌ مُفِيدَةٌ، مِنْهَا " الْأَرْبَعُونَ الْآجِرِيَّةُ "، وَقَدْ حَدَّثَ بِبَغْدَادَ قَبْلَ سَنَةِ ثَلَاثِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى مَكَّةَ فَأَقَامَ بِهَا حَتَّى مَاتَ بَعْدَ إِقَامَتِهِ بِهَا ثَلَاثِينَ سَنَةً، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُظَفَّرٍ، أَبُو عَمْرٍو الزَّاهِدُ سَمِعَ الْكَثِيرَ، وَرَحَلَ إِلَى الْآفَاقِ الْمُتَنَائِيَةِ، وَسَمِعَ مِنْهُ الْحُفَّاظُ الْكِبَارُ، وَكَانَ فَقِيرًا مُتَقَلِّلًا، يَضْرِبُ اللَّبَنَ لِقُبُورِ الْفُقَرَاءِ، وَيَتَقَوَّتُ بِرَغِيفٍ بِجَزَرَةٍ أَوْ بَصَلَةٍ، وَيَقُومُ اللَّيْلَ كُلَّهُ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً. مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ، أَبُو بَكْرٍ الصُّوفِيُّ وَيُعْرَفُ بِالدُّقِّيِّ، أَصْلُهُ مِنَ الدِّينَوَرِ وَأَقَامَ بِبَغْدَادَ، ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى دِمَشْقَ وَقَدْ قَرَأَ عَلَى ابْنِ مُجَاهِدٍ وَسَمِعَ الْحَدِيثَ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْخَرَائِطِيِّ، وَصَحِبَ ابْنَ الْجَلَاءِ وَالدَّقَّاقَ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَقَدْ جَاوَزَ الْمِائَةَ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
পৃষ্ঠা - ৯৪৬৭
مُحَمَّدُ بْنُ الْفَرُّخَانِ بْنِ رُوزْبَهْ، أَبُو الطِّيبِ الدُّورِيُّ دَخَلَ بَغْدَادَ وَحَدَّثَ بِهَا عَنْ أَبِيهِ بِأَحَادِيثَ مُنْكَرَةٍ، وَرَوَى عَنِ الْجُنَيْدِ وَابْنِ مَسْرُوقٍ، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَكَانَ فِيهِ ظُرْفٌ وَلَبَاقَةٌ، غَيْرَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَّهِمُونَهُ بِوَضْعِ الْحَدِيثِ. وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: الطَّبَرَانِيُّ، سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَيُّوبَ، أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ اللَّخْمِيُّ الْحَافِظُ الْكَبِيرُ، صَاحِبُ الْمَعَاجِمِ الثَّلَاثَةِ ; " الْكَبِيرِ " وَ " الْأَوْسَطِ "، وَ " الصَّغِيرِ "، وَكِتَابِ " السُّنَّةِ "، وَكِتَابِ " مُسْنَدِ الشَّامِيِّينَ "، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمُصَنَّفَاتِ الْمُفِيدَةِ. عَمَّرَ مِائَةَ سَنَةٍ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ بِأَصْبَهَانَ، وَدُفِنَ عَلَى بَابِهَا عِنْدَ قَبْرِ حُمَمَةَ الدَّوْسِيِّ الصَّحَابِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَهُ أَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ فِي " الْمُنْتَظَمِ ". قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: وَسَمِعَ مِنْ أَلْفِ شَيْخٍ. قَالَ: وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي يَوْمِ السَّبْتَ لِلَيْلَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَقِيلَ: فِي شَوَّالٍ مِنْهَا. أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَتْحِ - وَيُقَالُ: ابْنُ أَبِي الْفَتْحِ - بْنُ خَاقَانَ، أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ النِّجَادِ، إِمَامُ جَامِعِ دِمَشْقَ.
পৃষ্ঠা - ৯৪৬৮
قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: كَانَ عَابِدًا صَالِحًا. وَذَكَرَ أَنَّ جَمَاعَةً جَاءُوا لِزِيَارَتِهِ، فَسَمِعُوهُ يَتَأَوَّهُ مِنْ وَجَعٍ كَانَ بِهِ، فَأَنْكَرُوا عَلَيْهِ، فَلَمَّا خَرَجَ إِلَيْهِمْ قَالَ لَهُمْ: إِنَّ آهِ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ يَسْتَرْوِحُ إِلَيْهِ الْأَعِلَّاءُ. قَالَ: فَزَادَ فِي أَعْيُنِهِمْ وَعَظَّمُوهُ. قُلْتُ: هَذَا الَّذِي قَالَهُ لَا يُؤْخَذُ عَنْهُ مُسَلَّمًا بِلَا دَلِيلٍ، بَلْ يَحْتَاجُ إِلَى نَقْلٍ صَحِيحٍ عَنِ الْمَعْصُومِ، فَإِنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ تَعَالَى تَوْقِيفِيَّةٌ، عَلَى الصَّحِيحِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
পৃষ্ঠা - ৯৪৬৯
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَسِتِّينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِي عَاشِرِ الْمُحَرَّمِ مِنْهَا عَمِلَتِ الرَّوَافِضُ بِبَغْدَادَ الْبِدْعَةَ الَّتِي تَقَرَّرَتْ مِنَ النَّوْحِ عَلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَبَّحَهُمْ. وَفِي الْمُحَرَّمِ مِنْهَا أَغَارَتِ الرُّومُ عَلَى الْجَزِيرَةِ وَدِيَارِ بَكْرٍ، فَقَتَلُوا خَلْقًا كَثِيرًا مِنْ أَهْلِ الرَّهَا وَسَارُوا فِي الْبِلَادِ كَذَلِكَ يَقْتُلُونَ وَيَأْسِرُونَ وَيَغْنَمُونَ، إِلَى أَنْ وَصَلُوا نَصِيبِينَ وَفَعَلُوا كَذَلِكَ بِبِلَادِ بَكْرٍ، وَلَمْ يُغْنِ عَنْ أَهْلِ تِلْكَ النَّوَاحِي أَبُو تَغْلِبَ بْنُ حَمْدَانَ مُتَوَلِّيهَا شَيْئًا، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ دِفَاعٌ وَلَا لَهُ قُوَّةٌ، فَعِنْدَ ذَلِكَ ذَهَبَ أَهْلُ الْجَزِيرَةِ إِلَى بَغْدَادَ يَسْتَنْصِرُونَ وَيَسْتَصْرِخُونَ، فَرَثَى لَهُمْ أَهْلُ بَغْدَادَ وَأَرَادُوا إِدْخَالَهُمْ عَلَى الْخَلِيفَةِ الْمُطِيعِ لِلَّهِ فَلَمْ يُمْكِنْ ذَلِكَ، وَكَانَ بَخْتِيَارُ بْنُ مُعِزِّ الدَّوْلَةِ مَشْغُولًا بِالصَّيْدِ، فَذَهَبَتِ الرُّسُلُ وَرَاءَهُ، فَبَعَثَ الْحَاجِبَ سُبُكْتِكِينَ يَسْتَنْفِرُ النَّاسَ، فَتَجَهَّزَ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ الْعَامَّةِ، وَكَتَبَ إِلَى أَبِي تَغْلِبَ أَنْ يُعِدَّ الْمِيرَةَ وَالْإِقَامَاتِ، فَأَظْهَرَ السُّرُورَ بِذَلِكَ وَالْفَرَحَ وَالِابْتِهَاجَ، وَلَمَّا تَجَهَّزَتِ الْعَامَّةُ لِلْغَزَاةِ، وَقَعَتْ بَيْنَهُمْ فِتْنَةٌ شَدِيدَةٌ ; بَيْنَ الرَّوَافِضِ وَالسُّنَّةِ، فَأَحْرَقَتِ السُّنَّةُ دُورَ الرَّوَافِضِ بِالْكَرْخِ، وَقَالُوا: الشَّرُّ كُلُّهُ مِنْكُمْ. وَصَارَتِ الْعَيَّارُونَ بِبَغْدَادَ يَأْخُذُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ، وَتَنَاقَضَ النَّقِيبُ أَبُو أَحْمَدَ
পৃষ্ঠা - ৯৪৭০
الْمُوسَوِيُّ وَالْوَزِيرُ أَبُو الْفَضْلِ الشِّيرَازِيُّ، وَأَرْسَلَ بَخْتِيَارُ بْنُ مُعِزِّ الدَّوْلَةِ إِلَى الْخَلِيفَةِ يَطْلُبُ مِنْهُ أَمْوَالًا يَسْتَعِينُ بِهَا فِي هَذِهِ الْغَزَوَاتِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ يَقُولُ: لَوْ كَانَ الْخَرَاجُ يُجْبَى إِلَيَّ لَدَفَعْتُ مِنْهُ مَا يَحْتَاجُ الْمُسْلِمُونَ إِلَيْهِ، وَلَكِنْ أَنْتَ تَصْرِفُ مِنْهُ مَا لِلْمُسْلِمِينَ بِهِ ضَرُورَةٌ، وَأَمَّا أَنَا فَلَيْسَ عِنْدِي شَيْءٌ أَبْعَثُ بِهِ إِلَيْكَ، فَتَرَدَّدَتِ الْبُرُدُ بَيْنَهُمَا، وَأَغْلَظَ بَخْتِيَارُ لِلْخَلِيفَةِ فِي ذَلِكَ وَتَهَدَّدَهُ، فَاحْتَاجَ الْخَلِيفَةُ أَنْ يُحَصِّلَ لَهُ شَيْئًا، فَبَاعَ بَعْضَ ثِيَابِ بَدَنِهِ وَشَيْئًا مِنْ أَثَاثِهِ، وَنَقَضَ بَعْضَ سُقُوفِ دَارِهِ، وَحَصَّلَ أَرْبَعَمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَصَرَفَهَا بَخْتِيَارُ فِي مَصَالِحِ نَفْسِهِ، وَأَبْطَلَ تِلْكَ الْغَزَاةَ، فَتَغَمَّمَ النَّاسُ لِلْخَلِيفَةِ، وَسَاءَهُمْ مَا فَعَلَ ابْنُ بُوَيْهِ مِنْ أَخْذِهِ مَالَ الْخَلِيفَةِ وَتَرَكِهِ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَلَا جَزَاهُ اللَّهُ خَيْرًا عَنِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا عَنْ إِمَامِهِمْ. وَفِيهَا تَسَلَّمَ أَبُو تَغْلِبَ بْنُ حَمْدَانَ قَلْعَةَ مَارِدِينَ فَنَقَلَ حَوَاصِلَهَا وَمَا فِيهَا إِلَى الْمَوْصِلِ. وَفِيهَا اصْطَلَحَ الْأَمِيرُ مَنْصُورُ بْنُ نُوحٍ السَّامَانِيُّ صَاحِبُ خُرَاسَانَ هُوَ وَرُكْنُ الدَّوْلَةِ بْنُ بُوَيْهِ وَابْنُهُ عَضُدُ الدَّوْلَةِ، عَلَى أَنْ يَحْمِلَا إِلَيْهِ فِي كُلِّ سَنَةٍ مِائَةَ أَلْفِ دِينَارٍ وَخَمْسِينَ أَلْفَ دِينَارٍ، وَتَزَوَّجَ بِابْنَةِ رُكْنِ الدَّوْلَةِ، فَحَمَلَ إِلَيْهِ مِنَ الْهَدَايَا وَالتُّحَفِ مَا لَا يُحَدُّ وَلَا يُوصَفُ. وَفِي شَوَّالٍ مِنْهَا خَرَجَ الْمُعِزُّ الْفَاطِمِيُّ بِأَهْلِهِ وَحَاشِيَتِهِ وَجُنُودِهِ مِنْ مَدِينَةِ
পৃষ্ঠা - ৯৪৭১
الْمَنْصُورَةِ مِنْ بِلَادِ الْمَغْرِبِ قَاصِدًا الْبِلَادَ الْمِصْرِيَّةَ، بَعْدَمَا مَهَّدَ لَهُ مَوْلَاهُ جَوْهَرٌ الْقَائِدُ أَمْرَهَا، وَأَطَّدَهَا لَهُ وَبَنَى لَهُ بِهَا الْقَصْرَيْنِ، وَاسْتَخْلَفَ الْمُعِزُّ الْفَاطِمِيُّ عَلَى بِلَادِ الْمَغْرِبِ وَنَوَاحِيهَا وَصِقِلِّيَةَ وَأَعْمَالِهَا نُوَّابًا مِنْ حِزْبِهِ وَأَنْصَارِهِ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْبِلَادِ، وَاسْتَصْحَبَ مَعَهُ شَاعِرَهُ مُحَمَّدَ بْنَ هَانِئٍ الْأَنْدَلُسِيَّ، فَتُوُفِّيَ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ، عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ، وَكَانَ قُدُومُ الْمُعِزِّ إِلَى الْقَاهِرَةِ فِي رَمَضَانَ مِنَ السَّنَةِ الْآتِيَةِ، عَلَى مَا سَيَأْتِي. وَفِيهَا حَجَّ بِالنَّاسِ الشَّرِيفُ أَبُو أَحْمَدَ الْمُوسَوِيُّ النَّقِيبُ عَلَى الطَّالِبِيِّينَ كُلِّهِمْ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ الْجَنَّابِيُّ، أَبُو الْقَاسِمِ الْقِرْمِطِيُّ الْهَجَرِيُّ وَقَامَ بِالْأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ أَخُوهُ أَبُو يَعْقُوبَ يُوسُفُ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْ سُلَالَةِ أَبِي سَعِيدٍ سِوَاهُ. عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ خَفِيفٍ، أَبُو عَمْرٍو الْمُقْرِئُ الْمَعْرُوفُ بِالدَّرَّاجِ، حَدَّثَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي دَاوُدَ، وَعَنْهُ ابْنُ رَزْقَوَيْهِ، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْقُرْآنِ وَالْفِقْهِ وَالدِّرَايَةِ وَالدِّيَانَةِ وَالسِّتْرِ، جَمِيلَ الْمَذْهَبِ، وَكَانَ يُعَدُّ مِنَ الْأَبْدَالِ. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي رَمَضَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، رَحِمَهُ اللَّهُ.
পৃষ্ঠা - ৯৪৭২
عَلِيُّ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خَلَفٍ، أَبُو الْحَسَنِ الْقَطَّانُ، الشَّاعِرُ الْمَعْرُوفُ بِالزَّاهِي. وَمِنْ شِعْرِهِ: قُمْ نُهَنِّئُ عَاشِقَيْنِ ... أَصْبَحَا مُصْطَحِبَيْنَ جَمْعًا بَعْدَ فِرَاقٍ ... فُجِعَا مِنْهُ وَبَيْنِ ثُمَّ عَادَا فِي سُرُورٍ ... مِنْ صُدُودٍ آمِنَيْنَ فَهُمَا رُوحٌ وَلَكِنْ ... رُكِّبَتْ فِي بَدَنَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ سَهْلِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ شَدَّادٍ، أَبُو بَكْرٍ الْمُخَرِّمِيُّ سَمِعَ أَبَا خَلِيفَةَ وَجَعْفَرًا الْفِرْيَابِيَّ وَابْنَ جَرِيرٍ وَغَيْرَهُمْ، وَعَنْهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَابْنُ رَزْقَوَيْهِ وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَقَدْ ضَعَّفَهُ الْبَرْقَانِيُّ وَابْنُ أَبِي الْفَوَارِسِ وَغَيْرُهُمَا.
পৃষ্ঠা - ৯৪৭৩
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثِنْتَيْنِ وَسِتِّينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] عَمِلَتِ الرَّوَافِضُ بِدْعَتَهُمْ فِي عَاشُورَاءَ مِنَ النِّيَاحَةِ وَتَعْلِيقِ الْمُسُوحِ وَغَلْقِ الْأَسْوَاقِ. وَفِيهَا اجْتَمَعَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيُّ الْحَنَفِيُّ وَأَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى الرُّمَّانِيُّ وَابْنُ الدَّقَّاقِ الْحَنْبَلِيُّ بِعِزِّ الدَّوْلَةِ بَخْتِيَارَ بْنِ مُعِزِّ الدَّوْلَةِ بْنِ بُوَيْهِ، وَحَرَّضُوهُ عَلَى غَزْوِ الرُّومِ، فَبَعَثَ جَيْشًا لِقِتَالِهِمْ، فَأَظْفَرَهُ اللَّهُ بِهِمْ، وَقَتَلُوا مِنْهُمْ خَلْقًا كَثِيرًا، وَبَعَثُوا بِرُءُوسِهِمْ إِلَى بَغْدَادَ فَسَكَنَتْ أَنْفُسُ النَّاسِ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. وَفِيهَا سَارَتِ الرُّومُ مَعَ الدُّمُسْتُقِ - لَعَنَهُ اللَّهُ - إِلَى حِصَارِ آمِدَ وَعَلَيْهَا هَزَارِمَرْدُ غُلَامُ أَبِي الْهَيْجَاءِ بْنِ حَمْدَانَ، فَكَتَبَ إِلَى أَبِي تَغْلِبَ يَسْتَصْرِخُهُ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ أَخَاهُ أَبَا الْقَاسِمِ هِبَةَ اللَّهِ بْنَ نَاصِرِ الدَّوْلَةِ بْنِ حَمْدَانَ، فَاجْتَمَعَا لِقِتَالِهِ، فَلَقِيَاهُ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ فِي مَكَانٍ ضَيِّقٍ لَا مَجَالَ لِلْخَيْلِ فِيهِ، فَاقْتَتَلُوا مَعَ الرُّومِ قِتَالًا شَدِيدًا، فَعَزَمَتِ الرُّومُ عَلَى الْفِرَارِ، فَلَمْ تَقْدِرْ، فَاسْتَحَرَّ فِيهِمُ الْقَتْلُ، وَأُخِذَ الدُّمُسْتُقُ أَسِيرًا، فَأُودِعَ فِي السِّجْنِ، فَلَمْ يَزَلْ فِيهِ حَتَّى مَرِضَ، وَمَاتَ فِي السَّنَةِ الْقَابِلَةِ، وَقَدْ جَمَعَ لَهُ أَبُو تَغْلِبَ الْأَطِبَّاءَ، فَلَمْ يَنْفَعْهُ شَيْءٌ.
পৃষ্ঠা - ৯৪৭৪
وَفِيهَا احْتَرَقَ الْكَرْخُ بِبَغْدَادَ، وَكَانَ سَبَبُهُ أَنَّ صَاحِبَ الْمَعُونَةِ ضَرَبَ رَجُلًا مِنَ الْعَامَّةِ فَمَاتَ، فَثَارَ بِهِ الْعَامَّةُ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْأَتْرَاكِ، فَهَرَبَ مِنْهُمْ فَدَخَلَ دَارًا، فَأَخْرَجُوهُ مَسْحُوبًا، وَقَتَلُوهُ وَحَرَقُوهُ، فَرَكِبَ الْوَزِيرُ أَبُو الْفَضْلِ الشِّيرَازِيُّ - وَكَانَ شَدِيدَ التَّعَصُّبِ لِلسُّنَّةِ - وَبَعَثَ حَاجِبَهُ إِلَى أَهْلِ الْكَرْخِ، فَأَلْقَى فِي دُورِهِمُ النَّارَ، فَاحْتَرَقَتْ طَائِفَةٌ كَثِيرَةٌ مِنَ الدُّورِ وَالْأَمْوَالِ مِنْ ذَلِكَ ثَلَاثُمِائَةِ دُكَّانٍ وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ مَسْجِدًا، وَسَبْعَةَ عَشَرَ أَلْفَ إِنْسَانٍ، فَعِنْدَ ذَلِكَ عَزَلَ عِزُّ الدَّوْلَةِ بَخْتِيَارُ بْنُ مُعِزِّ الدَّوْلَةِ وَزِيرَهُ هَذَا عَنِ الْوِزَارَةِ، وَوَلَّاهَا مُحَمَّدَ بْنَ بَقِيَّةَ، فَتَعَجَّبَ النَّاسُ مِنْ ذَلِكَ كَثِيرًا، وَذَلِكَ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ كَانَ وَضِيعًا عِنْدَ النَّاسِ لَا حُرْمَةَ لَهُ، كَانَ أَبُوهُ فَلَّاحًا بِقَرْيَةِ أَوَانَا وَكَانَ هُوَ مِمَّنْ يَخْدِمُ عِزَّ الدَّوْلَةِ، يُقَدِّمُ لَهُ الطَّعَامَ، وَيَحْمِلُ مِنْدِيلَ الزَّفَرِ عَلَى كَتِفِهِ إِلَى أَنْ وَلِيَ الْوِزَارَةَ، وَمَعَ هَذَا كَانَ أَشَدَّ ظُلْمًا لِلرَّعِيَّةِ مِنَ الَّذِي قَبْلَهُ، وَكَثُرَ فِي زَمَانِهِ الْعَيَّارُونَ بِبَغْدَادَ، وَفَسَدَتِ الْأُمُورُ بِبَغْدَادَ، وَوَقَعَ الْخِلَافُ بَيْنَ عِزِّ الدَّوْلَةِ وَبَيْنَ حَاجِبِهِ سُبُكْتِكِينَ ثُمَّ اصْطَلَحَا عَلَى دَخَنٍ. وَفِيهَا كَانَ دُخُولُ الْمُعِزِّ الْفَاطِمِيِّ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَصَحِبَتْهُ تَوَابِيتُ آبَائِهِ فَوَصَلَ إِلَى الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ فِي شَعْبَانَ مِنْهَا، وَقَدْ تَلَقَّاهُ أَعْيَانُ مِصْرَ إِلَيْهَا، فَخَطَبَ النَّاسَ هُنَالِكَ خُطْبَةً بَلِيغَةً ارْتِجَالًا، ذَكَرَ فِيهَا فَضْلَهُمْ وَشَرَفَهُمْ، وَقَدْ كَذَبَ فَقَالَ فِيهَا: إِنَّ اللَّهَ أَغَاثَ الرَّعَايَا بِهِمْ وَبِدَوْلَتِهِمْ، وَحَكَى ذَلِكَ عَنْهُ قَاضِي
পৃষ্ঠা - ৯৪৭৫
بِلَادِ مِصْرَ، وَكَانَ جَالِسًا إِلَى جَنْبِهِ، فَسَأَلَهُ: هَلْ رَأَيْتَ خَلِيفَةً أَفْضَلَ مِنِّي؟ فَقَالَ لَهُ: لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنَ الْخَلَائِفِ سِوَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ لَهُ: أَحَجَجْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: وَزُرْتَ قَبْرَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: وَقَبْرَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ؟ قَالَ: فَتَحَيَّرْتُ مَاذَا أَقُولُ، ثُمَّ نَظَرْتُ فَإِذَا ابْنُهُ قَائِمٌ مَعَ كِبَارِ الْأُمَرَاءِ، فَقُلْتُ: شَغَلَنِي عَنْهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا شَغَلَنِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَنِ السَّلَامِ عَلَى وَلِيِّ الْعَهْدِ، وَنَهَضْتُ إِلَيْهِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، وَرَجَعْتُ، فَانْفَسَحَ الْمَجْلِسُ إِلَى غَيْرِي. ثُمَّ سَارَ مِنَ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ إِلَى مِصْرَ، فَدَخَلَهَا فِي الْخَامِسِ مِنْ رَمَضَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، فَنَزَلَ الْقَصْرَيْنِ، فَقِيلَ: إِنَّهُ أَوَّلُ مَا دَخَلَ إِلَى مَحَلِّ مُلْكِهِ خَرَّ سَاجِدًا شُكْرًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. ثُمَّ كَانَ أَوَّلَ حُكُومَةٍ انْتَهَتْ إِلَيْهِ أَنَّ امْرَأَةَ كَافُورٍ الْإِخْشِيدِيِّ تَقَدَّمَتْ إِلَيْهِ، فَذَكَرَتْ أَنَّهَا كَانَتْ أَوْدَعَتْ رَجُلًا مِنَ الْيَهُودِ الصُّوَّاغِ قَبَاءً مِنْ لُؤْلُؤٍ مَنْسُوجٍ بِالذَّهَبِ، وَأَنَّهُ جَحَدَ ذَلِكَ، فَاسْتَحْضَرَهُ وَقَرَّرَهُ، فَجَحَدَ الْيَهُودِيُّ ذَلِكَ وَأَنْكَرَهُ، فَأَمَرَ عِنْدَ ذَلِكَ الْمُعِزُّ، بِأَنْ تُحْفَرَ دَارُهُ، وَيُسْتَخْرَجُ مَا فِيهَا، فَوَجَدُوا الْقَبَاءَ بِعَيْنِهِ قَدْ جَعَلَهُ فِي جَرَّةٍ وَدَفَنَهَا فِيهَا، فَسَلَّمَهُ الْمُعِزُّ إِلَيْهَا، فَقَدَّمَتْهُ إِلَيْهِ وَعَرَضَتْهُ عَلَيْهِ، فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهُ مِنْهَا وَرَدَّهُ عَلَيْهَا، فَاسْتَحْسَنَ مِنْهُ ذَلِكَ الْحَاضِرُونَ مِنْ مُؤْمِنٍ وَكَافِرٍ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِنَّ اللَّهَ لَيُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ» .
পৃষ্ঠা - ৯৪৭৬
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: السَّرِيُّ الرَّفَّاءُ الشَّاعِرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ السَّرِيِّ، أَبُو الْحَسَنِ الْكِنْدِيُّ الْمَوْصِلِيُّ الشَّاعِرُ، لَهُ مَدَائِحُ فِي سَيْفِ الدَّوْلَةِ بْنِ حَمْدَانَ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمُلُوكِ وَالْأُمَرَاءِ، وَقَدْ قَدِمَ بَغْدَادَ فَاتَّفَقَ مَوْتُهُ بِهَا فِي هَذِهِ السَّنَةِ. قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: وَقِيلَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ - وَقِيلَ خَمْسٍ - وَسِتِّينَ، وَقِيلَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ، قَالَ: وَكَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُحَمَّدٍ وَسَعِيدٍ ابْنَيْ هَاشِمٍ الْخَالِدِيَّيْنِ الْمَوْصِلِيَّيْنِ مُعَادَاةٌ، وَادَّعَى عَلَيْهِمَا سَرِقَةَ شِعْرِهِ، وَكَانَ مُعْتَنِيًا بِنَسْخِ دِيوَانِ كُشَاجِمَ الشَّاعِرِ، وَرُبَّمَا زَادَ فِيهِ مِنْ شِعْرِ الْخَالِدِيَّيْنِ لِيَكْثُرَ حَجْمُهُ وَيَزُنَّهُمَا بِالْكَذِبِ. وَكَانَ قَدِ امْتَدَحَ سَيْفَ الدَّوْلَةِ فَأَجْرَى لَهُ رِزْقًا فَلَمْ يَزَلْ بِهِ الْخَالِدِيَّانِ حَتَّى قَطَعَا رَسْمَهُ مِنْ عِنْدِهِ، فَدَخَلَ بَغْدَادَ وَامْتَدَحَ الْوَزِيرَ الْمُهَلَّبِيَّ، فَرَحَلَا وَرَاءَهُ فَلَمْ يَزَالَا فِي ثَلْبِهِ عِنْدَهُ حَتَّى هَجَرَهُ وَقَلَاهُ، فَرَكِبَهُ الدَّيْنُ وَمَاتَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ. قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: وَلِلسَّرِيِّ الرَّفَّاءِ هَذَا دِيوَانُ شِعْرٍ كَبِيرٌ جَيِّدٌ، فَمِنْ شِعْرِهِ قَوْلُهُ: يَلْقَى النَّدَى بِرَقِيقِ وَجْهٍ مُسْفِرٍ ... فَإِذَا الْتَقَى الْجَمْعَانِ عَادَ صَفِيقَا