আল বিদায়া ওয়া আন্নিহায়া

পৃষ্ঠা - ৯৪৪১
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] اسْتَهَلَّتْ هَذِهِ السَّنَةُ وَالْخَلِيفَةُ الْمُطِيعُ لِلَّهِ وَالسُّلْطَانُ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ بْنُ بُوَيْهِ الدَّيْلَمِيُّ. وَعَمِلَتِ الرَّوَافِضُ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ عَزَاءَ الْحُسَيْنِ، عَلَى مَا ابْتَدَعُوهُ مِنَ النَّوْحِ. وَلَمَّا كَانَ ثَالِثَ عَشَرَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ تُوَفِّيَ: مُعِزُّ الدَّوْلَةِ أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ بُوَيْهِ الدَّيْلَمِيُّ الَّذِي أَظْهَرَ الرَّفْضَ، وَيُقَالُ لَهُ: مُعِزُّ الدَّوْلَةِ، بِعِلَّةِ الذَّرَبِ، فَصَارَ لَا يَثْبُتُ فِي مَعِدَتِهِ شَيْءٌ بِالْكُلِّيَّةِ، وَلَمَّا أَحَسَّ بِالْمَوْتِ أَظْهَرَ التَّوْبَةَ، وَأَنَابَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَرَدَّ كَثِيرًا مِنَ الْمَظَالِمِ، وَتَصَدَّقَ بِكَثِيرٍ مِنْ أَمْوَالِهِ، وَأَعْتَقَ خَلْقًا كَثِيرًا مِنْ مَمَالِيكِهِ، وَعَهِدَ إِلَى ابْنِهِ بَخْتِيَارَ عِزِّ الدَّوْلَةِ. وَقَدِ اجْتَمَعَ بِبَعْضِ الْعُلَمَاءِ، فَكَلَّمَهُ فِي السُّنَّةِ، وَأَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِيًّا زَوَّجَ ابْنَتَهُ أُمَّ كُلْثُومٍ مِنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا سَمِعْتُ بِهَذَا قَطُّ. وَرَجَعَ إِلَى السُّنَّةِ وَمُتَابَعَتِهَا، وَلَمَّا حَضَرَ وَقْتُ الصَّلَاةِ، خَرَجَ ذَلِكَ الرَّجُلُ إِلَى الصَّلَاةِ، فَقَالَ لَهُ: أَمَا
পৃষ্ঠা - ৯৪৪২
تُصَلِّي هَاهُنَا؟ قَالَ: لَا. قَالَ: وَلِمَ؟ قَالَ: لِأَنَّ دَارَكَ مَغْصُوبَةٌ. فَاسْتَحْسَنَ مِنْهُ ذَلِكَ. وَكَانَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ حَلِيمًا كَرِيمًا عَاقِلًا، وَكَانَتْ إِحْدَى يَدَيْهِ مَقْطُوعَةً، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَ السُّعَاةَ بَيْنَ يَدَيِ الْمُلُوكِ ; لِيَبْعَثَ بِأَخْبَارِهِ إِلَى أَخِيهِ رُكْنِ الدَّوْلَةِ إِلَى شِيرَازَ سَرِيعًا، وَحَظِيَ عِنْدَهُ أَهْلُ هَذِهِ الصِّنَاعَةِ، وَتَعَلَّمَ أَهْلُ بَغْدَادَ ذَلِكَ، حَتَّى كَانَ بَعْضُهُمْ يَجْرِي فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ نَيِّفًا وَأَرْبَعِينَ فَرْسَخًا، وَكَانَ فِي الْبَلَدِ سَاعِيَانِ مَاهِرَانِ، وَهُمَا فَضْلٌ وَمَرْعُوشٌ، يَتَعَصَّبُ لِهَذَا عَوَامُّ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَلِهَذَا عَوَامُّ أَهْلِ الشِّيعَةِ، وَجَرَتْ لَهُمَا مَنَاصِفُ وَمَوَاقِفُ. وَلَمَّا مَاتَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ دُفِنَ بِبَابِ التِّبْنِ فِي مَقَابِرِ قُرَيْشٍ، وَجَلَسَ ابْنُهُ لِلْعَزَاءِ، وَأَصَابَ النَّاسَ مَطَرٌ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ تِبَاعًا، فَبَعَثَ عِزُّ الدَّوْلَةِ إِلَى رُءُوسِ الدَّوْلَةِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ بِمَالٍ جَزِيلٍ ; لِئَلَّا تَجْتَمِعَ الدَّوْلَةُ عَلَى مُخَالَفَتِهِ قَبْلَ اسْتِحْكَامِ مُبَايَعَتِهِ، وَهَذَا مِنْ عَقْلِهِ وَدَهَائِهِ. وَكَانَ عُمُرُ مُعِزِّ الدَّوْلَةِ ثَلَاثًا وَخَمْسِينَ سَنَةً، وَمُدَّةُ وِلَايَتِهِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ سَنَةً وَأَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا وَيَوْمَيْنِ، وَكَانَ قَدْ نَادَى فِي أَيَّامِهِ بِرَدِّ الْمَوَارِيثِ إِلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ قَبْلَ بَيْتِ الْمَالِ. وَقَدْ سَمِعَ بَعْضُ النَّاسِ لَيْلَةَ تُوُفِّيَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ هَاتِفًا يَقُولُ: لَمَّا بَلَغْتَ أَبَا الْحُسَيْ ... نِ مُرَادَ نَفْسِكَ فِي الطَّلَبْ
পৃষ্ঠা - ৯৪৪৩
وَأَمِنْتَ مِنْ حَدَثِ اللَّيَا لِي وَاحْتَجَبْتَ عَنِ النُّوَبْ ... مُدَّتْ إِلَيْكَ يَدُ الرَّدَى وَأُخِذْتَ مِنْ بَيْتِ الذَّهَبْ وَلَمَّا مَاتَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ قَامَ بِالْأَمْرِ بَعْدَهُ وَلَدُهُ عِزُّ الدَّوْلَةِ، فَأَقْبَلَ عَلَى اللَّهْوِ وَاللَّعِبِ وَالِاشْتِغَالِ بِأَمْرِ النِّسَاءِ، فَتَفَرَّقَ شَمْلُهُ، وَاخْتَلَفَتِ الْكَلِمَةُ عَلَيْهِ، وَطَمِعَ الْأَمِيرُ مَنْصُورُ بْنُ نُوحٍ السَّامَانِيُّ صَاحِبُ بِلَادِ خُرَاسَانَ فِي مُلْكِ بَنِي بُوَيْهِ، وَأَرْسَلَ الْجُيُوشَ الْكَثِيفَةَ صُحْبَةَ الْمَلِكِ وُشْمَكِيرَ، فَلَمَّا عَلِمَ بِذَلِكَ رُكْنُ الدَّوْلَةِ بْنُ بُوَيْهِ أَرْسَلَ إِلَى ابْنِهِ عَضُدِ الدَّوْلَةِ وَابْنِ أَخِيهِ عِزِّ الدَّوْلَةِ يَسْتَنْجِدُهُمَا، فَأَرْسَلَا إِلَيْهِ بِجُنُودٍ كَثِيرَةٍ، فَرَكِبَ فِيهَا رُكْنُ الدَّوْلَةِ، وَبَعَثَ إِلَيْهِ وُشْمَكِيرُ يَتَهَدَّدُهُ وَيَتَوَعَّدُهُ، وَيَقُولُ: لَئِنْ قَدَرْتُ عَلَيْكَ لَأَفْعَلَنَّ بِكَ وَلَأَفْعَلَنَّ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ رُكْنُ الدَّوْلَةِ: لَكِنِّي إِنْ قَدَرْتُ عَلَيْكَ لَأُحْسِنَنَّ إِلَيْكَ وَلَأَصْفَحَنَّ عَنْكَ. فَكَانَتِ الْعَاقِبَةُ لِهَذَا، فَدَفَعَ اللَّهُ عَنْهُ شَرَّهُ ; وَذَلِكَ أَنَّ وُشْمَكِيرَ رَكِبَ فَرَسًا صَعْبَةً فَتَصَيَّدَ عَلَيْهَا، فَحَمَلَ عَلَيْهِ خِنْزِيرٌ، فَنَفَرَتِ الْفَرَسُ، فَأَلْقَتْهُ عَلَى الْأَرْضِ، فَخَرَجَ الدَّمُ مِنْ أُذُنَيْهِ، فَمَاتَ مِنْ سَاعَتِهِ، وَتَفَرَّقَتِ الْعَسَاكِرُ. وَبَعَثَ ابْنُ وُشْمَكِيرَ يَطْلُبُ الْأَمَانَ مِنْ رُكْنِ الدَّوْلَةِ، فَأَمَّنَهُ وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ بِالْمَالِ وَالرِّجَالِ، وَوَفَى بِمَا قَالَ، وَصَرَفَ اللَّهُ عَنْهُ كَيْدَ السَّامَانِيَّةِ، وَذَلِكَ بِصِدْقِ النِّيَّةِ وَحُسْنِ الطَّوِيَّةِ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: أَبُو الْفَرَجِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْهَيْثَمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَرْوَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ الْأُمَوِيُّ
পৃষ্ঠা - ৯৪৪৪
الْأَصْبِهَانِيُّ صَاحِبُ كِتَابِ " الْأَغَانِي " وَكِتَابِ " أَيَّامِ الْعَرَبِ " ذَكَرَ فِيهِ أَلْفًا وَسَبْعَمِائَةِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِهِمْ وَوَقَائِعِهِمْ، وَكَانَ شَاعِرًا أَدِيبًا كَاتِبًا، عَالِمًا بِالْأَخْبَارِ وَأَيَّامِ النَّاسِ، إِلَّا أَنَّهُ كَانَ يَتَشَيَّعُ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَمِثْلُهُ لَا يُوثَقُ بِهِ ; فَإِنَّهُ يُصَرِّحُ فِي كُتُبِهِ بِمَا يُوجِبُ عَلَيْهِ الْفِسْقَ، وَيُهَوِّنُ شُرْبَ الْخَمْرِ، وَرُبَّمَا حَكَى ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ، وَمَنْ تَأَمَّلَ كِتَابَ " الْأَغَانِي " رَأَى كُلَّ قَبِيحٍ وَمُنْكَرٍ. وَقَدْ رَوَى الْحَدِيثَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مُطَيَّنٍ وَخَلْقٍ، وَرَوَى عَنْهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ. تُوُفِّيَ فِي ذِي الْحِجَّةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ. وَقَالَ ابْنُ خِلِّكَانَ وَقِيلَ: فِي الَّتِي بَعْدَهَا، وَكَانَ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ، الَّتِي تُوَفِّيَ فِيهَا الْبُحْتُرِيُّ الشَّاعِرُ. وَقَدْ ذَكَرَ لَهُ مُصَنَّفَاتٍ عَدِيدَةً ; مِنْهَا " الْأَغَانِي " " وَالدِّيَارَاتُ "، وَ " أَيَّامُ الْعَرَبِ "، وَغَيْرُ ذَلِكَ. سَيْفُ الدَّوْلَةِ بْنُ حَمْدَانَ، صَاحِبُ حَلَبَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي الْهَيْجَاءِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمْدَانَ بْنِ حَمْدُونَ التَّغْلِبِيُّ الرَّبَعِيُّ الْمُلَقَّبُ بِسَيْفِ
পৃষ্ঠা - ৯৪৪৫
الدَّوْلَةِ، أَحَدُ الْأُمَرَاءِ الشُّجْعَانِ، وَالْمُلُوكِ الْكَثِيرِي الْإِحْسَانِ، عَلَى مَا كَانَ فِيهِ مِنْ تَشَيُّعٍ، وَقَدْ مَلَكَ دِمَشْقَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ، وَاتَّفَقَ لَهُ أَشْيَاءُ غَرِيبَةٌ ; مِنْهَا أَنَّ خَطِيبَهُ كَانَ مُصَنِّفَ " الْخُطَبِ النَّبَاتِيَّةِ " أَحَدَ الْفُصَحَاءِ الْبُلَغَاءِ، وَشَاعِرَهُ الْمُتَنَبِّي، وَمُطْرِبَهُ أَبُو نَصْرٍ الْفَارَابِيُّ. وَكَانَ كَرِيمًا جَوَّادًا مُعْطِيًا لِلْجَزِيلِ. وَمِنْ شَعْرِهِ فِي أَخِيهِ نَاصِرِ الدَّوْلَةِ صَاحِبِ الْمَوْصِلِ: رَضِيتُ لَكَ الْعَلْيَا وَقَدْ كُنْتَ أَهْلَهَا ... وَقُلْتُ لَهُمْ بَيْنِي وَبَيْنَ أَخِي فَرْقُ وَمَا كَانَ لِي عَنْهَا نُكُولٌ وَإِنَّمَا ... تَجَاوَزْتُ عَنْ حَقِّي فَتَمَّ لَكَ الْحَقُّ أَمَا كُنْتَ تَرْضَى أَنْ أَكُونَ مُصَلِّيًا ... إِذَا كُنْتُ أَرْضَى أَنْ يَكُونَ لَكَ السَّبْقُ وَلَهُ أَيْضًا: قَدْ جَرَى فِي دَمْعِهِ دَمُهُ ... فَإِلَى كَمْ أَنْتَ تَظْلِمُهُ رُدَّ عَنْهُ الطَّرْفَ مِنْكَ فَقَدْ ... جَرَحَتْهُ مِنْكَ أَسْهُمُهُ كَيْفَ يَسْتَطِيعُ التَّجَلُّدَ مَنْ ... خَطَرَاتُ الْوَهْمِ تُؤْلِمُهُ وَكَانَ سَبَبَ مَوْتِهِ الْفَالِجُ، وَقِيلَ: عُسْرُ الْبَوْلِ. وَتُوفِّيَ بِحَلَبَ، وَحُمِلَ تَابُوتُهُ إِلَى مَيَّافَارِقِينَ فَدُفِنَ بِهَا وَعُمُرُهُ ثَلَاثٌ وَخَمْسُونَ سَنَةً، وَقَامَ بِمُلْكِ حَلَبَ مِنْ بَعْدِهِ وَلَدُهُ سَعْدُ الدَّوْلَةِ أَبُو الْمَعَالِي شَرِيفٌ، ثُمَّ تَغَلَّبَ عَلَيْهِ مَوْلَى أَبِيهِ قَرْعُوَيْهِ، فَأَخْرَجَهُ مِنْ حَلَبَ إِلَى أُمِّهِ بِمَيَّافَارِقِينَ، ثُمَّ عَادَ إِلَيْهَا كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ.
পৃষ্ঠা - ৯৪৪৬
وَذَكَرَ ابْنُ خِلِّكَانَ شَيْئًا كَثِيرًا مِمَّا قَالَهُ سَيْفُ الدَّوْلَةِ وَقِيلَ فِيهِ، قَالَ: وَلَمْ يَجْتَمِعْ بِبَابِ أَحَدٍ مِنَ الْمُلُوكِ بَعْدَ الْخُلَفَاءِ مَا اجْتَمَعَ بِبَابِهِ مِنَ الشُّعَرَاءِ. وَقَدْ أَجَازَ لِجَمَاعَةٍ مِنَ الْكِبَارِ مِنْهُمْ ; كَالْمُتَنَبِّي وَالْخَالِدِيَّيْنِ، وَالسَّرِيِّ الرَّفَّاءِ، وَالنَّامِي، وَالْبَبْغَاءِ، وَالْوَأْوَاءِ، وَغَيْرِهِمْ. وَذَكَرَ ابْنُ خِلِّكَانَ أَنَّهُ وُلِدَ سَنَةَ ثَلَاثٍ - وَقِيلَ: إِحْدَى - وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَأَنَّهُ مَلَكَ حَلَبَ بَعْدَ الثَّلَاثِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ يَمْلِكُ وَاسِطًا وَنَوَاحِيهَا، ثُمَّ تَنَقَّلَتْ بِهِ الْأَحْوَالُ حَتَّى مَلَكَ حَلَبَ - انْتَزَعَهَا مِنْ يَدِ أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدٍ الْكِلَابِيِّ صَاحِبِ الْإِخْشِيدِ - وَمَلَكَ دِمَشْقَ فِي وَقْتٍ. وَقَدْ قَالَ يَوْمًا لِنُدَمَائِهِ: أَيُّكُمْ يُجِيزُ قَوْلِي، وَمَا أَظُنُّ أَحَدًا مِنْكُمْ يُجِيزُهُ: لَكَ جَسْمِي تُعِلُّهُ ... فَدَمِي لَمْ تُحِلُّهُ فَقَالَ أَبُو فِرَاسٍ أَخُوهُ بَدِيهَةً: قَالَ إِنْ كُنْتُ مَالِكًا ... فَلِيَ الْأَمْرُ كُلُّهُ وَفِيهَا تُوُفِّيَ: كَافُورُ الْإِخْشِيدِيُّ مَوْلَى مُحَمَّدِ بْنِ طُغْجٍ الْإِخْشِيدِ وَقَدْ قَامَ
পৃষ্ঠা - ৯৪৪৭
بِالْأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ مَوْلَاهُ لِصِغَرِ أَوْلَادِهِ، فَمَلَكَ كَافُورٌ مِصْرَ وَدِمَشْقَ، وَنَاوَأَ سَيْفَ الدَّوْلَةِ وَغَيْرَهُ. وَقَدْ كُتِبَ عَلَى قَبْرِهِ: انْظُرْ إِلَى غِيَرِ الْأَيَّامِ مَا صَنَعَتْ ... أَفْنَتْ أُنَاسًا بِهَا كَانُوا وَمَا فَنِيَتْ دُنْيَاهُمُ ضَحِكَتْ أَيَّامَ دَوْلَتِهِمْ ... حَتَّى إِذَا فَنِيَتْ نَاحَتْ لَهُمْ وَبَكَتْ أَبُو عَلِيٍّ الْقَالِيُّ، صَاحِبُ " الْأَمَالِي " إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ عَيْذُونَ بْنِ هَارُونَ بْنِ عِيسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، أَبُو عَلِيٍّ الْقَالِيُّ اللُّغَوِيُّ الْأُمَوِيُّ مَوْلَاهُمْ ; لِأَنَّ سُلَيْمَانَ هَذَا كَانَ مَوْلًى لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، وَالْقَالِيُّ نِسْبَةٌ إِلَى قَالِيقِلَا وَيُقَالُ: إِنَّهَا أَرْزَنُ الرُّومِ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَكَانَ مَوْلِدُهُ بِمَنَازِجِرْدَ مِنْ أَرْضِ الْجَزِيرَةِ مِنْ دِيَارِ بَكْرٍ وَسَمِعَ الْحَدِيثَ عَلَى أَبِي يَعْلَى الْمَوْصِلِيِّ وَغَيْرِهِ، وَأَخَذَ النَّحْوَ وَاللُّغَةَ عَنِ ابْنِ دُرَيْدٍ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ الْأَنْبَارِيِّ وَنِفْطَوَيْهِ وَغَيْرِهِمْ، وَصَنَّفَ " الْأَمَالِيَ " وَهُوَ مَشْهُورٌ، وَكِتَابَ " الْبَارِعِ " عَلَى حُرُوفِ الْمُعْجَمِ، فِي خَمْسَةِ آلَافِ وَرَقَةٍ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْمُصَنَّفَاتِ فِي اللُّغَةِ. وَدَخَلَ بَغْدَادَ وَسَمِعَ بِهَا، ثُمَّ ارْتَحَلَ إِلَى قُرْطُبَةَ فَدَخَلَهَا فِي سَنَةِ ثَلَاثِينَ
পৃষ্ঠা - ৯৪৪৮
وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَاسْتَوْطَنَهَا، وَصَنَّفَ كُتُبًا كَثِيرَةً فِيهَا، إِلَى أَنْ تُوفِّيَ بِهَا فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ سَنَةً. قَالَهُ ابْنُ خِلِّكَانَ وَفِيهَا تُوُفِّيَ أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ إِلْيَاسَ صَاحِبُ بِلَادِ كَرْمَانَ وَمُعَامَلَاتِهَا، فَأَخَذَ عَضُدُ الدَّوْلَةِ بْنُ رُكْنِ الدَّوْلَةِ بِلَادَ كَرْمَانَ مِنْ أَوْلَادِ مُحَمَّدِ بْنِ إِلْيَاسَ، وَهُمْ ثَلَاثَةٌ ; الْيَسَعُ، وَإِلْيَاسُ، وَسُلَيْمَانُ. وَالْمَلِكُ الْكَبِيرُ وُشْمَكِيرُ، كَمَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ. وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْمُلُوكِ: الْحَسَنُ بْنُ الْفِيرَزَانِ صَاحِبُ بِلَادِ جُرْجَانَ وَمُعِزُّ الدَّوْلَةِ بْنُ بُوَيْهِ الدَّيْلَمِيُّ، كَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَسَيْفُ الدَّوْلَةِ بْنُ حَمْدَانَ صَاحِبُ حَلَبَ كَمَا قَدَّمْنَا ذِكْرَ ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: وَفِيهَا هَلَكَ النِّقْفُورُ مَلِكُ الرُّومِ، يَعْنِي الدُّمُسْتُقْ، صَاحِبُ بِلَادِ الْأَرْمَنِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا تَرْجَمَتَهُ وَمَا وَرَدَ عَنْهُ مِنَ الشِّعْرِ، وَأَوْرَدْنَا جَوَابَهَا لِلْإِمَامِ الْعَلَّامَةِ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ الْفَقِيهِ الظَّاهِرِيِّ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ بِهَا كَافُورٌ الْإِخْشِيدِيُّ فِي قَوْلِ ابْنِ خَلِّكَانَ.
পৃষ্ঠা - ৯৪৪৯
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا شَاعَ الْخَبَرُ بِبَغْدَادَ وَغَيْرِهَا مِنَ الْبِلَادِ أَنَّ رَجُلًا ظَهَرَ، يُقَالُ لَهُ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. وَتَلَقَّبَ بِالْمَهْدِيِّ، وَزَعَمَ أَنَّهُ الْمَوْعُودُ بِهِ فِي الْحَدِيثِ الْوَارِدِ فِي الْمَهْدِيِّ، وَأَنَّهُ يَدْعُو إِلَى الْخَيْرِ وَيَنْهَى عَنِ الشَّرِّ، وَدَعَا إِلَيْهِ نَاسٌ بِبَغْدَادَ ; فَإِنْ دَعَوْا سُنِّيًّا قَالُوا: هُوَ مِنْ سُلَالَةِ الْعَبَّاسِ. وَإِنْ كَانَ الْمَدْعُوُّ شِيعِيًّا قَالُوا لَهُ: عَلَوِيٌّ. وَكَانَ هَذَا الرَّجُلُ إِذْ ذَاكَ مُقِيمًا بِمِصْرَ عِنْدَ كَافُورٍ الْإِخْشِيدِيِّ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ، وَكَانَ يُكْرِمُهُ، وَكَانَ مِنْ جُمْلَةِ الْمُسْتَحْسِنِينَ لَهُ سُبُكْتِكِينُ الْحَاجِبُ، وَكَانَ شِيعِيًّا، فَظَنَّهُ عَلَوِيًّا، وَكَتَبَ إِلَيْهِ أَنْ يُقْدِمَ إِلَى بَغْدَادَ لِيَأْخُذَ لَهُ الْبِلَادَ، فَتَرَحَّلَ مِنْ مِصْرَ، فَلَقِيَهُ سُبُكْتِكِينُ إِلَى قَرِيبِ الْأَنْبَارِ فَلَمَّا رَآهُ عَرَفَهُ، وَإِذَا هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُسْتَكْفِي بِاللَّهِ الْعَبَّاسِيُّ، فَلَمَّا تَحَقَّقَ أَنَّهُ عَبَّاسِيٌّ وَلَيْسَ بِعَلَوِيٍّ، انْثَنَى رَأْيُهُ عَنْهُ، فَتَفَرَّقَ شَمْلُهُ، وَتَمَزَّقَ أَصْحَابُهُ كُلَّ مُمَزَّقٍ، وَحُمِلَ إِلَى عِزِّ الدَّوْلَةِ بْنِ مُعِزِّ الدَّوْلَةِ فَأَمَّنَهُ، وَتَسَلَّمَهُ الْمُطِيعُ لِلَّهِ فَجَدَعَ أَنْفَهُ، وَاخْتَفَى أَمْرُهُ، فَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ خَبَرٌ بِالْكُلِّيَّةِ بَعْدَ ذَلِكَ. وَفِيهَا وَرَدَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الرُّومِ - لَعَنَهُمُ اللَّهُ - إِلَى بِلَادِ أَنْطَاكِيَةَ فَقَتَلُوا خَلْقًا مِنْ حَوَاضِرِهَا، وَسَبَوُا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا مِنْ أَهْلِهَا، وَرَجَعُوا إِلَى بِلَادِهِمْ، وَلَمْ يَعْرِضْ لَهُمْ أَحَدٌ.
পৃষ্ঠা - ৯৪৫০
وَعَمِلَتِ الرَّوَافِضُ فِي عَشُورَاءَ الْمَأْتَمَ، وَفِي يَوْمِ غَدِيرِ خُمٍّ الْهَنَاءَ وَالسُّرُورَ. وَفِيهَا عَرَضَ لِلنَّاسِ فِي تِشْرِينَ دَاءُ الْمَاشَرَا، فَمَاتَ بِهِ خَلْقٌ كَثِيرٌ فَجْأَةً، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. وَفِيهَا مَاتَ أَكْثَرُ جِمَالِ الْحَجِيجِ فِي الطَّرِيقِ مِنَ الْعَطَشِ، وَلَمْ يَصِلْ مِنْهُمْ إِلَى مَكَّةَ إِلَّا الْقَلِيلُ، وَمَاتَ أَكْثَرُ مَنْ وَصَلَ مِنْهُمْ عَامَهُ ذَلِكَ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. وَفِيهَا اقْتَتَلَ أَبُو الْمَعَالِي شَرِيفُ بْنُ سَيْفِ الدَّوْلَةِ هُوَ وَخَالُهُ وَابْنُ عَمِّ أَبِيهِ أَبُو فِرَاسِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ حَمْدَانَ الشَّاعِرُ، عِنْدَ قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا: صَدَرُ. فَقُتِلَ أَبُو فِرَاسٍ فِي الْمَعْرَكَةِ. قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: وَقَدْ صَدَقَ مَنْ قَالَ: إِنَّ الْمُلْكَ عَقِيمٌ. وَفِيهَا أَظْهَرَتِ الشِّيعَةُ الْحُزْنَ الشَّدِيدَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ مِنَ الْمُحَرَّمِ وَعَمِلُوا عِيدَ غَدِيرِ خُمٍّ فِي الْيَوْمِ الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ وَأَظْهَرُوا الْفَرَحَ وَالسُّرُورَ. وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا أَيْضًا: إِبْرَاهِيمُ الْمُتَّقِي لِلَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْمُقْتَدِرُ وَكَانَ قَدْ وَلِيَ الْخِلَافَةَ، ثُمَّ أُلْجِئَ إِلَى أَنَّهُ خُلِعَ عَنْهَا فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، كَمَا ذَكَرْنَا، وَلَزِمَ بَيْتَهُ،
পৃষ্ঠা - ৯৪৫১
فَمَاتَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَدُفِنَ بِدَارِهِ عَنْ سِتِّينَ سَنَةً. عُمَرُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي السَّرِيِّ، أَبُو جَعْفَرٍ الْبَصَرِيُّ الْحَافِظُ وُلِدَ سَنَةَ ثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَكَانَ يَنْتَخِبُ عَلَى الْمَشَايِخِ، حَدَّثَ عَنْ أَبِي خَلِيفَةَ الْفَضْلِ بْنِ الْحُبَابِ وَغَيْرِهِ، وَقَدِ انْتَقَدَ عَلَيْهِ مِائَةَ مَوْضِعٍ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: فَنَظَرْتُ فِيهَا، فَإِذَا الصَّوَابُ مَعَ عُمَرَ بْنِ جَعْفَرٍ. مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُخَلَّدٍ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجَوْهَرِيُّ الْمُحْتَسِبُ، وَيُعْرَفُ بِابْنِ الْمُحْرِمِ، كَانَ أَحَدَ أَصْحَابِ ابْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ، وَقَدْ رَوَى عَنِ الْكُدَيْمِيِّ وَغَيْرِهِ، وَقَدِ اتَّفَقَ أَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً، فَلَمَّا أُدْخِلَتْ عَلَيْهِ جَلَسَ يَكْتُبُ الْحَدِيثَ، فَجَاءَتْ أُمُّهَا، فَأَخَذَتِ الدَّوَاةَ، فَرَمَتْ بِهَا وَقَالَتْ: هَذِهِ أَضَرُّ عَلَى ابْنَتِي مِنْ ثَلَاثِمِائَةِ ضَرَّةٍ. وَقَدْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً، وَكَانَ يَضْعُفُ فِي الْحَدِيثِ.
পৃষ্ঠা - ৯৪৫২
كَافُورُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْإِخْشِيدِيُّ كَانَ مَوْلَى السُّلْطَانِ مُحَمَّدِ بْنِ طُغْجٍ الْإِخْشِيدِيِّ، اشْتَرَاهُ مِنْ بَعْضِ أَهْلِ مِصْرَ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ دِينَارًا، وَقَرَّبَهُ وَأَدْنَاهُ، وَاخْتَصَّهُ مِنْ بَيْنِ الْمَوَالِي وَاصْطَفَاهُ، ثُمَّ جَعَلَهُ أَتَابِكًا حِينَ مَلَّكَ وَلَدَاهُ، ثُمَّ اسْتَقَلَّ بِالْأُمُورِ بَعْدَ مَوْتِهِمَا فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ، وَاسْتَقَرَّتِ الْمَمْلَكَةُ بِاسْمِهِ، يُدْعَى لَهُ عَلَى الْمَنَابِرِ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ وَالشَّامِيَّةِ وَبِلَادِ الْحِجَازِ جَمِيعًا، وَكَانَ شَهْمًا ذَكِيًّا فَاتِكًا جَيِّدَ السِّيرَةِ، مَدَحَهُ الشُّعَرَاءُ، وَوَفَدَ إِلَيْهِ الْمُتَنَبِّي، حِينَ ذَهَبَ مُغَاضِبًا عَلَى سَيْفِ الدَّوْلَةِ بْنِ حَمْدَانَ، فَآوَى إِلَى كَافُورٍ وَحَصَلَ لَهُ مِنْهُ رِفْدٌ، ثُمَّ تَغَيَّرَ عَلَيْهِ فَأَبْعَدَهُ كَافُورٌ، فَهَجَاهُ وَرَحَلَ عَنْهُ، وَصَارَ إِلَى عَضُدِ الدَّوْلَةِ بْنِ بُوَيْهِ، فَكَانَ هُنَاكَ حَتْفُهُ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ. وَأَمَّا كَافُورٌ فَإِنَّهُ لَمَّا تُوُفِّيَ دُفِنَ بِتُرْبَتِهِ الْمَشْهُورَةِ بِهِ، وَقَامَ بِالْمُلْكِ بَعْدَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْإِخْشِيدِ وَمِنْهُ أَخَذَ الْفَاطِمِيُّونَ الْأَدْعِيَاءُ بِلَادَ مِصْرَ كَمَا سَيَأْتِي. وَكَانَتْ مَمْلَكَةُ كَافُورٍ سَنَتَيْنِ وَثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ.
পৃষ্ঠা - ৯৪৫৩
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِي عَاشُورَاءَ عَمِلَتِ الرَّوَافِضُ بِدْعَتَهِمْ، وَفِي يَوْمِ غَدِيرِ خُمٍّ عَمِلُوا الْفَرَحَ الْمُبْتَدَعَ. وَحَصَلَ بِالْعِرَاقِ غَلَاءٌ عَظِيمٌ، كَانَ يُعْدَمُ الْخُبْزُ بِالْكُلِّيَّةِ، وَعَاثَتِ الرُّومُ فِي الْبِلَادِ فَسَادًا، وَحَرَقُوا حِمْصَ وَأَفْسَدُوا فِيهَا فَسَادًا عَرِيضًا، وَسَبَوْا مِنَ الْمُسْلِمِينَ نَحَوًا مِنْ مِائَةِ أَلْفِ إِنْسَانٍ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. دُخُولُ جَوْهَرٍ الْقَائِدِ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ وَدَخَلَ أَبُو الْحَسَنِ جَوْهَرٌ الْقَائِدُ الرُّومِيُّ فِي جَيْشٍ كَثِيفٍ، مِنْ جِهَةِ الْمُعِزِّ الْفَاطِمِيِّ إِلَى دِيَارِ مِصْرَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ لِثَلَاثَ عَشْرَةَ لَيْلَةً بَقِيَتْ مِنْ شَعْبَانَ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ خُطِبَ لِلْمُعِزِّ الْفَاطِمِيِّ عَلَى مَنَابِرِ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ وَسَائِرِ أَعْمَالِهَا، وَأَمَرَ جَوْهَرٌ الْمُؤَذِّنِينَ بِالْجَامِعِ الْعَتِيقِ وَبِجَامِعِ ابْنِ طُولُونَ أَنْ يُؤَذِّنُوا بِحَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ، وَأَنْ يَجْهَرَ الْأَئِمَّةُ بِالْبَسْمَلَةِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا تُوُفِّيَ كَافُورٌ
পৃষ্ঠা - ৯৪৫৪
الْإِخْشِيدِيُّ لَمْ يَبْقَ بِمِصْرَ مَنْ تَجْتَمِعُ الْقُلُوبُ عَلَيْهِ، وَأَصَابَهُمْ غَلَاءٌ شَدِيدٌ أَضْعَفَهُمْ، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ الْمُعِزَّ وَهُوَ بِبِلَادِ إِفْرِيقِيَّةَ بَعَثَ جَوْهَرًا الْقَائِدَ الرُّومِيَّ مَوْلَى أَبِيهِ الْمَنْصُورِ فِي جَيْشٍ كَثِيفٍ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ أَصْحَابَ كَافُورٍ هَرَبُوا مِنْهَا قَبْلَ وُصُولِ جَوْهَرٍ إِلَيْهَا، فَدَخَلَهَا فَأَخَذَهَا بِلَا ضَرْبَةٍ وَلَا طَعْنَةٍ وَلَا مُمَانَعَةٍ، فَفَعَلَ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْأُمُورِ، وَاسْتَقَرَّتْ أَيْدِيهِمْ عَلَى تِلْكَ الْبِلَادِ بَعْدَ كَافُورٍ الْإِخْشِيدِيِّ. وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ شَرَعَ جَوْهَرٌ الْقَائِدُ فِي بِنَاءِ الْقَاهِرَةِ الْمُعِزِّيَّةِ، وَبِنَاءِ الْقَصْرَيْنِ عِنْدَهَا، عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ. وَهَيَّأَ الْإِقَامَاتِ لِمَوْلَاهُ الْمُعِزِّ الْفَاطِمِيِّ. وَأَرْسَلَ جَوْهَرٌ جَعْفَرَ بْنَ فَلَاحٍ فِي جَيْشٍ كَثِيفٍ إِلَى الشَّامِ فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، وَكَانَ بِدِمَشْقَ الشَّرِيفُ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ أَبِي يَعْلَى الْهَاشِمِيُّ، وَكَانَ مُطَاعًا فِيهِمْ، فَحَاجَفَ عَنِ الْعَبَّاسِيِّينَ مُدَّةً طَوِيلَةً، ثُمَّ آلَ الْحَالُ إِلَى أَنْ خُطِبَ لِلْمُعِزِّ بِدِمَشْقَ، وَحُمِلَ الشَّرِيفُ أَبُو الْقَاسِمِ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَأُسِرَ الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طُغْجٍ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْأُمَرَاءِ فَحُمِلُوا إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، فَحَمَلَهُمْ جَوْهَرٌ إِلَى الْمُعِزِّ بِإِفْرِيقِيَّةَ، وَاسْتَقَرَّتْ يَدُ الْفَاطِمِيِّينَ عَلَى دِمَشْقَ فِي سَنَةِ سِتِّينَ، كَمَا سَيَأْتِي، وَأُذِّنَ فِيهَا: حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ، أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ سَنَةً، وَكُتِبَتْ لَعْنَةُ
পৃষ্ঠা - ৯৪৫৫
الشَّيْخَيْنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَلَعْنُ مَنْ لَعَنَهُمَا - عَلَى أَبْوَابِ الْجَوَامِعِ بِهَا وَأَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. وَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ كَذَلِكَ حَتَّى أَزَالَتْ ذَلِكَ دَوْلَةُ الْأَتْرَاكِ، عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ وَتَفْصِيلُهُ فِي مَوْضِعِهِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَفِيهَا دَخَلَتِ الرُّومُ إِلَى حِمْصَ فَوَجَدُوا أَكْثَرَ أَهْلِهَا قَدْ جَلَوْا عَنْهَا وَانْتَقَلُوا مِنْهَا، فَحَرَّقُوهَا وَأَسَرُوا مِمَّنْ بَقِيَ فِيهَا وَمِنْ حَوْلِهَا نَحْوًا مِنْ مِائَةِ أَلْفِ إِنْسَانٍ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. وَفِي ذِي الْحِجَّةِ نَقَلَ عِزُّ الدَّوْلَةِ وَالِدَهُ مُعِزَّ الدَّوْلَةِ بْنَ بُوَيْهِ مِنْ دَارِهِ إِلَى تُرْبَتِهِ بِمَقَابِرِ قُرَيْشٍ. وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي " مُنْتَظَمِهِ " كَافُورٌ الْإِخْشِيدِيُّ ; قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَقَدْ رَأَيْتُ مِدَحَ الْمُتَنَبِّي لِكَافُورٍ تَحْمِلُ الذَّمَّ وَالْمَدْحَ، وَكَأَنَّهُ تَلَعَّبَ بِهِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
পৃষ্ঠা - ৯৪৫৬
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِي عَاشِرِ الْمُحَرَّمِ مِنْهَا عَمِلَتِ الرَّوَافِضُ بِدْعَتَهُمُ الشَّنْعَاءَ، فَغُلِّقَتِ الْأَسْوَاقُ، وَتَعَطَّلَتِ الْمَعَايِشُ، وَدَارَتِ النِّسَاءُ سَافِرَاتٍ عَنْ وُجُوهِهِنَّ يَنُحْنَ عَلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ وَيَلْطِمْنَ وُجُوهَهُنَّ، وَالْمُسُوحُ مُعَلَّقَةٌ فِي الْأَسْوَاقِ، وَالتِّبْنُ مَذْرُورٌ فِيهَا. وَفِيهَا دَخَلَتِ الرُّومُ الْمَلَاعِينُ أَنْطَاكِيَةَ فَنَفَوْا مِنْ أَهْلِهَا الشُّيُوخَ وَالْعَجَائِزَ، وَسَبَوْا مِنَ النِّسَاءِ وَالْأَطْفَالِ نَحَوًا مِنْ عِشْرِينَ أَلْفًا ; وَذَلِكَ كُلُّهُ بِتَدْبِيرِ مَلِكِ الْأَرْمَنِ نُقْفُورَ، لَعَنَهُ اللَّهُ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَكَانَ قَدْ قَهَرَ وَطَغَا وَتَمَرَّدَ، وَقَدْ تَزَوَّجَ مَعَ ذَلِكَ بِامْرَأَةِ الْمَلِكِ الَّذِي كَانَ قَبْلَهُ، وَلَهَا مِنْهُ ابْنَانِ، فَأَرَادَ أَنْ يَخْصِيَهُمَا وَيَجْعَلَهُمَا فِي الْكَنِيسَةِ ; لِئَلَّا يَصْلُحَا بَعْدَ ذَلِكَ لِلْمُلْكِ، فَلَمَّا فَهِمَتْ ذَلِكَ أُمُّهُمَا عَمِلَتْ عَلَيْهِ، وَسَلَّلَتْ عَلَيْهِ الْأُمَرَاءَ، فَقَتَلُوهُ وَهُوَ نَائِمٌ، وَمَلَّكُوا عَلَيْهِمْ أَكْبَرَ وَلَدَيْهَا. وَفِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ صُرِفَ عَنِ الْقَضَاءِ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سَيَّارٍ، وَأُعِيدَ إِلَيْهِ أَبُو
পৃষ্ঠা - ৯৪৫৭
مُحَمَّدِ بْنُ مَعْرُوفٍ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ نَقَصَتْ دِجْلَةُ حَتَّى غَارَتِ الْآبَارُ. وَحَجَّ بِالنَّاسِ الشَّرِيفُ أَبُو أَحْمَدَ النَّقِيبُ. قَالَ: وَانْقَضَّ كَوْكَبٌ فِي ذِي الْحِجَّةِ، فَأَضَاءَتْ مِنْهُ الدُّنْيَا حَتَّى بَقِيَ لَهُ شُعَاعٌ كَالشَّمْسِ، ثُمَّ سُمِعَ لَهُ صَوْتٌ كَالرَّعْدِ. قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: وَفِي الْمُحَرَّمِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ خُطِبَ لِلْمُعِزِّ الْفَاطِمِيِّ بِدِمَشْقَ عَنْ أَمْرِ جَعْفَرِ بْنِ فَلَاحٍ الَّذِي سَيَّرَهُ جَوْهَرٌ الْقَائِدُ مِنْ مِصْرَ إِلَى الشَّامِ فَقَاتَلَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طُغْجٍ بِالرَّمْلَةِ، فَغَلَبَهُ ابْنُ فَلَاحٍ، وَأَسَرَهُ وَسَيَّرَهُ إِلَى جَوْهَرٍ، فَأَرْسَلَهُ جَوْهَرٌ إِلَى الْمُعِزِّ وَهُوَ بِإِفْرِيقِيَّةَ، وَاسْتَقَرَّتْ يَدُ الْفَاطِمِيِّينَ عَلَى دِمَشْقَ أَيْضًا بَعْدَ حُرُوبٍ يَطُولُ ذِكْرُهَا، تَطَاوَلَ أَمْرُهَا إِلَى آخِرِ هَذِهِ السَّنَةِ. وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ وَقَعَتِ الْمُنَافَرَةُ بَيْنَ نَاصِرِ الدَّوْلَةِ بْنِ حَمْدَانَ وَبَيْنَ ابْنِهِ أَبِي تَغْلِبَ، وَسَبَبُهُ أَنَّهُ لَمَّا مَاتَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ بْنُ بُوَيْهِ بِبَغْدَادَ، عَزَمَ أَبُو تَغْلِبَ وَمَنْ وَافَقَهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ عَلَى الدُّخُولِ إِلَى بَغْدَادَ وَأَخْذِ مَمْلَكَةِ الْعِرَاقِ، فَقَالَ لَهُمْ أَبُوهُمْ: إِنَّ
পৃষ্ঠা - ৯৪৫৮
مُعِزَّ الدَّوْلَةِ قَدْ تَرَكَ لِابْنِهِ أَمْوَالًا جَزِيلَةً، لَا تَقْدِرُونَ عَلَيْهِ مَا دَامَتْ فِي يَدِهِ، وَلَكِنِ اصْبِرُوا حَتَّى يُنْفِقَهَا فَإِنَّهُ مُبَذِّرٌ، فَإِذَا أَفْلَسَ فَثُورُوا عَلَيْهِ، فَإِنَّكُمْ تَغْلِبُونَهُ لَا مَحَالَةَ. فَحَقَدَ عَلَيْهِ وَلَدُهُ أَبُو تَغْلِبَ بِسَبَبِ ذَلِكَ، وَلَمْ يَزَلْ بِأَبِيهِ حَتَّى سَجَنَهُ بِالْقَلْعَةِ، فَاخْتَلَفَ أَوْلَادُهُ بَيْنَهُمْ، وَصَارُوا أَحْزَابًا، وَضَعُفُوا عَنْ حِفْظِ مَا بِأَيْدِيهِمْ حَتَّى بَعَثَ أَبُو تَغْلِبَ إِلَى عِزِّ الدَّوْلَةِ فَضَمِنَ مِنْهُ بِلَادَ الْمَوْصِلِ بِأَلْفِ أَلْفِ دِرْهَمٍ كُلَّ سَنَةٍ يَحْمِلُهَا إِلَيْهِ، وَاتَّفَقَ مَوْتُ أَبِيهِ نَاصِرِ الدَّوْلَةِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَاسْتَقَرَّ أَبُو تَغْلِبَ بِالْمَوْصِلِ وَمَلَكَهَا، إِلَّا أَنَّهُمْ فِيمَا بَيْنَهُمْ مُخْتَلِفُونَ مُتَحَارِبُونَ. وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ دَخَلَ مَلِكُ الرُّومِ إِلَى طَرَابُلُسَ فَأَحْرَقَ كَثِيرًا مِنْهَا، وَمَلَكَ قَلْعَةَ عِرْقَةَ وَنَهَبَهَا وَسَبَى أَهْلَهَا وَكَانَ فِي قَلْعَتِهَا صَاحِبُ طَرَابُلُسَ كَانَ لَجَأَ إِلَيْهَا حِينَ أَخْرَجَهُ أَهْلُ طَرَابُلُسَ مِنْهَا لِشِدَّةِ ظُلْمِهِ، فَأَسَرَتْهُ الرُّومُ، وَاسْتَحْوَذُوا عَلَى جَمِيعِ أَمْوَالِهِ وَحَوَاصِلِهِ، وَكَانَتْ كَثِيرَةً جِدًّا، ثُمَّ مَالُوا عَلَى السَّوَاحِلِ، فَمَلَكُوا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مِنْبَرًا سِوَى الْقُرَى، وَتَنَصَّرَ خَلْقٌ كَثِيرٌ عَلَى أَيْدِيهِمْ، لَعَنَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى. وَجَاءُوا إِلَى حِمْصَ فَحَرَقُوا وَنَهَبُوا. وَمَكَثَ مَلِكُ الرُّومِ شَهْرَيْنِ يَأْخُذُ مَا شَاءَ مِنَ الْبِلَادِ، وَيَأْسِرُ مَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ مِنَ الْعِبَادِ، وَصَارَتْ لَهُ مَهَابَةٌ عَظِيمَةٌ فِي قُلُوبِ النَّاسِ، ثُمَّ عَادَ إِلَى بِلَادِهِ وَمَعَهُ مِنَ السَّبْيِ نَحْوٌ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ صَبِيٍّ وَصَبْيَةٍ، وَكَانَ سَبَبَ عَوْدِهِ إِلَى بِلَادِهِ كَثْرَةُ الْأَمْرَاضِ فِي جَيْشِهِ وَاشْتِيَاقُهُمْ إِلَى أَوْلَادِهِمْ
পৃষ্ঠা - ৯৪৫৯
وَأَهْلِيهِمْ وَأَوْطَانِهِمْ. وَبَعَثَ سَرِيَّةً إِلَى الْجَزِيرَةِ فَنَهَبُوا وَسَبَوْا، وَكَانَ قَرْعُوَيْهِ غُلَامُ سَيْفِ الدَّوْلَةِ قَدِ اسْتَحْوَذَ عَلَى حَلَبَ وَأَخْرَجَ مِنْهَا ابْنَ أُسْتَاذِهِ أَبَا الْمَعَالِي شَرِيفَ بْنَ سَيْفِ الدَّوْلَةِ، فَسَارَ إِلَى حُرَّانَ وَهِيَ تَحْتَ حُكْمِهِ، فَأَبَوْا أَنْ يُدْخِلُوهُ إِلَيْهِمْ، فَذَهَبَ إِلَى أُمِّهِ بِمَيَّافَارِقِينَ، وَهِيَ ابْنَةُ سَعِيدِ بْنِ حَمْدَانَ، فَمَكَثَ عِنْدَهَا حِينًا، ثُمَّ سَارَ إِلَى حُمَاةَ فَمَلَكَهَا، ثُمَّ عَادَ إِلَى حَلَبَ بَعْدَ سَنَتَيْنِ كَمَا سَنَذْكُرُهُ فِيمَا بَعْدُ. وَلَمَّا عَاثَتِ الرُّومُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ بِالشَّامِ صَانَعَهُمْ قَرْعُوَيْهِ عَنْ حَلَبَ وَبَعَثَ إِلَيْهِمْ بِأَمْوَالٍ وَتُحَفٍ، ثُمَّ عَادُوا إِلَى أَنْطَاكِيَةَ فَمَلَكُوهَا وَقَتَلُوا خَلْقًا كَثِيرًا مِنْهَا، وَسَبَوْا عَامَّةَ أَهْلِهَا، وَرَكِبُوا إِلَى حَلَبَ وَأَبُو الْمَعَالِي شَرِيفٌ مُحَاصِرٌ غُلَامَهُمْ قَرْعُوَيْهِ بِهَا، فَخَافَهُمْ أَبُو الْمَعَالِي، فَهَرَبَ عَنْهَا، وَحَاصَرَهَا الرُّومُ، فَأَخَذُوا الْبَلَدَ، وَامْتَنَعَتِ الْقَلْعَةُ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ اصْطَلَحُوا مَعَ قَرْعُوَيْهِ عَلَى هُدْنَةٍ مُؤَبَّدَةٍ وَمَالٍ يَحْمِلُهُ إِلَيْهِمْ كُلَّ سَنَةٍ، وَسَلَّمُوا إِلَيْهِ الْبَلَدَ، وَرَجَعُوا عَنْهُ. وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ خَرَجَ عَلَى الْمُعِزِّ الْفَاطِمِيِّ وَهُوَ بِإِفْرِيقِيَّةَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: أَبُو خَزْرٍ، فَنَهَضَ إِلَيْهِ الْمُعِزُّ بِنَفْسِهِ وَجُنُودِهِ، فَهَرَبَ مِنْهُ فَأَرْسَلَ فِي طَلَبِهِ يُوسُفَ بْنَ بُلُكِّينَ بْنِ زِيرِي، فَشَرَّدَهُ، وَطَرَدَهُ، ثُمَّ عَادَ فَاسْتَأْمَنَ، فَقَبِلَ مِنْهُ الْمُعِزُّ ذَلِكَ وَصَفَحَ عَنْهُ، وَجَاءَ الرَّسُولُ مِنْ جَوْهَرٍ الْقَائِدِ إِلَى الْمُعِزِّ فِي هَذِهِ السَّنَةِ يُبَشِّرُهُ بِفَتْحِ الدِّيَارِ
পৃষ্ঠা - ৯৪৬০
الْمِصْرِيَّةِ وَإِقَامَةِ الدَّعْوَةِ لَهُ بِهَا، وَطَلَبَهُ إِلَيْهَا، فَفَرِحَ بِذَلِكَ الْمُعِزُّ الْفَاطِمِيُّ فَرَحًا شَدِيدًا، وَامْتَدَحَهُ الشُّعَرَاءُ، فَكَانَ مِمَّنِ امْتَدَحَهُ شَاعِرُهُ مُحَمَّدُ بْنُ هَانِئٍ فِي قَصِيدَةٍ أَوَّلُهَا: يَقُولُ بَنُو الْعَبَّاسِ هَلْ فُتِحَتْ مِصْرُ ... فَقُلْ لِبَنِي الْعَبَّاسِ قَدْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَذَكَرَ ابْنُ الْأَثِيرِ أَنَّ فِي هَذِهِ السَّنَةِ تُوُفِّيَ النِّقْفُورُ الَّذِي كَانَ دُمُسْتُقًا، ثُمَّ صَارَ مَلِكَ الرُّومِ، وَأَرَادَ قَتْلَ ابْنَيِ الْمَلِكِ الَّذِي كَانَ قَبْلَهُ، فَغَارَتْ أُمُّهُمَا لَهُمَا، فَقَتَلَتْهُ غِيلَةً. قَالَ: وَقَدْ كَانَ هَذَا اللَّعِينُ مِنْ أَبْنَاءِ الْمُسْلِمِينَ، كَانَ أَبُوهُ مِنْ أَهْلِ طَرَسُوسَ مِنْ خِيَارِ الْمُسْلِمِينَ يُعْرَفُ بِابْنِ الْفَقَّاسِ، فَتَنَصَّرَ وَلَدُهُ هَذَا وَحَظِيَ عِنْدَ النَّصَارَى حَتَّى صَارَ مِنْ أَمْرِهِ مَا صَارَ، وَكَانَ مِنْ أُشِدِّ النَّاسِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَقَدْ أَخَذَ بِلَادًا كَثِيرَةً عَنْوَةً، مِنْ ذَلِكَ طَرَسُوسُ وَأَذَنَةُ، وَعَيْنُ زَرْبَةَ، وَالْمِصِّيصَةُ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْبِلَادِ، وَقَتَلَ خَلْقًا كَثِيرًا لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَسَبَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ مَا لَا يَعْلَمُ عَدَدَهُمْ إِلَّا الَّذِي خَلَقَهُمْ. وَهَذَا اللَّعِينُ هُوَ الَّذِي بَعَثَ تِلْكَ الْقَصِيدَةَ إِلَى الْمُطِيعِ لِلَّهِ وَقَدْ أَوْرَدْنَاهَا فِي آخِرِ الْجُزْءِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، ثُمَّ انْتُدِبَ لَهَا فِيمَا بَعْدُ ذَلِكَ الْفَقِيهُ الْإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ الظَّاهِرِيُّ، فَأَجَابَ عَنْهَا جَوَابًا شَافِيًا كَافِيًا، فَجَزَاهُ اللَّهُ عَنِ الْإِسْلَامِ خَيْرًا.
পৃষ্ঠা - ৯৪৬১
وَفِيهَا رَامَ عِزُّ الدَّوْلَةِ صَاحِبُ بَغْدَادَ مُحَاصَرَةَ عِمْرَانَ بْنِ شَاهِينَ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ، فَصَالَحَهُ وَرَجَعَ إِلَى بَغْدَادَ. وَفِيهَا اصْطَلَحَ قَرْعُوَيْهِ وَأَبُو الْمَعَالِي شَرِيفٌ، فَخَطَبَ لَهُ قَرْعُوَيْهِ بِحَلَبَ، وَخَطَبَا جَمِيعًا فِي مُعَامَلَتَيْهَا لِلْمُعِزِّ الْفَاطِمِيِّ بِحَلَبَ وَحِمْصَ، وَخُطِبَ بِمَكَّةَ لِلْمُطِيعِ لِلَّهِ وَلِلْقَرَامِطَةِ أَيْضًا، وَبِالْمَدِينَةِ لِلْمُعِزِّ الْفَاطِمِيِّ، وَخَطَبَ أَبُو أَحْمَدَ الْمُوسَوِيُّ بِظَاهِرِهَا لِلْمُطِيعِ لِلَّهِ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَبُو عَلِيٍّ الصَّوَّافُ رَوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ وَطَبَقَتِهِ، وَعَنْهُ خَلْقٌ ; مِنْهُمُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَالَ: مَا رَأَتْ عَيْنَايَ مِثْلَهُ فِي تَحَرُّزِهِ وَدِينِهِ. وَقَدْ بَلَغَ تِسْعًا وَثَمَانِينَ سَنَةً، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. مُحَارِبُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَارِبٍ، أَبُو الْعَلَاءِ الْقَاضِي الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ، مِنْ ذُرِّيَّةِ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، وَكَانَ ثِقَةً عَالِمًا فَاضِلًا، رَوَى عَنْ جَعْفَرٍ الْفِرْيَابِيِّ وَغَيْرِهِ. أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْقَطَّانِ، أَحَدُ أَئِمَّةِ الشَّافِعِيَّةِ،