আল বিদায়া ওয়া আন্নিহায়া

পৃষ্ঠা - ৯৩৯৭
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثِنْتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِي عَاشِرِ الْمُحَرَّمِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ أَمَرَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ بْنُ بُوَيْهِ - قَبَّحَهُ اللَّهُ - أَنْ تُغْلَقَ الْأَسْوَاقُ وَأَنْ يَلْبَسَ النَّاسُ الْمُسُوحَ مِنَ الشَّعْرِ، وَأَنْ تَخْرُجَ النِّسَاءُ حَاسِرَاتٍ عَنْ وُجُوهِهِنَّ، نَاشِرَاتٍ شُعُورَهُنَّ فِي الْأَسْوَاقِ، يَلْطُمْنَ وُجُوهَهُنَّ، يَنُحْنَ عَلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ فَفُعِلَ ذَلِكَ، وَلَمْ يُمْكِنْ أَهْلَ السُّنَّةِ مَنْعُ ذَلِكَ ; لِكَثْرَةِ الشِّيعَةِ، وَكَوْنِ السُّلْطَانِ مَعَهُمْ. وَفِي ثَامِنَ عَشَرَ ذِي الْحِجَّةِ مِنْهَا أَمَرَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ بِإِظْهَارِ الزِّينَةِ بِبَغْدَادَ وَأَنْ تُفْتَحَ الْأَسْوَاقُ بِاللَّيْلِ كَمَا فِي الْأَعْيَادِ، وَأَنْ تُضْرَبَ الدَّبَادِبُ وَالْبُوقَاتُ، وَأَنْ تُشْعَلَ النِّيرَانُ بِأَبْوَابِ الْأُمَرَاءِ وَعِنْدَ الشُّرَطِ ; فَرَحًا بَعِيدِ الْغَدِيرِ - غَدِيرِ خُمٍّ - فَكَانَ وَقْتًا عَجِيبًا وَيَوْمًا مَشْهُودًا، وَبِدْعَةً ظَاهِرَةً مُنْكَرَةً. وَفِيهَا أَغَارَتِ الْأَرْمَنُ عَلَى الرُّهَا فَقَتَلُوا وَأَسَرُوا، وَرَجَعُوا مُوقَرِينَ - لَعَنَهُمُ اللَّهُ - وَثَارَتِ الرُّومُ بِمَلِكِهِمْ فَقَتَلُوهُ، وَوَلَّوْا غَيْرَهُ، وَمَاتَ الدُّمُسْتُقُ مَلِكُ الْأَرْمَنِ، وَاسْمُهُ النِّقْفُورُ، وَهُوَ الَّذِي أَخَذَ حَلَبَ وَلِتُكْتَبَ تَرْجَمَتُهُ فِي آخِرِ الْجُزْءِ.
পৃষ্ঠা - ৯৩৯৮
وَفِيهَا عُزِلَ ابْنُ أَبِي الشَّوَارِبِ عَنِ الْقَضَاءِ، وَنُقِضَتْ سِجِلَّاتُهُ، وَأُبْطِلَتْ أَحْكَامُهُ مُدَّةَ أَيَّامِهِ، وَوَلِيَ الْقَضَاءَ أَبُو بِشْرٍ عُمَرُ بْنُ أَكْثَمَ بِلَا رِزْقٍ، وَرُفِعَ عَنْهُ مَا كَانَ يَحْمِلُهُ ابْنُ أَبِي الشَّوَارِبِ فِي كُلِّ سَنَةٍ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. وَفِي ذِي الْحِجَّةِ اسْتَسْقَى النَّاسُ لِتَأَخُّرِ الْمَطَرِ وَذَلِكَ فِي كَانُونَ الثَّانِي. وَحَكَى ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي " الْمُنْتَظَمِ " عَنْ ثَابِتِ بْنِ سِنَانٍ الْمُؤَرِّخِ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْمَوْصِلِ مِمَّنْ أَثِقُ بِهِمْ أَنَّ بَعْضَ بَطَارِقَةِ الْأَرْمَنِ أَنْفَذَ فِي سَنَةِ ثِنْتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ إِلَى نَاصِرِ الدَّوْلَةِ بْنِ حَمْدَانَ رَجُلَيْنِ مِنَ الْأَرْمَنِ مُلْتَصِقَيْنِ، سِنُّهُمَا خَمْسٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً، مُلْتَحِمَيْنِ وَمَعَهُمَا أَبُوهُمَا، وَلَهُمَا سُرَّتَانِ وَبِطَنَّانِ وَمَعِدَتَانِ، وَجُوعُهُمَا يَخْتَلِفُ، وَكَانَ أَحَدُهُمَا يَمِيلُ إِلَى النِّسَاءِ، وَالْآخَرُ يَمِيلُ إِلَى الْغِلْمَانِ، وَكَانَ يَقَعُ بَيْنَهُمَا خُصُومَةٌ وَتَشَاجُرٌ، وَرُبَّمَا حَلَفَ أَحَدُهُمَا لَا يُكَلِّمُ الْآخَرَ، فَيَمْكُثُ كَذَلِكَ أَيَّامًا، ثُمَّ يَصْطَلِحَانِ، فَوَهَبَهُمَا نَاصِرُ الدَّوْلَةِ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ، وَخَلَعَ عَلَيْهِمَا، وَدَعَاهُمَا إِلَى الْإِسْلَامِ، فَيُقَالُ: إِنَّهُمَا أَسْلَمَا. وَأَرَادَ أَنْ يَبْعَثَهُمَا إِلَى بَغْدَادَ لِيَرَاهُمَا النَّاسُ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ، ثُمَّ إِنَّهُمَا رَجَعَا إِلَى بَلَدِهِمَا
পৃষ্ঠা - ৯৩৯৯
مَعَ أَبِيهِمَا، فَاعْتَلَّ أَحَدُهُمَا، وَمَاتَ وَأَنْتَنَ رِيحُهُ، وَبَقِيَ الْآخَرُ لَا يُمْكِنُهُ التَّخَلُّصُ مِنْهُ، وَقَدْ كَانَ اتِّصَالُ مَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْخَاصِرَتَيْنِ، وَقَدْ كَانَ نَاصِرُ الدَّوْلَةِ أَرَادَ فَصْلَ أَحَدِهِمَا عَنِ الْآخَرِ، وَجَمَعَ الْأَطِبَّاءَ لِذَلِكَ فَلَمْ يُمْكِنْ، فَلَمَّا مَاتَ أَحَدُهُمَا حَارَ أَبُوهُمَا فِي فَصْلِهِ عَنْ أَخِيهِ، فَاتَّفَقَ اعْتِلَالُ الْآخَرِ مِنْ غَمِّهِ وَنَتْنِ رَائِحَةِ أَخِيهِ، فَمَاتَ غَمًّا، فَدُفِنَا جَمِيعًا فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: عُمَرُ بْنُ أَكْثَمَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَيَّانَ بْنِ بِشْرٍ، أَبُو بِشْرٍ الْأَسَدِيُّ الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ، وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَوَلِيَ الْقَضَاءَ فِي زَمَنِ الْمُطِيعِ نِيَابَةً عَنْ أَبِي السَّائِبِ عُتْبَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، ثُمَّ وَلِيَ قَضَاءَ الْقُضَاةِ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ وَلِيَ قَضَاءَ الْقُضَاةِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ سِوَى أَبِي السَّائِبِ، وَكَانَ مَحْمُودَ السِّيرَةِ فِي الْقَضَاءِ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ.
পৃষ্ঠা - ৯৪০০
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَخَمْسِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِي عَاشِرِ الْمُحَرَّمِ مِنْهَا عَمِلَتِ الرَّافِضَةُ عَزَاءَ الْحُسَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ، فَاقْتَتَلَ الرَّوَافِضُ وَأَهْلُ السُّنَّةِ فِي هَذَا الْيَوْمِ قِتَالًا شَدِيدًا، وَانْتُهِبَتِ الْأَمْوَالُ. وَفِيهَا عَصَى نَجَا غُلَامُ سَيْفِ الدَّوْلَةِ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ فِي الْعَامِ الْمَاضِي قَدْ صَادَرَ أَهْلَ حَرَّانِ وَأَخَذَ مِنْهُمْ أَمْوَالًا كَثِيرَةً فَتَمَرَّدَ بِهَا، وَذَهَبَ إِلَى بِلَادِ أَذْرَبِيجَانَ فَأَخَذَ طَائِفَةً مِنْهَا مِنْ يَدِ رَجُلٍ مِنَ الْأَعْرَابِ يُقَالُ لَهُ: أَبُو الْوَرْدِ، فَقَتَلَهُ وَأَخَذَ مِنْ أَمْوَالِهِ شَيْئًا كَثِيرًا، وَقَوِيَتْ شَوْكَتُهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ، فَسَارَ إِلَيْهِ سَيْفُ الدَّوْلَةِ فَأَخَذَهُ وَأَمَرَ بِقَتْلِهِ فَقُتِلَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَأُلْقِيَتْ جِيفَتُهُ فِي الْأَقْذَارِ وَمَحَلِّ الْجِيَفِ وَالنَّتَنِ. وَفِيهَا جَاءَ الدُّمُسْتُقُ إِلَى الْمِصِّيصَةِ فِي جَيْشٍ كَثِيفٍ فَحَاصَرَهَا وَنَقَبَ سُورَهَا، فَدَافَعَهُ أَهْلُهَا، فَأَحْرَقَ رُسْتَاقَهَا، وَقَتَلَ مِمَّنْ حَوْلَهَا خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفَ
পৃষ্ঠা - ৯৪০১
إِنْسَانٍ، وَعَاثُوا فَسَادًا فِي بِلَادِ أَذَنَةَ وَطَرَسُوسَ، وَكَرُّوا رَاجِعِينَ إِلَى بِلَادِهِمْ قَبَّحَهُمُ اللَّهُ. وَفِيهَا قَصَدَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ الْمَوْصِلَ وَجَزِيرَةَ ابْنِ عُمَرَ فَأَخْذَهَا مِنْ يَدِ نَاصِرِ الدَّوْلَةِ بْنِ حَمْدَانَ، ثُمَّ سَارَ فِي طَلَبِ نَاصِرِ الدَّوْلَةِ، فَكَرَّ نَاصِرُ الدَّوْلَةِ فِي جَيْشٍ قَدْ هَيَّأَهُ، فَاسْتَرْجَعَ الْمُلْكَ مِنْ يَدِ مُعِزِّ الدَّوْلَةِ، فَعَادَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ فَأَخَذَ الْمَوْصِلَ وَأَقَامَ بِهَا، فَرَاسَلَهُ فِي الصُّلْحِ صَاحِبُهَا، فَاصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَكُونَ الْحِمْلُ فِي كُلِّ سَنَةٍ، وَأَنْ يَكُونَ أَبُو تَغْلِبَ بْنُ نَاصِرِ الدَّوْلَةِ وَلِيَّ عَهْدِ أَبِيهِ مِنْ بَعْدِهِ، فَأَجَابَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ إِلَى ذَلِكَ، وَكَرَّ رَاجِعًا إِلَى بَغْدَادَ بَعْدَ مَا جَرَتْ لَهُ خُطُوبٌ عَظِيمَةٌ طَوِيلَةٌ قَدِ اسْتَقْصَاهَا ابْنُ الْأَثِيرِ فِي " كَامِلِهِ " وَبَسَطَهَا. وَفِيهَا ظَهَرَ رَجُلٌ بِبِلَادِ الدَّيْلَمِ، وَهُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ مِنْ أَوْلَادِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَيُعْرَفُ بِابْنِ الدَّاعِي، فَالْتَفَّ عَلَيْهِ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَدَعَا إِلَى نَفْسِهِ، وَتَسَمَّى بِالْمَهْدِيِّ، وَكَانَ أَصْلُهُ مِنْ بَغْدَادَ وَعَظُمَ شَأْنُهُ بِتِلْكَ الْبِلَادِ، وَهَرَبَ مِنْهُ ابْنُ النَّاصِرِ الْعَلَوِيُّ. وَفِيهَا قَصَدَ مَلِكُ الرُّومِ، وَفِي صُحْبَتِهِ الدُّمُسْتُقُ مَلِكُ الْأَرْمَنِ بِلَادَ طَرَسُوسَ فَحَاصَرُوهَا مُدَّةً، ثُمَّ غَلَتْ عَلَيْهِمُ الْأَسْعَارُ، وَأَخَذَ فِيهِمُ الْوَبَاءُ، فَمَاتَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، فَكَّرُوا رَاجِعِينَ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
পৃষ্ঠা - ৯৪০২
{وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا} [الأحزاب: 25] . وَكَانَ مِنْ عَزْمِهِمْ يُرِيدُونَ أَنْ يَسْتَحْوِذُونَ عَلَى الْبِلَادِ كُلِّهَا، فَرَجَعُوا خَاسِئِينَ. وَفِيهَا كَانَتْ وَقْعَةُ الْمَجَازِ بِبِلَادِ صِقِلِّيَّةَ وَذَلِكَ أَنَّهُ أَقْبَلَ مِنَ الرُّومِ خَلْقٌ كَثِيرٌ وَمِنَ الْفِرِنْجِ مَا يُقَارِبُ الْمِائَةَ أَلْفٍ، فَبَعَثَ أَهْلُ صِقِلِّيَّةَ إِلَى الْمُعِزِّ الْفَاطِمِيِّ يَسْتَنْجِدُونَهُ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ بِجُيُوشٍ كَثِيرَةٍ فِي الْأُسْطُولِ، فَكَانَتْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ وَقْعَةٌ عَظِيمَةٌ صَبَرَ فِيهَا الْفَرِيقَانِ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إِلَى الْعَصْرِ، ثُمَّ قُتِلَ أَمِيرُ الرُّومِ مَنْوِيلُ وَفَّرَتِ الرُّومُ وَانْهَزَمُوا هَزِيمَةً قَبِيحَةً، فَقَتَلَ الْمُسْلِمُونَ مِنْهُمْ خَلْقًا كَثِيرًا، وَسَقَطَ الْفِرِنْجُ فِي وَادٍ مِنَ الْمَاءِ عَمِيقٍ فَغَرِقَ أَكْثَرُهُمْ، وَرَكِبَ الْبَاقُونَ فِي الْمَرَاكِبِ، فَبَعَثَ الْأَمِيرُ أَحْمَدُ صَاحِبُ صِقِلِّيَّةَ فِي آثَارِهِمْ مَرَاكِبَ أُخَرَ، فَقَتَلُوا أَكْثَرَ الْمُشْرِكِينَ فِي الْبَحْرِ أَيْضًا، وَغَنِمَ الْمُسْلِمُونَ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ شَيْئًا كَثِيرًا، مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْحَيَوَانَاتِ وَالْأَمْتِعَةِ وَالْأَسْلِحَةِ، فَكَانَ فِي جُمْلَةِ ذَلِكَ سَيْفٌ مَكْتُوبٌ عَلَيْهِ: هَذَا سَيْفٌ هِنْدِيٌّ زِنَتُهُ مِائَةٌ وَسَبْعُونَ مِثْقَالًا، طَالَمَا قُوتِلَ بِهِ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبُعِثَ فِي جُمْلَةِ تُحَفٍ إِلَى الْمُعِزِّ الْفَاطِمِيِّ إِلَى إِفْرِيقِيَّةَ. وَفِيهَا قَصَدَتِ الْقَرَامِطَةُ مَدِينَةَ طَبَرِيَّةَ لِيَأْخُذُوهَا مِنْ يَدِ الْإِخْشِيدِ صَاحِبِ مِصْرَ وَالشَّامِ، وَطَلَبُوا مِنْ سَيْفِ الدَّوْلَةِ أَنْ يَمُدَّهُمْ بِحَدِيدٍ يَتَّخِذُونَ مِنْهُ سِلَاحًا، فَقَلَعَ لَهُمْ أَبْوَابَ الرَّقَّةِ - وَكَانَتْ مِنْ حَدِيدٍ - حَتَّى أَخَذَ أَوَاقِيَّ الْبَاعَةِ، وَأَرْسَلَ
পৃষ্ঠা - ৯৪০৩
بِذَلِكَ كُلِّهِ إِلَيْهِمْ حَتَّى قَالُوا: اكْتَفَيْنَا. وَفِيهَا طَلَبَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ مِنَ الْخَلِيفَةِ الْمُطِيعِ لِلَّهِ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي دُخُولِ دَارِ الْخِلَافَةِ لِيَتَفَرَّجَ فِيهَا، فَأَذِنَ لَهُ فَدَخَلَهَا، فَبَعَثَ خَادِمَهُ وَحَاجِبَهُ مَعَهُ، فَطَافُوا مَعَهُ فِيهَا، وَهُوَ مُسْرِعٌ خَائِفٌ، ثُمَّ خَرَجَ وَقَدْ خَافَ مِنْ غَائِلَةِ ذَلِكَ، وَخَشِيَ أَنْ يُقْتَلَ فِي بَعْضِ الدَّهَالِيزِ، فَتَصَدَّقَ بِعَشَرَةِ آلَافٍ لَمَّا خَرَجَ شُكْرًا لِلَّهِ عَلَى سَلَامَتِهِ، وَازْدَادَ حُبًّا فِي الْخَلِيفَةِ الْمُطِيعِ لِلَّهِ مِنْ يَوْمِئِذٍ، فَكَانَ فِي جُمْلَةِ مَا رَأَى مِنَ الْعَجَائِبِ بِهَا صَنَمٌ مِنْ نُحَاسٍ عَلَى صُورَةِ امْرَأَةٍ حَسْنَاءَ جِدًّا، وَحَوْلَهَا أَصْنَامٌ صِغَارٌ فِي هَيْئَةِ الْخَدَمِ لَهَا، كَانَ قَدْ أُتِيَ بِهِ فِي زَمَنِ الْمُقْتَدِرِ، فَأُقِيمَ هُنَاكَ لِيَتَفَرَّجَ عَلَيْهِ الْجَوَارِي وَالنِّسَاءُ، فَهَمَّ الْمُعِزُّ أَنْ يَطْلُبَهُ مِنَ الْخَلِيفَةِ، ثُمَّ ارْتَأَى فَتَرَكَ ذَلِكَ. وَفِي ذِي الْحِجَّةِ مِنْهَا خَرَجَ رَجُلٌ بِالْكُوفَةِ، فَادَّعَى أَنَّهُ عَلَوِيٌّ، وَكَانَ يَتَبَرْقَعُ فَسُمِّي الْمُبَرْقَعَ، وَغَلُظَتْ قَضِيَّتُهُ وَبَعُدَ صِيتُهُ، وَذَلِكَ فِي غَيْبَةِ مُعِزِّ الدَّوْلَةِ عَنْ بَغْدَادَ وَاشْتِغَالِهِ بِأَمْرِ الْمَوْصِلِ وَنَاصِرِ الدَّوْلَةِ بْنِ حَمْدَانَ، فَلَمَّا تَوَطَّدَتِ الْأُمُورُ وَعَادَ إِلَى بَغْدَادَ اخْتَفَى الْمُبَرْقَعُ، وَذَهَبَ فِي الْبِلَادِ، فَلَمْ يُفْتَحْ لَهُ أَمْرٌ بَعْدَ ذَلِكَ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: بَكَّارُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَكَّارِ بْنِ بُنَانِ بْنِ بَكَّارِ بْنِ زِيَادِ بْنِ دَرَسْتَوَيْهِ،
পৃষ্ঠা - ৯৪০৪
أَبُو عِيسَى الْمُقْرِئُ رَوَى الْحَدِيثَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ، وَعَنْهُ أَبُو الْحَسَنِ الْحَمَّامِيُّ، وَكَانَ ثِقَةً، أَقْرَأَ الْقُرْآنَ أَزْيَدَ مِنْ سِتِّينَ سَنَةً، رَحِمَهُ اللَّهُ. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْهَا وَقَدْ جَاوَزَ السَّبْعِينَ وَقَارَبَ الثَّمَانِينَ، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ الْخَيْزُرَانِ عِنْدَ قَبْرِ أَبِي حَنِيفَةَ. أَبُو إِسْحَاقَ الْهُجَيْمِيُّ وُلِدَ سَنَةَ خَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ، وَكَانَ إِذَا سُئِلَ أَنْ يُحَدِّثَ يُقْسِمُ أَنْ لَا يُحَدِّثَ حَتَّى يُجَاوِزَ الْمِائَةَ، فَأَبِرَّ اللَّهُ قَسَمَهُ، وَجَاوَزَهَا فَأَسْمَعَ. تُوُفِّيَ عَنْ مِائَةِ سَنَةٍ وَثَلَاثِ سِنِينَ. رَحِمَهُ اللَّهُ.
পৃষ্ঠা - ৯৪০৫
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِي عَاشِرِ الْمُحَرَّمِ مِنْهَا عَمِلَتِ الشِّيعَةُ الْمَآتِمَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي السَّنَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ، وَغُلِّقَتِ الْأَسْوَاقُ وَعُلِّقَتِ الْمُسُوحُ، وَخَرَجَتِ النِّسَاءُ سَافِرَاتٍ نَاشِرَاتٍ، يَنُحْنَ وَيَلْطُمْنَ وُجُوهَهُنَّ فِي الْأَسْوَاقِ وَالْأَزِقَّةِ، وَهَذَا تَكَلُّفٌ لَا حَاجَةَ إِلَيْهِ فِي الدِّينِ وَلَا فِي الدُّنْيَا، وَلَوْ كَانَ هَذَا أَمْرًا مَحْمُودًا لَكَانَ صَدْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَخِيرَتُهَا أَوْلَى بِهِ ; إِذْ لَوْ كَانَ خَيْرًا لَسَبَقُونَا إِلَيْهِ، وَأَهْلُ السُّنَّةِ يَقْتَدُونَ وَلَا يَبْتَدِعُونَ، وَتَسَلَّطَتْ أَهْلُ السُّنَّةِ عَلَى الرَّوَافِضِ، فَكَبَسُوا مَسْجِدَ بَرَاثَا الَّذِي هُوَ عُشُّ الرَّوَافِضِ، وَقَتَلُوا بَعْضَ مَنْ كَانَ فِيهِ مِنَ الْقَوَمَةِ. وَفِيهَا فِي رَجَبٍ مِنْهَا جَاءَ مَلِكُ الرُّومِ بِجُيُوشٍ كَثِيفَةٍ إِلَى الْمِصِّيصَةِ فَفَتَحَهَا قَسْرًا، وَقَتَلَ مِنْ أَهْلِهَا خَلْقًا، وَاسْتَاقَ بَقِيَّتَهُمْ مَعَهُ أُسَارَى، وَكَانُوا قَرِيبًا مِنْ مِائَتَيْ أَلْفِ إِنْسَانٍ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. وَجَاءَ إِلَى طَرَسُوسَ فَسَأَلَ أَهْلُهَا مِنْهُ الْأَمَانَ، فَأَمَّنَهُمْ، وَأَمَرَهُمْ بِالْجَلَاءِ عَنْهَا وَالِانْتِقَالِ مِنْهَا، فَاتَّخَذَ الْجَامِعَ إِسْطَبْلًا لِخُيُولِهِ، وَحَرَّقَ الْمِنْبَرَ، وَنَقَلَ قَنَادِيلَهُ إِلَى كَنَائِسِ بَلَدِهِ، وَتَنَصَّرَ بَعْضُ أَهْلِهَا مَعَهُ، لَعَنَهُ اللَّهُ. وَكَانَ أَهْلُ طَرَسُوسَ وَالْمِصِّيصَةِ قَدْ أَصَابَهُمْ قَبْلَ هَذَا الْبَلَاءِ غَلَاءٌ عَظِيمٌ وَوَبَاءٌ
পৃষ্ঠা - ৯৪০৬
شَدِيدٌ بِحَيْثُ كَانَ يَمُوتُ مِنْهُمْ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ ثَلَاثُمِائَةِ نَفَرٍ، ثُمَّ دَهَمَهُمْ هَذَا الْأَمْرُ الشَّدِيدُ، فَانْتَقَلُوا مِنْ شَهَادَةٍ إِلَى شَهَادَةٍ أَعْظَمَ مِنْهَا. وَعَزَمَ مَلِكُ الرُّومِ عَلَى الْمُقَامِ بِطَرَسُوسَ لِيَكُونَ أَقْرَبَ إِلَى بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ عَنَّ لَهُ، فَسَارَ إِلَى الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ وَفِي خِدْمَتِهِ الدُّمُسْتُقُ مَلِكُ الْأَرْمَنِ، لَعَنَهُمَا اللَّهُ. وَفِيهَا جُعِلَ أَمْرُ تَسْفِيرِ الْحَجِيجِ إِلَى نَقِيبِ الطَّالِبِيِّينَ، وَكُتِبَ لَهُ مَنْشُورٌ بِالنِّقَابَةِ وَالْحَجِيجِ، وَهُوَ أَبُو أَحْمَدَ الْحُسَيْنُ بْنُ مُوسَى الْمُوسَوِيُّ وَهُوَ وَالِدُ الرَّضِيِّ وَالْمُرْتَضَى. وَفِيهَا تُوُفِّيَتْ أُخْتُ مُعَزِّ الدَّوْلَةِ، فَرَكِبَ الْخَلِيفَةُ فِي طَيَّارَةٍ، وَجَاءَ إِلَيْهِ فَعَزَّاهُ، فَقَبَّلَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ الْأَرْضَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَشَكَرَ لَهُ سَعْيَهُ إِلَيْهِ، وَصَدَقَاتِهِ عَلَيْهِ. وَفِي ثَامِنِ عَشَرَ ذِي الْحِجَّةِ عَمِلَتِ الرَّوَافِضُ عِيدَ غَدِيرِ خُمٍّ عَلَى الْعَادَةِ الْجَارِيَةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا. وَفِيهَا تَغَلَّبَ عَلَى أَنْطَاكِيَةَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: رَشِيقٌ النُّسَيْمِيُّ، بِمُسَاعَدَةِ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ: ابْنُ الْأَهْوَازِيِّ. وَكَانَ يَضْمَنُ الطَّوَاحِينَ، فَأَعْطَاهُ أَمْوَالًا، وَأَطْمَعَهُ فِي أَخْذِ أَنْطَاكِيَةَ وَأَخْبَرَهُ أَنَّ سَيْفَ الدَّوْلَةِ قَدِ اشْتَغَلَ بِمَيَّافَارِقِينَ، وَعَجَزَ عَنِ الرُّجُوعِ إِلَى حَلَبَ فَتَمَّ لَهُمَا مَا رَامَاهُ مِنْ أَخْذِ أَنْطَاكِيَةَ ثُمَّ رَكِبَا مِنْهَا فِي جُيُوشٍ إِلَى حَلَبَ فَجَرَتْ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ نَائِبِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ حُرُوبٌ عَظِيمَةٌ، ثُمَّ أَخَذَ الْبَلَدَ،
পৃষ্ঠা - ৯৪০৭
وَتَحَصَّنَ النَّائِبُ بِالْقَلْعَةِ، وَجَاءَتِ النَّجْدَةُ مِنْ سَيْفِ الدَّوْلَةِ إِلَى حَلَبَ مَعَ غُلَامٍ لَهُ اسْمُهُ بِشَارَةُ، فَانْهَزَمَ رَشِيقٌ، فَسَقَطَ عَنْ فَرَسِهِ، فَابْتَدَرَهُ بَعْضُ الْأَعْرَابِ، فَقَتَلَهُ وَأَخَذَ رَأْسَهُ، فَجَاءَ بِهِ إِلَى حَلَبَ وَاسْتَقَلَّ ابْنُ الْأَهْوَازِيِّ سَائِرًا إِلَى أَنْطَاكِيَةَ فَأَقَامَ رَجُلًا مِنَ الرُّومِ اسْمُهُ دَزْبَرُ، فَسَمَّاهُ الْأَمِيرَ، وَأَقَامَ آخَرَ مِنَ الْعَلَوِيِّينَ لِيَجْعَلَهُ خَلِيفَةً، وَسَمَّاهُ الْأُسْتَاذَ، فَقَصَدَهُ نَائِبُ حَلَبَ وَهُوَ قَرْعُوَيْهِ، فَاقْتَتَلَا قِتَالًا شَدِيدًا، فَهَزَمَهُ ابْنُ الْأَهْوَازِيِّ وَاسْتَقَرَّ بِأَنْطَاكِيَةَ، فَلَمَّا عَادَ سَيْفُ الدَّوْلَةِ إِلَى حَلَبَ لَمْ يَبِتْ بِهَا إِلَّا لَيْلَةً وَاحِدَةً حَتَّى سَارَ إِلَى أَنْطَاكِيَةَ فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا عَظِيمًا، ثُمَّ انْهَزَمَ دَزْبَرُ وَابْنُ الْأَهْوَازِيِّ وَأُسِرَا، فَقَتَلَهُمَا سَيْفُ الدَّوْلَةِ بْنُ حَمْدَانَ. وَفِيهَا ثَارَ رَجُلٌ مِنَ الْقَرَامِطَةِ اسْمُهُ مَرْوَانُ، كَانَ يَحْفَظُ الطُّرُقَاتِ لِسَيْفِ الدَّوْلَةِ بِحِمْصَ، فَمَلَكَهَا وَمَا حَوْلَهَا، فَقَصَدَهُ جَيْشٌ مِنْ حَلَبَ مَعَ الْأَمِيرِ بَدْرٍ فَاقْتَتَلُوا مَعَهُ، فَرَمَاهُ بَدْرٌ بِسَهْمٍ مَسْمُومٍ فَأَصَابَهُ، وَاتَّفَقَ أَنْ أَسَرَ أَصْحَابُ مَرْوَانَ بَدْرًا، فَقَتَلَهُ مَرْوَانُ بَيْنَ يَدَيْهِ صَبْرًا، وَمَاتَ مَرْوَانُ بَعْدَ أَيَّامٍ، وَتَفَرَّقَ أَصْحَابُهُ، قَبَّحَهُمُ اللَّهُ. وَفِيهَا عَصَى أَهْلُ سِجِسْتَانَ أَمِيرَهُمْ خَلَفَ بْنَ أَحْمَدَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ حَجَّ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَخَمْسِينَ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَيْهِمْ طَاهِرَ بْنَ الْحُسَيْنِ فَطَمِعَ فِي الْمُلْكِ بَعْدَهُ، وَاسْتَمَالَ أَهْلَ الْبَلَدِ، فَلَمَّا رَجَعَ مِنَ الْحَجِّ لَمْ يُسَلِّمْهُ الْبَلَدَ، وَعَصَى عَلَيْهِ، فَذَهَبَ
পৃষ্ঠা - ৯৪০৮
إِلَى بُخَارَى إِلَى الْأَمِيرِ مَنْصُورِ بْنِ نُوحٍ السَّامَانِيِّ فَاسْتَنْجَدَهُ، فَبَعَثَ مَعَهُ جَيْشًا، فَاسْتَنْقَذَ الْبَلَدَ مِنْ طَاهِرٍ، وَسَلَّمَهَا إِلَى الْأَمِيرِ خَلَفِ بْنِ أَحْمَدَ - وَقَدْ كَانَ خَلَفٌ عَالِمًا مُحِبًّا لِلْعُلَمَاءِ - فَذَهَبَ طَاهِرٌ، فَجَمَعَ جُمُوعًا، ثُمَّ جَاءَ فَحَاصَرَ خَلَفًا، وَأَخَذَ مِنْهُ الْبَلَدَ، فَرَجَعَ خَلَفٌ إِلَى الْأَمِيرِ مَنْصُورٍ السَّامَانِيِّ فَبَعَثَ مَعَهُ مَنِ اسْتَرْجَعَ لَهُ الْبَلَدَ ثَانِيَةً، وَسَلَّمَهَا إِلَيْهِ، فَلَمَّا اسْتَقَرَّ خَلَفٌ بِهَا وَتَمَكَّنَ مِنْهَا، مَنَعَ مَا كَانَ يَحْمِلُهُ مِنَ الْهَدَايَا وَالتُّحَفِ وَالْخِلَعِ إِلَى الْأَمِيرِ مَنْصُورٍ السَّامَانِيِّ بِبُخَارَى، فَبَعَثَ إِلَيْهِ جَيْشًا، فَتَحَصَّنَ خَلْفٌ فِي حِصْنٍ يُقَالُ لَهُ: حِصْنُ أَرْكَ. فَنَازَلَهُ الْجَيْشُ فِيهِ تِسْعَ سِنِينَ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ، وَذَلِكَ لِمَنَاعَةِ هَذَا الْحِصْنِ وَصُعُوبَتِهِ وَعُمْقِ خَنْدَقِهِ وَارْتِفَاعِهِ، وَسَيَأْتِي مَا آلَ إِلَيْهِ أَمْرُهُ بَعْدَ ذَلِكَ. وَفِيهَا قَصَدَتْ طَائِفَةٌ مِنَ التُّرْكِ بِلَادَ الْخَزَرِ، فَاسْتَنْجَدَ الْخَزَرُ بِأَهْلِ خُوَارِزْمَ فَقَالُوا: لَوْ أَسْلَمْتُمْ لَنَصَرْنَاكُمْ. فَأَسْلَمُوا إِلَّا مَلِكُهُمْ، فَقَاتَلُوا مَعَهُمُ التُّرْكَ، فَأَجْلَوْهُمْ عَنْهُمْ، ثُمَّ أَسْلَمَ الْمَلِكُ بَعْدَ ذَلِكَ. وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: الْمُتَنَبِّي الشَّاعِرُ الْمَشْهُورُ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الصَّمَدِ أَبُو الطَّيِّبِ الْجُعْفِيُّ الشَّاعِرُ الْمَعْرُوفُ بِالْمُتَنَبِّي، كَانَ أَبُوهُ يُعَرَفُ بِعِيدَانَ السَّقَّاءِ،
পৃষ্ঠা - ৯৪০৯
وَكَانَ يَسْتَقِي الْمَاءَ لِأَهْلِ الْكُوفَةِ عَلَى بَعِيرٍ لَهُ وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ. وَعِيدَانُ هَذَا، قَالَ ابْنُ مَاكُولَا وَالْخَطِيبُ: هُوَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَبَعْدَهَا يَاءٌ مُثَنَّاةٌ مِنْ تَحْتُ. وَقِيلَ: بِفَتْحِ الْعَيْنِ لَا كَسْرِهَا. فَاللَّهُ أَعْلَمُ. كَانَ مَوْلِدُ الْمُتَنَبِّي بِالْكُوفَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَنَشَأَ بِالشَّامِ بِالْبَادِيَةِ، وَطَلَبَ الْأَدَبَ، فَفَاقَ أَهْلَ زَمَانِهِ فِيهِ، وَلَزِمَ جَنَابَ سَيْفِ الدَّوْلَةِ بْنِ حَمْدَانَ وَامْتَدَحَهُ وَحَظِيَ عِنْدَهُ، ثُمَّ صَارَ إِلَى مِصْرَ، فَامْتَدَحَ كَافُورًا الْإِخْشِيدِيَّ ثُمَّ هَجَاهُ، وَهَرَبَ مِنْهُ، وَوَرَدَ بَغْدَادَ فَامْتَدَحَ بَعْضَ أَهْلِهَا، وَقُرِئَ عَلَيْهِ دِيوَانُهُ فِيهَا. وَقَدِمَ الْكُوفَةَ فَامْتَدَحَ ابْنَ الْعَمِيدِ، فَوَصَلَهُ مِنْ جِهَتِهِ ثَلَاثُونَ أَلْفَ دِينَارٍ، ثُمَّ سَارَ إِلَى فَارِسَ فَامْتَدَحَ عَضُدَ الدَّوْلَةِ بْنَ بُوَيْهِ، فَأَطْلَقَ لَهُ أَمْوَالًا جَزِيلَةً تُقَارِبُ مِائَتَيْ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَقِيلَ: بَلْ حَصَلَ لَهُ نَحْوٌ مِنْ ثَلَاثِينَ أَلْفَ دِينَارٍ، ثُمَّ دَسَّ إِلَيْهِ مَنْ يَسْأَلُهُ: أَيُّمَا أَحْسَنُ ; عَطَايَا عَضُدِ الدَّوْلَةِ بْنِ بُوَيْهِ، أَوْ عَطَايَا سَيْفِ الدَّوْلَةِ بْنِ حَمْدَانَ؟ فَقَالَ: هَذِهِ أَجْزَلُ وَلَكِنَّ فِيهَا تَكَلُّفٌ، وَتِلْكَ أَقَلُّ وَلَكِنْ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْ مُعْطِيهَا ; لِأَنَّهَا عَنْ طَبِيعَةٍ وَهَذِهِ عَنْ تَكَلُّفٍ. فَذُكِرَ ذَلِكَ لِعَضُدِ الدَّوْلَةِ، فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ، وَدَسَّ إِلَيْهِ طَائِفَةً مِنَ الْأَعْرَابِ، فَوَقَفُوا لَهُ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ وَهُوَ رَاجِعٌ إِلَى بَغْدَادَ وَيُقَالُ: إِنَّهُ قَدْ كَانَ هَجَا مُقَدِّمَهُمُ ابْنَ فَاتَكٍ الْأَسَدِيَّ - وَقَدْ كَانُوا يَقْطَعُونَ الطَّرِيقَ - فَلِهَذَا أَوْعَزَ إِلَيْهِمْ عَضُدُ الدَّوْلَةِ أَنْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ فَيَقْتُلُوهُ، وَيَأْخُذُوا مَا مَعَهُ مِنَ الْأَمْوَالِ، فَانْتَهَوْا إِلَيْهِ وَهُمْ سِتُّونَ رَاكِبًا فِي يَوْمِ
পৃষ্ঠা - ৯৪১০
الْأَرْبِعَاءِ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ رَمَضَانَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَقِيلَ: بَلْ قُتِلَ فِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ رَمَضَانَ. وَيُقَالُ: بَلْ كَانَ ذَلِكَ فِي شَعْبَانَ. وَقَدْ نَزَلَ عِنْدَ عَيْنٍ تَحْتَ شَجَرَةِ إِنْجَاصٍ، وَقَدْ وُضِعَتْ سُفْرَتُهُ لِيَتَغَدَّى وَمَعَهُ وَلَدُهُ مُحَسَّدٌ وَخَمْسَةَ عَشَرَ غُلَامًا لَهُ، فَلَمَّا رَآهُمْ قَالَ: هَلُمُّوا يَا وُجُوهَ الْعَرَبِ. فَلَمَّا لَمْ يُكَلِّمُوهُ أَحَسَّ بِالشَّرِّ، فَنَهَضَ إِلَى سِلَاحِهِ وَخَيْلِهِ، فَتَوَاقَفُوا سَاعَةً، فَقُتِلَ ابْنُهُ مُحَسَّدٌ وَبَعْضُ غِلْمَانِهِ، وَأَرَادَ هُوَ أَنْ يَنْهَزِمَ، فَقَالَ لَهُ مَوْلًى لَهُ: أَيْنَ تَذْهَبُ، وَأَنْتَ الْقَائِلُ: فَالْخَيْلُ وَاللَّيْلُ وَالْبَيْدَاءُ تَعْرِفُنِي ... وَالْحَرْبُ وَالضَّرْبُ وَالْقِرْطَاسُ وَالْقَلَمُ فَقَالَ: وَيْحَكَ! قَتَلْتَنِي. ثُمَّ كَرَّ رَاجِعًا، فَطَعَنَ زَعِيمَ الْقَوْمِ بِرُمْحٍ فِي عُنُقِهِ فَقَتَلَهُ، فَاجْتَمَعُوا عَلَيْهِ فَشَجَرُوهُ بِالرِّمَاحِ حَتَّى قَتَلُوهُ، وَأَخَذُوا جَمِيعَ مَا كَانَ مَعَهُ مِنَ الْأَمْوَالِ، وَذَلِكَ بِالْقُرْبِ مِنَ النُّعْمَانِيَّةِ، وَهُوَ آيِبٌ إِلَى بَغْدَادَ وَدُفِنَ هُنَالِكَ، وَلَهُ مِنَ الْعُمُرِ ثَمَانٍ وَأَرْبَعُونَ سَنَةً. وَذَكَرَ ابْنُ عَسَاكِرَ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَ فِي الْمَنْزِلَةِ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَ مَنْزِلَتِهِ هَذِهِ ; سَأَلَهُ بَعْضُ الْأَعْرَابِ أَنْ يُعْطِيَهُمْ خَمْسِينَ دِرْهَمًا وَيَخْفِرُونَهُ، فَمَنَعَهُ الشُّحُّ وَالْكِبْرُ
পৃষ্ঠা - ৯৪১১
وَدَعْوَى الشَّجَاعَةِ مِنْ ذَلِكَ. وَقَدْ كَانَ الْمُتَنَبِّي جُعْفِيَّ النَّسَبِ، صُلْبُهُ مِنْهُمْ، وَقَدِ ادَّعَى حِينَ كَانَ مَعَ بَنِي كَلْبٍ بِأَرْضِ السَّمَاوَةِ قَرِيبًا مِنْ حِمْصَ أَنَّهُ عَلَوِيٌّ ثُمَّ حَسَنِيُّ، ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ نَبِيٌّ، فَاتَّبَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ جَهَلَتِهِمْ وَسَفِلَتِهِمُ، وَزَعَمَ أَنَّهُ أُنْزِلَ عَلَيْهِ قُرْآنٌ، فَمِنْ ذَلِكَ: وَالنَّجْمِ السَّيَّارِ، وَالْفَلَكِ الدَّوَّارِ، وَاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، إِنَّ الْكَافِرَ لَفِي أَخْطَارٍ، امْضِ عَلَى سُنَّتِكِ وَاقْفُ أَثَرَ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ، فَإِنَّ اللَّهَ قَامِعٌ بِكَ مَنْ أَلْحَدَ فِي دِينِهِ، وَضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ. وَهَذَا مِنْ خِذْلَانِهِ، وَكَثْرَةِ هَذَيَانِهِ فِي قُرْآنِهِ، وَلَوْ لَزِمَ قَافِيَةَ مَدْحِهِ، وَالْهِجَاءِ لَكَانَ أَشْعَرَ الشُّعَرَاءِ وَأَفْصَحَ الْفُصَحَاءِ، وَلَكِنْ أَرَادَ بِجَهْلِهِ وَقِلَّةِ عَقْلِهِ أَنْ يَقُولَ مَا يُشْبِهُ كَلَامَ رَبِّ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ، الَّذِي لَا يُشْبِهُهُ شَيْءٌ مِنَ الْأَشْيَاءِ، لَا فِي ذَاتِهِ وَلَا فِي صِفَاتِهِ، وَلَا فِي أَفْعَالِهِ وَأَحْوَالِهِ، تَعَالَى اللَّهُ خَالِقُ الْأَشْيَاءِ. وَلَمَّا اشْتَهَرَ خَبَرُهُ بِأَرْضِ السَّمَاوَةِ، وَأَنَّهُ قَدِ الْتَفَّ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْغَبَاوَةِ، خَرَجَ إِلَيْهِ نَائِبُ حِمْصَ مِنْ جِهَةِ بَنِي الْإِخْشِيدِ وَهُوَ الْأَمِيرُ لُؤْلُؤٌ - بَيَّضَ اللَّهُ وَجْهَهُ - فَقَاتَلَهُ وَشَرَّدَ شَمْلَهُ، وَأَسَرَهُ وَسَجَنَهُ دَهْرًا طَوِيلًا، فَمَرِضَ فِي السِّجْنِ، وَأَشْرَفَ عَلَى التَّلَفِ، فَاسْتَحْضَرَهُ وَاسْتَتَابَهُ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ كِتَابًا اعْتَرَفَ فِيهِ بِبُطْلَانِ
পৃষ্ঠা - ৯৪১২
مَا ادَّعَاهُ، وَأَنَّهُ قَدْ تَابَ مِنْ ذَلِكَ، وَرَجَعَ إِلَى دِينِ الْإِسْلَامِ، وَأَطْلَقَ سَرَاحَهُ، فَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا ذُكِّرَ بِهَذَا يَجْحَدُهُ إِنْ أَمْكَنَهُ جَحْدُهُ وَإِلَّا اعْتَذَرَ مِنْهُ وَاسْتَحْيَا، وَقَدِ اشْتُهِرَ بِلَفْظَةٍ تَدُلُّ عَلَى كَذِبِهِ فِيمَا كَانَ ادَّعَاهُ مِنَ الْإِفْكِ وَالْبُهْتَانِ، وَهِيَ لَفْظَةُ " الْمُتَنَبِّي " الدَّالَّةُ عَلَى الْكَذِبِ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ يَهْجُوهُ: أَيُّ فَضْلٍ لِشَاعِرٍ يَطْلُبُ الْفَضْ ... لَ مِنَ النَّاسِ بُكْرَةً وَعَشِيَّا عَاشَ حِينًا يَبِيعُ فِي الْكُوفَةِ الْمَا ... ءَ وَحِينًا يَبِيعُ مَاءَ الْمُحَيَّا وَلِلْمُتَنَبِّي دِيوَانٌ مَشْهُورٌ فِي الشِّعْرِ، فِيهِ أَشْعَارٌ رَائِقَةٌ وَمَعَانٍ لَيْسَتْ بِمَسْبُوقَةٍ، بَلْ مُبْتَكَرَةٌ سَابِقَةٌ، وَهُوَ فِي الشُّعَرَاءِ الْمُحْدَثِينَ كَامْرِئِ الْقَيْسِ فِي الشُّعَرَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ - وَهُوَ عِنْدِي بِخَطِّ يَدِهِ - فِيمَا ذَكَرَ مَنْ لَهُ خِبْرَةٌ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ، مَعَ تَقَدُّمِ أَمْرِهِ. وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو الْفَرَجِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي " مُنْتَظَمِهِ " قِطَعًا رَائِقَةً اسْتَحْسَنَهَا مِنْ دِيوَانِهِ، وَكَذَلِكَ الْحَافِظُ الْكَبِيرُ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ عَسَاكِرَ شَيْخُ إِقْلِيمِهِ وَحَافِظُ زَمَانِهِ. فَمِمَّا اسْتَمْلَحَهُ أُسْتَاذُ الْوُعَّاظِ الشَّيْخُ أَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ قَوْلُ الْمُتَنَبِّي: عَزِيزُ أَسًى مَنْ دَاؤُهُ الْحَدَقُ النُّجْلُ ... عَيَاءٌ بِهِ مَاتَ الْمُحِبُّونَ مِنْ قَبْلُ فَمَنْ شَاءَ فَلْيَنْظُرْ إِلَيَّ فَمَنْظَرِي ... نَذِيرٌ إِلَى مَنْ ظَنَّ أَنَّ الْهَوَى سَهْلُ
পৃষ্ঠা - ৯৪১৩
جَرَى حُبُّهَا مَجْرَى دَمِي فِي مَفَاصِلِي فَأَصْبَحَ لِي عَنْ كُلِّ شُغْلٍ بِهَا شُغْلُ ... وَمِنْ جَسَدِي لَمْ يَتْرُكِ السُّقْمُ شَعْرَةً فَمَا فَوْقَهَا إِلَّا وَفِيهِ لَهُ فِعْلُ ... كَأَنَّ رَقِيبًا مِنْكَ سَدَّ مَسَامِعِي عَنِ الْعَذْلِ حَتَّى لَيْسَ يَدْخُلُهَا الْعَذْلُ ... كَأَنَّ سُهَادَ اللَّيْلِ يَعْشَقُ مُقْلَتِي فَبَيْنَهُمَا فِي كُلِّ هَجْرٍ لَنَا وَصْلُ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: كَشَفَتْ ثَلَاثَ ذَوَائِبٍ مِنْ شَعْرِهَا ... فِي لَيْلَةٍ فَأَرَتْ لَيَالِيَ أَرْبَعَا وَاسْتَقْبَلَتْ قَمَرَ السَّمَاءِ بِوَجْهِهَا ... فَأَرَتْنِيَ الْقَمَرَيْنِ فِي وَقْتٍ مَعَا وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: مَا نَالَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ كُلُّهُمْ ... شِعْرِي وَلَا سَمِعَتْ بِسِحْرِيَ بَابِلُ وَإِذَا أَتَتْكَ مَذَمَّتِي مِنْ نَاقِصٍ ... فَهِيَ الشَّهَادَةُ لِي بِأَنِّيَ فَاضِلُ مَنْ لِي بِفَهْمِ أُهِيلِ عَصْرٍ يَدَّعِي ... أَنْ يَحْسُبَ الْهِنْدِيَّ مِنْهُمْ بَاقِلُ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: وَمِنْ نَكَدِ الدُّنْيَا عَلَى الْحُرِّ أَنْ يَرَى ... عَدُوًّا لَهُ مَا مِنْ صَدَاقَتِهِ بُدُّ وَقَوْلُهُ:
পৃষ্ঠা - ৯৪১৪
وَإِذَا كَانَتِ النُّفُوسُ كِبَارًا ... تَعِبَتْ فِي مُرَادِهَا الْأَجْسَامُ وَقَوْلُهُ: وَمَنْ صَحِبَ الدُّنْيَا طَوِيلًا تَقَلَّبَتْ ... عَلَى عَيْنِهِ حَتَّى يَرَى صِدْقَهَا كِذْبَا وَلَهُ أَيْضًا: خُذْ مَا تَرَاهُ وَدَعْ شَيْئًا سَمِعْتَ بِهِ ... فِي طَلْعَةِ الشَّمْسِ مَا يُغْنِيكَ عَنْ زُحَلِ وَلَهُ فِي مَدْحِ بَعْضِ الْمُلُوكِ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَمْنَحُ مِنْهُمُ الْعَطَاءُ: تَمْضِي الْمَوَاكِبُ وَالْأَبْصَارُ شَاخِصَةٌ ... مِنْهَا إِلَى الْمَلِكِ الْمَيْمُونِ طَائِرُهُ قَدْ حِرْنَ فِي بِشْرٍ فِي تَاجِهِ قَمَرُ ... فِي دِرْعِهِ أَسَدٌ تَدْمَى أَظَافِرُهُ حُلْوٍ خَلَائِقُهُ شُوسٍ حَقَائِقُهُ ... يُحْصَى الْحَصَى قَبْلَ أَنْ تُحْصَى مَآثِرُهُ وَمِنْهَا قَوْلُهُ: يَا مَنْ أَلُوذُ بِهِ فِيمَا أُؤَمِّلُهُ ... وَمَنْ أَعُوذُ بِهِ مِمَّا أُحَاذِرُهُ لَا يَجْبُرُ النَّاسُ عَظْمًا أَنْتَ كَاسَرُهُ ... وَلَا يَهِيضُونَ عَظْمًا أَنْتَ جَابِرُهُ وَقَدْ بَلَغَنِي عَنْ شَيْخِنَا الْعَلَّامَةِ أَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنِ تَيْمِيَّةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ
পৃষ্ঠা - ৯৪১৫
كَانَ يُنْكِرُ عَلَى الْمُتَنَبِّي هَذِهِ الْمُبَالَغَةَ، وَيَقُولُ: إِنَّمَا يَصْلُحُ هَذَا لِجَنَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَأَخْبَرَنِي الْعَلَّامَةُ شَمْسُ الدِّينِ بْنُ الْقَيِّمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ سَمِعَ الشَّيْخَ يَقُولُ: رُبَّمَا قُلْتُ هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ فِي السُّجُودِ. وَمِمَّا أَوْرَدَهُ الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ عَسَاكِرَ مِنْ شِعْرِ الْمُتَنَبِّي فِي تَرْجَمَتِهِ قَوْلُهُ: وَبِعَيْنِ مُفْتَقِرٍ إِلَيْكَ رَأَيْتَنِي ... فَهَجَرْتَنِي وَنَزَلْتَ بِي مِنْ حَالِقِ لَسْتَ الْمَلُومَ أَنَا الْمَلُومُ لِأَنَّنِي ... أَنْزَلْتُ حَاجَاتِي بِغَيْرِ الْخَالِقِ قَالَ الْقَاضِي ابْنُ خَلِّكَانَ: وَهَذَانِ الْبَيْتَانِ لَيْسَا فِي دِيوَانِهِ، وَقَدْ عَزَاهُمَا الْحَافِظُ الْكِنْدِيُّ إِلَيْهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ. وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: إِذَا غَامَرْتَ فِي شَرَفٍ مَرُومٍ ... فَلَا تَقْنَعْ بِمَا دُونَ النُّجُومِ
পৃষ্ঠা - ৯৪১৬
فَطَعْمُ الْمَوْتِ فِي أَمْرٍ حَقِيرٍ ... كَطَعْمِ الْمَوْتِ فِي أَمْرٍ عَظِيمِ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: وَمَا أَنَا بِالْبَاغِي عَلَى الْحُبِّ رِشْوَةً ... قَبِيحٌ هَوًى يُرْجَى عَلَيْهِ ثَوَابُ إِذَا نِلْتُ مِنْكَ الْوُدَّ فَالْمَالُ هَيِّنٌ ... وَكُلُّ الَّذِي فَوْقَ التُّرَابِ تُرَابُ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ وُلِدَ بِالْكُوفَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَأَنَّهُ قُتِلَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ. قَالَ ابْنَ خَلِّكَانَ: وَقَدْ فَارَقَ سَيْفَ الدَّوْلَةِ بْنَ حَمْدَانَ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ ; لَمَّا كَانَ مِنَ ابْنِ خَالَوَيْهِ مَا كَانَ مِنْ ضَرْبِهِ إِيَّاهُ بِمِفْتَاحٍ فِي وَجْهِهِ فَأَدْمَاهُ، فَصَارَ إِلَى مِصْرَ، فَامْتَدَحَ كَافُورًا الْإِخْشِيدِيَّ، وَأَقَامَ عِنْدَهُ أَرْبَعَ سِنِينَ، وَكَانَ الْمُتَنَبِّي يَرْكَبُ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ مَمَالِيكِهِ، فَتَوَهَّمَ مِنْهُ كَافُورٌ فَجْأَةً، فَخَافَ مِنْهُ الْمُتَنَبِّي فَهَرَبَ، فَأَرْسَلَ فِي إِثْرِهِ فَأَعْجَزَهُ، فَقِيلَ لِكَافُورٍ: مَا قِيمَةُ هَذَا حَتَّى تَتَوَهَّمَ مِنْهُ؟ فَقَالَ: هَذَا رَجُلٌ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ نَبِيًّا بَعْدَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَفَلَا يَرُومُ أَنْ يَكُونَ مَلِكًا بِدِيَارِ مِصْرَ؟ ثُمَّ صَارَ الْمُتَنَبِّي إِلَى عَضُدِ الدَّوْلَةِ، فَامْتَدَحَهُ فَأَعْطَاهُ مَالًا كَثِيرًا، ثُمَّ رَجَعَ مِنْ عِنْدِهِ، فَعَرَضَ لَهُ فَاتَكُ بْنُ أَبِي الْجَهْلِ الْأَسَدِيُّ، فَقَتَلَهُ وَابْنَهُ مُحَسَّدًا وَغُلَامَهُ
পৃষ্ঠা - ৯৪১৭
مُفْلِحًا يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ لَسِتٍّ بَقِينَ مِنْ رَمَضَانَ، وَقِيلَ: لِلَيْلَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنْ رَمَضَانَ. وَقِيلَ: يَوْمَ الِاثْنَيْنِ لِثَمَانٍ - وَقِيلَ: لِخَمْسٍ - بَقِينَ مِنْهُ. وَذَلِكَ بِسَوَادِ بَغْدَادَ. وَقَدْ رَثَاهُ الشُّعَرَاءُ، وَقَدْ شَرَحَ دِيوَانَهُ الْعُلَمَاءُ بِالشِّعْرِ وَاللُّغَةِ نَحْوًا مِنْ سِتِّينَ شَرْحًا وَجِيزًا وَبَسِيطًا. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنَ الْأَعْيَانِ أَيْضًا: أَبُو حَاتِمٍ الْبُسْتِيُّ بْنُ حِبَّانَ، صَاحِبُ الصَّحِيحِ. مُحَمَّدُ بْنُ حِبَّانَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حِبَّانَ بْنِ مُعَاذِ بْنِ مَعْبَدٍ أَبُو حَاتِمٍ الْبُسْتِيُّ صَاحِبُ " الْأَنْوَاعِ وَالتَّقَاسِيمِ "، وَأَحَدُ الْحُفَّاظِ الْكِبَارِ الْمُصَنِّفِينَ الْمُجْتَهِدِينَ، رَحَلَ إِلَى الْبُلْدَانِ وَسَمِعَ الْكَثِيرَ مِنَ الْمَشَايِخِ، ثُمَّ وَلِيَ قَضَاءَ بَلَدِهِ، وَمَاتَ بِهَا فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَقَدْ حَاوَلَ بَعْضُهُمُ الْكَلَامَ فِيهِ مِنْ جِهَةِ مُعْتَقَدِهِ، وَنَسَبَهُ إِلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ النُّبُوَّةَ مُكْتَسَبَةٌ، وَهِيَ نَزْعَةٌ فَلْسَفِيَّةٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِصِحَّتِهَا عَنْهُ. وَقَدْ ذَكَرْتُهُ فِي " طَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ ". مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مِقْسَمٍ، أَبُو بَكْرِ بْنُ مِقْسَمٍ الْعَطَّارُ الْمُقْرِئُ، وُلِدَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ، وَسَمِعَ الْكَثِيرَ مِنَ