আল বিদায়া ওয়া আন্নিহায়া

পৃষ্ঠা - ৯২১৩
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثِنْتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا قَصَدَ مَلِكُ الرُّومِ مَلَطْيَةَ فِي خَمْسِينَ أَلْفًا، فَحَاصَرَهَا، ثُمَّ أَعْطَاهُمُ الْأَمَانَ حَتَّى تَمَكَّنَ مِنْهُمْ، فَقَتَلَ خَلْقًا كَثِيرًا، وَأَسَرَ مَا لَا يُحْصَوْنَ كَثْرَةً، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. وَفِيهَا وَرَدَتِ الْأَخْبَارُ بِأَنَّ مَرْدَاوِيجَ قَدْ تَسَلَّمَ أَصْبَهَانَ وَانْتَزَعَهَا مِنْ عَلِيِّ بْنِ بُوَيْهِ، وَأَنَّ عَلِيَّ بْنَ بُوَيْهِ تَوَجَّهَ إِلَى أَرَّجَانَ فَأَخَذَهَا، وَقَدْ أَرْسَلَ ابْنُ بُوَيْهِ إِلَى الْحَضْرَةِ الْخَلِيفِيَّةِ بِالطَّاعَةِ وَالْمَعُونَةِ، وَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يُقَبِّلَ الْعَتَبَةَ الشَّرِيفَةَ وَيَحْضُرَ بَيْنَ يَدَيِ الْخَلِيفَةِ إِنْ رَسَمَ، أَوْ يَذْهَبَ إِلَى شِيرَازَ فَيَكُونَ مَعَ يَاقُوتَ. ثُمَّ اتَّفَقَ الْحَالُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ صَارَ إِلَى شِيرَازَ وَأَخَذَهَا مِنْ نَائِبِهَا يَاقُوتَ بَعْدَ قِتَالٍ عَظِيمٍ ظَفِرَ فِيهِ ابْنُ بُوَيْهِ بِيَاقُوتَ وَأَصْحَابِهِ، فَقَتَلَ مِنْهُمْ خَلْقًا، وَأَسَرَ جَمَاعَةً، فَلَمَّا تَمَكَّنَ أَطْلَقَهُمْ، وَأَحْسَنَ إِلَيْهِمْ، وَخَلَعَ عَلَيْهِمْ، وَعَدَلَ فِي النَّاسِ. وَكَانَتْ مَعَهُ أَمْوَالٌ كَثِيرَةٌ قَدِ اسْتَفَادَهَا مِنْ أَصْبَهَانَ وَقَبْلَهَا مِنَ الْكَرَجِ وَمِنْ هَمَذَانَ وَغَيْرِهَا. إِلَّا أَنَّهُ كَانَ كَرِيمًا جَوَادًا مِعْطَاءً لِلْجُيُوشِ الَّذِينَ قَدِ الْتَفُّوا عَلَيْهِ، ثُمَّ
পৃষ্ঠা - ৯২১৪
إِنَّهُ أَمْلَقَ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ وَهُوَ بِشِيرَازَ، وَطَالَبَهُ الْجُنْدُ بِأَرْزَاقِهِمْ، وَخَافَ أَنْ يَنْحَلَّ نِظَامُ أَمْرِهِ، فَاسْتَلْقَى يَوْمًا عَلَى قَفَاهُ مُفَكِّرًا فِي أَمْرِهِ، وَإِذَا حَيَّةٌ قَدْ خَرَجَتْ مِنْ سَقْفِ الْمَكَانِ الَّذِي هُوَ فِيهِ، وَدَخَلَتْ فِي آخَرَ، فَأَمَرَ بِنَزْعِ تِلْكَ السُّقُوفِ، فَوَجَدَ هُنَاكَ مَكَانًا فِيهِ مِنَ الذَّهَبِ شَيْءٌ كَثِيرٌ جِدًّا نَحْوٌ مِنْ خَمْسِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، فَأَنْفَقَ فِي جَيْشِهِ مَا أَرَادَ، وَبَقِيَ عِنْدَهُ شَيْءٌ كَثِيرٌ. وَرَكِبَ ذَاتَ يَوْمٍ يَتَفَرَّجُ فِي خَرَابِ الْبَلَدِ، وَيَنْظُرُ إِلَى أَبْنِيَةِ الْأَوَائِلِ، وَيَتَّعِظُ بِمَنْ كَانَ قَبْلَهُ، فَانْخَسَفَتِ الْأَرْضُ مِنْ تَحْتِ قَائِمَةِ جَوَادِهِ، فَأَمَرَ فَحُفِرَ هُنَالِكَ فَوَجَدَ مِنَ الْأَمْوَالِ شَيْئًا كَثِيرًا أَيْضًا. وَاسْتَعْمَلَ عِنْدَ رَجُلٍ خَيَّاطٍ قُمَاشًا لِيَلْبَسَهُ، فَاسْتَبْطَأَهُ فَأَمَرَ بِإِحْضَارِهِ، فَلَمَّا وَقَفَ بَيْنَ يَدَيْهِ تَهَدَّدَهُ، وَكَانَ الرَّجُلُ أَصَمَّ لَا يَسْمَعُ جَيِّدًا، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا لِابْنِ يَاقُوتَ عِنْدِي سِوَى اثْنَيْ عَشَرَ صُنْدُوقًا، لَا أَدْرِي مَا فِيهَا. فَأَمَرَ بِإِحْضَارِهَا فَإِذَا فِيهَا أَمْوَالٌ عَظِيمَةٌ تُقَارِبُ ثَلَاثَمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ. وَاطَّلَعَ عَلَى وَدَائِعَ كَانَتْ لِيَعْقُوبَ وَعَمْرٍو ابْنَيِ اللَّيْثِ، فِيهَا مِنَ الْأَمْوَالِ مَا لَا يُحَدُّ وَلَا يُوصَفُ كَثْرَةً، فَقَوِيَ أَمْرُهُ، وَعَظُمَ سُلْطَانُهُ جِدًّا، وَهَذَا كُلُّهُ مِنَ الْأُمُورِ الْمُقَدَّرَةِ لِمَا يُرِيدُهُ اللَّهُ بِهِمْ مِنَ السَّعَادَةِ الدُّنْيَوِيَّةِ. {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ} [القصص: 68] وَ {لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} [الروم: 4] . وَكَتَبَ إِلَى الرَّاضِي وَوَزِيرِهِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ مُقْلَةَ يَطْلُبُ أَنْ يُقَاطَعَ عَلَى مَا قِبَلَهُ مِنَ الْبِلَادِ عَلَى أَلْفِ أَلْفٍ فِي كُلِّ سَنَةٍ، فَأَجَابَهُ الرَّاضِي إِلَى ذَلِكَ، وَبَعَثَ إِلَيْهِ بِالْخِلَعِ
পৃষ্ঠা - ৯২১৫
وَاللِّوَاءِ وَأُبَّهَةِ الْمُلْكِ. وَفِيهَا قَتَلَ الْقَاهِرُ بِاللَّهِ أَمِيرَيْنِ كَبِيرَيْنِ ; وَهَمَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ النُّوبَخْتِيُّ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ قَدْ أَشَارَ عَلَى الْأُمَرَاءِ بِخِلَافَةِ الْقَاهِرِ، وَأَبُو السَّرَايَا بْنُ حَمْدَانَ أَصْغَرُ وَلَدِ أَبِيهِ، وَكَانَ فِي نَفْسِ الْقَاهِرِ مِنْهُمَا ; بِسَبَبِ أَنَّهُمَا زَايَدَاهُ مَرَّةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَلِيَ الْخِلَافَةَ فِي جَارِيَتَيْنِ مُغَنِّيَتَيْنِ، فَاسْتَدْعَاهُمَا إِلَى الْمُسَامَرَةِ فَتَطَيَّبَا وَحَضَرَا، فَأَمَرَ بِإِلْقَائِهِمَا فِي بِئْرٍ هُنَالِكَ، فَتَضَرَّعَا إِلَيْهِ فَلَمْ يَرْحَمْهُمَا، بَلْ أُلْقِيَا فِيهَا، وَطَيَّنَهَا عَلَيْهِمَا. ذِكْرُ خَلْعِ الْقَاهِرِ وَسَمْلِ عَيْنَيْهِ وَكَانَ سَبَبَ ذَلِكَ أَنَّ الْوَزِيرَ أَبَا عَلِيِّ بْنِ مُقْلَةَ كَانَ قَدْ هَرَبَ مِنَ الْقَاهِرِ حِينَ قَبَضَ عَلَى مُؤْنِسٍ الْخَادِمِ، وَاخْتَفَى فِي دَارِهِ، وَكَانَ يُرَاسِلُ الْجُنْدَ وَيُكَاتِبُهُمْ وَيُغْرِيهِمْ بِالْقَاهِرِ، وَيُخَوِّفُهُمْ سَطْوَتَهُ وَإِقْدَامَهُ وَسُرْعَةَ بَطْشِهِ، وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ الْقَاهِرَ قَدْ أَعَدَّ لِأَكَابِرِ الْأُمَرَاءِ أَمَاكِنَ يَسْجِنُهُمْ فِيهَا، فَهَيَّجَهُمْ ذَلِكَ، وَأَشَبَهُمْ عَلَى الْقَبْضِ عَلَى الْقَاهِرِ، فَاجْتَمَعُوا، وَأَجْمَعُوا رَأْيَهُمْ عَلَى مُنَاجَزَتِهِ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ، وَرَكِبُوا مَعَ الْأَمِيرِ الْمَعْرُوفِ بِسِيمَا، وَقَصَدُوا دَارَ الْخِلَافَةِ فَأَحَاطُوا بِهَا، ثُمَّ هَجَمُوا عَلَى الْقَاهِرِ مِنْ سَائِرِ أَبْوَابِهَا، فَخَرَجَ الْوَزِيرُ الْخَصِيبِيُّ مُسْتَتِرًا فِي زِيِّ امْرَأَةٍ، وَانْهَزَمَ الْقَاهِرُ وَهُوَ مَخْمُورٌ، فَاخْتَفَى فِي سَطْحِ حَمَّامٍ، فَظَهَرُوا عَلَيْهِ فَقَبَضُوهُ وَحَبَسُوهُ فِي مَكَانِ طَرِيفٍ السُّبْكَرِيِّ، وَأَخْرَجُوا طَرِيفًا، وَاضْطَرَبَتْ بَغْدَادُ وَنُهِبَتْ، وَذَلِكَ يَوْمَ
পৃষ্ঠা - ৯২১৬
السَّبْتِ لِثَلَاثٍ خَلَوْنَ مِنْ جُمَادَى الْأُولَى مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، ثُمَّ أَحْضَرُوهُ، فَسَمَلُوا عَيْنَيْهِ حَتَّى سَالَتَا عَلَى خَدَّيْهِ، وَارْتُكِبَ مِنْهُ أَمْرٌ عَظِيمٌ لَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِهِ فِي الْإِسْلَامِ، ثُمَّ أَرْسَلُوهُ، فَكَانَ تَارَةً يُحْبَسُ، وَتَارَةً يُخَلَّى سَبِيلُهُ، وَقَدْ تَأَخَّرَ مَوْتُهُ إِلَى سَنَةِ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَافْتَقَرَ حَتَّى قَامَ يَوْمًا بِجَامِعِ الْمَنْصُورِ، فَسَأَلَ فَأَعْطَاهُ رَجُلٌ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ بِهَذَا الصَّنِيعِ التَّشْنِيعَ عَلَى الْمُسْتَكْفِي بِاللَّهِ فَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَسَتَأْتِي تَرْجَمَتُهُ إِذَا ذَكَرْنَا وَفَاتَهُ. خِلَافَةُ الرَّاضِي بِاللَّهِ أَبِي الْعَبَّاسِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُقْتَدِرِ بِاللَّهِ لَمَّا خَلَعَتِ الْجُنْدُ الْقَاهِرَ وَسَمَلُوهُ، أَحْضَرُوا أَبَا الْعَبَّاسِ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُقْتَدِرِ بِاللَّهِ، فَبَايَعُوهُ عَلَى الْخِلَافَةِ، وَلَقَّبُوهُ الرَّاضِي بِاللَّهِ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ الصُّولِيُّ قَدْ أَشَارَ بِأَنْ يُلَقَّبَ بِالْمَرْضِيِّ بِاللَّهِ، فَلَمْ يَقْبَلْ وَعَدَلَ إِلَى هَذَا اللَّقَبِ، وَذَلِكَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ لَسِتٍّ خَلَوْنَ مِنْ جُمَادَى الْأُولَى مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ - أَعْنِي سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ - وَجَاءُوا بِالْقَاهِرِ وَهُوَ أَعْمَى قَدْ سُمِلَتْ عَيْنَاهُ، فَأُوقِفَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ بِالْخِلَافَةِ، وَسَلَّمَهَا إِلَيْهِ، فَقَامَ الرَّاضِي بِأَعْبَائِهَا، وَكَانَ مِنْ خِيَارِ الْخُلَفَاءِ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ، وَأَمَرَ بِإِحْضَارِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ مُقْلَةَ، فَوَلَّاهُ الْوِزَارَةَ، وَجَعَلَ عَلِيَّ بْنَ عِيسَى
পৃষ্ঠা - ৯২১৭
نَاظِرًا عَلَيْهِ، وَأَطْلَقَ كُلَّ مَنْ كَانَ فِي حَبْسِ الْقَاهِرِ، وَاسْتَدْعَى عِيسَى طَبِيبَ الْقَاهِرِ، فَصَادَرَهُ بِمِائَتَيْ أَلْفِ دِينَارٍ، وَتَسَلَّمَ مِنْهُ الْوَدِيعَةَ الَّتِي كَانَ الْقَاهِرُ أَوْدَعَهَا عِنْدَهُ، وَكَانَتْ جُمْلَةً مُسْتَكْثِرَةً مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالنَّفَائِسِ. وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ عَظُمَ أَمْرُ مَرْدَاوِيجَ بِأَصْبَهَانَ، وَتَحَدَّثَ النَّاسُ أَنَّهُ يُرِيدُ قَصْدَ بَغْدَادَ وَأَنَّهُ مُمَالِئٌ لِصَاحِبِ الْبَحْرَيْنِ وَقَدِ اتَّفَقَا عَلَى رَدِّ الدَّوْلَةِ مِنَ الْعَرَبِ إِلَى الْعَجَمِ، وَأَسَاءَ السِّيرَةَ فِي رَعِيَّتِهِ، لَا سِيَّمَا فِي خَوَاصِّهِ مِنَ الْأَتْرَاكِ، فَتَمَالَئُوا عَلَى قَتْلِهِ فَقَتَلُوهُ - قَبَّحَهُ اللَّهُ - وَكَانَ الْقَائِمُ بِأَعْبَاءِ ذَلِكَ أَخَصَّ مَمَالِيكِهِ وَأَحْظَاهُمْ عِنْدَهُ، وَهُوَ بَجْكَمُ - بَيَّضَ اللَّهُ وَجْهَهُ - وَهَذَا الْأَمِيرُ هُوَ الَّذِي اسْتَنْقَذَ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ مِنْ أَيْدِي الْقَرَامِطَةِ، وَافْتَدَاهُ مِنْهُمْ بِخَمْسِينَ أَلْفِ دِينَارٍ، بَذَلَهَا لَهُمْ حَتَّى رَدُّوهُ إِلَى مَكَّةَ كَمَا سَيَأْتِي. وَلَمَّا قُتِلَ مَرْدَاوِيجُ بْنُ زَيَّارٍ الدَّيْلَمِيُّ، عَظُمَ أَمْرُ عَلِيِّ بْنِ بُوَيْهِ، وَارْتَفَعَ قَدْرُهُ بَيْنَ النَّاسِ، وَعَلَا شَأْنُهُ فِي الْمُلُوكِ، وَسَيَأْتِي مَا آلَ إِلَيْهِ حَالُهُ. وَلَمَّا خُلِعَ الْقَاهِرُ وَوَلِّيَ الرَّاضِي، طَمِعَ هَارُونُ بْنُ غَرِيبٍ فِي الْخِلَافَةِ ; لِكَوْنِهِ ابْنَ خَالِ الْمُقْتَدِرِ، وَكَانَ نَائِبًا عَلَى مَاهِ الْكُوفَةِ الدِّينَوَرِ وَمَاسَبَذَانَ، فَدَعَا إِلَى ذَلِكَ وَاتَّبَعَهُ خَلْقٌ مِنَ الْجُنْدِ وَالْأُمَرَاءِ، وَجَبَى الْأَمْوَالَ، وَاسْتَفْحَلَ أَمْرُهُ، وَقَوِيَتْ شَوْكَتُهُ، وَقَصَدَ بَغْدَادَ فَخَرَجَ إِلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَاقُوتَ رَأْسُ الْحَجَبَةِ فِي جَمِيعِ جَيْشِ بَغْدَادَ فَاقْتَتَلُوا هُنَالِكَ، فَخَرَجَ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ هَارُونُ بْنُ غَرِيبٍ يَتَقَصَّدُ
পৃষ্ঠা - ৯২১৮
لَعَلَّهُ يَعْمَلُ حِيلَةً فِي أَسْرِ مُحَمَّدِ بْنِ يَاقُوتَ، فَتَقَنْطَرَ بِهِ فَرَسُهُ، فَسَقَطَ فِي نَهْرٍ، فَضَرَبَهُ غُلَامٌ لَهُ حَتَّى قَتَلَهُ، وَأَخَذَ رَأْسَهُ، وَجَاءَ بِهِ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ يَاقُوتَ، فَانْهَزَمَ أَصْحَابُ هَارُونَ، وَرَجَعَ مُحَمَّدُ بْنُ يَاقُوتَ، فَدَخَلَ بَغْدَادَ وَرَأْسُ هَارُونَ بْنِ غَرِيبٍ يُحْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى رُمْحٍ، فَفَرِحَ النَّاسُ بِذَلِكَ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا. وَفِيهَا ظَهَرَ رَجُلٌ بِبَغْدَادَ يُعَرَفُ بِأَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الشَّلْمَغَانِيِّ، وَيُقَالُ لَهُ: ابْنُ أَبِي الْعَزَاقِرِ. فَذُكِرَ عَنْهُ أَنَّهُ يَدَّعِي مَا كَانَ يَدَّعِيهِ الْحَلَّاجُ مِنَ الْإِلَهِيَّةِ، وَكَانَ قَدْ مُسِكَ فِي دَوْلَةِ الْمُقْتَدِرِ عِنْدَ حَامِدِ بْنِ الْعَبَّاسِ، وَاتُّهِمَ بِأَنَّهُ يَقُولُ بِالتَّنَاسُخِ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ. وَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الْمَرَّةُ أَحْضَرَهُ الرَّاضِي، وَادَّعَى عَلَيْهِ بِمَا ذُكِرَ عَنْهُ، فَأَنْكَرَ، ثُمَّ أَقَرَّ بِأَشْيَاءَ، فَأَفْتَى قَوْمٌ أَنَّ دَمَهُ حَلَالٌ إِلَّا أَنْ يَتُوبَ مِنْ هَذِهِ الْمَقَالَةِ، فَضُرِبَ ثَمَانِينَ سَوْطًا، ثُمَّ ضُرِبَتْ عُنُقُهُ وَصُلِبَ، وَأُلْحِقَ بِالْحَلَّاجِ - قَبَّحَهُمَا اللَّهُ - وَقُتِلَ مَعَهُ صَاحِبُهُ ابْنُ أَبِي عَوْنٍ لَعَنَهُ اللَّهُ، وَكَانَ هَذَا اللَّعِينُ مِنْ جُمْلَةِ طَائِفَةٍ قَدِ اتَّبَعُوهُ وَصَدَّقُوهُ فِيمَا يَزْعُمُهُ مِنَ الْكُفْرِ، لَعَنَهُمُ اللَّهُ. وَقَدْ بَسَطَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي " كَامِلِهِ " مَذْهَبَ هَؤُلَاءِ الْكَفَرَةِ بَسْطًا جَيِّدًا، وَشَبَّهَ مَذْهَبَهُمْ بِمَذْهَبِ النَّصِيرِيَّةِ، لَعَنَهُمَا اللَّهُ أَجْمَعِينَ. وَادَّعَى رَجُلٌ بِبِلَادِ الشَّاشِ النُّبُوَّةَ، وَأَظْهَرَ مَخَارِيقَ وَأَشْيَاءَ كَثِيرَةً مِنَ الْحِيَلِ،
পৃষ্ঠা - ৯২১৯
فَجَاءَتْهُ الْجُيُوشُ فَقَاتَلُوهُ، فَقَتَلُوهُ، وَانْطَفَأَ خَبَرُهُ وَاضْمَحَلَّ أَمْرُهُ. وَفَاةُ الْمَهْدِيِّ صَاحِبِ إِفْرِيقِيَّةَ، أَوَّلُ خُلَفَاءِ الْفَاطِمِيِّينَ فِيمَا زَعَمُوا وَفِيهَا مَاتَ أَبُو مُحَمَّدٍ عُبَيْدُ اللَّهِ، الْمُدَّعِي أَنَّهُ عَلَوِيٌّ - الْمُلَقَّبُ بِالْمَهْدِيِّ - بَانِي الْمَهْدِيَّةِ بِمَدِينَتِهِ الْمَهْدِيَّةِ عَنْ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً، وَكَانَتْ وِلَايَتُهُ، مُنْذُ دَخَلَ رَقَّادَةَ وَادَّعَى الْإِمَامَةَ، أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ سَنَةً وَشَهْرًا وَعِشْرِينَ يَوْمًا، وَهُوَ أَوَّلُ الْخُلَفَاءِ الْفَاطِمِيِّينَ. وَقَدْ كَانَ شَهْمًا شُجَاعًا، ظَفِرَ بِجَمَاعَةٍ مِمَّنْ خَالَفَهُ وَنَاوَأَهُ وَقَاتَلَهُ وَعَادَاهُ، وَقَدْ قَامَ بِأَمْرِ الْخِلَافَةِ مِنْ بَعْدِهِ وَلَدُهُ أَبُو الْقَاسِمِ الْمُلَقَّبُ بِالْخَلِيفَةِ الْقَائِمِ بِأَمْرِ اللَّهِ وَحِينَ تُوُفِّيَ أَبُوهُ، كَتَمَ مَوْتَهُ سَنَةً حَتَّى دَبَّرَ مَا أَرَادَهُ مِنَ الْأُمُورِ، ثُمَّ أَظْهَرَ ذَلِكَ، وَعَزَّاهُ النَّاسُ فِيهِ، وَقَدْ كَانَ شَهْمًا شُجَاعًا كَأَبِيهِ، فَتَحَ الْبِلَادَ، وَأَرْسَلَ السَّرَايَا إِلَى بِلَادِ الرُّومِ، وَرَامَ أَخْذَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، فَلَمْ يَتَّفِقْ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا جَرَى ذَلِكَ عَلَى يَدَيِ ابْنِ ابْنِهِ الْمُعِزِّ الْفَاطِمِيِّ الَّذِي بَنَى الْقَاهِرَةَ الْمُعِزِّيَةَ، كَمَا سَنَذْكُرُهُ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
পৃষ্ঠা - ৯২২০
قَالَ الْقَاضِي ابْنُ خَلِّكَانَ فِي " الْوَفَيَاتِ ": وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي نَسَبِ الْمَهْدِيِّ هَذَا اخْتِلَافًا كَثِيرًا جِدًّا ; فَقَالَ صَاحِبُ " تَارِيخِ الْقَيْرَوَانِ ": هُوَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ التَّقِيِّ، وَهُوَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْوَفِيِّ، أَحْمَدَ بْنِ الرَّضِيِّ عَبْدِ اللَّهِ، وَهَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ يُقَالُ لَهُمُ: الْمَسْتُورُونَ ; لِخَوْفِهِمْ مِنْ خُلَفَاءِ بَنِي الْعَبَّاسِ، وَالرَّضِيُّ عَبْدُ اللَّهِ هَذَا هُوَ ابْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ فِي نَسَبِهِ. قَالَ الْقَاضِي ابْنُ خَلِّكَانَ: وَالْمُحَقِّقُونَ يُنْكِرُونَ دَعْوَاهُ فِي النَّسَبِ. قُلْتُ: قَدْ كَتَبَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ، مِنْهُمُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيُّ وَالْقَاضِي الْبَاقِلَّانِيُّ، وَالْقُدُورِيُّ أَنَّ هَؤُلَاءِ أَدْعِيَاءُ، لَيْسَ لَهُمْ نَسَبٌ صَحِيحٌ فِيمَا يَزْعُمُونَهُ، وَأَنَّ وَالِدَ عُبَيْدِ اللَّهِ هَذَا كَانَ يَهُودِيًّا صَبَّاغًا بِسَلَمْيَةَ، وَقِيلَ: كَانَ اسْمُهُ سَعِيدًا، وَإِنَّمَا لُقِّبَ بِعُبَيْدِ اللَّهِ. وَكَانَ زَوْجُ أُمِّهِ الْحُسَيْنَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَيْمُونٍ الْقَدَّاحَ، وَسُمِّي الْقَدَّاحَ ; لِأَنَّهُ كَانَ كَحَّالًا يَقْدَحُ الْعُيُونَ، وَكَانَ الَّذِي وَطَّأَ لَهُ الْأَمْرَ بِتِلْكَ الْبِلَادِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الشِّيعِيُّ كَمَا قَدَّمْنَا ذَلِكَ، ثُمَّ اسْتَدْعَاهُ فَلَمَّا قَدِمَ مِنْ بِلَادِ الْمَشْرِقِ وَقَعَ فِي يَدِ صَاحِبِ سِجِلْمَاسَةَ
পৃষ্ঠা - ৯২২১
فَسَجَنَهُ، فَلَمْ يَزَلِ الشِّيعِيُّ حَتَّى اسْتَنْقَذَهُ وَسَلَّمَ إِلَيْهِ الْأَمْرَ، ثُمَّ نَدِمَ الشِّيعِيُّ وَهَمَّ بِقَتْلِهِ، فَفَطِنَ عُبَيْدُ اللَّهِ لَهُ فَقَتَلَهُ وَقَتَلَ مَعَهُ أَخَاهُ. وَيُقَالُ: إِنَّ الشِّيعِيَّ لَمَّا دَخَلَ السِّجْنَ وَجَدَ صَاحِبَ سِجِلْمَاسَةَ قَدْ قَتَلَهُ، وَوَجَدَ فِي السَّجْنِ رَجُلًا مَجْهُولًا، فَأَخْرَجَهُ لِلنَّاسِ، وَقَالَ: هَذَا هُوَ الْمَهْدِيُّ، وَرَوَّجَ بِهِ الْأَمْرَ، فَهَؤُلَاءِ مِنْ سُلَالَتِهِ. حَكَاهُ الْقَاضِي ابْنُ خَلِّكَانَ وَكَانَ مَوْلِدُ الْمُهْدِيِّ هَذَا فِي سَنَةِ سِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ، وَقِيلَ: قَبْلَهَا، وَقِيلَ: بَعْدَهَا. بِسَلَمْيَةَ، وَقِيلَ: بِالْكُوفَةِ. وَأَوَّلُ مَا دُعِيَ لَهُ عَلَى مَنَابِرِ رَقَّادَةَ وَالْقَيْرَوَانِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِتِسْعٍ بَقِينَ مِنْ رَبِيعٍ الْآخَرِ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَتَيْنِ، بَعْدَ رُجُوعِهِ مِنْ سِجِلْمَاسَةَ وَكَانَ ظُهُورُهُ بِهَا فِي ذِي الْحِجَّةِ مِنَ السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ، سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِينَ، وَزَالَتْ دَوْلَةُ بَنِي الْعَبَّاسِ مِنْ تِلْكَ النَّاحِيَةِ مِنْ هَذَا الْحِينِ إِلَى أَنْ هَلَكَ الْعَاضِدُ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَسِتِّينَ وَخَمْسِمِائَةٍ. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بِالْمَهْدِيَّةِ - الَّتِي بَنَاهَا فِي أَيَّامِهِ - لَيْلَةَ الثُّلَاثَاءِ لِلنِّصْفِ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَقَدْ جَاوَزَ السِّتِّينَ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ، وَسَيَفْصِلُ بَيْنَ الْآمِرِ وَالْمَأْمُورِ، يَوْمَ الْبَعْثِ وَالنُّشُورِ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ قَاضِي مِصْرَ، حَدَّثَ
পৃষ্ঠা - ৯২২২
عَنْ أَبِيهِ بِكُتُبِهِ الْمَشْهُورَةِ، وَتُوُفِّيَ وَهُوَ عَلَى قَضَاءِ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ. مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْقَاسِمِ أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ وَقِيلَ: اسْمُهُ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ. وَيُقَالُ: الْحَسَنُ بْنُ هَمَّامٍ. وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، أَصْلُهُ مِنْ بَغْدَادَ وَسَكَنَ مِصْرَ، وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ الرُّؤَسَاءِ وَالْوُزَرَاءِ وَالْكَتَبَةِ، وَصَحِبَ الْجُنَيْدَ، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ، وَحَفِظَ مِنْهُ كَثِيرًا، وَتَفَقَّهَ بِإِبْرَاهِيمَ الْحَرْبِيِّ، وَأَخَذَ النَّحْوَ عَنْ ثَعْلَبٍ، وَكَانَ كَثِيرَ الصَّدَقَةِ وَالْبِرِّ لِلْفُقَرَاءِ، وَكَانَ إِذَا أَعْطَى الْفَقِيرَ شَيْئًا جَعَلَهُ فِي كَفِّهِ، ثُمَّ يَتَنَاوَلُهُ الْفَقِيرُ، يُرِيدُ أَنْ لَا تَكُونَ يَدُ الْفَقِيرِ تَحْتَ يَدِهِ.
পৃষ্ঠা - ৯২২৩
وَمِنْ شِعْرِهِ: وَلَوْ مَضَى الْكُلُّ مِنِّي لَمْ يَكُنْ عَجَبًا ... وَإِنَّمَا عَجَبِي فِي الْبَعْضِ كَيْفَ بَقِي أَدْرِكْ بَقِيَّةَ رُوحٍ مَنْكَ قَدْ تَلِفَتْ ... قَبْلَ الْفِرَاقِ فَهَذَا آخِرُ الرَّمَقِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمَعْرُوفُ بِخَيْرٍ النَّسَّاجِ أَبُو الْحَسَنِ الصُّوفِيُّ مِنْ كِبَارِ الْمَشَايِخِ ذَوِي الْأَحْوَالِ الصَّالِحَةِ وَالْكَرَامَاتِ الْمَشْهُورَةِ، أَدْرَكَ سَرِيًّا السَّقَطِيَّ وَغَيْرَهُ مِنْ مَشَايِخِ الْقَوْمِ، وَعَاشَ مِائَةً وَعِشْرِينَ سَنَةً. وَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ نَظَرَ إِلَى زَاوِيَةِ الْبَيْتِ، فَقَالَ: قِفْ رَحِمَكَ اللَّهُ، فَإِنَّكَ عَبْدٌ مَأْمُورٌ، وَأَنَا عَبْدٌ مَأْمُورٌ، وَمَا أُمِرْتَ بِهِ لَا يَفُوتُ، وَمَا أُمِرْتُ بِهِ يَفُوتُ. ثُمَّ قَامَ، فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى وَتَمَدَّدَ فَمَاتَ، رَحِمَهُ اللَّهُ. وَقَدْ رَآهُ بَعْضُهُمْ فِي الْمَنَامِ فَقَالَ لَهُ: مَا فَعَلَ اللَّهُ بِكَ؟ فَقَالَ: اسْتَرَحْنَا مِنْ دُنْيَاكُمُ الْوَضِرَةِ.
পৃষ্ঠা - ৯২২৪
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا أُحْضِرَ ابْنُ شَنَبُوذَ الْمُقْرِئُ، فَأَنْكَرَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالْقُرَّاءِ عَلَيْهِ حُرُوفًا انْفَرَدَ بِهَا، فَاعْتَرَفَ بِبَعْضِهَا، وَأَنْكَرَ بَعْضَهَا، فَاسْتُتِيبَ مِنْ ذَلِكَ، وَاسْتُكْتِبَ بِخَطِّهِ بِالرُّجُوعِ عَمَّا نُقِمَ عَلَيْهِ، وَضُرِبَ سَبْعَ دُرَرٍ بِإِشَارَةِ الْوَزِيرِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ مُقْلَةَ، وَنُفِيَ إِلَى الْبَصْرَةِ أَوْ غَيْرِهَا، فَدَعَا عَلَى الْوَزِيرِ أَنْ تُقْطَعَ يَدُهُ وَيُشَتَّتَ شَمْلُهُ، فَكَانَ ذَلِكَ عَمَّا قَرِيبٍ. وَفِيهَا فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ نَادَى بَدْرٌ الْخَرْشَنِيُّ صَاحِبُ الشُّرْطَةِ فِي الْجَانِبَيْنِ مِنْ بَغْدَادَ أَنْ لَا يَجْتَمِعُ اثْنَانِ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْبَرْبَهَارِيِّ الْوَاعِظِ الْحَنْبَلِيِّ، وَحَبَسَ مِنْهُمْ جَمَاعَةً، وَاسْتَتَرَ الْبَرْبَهَارِيُّ، فَلَمْ يَظْهَرْ مُدَّةً. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي " الْمُنْتَظَمِ ": وَفِي شَهْرِ أَيَّارَ تَكَاثَفَتِ الْغُيُومُ، وَاشْتَدَّ الْحَرُّ جِدًّا، فَلَمَّا كَانَ آخِرُ يَوْمٍ مِنْهُ - وَهُوَ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ - هَبَّتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ جِدًّا، وَأَظْلَمَتْ وَاسْوَدَّتْ إِلَى بَعْدِ الْعَصْرِ،
পৃষ্ঠা - ৯২২৫
ثُمَّ خَفَّتْ، ثُمَّ عَادَتْ إِلَى بَعْدِ عَشَاءِ الْآخِرَةِ. وَفِيهَا اسْتَبْطَأَ الْأَجْنَادُ أَرْزَاقَهُمْ، فَقَصَدُوا دَارَ الْوَزِيرِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ مُقْلَةَ، فَنَقَبُوهَا وَأَخَذُوا مَا فِيهَا. وَوَقَعَ حَرِيقٌ عَظِيمٌ فِي طَرِيقِ الْبَزَّازِينَ، فَاحْتَرَقَ بِسَبَبِهِ لِلنَّاسِ شَيْءٌ كَثِيرٌ، فَعَوَّضَ عَلَيْهِمُ الرَّاضِي بِاللَّهِ بَعْضَ مَا كَانَ ذَهَبَ لَهُمْ. وَفِي رَمَضَانَ اجْتَمَعَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأُمَرَاءِ عَلَى بَيْعَةِ جَعْفَرِ بْنِ الْمُكْتَفِي وَظَهَرَ الْوَزِيرُ عَلَى أَمْرِهِمْ، فَحَبَسَ جَعْفَرًا، وَنُهِبَتْ دَارُهُ، وَحَبَسَ جَمَاعَةً مِمَّنْ كَانَ بَايَعَهُ، وَانْطَفَأَتْ نَارُهُ. وَخَرَجَ الْحُجَّاجُ فِي خُفَارَةِ الْأَمِيرِ لُؤْلُؤٍ، فَاعْتَرَضَهُمْ أَبُو طَاهِرٍ سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ الْجَنَّابِيُّ - لَعَنَهُ اللَّهُ - فَقَتَلَ أَكْثَرَهُمْ، وَرَجَعَ مَنِ انْهَزَمَ مِنْهُمْ إِلَى بَغْدَادَ وَبَطَلَ الْحَجُّ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنْ طَرِيقِ الْعِرَاقِ، وَكَانَ قَتْلُهُ لَهُمْ فِي لَيْلَةِ الْأَرْبِعَاءِ لِثِنْتَيْ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ بِعَيْنِهَا تَسَاقَطَتْ كَوَاكِبُ كَثِيرَةٌ بِبَغْدَادَ وَالْكُوفَةِ عَلَى صِفَةٍ لَمْ يُرَ مَثْلُهَا وَلَا مَا يُقَارِبُهَا. قَالَ: وَغَلَا السِّعْرُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، حَتَّى بِيعَ الْكُرُّ مِنَ الْحِنْطَةِ بِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ دِينَارًا.
পৃষ্ঠা - ৯২২৬
وَفِيهَا عَلَى الصَّحِيحِ كَانَ مَقْتَلُ مَرْدَاوِيجَ بْنِ زِيَّارَ الدَّيْلَمِيِّ، وَكَانَ قَبَّحَهُ اللَّهُ سَيِّئَ السِّيرَةِ وَالسَّرِيرَةِ، يَزْعُمُ أَنَّ رُوحَ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ حَلَّتْ فِيهِ، وَلَهُ سَرِيرٌ مِنْ ذَهَبٍ يَجْلِسُ عَلَيْهِ وَالْأَتْرَاكُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَيَزْعُمُ أَنَّهُمُ الْجِنُّ الَّذِينَ سُخِّرُوا لِسُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ، وَكَانَ يُسِيءُ الْمُعَامَلَةَ لَهُمْ، وَيَحْتَقِرُهُمْ غَايَةَ الِاحْتِقَارِ، فَمَا زَالَ ذَلِكَ دَأْبُهُ حَتَّى أَمْكَنَهُمُ اللَّهُ مِنْهُ، فَقَتَلُوهُ فِي حَمَّامٍ، وَكَانَ الَّذِي مَالَأَ عَلَى قَتْلِهِ غُلَامُهُ بَجْكَمُ التُّرْكِيُّ - جَزَاهُ اللَّهُ عَنِ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ خَيْرًا - وَكَانَ رُكْنُ الدَّوْلَةِ بْنُ بُوَيْهِ رَهِينَةً عِنْدَهُ، فَلَمَّا قُتِلَ أُطْلِقَ مِنَ السِّجْنِ وَالْقَيْدِ، فَذَهَبَ إِلَى أَخِيهِ عِمَادِ الدَّوْلَةِ، وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْأَتْرَاكِ مَعَهُ إِلَى أَخِيهِ، وَالْتَفَّتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى مَنَ الْأَتْرَاكِ عَلَى بَجْكَمَ، فَسَارَ بِهِمْ إِلَى بَغْدَادَ بِإِذْنِ الْخَلِيفَةِ لَهُ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ صُرِفُوا إِلَى الْبَصْرَةِ فَكَانُوا بِهَا. وَأَمَّا الدَّيْلَمُ فَإِنَّهُمْ بَعَثُوا إِلَى أَخِي مَرْدَاوِيجَ، وَهُوَ وُشْمَكِيرُ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِمْ تَلَقَّوْهُ إِلَى أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ حُفَاةً مُشَاةً، فَمَلَّكُوهُ عَلَيْهِمْ لِئَلَّا يَذْهَبَ مُلْكُهُمْ، فَانْتُدِبَ لِمُحَارَبَتِهِ السَّعِيدُ نَصْرُ بْنُ أَحْمَدَ السَّامَانِيُّ نَائِبُ خُرَاسَانَ وَمَا وَالَاهَا مِنْ تِلْكَ الْبِلَادِ وَالْأَقَالِيمِ، فَانْتَزَعَ مِنْهُ بُلْدَانًا هَائِلَةً. وَفِيهَا بَعَثَ الْقَائِمُ بِأَمْرِ اللَّهِ الْفَاطِمِيُّ جَيْشًا مِنْ إِفْرِيقِيَّةَ فِي الْبَحْرِ إِلَى نَاحِيَةِ الْفِرِنْجِ، فَافْتَتَحُوا مَدِينَةَ جَنَوَةَ وَغَنِمُوا غَنَائِمَ كَثِيرَةً وَثَرْوَةً، وَرَجَعُوا سَالِمِينَ غَانِمِينَ. وَفِيهَا بَعَثَ عِمَادُ الدَّوْلَةِ بْنُ بُوَيْهِ أَخَاهُ رُكْنَ الدَّوْلَةِ إِلَى أَصْبَهَانَ فَاسْتَوْلَى
পৃষ্ঠা - ৯২২৭
عَلَيْهَا وَعَلَى بِلَادِ الْجَبَلِ، وَاتَّسَعَتْ مَمْلَكَةُ عِمَادِ الدَّوْلَةِ، وَقَوِيَتْ شَوْكَتُهُ، وَعَظُمَتْ مَنْزِلَتُهُ. وَفِيهَا كَانَ غَلَاءٌ شَدِيدٌ بِخُرَاسَانَ، وَفِنَاءٌ كَثِيرٌ، بِحَيْثُ كَانَ يَهُمُّهُمْ أَمْرُ دَفْنِ الْمَوْتَى. وَفِيهَا قَتَلَ نَاصِرُ الدَّوْلَةِ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمْدَانَ نَائِبُ الْمَوْصِلِ عَمَّهُ أَبَا الْعَلَاءِ سَعِيدَ بْنَ حَمْدَانَ ; لِأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَنْتَزِعَهَا مِنْهُ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ الْخَلِيفَةُ وَزِيرَهُ أَبَا عَلِيِّ بْنَ مُقْلَةَ فِي جُيُوشٍ، فَهَرَبَ مِنْهُ نَاصِرُ الدَّوْلَةِ، فَلَمَّا طَالَ مُقَامُ ابْنِ مُقْلَةَ بِالْمَوْصِلِ رَجَعَ إِلَى بَغْدَادَ فَاسْتَقَرَّتْ يَدُ نَاصِرِ الدَّوْلَةِ عَلَى الْمَوْصِلِ وَبَعَثَ إِلَى الْخَلِيفَةِ يَسْأَلُ أَنْ يَضْمَنَ تِلْكَ النَّاحِيَةَ، فَأُجِيبَ إِلَى ذَلِكَ، وَاسْتَمَرَّ الْحَالُ عَلَى مَا كَانَ. وَخَرَجَ الْحَجِيجُ، فَلَقِيَهُمُ الْقُرْمُطَيْ فِي الْقَادِسِيَّةِ فَقَاتَلُوهُ، فَظَفِرَ بِهِمْ، فَسَأَلُوهُ الْأَمَانَ، فَأَمَّنَهُمْ عَلَى أَنْ يَرْجِعُوا إِلَى بَغْدَادَ فَرَجَعُوا، وَتَعَطَّلَ عَلَيْهِمُ الْحَجُّ عَامَهُمْ ذَلِكَ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: نِفْطَوَيْهِ النَّحْوِيُّ، إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَرَفَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ الْأَزْدِيُّ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْعَتَكِيُّ الْمَعْرُوفُ
পৃষ্ঠা - ৯২২৮
بِنِفْطَوَيْهِ النَّحْوِيِّ، لَهُ مُصَنَّفَاتٌ فِيهِ، وَقَدْ سَمِعَ الْحَدِيثَ، وَرَوَى عَنِ الْمَشَايِخِ، وَحَدَّثَ عَنْهُ الثِّقَاتُ مِنَ النَّاسِ، وَكَانَ صَدُوقًا، وَلَهُ أَشْعَارٌ حَسَنَةٌ. وَرَوَى الْخَطِيبُ عَنْ نِفْطَوَيْهِ أَنَّهُ مَرَّ يَوْمًا عَلَى بَقَّالٍ، فَقَالَ لَهُ: أَيُّهَا الشَّيْخُ، كَيْفَ الطَّرِيقُ إِلَى دَرْبِ الرَّءَّاسِينَ - يَعْنِي دَرْبَ الرَّوَّاسِينَ - فَالْتَفَتَ الْبَقَّالُ إِلَى جَارِهِ، فَقَالَ لَهُ: قَبَّحَ اللَّهُ غُلَامِي، أَبْطَأَ عَلَيَّ بِالسِّلْقِ، وَلَوْ كَانَ عِنْدِي لَصَفَعْتُ هَذَا بِجُرْزَةٍ مِنْهُ، فَانْصَرَفَ عَنْهُ نِفْطَوَيْهِ، وَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ. تُوُفِّيَ نِفْطَوَيْهِ فِي صَفَرٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً، وَصَلَّى عَلَيْهِ الْبَرْبَهَارِيُّ رَئِيسُ الْحَنَابِلَةِ، وَدُفِنَ بِمَقَابِرِ بَابِ الْكُوفَةِ. وَمِمَّا أَنْشَدَهُ لَهُ أَبُو عَلِيٍّ الْقَالِي فِي " الْأَمَالِي ": قَلْبِي أَرَقُّ عَلَيْهِ مِنْ خَدَّيْكَا ... وَقُوَايَ أَوْهَى مِنْ قُوَى جَفْنَيْكَا لِمَ لَا تَرِقُّ لِمَنْ يُعَذِّبُ نَفْسَهُ ... ظُلْمًا وَيَعْطِفُهُ هَوَاهُ عَلَيْكَا قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: وُفِي نِفْطَوَيْهِ يَقُولُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ الْوَاسِطِيُّ، الْمُتَكَلِّمُ الْمَشْهُورُ، صَاحِبُ " الْإِمَامَةِ " وَ " إِعْجَازِ الْقُرْآنِ " وَغَيْرِ ذَلِكَ:
পৃষ্ঠা - ৯২২৯
مَنْ سَرَّهُ أَنْ لَا يَرَى فَاسِقًا ... فَلْيَجْتَهِدْ أَنْ لَا يَرَى نِفْطَوَيْهْ أَحْرَقَهُ اللَّهُ بِنِصْفِ اسْمِهِ ... وَصَيَّرَ الْبَاقِي صُرَاخًا عَلَيْهْ قَالَ الثَّعَالِبِيُّ: إِنَّمَا سُمِّيَ نِفْطَوَيْهِ لِدَمَامَتِهِ وَأُدْمَتِهِ. وَقَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: لَا يُعْرَفُ مَنِ اسْمُهُ إِبْرَاهِيمُ، وَكُنْيَتُهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ سِوَاهُ. عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ الْمُهْتَدِي بِاللَّهِ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْهَاشِمِيُّ الْعَبَّاسِيُّ حَدَّثَ عَنْ سَيَّارِ بْنِ نَصْرٍ الْحَلَبِيِّ وَغَيْرِهِ، وَعَنْهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ، وَكَانَ ثِقَةً فَاضِلًا فَقِيهًا شَافِعِيًّا. عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَدِيٍّ، أَبُو نُعَيْمٍ الْإِسْتِرَابَاذِيُّ الْمُحَدِّثُ الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا، تُوُفِّيَ عَنْ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً. عَلِيُّ بْنُ الْفَضْلِ بْنُ طَاهِرِ بْنِ نَصْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَبُو الْحَسَنِ الْبَلْخِيُّ كَانَ مِنَ الْجَوَّالِينَ فِي طَلَبِ الْحَدِيثِ، وَكَانَ ثِقَةً حَافِظًا، سَمِعَ أَبَا حَاتِمٍ الرَّازِيَّ وَغَيْرَهُ، وَعَنْهُ الدَّرَاقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ. مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَسَدٍ، أَبُو بَكْرٍ الْحَافِظُ وَيُعْرَفُ بِابْنِ الْبُسْتُنْبَانِ، سَمِعَ الزُّبَيْرَ بْنَ بِكَارٍ وَغَيْرَهُ، وَعَنْهُ الدَّرَاقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ. جَاوَزَ الثَّمَانِينَ سَنَةً.
পৃষ্ঠা - ৯২৩০
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا جَاءَتِ الْجُنْدُ، فَأَحْدَقُوا بِدَارِ الْخِلَافَةِ، وَقَالُوا: لِيَخْرُجْ إِلَيْنَا الْخَلِيفَةُ الرَّاضِي بِنَفْسِهِ فَيُصَلِّ بِالنَّاسِ. فَخَرَجَ فَصَلَّى بِهِمْ وَخَطَبَهُمْ، وَقَبَضَ الْغِلْمَانُ عَلَى الْوَزِيرِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ مُقْلَةَ، وَسَأَلُوا مِنَ الْخَلِيفَةِ أَنْ يَسْتَوْزِرَ غَيْرَهُ، فَرَدَّ الْخِيَرَةَ إِلَيْهِمْ، فَاخْتَارُوا عَلِيَّ بْنَ عِيسَى، فَلَمْ يَقْبَلْ، وَأَشَارَ بِأَخِيهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عِيسَى فَاسْتَوْزَرَهُ، وَأُحْرِقَتْ دَارُ ابْنِ مُقْلَةَ، وَسُلِّمَ هُوَ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عِيسَى، فَضُرِبَ ضَرْبًا عَنِيفًا، وَأُخِذَ خَطُّهُ بِأَلْفِ أَلْفِ دِينَارٍ، ثُمَّ عَجَزَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عِيسَى، فَعُزِلَ بَعْدَ خَمْسِينَ يَوْمًا، وَقُلِّدَ الْوِزَارَةَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْكَرْخِيُّ، فَصَادَرَ عَلِيَّ بْنَ عِيسَى بِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، وَصَادَرَ أَخَاهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عِيسَى بِسَبْعِينَ أَلْفِ دِينَارٍ، ثُمَّ عُزِلَ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَنِصْفٍ، وَقُلِّدَ سُلَيْمَانُ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثُمَّ عُزِلَ بِأَبِي الْفَتْحِ الْفَضْلِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الْفُرَاتِ، وَلَكِنْ فِي السَّنَةِ الْآتِيَةِ، وَأُحْرِقَتْ دَارُهُ كَمَا أُحْرِقَتْ دَارُ ابْنِ مُقْلَةَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي أُحْرِقَتْ تِلْكَ فِيهِ، بَيْنَهُمَا سَنَةٌ وَاحِدَةٌ. وَهَذَا كُلُّهُ مِنْ تَخْبِيطِ الْأَتْرَاكِ وَالْغِلْمَانِ. وَلَمَّا أُحْرِقَتْ دَارُ ابْنِ مُقْلَةَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ كَتَبَ بَعْضُ النَّاسِ عَلَى بَعْضِ جُدْرَانِهَا: أَحْسَنْتَ ظَنَّكَ بِالْأَيَّامِ إِذْ حَسُنَتْ ... وَلَمْ تَخَفْ سُوءَ مَا يَأْتِي بِهِ الْقَدَرُ
পৃষ্ঠা - ৯২৩১
وَسَالَمَتْكَ اللَّيَالِي فَاغْتَرَرْتَ بِهَا ... وَعِنْدَ صَفْوِ اللَّيَالِي يَحْدُثُ الْكَدَرُ وَضَعُفَ أَمْرُ الْخِلَافَةِ جِدًّا، وَبَعَثَ الرَّاضِي إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ رَائِقٍ - وَكَانَ بِوَاسِطٍ - يَسْتَدْعِيهِ إِلَيْهِ ; لِيُوَلِّيَهُ إِمْرَةَ الْأُمَرَاءِ بِبَغْدَادَ، وَأَمْرَ الْخَرَاجِ وَالْمُعَاوِنِ فِي جَمِيعِ الْبِلَادِ وَالدَّوَاوِينِ، وَأَمَرَ أَنْ يُخْطَبَ لَهُ عَلَى جَمِيعِ الْمَنَابِرِ، وَأَنْفَذَ إِلَيْهِ بِالْخِلَعِ، فَقَدِمَ ابْنُ رَائِقٍ إِلَى بَغْدَادَ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ، وَمَعَهُ الْأَمِيرُ بَجْكَمُ التُّرْكِيُّ غُلَامُ مَرْدَاوِيجَ، وَهُوَ الَّذِي سَاعَدَ عَلَى قَتْلِهِ وَأَرَاحَ الْمُسْلِمِينَ مِنْهُ، وَاسْتَحْوَذَ ابْنُ رَائِقٍ عَلَى أَمْرِ الْعِرَاقِ بِكَمَالِهِ، وَنَقَلَ أَمْوَالَ بَيْتِ الْمَالِ إِلَى دَارِهِ، وَلَمْ يَبْقَ لِلْوَزِيرِ تَصَرُّفٌ فِي شَيْءٍ بِالْكُلِّيَّةِ، وَوَهَى أَمْرُ الْخِلَافَةِ جِدًّا، وَاسْتَقَلَّ نُوَّابُ الْأَطْرَافِ بِالتَّصَرُّفِ فِيهَا، وَلَمْ يَبْقَ لِلْخَلِيفَةِ حَكْمٌ فِي غَيْرِ بَغْدَادَ وَمُعَامَلَاتِهَا، وَمَعَ هَذَا لَيْسَ لَهُ مَعَ ابْنِ رَائِقٍ نُفُوذٌ فِي شَيْءٍ، وَلَا كَلِمَةٌ تُطَاعُ، وَإِنَّمَا يَحْمِلُ إِلَيْهِ ابْنُ رَائِقٍ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالنَّفَقَاتِ وَغَيْرِهَا، وَهَكَذَا صَارَ أَمْرُ مَنْ جَاءَ بَعْدَهُ مِنْ أُمَرَاءِ الْأُمَرَاءِ. وَأَمَّا بَقِيَّةُ الْأَطْرَافِ، فَالْبَصْرَةُ مَعَ ابْنِ رَائِقٍ هَذَا، وَأَمْرُ خُوزِسْتَانَ فِي يَدَيْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَرِيدِيِّ، وَقَدْ غَلَبَ يَاقُوتُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَلَى مَا كَانَ بِيَدِهِ مِنْ مَمْلَكَةِ تُسْتَرَ وَغَيْرِهَا، وَاسْتَحْوَذَ عَلَى حَوَاصِلِهِ وَأَمْوَالِهِ، وَأَمْرُ فَارِسَ إِلَى عِمَادِ الدَّوْلَةِ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ بُوَيْهِ، وَالرَّيُّ وَأَصْبَهَانُ وَالْجَبَلُ بِيَدِ أَخِيهِ رُكْنِ الدَّوْلَةِ ابْنِ بُوَيْهِ، وَمُنَازِعُهُ فِي ذَلِكَ وُشْمَكِيرُ أَخُو مَرْدَاوِيجَ، وَكَرْمَانُ بِيَدِ أَبِي عَلِيٍّ مُحَمَّدِ بْنِ إِلْيَاسَ بْنِ الْيَسَعَ، وَبِلَادُ الْمَوْصِلِ وَالْجَزِيرَةُ وَدِيَارُ بَكْرٍ وَمُضَرُ وَرَبِيعَةُ مَعَ بَنِي حَمْدَانَ، وَمِصْرُ وَالشَّامُ فِي يَدِ مُحَمَّدِ بْنِ طُغْجٍ، وَبِلَادُ إِفْرِيقِيَّةَ وَالْمَغْرِبُ فِي يَدِ
পৃষ্ঠা - ৯২৩২
الْقَائِمِ بِأَمْرِ اللَّهِ بْنِ الْمَهْدِيِّ الْمُدَّعِي أَنَّهُ فَاطِمِيٌّ، وَقَدْ تَلَقَّبَ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَالْأَنْدَلُسُ فِي يَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، الْمُلَقَّبِ بِالنَّاصِرِ الْأُمَوِيِّ، وَخُرَاسَانُ وَمَا وَرَاءَ النَّهْرِ فِي يَدِ السَّعِيدِ نَصْرِ بْنِ أَحْمَدَ السَّامَانِيِّ، وَطَبَرِسْتَانُ وَجُرْجَانُ فِي يَدِ الدَّيْلَمِ، وَالْبَحْرَيْنِ وَالْيَمَامَةُ وَهَجَرُ فِي يَدِ أَبِي طَاهِرٍ سُلَيْمَانِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْجَنَّابِيِّ الْقِرْمِطِيِّ، لَعَنَهُ اللَّهُ. وَفِيهَا وَقَعَ بِبَغْدَادَ غَلَاءٌ عَظِيمٌ وَفَنَاءٌ كَثِيرٌ، بِحَيْثُ عُدِمَ الْخُبْزُ مِنْهَا خَمْسَةَ أَيَّامٍ، وَمَاتَ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَأَكْثَرُ ذَلِكَ كَانَ فِي الضُّعَفَاءِ، وَكَانَ الْمَوْتَى يُلْقَوْنَ فِي الطُّرُقَاتِ لَيْسَ لَهُمْ مَنْ يَقُومُ بِأَمْرِهِمْ، وَيُحْمَلُ عَلَى الْجِنَازَةِ الْوَاحِدَةِ الِاثْنَانُ مِنَ الْمَوْتَى، وَرُبَّمَا يُوضَعُ بَيْنَهُمْ صَبِيٌّ، وَرُبَّمَا حُفِرَتِ الْحُفْرَةُ الْوَاحِدَةُ فَتُوَسَّعُ حَتَّى يُوضَعَ فِيهَا جَمَاعَةٌ، وَمَاتَ مِنْ أَصْبَهَانَ نَحْوُ مِائَتَيْ أَلْفِ إِنْسَانٍ. وَوَقَعَ فِيهَا حَرِيقٌ بِعُمَانَ احْتَرَقَ فِيهِ مِنَ السُّودَانِ أَلْفٌ، وَمِنَ الْبِيضَانِ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَكَانَ مِنْ جُمْلَةِ مَا احْتَرَقَ فِيهِ أَرْبَعُمِائَةِ حِمْلِ كَافُورٍ. وَعَزَلَ الْخَلِيفَةُ أَحْمَدَ بْنَ كَيْغَلَغَ عَنْ نِيَابَةِ الشَّامِ وَأَضَافَ ذَلِكَ إِلَى ابْنِ طُغْجٍ نَائِبِ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ. وَفِيهَا وُلِدَ عَضُدُ الدَّوْلَةِ أَبُو شُجَاعٍ فَنَّاخُسْرُو بْنُ رُكْنِ الدَّوْلَةِ بْنِ بُوَيْهِ بأَصْبَهَانَ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: ابْنُ مُجَاهِدٍ الْمُقْرِئُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مُجَاهِدٍ
পৃষ্ঠা - ৯২৩৩
الْمُقْرِئُ، أَحَدُ الْأَئِمَّةِ فِي هَذَا الشَّأْنِ. حَدَّثَ عَنْ خَلْقٍ كَثِيرٍ، وَرَوَى عَنْهُ الدَّرَاقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ، وَكَانَ ثِقَةً مَأْمُونًا، سَكَنَ الْجَانِبَ الشَّرْقِيَّ مَنْ بَغْدَادَ وَكَانَ ثَعْلَبٌ يَقُولُ: مَا بَقِيَ فِي عَصْرِنَا أَحَدٌ أَعْلَمُ بِكِتَابِ اللَّهِ مِنْهُ. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ، وَأُخْرِجَ يَوْمَ الْخَمِيسِ لِعَشْرٍ بَقِينَ مِنْ شَعْبَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ. وَقَدْ رَآهُ بَعْضُهُمْ فِي الْمَنَامِ وَهُوَ يَقْرَأُ، فَقَالَ لَهُ: أَمَا مُتَّ؟ فَقَالَ: بَلَى، وَلَكِنْ كُنْتُ أَدْعُو اللَّهَ عَقِبَ كُلِّ خَتْمَةٍ أَنْ أَكُونَ مِمَّنْ يَقْرَأُ فِي قَبْرِهِ، فَأَنَا مِمَّنْ يَقْرَأُ فِي قَبْرِهِ. رَحِمَهُ اللَّهُ. جَحْظَةُ، الشَّاعِرُ الْبَرْمَكِيُّ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُوسَى بْنِ يَحْيَى بْنِ خَالِدِ بْنِ بَرْمَكَ الْبَرْمَكِيُّ، أَبُو الْحَسَنِ النَّدِيمُ الْمَعْرُوفُ بِجَحْظَةَ، الشَّاعِرُ الْمَاهِرُ الْأَدِيبُ الْأَخْبَارِيُّ، ذُو الْفُنُونِ فِي الْعُلُومِ وَالنَّوَادِرِ الْحَاضِرَةِ، وَكَانَ جَيِّدَ الْغِنَاءِ، وَمِنْ شِعْرِهِ: قَدْ نَادَتِ الدُّنْيَا عَلَى نَفْسِهَا ... لَوْ كَانَ فِي الْعَالَمِ مَنْ يَسْمَعُ كَمْ وَاثِقٍ فِي الْعُمْرِ وَارَيْتُهُ ... وَجَامِعٍ بَدَّدْتُ مَا يَجْمَعُ وَكَتَبَ لَهُ بَعْضُ الْمُلُوكِ رُقْعَةً عَلَى صَيْرَفِيٍّ بِمَالٍ أَطْلَقَهُ لَهُ، فَلَمْ يَتَحَصَّلْ مِنْهَا عَلَى شَيْءٍ، وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ قَبَضُهَا، فَكَتَبَ إِلَى الْمَلِكِ يَذْكُرُ لَهُ صُورَةَ الْحَالِ: