আল বিদায়া ওয়া আন্নিহায়া

পৃষ্ঠা - ৯১০৬
[سَنَةُ ثَمَانٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ] [الْأَحْدَاثُ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا] ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ غَلَتِ الْأَسْعَارُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ بِبَغْدَادَ فَاضْطَرَبَتِ الْعَامَّةُ وَقَصَدُوا دَارَ حَامِدِ بْنِ الْعَبَّاسِ الَّذِي ضَمِنَ قَرَايَا مِنَ الْخَلِيفَةِ، فَغَلَتِ الْأَسْعَارُ بِسَبَبِ ذَلِكَ، وَعَدَوْا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَكَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى الْخَطِيبِ، فَمَنَعُوهُ الْخُطْبَةَ وَكَسَرُوا الْمَنَابِرَ وَدِكَكَ الشُّرَطِ وَحَرَقُوا جُسُورًا كَثِيرَةً، وَأَمَرَ الْخَلِيفَةُ بِقِتَالِ الْعَامَّةِ ثُمَّ نَقَضَ الضَّمَانَ الَّذِي كَانَ حَامِدُ بْنُ الْعَبَّاسِ ضَمِنَهُ فَانْحَطَّتِ الْأَسْعَارُ وَبِيعَ الْكُرُّ بِنَاقِصِ خَمْسَةِ دَنَانِيرَ فَطَابَتْ أَنْفُسُ النَّاسِ بِذَلِكَ وَسَكَنُوا. وَفِي تَمُّوزَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ وَقَعَ بَرْدٌ شَدِيدٌ جِدًّا حَتَّى نَزَلَ النَّاسُ عَنِ الْأَسْطِحَةِ وَتَدَثَّرُوا بِاللُّحُفِ وَالْأَكْسِيَةِ وَوَقَعَ فِي شِتَاءِ هَذِهِ السَّنَةِ ثَلْجٌ عَظِيمٌ وَكَانَ فِيهَا بَرْدٌ شَدِيدٌ جِدًّا بِحَيْثُ أَضَرَّ ذَلِكَ بِبَعْضِ النَّخِيلِ. وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِيهَا أَحْمَدُ بْنُ الْعَبَّاسِ أَخُو الْقَهْرَمَانَةِ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ الْفَقِيهُ. رَاوِي " صَحِيحِ مُسْلِمٍ " عَنْهُ
পৃষ্ঠা - ৯১০৭
أَحْمَدُ بْنُ الصَّلْتِ. بْنِ الْمُغَلِّسِ أَبُو الْعَبَّاسِ الْحِمَّانِيُّ أَحَدُ الْوَضَّاعِينَ لِلْأَحَادِيثِ رَوَى عَنْ خَالِهِ جُبَارَةَ بْنِ الْمُغَلِّسِ وَأَبِي نُعَيْمٍ وَمُسْلِمِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبِي عُبَيْدٍ الْقَاسِمِ بْنِ سَلَّامٍ وَغَيْرِهِمْ أَحَادِيثَ، كُلُّهَا وَضَعَهَا هُوَ فِي مَنَاقِبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَحَكَى عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ وَعَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ وَبِشْرِ بْنِ الْحَارِثِ أَخْبَارًا كُلُّهَا كَذِبٌ. قَالَ أَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ: قَالَ لِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْفَوَارِسِ: كَانَ أَحْمَدُ بْنُ الصَّلْتِ يَضَعُ الْحَدِيثَ. إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ الْخُزَاعِيُّ وَالْمُفَضَّلُ الْجَنَدِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ وَهْبٍ الدِّينَوَرِيُّ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَابِتِ بْنِ يَعْقُوبَ. أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمُقْرِئُ النَّحْوِيُّ التَّوَّزِيُّ سَكَنَ بَغْدَادَ وَرَوَى عَنْ عُمَرَ بْنِ شَبَّةَ، وَعَنْهُ أَبُو عَمْرِو بْنُ السَّمَّاكِ، وَمِنْ شِعْرِهِ:
পৃষ্ঠা - ৯১০৮
إِذَا لَمْ تَكُنْ حَافِظًا وَاعِيًا ... فَعِلْمُكَ فِي الْبَيْتِ لَا يَنْفَعُ وَتَحْضُرُ بِالْجَهْلِ فِي مَجْلِسٍ ... وَعِلْمُكَ فِي الْكُتْبِ مُسْتَوْدَعُ وَمَنْ يَكُ فِي دَهْرِهِ هَكَذَا ... يَكُنْ دَهْرَهُ الْقَهْقَرَى يَرْجِعُ
পৃষ্ঠা - ৯১০৯
[سَنَةُ تِسْعٍ وَثَلَاثَمِائَةٍ] [الْأَحْدَاثُ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا] ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ فِيهَا وَقَعَ حَرِيقٌ كَثِيرٌ فِي نُوَاحِي بَغْدَادَ بِسَبَبِ زِنْدِيقٍ قُتِلَ فَأَلْقَى مَنْ كَانَ مِنْ جِهَتِهِ الْحَرِيقَ فِي أَمَاكِنَ كَثِيرَةٍ فَهَلَكَ بِسَبَبِ ذَلِكَ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ. وَفِي جُمَادَى الْأُولَى مِنْهَا قَلَّدَ الْمُقْتَدِرُ مُؤْنِسًا الْخَادِمَ بِلَادَ مِصْرَ وَالشَّامِ وَلَقَبَّهُ الْمُظَفَّرَ وَكَتَبَ بِذَلِكَ فِي الْمُرَاسَلَاتِ إِلَى الْآفَاقِ. وَفِي ذِي الْقَعْدَةِ مِنْهَا أُحْضِرَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إِلَى دَارِ الْوَزِيرِ عِيسَى بْنِ عَلِيٍّ لِمُنَاظَرَةِ الْحَنَابِلَةِ فِي أَشْيَاءَ نَقَمُوهَا عَلَيْهِ فَلَمْ يَحْضُرُوا وَلَا وَاحِدٌ مِنْهُمْ. وَقَدَّمَ الْوَزِيرُ حَامِدُ بْنِ الْعَبَّاسِ لِلْخَلِيفَةِ بُسْتَانًا بَنَاهُ وَسَمَّاهُ النَّاعُورَةَ قِيمَتُهُ مِائَةُ أَلْفِ دِينَارٍ وَفَرَشَ مَسَاكِنَهُ بِأَنْوَاعِ الْمَفَارِشِ الْمُفْتَخِرَةِ. وَفِيهَا كَانَ مَقْتَلُ الْحُسَيْنِ بْنِ مَنْصُورٍ الْحَلَّاجِ وَلِنَذْكُرْ شَيْئًا مِنْ تَرْجَمَتِهِ وَسِيرَتِهِ وَكَيْفِيَّةِ قَتْلِهِ، عَلَى وَجْهِ الْإِيجَازِ وَبَيَانِ الْمَقْصُودِ بِطَرِيقِ الْإِنْصَافِ وَالْعَدْلِ. [فِتْنَةُ الْحَلَّاجِ] [تَرْجَمَةُ الْحَلَّاجِ] وَهَذِهِ نُبْذَةٌ مِنْ سِيرَتِهِ وَأَحْوَالِهِ وَكَشْفِ سَرِيرَتِهِ وَأَقْوَالِهِ الْحُسَيْنُ بْنُ مَنْصُورِ بْنِ مَحْمِيٍّ الْحَلَّاجُ أَبُو مُغِيثٍ، وَيُقَالُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ،
পৃষ্ঠা - ৯১১০
كَانَ جَدُّهُ مَجُوسِيًّا اسْمُهُ مَحْمِيٌّ مِنْ أَهْلِ فَارِسَ نَشَأَ بِوَاسِطَ، وَيُقَالُ بِتُسْتَرَ، وَدَخَلَ بَغْدَادَ وَتَرَدَّدَ إِلَى مَكَّةَ مِرَارًا لِلْحَجِّ وَجَاوَرَ بِهَا سَنَوَاتٍ مُتَفَرِّقَةً، وَكَانَ يُصَابِرُ نَفْسَهُ وَيُجَاهِدُهَا فَلَا يَجْلِسُ إِلَّا تَحْتَ السَّمَاءِ فِي وَسَطِ الْمَسْجِدِ فِي الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَلَا يَأْكُلُ إِلَّا بَعْضَ قُرْصٍ وَيَشْرَبُ قَلِيلًا مِنَ الْمَاءِ مَعَهُ وَذَلِكَ وَقْتَ الْفُطُورِ مُدَّةَ سَنَةٍ كَامِلَةٍ وَيَجْلِسُ عَلَى صَخْرَةٍ فِي قُبَالَةِ الْحَرَمِ فِي جَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ وَقَدْ صَحِبَ جَمَاعَةً مِنْ سَادَاتِ مَشَايِخِ الصُّوفِيَّةِ كَالْجُنَيْدِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَعَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ الْمَكِّيِّ وَأَبِي الْحُسَيْنِ النُّورِيِّ. قَالَ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ وَالصُّوفِيَّةُ مُخْتَلِفُونَ فِيهِ فَأَكْثَرَهُمْ نَفَى أَنْ يَكُونَ الْحَلَّاجُ مِنْهُمْ وَأَبَى أَنْ يَعُدَّهُ فِيهِمْ، وَقَبِلَهُ مِنْ مُتَقَدِّمِيهِمْ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ عَطَاءٍ الْبَغْدَادِيُّ ومُحَمَّدُ بْنُ خَفِيفٍ الشِّيرَازِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّصْرَابَاذِيُّ النَّيْسَابُورِيُّ وَصَحَّحُوا لَهُ حَالَهُ وَدَوَّنُوا كَلَامَهُ حَتَّى قَالَ ابْنُ خَفِيفٍ: الْحُسَيْنُ بْنُ مَنْصُورٍ عَالِمٌ رَبَّانِيٌّ. وَقَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وَاسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ مُحَمَّدٍ النَّصْرَابَاذِيَّ وَعُوتِبَ فِي شَيْءٍ حُكِيَ عَنِ الْحَلَّاجِ فِي الرُّوحِ،
পৃষ্ঠা - ৯১১১
فَقَالَ لِمَنْ عَاتَبَهُ: إِنْ كَانَ بَعْدَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ مُوَحِّدٌ فَهُوَ الْحَلَّاجُ. قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ: وَسَمِعْتُ مَنْصُورَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الشِّبْلِيَّ، يَقُولُ: كُنْتُ أَنَا وَالْحُسَيْنُ بْنُ مَنْصُورٍ شَيْئًا وَاحِدًا إِلَّا أَنَّهُ أَظْهَرَ وَكَتَمْتُ. وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الشِّبْلِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَنَّهُ قَالَ وَقَدْ رَأَى الْحَلَّاجَ مَصْلُوبًا: أَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ؟ قَالَ الْخَطِيبُ: وَالَّذِينَ نَفَوْهُ مِنَ الصُّوفِيَّةِ نَسَبُوهُ إِلَى الشَّعْبَذَةِ فِي فِعْلِهِ وَإِلَى الزَّنْدَقَةِ فِي عَقْدِهِ. قَالَ: وَلَهُ إِلَى الْآنِ أَصْحَابٌ يُنْسَبُونَ إِلَيْهِ وَيَغْلُونَ فِيهِ، وَقَدْ كَانَ الْحَلَّاجُ حَسَنَ الْعِبَارَةِ حُلْوَ الْمَنْطِقِ وَلَهُ شِعْرٌ عَلَى طَرِيقَةِ التَّصَوُّفِ. قُلْتُ: لَمْ يَزَلِ النَّاسُ مُنْذُ قُتِلَ الْحَلَّاجُ مُخْتَلِفِينَ فِي أَمْرِهِ. فَأَمَّا الْفُقَهَاءُ فَحُكِيَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ إِجْمَاعُهُمْ عَلَى قَتْلِهِ وَأَنَّهُ كَانَ كَافِرًا مُمَخْرِقًا مُمَوِّهًا مُشَعْبِذًا، وَكَذَلِكَ قَوْلُ أَكْثَرِ الصُّوفِيَّةِ مِنْهُمْ. وَمِنْهُمْ طَائِفَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ أَجْمَلُوا الْقَوْلَ فِيهِ وَغَرَّهُمْ ظَاهِرُهُ وَلَمْ يَطَّلِعُوا عَلَى بَاطِنِهِ، وَقَدْ كَانَ فِي ابْتِدَاءِ أَمْرِهِ فِيهِ تَعْبُدٌ وَتَأَلُّهٌ وَسُلُوكٌ، وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عِلْمٌ يَسْلُكُ بِهِ فِي عِبَادَتِهِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ الدَّاخِلُ بِسَبَبِ ذَلِكَ، كَمَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: مَنْ عَبَدَ اللَّهَ بِغَيْرِ عِلْمٍ كَانَ مَا يُفْسِدُهُ أَكْثَرَ مِمَّا يُصْلِحُهُ. وَعَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ أَنَّهُ
পৃষ্ঠা - ৯১১২
قَالَ: مَنْ فَسَدَ مِنْ عُلَمَائِنَا كَانَ فِيهِ شَبَهٌ مَنَ الْيَهُودِ وَمَنْ فَسَدَ مِنْ عُبَّادِنَا كَانَ فِيهِ شَبَهٌ مِنَ النَّصَارَى. وَلِهَذَا دَخَلَ عَلَى الْحَلَّاجِ بَابُ الْحُلُولِ وَالِاتِّحَادِ فَصَارَ مِنْ أَهْلِ الِانْحِلَالِ وَالْإِلْحَادِ. وَقَدْ وَرَدَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ أَنَّهُ تَقَلَّبَتْ بِهِ الْأَحْوَالُ وَتَرَدَّدَ إِلَى الْبُلْدَانِ وَهُوَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ يُظْهِرُ لِلنَّاسِ أَنَّهُ مِنَ الدُّعَاةِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَصَحَّ أَنَّهُ دَخَلَ إِلَى الْهِنْدِ لِتَعَلُّمِ السِّحْرِ، وَقَالَ: أَدْعُو بِهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَكَانَ أَهْلُ الْهِنْدِ يُكَاتِبُونَهُ بِالْمُغِيثِ. وَيُكَاتِبُهُ أَهْلُ تُرْكِسْتَانَ بِالْمُقِيتِ. وَيُكَاتِبُهُ أَهْلُ خُرَاسَانَ بِالْمُمَيِّزِ. وَأَهْلُ فَارِسَ بِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الزَّاهِدِ. وَأَهْلُ خُوزَسْتَانَ بِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الزَّاهِدِ حَلَّاجِ الْأَسْرَارِ. وَكَانَ بَعْضُ الْبَغَادِدَةِ حِينَ كَانَ عِنْدَهُمْ يَقُولُونَ لَهُ: الْمُصْطَلِمُ. وَأَهْلُ الْبَصْرَةِ يَقُولُونَ لَهُ الْمُحَيِّرُ. وَيُقَالُ: إِنَّمَا سَمَّاهُ الْحَلَّاجَ أَهْلُ الْأَهْوَازِ ; لِأَنَّهُ كَانَ يُكَاشِفُهُمْ عَنْ مَا فِي ضَمَائِرِهِمْ، وَقِيلَ: لِأَنَّهُ قَالَ لِحَلَّاجٍ: اذْهَبْ لِي فِي حَاجَةِ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ: إِنِّي مَشْغُولٌ، فَقَالَ: اذْهَبْ فَأَنَا أَسُدُّ عَنْكَ، فَذَهَبَ وَرَجَعَ سَرِيعًا فَإِذَا جَمِيعُ مَا فِي ذَلِكَ الْمَخْزَنِ قَدْ حَلَجَهُ، يُقَالُ: إِنَّهُ أَشَارَ بِالْمِرْوَدِ فَامْتَازَ الْحَبُّ عَنِ الْقُطْنِ، وَفِي صِحَّةِ هَذَا نَظَرٌ. وَقِيلَ: لِأَنَّ أَبَاهُ كَانَ حَلَّاجًا، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ ذَا حُلُولٍ
পৃষ্ঠা - ৯১১৩
فِي بَدْءِ أَمْرِهِ أَشْيَاءُ كَثِيرَةٌ مِنْهَا شِعْرُهُ، فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: جُبِلَتْ رُوحُكَ فِي رُوحِي كَمَا ... يُجْبَلُ الْعَنْبَرُ بِالْمِسْكِ الْفَتِقْ فَإِذَا مَسَّكَ شَيْءٌ مَسَّنِي ... فَإِذَا أَنْتَ أَنَا لَا نَفْتَرِقْ وَقَوْلُهُ أَيْضًا: مُزِجَتْ رُوحُكَ فِي رُوحِي كَمَا ... تُمْزَجُ الْخَمْرَةُ بِالْمَاءِ الزُّلَالْ فَإِذَا مَسَّكَ شَيْءٌ مَسَّنِي ... فَإِذَا أَنْتَ أَنَا فِي كُلِّ حَالْ وَلَهُ أَيْضًا: قَدْ تَحَقَّقْتُكَ فِي سِرِّ ... ي فَخَاطَبَكَ لِسَانِي فَاجْتَمَعْنَا لِمَعَانٍ ... وَافْتَرَقْنَا لِمَعَانِ إِنْ يَكُنْ غَيَّبَكَ التَّعْ ... ظِيمُ عَنْ لَحْظِ الْعَيَانِ فَلَقَدْ صَيَّرَكَ الْوَجْ ... دُ مِنَ الْأَحْشَاءِ دَانِ وَقَدْ أُنْشِدَ لِابْنِ عَطَاءٍ قَوْلُ الْحَلَّاجِ: أُرِيدُكَ لَا أُرِيدُكَ لِلثَّوَابِ ... وَلَكِنِّي أُرِيدُكَ لِلْعِقَابِ وَكُلُّ مَآرِبِي قَدْ نِلْتُ مِنْهَا ... سِوَى مَلْذُوذِ وَجْدِي بِالْعَذَابِ فَقَالَ ابْنُ عَطَاءٍ: هَذَا مِمَّا يَتَزَايَدُ بِهِ عَذَابُ الشَّغَفِ وَهُيَامُ الْكَلَفِ وَاحْتِرَاقُ الْأَسَفِ فَإِذَا صَفَا وَوَفَا عَلَا إِلَى مَشْرَبٍ عَذْبٍ وَهَطْلٍ مِنَ الْحَقِّ دَائِمٍ سَكِبٍ. وَقَدْ أُنْشِدَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَفِيفٍ قَوْلُ الْحَلَّاجِ:
পৃষ্ঠা - ৯১১৪
سُبْحَانَ مَنْ أَظْهَرَ نَاسُوتُهُ ... سِرَّ سَنَا لَاهُوتِهِ الثَّاقِبِ ثُمَّ بَدَا فِي خَلْقِهِ ظَاهِرًا ... فِي صُورَةِ الْآكِلِ وَالشَّارِبِ حَتَّى لَقَدْ عَايَنَهُ خَلْقُهُ ... كَلَحْظَةِ الْحَاجِبِ بِالْحَاجِبِ فَقَالَ ابْنُ خَفِيفٍ: عَلَى مَنْ يَقُولُ هَذَا لَعْنَةُ اللَّهِ. فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ هَذَا مِنْ شِعْرِ الْحُسَيْنِ بْنِ مَنْصُورٍ، فَقَالَ: رُبَّمَا يَكُونُ مَقُولًا عَلَيْهِ. وَمِمَّا يُنْسَبُ إِلَيْهِ مِنَ الشِّعْرِ قَوْلُهُ: أَرْسَلْتَ تَسْأَلُ عَنِّي كَيْفَ كُنْتُ وَمَا ... لَاقَيْتُ بَعْدَكَ مِنْ هَمٍّ وَمِنْ حَزَنِ لَا كُنْتُ إِنْ كُنْتُ أَدْرِي كَيْفَ كُنْتُ وَلَا ... لَا كُنْتُ إِنْ كُنْتُ أَدْرِي كَيْفَ لَمْ أَكُنِ قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ وَيُرْوَى لِسَمْنُونٍ لَا لِلْحَلَّاجِ. وَمِنْ شِعْرِهِ أَيْضًا قَوْلُهُ: مَتَى سَهِرَتْ عَيْنِي لِغَيْرِكَ أَوْ بَكَتْ ... فَلَا أُعْطِيَتْ مَا أَمَّلَتْ وَتَمَنَّتِ وَإِنْ أَضْمَرَتْ نَفْسِي سِوَاكَ فَلَا رَعَتْ ... رِيَاضَ الْمُنَى مِنْ وَجْنَتَيْكَ وَجُنَّتِ وَمِنْ شِعْرِهِ أَيْضًا:
পৃষ্ঠা - ৯১১৫
دُنْيَا تُغَالِطُنِي كَأَنِّ ... ي لَسْتُ أَعْرِفُ حَالَهَا حَظَرَ الْمَلِيكُ حَرَامَهَا ... وَأَنَا احْتَمَيْتُ حَلَالَهَا فَوَجَدْتُهَا مُحْتَاجَةً ... فَوَهَبْتُ لَذَّتَهَا لَهَا وَقَدْ كَانَ الْحَلَّاجُ يَتَلَوَّنُ فِي مَلَابِسِهِ، فَتَارَةً يَلْبَسُ لِبَاسَ الصُّوفِيَّةِ، وَتَارَةً يَتَجَرَّدُ فِي مَلَابِسَ زَرِيَّةٍ، وَتَارَةً يَلْبَسُ لِبَاسَ الْأَجْنَادِ وَيُعَاشِرُ أَبْنَاءَ الدُّنْيَا، وَقَدْ رَآهُ بَعْضُهُمْ فِي ثِيَابٍ رَثٍّ وَبِيَدِهِ رِكْوَةٌ وَعُكَّازٌ وَهُوَ سَائِحٌ، فَقَالَ لَهُ: مَا هَذِهِ الْحَالَةُ يَا حَلَّاجُ؟ فَأَنْشَأَ يَقُولُ: لَئِنْ أَمْسَيْتُ فِي ثَوْبَيْ عَدِيمٍ ... لَقَدْ بَلِيَا عَلَى حُرٍّ كَرِيمِ فَلَا يَغْرُرْكَ أَنْ أَبْصَرْتَ حَالًا ... مُغَيَّرَةً عَنِ الْحَالِ الْقَدِيمِ فَلِي نَفْسٌ سَتَتْلَفُ أَوْ سَتَرْقَى ... لَعَمْرُكَ بِي إِلَى أَمْرٍ جَسِيمِ وَمِنْ مُسْتَجَادِ كَلَامِهِ، وَقَدْ سَأَلَهُ رَجُلٌ أَنْ يُوصِيَهُ بِشَيْءٍ يَنْفَعُهُ: عَلَيْكَ بِنَفْسِكَ إِنْ لَمْ تَشْغَلْهَا بِالْحَقِّ شَغَلَتْكَ عَنِ الْحَقِّ. وَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: عِظْنِي. فَقَالَ: كُنْ مَعَ الْحَقِّ بِحُكْمِ مَا أَوْجَبَ. وَرَوَى الْخَطِيبُ بِسَنَدِهِ إِلَيْهِ أَنَّهُ قَالَ: عِلْمُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ مَرْجِعُهُ إِلَى أَرْبَعِ كَلِمَاتٍ: حُبُّ الْجَلِيلِ، وَبُغْضُ الْقَلِيلِ، وَاتِّبَاعُ التَّنْزِيلِ، وَخَوْفُ التَّحْوِيلِ. قُلْتُ: وَقَدْ أُصِيبَ الْحَلَّاجُ فِي الْمَقَامَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ فَلَمْ يَتَّبِعِ التَّنْزِيلَ وَلَمْ يَبْقَ عَلَى
পৃষ্ঠা - ৯১১৬
الِاسْتِقَامَةِ، بَلْ تَحَوَّلَ مِنْهَا إِلَى الِاعْوِجَاجِ وَالْبِدْعَةِ، نَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ. قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ: حُكِيَ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ الْمَكِّيِّ أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ أُمَاشِي الْحَلَّاجَ فِي بَعْضِ أَزِقَّةِ مَكَّةَ وَكُنْتُ أَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَسَمِعَ قِرَاءَتِي، فَقَالَ: يُمْكِنُنِي أَنْ أَقُولَ مِثْلَ هَذَا. فَفَارَقَتْهُ. قَالَ الْخَطِيبُ: وَحَدَّثَنِي مَسْعُودُ بْنُ نَاصِرٍ أَنْبَأَنَا ابْنُ بَاكُوَيْهِ الشِّيرَازِيُّ سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ الطَّبَرِيَّ، يَقُولُ: النَّاسُ فِيهِ - يَعْنِي حُسَيْنَ بْنَ مَنْصُورٍ - بَيْنَ قَبُولٍ وَرَدٍّ، وَلَكِنْ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى الرَّازِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ عُثْمَانَ يَلْعَنُهُ وَيَقُولُ: لَوْ قَدَرْتُ عَلَيْهِ لَقَتَلْتُهُ بِيَدِي، فَقُلْتُ: أَيْشِ الَّذِي وَجَدَ الشَّيْخُ عَلَيْهِ؟ قَالَ: قَرَأْتُ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، فَقَالَ: يُمْكِنُنِي أَنْ أُؤَلِّفَ مِثْلَهُ وَأَتَكَلَّمَ بِهِ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الطَّبَرِيُّ: وَسَمِعْتُ أَبَا يَعْقُوبَ الْأَقْطَعَ، يَقُولُ: زَوَّجْتُ ابْنَتِي مِنَ الْحُسَيْنِ بْنِ مَنْصُورٍ لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حُسْنِ طَرِيقَتِهِ وَاجْتِهَادِهِ، فَبَانَ لِي بَعْدَ مُدَّةٍ يَسِيرَةٍ أَنَّهُ سَاحِرٌ مُحْتَالٌ خَبِيثٌ كَافِرٌ. قُلْتُ: كَانَ تَزْوِيجُهُ بِهَا بِمَكَّةَ وَهِيَ أُمُّ الْحُسَيْنِ بِنْتُ أَبِي يَعْقُوبَ الْأَقْطَعِ، فَأَوْلَدَهَا وَلَدَهُ أَحْمَدَ بْنَ الْحُسَيْنِ بْنِ مَنْصُورٍ، وَقَدْ ذَكَرَ سِيرَةَ أَبِيهِ كَمَا سَاقَهَا مِنْ طَرِيقِهِ الْخَطِيبُ. وَذَكَرَ أَبُو الْقَاسِمِ الْقُشَيْرِيُّ فِي " الرِّسَالَةِ " فِي بَابِ " حِفْظِ قُلُوبِ الْمَشَايِخِ " أَنَّ عَمْرَو بْنَ عُثْمَانَ دَخَلَ عَلَى الْحَلَّاجِ وَهُوَ بِمَكَّةَ وَهُوَ يَكْتُبُ شَيْئًا فِي
পৃষ্ঠা - ৯১১৭
أَوْرَاقٍ، فَقَالَ لَهُ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: هُوَ ذَا أُعَارِضُ الْقُرْآنَ. قَالَ: فَدَعَا عَلَيْهِ فَلَمْ يُفْلِحْ بَعْدَهَا، وَأَنْكَرَ عَلَى أَبِي يَعْقُوبَ الْأَقْطَعِ تَزْوِيجَهُ إِيَّاهُ ابْنَتَهُ، وَكَتَبَ إِلَى الْآفَاقِ كُتُبًا كَثِيرَةً يَلْعَنُهُ فِيهَا وَيُحَذِّرُ النَّاسَ مِنْهُ، فَشَرَدَ الْحَلَّاجُ فِي الْبِلَادِ فَعَاثَ يَمِينًا وَشِمَالًا وَجَعَلَ يُظْهِرُ لِلنَّاسِ أَنَّهُ يَدْعُو إِلَى اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - وَيَسْتَعِينُ بِأَنْوَاعٍ مِنَ الْحِيَلِ وَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ دَأْبَهُ وَشَأْنَهُ حَتَّى أَحَلَّ اللَّهُ بِهِ بَأْسَهُ الَّذِي لَا يُرَدُّ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ فَقَتَلَهُ بِسَيْفِ الشَّرْعِ الَّذِي لَا يَقَعُ إِلَّا بَيْنَ كَتِفَيْ زِنْدِيقٍ، وَاللَّهُ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ يُسَلِّطَهُ عَلَى صِدِّيقٍ كَيْفَ وَقَدْ تَهَجَّمَ عَلَى الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ وَأَرَادَ مُعَارَضَتَهُ فِي الْبَلَدِ الْحَرَامِ الْكَرِيمِ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج: 25] وَلَا إِلْحَادَ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا، وَقَدْ أَشْبَهَ فِي حَالِهِ هَذَا كَفَّارَ قُرَيْشٍ فِي مُعَانَدَتِهِمُ، الَّذِينَ قَالَ تَعَالَى فِيهِمْ: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} [الأنفال: 31] . [مِنْ حِيَلِ الْحَلَّاجِ] ذِكْرُ أَشْيَاءَ مِنْ حِيَلِ الْحَلَّاجِ رَوَى الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ أَنَّ الْحَلَّاجَ أَنْفَذَ رَجُلًا بَيْنَ يَدَيْهِ إِلَى بَعْضِ بِلَادِ الْجَبَلِ، فَأَقَامَ بِتِلْكَ الْبَلْدَةِ يُظْهِرُ لَهُمُ الصَّلَاحَ وَالنُّسُكَ وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ، فَأَقَامَ فِيهِمْ مُدَّةً عَلَى
পৃষ্ঠা - ৯১১৮
ذَلِكَ، ثُمَّ أَظْهَرَ لَهُمْ أَنَّهُ قَدْ عَمِيَ، فَمَكَثَ حِينًا عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ أَظْهَرَ أَنَّهُ قَدْ زَمِنَ، وَكَانَ أَوَّلًا يُقَادُ إِلَى الْمَسْجِدِ ثُمَّ صَارَ يُحْمَلُ، فَمَكَثَ سَنَةً كَذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ: سَيَرِدُ عَلَى هَذِهِ الْبَلْدَةِ رَجُلٌ صَالِحٌ يَكُونُ شِفَاؤُكَ عَلَى يَدَيْهِ، فَمَا كَانَ مِنْ قَرِيبٍ حَتَّى كَانَ الْوَقْتُ الَّذِي وَاعَدَهُ فِيهِ الْحَلَّاجُ، وَدَخَلَ الْحَلَّاجُ الْبَلْدَةَ مُخْتَفِيًا وَعَلَيْهِ ثِيَابُ صُوفٍ بِيضٌ فَلَزِمَ سَارِيَةً مِنَ الْمَسْجِدِ يَتَعَبَّدُ فِيهِ لَا يَلْتَفِتُ إِلَى أَحَدٍ، فَابْتَدَرَ النَّاسُ إِلَى ذَلِكَ الْمُتَعَامِي الْمُتَزَامِنِ، فَقِيلَ لَهُ: قَدِمَ رَجُلٌ صَالِحٌ فَهَلُمَّ إِلَيْهِ، فَحَمَلُوهُ حَتَّى وَضَعُوهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَكَلَّمَهُ فَعَرَفَهُ فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ وَهُوَ يَقُولُ لِي كَذَا وَكَذَا، فَعَسَى أَنْ يَكُونَ أَنْتَ إِيَّاهُ. فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَدَعَا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَالنَّاسُ حُضُورٌ مُتَكَاثِرُونَ يَنْظُرُونَ مَاذَا يَكُونُ مِنْ أَمْرِهِ، فَفَتَحَ الرَّجُلُ عَيْنَيْهِ وَقَامَ قَائِمًا عَلَى قَدَمَيْهِ، فَضَجَّ النَّاسُ وَعَظَّمُوا الْحَلَّاجَ تَعْظِيمًا زَائِدًا، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِحَقٍّ، فَأَقَامَ عِنْدَهُمْ مُدَّةً ثُمَّ خَرَجَ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِهِمْ، وَبَقِيَ ذَلِكَ الرَّجُلُ عِنْدَهُمْ عِدَّةَ شُهُورٍ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ مِنْ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيَّ أَنْ رَدَّ عَلَيَّ بَصَرِي وَشَفَانِي وَيَنْبَغِي أَنْ أُجَاهِدَ فِي سَبِيلِهِ بِثَغْرِ طَرَسُوسَ فَعَزَمَ عَلَى ذَلِكَ فَجَمَعُوا لَهُ مِنْ بَيْنِهِمْ مَالًا جَزِيلًا أُلُوفًا مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، ثُمَّ وَدَّعَهُمْ وَوَدَّعُوهُ، فَذَهَبَ إِلَى الْحَلَّاجِ فَاقْتَسَمَا ذَلِكَ الْمَالَ. وَرُوِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ قَالَ: كُنْتُ أَسْمَعُ أَنَّ الْحَلَّاجَ لَهُ أَحْوَالٌ وَكَرَامَاتٌ فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَخْتَبِرَهُ فَجِئْتُهُ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ لِي: تَشَهَّ عَلَيَّ السَّاعَةَ شَيْئًا، فَقُلْتُ: أَشْتَهِي سَمَكًا طَرِيًّا، فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ فَغَابَ سَاعَةً ثُمَّ خَرَجَ وَمَعَهُ سَمَكَةٌ تَضْطَرِبُ
পৃষ্ঠা - ৯১১৯
وَرِجْلَاهُ عَلَيْهِمَا الطِّينُ، فَقَالَ: دَعَوْتُ اللَّهَ فَأَمَرَنِي أَنْ آتِيَ بِالْبَطَائِحِ لِآتِيَكَ بِهَذِهِ، فَخُصْتُ الْأَهْوَازَ وَهَذَا الطِّينُ مِنْهَا. فَقُلْتُ: إِنْ شِئْتَ أَدْخَلْتَنِي مَنْزِلَكَ لِأَكْشِفَ أَمْرَكَ فَإِنْ ظَهَرْتُ عَلَى شَيْءٍ وَإِلَّا آمَنْتُ بِكَ، فَقَالَ: ادْخُلْ، فَدَخَلْتُ فَلَمْ أَجِدْ فِي الْبَيْتِ مَنْفَذًا إِلَى غَيْرِهِ فَتَحَيَّرْتُ فِي أَمْرِهِ ثُمَّ نَظَرْتُ فَإِذَا تَأْزِيرٌ فَكَشَفْتُهُ فَإِذَا مِنَ وَرَائِهِ بَابٌ فَدَخَلْتُ فَخَرَجْتُ مِنْهُ إِلَى بُسْتَانٍ هَائِلٍ فِيهِ مِنْ سَائِرِ الثِّمَارِ الْجَدِيدَةِ وَالْمُعَتَّقَةِ قَدْ أُحْسِنُ إِبْقَاؤُهَا وَإِذَا أَشْيَاءُ كَثِيرَةٌ مُعَدَّةٌ لِلْأَكْلِ وَإِذَا هُنَاكَ بِرْكَةٌ كَبِيرَةٌ فِيهَا سَمَكٌ كَثِيرٌ كِبَارٌ فَدَخَلْتُهَا فَأَخْرَجْتُ مِنْهَا وَاحِدَةً، فَنَالَ رِجْلِي مِنَ الطِّينِ كَمَا نَالَ رَجْلَيْهِ وَجِئْتُ إِلَى الْبَابِ فَقُلْتُ لَهُ: افْتَحْ قَدْ آمَنْتُ بِكَ، فَلَمَّا خَرَجْتُ وَرَآنِي عَلَى مِثْلِ حَالِهِ جَرَى وَرَائِي لِيَقْتُلَنِي فَضَرَبْتُهُ بِالسَّمَكَةِ فِي وَجْهِهِ، وَقُلْتُ: يَا عَدُوَّ اللَّهِ أَتْعَبْتَنِي فِي هَذَا الْيَوْمِ. وَلَمَّا خَلَصْتُ مِنْهُ لَقِيَنِي بَعْدَ ذَلِكَ فَضَاحَكَنِي، وَقَالَ: لَا تُفْشِ هَذَا لِأَحَدٍ أَبْعَثْ إِلَيْكَ مَنْ يَقْتُلُكَ عَلَى فِرَاشِكَ. قَالَ: فَلَمْ أُحَدِّثْ بِهِ أَحَدًا حَتَّى صُلِبَ. وَقَدْ قَالَ يَوْمًا لِرَجُلٍ: آمِنْ بِي حَتَّى أَبْعَثَ لَكَ بِعُصْفُورَةٍ تَأْخُذُ مِنْ ذَرْقِهَا وَزْنَ حَبَّةٍ فَتَضَعُهُ عَلَى كَذَا وَكَذَا رِطْلًا مِنْ نُحَاسٍ، فَيَصِيرُ ذَهَبًا، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: آمِنْ بِي أَنْتَ حَتَّى أَبْعَثَ إِلَيْكَ بِفِيلٍ إِذَا اسْتَلْقَى عَلَى قَفَاهُ بَلَغَتْ قَوَائِمُهُ السَّمَاءَ وَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تُخْفِيَهُ وَضَعْتَهُ فِي إِحْدَى عَيْنَيْكَ. قَالَ: فَبُهِتَ وَسَكَتَ.
পৃষ্ঠা - ৯১২০
وَلَمَّا وَرَدَ بَغْدَادَ جَعَلَ يَدْعُو إِلَى نَفْسِهِ وَيُظْهِرُ أَشْيَاءَ مِنَ الْمَخَارِيقِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْأَحْوَالِ الشَّيْطَانِيَّةِ وَأَكْثَرُ مَا كَانَ يُرَوِّجُ عَلَى الرَّافِضَةِ لِقِلَّةِ عُقُولِهِمْ وَضِعْفِ تَمْيِيزِهِمْ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ فَاسْتَدْعَى يَوْمًا بِرَئِيسٍ مِنَ الرَّافِضَةِ فَدَعَاهُ إِلَى الْإِيمَانِ بِهِ، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: إِنِّي رِجْلٌ أُحِبُّ النِّسَاءَ وَإِنِّي أَصْلَعُ الرَّأْسِ وَقَدْ شِبْتُ فَإِنْ أَنْتَ أَذْهَبْتَ عَنِّي هَذَا وَهَذَا آمَنْتُ أَنَّكَ الْإِمَامُ الْمَعْصُومُ، وَإِنْ شِئْتَ قُلْتُ أَنَّكَ نَبِيٌّ وَإِنْ شِئْتَ قُلْتُ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ. قَالَ: فَبُهِتَ الْحَلَّاجُ وَلَمْ يُحِرْ إِلَيْهِ جَوَابًا. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ: كَانَ الْحَلَّاجُ مُتَلَوِّنًا كَثِيرَ التَّلَوُّنِ، تَارَةً يَلْبَسُ الْمُسُوحَ وَتَارَةً يَلْبَسُ الدُّرَّاعَةَ وَتَارَةً يَلْبَسُ الْقَبَاءَ وَهُوَ مَعَ كُلِّ قَوْمٍ عَلَى مَذْهَبِهِمْ، إِنْ كَانُوا أَهْلَ سُنَّةٍ أَوْ رَافِضَةً أَوْ مُعْتَزِلَةً أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ. وَلَمَّا أَقَامَ بِالْأَهْوَازِ جَعَلَ يُنْفِقُ مِنْ دَرَاهِمَ يُخْرِجُهَا يُسَمِّيهَا دَرَاهِمَ الْقُدْرَةِ، فَسُئِلَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ الْجُبَّائِيُّ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنَّ هَذَا كُلَّهُ مِمَّا يُنَالُ بِالْحِيلَةِ وَلَكِنْ أَدْخِلُوهُ بَيْتًا لَا مَنْفَذَ لَهُ ثُمَّ سَلُوهُ أَنْ يُخْرِجَ لَكُمْ جَوْزَتَيْنِ مِنْ شَوْكٍ. فَلَمَّا بَلَغَ الْحَلَّاجَ كَلَامُ أَبِي عَلِيٍّ الْجُبَّائِيِّ تَحَوَّلَ مِنَ الْأَهْوَازِ. قَالَ الْخَطِيبُ: أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَخْلَدٍ أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيٍّ الْخُطَبِيُّ
পৃষ্ঠা - ৯১২১
فِي " تَارِيخِهِ " قَالَ: وَظَهَرَ أَمْرُ رَجُلٍ يُعْرَفُ بِالْحَلَّاجِ يُقَالُ لَهُ: الْحُسَيْنُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَكَانَ فِي حَبْسِ السُّلْطَانِ بِسِعَايَةٍ وَقَعَتْ بِهِ، وَذَلِكَ فِي وِزَارَةِ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى الْأُولَى وَذُكِرَ عَنْهُ ضُرُوبٌ مِنَ الزَّنْدَقَةِ وَوَضْعِ الْحِيَلِ عَلَى تَضْلِيلِ النَّاسِ مِنْ جِهَاتٍ تُشْبِهُ الشَّعْوَذَةَ وَالسِّحْرَ وَادِّعَاءَ النُّبُوَّةِ فَكَشَفَهُ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى عِنْدَ قَبْضِهِ عَلَيْهِ وَانْتَهَى خَبَرُهُ إِلَى السُّلْطَانِ - يَعْنِي الْمُقْتَدِرَ بِاللَّهِ - فَلَمْ يُقِرَّ بِمَا رُمِيَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ فَعَاقَبَهُ وَصَلَبَهُ حَيًّا أَيَّامًا مُتَوَالِيَةً فِي رَحْبَةِ الْجِسْرِ فِي كُلِّ يَوْمٍ غُدْوَةً وَيُنَادَى عَلَيْهِ بِمَا ذُكِرَ عَنْهُ ثُمَّ يُنْزَلُ بِهِ ثُمَّ يُحْبَسُ فَأَقَامَ فِي الْحَبْسِ سِنِينَ كَثِيرَةً يُنْقَلُ مِنْ حَبْسٍ إِلَى حَبْسٍ حَتَّى حُبِسَ بِأَخَرَةٍ فِي دَارِ السُّلْطَانِ فَاسْتَغْوَى جَمَاعَةً مِنْ غِلْمَانِ السُّلْطَانِ وَمَوَّهَ عَلَيْهِمْ وَاسْتَمَالَهُمْ بِضُرُوبٍ مِنْ حِيَلِهِ حَتَّى صَارُوا يَحْمُونَهُ وَيَدْفَعُونَ عَنْهُ وَيُرَفِّهُونَهُ، ثُمَّ رَاسَلَ جَمَاعَةً مِنَ الْكُتَّابِ وَغَيْرِهِمْ بِبَغْدَادَ وَغَيْرِهَا فَاسْتَجَابُوا لَهُ وَتَراقَى بِهِ الْأَمْرُ حَتَّى ذُكِرَ أَنَّهُ ادَّعَى الرُّبُوبِيَّةَ وَسُعِيَ بِجَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ إِلَى السُّلْطَانِ فَقُبِضَ عَلَيْهِمْ وَوُجِدَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ كُتُبٌ تَدُلُّ عَلَى تَصْدِيقِ مَا ذُكِرَ عَنْهُ وَأَقَرَّ بَعْضُهُمْ بِلِسَانِهِ بِذَلِكَ وَانْتَشَرَ خَبَرُهُ وَتَكَلَّمَ النَّاسُ فِي قَتْلِهِ فَأَمَرَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِتَسْلِيمِهِ إِلَى حَامِدِ بْنِ الْعَبَّاسِ وَأَمَرَ أَنْ يَكْشِفَهُ بِحَضْرَةِ الْقُضَاةِ وَالْعُلَمَاءِ وَيَجْمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَصْحَابِهِ فَجَرَى فِي ذَلِكَ خُطُوبٌ طِوَالٌ، ثُمَّ اسْتَيْقَنَ السُّلْطَانُ أَمْرَهُ وَوَقَفَ عَلَى مَا ذُكِرَ لَهُ عَنْهُ، فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ وَإِحْرَاقِهِ بِالنَّارِ، فَأُحْضِرَ مَجْلِسَ الشُّرْطَةِ بِالْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ لِسَبْعٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ فَضُرِبَ بِالسِّيَاطِ نَحْوًا مِنْ أَلْفِ سَوْطٍ وَقُطِعَتْ يَدَاهُ
পৃষ্ঠা - ৯১২২
وَرِجْلَاهُ وَضُرِبَتْ عُنُقُهُ وَأُحْرِقَتْ جُثَّتُهُ بِالنَّارِ وَنُصِبَ رَأْسُهُ لِلنَّاسِ عَلَى سُورِ الْجِسْرِ الْجَدِيدِ وَعُلِّقَتْ يَدَاهُ وَرِجْلَاهُ إِلَى جَانِبِ رَأْسِهِ. وَقَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ السُّلَمِيُّ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْوَاعِظَ يَقُولُ: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الرَّازِيُّ: قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ مُمْشَاذٍ: حَضَرَ عِنْدَنَا بِالدِّينَوَرِ رَجُلٌ وَمَعَهُ مِخْلَاةٌ، فَمَا كَانَ يُفَارِقُهَا بِاللَّيْلِ وَلَا بِالنَّهَارِ، فَفَتَّشُوا الْمِخْلَاةَ فَوَجَدُوا فِيهَا كِتَابًا لِلْحَلَّاجِ عُنْوَانُهُ: مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ. فَبُعِثَ بِهِ إِلَى بَغْدَادَ فَسُئِلَ الْحَلَّاجُ عَنْ ذَلِكَ فَأَقَرَّ أَنَّهُ كَتَبَهُ فَقَالُوا لَهُ كُنْتَ تَدَّعِي النُّبُوَّةَ فَصِرْتَ تَدَّعِي الْأُلُوهِيَّةَ وَالرُّبُوبِيَّةَ؟! فَقَالَ: لَا وَلَكِنَّ هَذَا عَيْنُ الْجَمْعِ عِنْدَنَا، هَلِ الْكَاتِبُ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَا وَالْيَدُ آلَةٌ؟ فَقِيلَ لَهُ: مَعَكَ عَلَى ذَلِكَ أَحَدٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، ابْنُ عَطَاءٍ وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْجَرِيرِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ الشِّبْلِيُّ، فَسُئِلَ الْجَرِيرِيُّ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: مَنْ يَقُولُ بِهَذَا كَافِرٌ. وَسُئِلَ الشِّبْلِيُّ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ مَنْ يَقُولُ بِهَذَا يُمْنَعُ. وَسُئِلَ ابْنُ عَطَاءٍ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ بِقَوْلِ الْحَلَّاجِ فِي ذَلِكَ، فَعُوقِبَ حَتَّى كَانَ سَبَبَ هَلَاكِهِ. ثُمَّ رَوَى أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيِّ أنَّ الْوَزِيرَ حَامِدَ بْنَ الْعَبَّاسِ لَمَّا حَضَرَ الْحَلَّاجُ سَأَلَهُ عَنِ اعْتِقَادِهِ فَأَقَرَّ بِهِ فَكَتَبَهُ فَسَأَلَ عَنْ ذَلِكَ فُقَهَاءَ بَغْدَادَ فَأَنْكَرُوا ذَلِكَ، وَقِيلَ لِلْوَزِيرِ: إِنَّ أَبَا الْعَبَّاسِ بْنَ عَطَاءٍ يَقُولُ
পৃষ্ঠা - ৯১২৩
بِهَذَا. فَطَلَبَهُ إِلَى مَنْزِلِهِ، وَجَاءَ فَجَلَسَ فِي صَدْرِ الْمَجْلِسِ وَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: مَنْ لَا يَقُولُ بِهَذَا فَهُوَ بِلَا اعْتِقَادٍ. فَقَالَ لَهُ الْوَزِيرُ: وَيْحَكَ تُصَوِّبُ مِثْلَ هَذَا الِاعْتِقَادِ؟ فَقَالَ: مَا لَكَ وَلِهَذَا، عَلَيْكَ بِمَا نُصِّبْتَ لَهُ مَنْ أَخْذِ أَمْوَالِ النَّاسِ وَظُلْمِهِمْ وَقَتْلِهِمْ، فَمَا لَكَ وَلِكَلَامِ هَؤُلَاءِ السَّادَةِ؟ فَأَمَرَ الْوَزِيرُ بِضَرْبِ شِدْقَيْهِ وَنَزْعِ خُفَّيْهِ وَأَنْ يُضْرَبَ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ، فَمَا زَالَ يُفْعَلُ ذَلِكَ بِهِ حَتَّى سَالَ الدَّمُ مِنْ مَنْخَرَيْهِ وَأَمَرَ بِسَجْنِهِ، فَقِيلَ لَهُ: أَيُّهَا الْوَزِيرُ إِنَّ الْعَامَّةَ تَتَشَوَّشُ بِهَذَا. فَحُمِلَ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَقَالَ ابْنُ عَطَاءٍ: اللَّهُمَّ اقْتُلْهُ أَخْبَثَ قِتْلَةٍ وَاقْطَعْ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ. ثُمَّ مَاتَ ابْنُ عَطَاءٍ بَعْدَ سَبْعَةِ أَيَّامٍ، وَقُتِلَ الْوَزِيرُ بَعْدَ ذَلِكَ شَرَّ قِتْلَةٍ، وَقُطِعَتْ يَدَاهُ وَرِجْلَاهُ وَأَحْرِقَتْ دَارُهُ. وَقَدِ اتَّفَقَ عُلَمَاءُ بَغْدَادَ عَلَى كُفْرِ الْحَلَّاجِ وَزَنْدَقَتِهِ وَأَجْمَعُوا عَلَى قَتْلِهِ وَصَلْبِهِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ الظَّاهِرِيُّ: حِينَ أُحْضِرَ الْحَلَّاجُ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى قَبْلَ وَفَاةِ أَبِي بَكْرٍ هَذَا وَسُئِلَ عَنْهُ، فَقَالَ: إِنْ كَانَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَقًّا وَمَا جَاءَ بِهِ حَقًّا فَمَا يَقُولُهُ الْحَلَّاجُ بَاطِلٌ وَكَانَ شَدِيدًا عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصُّولِيُّ قَدْ رَأَيْتُ الْحَلَّاجَ وَخَاطَبْتُهُ فَرَأَيْتُهُ جَاهِلًا يَتَعَاقَلُ
পৃষ্ঠা - ৯১২৪
وَغَبِيًّا يَتَبَالَغُ وَفَاجِرًا يَتَعَبَّدُ. وَلَمَّا صُلِبَ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ وَنُودِيَ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ سَمِعَهُ بَعْضُهُمْ وَقَدْ جِيءَ بِهِ لِيُصْلَبَ وَهُوَ رَاكِبٌ عَلَى بَقَرَةٍ يَقُولُ: مَا أَنَا بِالْحَلَّاجِ وَلَكِنْ أُلْقِيَ عَلَيَّ شَبَهُهُ وَغَابَ. فَلَمَّا أُدْنِيَ إِلَى الْخَشَبَةِ لِيُصْلَبَ عَلَيْهَا سَمِعْتُهُ يَقُولُ: يَا مُعِينُ الضَّنَا عَلَيَّ أَعِنِّي عَلَى الضَّنَا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: سَمِعْتُهُ وَهُوَ مَصْلُوبٌ يَقُولُ: إِلَهِي أَصْبَحْتُ فِي دَارِ الرَّغَائِبِ أَنْظُرُ إِلَى الْعَجَائِبِ إِلَهِي إِنَّكَ تَتَوَدَّدُ إِلَى مَنْ يُؤْذِيكَ فَكَيْفَ بِمَنْ يُؤْذَى فِيكَ. [صِفَةُ مَقْتَلِ الْحَلَّاجِ] ذِكْرُ صِفَةِ مَقْتَلِ الْحَلَّاجِ قَالَ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ وَغَيْرُهُ: كَانَ الْحَلَّاجُ قَدْ قَدِمَ آخِرَ قَدْمَةٍ إِلَى بَغْدَادَ فَصَحِبَ الصُّوفِيَّةَ وَانْتَسَبَ إِلَيْهِمْ وَكَانَ الْوَزِيرَ إِذْ ذَاكَ حَامِدُ بْنُ الْعَبَّاسِ فَبَلَغَهُ أَنَّ الْحَلَّاجَ قَدْ أَضَلَّ خَلْقًا مِنَ الْحَشَمِ وَالْحُجَّابِ فِي دَارِ السُّلْطَانِ وَمِنْ غِلْمَانِ نَصْرٍ الْقُشُورِيِّ الْحَاجِبِ، وَجَعَلَ لَهُمْ فِي جُمْلَةِ مَا ادَّعَاهُ أَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّ الْجِنَّ يَخْدِمُونَهُ
পৃষ্ঠা - ৯১২৫
وَيُحْضِرُونَ لَهُ مَا يَخْتَارُهُ وَيَشْتَهِيهِ، وَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ أَحْيَا عِدَّةً مِنَ الطَّيْرِ. وَذُكِرَ لِعَلِيِّ بْنِ عِيسَى أَنَّ رَجُلًا يُقَالُ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْقُنَّائِيُّ الْكَاتِبُ يَعْبُدُ الْحَلَّاجَ وَيَدْعُو النَّاسَ إِلَى ذَلِكَ، فَطَلَبَهُ وَكَبَسَ مَنْزِلَهُ فَأَقَرَّ أَنَّهُ مِنْ أَصْحَابِ الْحَلَّاجِ وَوَجَدَ فِي مَنْزِلِهِ أَشْيَاءَ بِخَطِّ الْحَلَّاجِ مُكْتَتَبَةً بِمَاءِ الذَّهَبِ فِي وَرَقِ الْحَرِيرِ مُجَلَّدَةً بِأَفْخَرِ الْجُلُودِ، وَوَجَدَ عِنْدَهُ سَفَطًا فِيهِ مِنْ رَجِيعِ الْحَلَّاجِ وَبَوْلِهِ وَأَشْيَاءَ مِنْ آثَارِهِ وَبَقِيَّةِ خُبْزٍ مِنْ زَادِهِ، فَطَلَبَ الْوَزِيرُ مِنَ الْمُقْتَدِرِ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي أَمْرِ الْحَلَّاجِ فَفَوَّضَ أَمْرَهُ إِلَيْهِ فَاسْتَدْعَى بِجَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ الْحَلَّاجِ فَتَهَدَّدَهُمْ فَاعْتَرَفُوا لَهُ أَنَّهُ قَدْ صَحَّ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ إِلَهٌ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى، وَأَنَّهُمْ كَاشَفُوا الْحَلَّاجَ فَجَحَدَ ذَلِكَ وَكَذَّبَهُمْ، وَقَالَ: أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَدَّعِيَ الرُّبُوبِيَّةَ أَوِ النُّبُوَّةَ وَإِنَّمَا أَنَا رَجُلٌ أَعْبُدُ اللَّهَ وَأُكْثِرُ الصَّوْمَ وَالصَّلَاةَ وَفِعْلَ الْخَيْرِ، وَلَا أَعْرِفُ غَيْرَ ذَلِكَ. وَجَعَلَ لَا يَزِيدُ عَلَى الشَّهَادَتَيْنِ وَالتَّوْحِيدِ، وَيُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ: سُبْحَانَكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ عَمِلْتُ سُوءًا وَظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ. وَكَانَتْ عَلَيْهِ مِدْرَعَةٌ سَوْدَاءُ وَفِي رِجْلَيْهِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ قَيْدًا وَهِيَ وَاصِلَةٌ إِلَى رُكْبَتَيْهِ، وَكَانَ مَعَ ذَلِكَ يُصَلِّي فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ أَلْفَ رَكْعَةٍ. وَكَانَ قَبْلَ احْتِيَاطِ الْوَزِيرِ حَامِدِ بْنِ الْعَبَّاسِ عَلَيْهِ فِي حُجْرَةٍ مِنْ دَارِ نَصْرٍ الْقُشُورَيِّ الْحَاجِبِ مَأْذُونًا لِمَنْ يَدْخُلُ إِلَيْهِ، وَكَانَ يُسَمِّي نَفْسَهُ تَارَةً بِالْحُسَيْنِ بْنِ مَنْصُورٍ، وَتَارَةً مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ الْفَارِسِيَّ، وَكَانَ نَصْرٌ الْحَاجِبُ هَذَا قَدِ افْتُتِنَ بِهِ،
পৃষ্ঠা - ৯১২৬
وَظَنَّ أَنَّهُ رَجُلٌ صَالِحٌ وَكَانَ قَدْ أَدْخَلَهُ عَلَى الْمُقْتَدِرِ بِاللَّهِ فَرَقَاهُ مِنْ وَجَعٍ حَصَلَ فَاتَّفَقَ زَوَالُهُ، وَكَذَلِكَ وَقَعَ لِوَالِدَتِهِ السَّيِّدَةِ أُمِّ الْمُقْتَدِرِ بِاللَّهِ فَزَالَتْ عِلَّتُهَا فَنَفَقَ سُوقُهُ وَحَظِيَ فِي دَارِ السُّلْطَانِ، فَلَمَّا انْتَشَرَ الْكَلَامُ فِيهِ سُلِّمَ إِلَى الْوَزِيرِ حَامِدِ بْنِ الْعَبَّاسِ، فَحَبَسَهُ فِي قُيُودٍ كَثِيرَةٍ فِي رِجْلَيْهِ وَجَمَعَ لَهُ الْفُقَهَاءَ، فَأَجْمَعُوا عَلَى كُفْرِهِ وَزَنْدَقَتِهِ وَأَنَّهُ سَاحِرٌ مُمَخْرِقٌ، وَرَجَعَ عَنْهُ رَجُلَانِ صَالِحَانِ مِمَّنْ كَانَ اتَّبَعَهُ، أَحَدُهُمَا أَبُو عَلِيٍّ هَارُونُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْأُورَاجِيُّ، وَالْآخَرُ يُقَالُ لَهُ الدَّبَّاسُ فَذَكَرَا مِنْ فَضَائِحِهِ وَمَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ النَّاسَ مِنَ الْكَذِبِ وَالْفُجُورِ وَالْمَخْرَقَةِ وَالسِّحْرِ شَيْئًا كَثِيرًا، وَكَذَلِكَ أُحْضِرَتْ زَوْجَةُ ابْنِهِ سُلَيْمَانَ فَذَكَرَتْ عَنْهُ فَضَائِحَ كَثِيرَةً، مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَغْشَاهَا وَهِيَ نَائِمَةٌ، فَانْتَبَهَتْ، فَقَالَ: قُومِي إِلَى الصَّلَاةِ، وَإِنَّمَا كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَطَأَهَا وَأَمَرَتْهَا ابْنَتُهُ بِالسُّجُودِ لَهُ، فَقَالَتْ: أَوَيَسْجُدُ بِشَرٌ لِبَشَرٍ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، إِلَهٌ فِي السَّمَاءِ وَإِلَهٌ فِي الْأَرْضِ. ثُمَّ أَمَرَهَا أَنْ تَأْخُذَ مِنْ تَحْتِ بَارِيَةٍ هُنَالِكَ مَا أَحَبَّتْ، فَوَجَدَتْ تَحْتَهَا دَنَانِيرَ كَثِيرَةً مَبْدُورَةً. وَلَمَّا كَانَ مُعْتَقَلًا فِي دَارِ حَامِدِ بْنِ الْعَبَّاسِ دَخَلَ عَلَيْهِ بَعْضُ الْغِلْمَانِ وَمَعَهُ طَبَقُ فِيهِ طَعَامٌ لِيَأْكُلَ مِنْهُ، فَوَجَدَهُ قَدْ مَلَأَ الْبَيْتَ مِنْ سَقْفِهِ إِلَى أَرْضِهِ، فَذُعِرَ ذَلِكَ الْغُلَامُ، وَأَلْقَى مَا كَانَ فِي يَدِهِ مِنْ ذَلِكَ الطَّبَقِ وَالطَّعَامِ وَرَجَعَ مَحْمُومًا فَمَرِضَ عِدَّةَ أَيَّامٍ. وَلَمَّا كَانَ آخِرُ مَجْلِسٍ أُحْضِرَ الْقَاضِي أَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ وَجِيءَ بِالْحَلَّاجِ وَقَدْ أُحْضِرَ لَهُ كِتَابٌ مِنْ دُورِ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، وَفِيهِ: مَنْ أَرَادَ الْحَجَّ