আল বিদায়া ওয়া আন্নিহায়া

পৃষ্ঠা - ৮৮২৬
[سَنَةُ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ] [الْأَحْدَاثُ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا] ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ فِيهَا وَلَّى الْخَلِيفَةُ الْمُعْتَمِدُ عَلَى اللَّهِ لِيَعْقُوبَ بْنِ اللَّيْثِ بَلْخَ وَطَخَارِسْتَانَ وَمَا يَلِي ذَلِكَ مِنْ كَرْمَانَ وَسَجِسْتَانَ وَالسِّنْدِ وَغَيْرِهَا. وَفِي صَفَرٍ مِنْهَا عَقَدَ الْمُعْتَمِدُ لِأَخِيهِ أَبِي أَحْمَدَ عَلَى الْكُوفَةِ وَطَرِيقِ مَكَّةَ وَالْحَرَمَيْنِ وَالْيَمَنِ، وَأَضَافَ إِلَيْهِ فِي رَمَضَانَ نِيَابَةَ بَغْدَادَ وَالسَّوَادِ وَوَاسِطَ وَكُوَرِ دِجْلَةَ وَالْبَصْرَةِ وَالْأَهْوَازِ وَفَارِسَ، وَأَذِنَ لَهُ أَنْ يَسْتَنِيبَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ. وَفِيهَا تَوَاقَعَ سَعِيدٌ الْحَاجِبُ وَصَاحِبُ الزَّنْجِ فِي أَرَاضِي الْبَصْرَةِ فَهَزَمَهُ سَعِيدٌ الْحَاجِبُ وَاسْتَنْقَذَ مِنْ يَدِهِ خَلْقًا مِنَ النِّسَاءِ وَالذُّرِّيَّةِ، وَاسْتَرْجَعَ مِنْهُ أَمْوَالًا جَزِيلَةً، وَأَذَلَّ الزِّنْجَ غَايَةَ الْإِهَانَةِ وَالْمَذَلَّةِ. ثُمَّ إِنَّ الزِّنْجَ بَيَّتُوا سَعِيدًا وَجَيْشَهُ فَقَتَلُوا مِنْهُمْ خَلْقًا كَثِيرًا، وَيُقَالُ: إِنَّ سَعِيدَ بْنَ صَالِحٍ قُتِلَ أَيْضًا. ثُمَّ الْتَقَى مَعَ مَنْصُورِ بْنِ جَعْفَرٍ الْخَيَّاطِ فِي جَيْشٍ كَثِيفٍ، فَهَزَمَهُمْ هَذَا الْخَارِجِيُّ صَاحِبُ الزَّنْجِ الْمُدَّعِي أَنَّهُ طَالِبِيٌّ، وَهُوَ كَاذِبٌ. قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَفِيهَا ظُفِرَ بِبَغْدَادَ - بِمَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ: بِرْكَةُ زَلْزَلٍ - بِرَجُلٍ خَنَّاقٍ قَدْ قَتَلَ خَلْقًا مِنَ النِّسَاءِ، فَحُمِلَ إِلَى الْمُعْتَمِدِ فَضُرِبَ بَيْنَ يَدَيْهِ بِأَلْفَيْ سَوْطٍ
পৃষ্ঠা - ৮৮২৭
وَأَرْبَعِمِائَةِ أَرْزَنَ فَلَمْ يَمُتْ حَتَّى ضَرَبَ الْجَلَّادُونَ عَلَى أُنْثَيَيْهِ بِخَشَبِ الْعُقَابَيْنِ فَمَاتَ، وَرُدَّ إِلَى بَغْدَادَ وَصُلِبَ هُنَاكَ، ثُمَّ أُحْرِقَتْ جُثَّتَهُ. وَفِي لَيْلَةِ الرَّابِعَ عَشَرَ مِنْ شَوَّالٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ كَسَفَ الْقَمَرُ وَغَابَ أَكْثَرُهُ، وَفِي صَبِيحَةِ هَذَا الْيَوْمِ دَخَلَ جَيْشُ الْخَبِيثِ إِلَى الْبَصْرَةِ قَهْرًا، فَقَتَلُوا مِنْ أَهْلِهَا خَلْقًا كَثِيرًا وَهَرَبَ نَائِبُهَا بُغْرَاجُ وَمَنْ مَعَهُ، وَأَحْرَقَتِ الزِّنْجُ جَامِعَ الْبَصْرَةِ وَدُورًا كَثِيرَةً وَانْتَهَبُوهَا، ثُمَّ نَادَى فِيهِمْ إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَحْيَى الْمُهْلَّبِيُّ أَحَدُ أَصْحَابِ الْخَارِجِيِّ: مَنْ أَرَادَ الْأَمَانَ فَلْيَحْضُرْ. فَاجْتَمَعَ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِهَا، فَرَأَى أَنَّهُ قَدْ أَصَابَ فُرْصَةً فَغَدَرَ بِهِمْ وَأَمَرَ بِقَتْلِهِمْ، فَلَمْ يَفْلِتْ مِنْهُمْ إِلَّا الشَّاذُّ، كَانَتِ الزِّنْجُ تُحِيطُ بِالْجَمَاعَةِ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ ثُمَّ يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: كِيلُوا - وَهِيَ الْإِشَارَةُ بَيْنَهُمْ إِذَا أَرَادُوا قَتْلَ أَحَدٍ - فَيَحْمِلُونَ عَلَيْهِمْ بِالسُّيُوفِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا تَشَهُّدَ أُولَئِكَ وَضَجِيجَهُمْ عِنْدَ الْقَتْلِ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، وَهَكَذَا كُلُّ مَحَلَّةٍ مِنْ مَحَالِّ الْبَصْرَةِ فِي عِدَّةِ أَيَّامٍ، وَهَرَبَ النَّاسُ مِنْهُمْ كُلَّ مَهْرَبٍ، وَحَرَقُوا الْكَلَأَ مِنَ الْجَبَلِ إِلَى الْجَبَلِ، فَحَرَقَتِ النَّارُ مَا وَجَدَتْ مِنْ شَيْءٍ ; مِنْ إِنْسَانٍ أَوْ بَهِيمَةٍ أَوْ أَثَاثٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَأَحْرَقُوا الْمَسْجِدَ الْجَامِعَ أَيْضًا، وَقَدْ قُتِلَ فِي هَؤُلَاءِ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ مِنَ الْأَعْيَانِ وَالْأُدَبَاءِ وَالْفُضَلَاءِ وَالْمُحَدِّثِينَ وَالْعُلَمَاءِ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. وَكَانَ هَذَا الْخَبِيثُ قَدْ أَوْقَعَ بِأَهْلِ فَارِسَ وَقْعَةً عَظِيمَةً، ثُمَّ بَلَغَهُ أَنَّ أَهْلَ الْبَصْرَةِ قَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْمِيرَةِ شَيْءٌ كَثِيرٌ وَقَدِ اتَّسَعُوا بَعْدَ الضِّيقِ فَحَسَدَهُمْ عَلَى ذَلِكَ، فَرَوَى ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مَنْ سَمِعَهُ يَقُولُ: دَعَوْتُ اللَّهَ عَلَى أَهْلِ الْبَصْرَةِ فَخُوطِبْتُ فَقِيلَ
পৃষ্ঠা - ৮৮২৮
لِي: إِنَّمَا أَهْلُ الْبَصْرَةِ خُبْزَةٌ تَأْكُلُهَا مِنْ جَوَانِبِهَا، فَإِذَا انْكَسَرَ نِصْفُ الرَّغِيفِ خَرِبَتِ الْبَصْرَةُ. فَأَوَّلْتُ ذَلِكَ بِانْكِسَافِ الْقَمَرِ. وَقَدْ كَانَ هَذَا شَائِعًا فِي أَصْحَابِهِ حَتَّى وَقَعَ الْأَمْرُ طِبْقَ ذَلِكَ، وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا كَانَ مَعَهُ شَيْطَانٌ يُخَاطِبُهُ، كَمَا كَانَ يَأْتِي شَيْطَانُ مُسَيْلِمَةَ إِلَى مُسَيْلِمَةَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَلَمَّا أَوْقَعَ أَصْحَابُهُ مِنَ الزَّنْجِ وَغَيْرِهِمْ مَا أَوْقَعُوا بِأَهْلِ الْبَصْرَةِ قَالَ لِمَنْ مَعَهُ: إِنِّي صَبِيحَةَ ذَلِكَ الْيَوْمِ دَعَوْتُ اللَّهَ عَلَى أَهْلِ الْبَصْرَةِ فَرُفِعَتْ لِي بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَرَأَيْتُ أَهْلَهَا يُقَتَّلُونَ، وَرَأَيْتُ الْمَلَائِكَةَ تُقَاتِلُ مَعَ أَصْحَابِي، وَإِنِّي لَمَنْصُورٌ عَلَى النَّاسِ، وَالْمَلَائِكَةُ تُقَاتِلُ مَعِي، وَتُثَبِّتُ جُيُوشِي، وَتُؤَيِّدُنِي فِي حُرُوبِي. وَلَمَّا صَارَ إِلَيْهِ الْعَلَوِيَّةُ الَّذِينَ كَانُوا بِالْبَصْرَةِ انْتَسَبَ حِينَئِذٍ إِلَى يَحْيَى بْنِ زَيْدٍ، وَهُوَ كَاذِبٌ فِي ذَلِكَ بِالْإِجْمَاعِ ; لِأَنَّ يَحْيَى بْنَ زَيْدٍ لَمْ يُعْقِبْ إِلَّا بِنْتًا مَاتَتْ، وَهِيَ تَرْضَعُ، فَقَبَّحَ اللَّهُ هَذَا اللَّعِينَ، مَا أَكْذَبَهُ وَأَفْجَرَهُ وَأَغْدَرَهُ! وَفِي مُسْتَهَلِّ ذِي الْقَعْدَةِ وَجَّهَ الْخَلِيفَةُ مِنْ سَامَرَّا جَيْشًا كَثِيفًا مَعَ الْأَمِيرِ مُحَمَّدٍ الْمَعْرُوفِ بِالْمُوَلَّدِ لِقِتَالِ صَاحِبِ الزَّنْجِ فَقَبَضَ فِي طَرِيقِهِ عَلَى سَعِيدِ بْنِ أَحْمَدَ الْبَاهِلِيِّ الَّذِي كَانَ قَدْ تَغَلَّبَ عَلَى أَرْضِ الْبَطَائِحِ وَأَخَافَ السُّبُلَ. وَفِيهَا خَالَفَ مُحَمَّدُ بْنُ وَاصِلٍ السُّلْطَانَ بِأَرْضِ فَارِسَ وَتَغَلَّبَ عَلَيْهَا. وَفِيهَا وَثَبَ رَجُلٌ مِنَ الرُّومِ يُقَالُ لَهُ: بَسِيلُ الصَّقْلَبِيُّ. عَلَى مَلِكِ الرُّومِ مِيخَائِيلَ بْنِ تَوْفِيلَ، فَقَتَلَهُ وَاسْتَحْوَذَ عَلَى مَمْلَكَةِ الرُّومِ، وَقَدْ كَانَ لِمِيخَائِيلَ فِي
পৃষ্ঠা - ৮৮২৯
مُلْكِ الرُّومِ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً. وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ الْفَضْلُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْعَبَّاسِيُّ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ بْنِ يَزِيدَ. صَاحِبُ الْجُزْءِ الْمَشْهُورِ الْمَرْوِيِّ، وَقَدْ جَاوَزَ الْمِائَةَ بِعَشْرِ سِنِينَ، وَقِيلَ: بِسَبْعٍ. وَكَانَ لَهُ عَشَرَةٌ مِنَ الْوَلَدِ سَمَّاهُمْ بِأَسْمَاءِ الْعَشَرَةِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. وَقَدْ وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ، وَكَانَ يَتَرَدَّدُ إِلَى الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَكَانَ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ خَمْسِينَ وَمِائَةٍ، وَتُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ مِائَةٍ وَسَبْعِ سِنِينَ. زَيْدُ بْنُ أَخْزَمَ الطَّائِيُّ. وَالرُّؤَاسِيُّ، ذَبَحَهُمَا الزِّنْجُ فِي جُمْلَةِ مَنْ قَتَلُوا مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ كَمَا قَدَّمْنَا قِصَّتَهُمْ - قَبَّحَهُمُ اللَّهُ - وَمَا قَتَلُوا مِنَ الْمُسْلِمِينَ رَحِمَهُمُ
পৃষ্ঠা - ৮৮৩০
اللَّهُ. وَعَلِيُّ بْنُ خُشْرَمٍ، وَأَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ ; أَحَدُ مَشَايِخِ مُسْلِمٍ الَّذِينَ يُكْثِرُ عَنْهُمْ. وَالْعَبَّاسُ بْنُ الْفَرَجِ أَبُو الْفَضْلِ الرِّيَاشِيُّ، النَّحْوِيُّ اللُّغَوِيُّ، كَانَ عَالِمًا بِأَيَّامِ الْعَرَبِ وَالسِّيَرِ، وَكَانَ كَثِيرَ الِاطِّلَاعِ، ثِقَةً عَالِمًا، رَوَى عَنِ الْأَصْمَعِيِّ وَأَبِي عُبَيْدَةَ وَغَيْرِهِمَا، وَعَنْهُ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا وَغَيْرُهُمَا. قُتِلَ الرِّيَاشِيُّ بِالْبَصْرَةِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، قَتَلَهُ الزَّنْجُ فِيمَنْ قَتَلُوا، ذَكَرَهُ الْقَاضِي ابْنُ خَلِّكَانَ فِي " الْوَفَيَاتِ "، وَحَكَى عَنْهُ عَنِ الْأَصْمَعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: مَرَّ بِنَا أَعْرَابِيٌّ يَنْشُدُ ابْنَهُ، فَقُلْنَا لَهُ: صِفْهُ لَنَا. فَقَالَ: كَأَنَّهُ دُنَيْنِيرٌ. فَقُلْنَا: لَمْ نَرَهُ. فَلَمْ نَلْبَثْ أَنْ جَاءَ يَحْمِلُهُ عَلَى عُنُقِهِ أَسَيِّدًا كَأَنَّهُ جُعَلٌ. فَقُلْنَا: لَوْ سَأَلْتَنَا عَنْ هَذَا لَأَرْشَدْنَاكَ، إِنَّهُ مُنْذُ الْيَوْمِ يَلْعَبُ هَاهُنَا مَعَ الْغِلْمَانِ. ثُمَّ أَنْشَدَ الْأَصْمَعِيُّ: نِعْمَ ضَجِيعُ الْفَتَى إِذَا بَرَدَ الْ ... لَيْلُ سُحَيْرًا وَقَرْقَفَ الصَّرِدُ زَيَّنَهَا اللَّهُ فِي الْفُؤَادِ كَمَا ... زُيِّنَ فِي عَيْنِ وَالِدٍ وَلَدُ
পৃষ্ঠা - ৮৮৩১
[سَنَةُ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ] [مَا وَقَعَتْ فِيهَا مِنْ أَحْدَاثٍ] ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ فِي يَوْمِ الْإِثْنَيْنِ لِعَشْرٍ بَقِينَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ عَقَدَ الْخَلِيفَةُ الْمُعْتَمِدُ عَلَى اللَّهِ لِأَخِيهِ أَبِي أَحْمَدَ عَلَى دِيَارِ مُضَرَ وَقِنِّسْرِينَ وَالْعَوَاصِمِ وَجَلَسَ يَوْمَ الْخَمِيسِ مُسْتَهَلَّ رَبِيعٍ الْآخَرِ، فَخَلَعَ عَلَى أَخِيهِ وَعَلَى مُفْلِحٍ، وَرَكِبَا نَحْوَ الْبَصْرَةِ فِي جَيْشٍ كَثِيفٍ فِي عَدَدٍ وَعُدَدٍ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، فَقُتِلَ مُفْلِحٌ لِلنِّصْفِ مِنْ جُمَادَى الْأُولَى، أَصَابَهُ سَهْمٌ بِلَا نَصْلٍ فِي صَدْرِهِ، فَأَصْبَحَ مَيِّتًا، وَحُمِلَتْ جُثَّتُهُ إِلَى سَامَرَّا وَدُفِنَ بِهَا. وَفِيهَا أُسِرَ يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَحْرَانِيُّ ; أَحَدُ أُمَرَاءِ صَاحِبِ الزَّنْجِ الْكِبَارِ، وَحُمِلَ إِلَى سَامَرَّا، فَضُرِبَ بَيْنَ يَدِيِ الْمُعْتَمِدِ مِائَتَيْ سَوْطٍ، ثُمَّ قُطِعَتْ يَدَاهُ وَرِجْلَاهُ مِنْ خِلَافٍ، ثُمَّ خُبِطَ بِالسُّيُوفِ ثُمَّ ذُبِحَ ثُمَّ أُحْرِقَ، وَكَانَ الَّذِينَ أَسَرُوهُ جَيْشَ أَبِي أَحْمَدَ فِي وَقْعَةٍ هَائِلَةٍ مَعَ الزَّنْجِ، قَبَّحَهُمُ اللَّهُ. وَلَمَّا بَلَغَ خَبَرُهُ صَاحِبَ الزَّنْجِ أَسِفَ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: لَقَدْ خُوطِبْتُ فِيهِ، فَقِيلَ لِي: قَتْلُهُ كَانَ خَيْرًا لَكَ ; لِأَنَّهُ كَانَ شَرِهًا يُخْفِي مِنَ الْمَغَانِمِ خِيَارَهَا. وَقَدْ كَانَ هَذَا اللَّعِينُ - أَعْنِي صَاحِبَ الزَّنْجِ الْمُدَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ يَقُولُ لِأَصْحَابِهِ: لَقَدْ عُرِضَتْ عَلَيَّ النُّبُوَّةُ فَخِفْتُ أَنْ لَا أَقُومَ بِأَعْبَائِهَا، فَلَمْ أَقْبَلْهَا.
পৃষ্ঠা - ৮৮৩২
وَفِي رَبِيعٍ الْآخَرِ مِنْهَا وَصَلَ سَعِيدُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَاهِلِيُّ إِلَى بَابِ السُّلْطَانِ، فَضُرِبَ سَبْعَمِائَةِ سَوْطٍ حَتَّى مَاتَ، ثُمَّ صُلِبَ. وَفِيهَا قُتِلَ قَاضٍ وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ صَاحِبِ الزَّنْجِ عِنْدَ بَابِ الْعَامَّةِ بِسَامَرَّا. وَفِيهَا رَجَعَ مُحَمَّدُ بْنُ وَاصِلٍ إِلَى طَاعَةِ السُّلْطَانِ، وَحَمَلِ خَرَاجَ فَارِسَ وَتَمَهَّدَتِ الْأُمُورُ هُنَاكَ، وَاسْتَقَلَّتْ عَلَى السَّدَادِ. وَفِي أَوَاخِرِ رَجَبٍ كَانْتْ بَيْنَ أَبِي أَحْمَدَ وَبَيْنَ الزَّنْجِ وَقْعَةٌ هَائِلَةٌ، قُتِلَ فِيهَا خَلْقٌ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ، ثُمَّ اسْتَوْخَمَ أَبُو أَحْمَدَ مَنْزِلَهُ، فَتَحَيَّزَ إِلَى وَاسِطَ فَنَزَلهَا فِي أَوَائِلِ شَعْبَانَ، فَوَقَعَتْ هُنَاكَ زَلْزَلَةٌ شَدِيدَةٌ وَهَدَّةٌ عَظِيمَةٌ، تَهَدَّمَتْ بِسَبَبِ ذَلِكَ دُورٌ كَثِيرَةٌ، وَمَاتَ مِنَ النَّاسِ نَحْوٌ مَنْ عِشْرِينَ أَلْفًا. وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ وَقَعَ فِي النَّاسِ وَبَاءٌ شَدِيدٌ بِبَغْدَادَ وَسَامَرَّا وَوَاسِطَ وَغَيْرِهَا مِنَ الْبِلَادِ. وَحَصَلَ لِلنَّاسِ بِبَغْدَادَ دَاءٌ يُقَالُ لَهُ: الْقِفَاعُ. فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. وَفِي يَوْمِ الْخَمِيسِ لِسَبْعٍ خَلَوْنَ مِنْ رَمَضَانَ، أُخِذَ رَجُلٌ مِنْ بَابِ الْعَامَّةِ بِسَامَرَّا ذُكِرَ عَنْهُ أَنَّهُ يَسُبُّ السَّلَفَ، فَضُرِبَ أَلْفَ سَوْطٍ حَتَّى مَاتَ. وَفِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ ثَامِنِهِ تُوُفِّيَ الْأَمِيرُ يَارْجُوخُ، فَصَلَّى عَلَيْهِ أَخُو الْخَلِيفَةِ أَبُو عِيسَى وَحَضَرَهُ جَعْفَرُ بْنُ الْمُعْتَمِدِ عَلَى اللَّهِ. وَفِيهَا كَانَتْ وَقْعَةٌ هَائِلَةٌ بَيْنَ مُوسَى بْنِ بُغَا وَبَيْنَ أَصْحَابِ الْحَسَنِ بْنِ زَيْدٍ
পৃষ্ঠা - ৮৮৩৩
بِبِلَادِ خُرَاسَانَ فَهَزَمَهُمْ مُوسَى بْنُ بُغَا هَزِيمَةً فَظِيعَةً. وَفِيهَا كَانَتْ وَقْعَةٌ بَيْنَ مَسْرُورٍ الْبَلْخِيِّ وَبَيْنَ مَسَاوِرٍ الْخَارِجِيِّ، فَأَسَرَ مَسْرُورٌ مِنْ أَصْحَابِهِ جَمَاعَةً كَثِيرَةً. وَفِيهَا حَجَّ بِالنَّاسِ الْفَضْلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمُتَقَدِّمُ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: أَحْمَدُ بْنُ بُدَيْلٍ. وَأَحْمَدُ بْنُ حَفْصٍ. وَأَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ الْقَطَّانُ. وَأَحْمَدُ بْنُ الْفُرَاتِ. وَحَمِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ. وَمُحَمَّدُ بْنُ سَنْجَرَ، صَاحِبُ الْمُسْنَدِ. وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ. وَيَحْيَى بْنُ مُعَاذٍ الرَّازِيُّ.
পৃষ্ঠা - ৮৮৩৪
[سَنَةُ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ] [الْأَحْدَاثُ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا] ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ لِأَرْبَعٍ بَقِينَ مِنْ رَبِيعٍ الْآخَرِ رَجَعَ أَبُو أَحْمَدَ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ مِنْ وَاسِطَ إِلَى سَامَرَّا، وَقَدِ اسْتَخْلَفَ عَلَى حَرْبِ الْخَبِيثِ صَاحِبِ الزَّنْجِ مُحَمَّدًا الْمُلَقَّبَ بِالْمَوْلَّدِ، وَكَانَ شُجَاعًا شَهْمًا. وَفِيهَا بَعَثَ الْخَلِيفَةُ إِلَى كَنْجُورَ نَائِبِ الْكُوفَةِ جَمَاعَةً مِنَ الْقُوَّادِ فَذَبَحُوهُ، وَأَخَذُوا مَا كَانَ مَعَهُ مِنَ الْمَالِ، فَإِذَا هُوَ أَرْبَعُونَ أَلْفَ دِينَارٍ. وَفِيهَا تَغَلَّبَ رِجْلٌ جَمَّالٌ يُقَالُ لَهُ: شَرْكَبُ. عَلَى مَدِينَةِ مَرْوَ فَانْتَهَبَهَا مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ أَتْبَاعِهِ، وَتَفَاقَمَ أَمْرُهُ هُنَاكَ. وَلِثَلَاثَ عَشْرَةَ بَقِيَتْ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ تَوَجَّهَ مُوسَى بْنُ بُغَا الْكَبِيرُ مِنْ سَامَرَّا لِحَرْبِ الْخَبِيثِ، وَخَرَجَ الْخَلِيفَةُ الْمُعْتَمِدُ لِتَوْدِيعِهِ، وَخَلَعَ عَلَيْهِ عِنْدَ مُفَارَقَتِهِ لَهُ. وَخَرَجَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُفْلِحٍ إِلَى بِلَادِ الْأَهْوَازِ نَائِبًا عَلَيْهَا ; وَلِيَكُونَ عَوْنًا لِمُوسَى بْنِ بُغَا عَلَى حَرْبِ صَاحِبِ الزَّنْجِ الْخَبِيثِ، لَعَنَهُ اللَّهُ، فَهَزَمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُفْلِحٍ جَيْشًا لِلْخَبِيثِ، وَقَتَلَ مِنَ الزَّنْجِ خَلْقًا كَثِيرًا، وَأَسَرَ طَائِفَةً كَثِيرَةً مِنْهُمْ، وَأَرْعَبَهُمْ إِرْعَابًا بَلِيغًا بِحَيْثُ لَمْ يَتَجَاسَرُوا عَلَى مُوَافَقَتِهِ مَرَّةً ثَانِيَةً، وَقَدْ حَرَّضَهُمُ الْخَبِيثُ كُلَّ التَّحْرِيضِ فَلَمْ يَنْجَعْ ذَلِكَ فِيهِمْ.
পৃষ্ঠা - ৮৮৩৫
ثُمَّ تَوَاقَعَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُفْلِحٍ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبَانٍ الْمُهَلَّبِيُّ، وَهُوَ مُقَدَّمُ جُيُوشِ صَاحِبِ الزَّنْجِ فَجَرَتْ بَيْنَهُمَا حُرُوبٌ يَطُولُ شَرْحُهَا، ثُمَّ كَانَتِ الدَّائِرَةُ عَلَى الزَّنْجِ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ، فَرَجَعَ عَلِيُّ بْنُ أَبَانٍ إِلَى الْخَبِيثِ مَفْلُولًا مَقْهُورًا مَذْمُومًا مَدْحُورًا، وَبَعَثَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُفْلِحٍ بِالْأُسَارَى إِلَى سَامَرَّا، فَبَادَرَ إِلَيْهِمُ الْعَامَّةُ فَقَتَلُوا أَكْثَرَهُمْ، وَسَلَبُوهُمْ. وَفِيهَا تَدَنَّى مَلِكُ الرُّومِ - لَعَنَهُ اللَّهُ - إِلَى بِلَادِ سُمَيْسَاطَ ثُمَّ إِلَى مَلَطْيَةَ فَقَاتَلَهُ أَهْلُهَا فَهَزَمُوهُ، وَقَتَلُوا بِطْرِيقَ الْبَطَارِقَةِ الَّذِي كَانَ مَعَهُ، وَرَجَعَ إِلَى بِلَادِهِ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ. وَفِيهَا دَخَلَ يَعْقُوبُ بْنُ اللَّيْثِ إِلَى نَيْسَابُورَ فَظَفِرَ بِالْخَارِجِيِّ الَّذِي كَانَ بِهَرَاةَ يَنْتَحِلُ الْخِلَافَةَ مُنْذُ ثَلَاثِينَ سَنَةً، فَقَتَلَهُ، وَحُمِلَ رَأْسُهُ عَلَى رُمْحٍ، وَطِيفَ بِهِ فِي الْآفَاقِ وَالْأَقَالِيمِ، وَمَعَهُ رُقْعَةٌ مَكْتُوبٌ فِيهَا ذَلِكَ. وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ، أَبُو إِسْحَاقَ الْجُوزَجَانِيُّ، خَطِيبُ
পৃষ্ঠা - ৮৮৩৬
دِمَشْقَ وَإِمَامُهَا وَعَالِمُهَا، وَلَهُ الْمُصَنَّفَاتُ الْمَشْهُورَةُ الْمُفِيدَةُ، مِنْهَا الْمُتَرْجَمُ فِيهِ عُلُومٌ غَزِيرَةٌ وَفَوَائِدُ كَثِيرَةٌ. وَأَحْمَدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ السَّهْمِيُّ. وَحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ الشَّاعِرُ. وَمَحْمُودُ بْنُ آدَمَ.
পৃষ্ঠা - ৮৮৩৭
[سَنَةُ سِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ] [الْأَحْدَاثُ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا] ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ فِيهَا وَقَعَ غَلَاءٌ عَظِيمٌ بِبِلَادِ الْإِسْلَامِ كُلِّهَا حَتَّى أَجْلَى أَكْثَرَ أَهْلِ الْبُلْدَانِ مِنْهَا يَنْتَجِعُونَ غَيْرَهَا، وَلَمْ يَبْقَ بِمَكَّةَ أَحَدٌ مِنَ الْمُجَاوِرِينَ وَمَنْ يُشْبِهُهُمْ، حَتَّى ارْتَحَلُوا إِلَى الْمَدِينَةِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْبِلَادِ، وَخَرَجَ نَائِبُ مَكَّةَ مِنْهَا، وَبَلَغَ كُرُّ الشَّعِيرِ بِبَغْدَادَ مِائَةً وَعِشْرِينَ دِينَارًا، وَاسْتَمَرَّ ذَلِكَ شُهُورًا. وَفِيهَا قَتَلَ صَاحِبُ الزَّنْجِ الْمُسْتَحْوِذُ عَلَى الْبَصْرَةِ عَلِيَّ بْنَ زَيْدٍ صَاحِبَ الْكُوفَةِ. وَفِيهَا أَخَذَتِ الرُّومُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ حِصْنَ لُؤْلُؤَةَ. وَفِيهَا حَجَّ بِالنَّاسِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْمَذْكُورَ قَبْلَهَا. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرٍ. وَمَالِكُ بْنُ
পৃষ্ঠা - ৮৮৩৮
طَوْقٍ، الَّذِي تُنْسَبُ إِلَيْهِ رَحْبَةُ مَالِكِ بْنِ طَوْقٍ. وَحُنَيْنُ بْنُ إِسْحَاقَ الْعَبَّادِيُّ، الطَّبِيبُ الْمَشْهُورُ الَّذِي عَرَّبَ كِتَابَ إِقْلِيدِسَ، وَحَرَّرَهُ بَعْدَهُ ثَابِتُ بْنُ قُرَّةَ وَعَرَّبَ حُنَيْنٌ كِتَابَ " الْمَجَسْطِيِّ " أَيْضًا، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ كُتُبِ الطِّبِّ مِنْ لُغَةِ الْيُونَانِ إِلَى لُغَةِ الْعَرَبِ، وَكَانَ الْمَأْمُونُ شَدِيدَ الِاعْتِنَاءِ بِذَلِكَ جَدًّا، وَكَذَلِكَ جَعْفَرٌ الْبَرْمَكِيُّ قَبْلَهُ، وَلَحُنَيْنٍ مُصَنَّفَاتٌ كَثِيرَةٌ فِي الطِّبِّ، وَإِلَيْهِ تُنْسَبُ مَسَائِلُ حُنَيْنٍ وَكَانَ بَارِعًا فِي فَنِّهِ جِدًّا، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ لِسِتٍّ خَلَوْنَ مِنْ صَفَرٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ. قَالَهُ ابْنُ خَلِّكَانَ.
পৃষ্ঠা - ৮৮৩৯
[سَنَةُ إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ] [الْأَحْدَاثُ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا] ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ فِيهَا انْصَرَفَ الْحَسَنُ بْنُ زَيْدٍ مِنْ بِلَادِ الدَّيْلَمِ إِلَى طَبَرِسْتَانَ وَأَحْرَقَ مَدِينَةَ شَالُوسَ ; لِمُمَالَأَتِهِمْ يَعْقُوبَ بْنِ اللَّيْثِ عَلَيْهِ. وَفِيهَا قَتَلَ مَسَاوِرٌ الْخَارِجِيُّ يَحْيَى بْنَ حَفْصٍ الَّذِي كَانَ يَلِي طَرِيقَ خُرَاسَانَ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ، فَشَخَصَ إِلَيْهِ مَسْرُورٌ الْبَلْخِيُّ، ثُمَّ تَبِعَهُ أَبُو أَحْمَدَ ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ، فَتَنَحَّى مَسَاوِرٌ فَلَمْ يُلْحَقْ. وَفِيهَا كَانَتْ وَقْعَةٌ بَيْنَ ابْنِ وَاصِلٍ الَّذِي تَغَلَّبَ عَلَى فَارِسَ وَبَيْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُفْلِحٍ، فَكَسَرَهُ ابْنُ وَاصِلٍ وَأَسَرَهُ، وَقَتَلَ طَاشْتُمُرَ، وَاصْطَلَمَ الْجَيْشَ الَّذِي كَانَ مَعَهُمَا، فَلَمْ يُفْلِتْ مِنْهُمْ إِلَّا الْيَسِيرُ، ثُمَّ سَارَ ابْنُ وَاصِلٍ إِلَى وَاسِطَ يُرِيدُ حَرْبَ مُوسَى بْنِ بُغَا، فَرَجَعَ مُوسَى بْنُ بُغَا إِلَى بَابِ السُّلْطَانِ، وَسَأَلَ أَنْ يُعْفَى مِنْ نِيَابَةِ بِلَادِ الْمَشْرِقِ لِمَا رَأَى مِنْ كَثْرَةِ الْمُتَغَلِّبِينَ بِهَا، فَعُزِلَ عَنْهَا، وَوَلِيَ ذَلِكَ أَبُو أَحْمَدَ أَخُو الْخَلِيفَةِ الْمُعْتَمِدِ.
পৃষ্ঠা - ৮৮৪০
وَفِيهَا سَارَ أَبُو السَّاجِ لِحَرْبِ الزَّنْجِ فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، فَكَسَرَتْهُمُ الزَّنْجُ وَدَخَلُوا الْأَهْوَازَ، فَقَتَلُوا خَلْقًا كَثِيرًا مِنْ أَهْلِهَا وَحَرَّقُوا مَنَازِلَهُمْ، ثُمَّ صُرِفَ أَبُو السَّاجِ عَنْ نِيَابَةِ الْأَهْوَازِ وَحَرْبِ الزَّنْجِ، وَوَلِيَ ذَلِكَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سِيمَا. وَفِيهَا تَجَهَّزَ مَسْرُورٌ الْبَلْخِيُّ فِي جَيْشٍ لِقِتَالِ الزَّنْجِ أَيْضًا. وَفِيهَا وَلَّى الْخَلِيفَةُ نَصْرَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ أَسَدٍ السَّامَانِيَّ مَا وَرَاءَ نَهْرِ بَلْخَ وَكَتَبَ إِلَيْهِ بِذَلِكَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْهَا. وَفِي شَوَّالٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ قَصَدَ يَعْقُوبُ بْنُ اللَّيْثِ إِلَى ابْنِ وَاصِلٍ، فَالْتَقَيَا فِي ذِي الْقَعْدَةِ، فَهَزَمَهُ يَعْقُوبُ، وَفَلَّ عَسْكَرَهُ، وَأَسَرَ خَالَهُ، وَطَائِفَةً مِنْ حَرَمِهِ، وَأَخَذَ مِنْ أَمْوَالِهِ مَا قِيمَتُهُ أَرْبَعُونَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَقَتَلَ مَنْ كَانَ يُمَالِئُهُ وَيَنْصُرُهُ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْبِلَادِ، وأَطَّدَ تِلْكَ النَّاحِيَةَ، جَزَاهُ اللَّهُ خَيْرًا. وَلِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ شَوَّالٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ وَلَّى الْمُعْتَمِدُ عَلَى اللَّهِ وَلَدَهُ جَعْفَرًا الْعَهْدَ مِنْ بَعْدِهِ، وَسَمَّاهُ الْمُفَوِّضَ إِلَى اللَّهِ، وَوَلَّاهُ الْمَغْرِبَ وَضَمَّ إِلَيْهِ مُوسَى بْنَ بُغَا، وَوَلَّاهُ إِفْرِيقِيَّةَ، وَمِصْرَ، وَالشَّامَ، وَالْجَزِيرَةَ، وَالْمَوْصِلَ وَأَرْمِينِيَّةَ، وَطَرِيقَ خُرَاسَانَ وَغَيْرَ ذَلِكَ، وَجَعَلَ الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِ جَعْفَرٍ إِلَى أَبِي أَحْمَدَ ابْنِ الْمُتَوَكِّلِ، وَلَقَّبَهُ الْمُوَفَّقَ بِاللَّهِ، وَوَلَّاهُ الْمَشْرِقَ وَضَمَّ إِلَيْهِ مَسْرُورًا الْبَلْخِيَّ، وَوَلَّاهُ بَغْدَادَ وَالسَّوَادَ، وَالْكُوفَةَ، وَطَرِيقَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ، وَالْيَمَنَ، وَكَسْكَرَ، وَكُوَرَ دِجْلَةَ، وَالْأَهْوَازَ، وَفَارِسَ، وَأَصْبَهَانَ، وَقُمَّ، وَالْكَرْخَ، وَالدِّينَوَرَ، وَالرِّيَّ، وَزَنْجَانَ، وَالسِّنْدَ، وَكَتَبَ بِذَلِكَ مُكَاتَبَاتٍ وَقُرِئَتْ فِي الْآفَاقِ، وَعُلِّقَتْ مِنْهَا نُسْخَةٌ بِالْكَعْبَةِ الْمُعَظَّمَةِ.
পৃষ্ঠা - ৮৮৪১
وَفِيهَا حَجَّ بِالنَّاسِ الْفَضْلُ بْنُ إِسْحَاقَ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّهَاوِيُّ. وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ. وَالْحَسَنُ بْنُ أَبِي الشَّوَارِبِ بِمَكَّةَ. وَدَاودُ بْنُ الْقَاسِمِ الْجَعْفَرِيُّ. وَشُعَيْبُ بْنُ أَيُّوبَ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَاثِقِ، أَخُو الْمُهْتَدِي بِاللَّهِ. وَأَبُو شُعَيْبٍ السُّوسِيُّ. وَأَبُو يَزِيدَ الْبِسْطَامِيُّ، أَحَدُ أَئِمَّةِ الصُّوفِيَّةِ. وَعَلِيُّ بْنُ إِشْكَابَ. وَأَخُوهُ
পৃষ্ঠা - ৮৮৪২
مُحَمَّدٌ. وَمُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ. صَاحِبُ " الصَّحِيحِ "، رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى. وَهَذَا ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ أَخْبَارِ مُسْلِمِ بْنِ الْحَجَّاجِ عَلَى سَبِيلِ الِاخْتِصَارِ، رَحِمَهُ اللَّهُ، وَأَكْرَمَ مَثْوَاهُ هُوَ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ بْنِ مُسْلِمٍ، أَبُو الْحُسَيْنِ الْقُشَيْرِيُّ النَّيْسَابُورِيُّ، أَحَدُ الْأَئِمَّةِ مِنْ حُفَّاظِ الْحَدِيثِ، صَاحِبُ " الصَّحِيحِ " الَّذِي هُوَ تِلْوَ " الصَّحِيحِ " لِلْبُخَارِيِّ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، وَذَهَبَ الْمَغَارِبَةُ، وَأَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُورِيُّ شَيْخُ الْحَاكِمِ النَّيْسَابُورِيِّ مِنَ الْمَشَارِقَةِ إِلَى تَفْضِيلٍ " صَحِيحِ " مُسْلِمٍ عَلَى " صَحِيحِ " الْبُخَارِيِّ، فَإِنْ أَرَادُوا تَقْدِيمَهُ عَلَيْهِ فِي كَوْنِهِ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مِنَ التَّعْلِيقَاتِ إِلَّا الْقَلِيلَ، وَأَنَّهُ يَسُوقُ الْأَحَادِيثَ بِتَمَامِهَا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ، وَلَا يَقْطَعُهَا كَتَقْطِيعِ الْبُخَارِيِّ لَهَا فِي الْأَبْوَابِ، فَهَذَا الْقَدْرُ لَا يُوَازِي قُوَّةَ أَسَانِيدِ الْبُخَارِيِّ، وَاخْتِيَارَهُ فِي تَصْحِيحِ مَا أَوْرَدَهُ فِي " جَامِعِهِ " مُعَاصَرَةَ الرَّاوِي لِشَيْخِهِ وَسَمَاعَهُ مِنْهُ فِي الْجُمْلَةِ، فَإِنَّ مُسْلِمًا لَا يَشْتَرِطُ فِي كِتَابِهِ الشَّرْطَ الثَّانِيَ، كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ، وَقَدْ بَسَطْنَا ذَلِكَ فِي أَوَّلِ شَرْحِ " الْبُخَارِيِّ "، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ، فِي تَرْجَمَةِ الْإِمَامِ الْبُخَارِيِّ، رَحِمَهُ اللَّهُ.
পৃষ্ঠা - ৮৮৪৩
وَالْمَقْصُودُ الْآنَ أَنَّ مُسْلِمًا دَخَلَ إِلَى الْعِرَاقِ وَالْحِجَازِ وَالشَّامِ وَمِصْرَ، وَسَمِعَ مِنْ جَمَاعَةٍ كَثِيرِينَ قَدْ أَوْرَدَهُمْ شَيْخُنَا الْحَافِظُ الْمِزِّيُّ فِي " تَهْذِيبِهِ " مُرَتَّبَيْنَ عَلَى حُرُوفِ الْمُعْجَمِ. وَرَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ كَثِيرُونَ ; مِنْهُمُ التِّرْمِذِيُّ فِي " جَامِعِهِ " حَدِيثًا وَاحِدًا ; وَهُوَ حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَحْصُوا هِلَالَ شَعْبَانَ لِرَمَضَانَ» وَصَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ جَزَرَةُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ صَاعِدٍ، وَأَبُو عَوَانَةَ الْإِسْفَرَايِينِيُّ. وَقَالَ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوبَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نُعَيْمٍ الضَّبِّيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ سَلَمَةَ يَقُولُ: رَأَيْتُ أَبَا زُرْعَةَ وَأَبَا حَاتِمٍ يُقَدِّمَانِ مُسْلِمَ بْنَ الْحَجَّاجِ فِي مَعْرِفَةِ الصَّحِيحِ عَلَى مَشَايِخِ عَصْرِهِمَا. وَأَخْبَرَنِي ابْنُ يَعْقُوبَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نُعَيْمٍ، سَمِعْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْمَاسَرْجَسِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ مُسْلِمَ بْنَ الْحَجَّاجِ يَقُولُ: صَنَّفْتُ هَذَا " الْمُسْنَدَ الصَّحِيحَ " مِنْ ثَلَاثمِائَةِ أَلْفِ حَدِيثٍ مَسْمُوعَةٍ.
পৃষ্ঠা - ৮৮৪৪
وَرَوَى الْخَطِيبُ قَائِلًا: حَدَّثَنِي أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ السَّوْذَرْجَانِيُّ بِأَصْبَهَانَ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْدَهْ، سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ النَّيْسَابُورِيَّ يَقُولُ: مَا تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ أَصَحُّ مِنْ كِتَابِ مُسْلِمِ بْنِ الْحَجَّاجِ فِي عِلْمِ الْحَدِيثِ. وَقَدْ ذُكِرَ مُسْلِمٌ عِنْدَ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ، فَقَالَ بِالْعَجَمِيَّةِ مَا مَعْنَاهُ: أَيُّ رَجُلٍ كَانَ هَذَا؟ وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ لِمُسْلِمٍ: لَنْ نَعْدَمَ الْخَيْرَ مَا أَبْقَاكَ اللَّهُ لِلْمُسْلِمِينَ. وَقَدْ أَثْنَى عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْأَخْرَمُ: قَلَّ مَا يَفُوتُ الْبُخَارِيَّ وَمُسْلِمًا مِمَّا يَثْبُتُ فِي الْحَدِيثِ. وَرَوَى الْخَطِيبُ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَمْدَانَ الْحِيرِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنَ سَعِيدِ بْنِ عُقْدَةَ الْحَافِظَ عَنِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ، أَيُّهُمَا أَعْلَمُ؟ فَقَالَ: كَانَ الْبُخَارِيُّ عَالِمًا وَمُسْلِمٌ عَالِمًا. فَكَرَّرْتُ ذَلِكَ
পৃষ্ঠা - ৮৮৪৫
عَلَيْهِ مِرَارًا، وَهُوَ يَرُدُّ عَلَيَّ هَذَا الْجَوَابَ، ثُمَّ قَالَ لِي: يَا أَبَا عَمْرٍو، قَدْ يَقَعُ لِلْبُخَارِيِّ الْغَلَطُ فِي أَهْلِ الشَّامِ ; وَذَلِكَ أَنَّهُ أَخَذَ كُتُبَهُمْ فَنَظَرَ فِيهَا، فَرُبَّمَا ذَكَرَ الْوَاحِدَ مِنْهُمْ بِكُنْيَتِهِ، وَيَذُكُرُهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِاسْمِهِ، وَيُتَوَهَّمُ أَنَّهُمَا اثْنَانِ، فَأَمَّا مُسْلِمٌ فَقَلَّ مَا يَقَعُ لَهُ الْغَلَطُ لِأَنَّهُ كَتَبَ الْمَسَانِيدَ وَلَمْ يَكْتُبِ الْمَقَاطِيعَ وَالْمَرَاسِيلَ. قَالَ الْخَطِيبُ: إِنَّمَا قَفَا مُسْلِمٌ طَرِيقَ الْبُخَارِيِّ، وَنَظَرَ فِي عِلْمِهِ، وَحَذَا حَذْوَهُ، وَلَمَّا وَرَدَ الْبُخَارِيُّ نَيْسَابُورَ فِي آخِرِ أَمْرِهِ لَازَمَهُ مُسْلِمٌ، وَأَدَامَ الِاخْتِلَافَ إِلَيْهِ. وَقَدْ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَانَ الصَّيْرَفِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيَّ يَقُولُ: لَوْلَا الْبُخَارِيُّ لَمَا ذَهَبَ مُسْلِمٌ وَلَا جَاءَ. قَالَ الْخَطِيبُ: وَأَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ الْمُنْكَدِرِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنِي أَبُو نَصْرِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَرَّاقُ، سَمِعْتُ أَبَا حَامِدٍ أَحْمَدَ بْنَ حَمْدَانَ الْقَصَّارَ، سَمِعْتُ مُسْلِمَ بْنَ الْحَجَّاجِ، وَجَاءَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيِّ فَقَبَّلَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَقَالَ: دَعْنِي حَتَّى أُقَبِّلَ رِجْلَيْكَ يَا أُسْتَاذَ الْأُسْتَاذِينَ، وَسَيِّدَ الْمُحَدِّثِينَ، وَطَبِيبَ الْحَدِيثِ فِي عِلَلِهِ، حَدَّثَكَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ، حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ الْحَرَّانَيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كَفَّارَةِ الْمَجْلِسِ، فَمَا عِلَّتُهُ؟ فَقَالَ الْبُخَارِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ مَلِيحٌ، وَلَا أَعْلَمُ فِي الدُّنْيَا فِي هَذَا الْبَابِ غَيْرَ هَذَا
পৃষ্ঠা - ৮৮৪৬
الْحَدِيثِ، إِلَّا أَنَّهُ مَعْلُولٌ ; ثَنَا بِهِ مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَوْلَهُ، قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَهَذَا أَوْلَى ; فَإِنَّهُ لَا يُعْرَفُ لِمُوسَى بْنِ عَقَبَةَ سَمَاعٌ مَنْ سُهَيْلٍ. قُلْتُ: وَقَدْ أَفْرَدْتُ لِهَذَا الْحَدِيثِ جُزْءًا عَلَى حِدَةٍ، وَأَوْرَدْتُ فِيهِ طُرُقَهُ وَأَلْفَاظَهُ وَمَتْنَهُ وَعِلَلَهُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. قَالَ الْخَطِيبُ: وَقَدْ كَانَ مُسْلِمٌ يُنَاضِلُ عَنِ الْبُخَارِيِّ، رَحِمَهُمَا اللَّهُ. ثُمَّ ذَكَرَ مَا كَانَ وَقَعَ بَيْنَ الْبُخَارِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الذُّهْلِيِّ فِي مَسْأَلَةِ اللَّفْظِ بِالْقُرْآنِ فِي نَيْسَابُورَ وَكَيْفَ نُودِيَ عَلَى الْبُخَارِيِّ بِسَبَبِ ذَلِكَ بِنَيْسَابُورَ، وَأَنَ الذُّهْلِيَّ قَالَ يَوْمًا لِأَهْلِ مَجْلِسِهِ، وَفِيهِمْ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ: أَلَا مَنْ كَانَ يَقُولُ بِقَوْلِ الْبُخَارِيِّ فِي مَسْأَلَةِ اللَّفْظِ بِالْقُرْآنِ فَلْيَعْتَزِلْ مَجْلِسَنَا. فَنَهَضَ مُسْلِمٌ مِنْ فَوْرِهِ إِلَى مَنْزِلِهِ، وَجَمَعَ مَا كَانَ سَمِعَهُ مِنَ الذُّهْلِيِّ جَمِيعَهُ، وَأَرْسَلَ بِهِ إِلَيْهِ، وَتَرَكَ الرِّوَايَةَ عَنِ الذُّهْلِيِّ بِالْكُلِّيَّةِ، فَلَمْ يَرْوِ عَنْهُ شَيْئًا لَا فِي " صَحِيحِهِ "، وَلَا فِي غَيْرِهِ وَاسْتَحْكَمَتِ الْوَحْشَةُ بَيْنَهُمَا. هَذَا وَلَمْ يَتْرُكِ الْبُخَارِيُّ مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى الذُّهْلِيَّ، بَلْ رَوَى عَنْهُ فِي " صَحِيحِهِ " وَغَيْرِهِ وَعَذَرَهُ، رَحِمَهُ اللَّهُ. وَقَدْ ذَكَرَ الْخَطِيبُ سَبَبَ مَوْتِ مُسْلِمٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ عُقِدَ لَهُ مَجْلِسٌ لِلْمُذَاكَرَةِ، فَسُئِلَ يَوْمًا عَنْ حَدِيثٍ لَمْ يَعْرِفْهُ، فَانْصَرَفَ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَأَوْقَدَ السِّرَاجَ، وَقَالَ لِأَهْلِهِ: لَا يَدْخُلْ أَحَدٌ اللَّيْلَةَ عَلَيَّ. وَقَدْ أُهْدِيَتْ لَهُ سَلَّةٌ مِنْ تَمْرٍ فَهِيَ عِنْدُهُ ; يَأْكُلُ مِنْهَا تَمْرَةً وَيَكْشِفُ حَدِيثًا، ثُمَّ يَأْكُلُ أُخْرَى، وَيَكْشِفُ آخَرَ، وَلَمَ