আল বিদায়া ওয়া আন্নিহায়া

পৃষ্ঠা - ১১৬৯৮
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ] [الْأَحْدَاثُ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا] اسْتَهَلَّتْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْحُكَّامُ، وَالْخَلِيفَةُ، وَالسُّلْطَانُ، وَالنُّوَّابُ، وَالْقُضَاةُ، وَالْمُبَاشِرُونَ، هُمُ الْمَذْكُورُونَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا، سِوَى الْحَنْبَلِيِّ كَمَا تَقَدَّمَ. وَفِي الْعَشْرِ مِنَ الْمُحَرَّمِ دَخَلَ مِصْرَ أَرْغُوَنُ نَائِبُ مِصْرَ، فَمُسِكَ فِي حَادِيَ عَشَرَهُ، فَحُبِسَ أَيَّامًا ثُمَّ أُطْلِقَ، وَبَعَثَهُ السُّلْطَانُ إِلَى حَلَبَ نَائِبًا، فَاجْتَازَ بِدِمَشْقَ بُكْرَةَ الْجُمُعَةِ ثَانِي عِشْرِينَ الْمُحَرَّمِ، فَأَنْزَلَهُ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ بِدَارِهِ الْمُجَاوِرَةِ لِجَامِعِهِ، فَبَاتَ بِهَا لَيْلَةً، ثُمَّ سَافَرَ إِلَى حَلَبَ، وَقَدْ كَانَ قَبْلَهُ بِيَوْمٍ قَدْ سَافَرَ مِنْ دِمَشْقَ أُلْجَايْ الدَّوَادَارُ إِلَى مِصْرَ، وَفِي صُحْبَتِهِ نَائِبُ حَلَبَ عَلَاءُ الدِّينِ أَلْطُنْبُغَا مَعْزُولًا عَنْهَا إِلَى حُجُوبِيَّةِ الْحُجَّابِ بِمِصْرَ. وَفِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ تَاسِعَ عَشَرَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ قُرِئَ تَقْلِيدُ قَاضِي قُضَاةِ الْحَنَابِلَةِ عِزِّ الدِّينِ مُحَمَّدِ بْنِ التَّقِيِّ سُلَيْمَانَ بْنِ حَمْزَةَ الْمَقْدِسِيِّ، عِوَضًا عَنِ ابْنِ مُسَلَّمٍ، بِمَقْصُورَةِ الْخَطَابَةِ بِحَضْرَةِ الْقُضَاةِ وَالْأَعْيَانِ، وَحَكَمَ، وَقُرِئَ قَبْلَ ذَلِكَ بِالصَّالِحِيَّةِ. وَفِي أَوَاخِرِ هَذَا الشَّهْرِ وَصَلَ الْبَرِيدُ بِتَوْلِيَةِ ابْنِ النَّقِيبِ الْحَاكِمِ بِحِمْصَ قَضَاءَ الْقُضَاةِ بِطَرَابُلُسَ، وَنُقِلَ الَّذِي بِهَا إِلَى حِمْصَ نَائِبًا عَنْ قَاضِي دِمَشْقَ، وَهُوَ نَاصِرُ ابْنُ مَحْمُودٍ الزُّرَعِيُّ.
পৃষ্ঠা - ১১৬৯৯
وَفِي سَادِسِ عِشْرِينَ رَبِيعٍ الْآخِرِ عَادَ تَنْكِزُ مِنْ مِصْرَ إِلَى الشَّامِ، وَقَدْ حَصَلَ لَهُ تَكْرِيمٌ مِنَ السُّلْطَانِ. وَفِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ حَصَلَتْ زَلْزَلَةٌ بِالشَّامِ وَقَى اللَّهُ شَرَّهَا. وَفِي يَوْمِ الْخَمِيسِ مُسْتَهَلِّ جُمَادَى الْأُولَى بَاشَرَ نِيَابَةَ الْحَنْبَلِيِّ الْقَاضِي بُرْهَانُ الدِّينِ الزُّرَعِيُّ، وَحَضَرَ عِنْدَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْقُضَاةِ. وَفِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ مُنْتَصَفِ جُمَادَى الْآخِرَةِ جَاءَ الْبَرِيدُ بِطَلَبِ الْقَاضِي الْقَزْوِينِيِّ الشَّافِعِيِّ إِلَى مِصْرَ، فَدَخَلَهَا فِي مُسْتَهَلِّ رَجَبٍ، فَخُلِعَ عَلَيْهِ بِقَضَاءِ قُضَاةِ مِصْرَ، مَعَ تَدْرِيسِ النَّاصِرِيَّةِ، وَالصَّالِحِيَّةِ، وَدَارِ الْحَدِيثِ الْكَامِلِيَّةِ، عِوَضًا عَنْ بَدْرِ الدِّينِ بْنِ جَمَاعَةَ لِأَجْلِ كِبَرِ سِنِّهِ، وَضَعْفِ نَفْسِهِ، وَضَرَرِ عَيْنَيْهِ، فَجَبَرُوا خَاطِرَهُ، فَرُتِّبَ لَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةُ أَرَادِبَّ قَمْحٍ فِي الشَّهْرِ، مَعَ تَدْرِيسِ زَاوِيَةِ الشَّافِعِيِّ، وَأُرْسِلَ وَلَدُهُ بَدْرُ الدِّينِ بْنُ الْقَزْوِينِيِّ إِلَى دِمَشْقَ خَطِيبًا بِالْأُمَوِيِّ، وَعَلَى تَدْرِيسِ الشَّامِيَّةِ الْجَوَّانِيَّةِ، عَلَى قَاعِدَةِ وَالِدِهِ جَلَالِ الدِّينِ الْقَزْوِينِيِّ فِي ذَلِكَ، فَخُلِعَ عَلَيْهِ فِي أَوَاخِرِ رَجَبٍ ثَامِنِ عِشْرِينِهِ، وَحَضَرَ عِنْدَهُ الْأَعْيَانُ. وَفِي رَجَبٍ كَانَ عُرْسُ الْأَمِيرِ سَيْفِ الدِّينِ قَوْصُونَ السَّاقِي النَّاصِرِيِّ عَلَى بِنْتِ السُّلْطَانِ، وَقَدْ كَانَ وَقْتًا مَشْهُودًا، خُلِعَ عَلَى الْأُمَرَاءِ وَالْأَكَابِرِ، وَفِي صَبِيحَةِ هَذِهِ اللَّيْلَةِ عُقِدَ عَقْدُ الْأَمِيرِ شِهَابِ الدِّينِ أَحْمَدَ بْنِ الْأَمِيرِ بَكْتَمُرَ السَّاقِي عَلَى بِنْتِ تَنْكِزَ نَائِبِ الشَّامِ، وَكَانَ السُّلْطَانُ وَكِيلَ أَبِيهَا تَنْكِزَ، وَالْعَاقِدُ
পৃষ্ঠা - ১১৭০০
ابْنَ الْحَرِيرِيِّ، وَخُلِعَ عَلَيْهِ، وَأُدْخِلَتْ عَلَيْهِ فِي ذِي الْحِجَّةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ فِي كُلْفَةٍ كَثِيرَةٍ. وَفِي رَجَبٍ جَرَتْ فِتْنَةٌ كَبِيرَةٌ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ، وَذَلِكَ فِي سَابِعِ رَجَبٍ، وَذَلِكَ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَدْ تَخَاصَمَ هُوَ وَرَجُلٌ مِنَ الْفِرَنْجِ عَلَى بَابِ الْبَحْرِ، فَضَرَبَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ بِنَعْلٍ، فَرُفِعَ الْأَمْرُ إِلَى الْوَالِي، فَأَمَرَ بِغَلْقِ بَابِ الْبَلَدِ بَعْدَ الْعَصْرِ، فَقَالَ لَهُ النَّاسُ: إِنَّ لَنَا أَمْوَالًا وَعَبِيدًا خَارِجَ الْبَلَدِ، وَقَدْ أَغْلَقْتَ الْبَابَ قَبْلَ وَقْتِهِ، فَفَتَحَهُ، فَخَرَجَ النَّاسُ فِي زَحْمَةٍ عَظِيمَةٍ، فَقُتِلَ مِنْهُمْ نَحْوُ عَشَرَةٍ، وَنُهِبَتْ عَمَائِمُ، وَثِيَابٌ، وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَكَانَ ذَلِكَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ ذَهَبُوا إِلَى دَارِ الْوَالِي فَأَحْرَقُوهَا، وَثَلَاثَ دُورٍ لِبَعْضِ الظَّلَمَةِ، وَجَرَتْ أَحْوَالٌ صَعْبَةٌ، وَنُهِبَتْ أَمَاكِنُ، وَكَسَرَتِ الْعَامَّةُ بَابَ سِجْنِ الْوَالِي فَخَرَجَ مِنْهُ مَنْ فِيهِ، فَبَلَغَ نَائِبَ السَّلْطَنَةِ، فَاعْتَقَدَ النَّائِبُ أَنَّهُ السِّجْنُ الَّذِي فِيهِ الْأُمَرَاءُ، فَأَمَرَ بِوَضْعِ السَّيْفِ فِي الْبَلَدِ وَتَخْرِيبِهِ، ثُمَّ إِنَّ الْخَبَرَ بَلَغَ السُّلْطَانَ، فَأَرْسَلَ الْوَزِيرَ طَيْبُغَا الْجَمَّالِيَّ سَرِيعًا، فَوَصَلَ بَعْدَ يَوْمَيْنِ، فَضَرَبَ وَصَادَرَ، وَضَرَبَ الْقَاضِي وَنَائِبَهُ، وَعَزَلَهُمْ، وَأَهَانَ خَلْقًا مِنَ الْأَكَابِرِ، وَصَادَرَهُمْ بِأَمْوَالٍ كَثِيرَةٍ جِدًّا، وَعُزِلَ الْمُتَوَلِّي ثُمَّ أُعِيدَ، ثُمَّ تَوَلَّى الْقَضَاءَ بِهَا عَلَمُ الدِّينِ الْأَخْنَائِيُّ الشَّافِعِيُّ الَّذِي تَوَلَّى دِمَشْقَ فِيمَا بَعْدُ، وَعُزِلَ قَاضِي الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ الْمَالِكِيُّ وَنَائِبَاهُ، وَوُضِعَتِ السَّلَاسِلُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُهِينُوا، وَضُرِبَ ابْنُ التِّنِّيسِيِّ غَيْرَ مَرَّةٍ.
পৃষ্ঠা - ১১৭০১
وَفِي يَوْمِ السَّبْتِ عِشْرِينَ شَعْبَانَ وَصَلَ إِلَى دِمَشْقَ قَاضِي قُضَاةِ حَلَبَ كَمَالُ الدِّينِ بْنُ الزَّمْلَكَانِيِّ عَلَى الْبَرِيدِ، فَأَقَامَ بِدِمَشْقَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ سَارَ إِلَى مِصْرَ لِيَتَوَلَّى قَضَاءَ قُضَاةِ الشَّامِ بِحَضْرَةِ السُّلْطَانِ، فَاتَّفَقَ مَوْتُهُ قَبْلَ وُصُولِهِ إِلَى الْقَاهِرَةِ: {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ} [سبأ: 54] . وَفِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ سَادِسِ عِشْرِينَ شَعْبَانَ بَاشَرَ صَدْرُ الدِّينِ الْمَالِكِيُّ مَشْيَخَةَ الشُّيُوخِ مُضَافًا إِلَى قَضَاءِ قُضَاةِ الْمَالِكِيَّةِ، وَحَضَرَ النَّاسُ عِنْدَهُ، وَقُرِئَ تَقْلِيدُهُ بِذَلِكَ بَعْدَ انْفِصَالِ الزُّرَعِيِّ عَنْهَا إِلَى مِصْرَ. وَفِي نِصْفِ رَمَضَانَ وَصَلَ قَاضِي الْحَنَفِيَّةِ بِدِمَشْقَ لِقَضَاءِ الْقُضَاةِ عِمَادُ الدِّينِ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ الطَّرَسُوسِيُّ، الَّذِي كَانَ نَائِبًا لِقَاضِي الْقُضَاةِ صَدْرِ الدِّينِ عَلِيٍّ الْبُصْرَوِيِّ، فَخَلَفَهُ بَعْدَهُ بِالْمَنْصِبِ، وَقُرِئَ تَقْلِيدُهُ بِالْجَامِعِ، وَخُلِعَ عَلَيْهِ، وَبَاشَرَ الْحُكْمَ، وَاسْتَنَابَ الْقَاضِي عِمَادَ الدِّينِ ابْنَ الْعِزِّ، وَدَرَّسَ بِالنُّورِيَّةِ مَعَ الْقَضَاءِ، وَشُكِرَتْ سِيرَتُهُ. وَفِي رَمَضَانَ قَدِمَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأُسَارَى مَعَ تُجَّارِ الْفِرَنْجِ، فَأُنْزِلُوا بِالْمَدْرَسَةِ الْعَادِلِيَّةِ الْكَبِيرَةِ، وَاسْتَفَكُّوا مِنْ دِيوَانِ الْأَسْرَى بِنَحْوٍ مَنْ سِتِّينَ أَلْفًا، وَكَثُرَتِ الْأَدْعِيَةُ لِمَنْ كَانَ السَّبَبَ فِي ذَلِكَ. وَفِي ثَامِنِ شَوَّالٍ خَرَجَ الرَّكْبُ الشَّامِيُّ إِلَى الْحِجَازِ، وَأَمِيرُهُ سَيْفُ الدِّينِ بَلَبَانُ الْمُحَمَّدِيُّ، وَقَاضِيهِ بَدْرُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قَاضِي حَرَّانَ.
পৃষ্ঠা - ১১৭০২
وَفِي شَوَّالٍ وَصَلَ تَقْلِيدُ قَضَاءِ الشَّافِعِيَّةِ بِدِمَشْقَ لِبَدْرِ الدِّينِ ابْنِ قَاضِي الْقُضَاةِ عِزِّ الدِّينِ بْنِ الصَّائِغِ، وَالْخِلْعَةُ مَعَهُ، فَامْتَنَعَ مِنْ قَبُولِ ذَلِكَ أَشَدَّ الِامْتِنَاعِ، وَصَمَّمَ، وَأَلَحَّ عَلَيْهِ الدَّوْلَةُ فَلَمْ يَقْبَلْ، وَكَثُرَ بُكَاؤُهُ، وَتَغَيَّرَ مِزَاجُهُ وَاغْتَاظَ، فَلَمَّا أَصَرَّ عَلَى ذَلِكَ رَاجَعَ تَنْكِزُ السُّلْطَانَ فِي ذَلِكَ، فَلَمَّا كَانَ شَهْرُ ذِي الْقَعْدَةِ اشْتَهَرَ تَوْلِيَةُ عَلَاءِ الدِّينِ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْقُونَوِيِّ قَضَاءَ الشَّامِ، فَسَارَ إِلَيْهَا مِنْ مِصْرَ، وَزَارَ الْقُدْسَ، وَدَخَلَ دِمَشْقَ بُكْرَةَ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ، فَاجْتَمَعَ بِنَائِبِ السَّلْطَنَةِ بِدَارِ السَّعَادَةِ، وَلَبِسَ الْخِلْعَةَ مِنْ هُنَالِكَ، وَرَكِبَ مَعَهُ الْحُجَّابُ وَالدَّوْلَةُ إِلَى الْعَادِلِيَّةِ، فَقُرِئَ تَقْلِيدُهُ بِهَا، وَحَكَمَ بِهَا عَلَى الْعَادَةِ، وَفَرِحَ النَّاسُ بِهِ وَبِحُسْنِ سَمْتِهِ، وَطِيبِ لَفْظِهِ، وَمَلَاحَةِ شَمَائِلِهِ، وَتَوَدُّدِهِ، وَوَلِيَ بَعْدَهُ مَشْيَخَةَ الشُّيُوخِ بِدِيَارِ مِصْرَ الشَّيْخُ مَجْدُ الدِّينِ الْأَقْصُرَائِيُّ الصُّوفِيُّ شَيْخُ سِرْيَاقُوسَ. وَفِي يَوْمِ السَّبْتِ ثَالِثِ عِشْرِينَ ذِي الْقَعْدَةِ لَبِسَ الْقَاضِي مُحْيِي الدِّينِ بْنُ فَضْلِ اللَّهِ الْخِلْعَةَ بِكِتَابَةِ السِّرِّ عِوَضًا عَنْ شَمْسِ الدِّينِ بْنِ الشِّهَابِ مَحْمُودٍ، وَاسْتَمَرَّ وَلَدُهُ شَرَفُ الدِّينِ فِي كِتَابَةِ الدَّسْتِ. وَفِي هَذِهِ الْمُدَّةِ تَوَلَّى قَضَاءَ حَلَبَ
পৃষ্ঠা - ১১৭০৩
عِوَضًا عَنِ ابْنِ الزَّمْلَكَانِيِّ الْقَاضِي فَخْرُ الدِّينِ بْنُ الْبَارِزِيِّ. وَفِي الْعَشْرِ الْأُوَلِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ كَمَلَ تَرْخِيمُ الْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ - أَعْنِي: حَائِطَهُ الشَّمَالِيَّ - وَجَاءَ تَنْكِزُ حَتَّى نَظَرَ إِلَيْهِ فَأَعْجَبَهُ ذَلِكَ، وَشَكَرَ نَاظِرَهُ تَقِيَّ الدِّينِ بْنَ مَرَاجِلَ. وَفِي يَوْمِ الْأَضْحَى جَاءَ سَيْلٌ عَظِيمٌ إِلَى مَدِينَةِ بُلْبَيْسَ، فَهَرَبَ أَهْلُهَا مِنْهَا، وَتَعَطَّلَتِ الصَّلَاةُ وَالْأَضَاحِي فِيهَا، وَلَمْ يُرَ مِثْلُهُ مِنْ سِنِينَ مُتَطَاوِلَةٍ، وَخَرَّبَ شَيْئًا كَثِيرًا مِنْ حَوَاصِلِهَا وَبَسَاتِينِهَا، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: الْأَمِيرُ أَبُو يَحْيَى زَكَرِيَّا بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَبِي حَفْصٍ الْهِنْتَاتِيُّ اللِّحْيَانِيُّ الْمَغْرِبِيُّ، أَمِيرُ بِلَادِ الْمَغْرِبِ، وُلِدَ بِتُونُسَ قَبْلَ سَنَةِ خَمْسِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَقَرَأَ الْفِقْهَ وَالْعَرَبِيَّةَ، وَكَانَ مُلُوكُ تُونُسَ تُعَظِّمُهُ وَتُكْرِمُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَيْتِ الْمُلْكِ وَالْإِمْرَةِ وَالْوِزَارَةِ، ثُمَّ بَايَعَهُ أَهْلُ تُونُسَ عَلَى الْمُلْكِ فِي سَنَةِ
পৃষ্ঠা - ১১৭০৪
إِحْدَى عَشْرَةَ وَسَبْعِمِائَةٍ، وَكَانَ شُجَاعًا مِقْدَامًا، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ أَبْطَلَ ذِكْرَ ابْنِ التُّومَرْتِ مِنَ الْخُطْبَةِ، مَعَ أَنَّ جَدَّهُ أَبَا حَفْصٍ الْهِنْتَاتِيَّ كَانَ مِنْ أَخَصِّ أَصْحَابِ ابْنِ التُّومَرْتِ، تُوُفِّيَ فِي الْمُحَرَّمِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ بِمَدِينَةِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ، رَحِمَهُ اللَّهُ. الشَّيْخُ الصَّالِحُ الْعَابِدُ النَّاسِكُ ضِيَاءُ الدِّينِ أَبُو الْفِدَاءِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عِزِّ الدِّينِ عُمَرَ بْنِ رَضِيِّ الدِّينِ أَبِي الْفَضْلِ الْمُسَلَّمِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ نَصْرٍ الدِّمَشْقِيُّ، الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْحَمَوِيِّ، كَانَ هُوَ وَأَبُوهُ وَجَدُّهُ مِنَ الْكُتَّابِ الْمَشْهُورِينَ الْمَشْكُورِينَ، وَكَانَ هُوَ كَثِيرَ التِّلَاوَةِ، وَالصَّلَاةِ، وَالصِّيَامِ، وَالْبِرِّ، وَالصَّدَقَةِ، وَالْإِحْسَانِ إِلَى الْفُقَرَاءِ وَالْأَغْنِيَاءِ، وُلِدَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ الْكَثِيرَ، وَخَرَّجَ لَهُ الْبِرْزَالِيُّ مَشْيَخَةً سَمِعْنَاهَا عَلَيْهِ، وَكَانَ مِنْ صُدُورِ أَهْلِ دِمَشْقَ، تُوُفِّيَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ رَابِعَ عَشَرَ صَفَرٍ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ ضَحْوَةَ يَوْمِ السَّبْتِ، وَدُفِنَ بِبَابِ الصَّغِيرِ، وَحَجَّ وَجَاوَرَ وَأَقَامَ بِالْقُدْسِ مُدَّةً، مَاتَ وَلَهُ ثِنْتَانِ وَتِسْعُونَ سَنَةً، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ وَالِدَهُ حِينَ وُلِدَ لَهُ، فَتَحَ الْمُصْحَفَ يَتَفَاءَلُ فَإِذَا قَوْلُهُ {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ} [إبراهيم: 39] فَسَمَّاهُ إِسْمَاعِيلَ، ثُمَّ وُلِدَ لَهُ آخَرُ فَسَمَّاهُ إِسْحَاقَ، وَهَذَا مِنَ الِاتِّفَاقِ الْحَسَنِ، رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى. الشَّيْخُ عَلِيٌّ الْمُجَارِفِيُّ، عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ هُوسٍ الْهِلَالِيُّ، أَصْلُ جَدِّهِ مِنْ
পৃষ্ঠা - ১১৭০৫
قَرْيَةِ آبِلِ السُّوقِ، وَأَقَامَ وَالِدُهُ بِالْقُدْسِ، وَحَجَّ هُوَ مَرَّةً، وَجَاوَرَ بِمَكَّةَ سَنَةً ثُمَّ حَجَّ، وَكَانَ رَجُلًا صَالِحًا مَشْهُورًا، وَيُعْرَفُ بِالْمُجَارِفِيِّ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَجْرُفُ الْأَزِقَّةَ وَيُصْلِحُ الرِّصْفَانَ لِلَّهِ تَعَالَى، وَكَانَ يُكْثِرُ التَّهْلِيلَ وَالذِّكْرَ جَهْرَةً، وَكَانَ عَلَيْهِ هَيْبَةٌ وَوَقَارٌ، وَيَتَكَلَّمُ كَلَامًا فِيهِ تَخْوِيفٌ وَتَحْذِيرٌ مِنَ النَّارِ وَعَوَاقِبِ الرَّدَى، وَكَانَ مُلَازِمًا لِمَجَالِسِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ ثَالِثِ عِشْرِينَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَدُفِنَ بِتُرْبَةِ الشَّيْخِ مُوَفَّقِ الدِّينِ بِالسَّفْحِ، وَكَانَتْ جِنَازَتُهُ حَافِلَةً جِدًّا، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. الْمَلِكُ الْكَامِلُ نَاصِرُ الدِّينِ أَبُو الْمَعَالِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمَلِكِ السَّعِيدِ فَتْحِ الدِّينِ عَبْدِ الْمَلِكِ ابْنِ السُّلْطَانِ الْمَلِكِ الصَّالِحِ إِسْمَاعِيلَ أَبِي الْجَيْشِ بْنِ الْمَلِكِ الْعَادِلِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَيُّوبَ، أَحَدُ أَكَابِرِ الْأُمَرَاءِ وَأَبْنَاءِ الْمُلُوكِ، كَانَ مِنْ مَحَاسِنِ الْبَلَدِ ذَكَاءً، وَفِطْنَةً، وَحُسْنَ عِشْرَةٍ، وَلَطَافَةِ كَلَامٍ، بِحَيْثُ يَسْرُدُ كَثِيرًا مِنَ الْكَلَامِ بِمَنْزِلَةِ الْأَمْثَالِ مِنْ قُوَّةِ ذِهْنِهِ وَحَذَاقَةِ فَهْمِهِ، وَكَانَ رَئِيسًا مَنْ أَجْوَادِ النَّاسِ، تُوُفِّيَ عَشِيَّةَ الْأَرْبِعَاءِ عِشْرِينَ جُمَادَى الْأُولَى، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ ظُهْرَ الْخَمِيسِ بِصَحْنِ الْجَامِعِ تَحْتَ النَّسْرِ، ثُمَّ أَرَادُوا دَفْنَهُ عِنْدَ جَدِّهِ لِأُمِّهِ الْمَلِكِ الْكَامِلِ فَلَمْ يَتَيَسَّرْ ذَلِكَ، فَدُفِنَ بِتُرْبَةِ أُمِّ الصَّالِحِ، سَامَحَهُ اللَّهُ، وَكَانَ لَهُ سَمَاعٌ كَثِيرٌ، سَمِعْنَا عَلَيْهِ مِنْهُ، وَكَانَ يَحْفَظُ تَارِيخًا جَيِّدًا، وَقَامَ وَلَدُهُ الْأَمِيرُ صَلَاحُ الدِّينِ مَكَانَهُ فِي إِمْرَةِ الطَّبْلَخَانَاهْ، وَجُعِلَ أَخُوهُ فِي عَشَرَتِهِ، وَلَبِسَا الْخِلَعَ السُّلْطَانِيَّةَ بِذَلِكَ.
পৃষ্ঠা - ১১৭০৬
الشَّيْخُ الْإِمَامُ نَجْمُ الدِّينِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْحَزْمِ الْقُرَشِيُّ الْمَخْزُومِيُّ الْقَمُولِيُّ، كَانَ مِنْ أَعْيَانِ الشَّافِعِيَّةِ، وَشَرَحَ " الْوَسِيطَ "، وَشَرَحَ " الْحَاجِبِيَّةَ " فِي مُجَلَّدَيْنِ، وَدَرَّسَ، وَحَكَمَ بِمِصْرَ، وَكَانَ مُحْتَسِبًا بِهَا أَيْضًا، وَكَانَ مَشْكُورَ السِّيرَةِ فِيهَا، وَقَدْ تَوَلَّى بَعْدَهُ الْحُكْمَ نَجْمُ الدِّينِ بْنُ عَقِيلٍ، وَالْحِسْبَةَ نَاصِرُ الدِّينِ بْنُ فَارِ السُّقُوفِ، تُوُفِّيَ فِي رَجَبٍ وَقَدْ جَاوَزَ الثَّمَانِينَ، وَدُفِنَ بِالْقَرَافَةِ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. الشَّيْخُ الصَّالِحُ أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُوسَى بْنِ خَلَفٍ الْحِزَامِيُّ، أَحَدُ مَشَاهِيرِ الصَّالِحِينَ بِمِصْرَ، تُوُفِّيَ بِالرَّوْضَةِ فِي مُنْتَصَفِ رَجَبٍ، وَحُمِلَ إِلَى شَاطِئِ النِّيلِ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ، وَحُمِلَ عَلَى الرُّءُوسِ وَالْأَصَابِعِ، وَدُفِنَ عِنْدَ ابْنِ أَبِي حَمْزَةَ وَقَدْ قَارَبَ الثَّمَانِينَ، وَكَانَ مِمَّنْ يُقْصَدُ لِلزِّيَارَةِ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. الْقَاضِي عِزُّ الدِّينِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَضِرِ الْهَكَّارِيُّ الشَّافِعِيُّ، قَاضِي الْمَحَلَّةِ، كَانَ مِنْ خِيَارِ الْقُضَاةِ، وَلَهُ تَصْنِيفٌ عَلَى حَدِيثِ الْمُجَامِعِ فِي رَمَضَانَ، يُقَالُ: إِنَّهُ اسْتَنْبَطَ فِيهِ أَلْفَ حُكْمٍ. تُوُفِّيَ فِي
পৃষ্ঠা - ১১৭০৭
رَمَضَانَ، وَقَدْ كَانَ حَصَّلَ كُتُبًا كَثِيرَةً جَيِّدَةً، مِنْهَا " التَّهْذِيبُ " لِشَيْخِنَا الْمِزِّيِّ. الشَّيْخُ كَمَالُ الدِّينِ بْنُ الزَّمْلَكَانِيِّ شَيْخُنَا الْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ كَمَالُ الدِّينِ أَبُو الْمَعَالِي بْنُ الشَّيْخِ عَلَاءِ الدِّينِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ خَطِيبِ زَمْلَكَا عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ خَلَفِ بْنِ نَبْهَانَ الْأَنْصَارِيُّ الشَّافِعِيُّ، ابْنُ الزَّمْلَكَانِيِّ، شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ بِالشَّامِ وَغَيْرِهَا، انْتَهَتْ إِلَيْهِ رِيَاسَةُ الْمَذْهَبِ تَدْرِيسًا، وَإِفْتَاءً، وَمُنَاظَرَةً، وَيُقَالُ فِي نَسَبِهِ: السِّمَاكِيُّ، نِسْبَةً إِلَى أَبِي دُجَانَةَ سِمَاكِ بْنِ خَرَشَةَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وُلِدَ لَيْلَةَ الِاثْنَيْنِ ثَامِنِ شَوَّالٍ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَسَمِعَ الْكَثِيرَ، وَاشْتَغَلَ عَلَى الشَّيْخِ تَاجِ الدِّينِ الْفَزَارِيِّ، وَفِي الْأُصُولِ عَلَى الْقَاضِي بَهَاءِ الدِّينِ بْنِ الزَّكِيِّ، وَفِي النَّحْوِ عَلَى بَدْرِ الدِّينِ بْنِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِمْ، وَبَرَعَ، وَحَصَّلَ، وَسَادَ أَقْرَانَهُ مِنْ أَهْلِ مَذْهَبِهِ، وَحَازَ قَصَبَ السَّبْقِ عَلَيْهِمْ بِذِهْنِهِ الْوَقَّادِ فِي تَحْصِيلِ الْعِلْمِ الَّذِي أَسْهَرَهُ وَمَنْعَهُ الرُّقَادَ، وَعِبَارَتِهِ الَّتِي هِيَ أَشْهَى مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مُعْتَادٍ، وَخَطِّهِ الَّذِي هُوَ أَنْضَرُ مِنْ أَزَاهِيرِ الْوِهَادِ، وَقَدْ دَرَّسَ بِعِدَّةِ مَدَارِسَ بِمَدِينَةِ دِمَشْقَ، وَبَاشَرَ عِدَّةَ جِهَاتٍ كِبَارٍ كَنَظَرِ الْخِزَانَةِ، وَنَظَرِ الْمَارَسْتَانِ النُّورِيِّ، وَدِيوَانِ الْمَلِكِ السَّعِيدِ، وَوَكَالَةِ بَيْتِ الْمَالِ، وَلَهُ تَعَالِيقُ مُفِيدَةٌ، وَاخْتِيَارَاتٌ حَمِيدَةٌ سَدِيدَةٌ، وَمُنَاظَرَاتٌ سَعِيدَةٌ، وَمِمَّا عَلَّقَهُ قِطْعَةٌ كَبِيرَةٌ مِنْ " شَرْحِ الْمِنْهَاجِ " لِلنَّوَوِيِّ، وَمُجَلَّدٌ كَبِيرٌ فِي الرَّدِّ عَلَى الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ فِي مَسْأَلَةِ الطَّلَاقِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ،
পৃষ্ঠা - ১১৭০৮
وَأَمَّا دُرُوسُهُ فِي الْمَحَافِلِ فَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ دَرَّسَ أَحْسَنَ مِنْهَا، وَلَا أَجْلَى مِنْ عِبَارَتِهِ، وَحُسْنِ تَقْرِيرِهِ، وَجَوْدَةِ احْتِرَازَاتِهِ، وَصِحَّةِ ذِهْنِهِ، وَقُوَّةِ قَرِيحَتِهِ، وَحُسْنِ نَظْمِهِ، وَقَدْ دَرَّسَ بِالشَّامِيَّةِ الْبَرَّانِيَّةِ، وَالْعَذْرَاوِيَّةِ، وَالظَّاهِرِيَّةِ، وَالْجَوَّانِيَّةِ، وَالرَّوَاحِيَّةِ، وَالْمَسْرُورِيَّةِ، فَكَانَ يُعْطِي كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ حَقَّهَا، بِحَيْثُ كَانَ يَكَادُ يَنْسَخُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ تِلْكَ الدُّرُوسِ مَا قَبْلَهُ مَنْ حُسْنِهِ وَفَصَاحَتِهِ، وَلَا يَهُولُهُ تَعْدَادُ الدُّرُوسِ وَكَثْرَةُ الْفُقَهَاءِ وَالْفُضَلَاءِ، بَلْ كُلَّمَا كَانَ الْجَمْعُ أَكْثَرَ وَالْفُضَلَاءُ أَكْبَرَ كَانَ الدَّرْسُ أَنْضَرَ وَأَنْظَرَ، وَأَجْلَى وَأَنْصَحَ وَأَفْصَحَ. ثُمَّ لَمَّا انْتَقَلَ إِلَى قَضَاءِ حَلَبَ وَمَا مَعَهُ مِنَ الْمَدَارِسِ الْعَدِيدَةِ عَامَلَهُ مُعَامَلَةَ مِثْلِهَا، وَأَوْسَعَ فِي الْفَضِيلَةِ جَمِيعَ أَهْلِهَا، وَسَمِعُوا مِنَ الْعُلُومِ مَا لَمْ يَسْمَعُوا هُمْ وَلَا آبَاؤُهُمْ، ثُمَّ طُلِبَ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ لِيُوَلَّى الشَّامِيَّةَ دَارَ السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ، فَعَاجَلَتْهُ الْمَنِيَّةُ قَبْلَ وُصُولِهِ إِلَيْهَا، فَمَرِضَ وَهُوَ سَائِرٌ عَلَى الْبَرِيدِ تِسْعَةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ عَقَبَ الْمَرَضَ بُحْرَانُ الْحِمَامِ، فَقَبَضَهُ هَاذِمُ اللَّذَّاتِ، وَحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَائِرِ الشَّهَوَاتِ وَالْإِرَادَاتِ، «وَالْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ» وَكَانَ مِنْ نِيَّتِهِ الْخَبِيثَةِ إِذَا
পৃষ্ঠা - ১১৭০৯
رَجَعَ إِلَى الشَّامِ مُتَوَلِّيًا أَنْ يُؤْذِيَ شَيْخَ الْإِسْلَامِ ابْنَ تَيْمِيَّةَ، فَدَعَا عَلَيْهِ فَلَمْ يَبْلُغْ أَمَلَهُ وَمُرَادَهُ، فَتُوُفِّيَ فِي سَحَرِ يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ سَادِسَ عَشَرَ شَهْرِ رَمَضَانَ بِمَدِينَةِ بُلْبَيْسَ، وَحُمِلَ إِلَى الْقَاهِرَةِ، وَدُفِنَ بِالْقَرَافَةِ لَيْلَةَ الْخَمِيسِ جِوَارَ قُبَّةِ الشَّافِعِيِّ، تَغَمَّدَهُمَا اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ. الْحَاجُّ عَلِيٌّ الْمُؤَذِّنُ الْمَشْهُورُ بِالْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ، الْحَاجُّ عَلِيُّ بْنُ نُوحِ بْنِ أَبِي الْفَضْلِ الْكَتَّانِيُّ، كَانَ أَبُوهُ مِنْ خِيَارِ الْمُؤَذِّنِينَ، فِيهِ صَلَاحٌ وَدِينٌ، وَلَهُ قَبُولٌ عِنْدَ النَّاسِ، وَكَانَ حَسَنَ الصَّوْتِ جَهْوَرَهُ، وَفِيهِ تَوَدُّدٌ وَخِدْمَةٌ وَكَرَمٌ، وَحَجَّ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَسَمِعَ مِنِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ وَغَيْرِهِ، تُوُفِّيَ لَيْلَةَ الْأَرْبِعَاءِ ثَالِثِ ذِي الْقَعْدَةِ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ غُدْوَةً، وَدُفِنَ بِبَابِ الصَّغِيرِ. وَفِي ذِي الْقَعْدَةِ تُوُفِّيَ الشَّيْخُ فَضْلُ ابْنُ الشَّيْخِ الرَّجِيحِيِّ التُّونُسِيُّ، وَأُجْلِسَ أَخُوهُ يُوسُفُ مَكَانَهُ بِالزَّاوِيَةِ.
পৃষ্ঠা - ১১৭১০
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ] [الْأَحْدَاثُ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا] ٍ الْأَحْدَاثُ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا فِي ذِي الْقَعْدَةِ مِنْهَا كَانَتْ وَفَاةُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ ابْنِ تَيْمِيَّةَ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ. اسْتَهَلَّتْ هَذِهِ السَّنَةُ وَحُكَّامُ الْبِلَادِ هُمُ الْمَذْكُورُونَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا، سِوَى نَائِبِ مِصْرَ، وَقَاضِي حَلَبَ. وَفِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ ثَانِي الْمُحَرَّمِ دَرَّسَ بِحَلْقَةِ صَاحِبِ حِمْصَ الشَّيْخُ الْحَافِظُ صَلَاحُ الدِّينِ الْعَلَائِيُّ، نَزَلَ لَهُ عَنْهَا شَيْخُنَا الْحَافِظُ الْمِزِّيُّ، وَحَضَرَ عِنْدَهُ الْفُقَهَاءُ وَالْقُضَاةُ وَالْأَعْيَانُ، وَذَكَرَ دَرْسًا حَسَنًا مُفِيدًا. وَفِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ رَابِعِ الْمُحَرَّمِ حَضَرَ قَاضِي الْقُضَاةِ عَلَاءُ الدِّينِ الْقُونَوِيُّ مَشْيَخَةَ الشُّيُوخِ بِالسُّمَيْسَاطِيَّةِ عِوَضًا عَنِ الْقَاضِي الْمَالِكِيِّ شَرَفِ الدِّينِ، وَحَضَرَ عِنْدَهُ الْفُقَهَاءُ وَالصُّوفِيَّةُ عَلَى الْعَادَةِ. وَفِي يَوْمِ الْأَحَدِ ثَامِنَ عَشَرَ صَفَرٍ دَرَّسَ بِالْمَسْرُورِيَّةِ تَقِيُّ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الشَّيْخِ كَمَالِ الدِّينِ بْنِ الزَّمْلَكَانِيِّ عِوَضًا عَنْ جَمَالِ الدِّينِ بْنِ الشَّرِيشِيِّ بِحُكْمِ انْتِقَالِهِ إِلَى قَضَاءِ حِمْصَ، وَحَضَرَ النَّاسُ عِنْدَهُ وَتَرَحَّمُوا عَلَى وَالِدِهِ. وَفِي يَوْمِ الْأَحَدِ خَامِسِ عِشْرِينَ صَفَرٍ وَصَلَ إِلَى دِمَشْقَ الْأَمِيرُ الْكَبِيرُ صَاحِبُ بِلَادِ الرُّومِ تَمُرْتَاشُ بْنُ جُوبَانَ قَاصِدًا إِلَى مِصْرَ، فَخَرَجَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ وَالْجَيْشُ
পৃষ্ঠা - ১১৭১১
لِتَلَقِّيهِ، وَهُوَ شَابٌّ حَسَنُ الصُّورَةِ، تَامُّ الشَّكْلِ، مَلِيحُ الْوَجْهِ. وَلَمَّا انْتَهَى إِلَى السُّلْطَانِ بِمِصْرَ أَكْرَمَهُ، وَأَعْطَاهُ تَقْدِمَةَ أَلْفٍ، وَفَرَّقَ أَصْحَابَهُ عَلَى الْأُمَرَاءِ، فَأُكْرِمُوا إِكْرَامًا زَائِدًا، وَكَانَ سَبَبَ قُدُومِهِ إِلَى مِصْرَ أَنَّ صَاحِبَ الْعِرَاقِ الْمَلِكُ بُو سَعِيدٍ كَانَ قَدْ قَتَلَ أَخَاهُ خَوَاجَا دِمَشْقَ فِي شَوَّالٍ مِنَ السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ، فَهَمَّ وَالِدُهُ جُوبَانُ بِمُحَارَبَةِ السُّلْطَانِ بُو سَعِيدٍ، فَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ ذَلِكَ، وَكَانَ جُوبَانُ إِذْ ذَاكَ مُدَبِّرَ الْمَمَالِكِ، فَخَافَ تَمُرْتَاشُ هَذَا عِنْدَ ذَلِكَ مِنَ السُّلْطَانِ، فَفَرَّ هَارِبًا بِدَمِهِ إِلَى السُّلْطَانِ النَّاصِرِ بِمِصْرَ. وَفِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ تَوَجَّهَ نَائِبُ الشَّامِ سَيْفُ الدِّينِ تَنْكِزُ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ لِزِيَارَةِ السُّلْطَانِ، فَأَكْرَمَهُ، وَاحْتَرَمَهُ، وَاشْتَرَى فِي هَذِهِ السَّفْرَةِ دَارَ الْفُلُوسِ الَّتِي بِالْقُرْبِ مِنَ الْبُزُورِيِّينَ وَالْجَوْزِيَّةِ، وَهِيَ شَرْقِيِّهِمَا، وَقَدْ كَانَ سُوقُ الْبُزُورِيَّةِ الْيَوْمَ يُسَمَّى سُوقَ الْقَمْحِ، فَاشْتَرَى هَذِهِ الدَّارَ، وَعَمَرَهَا دَارًا هَائِلَةً لَيْسَ بِدِمَشْقَ دَارٌ أَحْسَنَ مِنْهَا، وَسَمَّاهَا دَارَ الذَّهَبِ، وَهَدَمَ حَمَّامَ سُوَيْدٍ تِلْقَاءَهَا، وَجَعَلَهُ دَارَ قُرْآنٍ وَحَدِيثٍ، وَجَاءَتْ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ أَيْضًا، وَوَقَفَ عَلَيْهَا أَمَاكِنَ، وَرَتَّبَ فِيهَا الْمَشَايِخَ وَالطَّلَبَةَ، كَمَا سَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ فِي مَوْضِعِهِ، وَاجْتَازَ بِرُجُوعِهِ مِنْ مِصْرَ بِالْقُدْسِ الشَّرِيفِ، وَزَارَهُ، وَأَمَرَ بِبِنَاءِ حَمَّامٍ بِهِ، وَبِبِنَاءِ دَارِ حَدِيثٍ أَيْضًا وَخَانَقَاهْ، كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ. وَفِي أَوَاخِرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ وَصَلَتِ الْقَنَاةُ إِلَى الْقُدْسِ الشَّرِيفِ الَّتِي أَمَرَ بِعِمَارَتِهَا
পৃষ্ঠা - ১১৭১২
وَتَجْدِيدِهَا سَيْفُ الدِّينِ قُطْلُبَكَّ، فَقَامَ بِعِمَارَتِهَا مَعَ وُلَاةِ تِلْكَ النَّوَاحِي، وَفَرِحَ الْمُسْلِمُونَ بِهَا، وَدَخَلَتْ حَتَّى إِلَى وَسَطِ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى، وَعُمِلَ بِهِ بِرْكَةٌ هَائِلَةٌ، وَهِيَ مُرَخَّمَةٌ مَا بَيْنَ الصَّخْرَةِ وَالْأَقْصَى، وَكَانَ ابْتِدَاءُ عَمَلِهَا مِنْ شَوَّالٍ مِنَ السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ. وَفِي هَذِهِ الْمُدَّةِ عُمِّرَ سُقُوفُ رُوَاقَاتِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِمَكَّةَ وَأَبْوَابُهُ، وَعُمِّرَتْ بِمَكَّةَ طَهَّارَةٌ مِمَّا يَلِي بَابَ بَنِي شَيْبَةَ. قَالَ الْبِرْزَالِيُّ: وَفِي هَذَا الشَّهْرِ كَمَلَتْ عِمَارَةُ الْحَمَّامِ الَّذِي بِسُوقِ بَابِ تُومَاءَ، وَلَهُ بَابَانِ. قَالَ: وَفِي رَبِيعٍ الْآخَرِ نُقِضَ التَّرْخِيمُ الَّذِي بِحَائِطِ جَامِعِ دِمَشْقَ الْقِبْلِيِّ مِنْ جِهَةِ الْغَرْبِ مِمَّا يَلِي بَابَ الزِّيَادَةِ، فَوَجَدُوا الْحَائِطَ مُتَجَافِيًا، فَخِيفَ مِنْ أَمْرِهِ، وَحَضَرَ تَنْكِزُ بِنَفْسِهِ وَمَعَهُ الْقُضَاةُ وَأَرْبَابُ الْخِبْرَةِ، فَاتَّفَقَ رَأْيُهُمْ عَلَى نَقْضِهِ وَإِصْلَاحِهِ، وَذَلِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ سَابِعِ عِشْرِينَ رَبِيعٍ الْآخَرِ، فَكَتَبَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ إِلَى السُّلْطَانِ يُعْلِمُهُ بِذَلِكَ وَيَسْتَأْذِنُهُ فِي عِمَارَتِهِ، فَجَاءَ الْمَرْسُومُ بِالْإِذْنِ فِي ذَلِكَ، فَشَرَعَ فِي نَقْضِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ خَامِسِ عِشْرِينَ جُمَادَى الْأُولَى، وَشَرَعُوا فِي عِمَارَتِهِ يَوْمَ الْأَحَدِ تَاسِعَ عَشَرَ جُمَادَى الْآخِرَةِ، وَعُمِلَ مِحْرَابٌ فِيمَا بَيْنَ بَابِ الزِّيَادَةِ وَمَقْصُورَةِ الْخَطَابَةِ يُضَاهِي مِحْرَابَ الصَّحَابَةِ، ثُمَّ
পৃষ্ঠা - ১১৭১৩
جَدُّوا وَلَازَمُوا فِي عِمَارَتِهِ، وَتَبَرَّعَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ بِالْعَمَلِ فِيهِ مِنْ سَائِرِ النَّاسِ، فَكَانَ يَعْمَلُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ أَزْيَدُ مِنْ مِائَةِ رَجُلٍ، حَتَّى كَمَلَتْ عِمَارَةُ الْجِدَارِ، وَأُعِيدَتْ طَاقَاتُهُ وَسُقُوفُهُ فِي الْعِشْرِينَ مِنْ رَجَبٍ، وَذَلِكَ بِهِمَّةِ تَقِيِّ الدِّينِ بْنِ مَرَاجِلَ، وَهَذَا مِنَ الْعَجَبِ، فَإِنَّهُ نُقِضَ الْجِدَارُ وَمَا يُسَامِتُهُ مِنَ السَّقْفِ، وَأُعِيدَ فِي مُدَّةٍ لَا يَتَخَيَّلُ إِلَى أَحَدٍ أَنَّ عَمَلَهُ يَفْرُغُ فِيمَا يُقَارِبُ هَذِهِ الْمُدَّةِ جَزْمًا، وَسَاعَدَهُمْ عَلَى سُرْعَةِ الْإِعَادَةِ حِجَارَةٌ وَجَدُوهَا فِي أَسَاسِ الصَّوْمَعَةِ الْغَرْبِيَّةِ الَّتِي عِنْدَ الْغَزَّالِيَّةِ، وَقَدْ كَانَ فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ مِنْ هَذَا الْمَعْبَدِ صَوْمَعَةٌ كَمَا فِي الْغَرْبِيَّةِ وَالشَّرْقِيَّةِ الْقِبْلِيَّتَيْنِ مِنْهُ، فَأُبِيدَتِ الشَّمَالِيَّتَانِ قَدِيمًا، وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمَا مِنْ مُدَّةِ أُلُوفٍ مِنَ السِّنِينَ سِوَى أُسِّ هَذِهِ الْمِئْذَنَةِ الْغَرْبِيَّةِ الشَّمَالِيَّةِ، فَكَانَتْ مِنْ أَكْبَرِ الْعَوْنِ عَلَى إِعَادَةِ هَذَا الْجِدَارِ سَرِيعًا، وَمِنَ الْعَجَبِ أَنَّ نَاظِرَ الْجَامِعِ ابْنَ مَرَاجِلَ لَمْ يَنْقُصْ أَحَدًا مِنْ أَرْبَابِ الْمُرَتَّبَاتِ عَلَى الْجَامِعِ شَيْئًا مَعَ هَذِهِ الْعِمَارَةِ. وَفِي لَيْلَةِ السَّبْتِ خَامِسِ جُمَادَى الْأُولَى وَقَعَ حَرِيقٌ عَظِيمٌ بِالْفَرَّائِينَ، وَاتَّصَلَ بِالرَّمَّاحِينَ، وَاحْتَرَقَتِ الْقَيْسَارِيَّةُ وَالْمَسْجِدُ الَّذِي هُنَاكَ، وَهَلَكَ لِلنَّاسِ شَيْءٌ كَثِيرٌ مِنَ الْفِرَاءِ وَالْجُوخِ وَالْأَقْمِشَةِ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. وَفِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ عَاشَرِهِ بَعْدَ الصَّلَاةِ صُلِّيَ عَلَى الْقَاضِي شَمْسِ الدِّينِ بْنِ الْحَرِيرِيِّ قَاضِي قُضَاةِ الْحَنَفِيَّةِ بِمِصْرَ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ صَلَاةُ الْغَائِبِ بِدِمَشْقَ. وَفِي هَذَا الْيَوْمِ قَدِمَ الْبَرِيدُ بِطَلَبِ بُرْهَانِ الدِّينِ بْنِ عَبْدِ الْحَقِّ الْحَنَفِيِّ إِلَى مِصْرَ لِيَلِيَ الْقَضَاءَ بِهَا
পৃষ্ঠা - ১১৭১৪
بَعْدَ ابْنِ الْحَرِيرِيِّ، فَخَرَجَ مُسَافِرًا إِلَيْهَا، وَدَخَلَ مَصْرَ فِي خَامِسِ عِشْرِينَ جُمَادَى الْأُولَى، وَاجْتَمَعَ بِالسُّلْطَانِ، فَوَلَّاهُ الْقَضَاءَ، وَأَكْرَمَهُ، وَخَلَعَ عَلَيْهِ، وَأَعْطَاهُ بَغْلَةً بِزُنَّارِيٍّ، وَحَكَمَ بِالْمَدْرَسَةِ الصَّالِحِيَّةِ بِحَضْرَةٍ الْقُضَاةِ وَالْحُجَّابِ، وَرُسِمَ لَهُ بِجَمِيعِ جِهَاتِ ابْنِ الْحَرِيرِيِّ. وَفِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ تَاسِعِ جُمَادَى الْآخِرَةِ أُخْرِجَ مَا كَانَ عِنْدَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ مِنَ الْكُتُبِ، وَالْأَوْرَاقِ، وَالدَّوَاةِ، وَالْقَلَمِ، وَمُنِعَ مِنَ الْكُتُبِ وَالْمُطَالَعَةِ، وَحُمِلَتْ كُتُبُهُ فِي مُسْتَهَلِّ رَجَبٍ إِلَى خِزَانَةِ الْكُتُبِ بِالْعَادِلِيَّةِ الْكَبِيرَةِ، قَالَ الْبِرْزَالِيُّ: وَكَانَتْ نَحْوَ سِتِّينَ مُجَلَّدًا، وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ رَبْطَةَ كَرَارِيسَ، فَنَظَرَ الْقُضَاةُ وَالْفُقَهَاءُ فِيهَا وَتَفَرَّقُوهَا بَيْنَهُمْ، وَكَانَ سَبَبَ ذَلِكَ أَنَّهُ أَجَابَ لِمَا كَانَ رَدَّ عَلَيْهِ التَّقِيُّ بْنُ الْأَخْنَائِيِّ الْمَالِكِيُّ فِي مَسْأَلَةِ الزِّيَارَةِ، فَرَدَّ عَلَيْهِ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَاسْتَجْهَلَهُ، وَأَعْلَمَهُ أَنَّهُ قَلِيلُ الْبِضَاعَةِ فِي الْعِلْمِ، فَطَلَعَ الْأَخْنَائِيُّ إِلَى السُّلْطَانِ وَشَكَاهُ، فَرَسَمَ السُّلْطَانُ عِنْدَ ذَلِكَ بِإِخْرَاجِ مَا عِنْدَهُ مِنْ ذَلِكَ، وَكَانَ مَا كَانَ، كَمَا ذَكَرْنَا. وَفِي أَوَاخِرِهِ رُسِمَ لِعَلَاءِ الدِّينِ بْنِ الْقَلَانِسِيِّ فِي الدَّسْتِ مَكَانَ أَخِيهِ جَمَالِ الدِّينِ تَوْقِيرًا لِخَاطِرِهِ عَنِ الْمُبَاشَرَةِ، وَأَنْ يَكُونَ مَعْلُومُهُ عَلَى قَضَاءِ الْعَسَاكِرِ وَالْوَكَالَةِ، وَخُلِعَ عَلَيْهِمَا بِذَلِكَ. وَفِي يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ ثَالِثِ عِشْرِينَ رَجَبٍ رُسِمَ لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ الْحَنَفِيِّ وَالْمَالِكِيِّ
পৃষ্ঠা - ১১৭১৫
وَالْحَنْبَلِيِّ بِالصَّلَاةِ فِي الْحَائِطِ الْقِبْلِيِّ مِنَ الْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ، فَعُيِّنَ الْمِحْرَابُ الْجَدِيدُ الَّذِي بَيْنَ الزِّيَادَةِ وَالْمَقْصُورَةِ لِلْإِمَامِ الْحَنَفِيِّ، وَعُيِّنَ مِحْرَابُ الصَّحَابَةِ لِلْمَالِكِيِّ، وَعُيِّنَ مِحْرَابُ مَقْصُورَةِ الْخَضِرِ الَّذِي كَانَ يُصَلِّي فِيهِ الْمَالِكِيُّ لِلْحَنْبَلِيِّ، وَعُوِّضَ إِمَامُ مِحْرَابِ الصَّحَابَةِ بِالْكَلَّاسَةِ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ فِي حَالِ الْعِمَارَةِ قَدْ بَلَغَ مِحْرَابَ الْحَنَفِيَّةِ مِنَ الْمَقْصُورَةِ الْمَعْرُوفَةِ بِهِمْ، وَمِحْرَابَ الْحَنَابِلَةِ مِنْ خَلْفِهِمْ فِي الرُّوَاقِ الثَّالِثِ الْغَرْبِيِّ - وَكَانَا بَيْنَ الْأَعْمِدَةِ - فَنُقِلَتْ تِلْكَ الْمَحَارِيبُ، وَعُوِّضُوا بِالْمَحَارِيبِ الْمُسْتَقِرَّةِ بِالْحَائِطِ الْقِبْلِيِّ، وَاسْتَقَرَّ الْأَمْرُ كَذَلِكَ. وَفِي الْعِشْرِينَ مِنْ شَعْبَانَ مُسِكَ الْأَمِيرُ تَمُرْتَاشُ بْنُ جُوبَانَ الَّذِي أَتَى هَارِبًا إِلَى السُّلْطَانِ النَّاصِرِ بِمِصْرَ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَحُبِسُوا بِقَلْعَةِ مِصْرَ، فَلَمَّا كَانَ ثَانِي شَوَّالٍ أُظْهِرَ مَوْتُهُ، يُقَالُ: إِنَّهُ قَتَلَهُ السُّلْطَانُ، وَأَرْسَلَ رَأْسَهُ إِلَى بُو سَعِيدٍ صَاحِبِ الْعِرَاقِ ابْنِ خَرْبَنْدَا مَلِكِ التَّتَارِ. وَفِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ ثَانِي شَوَّالٍ خَرَجَ الرَّكْبُ الشَّامِيُّ وَأَمِيرُهُ فَخْرُ الدِّينِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَمِيرِ شَمْسِ الدِّينِ لُؤْلُؤٍ الْحَلَبِيُّ أَحَدُ أُمَرَاءِ دِمَشْقَ، وَقَاضِيهِ قَاضِي قُضَاةِ الْحَنَابِلَةِ عِزُّ الدِّينِ بْنُ التَّقِيِّ سُلَيْمَانَ. وَمِمَّنْ حَجَّ الْأَمِيرُ حُسَامُ الدِّينِ الْبَشْمَقْدَارُ، وَالْأَمِيرُ قَبْجَقُ، وَالْأَمِيرُ حُسَامُ الدِّينِ بْنُ النَّجِيبِيِّ، وَتَقِيُّ الدِّينِ بْنُ السَّلْعُوسِ، وَبَدْرُ الدِّينِ بْنُ الصَّائِغِ، وَابْنَا
পৃষ্ঠা - ১১৭১৬
جَهْبَلٍ، وَالْفَخْرُ الْمِصْرِيُّ، وَالشَّيْخُ عَلَمُ الدِّينِ الْبِرْزَالِيُّ، وَشِهَابُ الدِّينِ الظَّاهِرِيُّ. وَقَبْلَ ذَلِكَ بِيَوْمٍ حَكَمَ الْقَاضِي الْمَنْفَلُوطِيُّ الَّذِي كَانَ حَاكِمًا بِبَعْلَبَكَّ بِدِمَشْقَ نِيَابَةً عَنْ شَيْخِهِ قَاضِي الْقُضَاةِ عَلَاءِ الدِّينِ الْقُونَوِيِّ، وَكَانَ مَشْكُورَ السِّيرَةِ، تَأَلَّمَ أَهْلُ بَعْلَبَكَّ لِفَقْدِهِ، فَحَكَمَ بِدِمَشْقَ عِوَضًا عَنِ الْقُونَوِيِّ بِسَبَبِ عَزْمِهِ عَلَى الْحَجِّ، ثُمَّ لَمَّا رَجَعَ الْفَخْرُ مِنَ الْحَجِّ عَادَ إِلَى الْحُكْمِ، وَاسْتَمَرَّ الْمَنْفَلُوطِيُّ يَحْكَمُ أَيْضًا، فَصَارُوا ثَلَاثَةَ نُوَّابٍ: ابْنُ جُمْلَةَ، وَالْفَخْرُ الْمِصْرِيُّ، وَالْمَنْفَلُوطِيُّ. وَسَافَرَ الْقَاضِي مُعِينُ الدِّينِ بْنُ الْحَشِيشِ فِي ثَانِي عِشْرِينَ شَوَّالٍ إِلَى الْقَاهِرَةِ لِيَنُوبَ عَنِ الْقَاضِي فَخْرِ الدِّينِ كَاتِبِ الْمَمَالِيكِ إِلَى حِينِ رُجُوعِهِ مِنَ الْحِجَازِ، فَلَمَّا وَصَلَ وَلِيَ حِجَابَةَ دِيوَانِ الْجَيْشِ، وَاسْتَمَرَّ هُنَاكَ، وَاسْتَقَلَّ قُطْبُ الدِّينِ ابْنُ شَيْخِ السَّلَامِيَّةِ بِنَظَرِ الْجَيْشِ بِدِمَشْقَ عَلَى عَادَتِهِ. وَفِي شَوَّالٍ خُلِعَ عَلَى أَمِينِ الْمُلْكِ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَوُلِّيَ نَظَرَ الدَّوَاوِينِ، فَبَاشَرَهُ شَهْرًا وَيَوْمَيْنِ، وَعُزِلَ عَنْهُ. [وَفَاةُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ] ذِكْرُ وَفَاةِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ قَالَ الشَّيْخُ عَلَمُ الدِّينِ الْبِرْزَالِيُّ فِي " تَارِيخِهِ ": وَفِي لَيْلَةِ الِاثْنَيْنِ الْعِشْرِينَ مِنْ
পৃষ্ঠা - ১১৭১৭
ذِي الْقَعْدَةِ تُوُفِّيَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ الْفَقِيهُ الْحَافِظُ الْقُدْوَةُ، شَيْخُ الْإِسْلَامِ تَقِيُّ الدِّينِ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ شَيْخِنَا الْإِمَامِ الْعَلَّامَةِ الْمُفْتِي شِهَابِ الدِّينِ أَبِي الْمَحَاسِنِ عَبْدِ الْحَلِيمِ بْنِ الشَّيْخِ الْإِمَامِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ مَجْدِ الدِّينِ أَبِي الْبَرَكَاتِ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ، ابْنِ تَيْمِيَّةَ الْحَرَّانِيُّ ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ، بِقَلْعَةِ دِمَشْقَ بِالْقَاعَةِ الَّتِي كَانَ مَحْبُوسًا فِيهَا، وَحَضَرَ جَمْعٌ كَثِيرٌ إِلَى الْغَايَةِ إِلَى الْقَلْعَةِ، فَأُذِنَ لَهُمْ فِي الدُّخُولِ عَلَيْهِ، وَجَلَسَ جَمَاعَةٌ عِنْدَهُ قَبْلَ الْغُسْلِ، وَقَرَءُوا الْقُرْآنَ، وَتَبَرَّكُوا بِرُؤْيَتِهِ وَتَقْبِيلِهِ، ثُمَّ انْصَرَفُوا، وَحَضَرَ جَمَاعَةٌ مِنَ النِّسَاءِ فَفَعَلُوا مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ انْصَرَفُوا، وَاقْتُصِرَ عَلَى مَنْ يُغَسِّلُهُ، فَلَمَّا فُرِغَ مِنْ ذَلِكَ أُخْرِجَ وَقَدِ اجْتَمَعَ النَّاسُ بِالْقَلْعَةِ وَالطَّرِيقِ إِلَى الْجَامِعِ، وَامْتَلَأَ الْجَامِعُ وَصَحْنُهُ، وَالْكَلَّاسَةُ، وَبَابُ الْبَرِيدِ، وَبَابُ السَّاعَاتِ، إِلَى اللَّبَّادِينَ وَالْفَوَّارَةِ، وَحَضَرَتِ الْجِنَازَةُ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ مِنَ النَّهَارِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَوُضِعَتْ فِي الْجَامِعِ وَالْجُنْدُ يَحْفَظُونَهَا مِنَ النَّاسِ مِنْ شِدَّةِ الزِّحَامِ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ أَوَّلًا بِالْقَلْعَةِ، تَقَدَّمَ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ تَمَّامٍ، ثُمَّ صُلِّيَ عَلَيْهِ بِجَامِعِ دِمَشْقَ عَقِيبَ صَلَاةِ الظُّهْرِ، وَحُمِلَ مِنْ بَابِ الْبَرِيدِ، وَاشْتَدَّ الزِّحَامُ، وَأَلْقَى النَّاسُ عَلَى نَعْشِهِ مَنَادِيلَهُمْ وَعَمَائِمَهُمْ لِلتَّبَرُّكِ، وَصَارَ النَّعْشُ عَلَى الرُّءُوسِ، تَارَةً يَتَقَدَّمُ وَتَارَةً يَتَأَخَّرُ، وَخَرَجَ النَّاسُ مِنَ الْجَامِعِ مِنْ أَبْوَابِهِ كُلِّهَا مِنْ شِدَّةِ الزِّحَامِ، وَكَانَ الْمُعْظَمُ مِنَ الْأَبْوَابِ الْأَرْبَعَةِ بَابِ الْفَرَجِ الَّذِي أُخْرِجَتْ مِنْهُ الْجِنَازَةُ، وَبَابِ الْفَرَادِيسِ، وَبَابِ النَّصْرِ، وَبَابِ الْجَابِيَةِ، وَعَظُمَ الْأَمْرُ بِسُوقِ الْخَيْلِ، وَتَقَدَّمَ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ هُنَاكَ أَخُوهُ زَيْنُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَحُمِلَ إِلَى مَقْبَرَةِ الصُّوفِيَّةِ، فَدُفِنَ إِلَى جَانِبِ أَخِيهِ شَرَفِ الدِّينِ عَبْدِ اللَّهِ، رَحِمَهُمَا اللَّهُ،
পৃষ্ঠা - ১১৭১৮
وَكَانَ دَفْنُهُ وَقْتَ الْعَصْرِ أَوْ قَبْلَهَا بِيَسِيرٍ، وَغَلَّقَ النَّاسُ حَوَانِيتَهُمْ، وَلَمْ يَتَخَلَّفْ عَنِ الْحُضُورِ إِلَّا الْقَلِيلُ مِنَ النَّاسِ أَوْ مَنْ عَجَزَ لِأَجْلِ الزِّحَامِ، وَحَضَرَهَا نِسَاءٌ كَثِيرٌ بِحَيْثُ حُزِرْنَ بِخَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا، وَأَمَّا الرِّجَالُ فَحُزِرُوا بِسِتِّينَ أَلْفًا وَأَكْثَرَ إِلَى مِائَتَيْ أَلْفٍ، وَشَرِبَ جَمَاعَةٌ الْمَاءَ الَّذِي فَضَلَ مِنْ غُسْلِهِ، وَاقْتَسَمَ جَمَاعَةٌ بَقِيَّةَ السِّدْرِ الَّذِي غُسِّلَ بِهِ، وَقِيلَ: إِنَّ الطَّاقِيَّةَ الَّتِي كَانَتْ عَلَى رَأْسِهِ دُفِعَ فِيهَا خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَقِيلَ: إِنَّ الْخَيْطَ الَّذِي كَانَ فِيهِ الزِّئْبَقُ الَّذِي كَانَ فِي عُنُقِهِ بِسَبَبِ الْقَمْلِ، دُفِعَ فِيهِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ دِرْهَمًا، وَحَصَلَ فِي الْجِنَازَةِ ضَجِيجٌ وَبُكَاءٌ وَتَضَرُّعٌ، وَخُتِمَتْ لَهُ خَتَمَاتٌ كَثِيرَةٌ بِالصَّالِحِيَّةِ وَالْبَلَدِ، وَتَرَدَّدَ النَّاسُ إِلَى قَبْرِهِ أَيَّامًا كَثِيرَةً لَيْلًا وَنَهَارًا، وَرُئِيَتْ لَهُ مَنَامَاتٌ كَثِيرَةٌ صَالِحَةٌ، وَرَثَاهُ جَمَاعَةٌ بِقَصَائِدَ جَمَّةٍ. وَكَانَ مَوْلِدُهُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ عَاشِرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ بِحَرَّانَ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَقَدِمَ مَعَ وَالِدِهِ وَأَهْلِهِ إِلَى دِمَشْقَ وَهُوَ صَغِيرٌ، فَسَمِعَ الْحَدِيثَ مِنِ ابْنِ عَبْدِ الدَّائِمِ، وَابْنِ أَبِي الْيُسْرِ، وَابْنِ عَبْدٍ، وَالشَّيْخِ شَمْسِ الدِّينِ الْحَنْبَلِيِّ، وَالْقَاضِي شَمْسِ الدِّينِ بْنِ عَطَاءٍ الْحَنَفِيِّ، وَالشَّيْخِ جَمَالِ الدِّينِ بْنِ الصَّيْرَفِيِّ، وَمَجْدِ الدِّينِ بْنِ عَسَاكِرَ، وَالشَّيْخِ جَمَالِ الدِّينِ الْبَغْدَادِيِّ، وَالنَّجِيبِ بْنِ الْمِقْدَادِ، وَابْنِ أَبِي الْخَيْرِ، وَابْنِ عَلَّانَ، وَابْنِ أَبِي بَكْرٍ الْهَرَوِيِّ، وَالْكَمَالِ عَبْدِ الرَّحِيمِ،