আল বিদায়া ওয়া আন্নিহায়া

পৃষ্ঠা - ১১৬২৮
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ] [الْأَحْدَاثُ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا] اسْتَهَلَّتْ وَحُكَّامُ الْبِلَادِ هُمُ الْمَذْكُورُونَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا. وَفِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْهَا فُتِحَ حَمَّامُ الزَّيْتِ الَّذِي فِي رَأْسِ دَرْبِ الْحَجَرِ جَدَّدَ عِمَارَتَهُ رَجُلٌ سَامَرِّيٌّ بَعْدَ مَا كَانَ قَدْ دَرَسَ وَدَثَرَ مِنْ زَمَانِ الْخُوَارَزْمِيَّةِ مِنْ نَحْوِ ثَمَانِينَ سَنَةً، وَهُوَ حَمَّامٌ جَيِّدٌ مُتَّسِعٌ. وَفِي سَادِسِ الْمُحَرَّمِ وَصَلَتْ هَدِيَّةٌ مِنْ مَلِكِ التَّتَارِ بُو سَعِيدٍ إِلَى السُّلْطَانِ صَنَادِيقُ وَتُحَفٌ وَدَقِيقٌ. وَفِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ خَرَجَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ مِنَ السِّجْنِ بِالْقَلْعَةِ بِمَرْسُومِ السُّلْطَانِ، وَتَوَجَّهَ إِلَى دَارِهِ، وَكَانَتْ مُدَّةُ مُقَامِهِ بِالْقَلْعَةِ خَمْسَةَ أَشْهُرٍ وَثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا، رَحِمَهُ اللَّهُ. وَفِي رَابِعِ رَبِيعٍ الْآخِرِ وَصَلَ إِلَى دِمَشْقَ الْقَاضِي كَرِيمُ الدِّينِ وَكِيلُ السُّلْطَانِ، فَنَزَلَ بِدَارِ السَّعَادَةِ، وَقَدِمَ قَاضِي الْقُضَاةِ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ عَوَضٍ الْحَاكِمُ الْحَنْبَلِيُّ بِمِصْرَ، وَهُوَ نَاظِرُ الْخِزَانَةِ أَيْضًا، فَنَزَلَ بِالْعَادِلِيَّةِ الْكَبِيرَةِ الَّتِي لِلشَّافِعِيَّةِ، فَأَقَامَ بِهَا أَيَّامًا، ثُمَّ تَوَجَّهَ إِلَى مِصْرَ جَاءَ فِي بَعْضِ أَشْغَالِ السُّلْطَانِ وِزَارَ الْقُدْسَ. وَفِي هَذَا الشَّهْرِ كَانَ السُّلْطَانُ قَدْ حَفَرَ بِرْكَةً قَرِيبًا مِنَ الْمَيْدَانِ،
পৃষ্ঠা - ১১৬২৯
وَكَانَ فِي جِوَارِهَا كَنِيسَةٌ، فَأَمَرَ الْوَالِي بِهَدْمِهَا، فَلَمَّا هُدِمَتْ تَسَلَّطَ الْحَرَافِيشُ وَغَيْرُهُمْ عَلَى الْكَنَائِسِ بِمِصْرَ يَهْدِمُونَ مَا قَدَرُوا، عَلَيْهِ فَانْزَعَجَ السُّلْطَانُ مِنْ ذَلِكَ، وَسَأَلَ الْقُضَاةَ: مَاذَا يَجِبُ عَلَى مَنْ تَعَاطَى ذَلِكَ مِنْهُمْ؟ فَقَالُوا يُعَذَّرُ، فَأَخْرَجَ جَمَاعَةً مِنَ السُّجُونِ مِمَّنْ وَجَبَ عَلَيْهِ قَتْلٌ، فَقَطَعَ وَصَلَبَ وَخَزَمَ وَعَاقَبَ مُوهِمًا أَنَّهُ إِنَّمَا عَاقَبَ مَنْ تَعَاطَى تَخْرِيبَ الْكَنَائِسِ، فَسَكَنَ النَّاسُ، وَأَمِنَتِ النَّصَارَى، وَظَهَرُوا بَعْدَ مَا كَانُوا قَدِ اخْتَفَوْا أَيَّامًا. وَفِيهِ ثَارَتِ الْحَرَامِيَّةُ بِبَغْدَادَ، وَنَهَبُوا سُوقَ الثُّلَاثَاءِ وَقْتَ الظُّهْرِ، فَثَارَ النَّاسُ وَرَاءَهُمْ، وَقَتَلُوا مِنْهُمْ قَرِيبًا مِنْ مِائَةٍ، وَأَسَرُوا آخَرِينَ. قَالَ الشَّيْخُ عَلَمُ الدِّينِ الْبِرْزَالِيُّ - وَمِنْ خَطِّهِ نَقَلْتُ -: وَفِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ السَّادِسِ مِنْ جُمَادَى الْأُولَى خَرَجَ الْقُضَاةُ، وَالْأَعْيَانُ، وَالْمُفْتُونَ إِلَى الْقَابُونِ، وَوَقَفُوا عَلَى قِبْلَةِ الْجَامِعِ الَّذِي أَمَرَ بِبِنَائِهِ الْقَاضِي كَرِيمُ الدِّينِ وَكِيلُ السُّلْطَانِ بِالْمَكَانِ الْمَذْكُورِ، وَحَرَّرُوا قِبْلَتَهُ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنْ تَكُونَ مِثْلَ قِبْلَةِ جَامِعِ دِمَشْقَ. وَفِيهِ وَقَعَتْ مُرَاجَعَةٌ بَيْنَ الْأَمِيرِ جُوبَانَ أَحَدِ الْمُقَدَّمِينَ الْكِبَارِ بِدِمَشْقَ وَبَيْنَ نَائِبِ السَّلْطَنَةِ تَنْكِزَ، فَمُسِكَ جُوبَانُ، وَرُفِعَ إِلَى الْقَلْعَةِ لَيْلَتَيْنِ، ثُمَّ حُوِّلَ إِلَى الْقَاهِرَةِ، فَعُوتِبَ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ أُعْطِيَ خُبْزًا يَلِيقُ بِهِ. وَذَكَرَ الشَّيْخُ عَلَمُ الدِّينِ أَنَّ فِي هَذَا الشَّهْرِ وَقَعَ حَرِيقٌ عَظِيمٌ فِي الْقَاهِرَةِ فِي
পৃষ্ঠা - ১১৬৩০
الدُّورِ الْحَسَنَةِ، وَالْأَمَاكِنِ الْمَلِيحَةِ الْمُرْتَفِعَةِ، وَبَعْضِ الْمَسَاجِدِ، وَحَصَلَ لِلنَّاسِ مَشَقَّةٌ عَظِيمَةٌ مِنْ ذَلِكَ، وَقَنَتُوا فِي الصَّلَوَاتِ، ثُمَّ كَشَفُوا عَنِ الْقَضِيَّةِ فَإِذَا هُوَ مِنْ فِعْلِ النَّصَارَى بِسَبَبِ مَا كَانَ أُحْرِقَ لَهُمْ مِنْ كَنَائِسِهِمْ وَهُدِمَ، فَقَتَلَ السُّلْطَانُ بَعْضَهُمْ، وَأَلْزَمَ النَّصَارَى أَنْ يَلْبَسُوا الزُّرْقَةَ عَلَى رُءُوسِهِمْ وَثِيَابِهِمْ كُلِّهَا، وَأَنْ يَحْمِلُوا الْأَجْرَاسَ فِي الْحَمَّامَاتِ، وَأَنْ لَا يُسْتَخْدَمُوا فِي شَيْءٍ مِنَ الْجِهَاتِ، فَسَكَنَ الْأَمْرُ وَبَطَلَ الْحَرِيقُ. وَفِي جُمَادَى الْآخِرَةِ خَرَّبَ مَلِكُ التَّتَارِ بُو سَعِيدٍ الْبَازَارَ، وَزَوَّجَ الْخَوَاطِئَ، وَأَرَاقَ الْخُمُورَ، وَعَاقَبَ فِي ذَلِكَ أَشَدَّ الْعُقُوبَةِ، وَفَرِحَ الْمُسْلِمُونَ بِذَلِكَ، وَدَعَوْا لَهُ، رَحِمَهُ اللَّهُ وَسَامَحَهُ. وَفِي الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ أُقِيمَتِ الْجُمُعَةُ بِجَامِعِ الْقَصَبِ، وَخَطَبَ بِهِ الشَّيْخُ عَلِيٌّ الْمَنَاخِلِيُّ. وَفِي يَوْمِ الْخَمِيسِ تَاسِعِ عِشْرِينَ جُمَادَى الْآخِرَةِ فُتِحَ الْحَمَّامُ الَّذِي أَنْشَأَهُ تَنْكِزُ تُجَاهَ جَامِعِهِ، وَأُكْرِيَ فِي كُلِّ يَوْمٍ بِأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا لِحُسْنِهِ، وَكَثْرَةِ ضَوْئِهِ، وَرُخَامِهِ. وَفِي يَوْمِ السَّبْتِ تَاسِعَ عَشَرَ رَجَبٍ خُرِّبَتْ كَنِيسَةُ الْقَرَّائِينَ الَّتِي
পৃষ্ঠা - ১১৬৩১
تُجَاهَ حَارَةِ الْيَهُودِ، بَعْدَ إِثْبَاتِ كَوْنِهَا مُحْدَثَةً، وَجَاءَتِ الْمَرَاسِيمُ السُّلْطَانِيَّةُ بِذَلِكَ. وَفِي أَوَاخِرِ رَجَبٍ نَفَذَتِ الْهَدَايَا مِنَ السُّلْطَانِ إِلَى بُو سَعِيدٍ مَلِكِ التَّتَرِ، صُحْبَةَ الْخَوَاجَا مَجْدِ الدِّينِ السُّلَامِيِّ، وَفِيهَا خَمْسُونَ جَمَلًا وَخُيُولٌ وَحِمَارٌ عَتَّابِيٌّ. وَفِي مُنْتَصَفِ رَمَضَانَ أَقُيِمَتِ الْجُمُعَةُ بِالْجَامِعِ الْكَرِيمِيِّ بِالْقَابُونِ، وَشَهِدَهَا يَوْمَئِذٍ الْقُضَاةُ، وَالصَّاحِبُ، وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْأَعْيَانِ. قَالَ الشَّيْخُ عَلَمُ الدِّينِ: وَقَدِمَ دِمَشْقَ الْإِمَامُ قِوَامُ الدِّينِ أَمِيرُ كَاتِبِ بْنُ الْأَمِيرِ الْعَمِيدِ عُمَرَ الْإِتْقَانِيُّ الْفَارَابِيُّ، مُدَرِّسُ مَشْهَدِ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ بِبَغْدَادَ، فِي أَوَّلِ رَمَضَانَ، وَقَدْ حَجَّ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَتَوَجَّهَ إِلَى مِصْرَ، وَأَقَامَ بِهَا أَشْهُرًا، ثُمَّ مَرَّ بِدِمَشْقَ مُتَوَجِّهًا إِلَى بَغْدَادَ، فَنَزَلَ بِالْخَاتُونِيَّةِ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ ذُو فُنُونٍ وَبَحْثٍ وَأَدَبٍ وَفِقْهٍ. وَخَرَجَ الرَّكْبُ الشَّامِيُّ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ عَاشِرِ شَوَّالٍ، وَأَمِيرُهُ شَمْسُ الدِّينِ حَمْزَةُ التُّرْكُمَانِيُّ، وَقَاضِيهِ نَجْمُ الدِّينِ الدِّمَشْقِيُّ. وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ حَجَّ تَنْكِزُ نَائِبُ الشَّامِ وَفِي صُحْبَتِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِهِ، وَقَدِمَ مِنْ مِصْرَ الْأَمِيرُ رُكْنُ الدِّينِ بَيْبَرْسُ الْحَاجِبُ لِيَنُوبَ عَنْهُ فِي غَيْبَتِهِ إِلَى أَنْ يَرْجِعَ، فَنَزَلَ بِالنَّجِيبِيَّةِ الْبَرَّانِيَّةِ.
পৃষ্ঠা - ১১৬৩২
وَمِمَّنْ حَجَّ فِيهَا الْخَطِيبُ جَلَالُ الدِّينِ الْقَزْوِينِيُّ، وَعِزُّ الدِّينِ حَمْزَةُ بْنُ الْقَلَانِسِيِّ، وَابْنُ الْعِزِّ شَمْسُ الدِّينِ الْحَنَفِيُّ، وَالْقَاضِي جَلَالُ الدِّينِ بْنُ حُسَامِ الدِّينِ الْحَنَفِيُّ، وَبَهَاءُ الدِّينِ ابْنُ عُلَيْمَةَ، وَالشَّيْخُ عَلَمُ الدِّينِ الْبِرْزَالِيُّ. وَدَرَّسَ ابْنُ جَمَاعَةَ بِزَاوِيَةِ الشَّافِعِيِّ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ ثَامِنَ عَشَرَ شَوَّالٍ عِوَضًا عَنْ شِهَابِ الدِّينِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيِّ لِسُوءِ تَصَرُّفِهِ، وَخُلِعَ عَلَى ابْنِ جَمَاعَةَ، وَحَضَرَ عِنْدَهُ مِنَ الْأَعْيَانِ وَالْعَامَّةِ مَا يُشَابِهُ جَمِيعَةَ الْجُمُعَةِ، وَأُشْعِلَتْ شُمُوعٌ كَثِيرَةٌ فَرَحًا بِزَوَالِ الْمَعْزُولِ. قَالَ الْبِرْزَالِيُّ - وَمِنْ خَطِّهِ نَقَلْتُ -: وَفِي يَوْمِ الْأَحَدِ سَادِسَ عَشَرَ شَوَّالٍ ذَكَرَ الدَّرْسَ الْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ تَقِيُّ الدِّينِ السُّبْكِيُّ، الْمُحَدِّثُ بِالْمَدْرَسَةِ الْكَهَّارِيَّةِ عِوَضًا عَنِ ابْنِ الْأَنْصَارِيِّ أَيْضًا، وَحَضَرَ عِنْدَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ الْقُونَوِيُّ، وَرَوَى فِي الدَّرْسِ حَدِيثَ الْمُتَبَايِعَيْنِ بِالْخِيَارِ، عَنْ قَاضِي الْقُضَاةِ ابْنِ جَمَاعَةَ. وَفِي شَوَّالٍ عُزِلَ عَلَاءُ الدِّينِ بْنُ مَعْبَدٍ عَنْ وِلَايَةِ الْبَرِّ وَشَدِّ الْأَوْقَافِ، وَتَوَلَّى وِلَايَةَ الْوُلَاةِ بِالْبِلَادِ الْقِبْلِيَّةِ بِحَوْرَانَ عِوَضًا عَنْ بَكْتَمُرَ لِسَفَرِهِ إِلَى الْحِجَازِ، وَبَاشَرَ أَخُوهُ بَدْرُ الدِّينِ شَدَّ الْأَوْقَافِ، وَالْأَمِيرُ عَلَمُ الدِّينِ الطَّرْقُشِيُّ وِلَايَةَ الْبَرِّ مَعَ شَدِّ الدَّوَاوِينِ، وَتَوَجَّهَ ابْنُ الْأَنْصَارِيِّ إِلَى حَلَبَ مُتَوَلِّيًا وَكَالَةَ بَيْتِ الْمَالِ عِوَضًا عَنْ تَاجِ الدِّينِ أَخِي شَرَفِ الدِّينِ يَعْقُوبَ نَاظِرِ حَلَبَ، بِحُكْمِ وِلَايَةِ التَّاجِ الْمَذْكُورِ
পৃষ্ঠা - ১১৬৩৩
نَظَرَ الْكَرَكِ. وَفِي يَوْمِ عِيدِ الْفِطْرِ رَكِبَ الْأَمِيرُ تَمُرْتَاشُ بْنُ جُوبَانَ نَائِبُ بُو سَعِيدٍ عَلَى بِلَادِ الرُّومِ مِنْ قَيْسَارِيَّةَ فِي جَيْشٍ كَثِيفٍ مِنَ التَّتَارِ وَالتُّرْكُمَانِ وَالْقَرَمَانِ، وَدَخَلَ بِلَادَ سِيسَ، فَقَتَلَ، وَسَبَى، وَحَرَّقَ، وَخَرَّبَ، وَكَانَ قَدْ أَرْسَلَ لِنَائِبِ حَلَبَ أَلْطُنْبُغَا لِيُجَهِّزَ لَهُ جَيْشًا يَكُونُ عَوْنًا لَهُ عَلَى ذَلِكَ، فَلَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ بِغَيْرِ مَرْسُومِ السُّلْطَانِ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: الشَّيْخُ الصَّالِحُ الْمُقْرِئُ، بَقِيَّةُ السَّلَفِ، عَفِيفُ الدِّينِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْحَقِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْأَحَدِ بْنِ عَلِيٍّ الْقُرَشِيُّ الْمَخْزُومِيُّ الدَّلَاصِيُّ، شَيْخُ الْحَرَمِ بِمَكَّةَ، أَقَامَ فِيهِ أَزْيَدَ مِنْ سِتِّينَ سَنَةً يُقْرِئُ النَّاسَ الْقُرْآنَ احْتِسَابًا، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ الرَّابِعَ عَشَرَ مِنَ الْمُحَرَّمِ بِمَكَّةَ، وَلَهُ أَزْيَدُ مِنْ تِسْعِينَ سَنَةً، رَحِمَهُ اللَّهُ. الشَّيْخُ الْفَاضِلُ شَمْسُ الدِّينِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ الْهَمَذَانِيُّ، أَبُوهُ الصَّالِحِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالسَّكَاكِينِيِّ، وُلِدَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ وَسِتِّمِائَةٍ بِالصَّالِحِيَّةِ، وَقَرَأَ بِالرِّوَايَاتِ، وَاشْتَغَلَ فِي مُقَدِّمَةٍ فِي النَّحْوِ، وَنَظَمَ قَوِيًّا، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ، وَخَرَّجَ لَهُ ابْنُ الْفَخْرِ الْبَعْلَبَكِّيُّ جُزْءًا عَنْ شُيُوخِهِ، ثُمَّ دَخَلَ فِي التَّشَيُّعِ، فَقَرَأَ عَلَى أَبِي صَالِحٍ الْحَلَبِيِّ شَيْخِ الشِّيعَةِ،
পৃষ্ঠা - ১১৬৩৪
وَصَحِبَ ابْنَ عَدْنَانَ، وَقَرَأَ عَلَيْهِ أَوْلَادُهُ، وَطَلَبَهُ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ الْأَمِيرُ مَنْصُورُ بْنُ جَمَّازٍ، فَأَقَامَ عِنْدَهُ نَحَوًا مِنْ سَبْعِ سِنِينَ، ثُمَّ عَادَ إِلَى دِمَشْقَ وَقَدْ ضَعُفَ، وَثَقُلَ سَمْعُهُ، وَلَهُ سُؤَالٌ فِي الْجَبْرِ، أَجَابَهُ فِيهِ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ وَكَلَّ عَنْهُ غَيْرُهُ. وَظَهَرَ لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ كِتَابٌ فِيهِ انْتِصَارٌ لِلْيَهُودِ وَأَهْلِ الْأَدْيَانِ الْفَاسِدَةِ، فَغَسَلَهُ تَقِيُّ الدِّينِ السُّبْكِيُّ لَمَّا قَدِمَ دِمَشْقَ قَاضِيًا - وَكَانَ بِخَطِّهِ، وَلَمَّا مَاتَ لَمْ يَشْهَدْ جِنَازَتَهُ الْقَاضِي شَمْسُ الدِّينِ بْنُ مُسَلَّمٍ. تُوُفِّيَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ سَادِسَ عَشَرَ صَفَرٍ، وَدُفِنَ بِسَفْحِ قَاسِيُونَ، وَقُتِلَ ابْنُهُ فِيمَا بَعْدُ عَلَى قَذْفِهِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ وَغَيْرَهَا، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ وَقَبَّحَ قَاذِفَهُنَّ. وَفِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ مُسْتَهَلِّ رَمَضَانَ صُلِّيَ بِدِمَشْقَ عَلَى غَائِبَيْنِ هُمَا الشَّيْخُ نَجْمُ الدِّينِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَصْبَهَانِيُّ، تُوُفِّيَ بِمَكَّةَ، أَحَدُ الْعُبَّادِ وَالزُّهَّادِ الَّذِينَ يُقْصِدُونَ لِلزِّيَارَةِ، وَعَلَى الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الزَّيْلَعِيِّ، تُوُفِّيَ بِمَكَّةَ أَيْضًا، وَهُوَ مِنَ الصَّالِحِينَ أَيْضًا، وَعَلَى جَمَاعَةٍ تُوُفُّوا بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ، مِنْهُمْ أَبُو
পৃষ্ঠা - ১১৬৩৫
عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ فَرِحُونَ مُدَرِّسُ الْمَالِكِيَّةِ بِهَا، وَالشَّيْخُ يَحْيَى الْكُرْدِيُّ، وَالشَّيْخُ حَسَنٌ الْمَغْرِبِيُّ الْسَّقَّا. الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْعَالِمُ عَلَاءُ الدِّينِ عَلِيُّ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سَالِمٍ الْأَنْصَارِيُّ، إِمَامُ مَشْهِدِ عَلِيٍّ مِنْ جَامِعِ دِمَشْقَ، كَانَ بَشُوشَ الْوَجْهِ، مُتَوَاضِعًا، حَسَنَ الصَّوْتِ بِالْقِرَاءَةِ، مُلَازِمًا لِإِقْرَاءِ الْكِتَابِ الْعَزِيزِ بِالْجَامِعِ، وَكَانَ يَؤُمُّ نَائِبَ السَّلْطَنَةِ وَهُوَ وَالِدُ الْعَلَّامَةِ بَهَاءِ الدِّينِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ مُدَرِّسِ الْأَمِينِيَّةِ وَمُحْتَسِبِ دِمَشْقَ، تُوُفِّيَ لَيْلَةَ الِاثْنَيْنِ رَابِعِ رَمَضَانَ، وَدُفِنَ بِسَفْحِ قَاسِيُونَ. الْأَمِيرُ حَاجِبُ الْحُجَّابِ زَيْنُ الدِّينِ كَتْبُغَا الْمَنْصُورِيُّ، حَاجِبُ دِمَشْقَ، كَانَ مِنْ خِيَارِ الْأُمَرَاءِ وَأَكْثَرِهِمْ بِرًّا لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، يُحِبُّ الْخِتَمَ وَالْمَوَاعِيدَ وَالْمَوَالِدَ، وَسَمَاعَ الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ، وَيُكْرِمُ أَهْلَ ذَلِكَ، وَيُحْسِنُ إِلَيْهِمْ كَثِيرًا، وَكَانَ مُلَازِمًا لِشَيْخِنَا أَبِي الْعَبَّاسِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ كَثِيرًا، وَكَانَ يَحُجُّ وَيَتَصَدَّقُ، تُوُفِّيَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ آخِرَ النَّهَارِ، ثَامِنِ عِشْرِينَ شَوَّالٍ، وَدُفِنَ مِنَ الْغَدِ بِتُرْبَتِهِ قِبْلِيَّ الْقُبَيْبَاتِ، وَشَهِدَهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَأَثْنَوْا عَلَيْهِ، رَحِمَهُ اللَّهُ.
পৃষ্ঠা - ১১৬৩৬
وَالشَّيْخُ بَهَاءُ الدِّينِ بْنُ الْمَقْدِسِيِّ، وَالشَّيْخُ سَعْدُ الدِّينِ أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى الْمَقْدِسِيُّ، وَالِدُ الشَّيْخِ شَمْسِ الدِّينِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ الْمُحَدِّثِ الْمَشْهُورِ، رَحِمَهُ اللَّهُ. وَفِيهَا تُوُفِّيَ سَيْفُ الدِّينِ النَّاسِخُ، الْمُنَادِي عَلَى الْكُتُبِ. وَالشَّيْخُ أَحْمَدُ الْحَرَّامُ، الْمُقْرِئُ عَلَى الْجَنَائِزِ، وَكَانَ يُكَرِّرُ عَلَيَّ " التَّنْبِيهَ "، وَيَسْأَلُ عَنْ أَشْيَاءَ مِنْهَا مَا هُوَ حَسَنٌ، وَمِنْهَا مَا لَيْسَ بِحَسَنٍ.
পৃষ্ঠা - ১১৬৩৭
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثِنْتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ] [الْأَحْدَاثُ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا] اسْتَهَلَّتْ وَأَرْبَابُ الْوِلَايَاتِ هُمُ الْمَذْكُورُونَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا، سِوَى وَالِي الْبَرِّ بِدِمَشْقَ، فَإِنَّهُ عَلَمُ الدِّينِ طَرْقُشِيُّ، وَقَدْ صُرِفَ ابْنُ مَعْبَدٍ إِلَى وِلَايَةِ حَوْرَانَ لِشَهَامَتِهِ، وَصَرَامَتِهِ، وَدِيَانَتِهِ، وَأَمَانَتِهِ. وَفِي رَابِعَ عَشَرَ الْمُحَرَّمِ حَصَلَتْ زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ بِدِمَشْقَ، وَقَى اللَّهُ شَرَّهَا. وَقَدِمَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ تَنْكِزُ مِنَ الْحِجَازِ لَيْلَةَ الثُّلَاثَاءِ حَادِيَ عَشَرَ الْمُحَرَّمِ، وَكَانَتْ مُدَّةُ غَيْبَتِهِ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ، وَقَدِمَ لَيْلًا لِئَلَّا يَتَكَلَّفَ أَحَدٌ لِقُدُومِهِ، وَسَافَرَ نَائِبُ الْغَيْبَةِ عَنْهُ قَبْلَ وُصُولِهِ بِيَوْمَيْنِ لِئَلَّا يُكَلِّفَهُ بِهَدِيَّةٍ وَلَا غَيْرِهَا، وَقَدْ قَدِمَ مُغْلَطَايْ عَبْدُ الْوَاحِدِ الْجَمَدَارُ، أَحَدُ الْأُمَرَاءِ بِمِصْرَ بِخِلْعَةٍ سَنِيَّةٍ مِنَ السُّلْطَانِ لِتَنْكِزَ، فَلَبِسَهَا وَقَبَّلَ الْعَتَبَةَ الشَّرِيفَةَ عَلَى الْعَادَةِ. وَفِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ سَادِسِ صَفَرٍ دَرَّسَ الشَّيْخُ نَجْمُ الدِّينِ الْقَحْفَازِيُّ بِالظَّاهِرِيَّةِ لِلْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ خَطِيبُ جَامِعِ تَنْكِزَ، وَحَضَرَ عِنْدَهُ الْقُضَاةُ وَالْأَعْيَانُ، وَدَرَّسَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء: 58] . وَذَلِكَ
পৃষ্ঠা - ১১৬৩৮
بَعْدَ وَفَاةِ الْقَاضِي شَمْسِ الدِّينِ بْنِ الْعِزِّ الْحَنَفِيِّ، تُوُفِّيَ فِي مَرْجِعِهِ مِنَ الْحِجَازِ، وَبَاشَرَ بَعْدَهُ نِيَابَةَ الْقَضَاءِ عِمَادُ الدِّينِ الطَّرَسُوسِيُّ، وَهُوَ زَوْجُ ابْنَتِهِ، وَكَانَ يَنُوبُ عَنْهُ فِي حَالِ غَيْبَتِهِ، فَاسْتَمَرَّ بَعْدَهُ، ثُمَّ وَلِيَ الْحُكْمَ بَعْدَ مُسْتَنِيبِهِ فِيهَا. وَفِيهِ قَدِمَ الْخُوَارَزْمِيُّ حَاجِبًا عِوَضًا عَنْ كَتْبُغَا. وَفِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ قَدِمَ إِلَى دِمَشْقَ الشَّيْخُ قِوَامُ الدِّينِ مَسْعُودُ بْنُ الشَّيْخِ بُرْهَانِ الدِّينِ مُحَمَّدِ بْنِ الشَّيْخِ شَرَفِ الدِّينِ مُحَمَّدٍ الْكَرْمَانِيُّ الْحَنَفِيُّ، فَنَزَلَ بِالْقَصَّاعِينَ، وَتَرَدَّدَ إِلَيْهِ الطَّلَبَةُ، وَدَخَلَ إِلَى نَائِبِ السَّلْطَنَةِ وَاجْتَمَعَ بِهِ وَهُوَ شَابٌّ، مَوْلِدُهُ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِمِائَةٍ، وَقَدِ اجْتَمَعْتُ بِهِ، وَكَانَ عِنْدَهُ مُشَارَكَةٌ فِي الْفُرُوعِ وَالْأُصُولِ، وَدَعْوَاهُ أَوْسَعُ مِنْ مَحْصُولِهِ، وَكَانَتْ لِأَبِيهِ وَجَدِّهِ مُصَنَّفَاتٌ، ثُمَّ صَارَ بَعْدَ مُدَّةٍ إِلَى مِصْرَ، وَمَاتَ بِهَا كَمَا سَيَأْتِي. وَفِي رَبِيعٍ الْآخِرِ تَكَامَلَ فَتْحُ آيَاسَ وَمُعَامَلَتِهَا، وَانْتِزَاعُهَا مِنْ أَيْدِي الْأَرْمَنِ، وَأُخِذَ الْبُرْجُ الْأَطْلَسُ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فِي الْبَحْرِ رَمْيَةٌ وَنِصْفٌ، فَأَخَذَهُ الْمُسْلِمُونَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَخَرَّبُوهُ، وَكَانَتْ حِجَارَتُهُ مَطْلِيَّةٌ بِالْحَدِيدِ وَالرَّصَاصِ،
পৃষ্ঠা - ১১৬৩৯
وَعَرْضُ سُورِهِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ ذِرَاعًا بِالنَّجَارِيِّ، وَغَنِمَ الْمُسْلِمُونَ غَنَائِمَ كَثِيرَةً جِدًّا، وَحَاصَرُوا كُوَارَةَ، فَقَوِيَ عَلَيْهِمُ الْحَرُّ وَالذُّبَابُ، فَرَسَمَ السُّلْطَانُ بِعُودِهِمْ، فَحَرَّقُوا مَا كَانَ مَعَهُمْ مِنَ الْمَجَانِيقِ، وَأَخَذُوا حَدِيدَهَا، وَأَقْبَلُوا سَالِمِينَ غَانِمِينَ، وَكَانَ مَعَهُمْ خَلْقٌ مِنَ الْمُتَطَوِّعِينَ. وَفِي يَوْمِ الْخَمِيسِ الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ جُمَادَى الْأُولَى كَمَلَ بَسْطُ دَاخِلِ الْجَامِعِ، فَاتَّسَعَ عَلَى النَّاسِ، وَلَكِنْ حَصَلَ حَرَجٌ بِحَمْلِ الْأَمْتِعَةِ عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ، فَإِنَّ النَّاسَ كَانُوا يَمُرُّونَ وَسَطَ الرِّوَاقَاتِ وَيَخْرُجُونَ مِنْ بَابِ الْبَرَّادَةِ، وَمَنْ شَاءَ اسْتَمَرَّ يَمْشِي إِلَى الْبَابِ الْآخَرِ بِنَعْلَيْهِ، وَلَمْ يَكُنْ مَمْنُوعًا سِوَى الْمَقْصُورَةِ، لَا يُمْكِنُ أَحَدًا الدُّخُولُ إِلَيْهَا بِالْمَدَاسَاتِ، بِخِلَافِ بَاقِي الرُّوَاقَاتِ، فَأَمَرَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ بِتَكْمِيلِ بَسْطِهِ، بِإِشَارَةِ نَاظِرِهِ ابْنِ مَرَاجِلَ. وَفِي جُمَادَى الْآخِرَةِ رَجَعَتِ الْعَسَاكِرُ مِنْ بِلَادِ سِيسَ وَمُقَدَّمُهُمْ آقُوشُ نَائِبُ الْكَرَكِ. وَفِي آخِرِ رَجَبٍ بَاشَرَ الْقَاضِي مُحْيِي الدِّينِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَهْبَلٍ نِيَابَةَ الْحُكْمِ عَنِ ابْنِ صَصْرَى عِوَضًا عَنِ الدَّارَانِيِّ الْجَعْفَرِيِّ، وَاسْتَغْنَى الدَّارَانِيُّ بِخُطْبَةِ جَامِعِ الْعُقَيْبَةِ عَنْهَا.
পৃষ্ঠা - ১১৬৪০
وَفِي ثَالِثَ عَشَرَ رَجَبٍ رَكِبَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ إِلَى خِدْمَةِ السُّلْطَانِ، فَأَكْرَمَهُ وَخَلَعَ عَلَيْهِ، وَعَادَ فِي أَوَّلِ شَعْبَانَ، فَفَرِحَ بِهِ النَّاسُ. وَفِي رَجَبٍ كَمَلَتْ عِمَارَةُ الْحَمَّامِ الَّذِي بَنَاهُ الْأَمِيرُ عَلَاءُ الدِّينِ بْنُ صُبْحٍ جِوَارَ دَارِهِ شَمَالِيَّ الشَّامِيَّةِ الْبَرَّانِيَّةِ. وَفِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ تَاسِعِ شَعْبَانَ عَقَدَ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَرْغُوَنَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ عَقْدَهُ عَلَى ابْنَةِ السُّلْطَانِ الْمَلِكِ النَّاصِرِ، وَخُتِنَ فِي هَذَا الْيَوْمِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَوْلَادِ الْأُمَرَاءِ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَمَدَّ سِمَاطًا عَظِيمًا، وَنُثِرَتِ الْفِضَّةُ عَلَى رُءُوسِ الْمُطَهَّرِينَ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا. وَرَسَمَ السُّلْطَانُ فِي هَذَا الشَّهْرِ بِوَضْعِ الْمَكْسِ عَنِ الْمَأْكُولَاتِ بِمَكَّةَ، وَعَوَّضَ صَاحِبَهَا عَنْ ذَلِكَ بِإِقْطَاعٍ فِي بِلَادِ الصَّعِيدِ. وَفِي أَوَاخِرِ رَمَضَانَ كَمَلَتْ عِمَارَةُ الْحَمَّامِ الَّذِي بَنَاهُ بَهَاءُ الدِّينِ ابْنُ عُلَيْمَةَ بِزُقَاقِ الْمَاجِيَّةِ مِنْ قَاسِيُونَ بِالْقُرْبِ مِنْ سَكَنِهِ، وَانْتَفَعَ بِهِ أَهْلُ تِلْكَ النَّاحِيَةِ وَمَنْ جَاوَرَهُمْ. وَخَرَجَ الرَّكْبُ الشَّامِيُّ يَوْمَ الْخَمِيسِ ثَامِنَ شَوَّالٍ وَأَمِيرُهُ سَيْفُ الدِّينِ بُلْطَى نَائِبُ الرَّحْبَةِ، وَكَانَ سَكَنُهُ دَاخِلَ بَابِ الْجَابِيَةِ بِدَرْبِ ابْنِ صَبْرَةَ، وَقَاضِيهِ شَمْسُ الدِّينِ بْنُ النَّقِيبِ قَاضِي حِمْصَ.
পৃষ্ঠা - ১১৬৪১
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: الْقَاضِي شَمْسُ الدِّينِ بْنُ الْعِزِّ الْحَنَفِيُّ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الشَّيْخِ شَرَفِ الدِّينِ أَبِي الْبَرَكَاتِ مُحَمَّدِ بْنِ الشَّيْخِ عِزِّ الدِّينِ أَبِي الْعِزِّ بْنِ صَالِحِ بْنِ أَبِي الْعِزِّ بْنِ وُهَيْبِ بْنِ عَطَاءِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ جَابِرِ بْنِ وُهَيْبٍ الْأَذْرَعِيُّ الْحَنَفِيُّ، أَحَدُ مَشَايِخِ الْحَنَفِيَّةِ وَأَئِمَّتِهِمْ وَفُضَلَائِهِمْ فِي فُنُونٍ مِنَ الْعُلُومِ مُتَعَدِّدَةٍ، حَكَمَ نِيَابَةً نَحْوًا مِنْ عِشْرِينَ سَنَةً، وَكَانَ سَدِيدَ الْأَحْكَامِ، مَحْمُودَ السِّيرَةِ، جَيِّدَ الطَّرِيقَةِ، كَرِيمَ الْأَخْلَاقِ، كَثِيرَ الْبِرِّ وَالصِّلَةِ وَالْإِحْسَانِ إِلَى أَصْحَابِهِ وَغَيْرِهِمْ، وَخَطَبَ بِجَامِعِ الْأَفْرَمِ مُدَّةً، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ خَطَبَ بِهِ، وَدَرَّسَ بِالْمُعَظَّمِيَّةِ، وَالْيَغْمُورِيَّةِ، وَالْقِلِيجِيَّةِ، وَالظَّاهِرِيَّةِ، وَكَانَ نَاظِرَ أَوْقَافِهَا، وَأَذِنَ لِلنَّاسِ بِالْإِفْتَاءِ، وَكَانَ كَبِيرًا مُعَظَّمًا مَهِيبًا، تُوُفِّيَ بَعْدَ مَرْجِعِهِ مِنَ الْحَجِّ بِأَيَّامٍ قَلَائِلَ يَوْمَ الْخَمِيسِ سَلْخِ الْمُحَرَّمِ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ يَوْمَئِذٍ بَعْدَ الظُّهْرِ بِجَامِعِ الْأَفْرَمِ، وَدُفِنَ عِنْدَ الْمُعَظَّمِيَّةِ عِنْدَ أَقَارِبِهِ، وَكَانَتْ جِنَازَتُهُ حَافِلَةً، وَشَهِدَ لَهُ النَّاسُ بِالْخَيْرِ، وَغَبَطُوهُ بِهَذِهِ الْمَوْتَةِ، رَحِمَهُ اللَّهُ، وَدَرَّسَ بَعْدَهُ بِالظَّاهِرِيَّةِ الشَّيْخُ نَجْمُ الدِّينِ الْقَحْفَازِيُّ، وَفِي الْمُعَظَّمِيَّةِ وَالْقِلِيجِيَّةِ وَالْخَطَابَةِ بِجَامِعِ الْأَفْرَمِ ابْنُهُ عَلَاءُ الدِّينِ، وَبَاشَرَ بَعْدَهُ نِيَابَةَ الْحُكْمِ الْقَاضِي عِمَادُ الدِّينِ الطَّرَسُوسِيُّ مُدَرِّسُ الْقَلْعَةِ. الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْعَالِمُ بَقِيَّةُ السَّلَفِ، رَضِيُّ الدِّينِ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ
পৃষ্ঠা - ১১৬৪২
مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الطَّبَرِيُّ الْمَكِّيُّ الشَّافِعِيُّ، إِمَامُ الْمَقَامِ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِينَ سَنَةً، سَمِعَ الْحَدِيثَ مِنْ شُيُوخِ بَلَدِهِ وَالْوَارِدَيْنِ إِلَيْهَا، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ رِحْلَةٌ، وَكَانَ يُفْتِي النَّاسَ مِنْ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ، وَيُذْكَرُ أَنَّهُ اخْتَصَرَ " شَرْحَ السُّنَّةِ " لِلْبَغَوِيِّ، رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى. تُوُفِّيَ يَوْمَ السَّبْتِ بَعْدَ الظُّهْرِ ثَامِنِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ بِمَكَّةَ، وَدُفِنَ مِنَ الْغَدِ، وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الْمَشَايِخِ. شَيْخُنَا الزَّاهِدُ الْوَرِعُ بَقِيَّةُ السَّلَفِ زَكِيُّ الدِّينِ أَبُو يَحْيَى زَكَرِيَّا بْنُ يُوسُفَ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ حَامِدٍ الْبَجَلِيُّ الشَّافِعِيُّ، نَائِبُ الْخَطَابَةِ، وَمُدَرِّسُ الطَّيِّبَةِ وَالْأَسَدِيَّةِ، وَلَهُ حَلْقَةٌ لِلِاشْتِغَالِ بِالْجَامِعِ يَحْضُرُ بِهَا عِنْدَهُ الطَّلَبَةُ، وَكَانَ يَشْتَغِلُ فِي الْفَرَائِضِ وَغَيْرِهَا، مُوَاظِبًا عَلَى ذَلِكَ. تُوُفِّيَ يَوْمَ الْخَمِيسِ الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ جُمَادَى الْأُولَى عَنْ سَبْعِينَ سَنَةً، وَدُفِنَ قَرِيبًا مِنْ شَيْخِهِ الْعَلَّامَةِ تَاجِ الدِّينِ الْفَزَارِيِّ، رَحِمَهُمَا اللَّهُ. نَصِيرُ الدِّينِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَجِيهِ الدِّينِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ
পৃষ্ঠা - ১১৬৪৩
عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبِ بْنِ سُوَيْدِ بْنِ مَعَالِي بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الرَّبَعِيُّ التَّغْلِبِيُّ التَّكْرِيتِيُّ، أَحَدُ صُدُورِ دِمَشْقَ، قَدِمَ أَبُوهُ قَبْلَهُ إِلَيْهَا، وَعَظُمَ فِي أَيَّامِ الظَّاهِرِ وَقَبْلَهُ، وَكَانَ مَوْلِدُهُ فِي حُدُودِ سَنَةِ خَمْسِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَلَهُمُ الْأَمْوَالُ الْكَثِيرَةُ وَالنِّعْمَةُ الْبَاذِخَةُ، تُوُفِّيَ يَوْمَ الْخَمِيسِ عِشْرِينَ رَجَبٍ، وَدُفِنَ بِتُرْبَتِهِمْ بِسَفْحِ قَاسِيُونَ، رَحِمَهُ اللَّهُ. وَفِي يَوْمِ الْأَحَدِ حَادِيَ عَشَرَ شَوَّالٍ تُوُفِّيَ شَمْسُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ الْمَغْرِبِيِّ، التَّاجِرُ السَّفَّارُ، بَانِي خَانِ الصَّنَمَيْنِ الَّذِي عَلَى جَادَّةِ الطَّرِيقِ لِلسَّبِيلِ، رَحِمَهُ اللَّهُ وَتَقَبَّلَ مِنْهُ، وَهُوَ فِي أَحْسَنِ الْأَمَاكِنِ وَأَنْفَعِهَا. الشَّيْخُ الْجَلِيلُ الزَّاهِدُ نَجْمُ الدِّينِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْمَقْدِسِيُّ، الْمَعْرُوفُ بِابْنِ عَبُّودٍ الْمِصْرِيُّ، كَانَتْ لَهُ وَجَاهَةٌ وَإِقْدَامٌ عَلَى الدَّوْلَةِ، تُوُفِّيَ بُكْرَةَ الْجُمُعَةِ ثَالِثِ عِشْرِينَ شَوَّالٍ، وَدُفِنَ بِزَاوِيَتِهِ، وَقَامَ بَعْدَهُ فِيهَا ابْنُ أَخِيهِ شَمْسُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ. الشَّيْخُ الْفَقِيهُ مُحْيِي الدِّينِ أَبُو الْهُدَى أَحْمَدُ ابْنُ الشَّيْخِ شِهَابِ الدِّينِ أَبِي شَامَةَ، وُلِدَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَخَمْسِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، فَأَسْمَعَهُ أَبُوهُ عَلَى الْمَشَايِخِ، وَقَرَأَ الْقُرْآنَ، وَاشْتَغَلَ بِالْفِقْهِ، وَكَانَ يَنْسَخُ، وَيُكْثِرُ التِّلَاوَةَ، وَيَحْضُرُ الْمَدَارِسَ وَالسَّبْعَ
পৃষ্ঠা - ১১৬৪৪
الْكَبِيرَ، تُوُفِّيَ فِي سَابِعِ عِشْرِينَ شَوَّالٍ، وَدُفِنَ عِنْدَ وَالِدِهِ بِمَقَابِرِ بَابِ الْفَرَادِيسِ. الشَّيْخُ الصَّالِحُ الْعَابِدُ جَلَالُ الدِّينِ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ زَيْنِ الدِّينِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مَحْمُودِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعُقَيْلِيُّ، الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْقَلَانِسِيِّ، وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَسَمِعَ مِنِ ابْنِ عَبْدِ الدَّائِمِ " جُزْءَ ابْنِ عَرَفَةَ "، وَرَوَاهُ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَسَمِعَ عَلَى غَيْرِهِ أَيْضًا، وَاشْتَغَلَ بِصِنَاعَةِ الْكِتَابَةِ وَالْإِنْشَاءِ، ثُمَّ انْقَطَعَ وَتَرَكَ ذَلِكَ كُلَّهُ، وَأَقْبَلَ عَلَى الْعِبَادَةِ وَالزَّهَادَةِ، وَبَنَى لَهُ الْأُمَرَاءُ بِمِصْرَ زَوِايَةً، وَتَرَدَّدُوا إِلَيْهِ، وَكَانَ فِيهِ بَشَاشَةٌ وَفَصَاحَةٌ، وَكَانَ ثَقِيلَ السَّمْعِ، ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى الْقُدْسِ، وَقَدِمَ دِمَشْقَ مَرَّةً، فَاجْتَمَعَ بِهِ النَّاسُ وَأَكْرَمُوهُ، وَحَدَّثَ بِهَا ثُمَّ عَادَ إِلَى الْقُدْسِ، وَتُوُفِّيَ بِهِ لَيْلَةَ الْأَحَدِ ثَالِثِ ذِي الْقَعْدَةِ، وَدُفِنَ بِمَقَابِرِ مَامَلَّا، رَحِمَهُ اللَّهُ، وَهُوَ خَالُ الْمُحْتَسِبِ عِزِّ الدِّينِ بْنِ الْقَلَانِسِيِّ، وَهَذَا خَالُ الصَّاحِبِ تَقِيِّ الدِّينِ بْنِ مَرَاجِلَ. الشَّيْخُ الْإِمَامُ قُطْبُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَبْدِ الْقَادِرِ السُّنْبَاطِيُّ الْمِصْرِيُّ، اخْتَصَرَ " الرَّوْضَةَ "، وَصَنَّفَ كِتَابَ " تَصْحِيحَ التَّعْجِيزِ "، وَدَرَّسَ بِالْفَاضِلِيَّةِ، وَنَابَ فِي الْحُكْمِ بِمِصْرَ، وَكَانَ مِنْ أَعْيَانِ الْفُقَهَاءِ، تُوُفِّيَ يَوْمَ
পৃষ্ঠা - ১১৬৪৫
الْجُمُعَةِ رَابِعَ عَشَرَ ذِي الْحِجَّةِ عَنْ سَبْعِينَ سَنَةً، وَحَضَرَ بَعْدَهُ تَدْرِيسَ الْفَاضِلِيَّةِ ضِيَاءُ الدِّينِ الْمُنَادِي نَائِبُ الْحُكْمِ بِالْقَاهِرَةِ، وَحَضَرَ عِنْدَهُ ابْنُ جَمَاعَةَ وَالْأَعْيَانُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
পৃষ্ঠা - ১১৬৪৬
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ] [الْأَحْدَاثُ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا] اسْتَهَلَّتْ يَوْمَ الْأَحَدِ فِي كَانُونَ الْأَصَمِّ، وَالْحُكَّامُ هُمُ الْمَذْكُورُونَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا، غَيْرَ أَنَّ وَالِيَ الْبَرِّ بِدِمَشْقَ هُوَ الْأَمِيرُ عَلَاءُ الدِّينِ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الْمَرْوَانِيُّ، بَاشَرَهَا فِي صَفَرٍ مِنَ السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ. وَفِي صَفَرٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ بَاشَرَ وِلَايَةَ دِمَشْقَ الْأَمِيرُ شِهَابُ الدِّينِ بْنُ بَرْقٍ، عِوَضًا عَنْ صَارِمِ الدِّينِ الْجُوكَنْدَارِ. وَفِي صَفَرٍ عُوفِيَ الْقَاضِي كَرِيمُ الدِّينِ - وَكِيلُ السُّلْطَانِ - مِنْ مَرَضٍ كَانَ قَدْ أَصَابَهُ، فَزُيِّنَتِ الْقَاهِرَةُ، وَأُشْعِلَتِ الشُّمُوعُ، وَجُمِعَ الْفُقَرَاءُ بِالْمَارَسْتَانِ الْمَنْصُورِيِّ لِيَأْخُذُوا مِنْ صَدَقَتِهِ، فَمَاتَ بَعْضُهُمْ مِنَ الزِّحَامِ. وَفِي سَلْخِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ دَرَّسَ الْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ الْمُحَدِّثُ تَقِيُّ الدِّينِ السُّبْكِيُّ الشَّافِعِيُّ بِالْمَنْصُورِيَّةِ بِالْقَاهِرَةِ، عِوَضًا عَنِ الْقَاضِي جَمَالِ الدِّينِ الزُّرَعِيِّ، بِمُقْتَضَى انْتِقَالِهِ إِلَى دِمَشْقَ، وَحَضَرَ عِنْدَهُ عَلَاءُ الدِّينِ شَيْخُ الشُّيُوخِ الْقُونَوِيُّ الشَّافِعِيُّ، وَدَرَّسَ بَعْدَهُ بِجَامِعِ الْحَاكِمِ شَمْسُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَدْلَانَ بِالْعِزِّيَّةِ، وَكَانَتْ وِلَايَةُ الْقَاضِي جَمَالِ الدِّينِ الزُّرَعِيِّ لِقَضَاءِ الشَّامِ
পৃষ্ঠা - ১১৬৪৭
عِوَضًا عَنِ النَّجْمِ ابْنِ صَصْرَى فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ رَابِعِ عِشْرِينَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَخُلِعَ عَلَيْهِ بِمِصْرَ، وَكَانَ قُدُومُهُ إِلَى دِمَشْقَ آخِرَ نَهَارِ الْأَرْبِعَاءِ رَابِعِ جُمَادَى الْأُولَى، فَنَزَلَ الْعَادِلِيَّةَ، وَقَدْ قَدِمَ عَلَى الْقَضَاءِ، وَمَشْيَخَةِ الشُّيُوخِ، وَقَضَاءِ الْعَسَاكِرِ، وَتَدْرِيسِ الْعَادِلِيَّةِ، وَالْغَزَّالِيَّةِ، وَالْأَتَابِكِيَّةِ. وَفِي رَبِيعٍ الْآخِرِ مُسِكَ الْقَاضِي كَرِيمُ الدِّينِ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ السَّدِيدِ، وَكِيلُ السُّلْطَانِ، وَكَانَ قَدْ بَلَغَ مِنَ الْمَنْزِلَةِ وَالْمَكَانَةِ عِنْدَ السُّلْطَانِ مَا لَمْ يَصِلْ إِلَيْهِ غَيْرُهُ مِنَ الْوُزَرَاءِ الْكِبَارِ، وَاحْتِيطَ عَلَى أَمْوَالِهِ وَحَوَاصِلِهِ، وَرُسِمَ عَلَيْهِ عِنْدَ نَائِبِ السَّلْطَنَةِ، ثُمَّ رُسِمَ لَهُ أَنْ يَكُونَ بِتُرْبَتِهِ الَّتِي بِالْقَرَافَةِ، ثُمَّ نُفِيَ إِلَى الشَّوْبَكِ، وَأُنْعِمَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنَ الْمَالِ، ثُمَّ أُذِنَ لَهُ بِالْإِقَامَةِ بِالْقُدْسِ الشَّرِيفِ بِرِبَاطِهِ. وَمُسِكَ ابْنُ أَخِيهِ كَرِيمُ الدِّينِ الصَّغِيرُ نَاظِرُ الدَّوَاوِينِ، وَأُخِذَتْ أَمْوَالُهُ، وَحُبِسَ فِي بُرْجٍ، وَفَرِحَ الْعَامَّةُ بِذَلِكَ، وَدَعَوْا لِلسُّلْطَانِ بِسَبَبِ مَسْكِهِمَا، ثُمَّ أُخْرِجَ إِلَى صَفَدَ. وَطُلِبَ مِنَ الْقُدْسِ أَمِينُ الْمُلْكِ عَبْدُ اللَّهِ، فَوَلِيَ الْوِزَارَةَ بِمِصْرَ، وَخُلِعَ عَلَيْهِ عَوْدًا عَلَى بَدْءٍ، وَفَرِحَ الْعَامَّةُ بِذَلِكَ، وَأَشْعَلُوا لَهُ الشُّمُوعَ، وَطُلِبَ الصَّاحِبُ شَمْسُ الدِّينِ غِبْرِيَالُ مِنْ دِمَشْقَ، فَرَكِبَ وَمَعَهُ أَمْوَالٌ كَثِيرَةٌ، ثُمَّ خُوِّلَ أَمْوَالَ كَرِيمِ الدِّينِ الْكَبِيرِ، وَعَادَ إِلَى دِمَشْقَ مُكَرَّمًا، وَقَدِمَ الْقَاضِي مُعِينُ الدِّينِ بْنُ الْحَشِيشِ عَلَى نَظَرِ الْجُيُوشِ الشَّامِيَّةِ، عِوَضًا عَنِ الْقُطْبِ ابْنِ شَيْخِ السَّلَامِيَّةِ،
পৃষ্ঠা - ১১৬৪৮
عُزِلَ عَنْهَا، وَرُسِمَ عَلَيْهِ فِي الْعَذْرَاوِيَّةِ نَحْوًا مِنْ عِشْرِينَ يَوْمًا، ثُمَّ أُذِنَ لَهُ فِي الِانْصِرَافِ إِلَى مَنْزِلِهِ مَصْرُوفًا عَنْهَا. وَفِي جُمَادَى الْأُولَى عُزِلَ طُرْقُشِيُّ عَنْ شَدِّ الدَّوَاوِينِ، وَتَوَلَّاهَا الْأَمِيرُ بَكْتَمُرُ وَالِي الْوُلَاةِ. وَفِي ثَانِي جُمَادَى الْآخِرَةِ بَاشَرَ الْقَاضِي ابْنُ جَهْبَلٍ نِيَابَةَ الْحُكْمِ عَنِ الزُّرَعِيِّ، وَكَانَ قَدْ بَاشَرَ قَبْلَهَا بِأَيَّامٍ نَظَرَ الْأَيْتَامِ عِوَضًا عَنِ ابْنِ هِلَالٍ. وَفِي شَعْبَانَ أُعِيدَ طُرْقُشِيُّ إِلَى الشَّدِّ، وَسَافَرَ بَكْتَمُرُ إِلَى نِيَابَةِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ، فَكَانَ بِهَا إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ. وَفِي رَمَضَانَ قَدِمَ جَمَاعَةٌ مِنْ حُجَّاجِ الشَّرْقِ وَفِيهِمْ بِنْتُ الْمَلِكِ أَبْغَا بْنِ هُولَاكُو، وَأُخْتُ أَرْغُونَ، وَعَمَّةُ قَازَانَ وَخَرْبَنْدَا، فَأُكْرِمَتْ، وَأُنْزِلَتْ بِالْقَصْرِ الْأَبْلَقِ، وَأُجْرِيَتْ عَلَيْهَا الْإِقَامَاتُ وَالنَّفَقَاتُ إِلَى أَوَانِ الْحَجِّ. وَخَرَجَ الرَّكْبُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ ثَامِنِ شَوَّالٍ، وَأَمِيرُهُ قُطْلِيجَا الْأَبُو بَكْرِي الَّذِي بِالْقَصَّاعِينَ، وَقَاضِي الرَّكْبِ شَمْسُ الدِّينِ قَاضِي الْقُضَاةِ ابْنُ مُسَلَّمٍ الْحَنْبَلِيُّ، وَحَجَّ مَعَهُمْ جَمَالُ الدِّينِ الْمِزِّيُّ، وَعِمَادُ الدِّينِ بْنُ الشَّيْرَجِيِّ، وَفُوِّضَ الْكَلَامُ فِي ذَلِكَ إِلَى شَرَفِ الدِّينِ بْنِ سَعْدِ بْنِ نَجِيحٍ، كَذَا أَخْبَرَنِي بِهِ شِهَابُ الدِّينِ الظَّاهِرِيُّ. وَمِنَ الْمِصْرِيِّينَ قَاضِي الْقُضَاةِ بَدْرُ الدِّينِ بْنُ جَمَاعَةَ، وَوَلَدُهُ عِزُّ الدِّينِ وَفَخْرُ الدِّينِ كَاتِبُ الْمَمَالِيكِ، وَشَمْسُ الدِّينِ الْحَارِثِيُّ، وَشِهَابُ الدِّينِ الْأَذْرَعِيُّ، وَعَلَاءُ الدِّينِ الْفَارِسِيُّ.