আল বিদায়া ওয়া আন্নিহায়া

পৃষ্ঠা - ১১৩৭১
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ] [الْأَحْدَاثُ الْوَاقِعَةُ فِيهَا] اسْتَهَلَّتْ وَخَلِيفَةُ الْوَقْتِ الْحَاكِمُ بِأَمْرِ اللَّهِ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ الْعَبَّاسِيُّ، وَسُلْطَانُ الْبِلَادِ الْمَلِكُ الْعَادِلُ زَيْنُ الدِّينِ كَتْبُغَا، وَنَائِبُهُ بِمِصْرَ الْأَمِيرُ حُسَامُ الدِّينِ لَاجِينُ السَّلَحْدَارُ الْمَنْصُورِيُّ، وَوَزِيرُهُ فَخْرُ الدِّينِ بْنُ الْخَلِيلِيِّ، وَقُضَاةُ مِصْرَ وَالشَّامِ هُمُ الْمَذْكُورُونَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا، وَنَائِبُ الشَّامِ عِزُّ الدِّينِ الْحَمَوِيُّ، وَوَزِيرُهُ تَقِيُّ الدِّينِ تَوْبَةُ، وَشَادُّ الدَّوَاوِينِ الْأَعْسَرُ، وَخَطِيبُ الْبَلَدِ وَقَاضِيهَا ابْنُ جَمَاعَةَ. وَفِي الْمُحَرَّمِ وُلِيَ نَظَرَ الْأَيْتَامِ نَجْمُ الدِّينِ بْنُ هِلَالٍ عِوَضًا عَنْ شَرَفِ الدِّينِ بْنِ الشِّيرَجِيِّ. وَفِي مُسْتَهَلِّ هَذِهِ السَّنَةِ كَانَ الْغَلَاءُ وَالْفَنَاءُ بِدِيَارِ مِصْرَ شَدِيدًا جِدًّا، وَقَدْ تَفَانَى النَّاسُ إِلَّا الْقَلِيلَ، وَكَانُوا يَحْفِرُونَ الْحُفَيْرَةَ، فَيَدْفِنُونَ فِيهَا الْفِئَامَ مِنَ النَّاسِ، وَالْأَسْعَارُ فِي غَايَةِ الْغَلَاءِ، وَالْأَقْوَاتُ فِي غَايَةِ الْقِلَّةِ وَالْغَلَاءِ، وَالْمَوْتُ عَمَّالٌ، فَمَاتَ بِهَا فِي شَهْرِ صَفَرٍ مِائَةُ أَلْفٍ وَنَحْوٌ مِنْ ثَلَاثِينَ أَلْفًا، وَوَقَعَ غَلَاءٌ بِالشَّامِ، فَبَلَغَتِ الْغِرَارَةُ إِلَى مِائَتَيْنِ، وَقَدِمَتْ طَائِفَةٌ مِنَ التَّتَرِ الْعُوَيْرَاتِيَّةِ لَمَّا بَلَغَهُمْ سَلْطَنَةُ كَتْبُغَا إِلَى الشَّامِ; لِأَنَّهُ مِنْهُمْ، فَتَلَقَّاهُمُ الْجَيْشُ بِالرُّحْبِ وَالسِّعَةِ، ثُمَّ سَافَرُوا إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ مَعَ الْأَمِيرِ قَرَاسُنْقُرَ الْمَنْصُورِيِّ.
পৃষ্ঠা - ১১৩৭২
وَجَاءَ الْخَبَرُ بِاشْتِدَادِ الْغَلَاءِ وَالْفَنَاءِ بِمِصْرَ، حَتَّى قِيلَ: إِنَّهُ بِيعَ الْفَرُّوجُ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ بِسِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ دِرْهَمًا، وَبِالْقَاهِرَةِ بِتِسْعَةَ عَشَرَ، وَالْبَيْضُ كُلُّ ثَلَاثَةٍ بِدِرْهَمٍ، وَأُفْنِيَتِ الْحُمُرُ وَالْخَيْلُ وَالْبِغَالُ وَالْكِلَابُ مِنْ أَكْلِ النَّاسِ لَهَا، وَلَمْ يَبْقَ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْحَيَوَانَاتِ يَلَوُحُ إِلَّا أَكَلُوهُ. وَفِي يَوْمِ السَّبْتِ الثَّانِي عَشَرَ مِنْ جُمَادَى الْأُولَى وَلِيَ قَضَاءَ الْقُضَاةِ بِمِصْرَ الشَّيْخُ الْعَلَّامَةُ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ عِوَضًا عَنْ تَقِيِّ الدِّينِ ابْنِ بِنْتِ الْأَعَزِّ، ثُمَّ وَقَعَ الرُّخْصُ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَزَالَ الضُّرُّ وَالْجُوعُ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. وَفِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ ثَانِي شَهْرِ رَجَبٍ دَرَّسَ الْقَاضِي إِمَامُ الدِّينِ بِالْقَيْمُرِيَّةِ عِوَضًا عَنْ صَدْرِ الدِّينِ بْنِ رَزِينَ الَّذِي تُوُفِّيَ. قَالَ الْبِرْزَالِيُّ: وَفِيهَا وَقَعَتْ صَاعِقَةٌ عَلَى قُبَّةِ زَمْزَمٍ، فَقَتَلَتِ الشَّيْخَ عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مُؤَذِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، كَانَ يُؤَذِّنُ عَلَى سَطْحِ الْقُبَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَكَانَ قَدْ رَوَى شَيْئًا مِنَ الْحَدِيثِ. وَفِيهَا قَدِمَتِ امْرَأَةُ الْمَلِكِ الظَّاهِرِ أُمُّ سَلَامُشَ مِنْ بِلَادِ الْأَشْكَرِيِّ إِلَى دِمَشْقَ فِي أَوَاخِرِ رَمَضَانَ، فَبَعَثَ إِلَيْهَا نَائِبُ الْبَلَدِ بِالْهَدَايَا وَالتُّحَفِ، وَرَتَّبَ لَهَا الرَّوَاتِبَ وَالْإِقَامَاتِ، وَكَانَ قَدْ نَفَاهُمْ خَلِيلُ بْنُ الْمَنْصُورِ لَمَّا وَلِيَ السَّلْطَنَةَ. قَالَ ابْنُ الْجَزَرِيِّ: وَفِي رَجَبٍ دَرَّسَ كَمَالُ الدِّينِ بْنُ الْقَلَانِسِيِّ بِالظَّاهِرِيَّةِ الْبَرَّانِيَّةِ عِوَضًا عَنْ جَلَالِ الدِّينِ الْقَزْوِينِيِّ. وَفِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ سَابِعَ عَشَرَ شَعْبَانَ دَرَّسَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ
পৃষ্ঠা - ১১৩৭৩
تَقِيُّ الدِّينِ ابْنُ تَيْمِيَةَ الْحَرَّانِيُّ بِالْمَدْرَسَةِ الْحَنْبَلِيَّةِ عِوَضًا عَنِ الشَّيْخِ زَيْنِ الدِّينِ بْنِ الْمُنَجَّا، تُوُفِّيَ إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ، وَنَزَلَ ابْنُ تَيْمِيَةَ عَنْ حَلْقَةِ الْعِمَادِ بْنِ الْمُنَجَّا لِشَمْسِ الدِّينِ بْنِ الْفَخْرِ الْبَعْلَبَكِّيِّ. وَفِي أَوَاخِرِ شَوَّالٍ نَابَ الْقَاضِي جَمَالُ الدِّينُ الزُّرَعِيُّ الَّذِي كَانَ حَاكِمًا بِزُرْعَ - وَهُوَ سُلَيْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ سَالِمٍ الْأَذْرَعِيُّ - عَنِ ابْنِ جَمَاعَةَ بِدِمَشْقَ، فَشُكِرَتْ سِيرَتُهُ. وَفِيهَا خَرَجَ السُّلْطَانُ كَتْبُغَا مِنْ مِصْرَ قَاصِدًا الشَّامَ فِي أَوَاخِرِ شَوَّالٍ، وَلَمَّا جَاءَ الْبَرِيدِ بِذَلِكَ ضَرَبَتِ الْبَشَائِرُ بِالْقَلْعَةِ، وَنَزَلُوا بِالْقَلْعَةِ; السُّلْطَانُ وَنَائِبُهُ لَاجِينُ وَوَزِيرُهُ ابْنُ الْخَلِيلِيِّ. وَفِي يَوْمِ الْأَحَدِ سَادِسَ عَشَرَ ذِي الْقِعْدَةِ وَلِيَ قَضَاءَ الْحَنَابِلَةِ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ سُلَيْمَانُ بْنُ حَمْزَةَ الْمَقْدِسِيُّ عِوَضًا عَنْ شَرَفِ الدِّينِ، مَاتَ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَخُلِعَ عَلَيْهِ وَعَلَى بَقِيَّةِ الْحُكَّامِ وَأَرْبَابِ الْوِلَايَاتِ الْكِبَارِ وَأَكَابِرِ الْأُمَرَاءِ، وَوَلِيَ نَجْمُ الدِّينِ بْنُ أَبِي الطَّيِّبِ وِكَالَةَ بَيْتِ الْمَالِ عِوَضًا عَنِ ابْنِ الشِّيرَازِيِّ، وَخُلِعَ عَلَيْهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ. وَرُسِمَ عَلَى الْأَعْسَرِ وَجَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَخَلْقٍ مِنَ الْكَتَبَةِ وَالْوُلَاةِ، وَصُودِرُوا بِمَالٍ كَثِيرٍ، وَاحْتِيطَ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَحَوَاصِلِهِمْ، وَعَلَى بَيْتِ ابْنِ السَّلْعُوسِ وَابْنِ عَدْنَانَ وَخَلْقٍ، وَجَرَتْ خَبْطَةٌ عَظِيمَةٌ. وَقَدِمَ ابْنَا الشَّيْخِ عَلِيٍّ الْحَرِيرِيِّ; حَسَنٌ وَشِيثٌ مِنْ بُسْرَ لِزِيَارَةِ السُّلْطَانِ، فَحَصَلَ لَهُمَا مِنْهُ رِفْدٌ
পৃষ্ঠা - ১১৩৭৪
وَإِسْعَافٌ، وَعَادَا إِلَى بِلَادِهِمَا. وَضَيَّفَتِ الْقَلَنْدَرِيَّةُ السُّلْطَانَ بِسَفْحِ جَبَلِ الْمِزَّةِ، فَأَعْطَاهُمْ نَحْوًا مِنْ عَشَرَةِ آلَافٍ. وَقِدِمَ صَاحِبُ حَمَاةَ إِلَى خِدْمَةِ السُّلْطَانِ، وَلَعِبَ مَعَهُ الْكُرَةَ بِالْمَيْدَانِ. وَاشْتَكَتِ الْأَشْرَافُ مِنْ نَقِيبِهِمْ زَيْنِ الدِّينِ بْنِ عَدْنَانَ، فَرَفَعَ الصَّاحِبُ يَدَهُ عَنْهُمْ، وَجَعَلَ أَمْرَهُمْ إِلَى الْقَاضِي الشَّافِعِيِّ. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ صَلَّى السُّلْطَانُ الْمَلِكُ الْعَادِلُ كَتْبُغَا بِمَقْصُورَةِ الْخَطَابَةِ، وَعَنْ يَمِينِهِ صَاحِبُ حَمَاةَ، وَتَحْتَهُ بَدْرُ الدِّينِ أَمِيرُ سِلَاحٍ، وَعَنْ يَسَارِهِ أَوْلَادُ الْحَرِيرِيِّ حَسَنٌ وَأَخَوَاهُ، وَتَحْتَهُمْ نَائِبُ الْمَمْلَكَةِ حُسَامُ الدِّينِ لَاجِينُ، وَإِلَى جَانِبِهِ نَائِبُ الشَّامِ عِزُّ الدِّينِ الْحَمَوِيُّ، وَتَحْتَهُ بَدْرُ الدِّينِ بَيْسَرِيُّ، وَتَحْتَهُ قَرَاسُنْقُرُ، وَإِلَى جَانِبِهِ الْحَاجُّ بَهَادِرُ، وَخَلْفَهُمْ أُمَرَاءُ كِبَارٌ، وَخَلَعَ عَلَى الْخَطِيبِ بَدْرِ الدِّينِ بْنِ جَمَاعَةَ خِلْعَةً سِنِيَّةً، وَلَمَّا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ سَلَّمَ عَلَى السُّلْطَانِ، وَزَارَ السُّلْطَانُ الْمُصْحَفَ الْعُثْمَانِيَّ، ثُمَّ أَصْبَحَ يَوْمَ السَّبْتِ، فَلَعِبَ الْكُرَةَ بِالْمَيْدَانِ عَلَى الْعَادَةِ. وَفِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ ثَانِي ذِي الْحِجَّةِ عَزَلَ الْأَمِيرَ عِزَّ الدِّينِ الْحَمَوِيَّ عَنِ النِّيَابَةِ، وَعَاتَبَهُ السُّلْطَانُ عِتَابًا كَثِيرًا عَلَى أَشْيَاءَ صَدَرَتْ مِنْهُ، ثُمَّ عَفَا عَنْهُ، وَأَمَرَهُ بِالْمَسِيرِ مَعَهُ إِلَى مِصْرَ، وَاسْتَنَابَ بِالشَّامِ الْأَمِيرَ سَيْفَ الدِّينِ غُرْلُو الْعَادِلِيَّ، وَخَلَعَ عَلَى
পৃষ্ঠা - ১১৩৭৫
الْمُولَّى وَعَلَى الْمَعْزُولِ أَيْضًا، وَحَضَرَ السُّلْطَانُ دَارَ الْعَدْلِ، وَحَضَرَ عِنْدَهُ الْوَزِيرُ وَالْقُضَاةُ وَالْأُمَرَاءُ، وَكَانَ عَادِلًا كَمَا سُمِّيَ. وَفِيهِ تَوَلَّى الْوِزَارَةَ شِهَابُ الدِّينِ الْحَنَفِيُّ عِوَضًا عَنِ التَّقِيِّ بْنِ الْبَيِّعِ التَّكْرِيتِيِّ، وَوَلِيَ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ شِهَابِ الدِّينِ الْحِسْبَةَ عِوَضًا عَنْ أَبِيهِ وَخُلِعَ عَلَيْهِمَا. ثُمَّ سَافَرَ السُّلْطَانُ فِي ثَانِي عَشَرَ ذِي الْحِجَّةِ وَاجْتَازَ عَلَى جُوسِيَةَ، ثُمَّ أَقَامَ بِالْبَرِّيَّةِ أَيَّامًا، ثُمَّ عَادَ فَنَزَلَ حِمْصَ، وَجَاءَ إِلَيْهِ نُوَّابُ الْبِلَادِ. وَجَلَسَ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ غُرْلُو بِدَارِ الْعَدْلِ، فَحَكَمَ وَعَدَلَ، وَكَانَ مَحْمُودَ السِّيرَةِ، سَدِيدَ الْحُكْمِ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: الشَّيْخُ زَيْنُ الدِّينِ بْنُ مُنَجَّا هُوَ الْإِمَامُ الْعَالِمُ الْعَلَّامَةُ مُفْتِي الْمُسْلِمِينَ الصَّدْرُ الْكَامِلُ زَيْنُ الدِّينِ أَبُو الْبَرَكَاتِ الْمُنَجَّا بْنُ الصَّدْرِ عِزِّ الدِّينِ أَبِي عَمْرٍو عُثْمَانَ بْنِ أَسْعَدَ بْنِ الْمُنَجَّا بْنِ بَرَكَاتِ بْنِ الْمُؤَمَّلِ التَّنُوخِيُّ، شَيْخُ الْحَنَابِلَةِ وَعَالِمُهُمْ، وُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ وَتَفَقَّهَ، فَبَرَعَ فِي فُنُونٍ كَثِيرَةٍ مِنَ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ وَالْعَرَبِيَّةِ وَالتَّفْسِيرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَانْتَهَتْ إِلَيْهِ رِيَاسَةُ
পৃষ্ঠা - ১১৩৭৬
الْمَذْهَبِ، وَصَنَّفَ فِي الْأُصُولِ، وَشَرَحَ " الْمُقْنِعَ "، وَلَهُ تَعَالِيقُ فِي التَّفْسِيرِ، وَكَانَ قَدْ جُمِعَ لَهُ بَيْنَ حُسْنِ الشَّكْلِ وَالسَّمْتِ وَالدِّيَانَةِ وَالْعِلْمِ وَالْوَجَاهَةِ وَصِحَّةِ الذِّهْنِ وَالْعَقِيدَةِ وَالْمُنَاظَرَةِ وَكَثْرَةِ الصَّدَقَةِ، وَلَمْ يَزَلْ يُوَاظِبُ الْجَامِعَ لِلِاشْتِغَالِ مُتَبَرِّعًا حَتَّى تُوُفِّيَ يَوْمَ الْخَمِيسِ رَابِعِ شَعْبَانَ، وَتُوُفِّيَتْ مَعَهُ زَوْجَتُهُ أُمُّ مُحَمَّدٍ سِتُّ الْبَهَاءِ بِنْتُ صَدْرِ الدِّينِ الْخُجَنْدِيِّ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِمَا بَعْدَ الْجُمُعَةِ بِجَامِعِ دِمَشْقَ، وَحُمِلَا جَمِيعًا إِلَى سَفْحِ قَاسِيونَ شَمَالِ الْجَامِعِ الْمُظَفَّرِيِّ تَحْتَ الرَّوْضَةِ، فَدُفِنَا فِي تُرْبَةٍ وَاحِدَةٍ، رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى. وَهُوَ وَالِدُ قَاضِي الْقُضَاةِ عَلَاءِ الدِّينِ، وَكَانَ شَيْخَ الْمِسْمَارِيَّةِ، ثُمَّ وَلِيَهَا بَعْدَهُ وَلَدَاهُ شَرَفُ الدِّينِ وَعَلَاءُ الدِّينِ، وَكَانَ شَيْخَ الْحَنْبَلِيَّةِ، فَدَرَّسَ بِهَا بَعْدَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ابْنُ تَيْمِيَةَ، كَمَا ذَكَرْنَا فِي الْحَوَادِثِ. الْمَسْعُودِيُّ صَاحِبُ الْحَمَّامِ بِالْمِزَّةِ: هُوَ الْأَمِيرُ الْكَبِيرُ بَدْرُ الدِّينِ لُؤْلُؤُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَسْعُودِيُّ أَحَدُ كِبَارِ الْأُمَرَاءِ الْمَشْهُورِينَ بِخِدْمَةِ الْمُلُوكِ، تُوُفِّيَ بِبُسْتَانِهِ بِالْمِزَّةِ يَوْمَ السَّبْتِ سَابِعَ عِشْرِينَ شَعْبَانَ، وَدُفِنَ صُبْحَ يَوْمِ الْأَحَدِ بِتُرْبَتِهِ بِالْمِزَّةِ، وَحَضَرَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ جِنَازَتَهُ، وَعُمِلَ عَزَاؤُهُ تَحْتَ النَّسْرِ بِجَامِعِ دِمَشْقَ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. الشَّيْخُ الْخَالِدِيُّ: الشَّيْخُ الصَّالِحُ إِسْرَائِيلُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ الْخَالِدِيُّ لَهُ زَاوِيَةٌ خَارِجَ بَابِ السَّلَامَةِ، يُقْصَدُ فِيهَا لِلزِّيَارَةِ، وَكَانَ مُشْتَمِلًا عَلَى عِبَادَةٍ وَزَهَادَةٍ، لَا يَقُومُ لِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ، وَلَوْ كَانَ مَنْ كَانَ، وَعِنْدَهُ سُكُونٌ وَمَعْرِفَةٌ، لَا يَخْرُجُ مِنْ مَنْزِلِهِ إِلَّا لِلْجُمُعَةِ، حَتَّى كَانَتْ وَفَاتُهُ فِي النِّصْفِ مِنْ رَمَضَانَ، وَدُفِنَ بِقَاسِيونَ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
পৃষ্ঠা - ১১৩৭৭
الشَّرَفُ حَسَنٌ الْمَقْدِسِيُّ هُوَ قَاضِي الْقُضَاةِ شَرَفُ الدِّينِ أَبُو الْفَضْلِ الْحَسَنُ بْنُ الشَّيْخِ الْإِمَامِ الْخَطِيبِ شَرَفِ الدِّينِ أَبِي بَكْرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشَّيْخِ أَبِي عُمَرَ الْمَقْدِسِيُّ، سَمْعَ الْحَدِيثَ وَتَفَقَّهَ، وَبَرَعَ فِي الْفُرُوعِ وَاللُّغَةِ، وَفِيهِ أَدَبٌ وَحُسْنُ مُحَاضِرَةٍ، مَلِيحُ الشَّكْلِ، تَوَلَّى الْقَضَاءَ بَعْدَ نَجْمِ الدِّينِ بْنِ الشَّيْخِ شَمْسِ الدِّينِ فِي أَوَاخِرِ سَنَةِ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ، وَدَرَّسَ بِدَارِ الْحَدِيثِ الْأَشْرَفِيَّةِ بِالسَّفْحِ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ لَيْلَةَ الْخَمِيسِ الثَّانِي وَالْعِشْرِينَ مِنْ شَوَّالٍ، وَقَدْ قَارَبَ السِّتِّينَ، وَدُفِنَ مِنَ الْغَدِ بِمَقْبَرَةِ جَدِّهِ بِالسَّفْحِ، وَحَضَرَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ وَالْقُضَاةُ وَالْأَعْيَانُ جِنَازَتَهُ، وَعُمِلَ مِنَ الْغَدِ عَزَاؤُهُ بِالْجَامِعِ الْمُظَفَّرِيِّ، وَبَاشَرَ الْقَضَاءَ بَعْدَهُ تَقِيُّ الدِّينِ سُلَيْمَانُ بْنُ حَمْزَةَ، وَكَذَا مَشْيَخَةَ دَارِ الْحَدِيثِ الْأَشْرَفِيَّةِ بِالسَّفْحِ، وَقَدْ وَلِيَهَا شِهَابُ الدِّينِ الْعَابِرُ الْحَنْبَلِيُّ النَّابُلُسِيُّ مُدَّةَ شُهُورٍ، ثُمَّ صُرِفَ عَنْهَا، وَاسْتَقَرَّتْ بِيَدِ قَاضِي الْقُضَاةِ تَقِيِّ الدِّينِ الْمَقْدِسِيِّ. الشَّيْخُ الصَّالِحُ الْإِمَامُ الْعَالِمُ الْبَارِعُ النَّاسِكُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ الْمَغْرِبِيُّ الْمَالِكِيُّ تُوُفِّيَ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ، وَكَانَ قَوَّالًا بِالْحَقِّ، أَمَّارًا بِالْمَعْرُوفِ نَهَّاءً عَنِ الْمُنْكَرِ، رَحِمَهُ اللَّهُ. الصَّاحِبُ مُحْيِي الدِّينِ بْنُ النَّحَّاسِ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ بَدْرِ الدِّينِ
পৃষ্ঠা - ১১৩৭৮
يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ طَارِقِ بْنِ سَالِمِ بْنِ النَّحَّاسِ الْأَسَدِيُّ الْحَلَبِيُّ الْحَنَفِيُّ وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ بِحَلَبَ، وَاشْتَغَلَ وَبَرَعَ وَسَمِعَ الْحَدِيثَ، وَأَقَامَ بِدِمَشْقَ مُدَّةً، وَدَرَّسَ بِهَا بِمَدَارِسَ كِبَارٍ; مِنْهَا الظَّاهِرِيَّةُ وَالزَّنْجَارِيَّةُ، وَوَلِيَ الْقَضَاءَ بِحَلَبَ وَالْوِزَارَةَ بِدِمَشْقَ، وَنَظَرَ الْخِزَانَةِ، وَنَظَرَ الدَّوَاوِينِ وَالْأَوْقَافِ، وَلَمْ يَزَلْ مُكَرَّمًا مُعَظَّمًا مَعْرُوفًا بِالْفَضِيلَةِ وَالْإِنْصَافِ فِي الْمُنَاظَرَةِ، مُحِبًّا لِلْحَدِيثِ وَأَهْلِهِ عَلَى طَرِيقَةِ السَّلَفِ، وَكَانَ يُحِبُّ الشَّيْخَ عَبْدَ الْقَادِرِ وَطَائِفَتَهُ وَطَرِيقَتَهُ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بِبُسْتَانِهِ بِالْمِزَّةِ عَشِيَّةَ الِاثْنَيْنِ سَلْخَ ذِي الْحِجَّةِ، وَقَدْ جَاوَزَ الثَّمَانِينَ، وَدُفِنَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ مُسْتَهَلَّ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِينَ بِمَقْبَرَةٍ لَهُ بِالْمِزَّةِ، وَحَضَرَ جِنَازَتَهُ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ وَالْقُضَاةُ. قَاضِي الْقُضَاةِ تَقِيُّ الدِّينِ، أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ قَاضِي الْقُضَاةِ تَاجِ الدِّينِ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ الْوَهَّابِ ابْنِ بِنْتِ الْقَاضِي الْأَعَزِّ أَبِي الْقَاسِمِ خَلَفِ بْنِ بَدْرٍ، الْعَلَائِيُّ الشَّافِعِيُّ تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الْأُولَى، وَدُفِنَ بِالْقَرَافَةِ بِتُرْبَتِهِمْ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
পৃষ্ঠা - ১১৩৭৯
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَتِسْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ] [الْأَحْدَاثُ الْوَاقِعَةُ فِيهَا] اسْتَهَلَّتْ وَالْخَلِيفَةُ الْحَاكِمُ الْعَبَّاسِيُّ، وَسُلْطَانُ الْبِلَادِ الْمَلِكُ الْعَادِلُ زَيْنُ الدِّينِ كَتْبُغَا وَهُوَ فِي نُوَاحِي حِمْصَ يَتَصَيَّدُ، وَمَعَهُ نَائِبُ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ حُسَامُ الدِّينِ لَاجِينُ السِّلَحْدَارِيُّ الْمَنْصُورِيُّ وَأَكَابِرُ الْأُمَرَاءِ، وَنَائِبُ الشَّامِ بِدِمَشْقَ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ غُرْلُو الْعَادِلِيُّ، وَقُضَاةُ الشَّامِ هُمُ الْمَذْكُورُونَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا غَيْرَ الْحَنْبَلِيِّ فَإِنَّهُ تَقِيُّ الدِّينِ سُلَيْمَانُ بْنُ حَمْزَةَ، وَالْوَزِيرُ شِهَابُ الدِّينِ الْحَنَفِيُّ وَابْنُهُ الْمُحْتَسِبُ، وَخَطِيبُ الْبَلَدِ قَاضِي الْقُضَاةِ بَدْرُ الدِّينِ بْنُ جَمَاعَةَ الشَّافِعِيُّ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْأَرْبِعَاءِ ثَانِي الْمُحَرَّمِ دَخَلَ السُّلْطَانُ الْمَلِكُ الْعَادِلُ كَتْبُغَا ضُحًى إِلَى دِمَشْقَ مِنْ نَوَاحِي حِمْصَ، وَصَلَّى الْجُمُعَةَ بِالْمَقْصُورَةِ، وَزَارَ قَبْرَ هُودٍ، وَصَلَّى عِنْدَهُ، وَأَخَذَ مِنَ النَّاسِ قِصَصَهُمْ بِيَدِهِ، وَجَلَسَ بِدَارِ الْعَدْلِ يَوْمَ السَّبْتَ، وَوَقَّعَ عَلَى الْقَصَصِ هُوَ وَوَزِيرُهُ فَخْرُ الدِّينِ الْخَلِيلِيُّ. وَفِي هَذَا الشَّهْرِ حَضَرَ شِهَابُ الدِّينِ بْنُ مُحْيِي الدِّينِ بْنِ النَّحَّاسِ فِي مَدْرَسَتَيْ أَبِيهِ; الرَّيْحَانِيَّةِ وَالظَّاهِرِيَّةِ، وَحَضَرَ النَّاسُ عِنْدَهُ، ثُمَّ حَضَرَ السُّلْطَانُ دَارَ الْعَدْلِ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ، وَجَاءَ إِلَى صَلَاةِ الْجُمُعَةِ، فَصَلَّى بِالْمَقْصُورَةِ ثُمَّ صَعِدَ فِي
পৃষ্ঠা - ১১৩৮০
هَذَا الْيَوْمَ إِلَى مَغَارَةِ الدَّمِ وَزَارَهَا، وَدَعَا هُنَالِكَ، وَتَصَدَّقَ بِجُمْلَةٍ مِنَ الْمَالِ، وَحَضَرَ الْوَزِيرُ فَخْرُ الدِّينِ بْنُ الْخَلِيلِيِّ لَيْلَةَ الْأَحَدِ ثَالِثَ عَشَرَ الْمُحَرَّمِ إِلَى الْجَامِعِ بَعْدَ الْعِشَاءِ فَجَلَسَ عِنْدَ شُبَّاكِ الْكَامِلِيَّةِ، وَقَرَأَ الْقُرَّاءُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَرَسَمَ بِأَنْ يُكَمَّلَ دَاخِلُ الْجَامِعِ بِالْفُرُشِ، فَفَعَلُوا ذَلِكَ، وَاسْتَمَرَّ ذَلِكَ نَحَوًا مِنْ شَهْرَيْنِ، ثُمَّ عَادَ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ. وَفِي صَبِيحَةِ هَذَا الْيَوْمِ دَرَّسَ الْقَاضِي شَمْسُ الدِّينِ بْنُ الْحَرِيرِيِّ بِالْقَيْمَازِيَّةِ عِوَضًا عَنِ ابْنِ النَّحَّاسِ بِاتِّفَاقٍ مِنْهُمْ، وَحَضَرَ عِنْدَهُ جَمَاعَةٌ، ثُمَّ صَلَّى السُّلْطَانُ الْجُمُعَةَ بِالْمَقْصُورَةِ، وَمَعَهُ وَزِيرُهُ ابْنُ الْخَلِيلِيِّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ مِنْ مَرَضٍ أَصَابَهُ، وَفِي سَابِعَ عَشَرَ الْمُحَرَّمِ أُمِرَ لِلْمَلِكِ الْكَامِلِ بْنِ الْمَلِكِ السَّعِيدِ بْنِ الصَّالِحِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ الْعَادِلِ بِطَبْلَخَانَةٍ وَلُبْسِ الشَّرَبُوشِ، وَدَخَلَ الْقَلْعَةَ، وَضُرِبَتْ لَهُ الْكُوسَاتُ عَلَى بَابِهِ، وَخَرَجَ السُّلْطَانُ الْمَلِكُ الْعَادِلُ كَتْبُغَا بِالْعَسَاكِرِ الْمَنْصُورَةِ مِنْ دِمَشْقَ بُكْرَةَ يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ ثَانِي عِشْرِينَ الْمُحَرَّمِ، وَخَرَجَ بَعْدَهُ الْوَزِيرُ، فَاجْتَازَ بِدَارِ الْحَدِيثِ، وَزَارَ الْأَثَرَ النَّبَوِيَّ، وَخَرَجَ إِلَيْهِ الشَّيْخُ زَيْنُ الدِّينِ الْفَارِقِيُّ، وَشَافَهَهُ بِتَدْرِيسِ النَّاصِرِيَّةِ، وَتَرَكَ زَيْنُ الدِّينِ تَدْرِيسَ الشَّامِيَّةِ الْبَرَّانِيَّةِ، فَوَلِيَهَا الْقَاضِي كَمَالُ الدِّينِ بْنُ الشَّرِيشِيِّ، وَذُكِرَ أَنَّ الْوَزِيرَ أَعْطَى الشَّيْخَ زَيْنَ الدِّينِ شَيْئًا مِنْ حُطَامِ الدُّنْيَا فَقَبِلَهُ، وَكَذَلِكَ أَعْطَى خَادِمَ الْأَثَرِ وَهُوَ الْمَعِينُ خَطَّابٌ. وَخَرَجَ الْأَعْيَانُ وَالْقُضَاةُ مَعَ الْوَزِيرِ لِتَوْدِيعِهِ. وَوَقَعَ فِي هَذَا الْيَوْمِ مَطَرٌ جَيِّدٌ اسْتَشْفَى النَّاسُ بِهِ،
পৃষ্ঠা - ১১৩৮১
وَغَسَلَ آثَارَ الْعَسَاكِرِ مِنَ الْأَوْسَاخِ وَغَيْرِهَا، وَعَادَ التَّقِيُّ تَوْبَةُ مِنْ تَوْدِيعِ الْوَزِيرِ، وَقَدْ فَوَّضَ إِلَيْهِ نَظَرَ الْخِزَانَةِ، وَعَزَلَ عَنْهَا شِهَابَ الدِّينِ بْنَ النَّحَّاسِ، وَدَرَّسَ الشَّيْخُ زَيْنُ الدِّينِ بِالنَّاصِرِيَّةِ الْجَوَّانِيَّةِ عِوَضًا عَنِ الْقَاضِي بَدْرِ الدِّينِ بْنِ جَمَاعَةَ فِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ آخَرِ يَوْمٍ مِنَ الْمُحَرَّمِ. وَفِي هَذَا الْيَوْمِ تَحَدَّثَ النَّاسُ فِيمَا بَيْنَهُمْ بِوُقُوعِ تَخْبِيطٍ بَيْنَ الْعَسْكَرِ وَخُلْفٍ وَتَشْوِيشٍ، فَغُلِّقَ بَابُ الْقَلْعَةِ الَّذِي يَلِي الْمَدِينَةَ، وَدَخَلَ الصَّاحِبُ شِهَابُ الدِّينِ إِلَيْهَا مِنْ بَابِ الْخَوْخَةِ، وَتَهَيَّأَ النَّائِبُ وَالْأُمَرَاءُ، وَرَكِبَ طَائِفَةٌ مِنَ الْجَيْشِ عَلَى بَابِ النَّصْرِ وُقُوفًا هُنَالِكَ، فَلَمَّا كَانَ وَقْتُ الْعَصْرِ وَصْلَ السُّلْطَانُ الْمَلِكُ الْعَادِلُ كَتْبُغَا إِلَى الْقَلْعَةِ فِي خَمْسَةِ أَنْفُسٍ أَوْ سِتَّةٍ مِنْ مَمَالِيكِهِ، فَدَخَلَ الْقَلْعَةَ، فَجَاءَ إِلَيْهِ الْأُمَرَاءُ، وَأَحْضَرَ ابْنَ جَمَاعَةَ وَحُسَامَ الدِّينِ الْحَنَفِيَّ، وَتَجَدَّدَ تَحْلِيفُ الْأُمَرَاءِ ثَانِيَةً فَحَلَفُوا لَهُ، وَخَلَعَ عَلَيْهِمْ، وَأَمَرَ بِالِاحْتِيَاطِ عَلَى نُوَّابِ الْأَمِيرِ حُسَامِ الدِّينِ لَاجِينَ وَحَوَاصِلِهِ، وَأَقَامَ الْعَادِلُ بِالْقَلْعَةِ هَذِهِ الْأَيَّامَ، وَكَانَ الْخُلْفُ الَّذِي وَقَعَ بَيْنَهُمْ بِوَادِي فَحْمَةَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ مِنَ الْمُحَرَّمِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْأَمِيرَ حُسَامَ الدِّينِ لَاجِينَ كَانَ قَدْ وَاطَأَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأُمَرَاءِ فِي الْبَاطِنِ عَلَى الْعَادِلِ، وَتَوَثَّقَ مِنْهُمْ، وَأَشَارَ عَلَى الْعَادِلِ حِينَ خَرَجُوا مِنْ دِمَشْقَ أَنْ يَسْتَصْحِبَ مَعَهُ الْخِزَانَةَ; وَذَلِكَ لِئَلَّا يَبْقَى بِدِمَشْقَ شَيْءٌ مِنَ الْمَالِ يَتَقَوَّى بِهِ الْعَادِلُ إِنْ فَاتَهُمَ وَرَجَعَ إِلَى دِمَشْقَ، وَيَكُونُ قُوَّةً لَهُ هُوَ فِي الطَّرِيقِ عَلَى مَا عَزَمَ عَلَيْهِ مِنَ الْغَدْرِ، فَلَمَّا كَانُوا
পৃষ্ঠা - ১১৩৮২
بِالْمَكَانِ الْمَذْكُورِ قَتَلَ لَاجِينُ الْأَمِيرَ سَيْفَ الدِّينِ بَتْخَاصَ وَبَكْتُوتَ الْأَزْرَقَ الْعَادِلِيَّيْنِ، وَأَخَذَ الْخِزَانَةَ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَالْعَسْكَرَ، وَقَصَدَ الدِّيَارَ الْمِصْرِيَّةَ، فَلَمَّا سَمِعَ الْعَادِلُ بِذَلِكَ خَرَجَ مِنَ الدِّهْلِيزِ، وَسَاقَ جَرِيدَةً إِلَى دِمَشْقَ، فَدَخَلَهَا كَمَا ذَكَرْنَا، وَتَرَاجَعَ بَعْضُ مَمَالِيكِهِ كَزَيْنِ الدِّينِ غَلْبَكَ وَغَيْرِهِ، وَلَزِمَ شِهَابُ الدِّينِ الْحَنَفِيُّ الْقَلْعَةَ لِتَدْبِيرِ الْمَمْلَكَةِ، وَدَرَّسَ كَمَالُ الدِّينِ بْنُ الشَّرِيشِيِّ بِالشَّامِيَّةِ الْبَرَّانِيَّةِ بُكْرَةَ يَوْمِ الْخَمِيسِ مُسْتَهَلِّ صَفْرٍ، وَتَقَلَّبَتْ أُمُورٌ كَثِيرَةٌ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ، وَلَزِمَ السُّلْطَانُ الْقَلْعَةَ لَا يَخْرُجُ مِنْهَا، وَأَطْلَقَ كَثِيرًا مِنَ الْمُكُوسِ، وَكَتَبَ بِذَلِكَ تَوَاقِيعَ، وَقُرِئَتْ عَلَى النَّاسِ، وَغَلَا السِّعْرُ جِدًّا، فَبَلَغَتِ الْغِرَارَةُ مِائَتَيْنِ، وَاشْتَدَّ الْحَالُ وَتَفَاقَمَ الْأَمْرُ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. [سَلْطَنَةُ الْمَلِكِ الْمَنْصُورِ لَاجِينَ السِّلَحْدَارِ] سَلْطَنَةُ الْمَلِكِ مَنْصُورِ لَاجِينَ السِّلَحْدَارِ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا اسْتَاقَ الْخِزَانَةَ، وَذَهَبَ بِالْجُيُوشِ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ دَخَلَهَا فِي أُبَّهَةٍ عَظِيمَةٍ، وَقَدِ اتَّفَقَ مَعَ جُمْهُورِ الْأُمَرَاءِ الْكِبَارِ، وَبَايَعُوهُ وَمَلَّكُوهُ عَلَيْهِمْ، وَجَلَسَ عَلَى سَرِيرِ الْمُلْكِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَاشِرِ صَفَرٍ، وَدَقَّتْ بِمِصْرَ الْبَشَائِرُ، وَزُيِّنَتِ الْبَلَدُ، وَخُطِبَ لَهُ عَلَى الْمَنَابِرِ وَبِالْقُدْسِ وَالْخَلِيلِ، وَلُقِّبَ بِالْمَلِكِ الْمَنْصُورِ، وَكَذَلِكَ بِالْكَرَكِ وَنَابُلُسَ وَصَفَدَ، وَذَهَبَتْ إِلَيْهِ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَرَاءِ دِمَشْقَ، وَقَدَّمَتِ الْجَرِيدَةُ مِنْ جِهَةِ الرَّحْبَةِ صُحْبَةَ الْأَمِيرِ سَيْفِ الدِّينِ كُجْكُنَ، فَلَمْ يَدْخُلُوا الْبَلَدَ بَلْ نَزَلُوا
পৃষ্ঠা - ১১৩৮৩
بِمَيْدَانَ الْحَصَى، وَأَظْهَرُوا مُخَالَفَةَ الْعَادِلِ وَطَاعَةَ الْمَنْصُورِ لَاجِينَ بِمِصْرَ، وَرَكِبَ إِلَيْهِ الْأُمَرَاءُ طَائِفَةً بَعْدَ طَائِفَةٍ، وَفَوْجًا بَعْدَ فَوْجٍ، فَضَعُفَ أَمْرُ الْعَادِلِ جِدًّا. فَلَمَّا رَأَى انْحِلَالَ أَمْرِهِ قَالَ لِلْأُمَرَاءِ: هُوَ خُشْدَاشِيٌّ، وَأَنَا وَهُوَ شَيْءٌ وَاحِدٌ، وَأَنَا لَهُ سَامِعٌ مُطِيعٌ، وَأَنَا أَجْلِسُ فِي أَيِّ مَكَانٍ مِنَ الْقَلْعَةِ أَرَادَ، حَتَّى تُكَاتِبُوهُ وَتَنْظُرُوا مَا يَقُولُ. وَجَاءَتِ الْبَرِيدِيَّةُ بِالْمُكَاتَبَاتِ بِأَمْرِ الِاحْتِيَاطِ عَلَى الْقَلْعَةِ وَعَلَى الْمَلِكِ الْعَادِلِ، وَبَقِيَ النَّاسُ فِي هَرْجٍ وَأَقْوَالٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَأَبْوَابُ الْقَلْعَةِ مُغْلَقَةٌ، وَأَبْوَابُ الْمَدِينَةِ سِوَى بَابِ النَّصْرِ إِلَّا الْخَوْخَةَ، وَالْعَامَّةُ حَوْلَ الْقَلْعَةِ قَدِ ازْدَحَمُوا حَتَّى سَقَطَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ فِي الْخَنْدَقِ، فَمَاتَ بَعْضُهُمْ، وَأَمْسَى النَّاسُ عَشِيَّةَ السَّبْتِ، وَقَدْ أُعْلِنَ بِاسْمِ الْمَلِكِ الْمَنْصُورِ لَاجِينَ، وَدَقَّتِ الْبَشَائِرُ بِذَلِكَ بَعْدَ الْعَصْرِ، وَدَعَا لَهُ الْمُؤَذِّنُونَ فِي سَحَرِ لَيْلَةِ الْأَحَدِ بِجَامِعِ دِمَشْقَ، وَتَلَوْا قَوْلَهُ تَعَالَى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ} [آل عمران: 26] . وَأَصْبَحَ النَّاسُ يَوْمَ الْأَحَدِ، فَاجْتَمَعَ الْقُضَاةُ وَالْأُمَرَاءُ، وَفِيهِمْ غُرْلُو الْعَادِلِيُّ بِدَارِ السَّعَادَةِ، فَحَلَفُوا لِلْمَنْصُورِ لَاجِينَ، وَنُودِيَ بِذَلِكَ فِي الْبَلَدِ، وَأَنْ يَفْتَحَ النَّاسُ دَكَاكِينَهُمْ، وَاخْتَفَى الصَّاحِبُ شِهَابُ الدِّينِ وَأَخُوهُ زَيْنُ الدِّينِ الْمُحْتَسِبُ، فَعَمِلَ الْوَالِي ابْنُ النَّشَّابِيِّ حِسْبَةَ الْبَلَدِ، ثُمَّ ظَهَرَ زَيْنُ الدِّينِ، فَبَاشَرَهَا عَلَى عَادَتِهِ. وَكَذَلِكَ ظَهَرَ أَخُوهُ شِهَابُ الدِّينِ، وَسَافَرَ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ غُرْلُو وَسَيْفُ الدِّينِ جَاغَانُ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ يُعْلِمَانِ السُّلْطَانَ بِوُقُوعِ التَّحْلِيفِ عَلَى مَا رَسَمَ بِهِ،
পৃষ্ঠা - ১১৩৮৪
وَجَاءَ كِتَابُ السُّلْطَانِ أَنَّهُ جَلَسَ عَلَى السَّرِيرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَاشِرَ صَفَرٍ، وَشَقَّ الْقَاهِرَةَ فِي سَادِسَ عَشَرَةَ فِي أُبَّهَةِ الْمَمْلَكَةِ وَعَلَيْهِ الْخِلْعَةُ الْخَلِيفِيَّةُ، وَالْأُمَرَاءُ بَيْنَ يَدَيْهِ مُشَاةً، وَأَنَّهُ قَدِ اسْتَنَابَ بِمِصْرَ الْأَمِيرَ شَمْسَ الدِّينِ قَرَاسُنْقُرَ الْمَنْصُورِيَّ، وَخُطِبَ لِلْمَنْصُورِ لَاجِينَ بِدِمَشْقَ أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَحَضَرَ الْمَقْصُورَةَ الْقُضَاةُ وَشَمْسُ الدِّينِ الْأَعْسَرُ وَكُجْكُنُ وَأَسَنْدَمُرُ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أُمَرَاءِ دِمَشْقَ، وَتَوَجَّهَ الْقَاضِي إِمَامُ الدِّينِ الْقَزْوِينِيُّ وَحُسَامُ الدِّينِ الْحَنَفِيُّ وَجَمَالُ الدِّينِ الْمَالِكِيُّ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ مَطْلُوبِينَ، وَقَدِمَ الْأَمِيرُ حُسَامُ الدِّينِ أُسْتَاذَدَارُ السُّلْطَانَ، وَسَيْفُ الدِّينِ جَاغَانُ مِنْ جِهَةِ السُّلْطَانِ، فَحَلَفَ الْأُمَرَاءُ ثَانِيَةً، وَدَخَلُوا عَلَى الْعَادِلِ إِلَى الْقَلْعَةِ، وَمَعَهُمُ الْقَاضِي بَدْرُ الدِّينِ بْنُ جَمَاعَةَ وَكُجْكُنُ، فَحَلَّفُوهُ أَيْمَانًا مُؤَكَّدَةً بَعْدَ مَا طَالَ بَيْنَهُمُ الْكَلَامُ بِالتُّرْكِيِّ، وَذَكَرَ فِي حَلِفِهِ أَنَّهُ رَاضٍ بِمَا يُعَيِّنُهُ لَهُ مِنَ الْبُلْدَانِ أَيَّ بَلَدٍ كَانَ، فَوَقَعَ التَّعْيِينُ بَعْدَ الْيَمِينِ عَلَى قَلْعَةِ صَرْخَدَ، وَجَاءَتِ الْمَرَاسِيمُ بِالْوِزَارَةِ لِتَقِيِّ الدِّينِ تَوْبَةَ، وَعُزِلَ شِهَابُ الدِّينِ الْحَنَفِيُّ، وَبِالْحِسْبَةِ لِأَمِينِ الدِّينِ يُوسُفَ الْأَرْمِنِيِّ الرُّومِيِّ صَاحِبِ شَمْسِ الدِّينِ الْأَيْكِيِّ، عِوَضًا عَنْ زَيْنِ الدِّينِ الْحَنَفِيِّ، أَخِي شِهَابِ الدِّينِ الَّذِي كَانَ وَزِيرًا، وَدَخَلَ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ قَبْجَقُ الْمَنْصُورِيُّ عَلَى نِيَابَةِ الشَّامِ إِلَى دِمَشْقَ بُكْرَةَ السَّبْتِ السَّادِسَ عَشَرَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَنَزَلَ دَارَ السَّعَادَةِ عِوَضًا عَنْ غُرْلُو الْعَادِلِيِّ، وَقَدْ خَرَجَ الْجَيْشُ بِكَمَالِهِ لِتَلَقِّيهِ، وَحَضَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَى الْمَقْصُورَةِ، فَصَلَّى بِهَا وَقُرِئَ بَعْدَ الْجُمُعَةِ
পৃষ্ঠা - ১১৩৮৫
كِتَابُ السُّلْطَانِ بِإِبْطَالِ الضَّمَانَاتِ مِنَ الْأَوْقَافِ وَالْأَمْلَاكِ بِغَيْرِ رِضَا أَصْحَابِهَا، قَرَأَهُ الْقَاضِي مُحْيِي الدِّينِ بْنُ فَضْلِ اللَّهِ صَاحِبُ دِيوَانِ الْإِنْشَاءِ، وَنُودِيَ فِي الْبَلَدِ: مَنْ لَهُ مَظْلِمَةٌ فَلْيَأْتِ يَوْمَ الثُّلَاثَاءَ إِلَى دَارِ الْعَدْلِ. وَخَلَعَ عَلَى الْأُمَرَاءِ وَالْمُقَدَّمِينَ وَأَرْبَابِ الْمَنَاصِبِ مِنَ الْقُضَاةِ وَالْكَتَبَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَخَلَعَ عَلَى ابْنِ جَمَاعَةَ خِلْعَتَيْنِ; وَاحِدَةً لِلْقَضَاءِ وَالْأُخْرَى لِلْخَطَابَةِ. وَلَمَّا كَانَ فِي شَهْرِ جُمَادَى الْآخِرَةِ وَصَلَ الْبَرِيدُ فَأَخْبَرَ بِوِلَايَةِ إِمَامِ الدِّينِ الْقَزْوِينِيِّ قَضَاءَ الْقُضَاةِ بِالشَّامِ عِوَضًا عَنْ بَدْرِ الدِّينِ بْنِ جَمَاعَةَ، وَإِبْقَاءِ ابْنِ جَمَاعَةَ عَلَى الْخَطَابَةِ، وَأُضِيفَ إِلَيْهِ تَدْرِيسُ الْقَيْمُرِيَّةِ الَّتِي كَانَتْ بِيَدِ إِمَامِ الدِّينِ، وَجَاءَ كِتَابُ السُّلْطَانِ بِذَلِكَ، وَفِيهِ احْتِرَامٌ وَإِكْرَامٌ لَهُ، فَدَرَّسَ بِالْقَيْمُرِيَّةِ يَوْمَ الْخَمِيسِ ثَانِي رَجَبٍ، وَدَخَلَ إِمَامُ الدِّينِ إِلَى دِمَشْقَ عَقِيبَ صَلَاةِ الظُّهْرِ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ الثَّامِنِ مِنْ رَجَبٍ فَجَلَسَ بِالْعَادِلِيَّةِ، وَحَكَمَ بَيْنَ الْخُصُومِ، وَامْتَدَحَهُ الشُّعَرَاءُ بِقَصَائِدَ، مِنْهَا قَصِيدَةٌ لِبَعْضِهِمْ يَقُولُ فِي أَوَّلِهَا: تَبَدَّلَتِ الْأَيَّامُ مِنْ عُسْرِهَا يُسْرًا ... فَأَضْحَتْ ثُغُورُ الشَّامِ تَفْتَرُّ بِالْبُشْرَى وَكَانَ حَالَ دُخُولِهِ عَلَيْهِ خِلْعَةُ السُّلْطَانِ، وَمَعَهُ الْقَاضِي جَمَالُ الدِّينِ الزَّوَاوِيُّ قَاضِي قُضَاةِ الْمَالِكِيَّةِ وَعَلَيْهِ خِلْعَةٌ أَيْضًا، وَقَدْ شَكَرَ سِيرَةَ إِمَامِ الدِّينِ فِي السَّفَرِ، وَذَكَرَ مَنْ حُسْنِ أَخْلَاقِهِ وَرِيَاضَتِهِ مَا هُوَ حَسَنٌ جَمِيلٌ، وَدَرَّسَ بِالْعَادِلِيَّةِ بُكْرَةَ الْأَرْبِعَاءِ مُنْتَصَفِ رَجَبٍ، وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ بَعْدَ الدَّرْسِ بِتَوْلِيَةِ أَخِيهِ جَلَالِ الدِّينِ نِيَابَةَ
পৃষ্ঠা - ১১৩৮৬
الْحُكْمِ، وَجَلَسَ فِي الْإِيوَانِ الصَّغِيرِ وَحَكَمَ، وَأَلْبَسَهُ أَخُوهُ خِلْعَةً وَجَاءَ النَّاسُ يُهَنِّئُونَهُ، وَقُرِئَ تَقْلِيدُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِالشُّبَّاكِ الْكَمَالِيِّ بَعْدَ الصَّلَاةِ بِحَضْرَةِ نَائِبِ السَّلْطَنَةِ وَبَقِيَّةِ الْقُضَاةِ، قَرَأَهُ شَرَفُ الدِّينِ الْفَزَارِيُّ. وَفِي شَعْبَانَ وَصَلَ الْخَبَرُ بِأَنَّ شَمْسَ الدِّينِ الْأَعْسَرَ تَوَلَّى بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ شَدَّ الدَّوَاوِينِ وَالْوِزَارَةَ، وَبَاشَرَ الْمَنْصِبَيْنِ جَمِيعًا، وَبَاشَرَ نَظَرَ الدَّوَاوِينِ بِدِمَشْقَ فَخْرُ الدِّينِ بْنُ الشِّيرَجِيِّ عِوَضًا عَنْ نَجْمِ الدِّينِ بْنِ صَصْرَى، ثُمَّ عُزِلَ بِعْدَ قَلِيلٍ بِشَهْرٍ أَوْ أَقَلَّ بِأَمِينِ الدِّينِ بْنِ هِلَالٍ، وَأُعِيدَتِ الشَّامِيَّةُ الْبَرَّانِيَّةُ إِلَى الشَّيْخِ زَيْنِ الدِّينِ الْفَارِقِيِّ مَعَ النَّاصِرِيَّةِ بِسَبَبِ غَيْبَةِ كَمَالِ الدِّينِ بْنِ الشَّرِيشِيِّ بِالْقَاهِرَةِ، وَدَرَّسَ فِيهَا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ يَوْمَ اثْنَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ. وَفِي الرَّابِعَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ مُسِكَ الْأَمِيرُ شَمْسُ الدِّينِ قَرَاسُنْقُرُ الْمَنْصُورِيُّ نَائِبُ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ لِلَاجِّينَ هُوَ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْأُمَرَاءِ مَعَهُ، وَاحْتِيطَ عَلَى حَوَاصِلِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ بِمِصْرَ وَالشَّامِ، وَوَلَّى السُّلْطَانُ نِيَابَةَ مِصْرَ الْأَمِيرَ سَيْفَ الدِّينِ مَنْكُوتَمُرَ الْحُسَامِيَّ، وَهَؤُلَاءِ الْأُمَرَاءُ الَّذِينَ مَسَكَهُمْ هُمُ الَّذِينَ كَانُوا قَدْ أَعَانُوهُ وَبَايَعُوهُ عَلَى الْعَادِلِ كَتْبُغَا، وَقَدِمَ الشَّيْخُ كَمَالُ الدِّينِ بْنُ الشَّرِيشِيِّ مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ وَمَعَهُ تَوْقِيعٌ بِتَدْرِيسِ النَّاصِرِيَّةِ عِوَضًا عَنِ الشَّامِيَّةِ الْبَرَّانِيَّةِ، وَدَرَّسَ فِيهَا يَوْمَ السَّبْتِ يَوْمَ عَرَفَةَ، وَأُمْسِكَ الْأَمِيرُ شَمْسُ الدِّينِ سُنْقُرُ الْأَعْسَرُ وَزِيرُ مِصْرِ وَشَادُّ الدَّوَاوِينِ يَوْمَ السَّبْتِ الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَاحْتِيطَ عَلَى أَمْوَالِهِ وَحَوَاصِلِهِ بِمِصْرَ وَالشَّامِ أَيْضًا، وَنُودِيَ بِمِصْرَ فِي ذِي الْحِجَّةِ أَنْ لَا يَرْكَبَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَرَسًا
পৃষ্ঠা - ১১৩৮৭
وَلَا بَغْلًا، وَمَنْ وُجِدَ مِنْهُمْ رَاكِبًا ذَلِكَ أُخِذَ مِنْهُ. وَفِيهَا مَلَكَ الْيَمَنَ السُّلْطَانُ الْمَلِكُ الْمُؤَيَّدُ هِزَبْرُ الدِّينِ دَاوُدُ بْنُ الْمَلِكِ الْمُظَفَّرِ الْمُتَقَدَّمُ ذِكْرُهُ فِي الَّتِي قَبِلَهَا. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: قَاضِي قُضَاةِ الْحَنَابِلَةِ بِمِصْرَ عِزُّ الدِّينِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عِوَضٍ الْمَقْدِسِيُّ الْحَنْبَلِيُّ سَمِعَ الْحَدِيثَ، وَبَرَعَ فِي الْمَذْهَبِ، وَحَكَمَ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَكَانَ مَشْكُورًا فِي سِيرَتِهِ وَحُكْمِهِ، تُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ، وَدُفِنَ بِالْمُقَطَّمِ، وَتَوَلَّى بَعْدَهُ شَرَفُ الدِّينِ عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَصْرٍ الْحَرَّانِيُّ بِدِيَارِ مِصْرَ. الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْحَافِظُ الْقُدْوَةُ، عَفِيفُ الدِّينِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَزْرُوعِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَزَّازٍ الْمِصْرِيُّ الْحَنْبَلِيُّ تُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ فِي أَوَاخِرِ صَفَرٍ، وُلِدَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَسَمِعَ الْكَثِيرَ وَجَاوَرَ بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ خَمْسِينَ سَنَةً، وَحَجَّ فِيهَا أَرْبَعِينَ حَجَّةً مُتَوَالِيَةً، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ بِدِمَشْقَ صَلَاةَ الْغَائِبِ، رَحِمَهُ اللَّهُ. الشَّيْخُ شِيثُ بْنُ الشَّيْخِ عَلِيٍّ الْحَرِيرِيُّ تُوُفِّيَ بِقَرْيَةِ بُسْرَ مِنْ حَوْرَانَ يَوْمَ
পৃষ্ঠা - ১১৩৮৮
الْجُمُعَةِ ثَالِثَ عَشَرَ رَبِيعٍ الْآخِرِ، وَتَوَجَّهَ أَخُوهُ حَسَنٌ وَالْفُقَرَاءُ مِنْ دِمَشْقَ إِلَى هُنَاكَ لِتَعْزِيَةِ أَخِيهِمْ حَسَنٍ الْأَكْبَرِ فِيهِ. الشَّيْخُ الصَّالِحُ الْمُقْرِئُ جَمَالُ الدِّينِ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ كَثِيرِ بْنِ ضِرْغَامٍ الْمِصْرِيُّ ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ، نَقِيبُ السُّبْعِ الْكَبِيرِ وَالْغَزَّالِيَّةِ، كَانَ قَدْ قَرَأَ عَلَى السَّخَاوِيِّ وَسَمِعَ الْحَدِيثَ، تُوُفِّيَ فِي أَوَاخِرِ رَجَبٍ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ بِالْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ، وَدُفِنَ بِالْقُرْبِ مِنْ قُبَّةِ الشَّيْخِ رَسْلَانَ وَاقِفُ السَّامَرِّيَّةِ الصَّدْرُ الْكَبِيرُ سَيْفُ الدِّينِ، أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ الْبَغْدَادِيُّ السَّامَرِّيُّ وَاقِفُ السَّامَرِّيَّةِ الَّتِي إِلَى جَانِبِ الْكَرَوَّسِيَّةِ بِدِمَشْقَ، وَكَانَتْ دَارَهُ الَّتِي يَسْكُنُ بِهَا، وَدُفِنَ بِهَا، وَوَقَفَهَا دَارَ حَدِيثٍ وَخَانْقَاهُ، وَكَانَ قَدِ انْتَقَلَ إِلَى دِمَشْقَ، وَأَقَامَ بِهَا بِهَذِهِ الدَّارِ مُدَّةً، وَكَانَتْ قَدِيمًا تُعْرَفُ بِدَارِ ابْنِ قَوَّامٍ، بَنَاهَا مِنْ حِجَارَةٍ مَنْحُوتَةٍ كُلِّهَا، وَكَانَ السَّامَرِّيُّ كَثِيرَ الْأَمْوَالِ، حَسَنَ الْأَخْلَاقِ، مُعَظَّمًا عِنْدَ الدَّوْلَةِ، جَمِيلَ الْمُعَاشَرَةِ، لَهُ أَشْعَارٌ رَائِقَةٌ وَمُبْتَكَرَاتٌ فَائِقَةٌ، تُوُفِّيَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ ثَامِنَ عَشَرَ شَعْبَانَ. وَقَدْ كَانَ بِبَغْدَادَ لَهُ حُظْوَةٌ عِنْدَ الْوَزِيرِ ابْنِ الْعَلْقَمِيِّ، وَامْتَدَحَ الْمُسْتَعْصِمَ، وَخَلَعَ عَلَيْهِ خِلْعَةً سَوْدَاءَ سِنِيَّةً، ثُمَّ قَدِمَ دِمَشْقَ فِي أَيَّامِ النَّاصِرِ صَاحِبِ حَلَبَ، فَحَظِيَ عِنْدَهُ أَيْضًا، فَسَعَى فِيهِ أَهْلُ الدَّوْلَةِ، فَصَنَّفَ فِيهِمْ أُرْجُوزَةً فَتْحَ عَلَيْهِمْ بِسَبَبِهَا بَابًا فَصَادَرَهُمُ الْمَلِكُ بِعِشْرِينَ أَلْفَ دِينَارٍ، فَعَظَّمُوهُ جِدًّا، وَتَوَسَّلُوا بِهِ إِلَى أَغْرَاضِهِمْ، وَلَهُ قَصِيدَةٌ فِي مَدْحِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ كَتَبَ عَنْهُ الْحَافِظُ الدِّمْيَاطِيُّ شَيْئًا مِنْ شِعْرِهِ.
পৃষ্ঠা - ১১৩৮৯
وَاقِفُ النَّفِيسِيَّةِ الَّتِي بِالرَّصِيفِ: الرَّئِيسُ نَفِيسُ الدِّينِ أَبُو الْفِدَاءِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَلَامَةَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ صَدَقَةَ الْحَرَّانَيُّ كَانَ أَحَدَ عُدُولِ الْقِسْمَةِ بِدِمَشْقَ، وَوَلِيَ نَظَرَ الْأَيْتَامِ فِي وَقْتٍ، وَكَانَ ذَا ثَرْوَةٍ مِنَ الْمَالِ، وُلِدَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ، وَوَقَفَ دَارَهَ دَارَ حَدِيثٍ، تُوُفِّيَ يَوْمَ السَّبْتِ بَعْدَ الظُّهْرِ الرَّابِعِ مِنْ ذِي الْقِعْدَةِ، وَدُفِنَ بِسَفْحِ قَاسِيونَ بُكْرَةَ يَوْمِ الْأَحَدِ بَعْدَ مَا صُلِّيَ عَلَيْهِ بِالْأُمَوِيِّ. الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الْمَعْرُوفُ بِالشَّارُوتِ الدِّمَشْقِيُّ، يُلَقَّبُ بِنَجْمِ الدِّينِ، تَرْجَمَهُ الْحَرِيرِيُّ فَأَطْنَبَ، وَذَكَرَ لَهُ كَرَامَاتٍ وَأَشْيَاءَ مِنْ عِلْمِ الْحُرُوفِ وَغَيْرِهَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِحَالِهِ. وَفِيهَا قَتَلَ قَازَانُ الْأَمِيرَ نَوْرُوزَ الَّذِي كَانَ إِسْلَامُهُ عَلَى يَدَيْهِ، كَانَ نَوْرُوزُ هَذَا هُوَ الَّذِي اسْتَسْلَمَهُ، وَدَعَاهُ لِلْإِسْلَامِ، فَأَسْلَمَ وَأَسْلَمَ مَعَهُ أَكْثَرُ التَّتَرِ، فَإِنَّ التَّتَرَ شَوَّشُوا خَاطِرَ قَازَانَ عَلَيْهِ، وَاسْتَمَالُوهُ مِنْهُ وَعَنْهُ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى قَتَلَهُ وَقَتَلَ جَمِيعَ مَنْ يُنْسَبُ إِلَيْهِ، وَكَانَ نَوْرُوزُ هَذَا مِنْ خِيَارِ أُمَرَاءِ التَّتَرِ عِنْدَ قَازَانَ، وَكَانَ ذَا عِبَادَةٍ وَصِدْقٍ فِي إِسْلَامِهِ وَأَذْكَارِهِ وَتَطَوُّعَاتِهِ، وَقَصْدِهِ الْجَيِّدِ، رَحِمَهُ اللَّهُ وَعَفَا عَنْهُ، وَلَقَدْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ مِنْهُمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ، وَاتَّخَذُوا السُّبَحَ وَالْهَيَاكِلَ، وَحَضَرُوا الْجُمُعَ وَالْجَمَاعَاتِ، وَقَرَءُوا الْقُرْآنَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
পৃষ্ঠা - ১১৩৯০
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ] [الْأَحْدَاثُ الْوَاقِعَةُ فِيهَا] اسْتَهَلَّتْ وَالْخَلِيفَةُ الْحَاكِمُ بِأَمْرِ اللَّهِ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ الْعَبَّاسِيُّ، وَسُلْطَانُ الْبِلَادِ الْمَلِكُ الْمَنْصُورُ حُسَامُ الدِّينِ لَاجِينُ السِّلَحْدَارِيُّ الْمَنْصُورِيُّ، وَنَائِبُهُ بِمِصْرَ مَنْكُوتَمُرُ، وَبِدِمَشْقَ سَيْفُ الدِّينِ قَبْجَقُ، وَقَاضِي الشَّافِعِيَّةِ إِمَامُ الدِّينِ الْقَزْوِينِيُّ، وَقَاضِي الْحَنَفِيَّةِ حُسَامُ الدِّينِ الرَّازِيُّ، ثُمَّ وَلِيَ ابْنُهُ جَلَالُ الدِّينِ مَكَانَهُ بِدِمَشْقَ فِي عَاشِرِ صَفَرٍ، وَرَكِبَ بِالْخِلْعَةِ وَالطَّرْحَةِ، وَهَنَّأَهُ النَّاسُ، وَكُتِبَ فِي الْإِسْجَالَاتِ قَاضِي الْقُضَاةِ. وَقَاضِي الْمَالِكِيَّةِ جَمَالُ الدِّينِ الزَّوَاوِيُّ، وَقَاضِي الْحَنَابِلَةِ تَقِيُّ الدِّينِ سُلَيْمَانُ بْنُ حَمْزَةَ بْنِ الشَّيْخِ أَبِي عُمَرَ، وَخَطِيبُ الْبَلَدِ بَدْرُ الدِّينِ بْنُ جَمَاعَةَ، وَطُلِبَ قَاضِي الْقُضَاةِ حُسَامُ الدِّينِ الرَّازِيُّ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، فَأَقَامَ عِنْدَ السُّلْطَانِ لَاجِينَ وَوَلَّاهُ قَضَاءَ الْقُضَاةِ الْحَنَفِيَّةِ بِمِصْرَ عِوَضًا عَنْ شَمْسِ الدِّينِ السُّرُوجِيِّ، وَاسْتَقَرَّ وَلَدُهُ جَلَالُ الدِّينِ بِالْقَضَاءِ فِي الشَّامِ بِدِمَشْقَ قَاضِي قُضَاةِ الْحَنَفِيَّةِ، وَدَرَّسَ بِمَدْرَسَتَيْ أَبِيهِ الْخَاتُونِيَّةِ وَالْمُقَدَّمِيَّةِ، وَتَرَكَ مَدْرَسَةَ الْقَصَّاعِينَ وَالشِّبْلِيَّةِ. وَجَاءَ الْخَبَرُ عَلَى يَدَيِ الْبَرِيدِ بِعَافِيَةِ السُّلْطَانِ مِنَ الْوَقْعَةِ الَّتِي كَانَ وَقَعَهَا، فَدَقَّتِ الْبَشَائِرُ وَزُيَّنَتِ الْبَلَدُ، فَإِنَّهُ سَقَطَ عَنْ فَرَسِهِ وَهُوَ يَلْعَبُ بِالْكُرَةِ، فَكَانَ كَمَا
পৃষ্ঠা - ১১৩৯১
قَالَ الشَّاعِرُ: حَوَيْتَ بَطْشًا وَإِحْسَانًا وَمَعْرِفَةً ... وَلَيْسَ يَحْمِلُ هَذَا كُلَّهُ الْفَرَسُ وَجَاءَ التَّقْلِيدُ وَالْخِلْعَةُ لِنَائِبِ السَّلْطَنَةِ، فَقُرِئَ التَّقْلِيدُ، وَبَاسَ الْعَتَبَةَ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا. وَفِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ دَرَّسَ بِالْجَوْزِيَّةِ عِزُّ الدِّينِ بْنُ قَاضِي الْقُضَاةِ تَقِيِّ الدِّينِ سُلَيْمَانَ، وَحَضَرَ عِنْدَهُ إِمَامُ الدِّينِ الشَّافِعِيُّ وَأَخُوهُ جَلَالُ الدِّينِ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْفُضَلَاءِ، وَبَعْدَ التَّدْرِيسِ جَلَسَ وَحَكَمَ عَنْ أَبِيهِ بِإِذْنِهِ لَهُ فِي ذَلِكَ. وَفِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ غَضِبَ قَاضِي الْقُضَاةِ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ، وَتَرَكَ الْحُكْمَ بِمِصْرَ أَيَّامًا، ثُمَّ اسْتُرْضِيَ وَعَادَ، وَشُرِطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَسْتَنِيبَ وَلَدَهُ الْمُحِبَّ. وَفِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ عَاشِرَ رَبِيعٍ الْآخِرِ أُقِيمَتِ الْجُمُعَةُ بِالْمَدْرَسَةِ الْمُعَظَّمِيَّةِ، وَخَطَبَ فِيهَا مُدَرِّسُهَا الْقَاضِي شَمْسُ الدِّينِ بْنُ الْعِزِّ الْحَنَفِيُّ. وَاشْتُهِرَ فِي هَذَا الْحِينِ الْقَبْضُ عَلَى بَدْرِ الدِّينِ بَيْسَرِيِّ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَاحْتِيطَ عَلَى أَمْوَالِهِ بِدِيَارِ مِصْرَ. وَأَرْسَلَ السُّلْطَانُ بِجَرِيدَةٍ صُحْبَةَ عَلَمِ الدِّينِ الدَّوَادَارِيِّ إِلَى تَلِّ حَمْدُونَ فَفُتِحَتْ بِحَمْدِ اللَّهِ وَمَنِّهِ، وَجَاءَ الْخَبَرُ بِذَلِكَ إِلَى دِمَشْقَ فِي الثَّانِي عَشَرَ مِنْ