আল বিদায়া ওয়া আন্নিহায়া

পৃষ্ঠা - ১১২৮৫
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ وَسِتِّمِائَةٍ] [الْأَحْدَاثُ الْوَاقِعَةُ فِيهَا] فِي أَوَاخِرِ الْمُحَرَّمِ قَدِمَ الْمَلِكُ الْمَنْصُورُ إِلَى دِمَشْقَ وَمَعَهُ الْجُيُوشُ، وَجَاءَ إِلَى خِدْمَتِهِ صَاحِبُ حَمَاةَ الْمَلِكُ الْمُظَفَّرُ بْنُ الْمَنْصُورِ، فَتَلَقَّاهُ بِجَمِيعِ الْجُيُوشِ وَخَلَعَ عَلَيْهِ خِلْعَةَ الْمُلُوكِ، ثُمَّ سَافَرَ السُّلْطَانُ بِالْعَسَاكِرِ الْمِصْرِيَّةِ وَالشَّامِيَّةِ، فَنَزَلَ الْمَرْقَبَ، فَفَتْحَهُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ ثَامِنَ عَشَرَ صَفَرٍ، وَجَاءَتِ الْبِشَارَةُ بِذَلِكَ إِلَى دِمَشْقَ، فَدَقَّتِ الْبَشَائِرُ وَزُيِّنَتِ الْبَلَدُ، وَفَرِحَ الْمُسْلِمُونَ بِذَلِكَ; لِأَنَّ هَذَا الْحِصْنَ كَانَ مَضَرَّةً عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَلَمْ يَتَّفِقْ فَتْحُهُ لِأَحَدٍ مِنَ الْمُلُوكِ لَا لِصَلَاحِ الدِّينَ وَلَا لِلظَّاهِرِ، وَفَتَحَ حَوْلَهُ بُلُنْيَاسَ وَمَرَقِيَّةَ، وَهِيَ بَلْدَةٌ صَغِيرَةٌ إِلَى جَانِبِ الْبَحْرِ عِنْدَ حِصْنٍ مَنِيعٍ جِدًّا، لَا يَصِلُ إِلَيْهِ سَهْمٌ وَلَا حَجَرُ مَنْجَنِيقٍ، فَأَرْسَلَ إِلَى صَاحِبِ طَرَابُلُسَ، فَهَدَمَهُ تَقَرُّبَا إِلَى السُّلْطَانِ الْمَلِكِ الْمَنْصُورِ، وَاسْتَنْقَذَ الْمَنْصُورُ خَلْقًا كَثِيرًا مِنْ أُسَارَى الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ كَانُوا عِنْدَ الْفِرِنْجِ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، ثُمَّ عَادَ الْمَنْصُورُ إِلَى دِمَشْقَ، ثُمَّ سَافَرَ بِالْعَسَاكِرِ الْمِصْرِيَّةِ إِلَى الْقَاهِرَةِ. وَفِي أَوَاخِرِ جُمَادَى الْآخِرَةِ وُلِدَ لِلْمَنْصُورِ وَلَدُهُ الْمَلِكُ النَّاصِرُ مُحَمَّدُ بْنُ قَلَاوُونَ.
পৃষ্ঠা - ১১২৮৬
وَفِيهَا عُزِلَ مُحْيِي الدِّينِ بْنُ النَّحَّاسِ عَنْ نَظَرِ الْجَامِعِ، وَوَلِيَهُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ مُحْيِي الدِّينِ بْنُ الزَّكِيِّ، وَبَاشَرَ ابْنُ النَّحَّاسِ الْوِزَارَةَ عِوَضًا عَنِ التَّقِيِّ تَوْبَةَ التَّكْرِيتِيِّ، وَطُلِبَ التَّقِيُّ تَوْبَةُ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَأُحِيطَ عَلَى أَمْوَالِهِ وَأَمْلَاكِهِ. وَعُزِلَ سَيْفُ الدِّينِ طَوْغَانُ عَنْ وِلَايَةِ الْمَدِينَةِ، وَبَاشَرَهَا عِزُّ الدِّينِ بْنُ أَبِي الْهَيْجَاءِ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ شَدَّادٍ تُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ، وَكَانَ فَاضِلًا مَشْهُورًا، لَهُ كِتَابُ " سِيرَةِ الْمَلِكِ الظَّاهِرِ "، وَكَانَ مُعْتَنِيًا بِالتَّارِيخِ. الْبُنْدُقْدَارُ أُسْتَاذُ الْمَلِكِ الظَّاهِرِ بَيْبَرْسَ وَهُوَ الْأَمِيرُ الْكَبِيرُ عَلَاءُ الدِّينِ أَيْدِيكِينُ الْبُنْدُقْدَارُ الصَّالِحِيُّ، كَانَ مِنْ خِيَارِ الْأُمَرَاءِ، سَامَحَهُ اللَّهُ، تُوُفِّيَ فِي رَبِيعٍ الْآخِرِ مِنْهَا، وَقَدْ كَانَ الصَّالِحُ نَجْمُ الدِّينِ صَادَرَ الْبُنْدُقْدَارَ هَذَا، وَأَخَذَ مِنْهُ مَمْلُوكَهُ بَيْبَرْسَ، فَأَضَافَهُ إِلَيْهِ لِشَهَامَتِهِ وَنَهْضَتِهِ، فَتَقَدَّمَ عِنْدَهُ عَلَى أُسْتَاذِهِ وَغَيْرِهِ. الشَّيْخُ الصَّالِحُ الْعَابِدُ الزَّاهِدُ شَرَفُ الدِّينِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْإِخْمِيمِيُّ كَانَتْ لَهُ جِنَازَةٌ هَائِلَةٌ، وَدُفِنَ بِقَاسِيُونَ رَحِمَهُ اللَّهُ.
পৃষ্ঠা - ১১২৮৭
ابْنُ عَامِرٍ الْمُقْرِئُ الَّذِي يُنْسَبُ إِلَيْهِ الْمِيعَادُ الْكَبِيرُ، الشَّيْخُ الصَّالِحُ الْمُقْرِئُ شَمْسُ الدِّينِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَامِرِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الْغَسُولِيُّ الْحَنْبَلِيُّ، سَمِعَ الْحَدِيثَ مِنَ الشَّيْخِ مُوَفَّقِ الدِّينِ بْنِ قُدَامَةَ وَغَيْرِهِ، وَكَانَ يَعْمَلُ الْمِيعَادَ لَيْلَةَ الْأَحَدِ، فَإِذَا فَرَغُوا مِنْ ذَلِكَ دَعَا بِهِمْ ثُمَّ وَعَظَهُمْ. تُوُفِّيَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ حَادِي عَشَرَ جُمَادَى الْآخِرَةِ، وَدُفِنَ بِالْقُرْبِ مِنْ تُرْبَةِ الشَّيْخِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَرْمَنِيِّ. الْقَاضِي عِمَادُ الدِّينِ دَاوُدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ كَامِلٍ الْقُرَشِيُّ الْبَصْرَوِيُّ الْحَنَفِيُّ مُدَرِّسُ الْعِزِّيَّةِ بِالْكُشْكِ، وَنَابَ فِي الْحُكْمِ عَنْ مَجْدِ الدِّينِ بْنِ الْعَدِيمِ، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ، وَتُوُفِّيَ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، وَهُوَ وَالِدُ الشَّيْخِ نَجْمِ الدِّينِ الْقَحْفَازِيِّ شَيْخِ الْحَنَفِيَّةِ، وَخَطِيبِ جَامِعِ تَنْكِزَ. الشَّيْخُ حَسَنٌ الرُّومِيُّ شَيْخُ سَعِيدِ السُّعَدَاءِ بِالْقَاهِرَةِ، وَقَدْ وَلِيَهَا بَعْدَهُ شَمْسُ الدِّينِ الْأَيْكِيُّ. الرَّشِيدُ سَعِيدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدٍ الشَّيْخُ رَشِيدُ الدِّينِ الْحَنَفِيُّ مُدَرِّسُ
পৃষ্ঠা - ১১২৮৮
الشِّبْلِيَّةِ، وَلَهُ تَصَانِيفُ مُفِيدَةٌ كَثِيرَةٌ، وَنَظْمٌ حَسَنٌ، فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: قُلْ لِمَنَ يَحْذَرُ أَنْ تُدْرِكَهُ ... نَكَبَاتُ الدَّهْرِ لَا يُغْنِي الْحَذَرْ أَذْهَبَ الْحُزْنَ اعْتِقَادِي أَنَّهُ ... كُلُّ شَيْءٍ بِقَضَاءٍ وَقَدَرْ وَمِنْ شِعْرِهِ قَوْلُهُ: إِلَهِي لَكَ الْحَمْدُ الَّذِي أَنْتَ أَهْلُهُ ... عَلَى نِعَمٍ مِنْهَا الْهِدَايَةُ لِلْحَمْدِ صَحِيحًا خَلَقْتَ الْجِسْمَ مِنِّي مُسَلَّمًا ... وَلُطْفُكَ بِي مَا زَالَ مُذْ كُنْتُ فِي الْمَهْدِ وَكُنْتُ يَتِيمًا قَدْ أَحَاطَ بِيَ الرَّدَى ... فَآوَيْتَ وَاسْتَنْقَذْتَ مِنْ كُلِّ مَا يُرْدِي وَهَبْتَ لِيَ الْعَقْلَ الَّذِي بِضِيَائِهِ ... إِلَى كُلِّ خَيْرٍ يَهْتَدِي طَالِبُ الرُّشْدِ وَوَفَّقْتَ لِلْإِسْلَامِ قَلْبِي وَمَنْطِقِي ... فَيَا نِعْمَةً قَدْ جَلَّ مَوْقِعُهَا عِنْدِي وَلَوْ رُمْتُ جَهْدِي أَنْ أُجَازِيَ فَضِيلَةً ... فَضَلْتَ بِهَا لَمْ يَجْزِ أَطْرَافَهَا جِدِّي أَلَسْتَ الَّذِي أَرْجُو جَنَابَكَ عِنْدَمَا ... يُخَلِّفُنِي الْأَهْلُونَ وَحْدِيَ فِي لَحْدِي فَجُدْ لِي بِلُطْفٍ مِنْكَ يَهْدِي سَرِيرَتِي ... وَقَلْبِي وَيُدْنِينِي إِلَيْكَ مِنَ الْبُعْدِ تُوُفِّيَ يَوْمَ السَّبْتِ ثَالِثَ رَمَضَانَ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْعَصْرِ بِالْجَامِعِ الْمُظَفَّرِيِّ، وَدُفِنَ بِالسَّفْحِ.
পৃষ্ঠা - ১১২৮৯
أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ بَلَبَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّاصِرِيُّ الْمُحَدِّثُ الْمُفِيدُ الْمَاهِرُ، تُوُفِّيَ يَوْمَ الْخَمِيسِ مُسْتَهَلَّ رَمَضَانَ. الْأَمِيرُ مُجِيرُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ عَلِيٍّ، الْمَعْرُوفُ بِابْنِ تَمِيمٍ الْحَمَوِيُّ الشَّاعِرُ، صَاحِبُ الدِّيوَانِ فِي الشِّعْرِ، فَمِنْ شِعْرِهِ قَوْلُهُ: عَايَنْتُ وَرْدَ الرَّوْضِ يَلْطِمُ خَدَّهُ ... وَيَقُولُ قَوْلًا فِي الْبَنَفْسِجِ يُحْنَقُ لَا تَقْرَبُوهُ وَإِنْ تَضَوَّعَ نَشْرُهُ ... مَا بَيْنَكُمْ فَهُوَ الْعَدُوُّ الْأَزْرَقُ الشَّيْخُ الْعَارِفُ شَرَفُ الدِّينِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الشَّيْخِ عُثْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ الرُّومِيُّ وَدُفِنَ بِتُرْبَتِهِمْ بِسَفْحِ قَاسِيُونَ، وَمِنْ عِنْدِهِمْ خَرَجَ الشَّيْخُ جَمَالُ الدِّينِ مُحَمَّدٌ السَّاوَجِيُّ، وَحَلَقَ وَدَخَلَ فِي ذِي الْجَوَالِيقِيَّةِ، وَصَارَ شَيْخَهُمْ وَمُقَدَّمَهُمْ.
পৃষ্ঠা - ১১২৯০
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ وَسِتِّمِائَةٍ] [الْأَحْدَاثُ الْوَاقِعَةُ فِيهَا] اسْتَهَلَّتْ وَالْخَلِيفَةُ الْحَاكِمُ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ، وَالسُّلْطَانُ الْمَلِكُ الْمَنْصُورُ قَلَاوُونُ وَنَائِبُهُ بِالشَّامِ الْأَمِيرُ حُسَامُ الدِّينِ لَاجِينُ السِّلَحْدَارِيُّ الْمَنْصُورِيُّ، وَالْأَمِيرُ بَدْرُ الدِّينِ الصَّوَابِيُّ مُحَاصِرٌ مَدِينَةَ الْكَرَكِ فِي أَوَاخِرِ السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ، وَقَدِمَ عَلَيْهِ مِنْ مِصْرَ عَسْكَرٌ صُحْبَةَ الْأَمِيرِ حُسَامِ الدِّينِ طُرُنْطَايَ فَاجْتَمَعُوا عَلَى حِصَارِ الْكَرَكِ حَتَّى أَنْزَلُوا مِنْهَا صَاحِبَهَا الْمَلِكَ الْمَسْعُودَ خَضِرَ بْنَ الْمَلِكِ الظَّاهِرِ فِي مُسْتَهَلِّ صَفَرٍ، وَجَاءَتِ الْبِشَارَةُ بِذَلِكَ إِلَى دِمَشْقَ فَدَقَّتِ الْبَشَائِرُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَعَادَ طُرُنْطَايُ بِالْمَلِكِ خَضِرٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، كَمَا فَعَلَ الْمَلِكُ الظَّاهِرُ أَبُوهُ بِالْمَلِكِ الْمُغِيثِ عُمَرَ بْنِ الْعَادِلِ، كَمَا تَقَدَّمَ ذَلِكَ. وَاسْتَنَابَ فِي الْكَرَكِ نَائِبًا عَنْ أَمْرِ الْمَنْصُورِ، وَرَتَّبَ أُمُورَهَا، وَأَجْلَوْا مِنْهَا خَلْقًا مِنَ الْكَرَكِيِّينَ، وَاسْتَخْدَمُوا بِقَلْعَةِ دِمَشْقَ. وَلَمَّا اقْتَرَبَ دُخُولُ آلِ الظَّاهِرِ إِلَى الْقَاهِرَةِ تَلَقَّاهُمُ الْمَنْصُورُ فَأَكْرَمَ لُقْيَاهُمْ، وَأَحْسَنَ إِلَى الْأَخَوَيْنِ نَجْمِ الدِّينِ خَضِرٍ وَبَدْرِ الدِّينِ سَلَامُشَ، وَجَعَلَهُمَا يَرْكَبَانِ مَعَ ابْنَيْهِ عَلِيٍّ وَالْأَشْرَفِ خَلِيلٍ، وَجَعَلَ عَلَيْهِمَا عُيُونًا يَرْصُدُونَ مَا يَفْعَلَانِ، وَأُنْزِلَا الدُّورَ بِالْقَلْعَةِ، وَأُجْرِيَ عَلَيْهِمْ مِنَ الرَّوَاتِبِ وَالنَّفَقَاتِ مَا يَكْفِيهِمْ وَزِيَادَةٌ كَثِيرَةٌ. وَكَتَبَ الْأَمِيرُ بَدْرُ الدِّينِ بَكْتُوتُ الْعَلَائِيُّ، وَهُوَ مُجَرَّدٌ بِحِمْصَ إِلَى نَائِبِ دِمَشْقَ لَاجِينَ، أَنَّهُ قَدِ انْعَقَدَتْ زَوْبَعَةٌ فِي يَوْمِ الْخَمِيسِ سَابِعِ صَفَرٍ بِأَرْضِ حِمْصَ،
পৃষ্ঠা - ১১২৯১
ثُمَّ ارْتَفَعَتْ فِي السَّمَاءِ كَهَيْئَةِ الْعَمُودِ وَالْحَيَّةِ الْعَظِيمَةِ، وَجَعَلَتْ تَخْتَطِفُ الْحِجَارَةَ الْكِبَارَ، فَتَصْعَدُ بِهَا فِي الْجَوِّ كَأَنَّهَا سِهَامُ النُّشَّابِ، وَحَمَلَتْ شَيْئًا كَثِيرًا مِنَ الْجِمَالِ بِأَحْمَالِهَا، وَالْأَثَاثِ وَالْخِيَامِ وَالدَّوَابِّ، فَفَقَدَ النَّاسُ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا كَثِيرًا مِنَ الرِّحَالِ وَالْأَمْتِعَةِ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. وَفِي هَذَا الْيَوْمِ وَقَعَ مَطَرٌ عَظِيمٌ بِدِمَشْقَ وَجَاءَ سَيْلٌ كَثِيرٌ وَلَا سِيَّمَا بِالصَّالِحِيَّةِ. وَفِيهَا أُعِيدَ عَلَمُ الدِّينِ الدَّوَادَارِيُّ إِلَى شَدِّ الدَّوَاوِينِ بِدِمَشْقَ، وَالصَّاحِبُ تَقِيُّ الدِّينِ تَوْبَةُ إِلَى الْوِزَارَةِ بِدِمَشْقَ. وَفِيهَا تَوَلَّى قَضَاءَ الْمَالِكِيَّةِ بِمِصْرَ زَيْنُ الدِّينِ بْنُ أَبِي مَخْلُوفٍ النُّوَيْرِيُّ عِوَضًا عَنِ الْقَاضِي تَقِيِّ الدِّينِ بْنِ شَاسٍ الَّذِي تُوُفِّيَ بِهَا. وَفِيهَا دَرَّسَ بِالْغَزَّالِيَّةِ بَدْرُ الدِّينِ بْنُ جَمَاعَةَ، انْتَزَعَهَا مِنْ يَدِ شَمْسِ الدِّينِ إِمَامِ الْكَلَّاسَةِ الَّذِي كَانَ يَنُوبُ عَنْ شَمْسِ الدِّينِ الْأَيْكِيِّ، وَالْأَيْكِيُّ شَيْخُ سَعِيدِ السُّعَدَاءِ، بَاشَرَهَا شَهْرًا، ثُمَّ جَاءَ مَرْسُومٌ بِإِعَادَتِهَا إِلَى الْأَيْكِيِّ، وَقَدِ اسْتَنَابَ عَنْهُ جَمَالَ الدِّينِ الْبَاجُرْبَقِيُّ فَبَاشَرَهَا الْبَاجُرْبَقِيُّ فِي ثَالِثِ رَجَبٍ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: أَحْمَدُ بْنُ شَيْبَانَ بْنِ تَغْلِبَ الشَّيْبَانِيُّ أَحَدُ مَشَايِخِ الْحَدِيثِ الْمُسْنِدِينَ
পৃষ্ঠা - ১১২৯২
الْمُعَمَّرِينَ بِدِمَشْقَ، تُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ عَنْ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً، وَدُفِنَ بِقَاسِيُونَ. الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْعَالِمُ الْبَارِعُ جَمَالُ الدِّينِ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُحْمَانَ الْبَكْرِيُّ الشَّرِيشِيُّ الْمَالِكِيُّ وُلِدَ بِشَرِيشَ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّمِائَةٍ، وَرَحَلَ إِلَى الْعِرَاقِ، فَسَمِعَ بِهَا الْحَدِيثَ مِنَ الْمَشَايِخِ; الْقَطِيعِيِّ وَابْنِ زَوْرَبَةَ وَابْنِ اللَّتِّيِّ وَغَيْرِهِمْ، وَاشْتَغَلَ وَحَصَّلَ وَسَادَ أَهْلَ زَمَانِهِ، ثُمَّ عَادَ إِلَى مِصْرَ، فَدَرَّسَ بِالْفَاضِلِيَّةِ، ثُمَّ أَقَامَ بِالْقُدْسِ شَيْخَ الْحَرَمِ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى دِمَشْقَ، فَوَلِيَ مَشْيَخَةَ الْحَدِيثِ بِتُرْبَةِ أَمِّ الصَّالِحِ، وَمَشْيَخَةَ الرِّبَاطِ النَّاصِرِيِّ بِالسَّفْحِ، وَمَشْيَخَةَ الْمَالِكِيَّةِ، وَعُرِضَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ فَلَمْ يَقْبَلْ. تُوُفِّيَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَجَبٍ بِالرِّبَاطِ النَّاصِرِيِّ بِقَاسِيُونَ، وَدُفِنَ بِسَفْحِ قَاسِيُونَ تُجَاهَ النَّاصِرِيَّةِ، وَكَانَتْ جِنَازَتُهُ حَافِلَةً جِدًّا. قَاضِي الْقُضَاةِ أَبُو الْفَضْلِ يُوسُفُ بْنُ قَاضِي الْقُضَاةِ مُحْيِي الدِّينِ أَبِي الْفَضْلِ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ الْقُرَشِيُّ الدِّمَشْقِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الزَّكِيِّ الشَّافِعِيُّ كَانَ فَاضِلًا مُبَرَّزًا، وَهُوَ آخِرُ مَنْ وَلِيَ الْقَضَاءَ مِنْ بَنِي الزَّكِيِّ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا، وُلِدَ فِي سَنَةِ أَرْبَعِينَ، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ، تُوُفِّيَ لَيْلَةَ الِاثْنَيْنِ حَادِي عَشَرَ ذِي الْحِجَّةِ، وَدُفِنَ بِقَاسِيُونَ، وَتَوَلَّى بَعْدَهُ ابْنُ الْخُوَيِّيِّ شِهَابُ الدِّينِ.
পৃষ্ঠা - ১১২৯৩
الشَّيْخُ مَجْدُ الدِّينِ يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمِصْرِيُّ ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ الشَّافِعِيُّ الْكَاتِبُ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْمِهْتَارِ كَانَ فَاضِلًا فِي الْحَدِيثِ وَالْأَدَبِ، يَكْتُبُ كِتَابَةً حَسَنَةً جِدًّا، وَتَوَلَّى مَشْيَخَةَ دَارِ الْحَدِيثِ النُّورِيَّةِ، وَقَدْ سَمِعَ الْكَثِيرَ، وَانْتَفَعَ النَّاسُ بِهِ وَبِكِتَابَتِهِ، تُوُفِّيَ عَاشِرَ ذِي الْحِجَّةِ، وَدُفِنَ بِبَابِ الْفَرَادِيسِ. الشَّاعِرُ الْأَدِيبُ شِهَابُ الدِّينِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمُنْعِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْخِيَمِيِّ كَانَتْ لَهُ مُشَارَكَةٌ فِي عُلُومٍ كَثِيرَةٍ، وَيَدٌ طُولَى فِي النَّظْمِ الرَّائِقِ الْفَائِقِ، جَاوَزَ الثَّمَانِينَ، وَقَدْ تَنَازَعَ هُوَ وَنَجْمُ الدِّينِ بْنُ إِسْرَائِيلَ فِي قَصِيدَةٍ بَائِيَّةٍ، فَتَحَاكَمَا إِلَى ابْنِ الْفَارِضِ، فَأَمَرَهُمَا بِنَظْمِ أَبْيَاتٍ عَلَى وَزْنِهَا، فَنَظَمَ كُلٌّ مِنْهُمَا فَأَحَسَنَ، وَلَكِنْ لِابْنِ الْخِيَمِيِّ يَدٌ طُولَى عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ فَعَلَ ابْنُ خَلِّكَانَ، وَامْتَدَحَهُ عَلَى وَزْنِهَا بِأَبِيَّاتٍ حِسَانٍ، وَقَدْ أَطَالَ تَرْجَمَتَهُ الْجَزَرِيُّ فِي كِتَابِهِ. وَفِيهَا كَانَتْ وَفَاةُ: الْحَاجِّ شَرَفِ بْنِ مِرَى وَالِدِ الشَّيْخِ مُحْيِي الدِّينِ النَّوَوِيِّ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
পৃষ্ঠা - ১১২৯৪
يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الْحَقِّ أَبُو يُوسُفَ الْمَرِينِيُّ سُلْطَانُ بِلَادِ الْمَغْرِبِ، خَرَجَ عَلَى الْوَاثِقِ بِاللَّهِ أَبِي دَبُّوسٍ، فَسَلَبَهُ الْمُلْكَ بِظَاهِرِ مُرَّاكِشَ، وَاسْتَحْوَذَ عَلَى بِلَادِ الْأَنْدَلُسِ وَالْجَزِيرَةِ الْخَضْرَاءِ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَاسْتَمَرَّتْ أَيَّامُهُ إِلَى مُحَرَّمِ هَذِهِ السَّنَةِ، وَزَالَتْ عَلَى يَدَيْهِ دَوْلَةُ الْمُوَحِّدِينَ بِهَا. الْبَيْضَاوِيُّ صَاحِبُ التَّصَانِيفِ هُوَ الْقَاضِي الْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ نَاصِرُ الدِّينِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الشِّيرَازِيُّ قَاضِيهَا وَعَالِمُهَا وَعَالِمُ أَذْرَبِيجَانَ وَتِلْكَ النَّوَاحِي، مَاتَ بِتَبْرِيزَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَمِنْ مُصَنَّفَاتِهِ " الْمِنْهَاجُ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ "، وَهُوَ مَشْهُورٌ، وَقَدْ شَرَحَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَلَهُ " شَرْحُ التَّنْبِيهِ " فِي أَرْبَعِ مُجَلَّدَاتٍ، وَلَهُ " الْغَايَةُ الْقُصْوَى فِي دِرَايَةِ الْفَتْوَى "، وَ " شَرْحُ الْمُنْتَخَبِ "، وَ " الْكَافِيَةُ فِي الْمَنْطِقِ "، وَلَهُ " الطَّوَالِعُ "، وَ " شَرْحُ الْمَحْصُولِ " أَيْضًا، وَلَهُ غَيْرُ ذَلِكَ مِنَ التَّصَانِيفِ الْمُفِيدَةِ، وَقَدْ أَوْصَى إِلَى الْقُطْبِ الشِّيرَازِيِّ أَنْ يُدْفَنَ بِجَانِبِهِ بِتَبْرِيزَ. وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
পৃষ্ঠা - ১১২৯৫
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَثَمَانِينَ وَسِتِّمِائَةٍ] [الْأَحْدَاثُ الْوَاقِعَةُ فِيهَا] فِي أَوَّلِ الْمُحَرَّمِ رَكِبَتِ الْعَسَاكِرُ صُحْبَةَ نَائِبِ الشَّامِ حُسَامِ الدِّينِ لَاجِينَ إِلَى مُحَاصَرَةِ صِهْيَوْنَ وَحِصْنِ بَرْزَيَهْ، فَمَانَعَهُمُ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ سُنْقُرُ الْأَشْقَرُ، فَلَمْ يَزَالُوا بِهِ حَتَّى اسْتَنْزَلُوهُ، وَسَلَّمَهُمُ الْبِلَادَ، وَسَارَ إِلَى خِدْمَةِ السُّلْطَانِ الْمَلِكِ الْمَنْصُورِ، فَتَلَقَّاهُ بِالْإِكْرَامِ وَالِاحْتِرَامِ، وَأَعْطَاهُ تَقْدُمَةً أَلْفَ فَارِسٍ، وَلَمْ يَزَلْ مُعَظَّمًا فِي الدَّوْلَةِ الْمَنْصُورِيَّةِ إِلَى آخِرِهَا، وَانْقَضَتْ تِلْكَ الْأَحْوَالُ. وَفِي النِّصْفِ مِنَ الْمُحَرَّمِ حَكَمَ الْقَاضِي جَلَالُ الدِّينِ الْحَنَفِيُّ نِيَابَةً عَنْ أَبِيهِ حُسَامِ الدِّينِ الرَّازِيِّ. وَفِي الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ قَدِمَ الْقَاضِي شِهَابُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاضِي شَمْسِ الدِّينِ بْنِ الْخَلِيلِ الْخُوَيِّيُّ مِنَ الْقَاهِرَةِ عَلَى قَضَاءِ قُضَاةِ دِمَشْقَ، وَقُرِئَ تَقْلِيدُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مُسْتَهَلَّ رَبِيعٍ الْآخِرِ، وَاسْتَمَرَّ بِنِيَابَةِ شَرَفِ الدِّينِ الْمَقْدِسِيِّ. وَفِي يَوْمِ الْأَحَدِ ثَالِثِ شَوَّالٍ دَرَّسَ بِالرَّوَاحِيَّةِ الشَّيْخُ صَفِيُّ الدِّينِ الْهِنْدِيُّ، وَحَضَرَ عِنْدَهُ الْقُضَاةُ وَالشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ الْفَزَارِيُّ وَعَلَمُ الدِّينِ الدَّوَادَارِيُّ، وَتَوَلَّى قَضَاءَ قُضَاةِ الْقَاهِرَةِ تَقِيُّ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنُ بِنْتِ الْأَعَزِّ، عِوَضًا عَنْ بُرْهَانِ
পৃষ্ঠা - ১১২৯৬
الدِّينِ الْخَضِرِ بْنِ الْحَسَنِ السِّنْجَارِيِّ، وَقَدْ كَانَ وَلِيَهَا شَهْرًا بَعْدَ ابْنِ الْخُوَيِّيِّ، فَاجْتَمَعَ حِينَئِذٍ لِابْنِ بِنْتِ الْأَعَزِّ بَيْنَ الْقَضَاءِ كُلِّهِ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَذَلِكَ فِي أَوَائِلِ صَفَرٍ مِنْهَا. وَفِيهَا اسْتُدْعِيَ سَيْفُ الدِّينِ السَّامَرِّيُّ مِنْ دِمَشْقَ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ لِيُشْتَرَى مِنْهُ رِيعُ حَرْزَمَا الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ بِنْتِ الْمَلِكِ الْأَشْرَفِ مُوسَى، فَذَكَرَ لَهُمْ أَنَّهُ وَقَفَهُ، وَكَانَ الْمُتَكَلِّمَ فِي ذَلِكَ عَلَمُ الدِّينِ الشُّجَاعِيُّ، وَكَانَ قَدِ اسْتَنَابَهُ الْمَلِكُ الْمَنْصُورُ بِدِيَارِ مِصْرَ، وَجَعَلَ يَتَقَرَّبُ إِلَيْهِ بِتَحْصِيلِ الْأَمْوَالِ، فَفَتَقَ لَهُمْ نَاصِرُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَقْدِسِيُّ أَنَّ السَّامَرِّيَّ اشْتَرَى هَذَا مِنْ بِنْتِ الْأَشْرَفِ وَهِيَ غَيْرُ رَشِيدَةٍ، وَأَثْبَتَ سَفَهَهَا عَلَىٌّ زَيْنُ الدِّينِ بْنُ مَخْلُوفٍ، وَأَبْطَلَ الْبَيْعَ مِنْ أَصْلِهِ، وَاسْتَرْجَعَ عَلَى السَّامَرِّيِّ بِمَغَلِّ مُدَّةِ عِشْرِينَ سَنَةً مِائَتَيْ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَأَخَذُوا مِنْهُ حِصَّةً مِنَ الزَّنْبَقِيَّةِ قِيمَتُهَا سَبْعُونَ أَلْفًا، وَعَشَرَةُ آلَافٍ مُكَمِّلَةً، وَتَرَكُوهُ فَقِيرًا عَلَى بَرْدِ الدِّيَارِ، ثُمَّ أَثْبَتُوا رُشْدَهَا، وَاشْتَرَوْا مِنْهَا تِلْكَ الْحِصَصَ بِمَا أَرَادُوهُ، ثُمَّ أَرَادُوا أَنْ يَسْتَدْعُوا بِالدَّمَاشِقَةِ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ وَيُصَادِرُونَهُمْ، وَذَلِكَ أَنَّهُ بَلَغَهُمْ أَنَّ مَنْ ظَلَمَ بِالشَّامِ لَا يُفْلِحُ، وَمَنْ ظَلَمَ بِمِصْرَ أَفْلَحَ وَطَالَتْ مُدَّتُهُ، فَكَانُوا يَطْلُبُونَهُمْ إِلَى مِصْرَ أَرْضِ الْفَرَاعِنَةِ وَالظُّلْمِ، فَيَفْعَلُونَ مَعَهُمْ مَا أَرَادُوا. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ قُطْبُ الدِّينِ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الشَّيْخِ الْإِمَامِ أَبِي
পৃষ্ঠা - ১১২৯৭
الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الْمَيْمُونُ الْقَيْسِيُّ التَّوْزَرِيُّ الْمِصْرِيُّ ثُمَّ الْمَكِّيُّ، الشَّافِعِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالْقَسْطَلَانِيِّ شَيْخُ دَارِ الْحَدِيثِ الْكَامِلِيَّةِ بِالْقَاهِرَةِ، وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَرَحَلَ إِلَى بَغْدَادَ فَسَمِعَ الْكَثِيرَ، وَحَصَّلَ عُلُومًا، وَكَانَ يُفْتِي عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَأَقَامَ بِمَكَّةَ مُدَّةً طَوِيلَةً، ثُمَّ صَارَ إِلَى مِصْرَ، فَوَلِيَ مَشْيَخَةَ الْحَدِيثِ، وَكَانَ حَسَنَ الْأَخْلَاقِ مُحَبَّبًا إِلَى النَّاسِ، تُوُفِّيَ فِي آخِرِ الْمُحَرَّمِ وَدُفِنَ بِالْقَرَافَةِ الْكُبْرَى، وَلَهُ شِعْرٌ حَسَنٌ، أَوْرَدَ مِنْهُ ابْنُ الْجَزَرِيِّ قِطْعَةً صَالِحَةً. عِمَادُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّاسٍ الدُّنَيْسَرِيُّ الطَّبِيبُ الْمَاهِرُ، وَالْحَاذِقُ الشَّاعِرُ، خَدَمَ الْأَكَابِرَ وَالْوُزَرَاءَ، وَعُمِّرَ ثَمَانِينَ سَنَةً، تُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ بِدِمَشْقَ. قَاضِي الْقُضَاةِ بُرْهَانُ الدِّينِ الْخَضِرُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ السِّنْجَارِيُّ تَوَلَّى الْحُكْمَ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَوَلِيَ الْوِزَارَةَ أَيْضًا، وَكَانَ رَئِيسًا وَقُورًا مَهِيبًا، وَقَدْ بَاشَرَ الْقَضَاءَ بَعْدَهُ تَقِيُّ الدِّينِ ابْنُ بِنْتِ الْأَعَزِّ.
পৃষ্ঠা - ১১২৯৮
شَرَفُ الدِّينِ سُلَيْمَانُ بْنُ بُنَيْمَانَ الشَّاعِرُ الْمَشْهُورُ، لَهُ دِيوَانٌ، مَاتَ فِي صَفَرٍ مِنْهَا. الشَّيْخُ الصَّالِحُ عِزُّ الدِّينِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الْمُنْعِمِ بْنِ الصَّيْقَلِ الْحَرَّانَيُّ وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَسَمِعَ الْكَثِيرَ، ثُمَّ اسْتَوْطَنَ مِصْرَ حَتَّى تُوُفِّيَ بِهَا فِي رَابِعَ عَشَرَ رَجَبٍ وَقَدْ جَاوَزَ التِّسْعِينَ، وَقَدْ سَمِعَ مِنْهُ الْحَافِظُ عَلَمُ الدِّينِ الْبِرْزَالِيُّ لَمَّا رَحَلَ إِلَى مِصْرَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ، وَحَكَى عَنْهُ أَنَّهُ شَهِدَ جِنَازَةً فِي بَغْدَادَ فَتَبِعَهُمْ نَبَّاشٌ، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ جَاءَ إِلَى ذَلِكَ الْقَبْرِ فَفَتَحَ عَنِ الْمَيِّتِ، وَكَانَ الْمَيِّتُ شَابًّا قَدْ أَصَابَتْهُ سَكْتَةٌ، فَلَمَّا فَتَحَ الْقَبْرَ نَهَضَ ذَلِكَ الشَّابُّ الْمَيِّتُ جَالِسًا، فَسَقَطَ النَّبَّاشُ مَيِّتًا فِي الْقَبْرِ، وَخَرَجَ الشَّابُّ مِنْ قَبْرِهِ إِلَى أَهْلِهِ. وَحَكَى لَهُ قَالَ: كُنْتُ مَرَّةً بِقَلْيُوبَ وَبَيْنَ يَدَيَّ صُبْرَةُ قَمْحٍ، فَجَاءَ زُنْبُورٌ فَأَخَذَ وَاحِدَةً ثُمَّ ذَهَبَ بِهَا، ثُمَّ جَاءَ فَأَخَذَ أُخْرَى ثُمَّ ذَهَبَ بِهَا، ثُمَّ جَاءَ فَأَخَذَ وَاحِدَةً أُخْرَى أَرْبَعَ مَرَّاتٍ. قَالَ: فَاتَّبَعْتُهُ، فَإِذَا هُوَ يَضَعُ الْحَبَّةَ فِي فَمِ عُصْفُورٍ أَعْمَى بَيْنَ تِلْكَ الْأَشْجَارِ الَّتِي هُنَاكَ. قَالَ: وَحَكَى لِي الشَّيْخُ عَبْدُ الْكَافِي أَنَّهُ شَهِدَ مَرَّةً جِنَازَةً، فَإِذَا عَبَدٌ أَسْوَدُ مَعَنَا، فَلَمَّا صَلَّى النَّاسُ عَلَيْهَا لَمْ يُصَلِّ، فَلَمَّا حَضَرْنَا الدَّفْنَ نَظَرَ إِلَيَّ وَقَالَ: أَنَا
পৃষ্ঠা - ১১২৯৯
عَمَلُهُ. ثُمَّ أَلْقَى نَفْسَهُ فِي قَبْرِ ذَلِكَ الْمَيْتِ. قَالَ: فَنَظَرْتُ فَلَمْ أَرَ شَيْئًا. الْحَافِظُ أَبُو الْيُمْنِ أَمِينُ الدِّينِ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَسَاكِرَ الدِّمَشْقِيُّ تَرَكَ الرِّيَاسَةَ وَالْأَمْلَاكَ، وَجَاوَرَ بِمَكَّةَ ثَلَاثِينَ سَنَةً، مُقْبِلًا عَلَى الْعِبَادَةِ وَالزَّهَادَةِ، وَقَدْ حَصَلَ لَهُ قَبُولٌ مِنَ النَّاسِ شَامِيِّهِمْ وَمِصْرِيِّهِمْ وَغَيْرِهِمْ، تُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ فِي ثَانِي رَجَبٍ مِنْهَا.
পৃষ্ঠা - ১১৩০০
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ وَسِتِّمِائَةِ] [الْأَحْدَاثُ الْوَاقِعَةُ فِيهَا] فِيهَا قَدِمَ الشُّجَاعِيُّ مِنْ مِصْرَ إِلَى الشَّامِ بِنِيَّةِ الْمُصَادَرَةِ لِأَرْبَابِ الْأَمْوَالِ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ. وَفِي أَوَاخِرِ رَبِيعٍ الْآخِرِ قَدِمَ الشَّيْخُ نَاصِرُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْمَقْدِسِيُّ مِنَ الْقَاهِرَةِ عَلَى وِكَالَةِ بَيْتِ الْمَالِ وَنَظَرِ الْأَوْقَافِ وَنَظَرِ الْخَاصِّ، وَمَعَهُ تَقَالِيدُ وَخِلَعٌ، فَتَرَدَّدَ النَّاسُ إِلَى بَابِهِ، وَتَكَلَّمَ فِي الْأُمُورِ، وَآذَى كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ، وَكَانَتْ وِلَايَتُهُ بِسِفَارَةِ الْأَمِيرِ عَلَمِ الدِّينِ الشُّجَاعِيِّ الْمُتَكَلِّمِ فِي الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، تَوَسَّلَ إِلَيْهِ بِالشَّيْخِ شَمْسِ الدِّينِ الْأَيْكِيِّ وَبِابْنِ الْوَجِيهِ الْكَاتِبِ، وَكَانَا عِنْدَهُ لَهُمَا صُورَةٌ، وَقَدْ طَلَبَ جَمَاعَةً مِنْ أَعْيَانِ الدَّمَاشِقَةِ فِي أَوَّلِ هَذِهِ السَّنَةِ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، فَطُولِبُوا بِأَمْوَالٍ كَثِيرَةٍ، فَدَافَعَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَهَذَا مِمَّا يُخَفِّفُ عُقُوبَتَهُ مِنْ ظُلْمِهِمْ، وَإِلَّا فَلَوْ صَبَرُوا لَعُوجِلَ الظَّالِمُ بِالْعُقُوبَةِ، وَلَزَالَ عَنْهُمْ مَا يَكْرَهُونَ سَرِيعًا. وَلَمَّا قَدِمَ ابْنُ الْمَقْدِسِيِّ إِلَى دِمَشْقَ كَانَ يَحْكُمُ بِتُرْبَةِ أَمِّ الصَّالِحِ وَالنَّاسُ يَتَرَدَّدُونَ إِلَيْهِ وَيَخَافُونَ شَرَّهُ، وَقَدِ اسْتَجَدَّ بَاشُورَةً بِبَابِ الْفَرَادِيسِ وَمَسَاطِبِ بَابِ السَّاعَاتِ لِلشُّهُودِ، وَجَدَّدَ بَابَ الْجَابِيَةِ الشَّمَالِيَّ وَرَفَعَهُ وَكَانَ مُتَوَاطِئًا، وَأَصْلَحَ الْجِسْرَ الَّذِي تَحْتَهُ،
পৃষ্ঠা - ১১৩০১
وَكَذَلِكَ أَصْلَحَ جِسْرَ بَابِ الْفَرَادِيسِ تَحْتَ السُّوَيْقَةِ الَّتِي جَدَّدَهَا عَلَيْهِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ. وَهَذَا مِنْ أَحْسَنِ مَا عَمِلَهُ ابْنُ الْمَقْدِسِيِّ، وَقَدْ كَانَ مَعَ ذَلِكَ كَثِيرَ الْأَذِيَّةِ لِلنَّاسِ ظَلُومًا غَشُومًا، وَيَفْتَحُ عَلَى النَّاسِ أَبْوَابًا مِنَ الظُّلْمِ لَا حَاجَةَ إِلَيْهَا. وَفِي عَاشِرِ جُمَادَى الْأُولَى قَدِمَ مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ أَيْضًا قَاضِي الْقُضَاةِ حُسَامُ الدِّينِ الْحَنَفِيُّ وَالصَّاحِبُ تَقِيُّ الدِّينِ تَوْبَةُ التَّكْرِيتِيُّ، وَقَاضِي الْقُضَاةِ جَمَالُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الزَّوَاوِيُّ الْمَالِكِيُّ عَلَى قَضَاءِ الْمَالِكِيَّةِ بَعْدَ شُغُورِهِ عَنْ حَاكِمٍ بِدِمَشْقَ ثَلَاثَ سِنِينَ وَنِصْفٍ، فَأَقَامَ شِعَارَ الْمَنْصِبِ، وَدَرَّسَ وَنَشَرَ الْمَذْهَبَ، وَكَانَ لَهُ سُؤْدُدٌ وَرِيَاسَةٌ. وَفِي لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ رَابِعَ شَعْبَانَ تُوُفِّيَ الْمَلِكُ الصَّالِحُ عَلَاءُ الدِّينِ بْنُ الْمَلِكِ الْمَنْصُورِ قَلَاوُونَ بِالدُّوسَنْطَارِيَّةِ، فَوَجْدَ عَلَيْهِ أَبُوهُ وَجْدًا شَدِيدًا، وَقَدْ كَانَ عَهِدَ إِلَيْهِ بِالْأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ، وَخَطَبَ لَهُ عَلَى الْمَنَابِرِ مِنْ مُدَّةِ سِنِينَ، فَدَفَنَهُ فِي تُرْبَتِهِ، وَجَعَلَ وِلَايَةَ الْعَهْدِ مِنْ بَعْدِهِ إِلَى ابْنِهِ الْأَشْرَفِ خَلِيلٍ، وَكَتَبَ بِذَلِكَ إِلَى الْآفَاقِ، وَلَمَّا جَاءَتِ الْبَرِيدِيَّةُ فِي شَوَّالٍ بِوِلَايَةِ الْأَشْرَفِ خَلِيلٍ مِنْ بَعْدِ أَبِيهِ، خُطِبَ لَهُ عَلَى الْمَنَابِرِ مِنْ بَعْدِ ذِكْرِ أَبِيهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَدَقَّتِ الْبَشَائِرُ وَزُيِّنَتِ الْبَلَدُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ، وَلَبِسَ الْجَيْشُ الْخِلَعَ وَرَكِبُوا، وَأَظْهَرَ النَّاسُ سُرُورًا لِشَهَامَتِهِ. وَفِي رَمَضَانَ بَاشَرَ حِسْبَةَ دِمَشْقَ شَمْسُ الدِّينِ بْنُ السَّلْعُوسِ عِوَضًا عَنْ شَرَفِ الدِّينِ بْنِ الشِّيرَجِيِّ.
পৃষ্ঠা - ১১৩০২
وَفِيهِ تَوَجَّهَ الشَّيْخُ بَدْرُ الدِّينِ بْنُ جَمَاعَةَ إِلَى خَطَابَةِ الْقُدْسِ بَعْدَ مَوْتِ خَطِيبِهِ قُطْبِ الدِّينِ، فَبَاشَرَ بَعْدَهُ تَدْرِيسَ الْقَيْمُرِيَّةِ عَلَاءُ الدِّينِ أَحْمَدُ بْنُ الْقَاضِي تَاجِ الدِّينِ ابْنِ بِنْتِ الْأَعَزِّ أَخُو قَاضِي مِصْرَ، ثُمَّ بَعْدَ ثَلَاثِ سِنِينَ أَخَذَ ابْنُ جَمَاعَةَ قَضَاءَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ عِوَضًا عَنِ ابْنِ بِنْتِ الْأَعَزِّ. وَفِي شَهْرِ رَمَضَانَ كُبِسَ نَصْرَانِيٌّ وَعِنْدَهُ مُسْلِمَةٌ، وَهُمَا يَشْرَبَانِ الْخَمْرَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ، فَأَمَرَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ حُسَامُ الدِّينِ لَاجِينُ بِتَحْرِيقِ النَّصْرَانِيِّ، فَبَذَلَ فِي نَفْسِهِ أَمْوَالًا جَزِيلَةً، فَلَمْ يَقْبَلْ مِنْهُ، وَأُحْرِقَ بِسُوقِ الْخَيْلِ، وَعَمِلَ الشِّهَابُ مَحْمُودٌ فِي ذَلِكَ أَبْيَاتًا فِي قَصِيدَةٍ مَلِيحَةٍ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: الْخَطِيبُ الْإِمَامُ قُطْبُ الدِّينِ أَبُو الزَّكَاءِ عَبْدُ الْمُنْعِمِ بْنُ يَحْيَى بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الْقُرَشِيُّ الزُّهْرِيُّ خَطِيبُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَكَانَ مِنَ الصُّلَحَاءِ الْكِبَارِ، مَجْمُوعًا عَنِ النَّاسِ، حَسَنَ الْهَيْئَةِ مَهِيبًا، عَزِيزَ النَّفْسِ يُفْتِي النَّاسَ، وَيَذْكُرُ التَّفْسِيرَ مِنْ حِفْظِهِ فِي الْمِحْرَابِ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ، وَقَدْ سَمِعَ الْكَثِيرَ وَكَانَ مِنَ الْأَخْيَارِ، وُلِدَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسِتِّمِائَةٍ، وَتُوُفِّيَ لَيْلَةَ الثُّلَاثَاءِ سَابِعِ رَمَضَانَ عَنْ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً. الشَّيْخُ الصَّالِحُ الْعَابِدُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مِعْضَادِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ مَاجِدٍ الْجَعْبَرِيُّ،
পৃষ্ঠা - ১১৩০৩
تَقِيُّ الدِّينِ أَبُو إِسْحَاقَ أَصْلُهُ مِنْ قَلْعَةِ جَعْبَرَ، ثُمَّ أَقَامَ بِالْقَاهِرَةِ، فَكَانَ يَعِظُ النَّاسَ، وَكَانَ النَّاسُ يَنْتَفِعُونَ بِكَلَامِهِ كَثِيرًا، تُوُفِّيَ بِالْقَاهِرَةِ يَوْمَ السَّبْتِ الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنَ الْمُحَرَّمِ، وَدُفِنَ فِي تُرْبَتِهِ بِالْحُسَيْنِيَّةِ، وَلَهُ نَظْمٌ حَسَنٌ، وَكَانَ مِنَ الصُّلَحَاءِ الْمَشْهُورِينَ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. الشَّيْخُ الصَّالِحُ يَاسِينُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُقْرِئُ الْحَجَّامُ شَيْخُ الشَّيْخِ مُحْيِي الدِّينِ النَّوَاوِيِّ، وَقَدْ حَجَّ عِشْرِينَ حَجَّةً، وَكَانَتْ لَهُ أَحْوَالٌ وَكَرَامَاتٌ. الْخُونْدَهُ غَازِيَةُ خَاتُونَ بِنْتُ الْمَلِكِ الْمَنْصُورِ قَلَاوُونَ زَوْجَةُ الْمَلِكِ السَّعِيدِ الْحَكِيمُ الرَّئِيسُ عَلَاءُ الدِّينِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي الْحَزْمِ بْنِ نَفِيسٍ شَرَحَ " الْقَانُونَ " لِابْنِ سِينَا، وَصَنَّفَ " الْمُوجَزَ " وَغَيْرَهُ مِنَ الْفَوَائِدِ، وَكَانَ يَكْتُبُ مِنْ حِفْظِهِ، وَكَانَ اشْتِغَالُهُ عَلَى ابْنِ الدَّخْوَارِيِّ، وَتُوُفِّيَ بِمِصْرَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ. الشَّيْخُ بَدْرُ الدِّينِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الشَّيْخِ جَمَالِ الدِّينِ بْنِ مَالِكٍ النَّحْوِيُّ شَارِحُ " الْأَلْفِيَّةِ " الَّتِي عَمِلَهَا أَبُوهُ، وَهُوَ مِنْ أَحْسَنِ الشُّرُوحِ وَأَكْثَرِهَا فَوَائِدَ، وَكَانَ لَطِيفًا ظَرِيفًا فَاضِلًا، تُوُفِّيَ فِي يَوْمِ الْأَحَدِ الثَّامِنِ مِنَ الْمُحَرَّمِ، وَدُفِنَ مِنَ الْغَدِ بِبَابِ الصَّغِيرِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
পৃষ্ঠা - ১১৩০৪
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ وَسِتِّمِائَةٍ] [الْأَحْدَاثُ الْوَاقِعَةُ فِيهَا] فِيهَا كَانَ فَتْحُ مَدِينَةِ طَرَابُلُسَ، وَذَلِكَ أَنَّ السُّلْطَانَ قَلَاوُونَ قَدِمَ بِالْجُيُوشِ الْمَنْصُورَةِ الْمِصْرِيَّةِ فِي صُحْبَتِهِ إِلَى دِمَشْقَ فَدَخَلَهَا فِي الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْ صَفَرٍ، ثُمَّ صَارَ بِهِمْ وَبِجَيْشِ دِمَشْقَ وَصُحْبَتُهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ الْمُطَّوِّعَةِ; مِنْهُمُ الْقَاضِي نَجْمُ الدِّينِ الْحَنْبَلِيُّ قَاضِي الْحَنَابِلَةِ، وَخَلْقٌ مِنَ الْمَقَادِسَةِ وَغَيْرِهِمْ، فَنَازَلَ طَرَابُلُسَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مُسْتَهَلَّ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَحَاصَرَهَا بِالْمَجَانِيقِ حِصَارًا شَدِيدًا، وَضَيَّقُوا عَلَى أَهْلِهَا تَضْيِيقًا عَظِيمًا، وَنَصَبَ عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ مَنْجَنِيقًا، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الثُّلَاثَاءِ رَابِعِ رَبِيعٍ الْآخِرِ فُتِحَتْ طَرَابُلُسُ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ مِنَ النَّهَارِ عَنْوَةً، وَشَمَلَ الْقَتْلُ وَالْأَسْرُ جَمِيعَ مَنْ فِيهَا، وَغَرِقَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْمِينَاءِ وَنُهِبَتِ الْأَمْوَالُ، وَسُبِيَتِ النِّسَاءُ وَالْأَطْفَالُ، وَأُخِذَتِ الذَّخَائِرُ وَالْحَوَاصِلُ، وَقَدْ كَانَ لَهَا فِي أَيْدِي الْفِرِنْجِ مِنْ سَنَةِ ثَلَاثٍ وَخَمْسِمِائَةٍ إِلَى هَذَا التَّارِيخِ، كَانَ الْمَلِكُ صَنْجِيلُ الْفِرِنْجِ حَاصَرَهَا سَبْعَ سِنِينَ حَتَّى ظَفِرَ بِهَا كَمَا ذَكَرْنَا، وَقَدْ كَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ فِي أَيْدِي
পৃষ্ঠা - ১১৩০৫
الْمُسْلِمِينَ مِنْ زَمَانِ مُعَاوِيَةَ، فَقَدْ فَتَحَهَا سُفْيَانُ بْنُ مُجِيبٍ لِمُعَاوِيَةَ، فَأَسْكَنَهَا مُعَاوِيَةُ الْيَهُودَ، ثُمَّ كَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ جَدَّدَ عِمَارَتَهَا، وَحَصَّنَهَا وَأَسْكَنَهَا الْمُسْلِمِينَ، وَصَارَتْ آمِنَةً عَامِرَةً مُطَمْئِنَةً، وَبِهَا ثِمَارُ الشَّامِ وَمِصْرَ، فَإِنَّ بِهَا الْجَوْزَ وَالْمَوْزَ وَالثَّلْجَ وَالْقَصَبَ، وَالْمِيَاهُ جَارِيَةٌ فِيهَا تَصْعَدُ إِلَى أَمْكِنَةٍ عَالِيَةٍ، وَقَدْ كَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مُدُنٍ مُتَقَارِبَةٍ، ثُمَّ صَارَتْ بَلَدًا وَاحِدًا، ثُمَّ حُوِّلَتْ مِنْ مَوْضِعِهَا كَمَا سَيَأْتِي الْآنَ. وَلَمَّا وَصَلَتِ الْبِشَارَةُ إِلَى دِمَشْقَ دَقَّتِ الْبَشَائِرُ، وَزُيِّنَتِ الْبِلَادُ، وَفَرِحَ النَّاسُ فَرَحًا شَدِيدًا، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. ثُمَّ أَمَرَ السُّلْطَانُ الْمَلِكُ الْمَنْصُورُ قَلَاوُونُ أَنْ تُهْدَمَ الْبَلَدُ بِمَا فِيهَا مِنَ الْعَمَائِرِ وَالدُّورِ وَالْأَسْوَارِ الْحَصِينَةِ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا، وَأَنْ يُبْنَى عَلَى مَيْلٍ مِنْهَا بَلْدَةٌ غَيْرُهَا أَمْكَنَ مِنْهَا وَأَحْسَنَ، فَفَعَلَ ذَلِكَ، فَهِيَ هَذِهِ الْبَلْدَةُ الَّتِي يُقَالُ لَهَا: طَرَابُلُسُ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى دَارَ أَمَانٍ وَإِيمَانٍ. وَلَمَّا فَرَغَ السُّلْطَانُ مِنْ فَتْحِ طَرَابُلُسَ عَادَ إِلَى دِمَشْقَ مُؤَيَّدًا مَنْصُورًا مَسْرُورًا مَحْبُورًا، فَدَخَلَهَا يَوْمَ النِّصْفِ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ، وَلَكِنَّهُ فَوَّضَ الْأُمُورَ وَالْكَلَامَ فِي الْأَمْوَالِ إِلَى عَلَمِ الدِّينِ الشُّجَاعِيِّ، فَصَادَرَ جَمَاعَةً وَجَمَعَ أَمْوَالًا كَثِيرَةً، وَحَصَلَ بِسَبَبِ ذَلِكَ أَذَى الْخَلْقِ، وَبِئْسَ هَذَا الصَّنِيعُ; لِأَنَّ ذَلِكَ تَعْجِيلٌ لِدَمَارِ الظَّالِمِ وَهَلَاكِهِ، فَلَمْ يُغْنِ عَنِ الْمَنْصُورِ مَا جَمَعَ لَهُ الشُّجَاعِيُّ مِنَ الْأَمْوَالِ شَيْئًا، فَإِنَّهُ لَمْ يَعِشْ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَّا الْيَسِيرَ حَتَّى أَخَذَهُ اللَّهُ، كَمَا سَيَأْتِي. ثُمَّ سَافَرَ السُّلْطَانُ فِي ثَانِي شَعْبَانَ بِجَيْشِهِ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، فَدَخَلَهَا فِي أَوَاخِرِ شَعْبَانَ.