আল বিদায়া ওয়া আন্নিহায়া

পৃষ্ঠা - ১০৮০০
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ] [الْأَحْدَاثُ الْوَاقِعَةُ فِيهَا] فِيهَا نُقِلَ تَابُوتُ الْعَادِلِ مِنَ الْقَلْعَةِ إِلَى تُرْبَتِهِ بِالْعَادِلِيَّةِ الْكَبِيرَةِ، فَصُلِّيَ عَلَيْهِ أَوَّلًا تَحْتَ النَّسْرِ بِالْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ، ثُمَّ جَاءُوا بِهِ إِلَى التُّرْبَةِ الْمَذْكُورَةِ، فَدُفِنَ بِهَا، وَلَمْ تَكُنِ الْمَدْرَسَةُ كَمَلَتْ بَعْدُ، وَقَدْ تَكَامَلَ بِنَاؤُهَا فِي السَّنَةِ الْآتِيَةِ أَيْضًا، وَذَكَرَ الدَّرْسَ بِهَا الْقَاضِي جَمَالُ الدِّينِ الْمِصْرِيُّ، وَحَضَرَ عِنْدَهُ السُّلْطَانُ الْمُعَظَّمُ، فَجَلَسَ فِي الصَّدْرِ، وَعَنْ شِمَالِهِ الْقَاضِي، وَعَنْ يَمِينِهِ جَمَالُ الدِّينِ الْحَصِيرِيُّ شَيْخُ الْحَنَفِيَّةِ، وَكَانَ فِي الْمَجْلِسِ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ الصَّلَاحِ إِمَامُ السُّلْطَانِ، وَالشَّيْخُ سَيْفُ الدِّينِ الْآمِدِيُّ إِلَى جَانِبِ الْمُدَرِّسِ، وَإِلَى جَانِبِهِ شَمْسُ الدِّينِ بْنُ سَنِيِّ الدَّوْلَةِ، وَيَلِيهِ النَّجْمُ خَلِيلٌ قَاضِي الْعَسْكَرِ، وَتَحْتَ الْحَصِيرِيِّ شَمْسُ الدِّينِ بْنُ الشِّيرَازِيِّ، وَتَحْتَهُ مُحْيِي الدِّينِ بْنُ الزَّكِيِّ، وَفِيهِ خَلْقٌ مِنَ الْأَعْيَانِ وَالْأَكَابِرِ، وَفِيهِمْ فَخْرُ الدِّينِ بْنُ عَسَاكِرَ. وَفِيهَا أَرْسَلَ الْمَلِكُ الْمُعَظَّمُ الصَّدْرَ الْبَكْرِيَّ مُحْتَسِبَ دِمَشْقَ إِلَى جَلَالِ الدِّينِ
পৃষ্ঠা - ১০৮০১
ابْنِ خُوَارَزْمَ شَاهْ يَسْتَعِينُهُ عَلَى أَخَوَيْهِ الْكَامِلِ وَالْأَشْرَفِ اللَّذَيْنِ قَدْ تَمَالَآ عَلَيْهِ، فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَلَمَّا عَادَ الصَّدْرُ الْمَذْكُورُ أَضَافَ إِلَيْهِ مَشْيَخَةَ الشُّيُوخِ. وَحَجَّ فِي هَذِهِ السَّنَةِ الْمَلِكُ الْمَسْعُودُ أَقْسِيسُ بْنُ الْكَامِلِ صَاحِبُ الْيَمَنِ، فَبَدَتْ مِنْهُ أَفْعَالٌ نَاقِصَةٌ بِالْحَرَمِ مِنْ سُكْرٍ وَرَشْقِ حَمَامِ الْمَسْجِدِ بِالْبُنْدُقِ مِنْ أَعْلَى قُبَّةِ زَمْزَمَ، وَكَانَ إِذَا نَامَ فِي دَارِ الْإِمَارَةِ يُضْرَبُ الطَّائِفُونَ بِالْمَسْعَى بِأَطْرَافِ السُّيُوفِ لِئَلَّا يُشَوِّشُوا عَلَيْهِ وَهُوَ نَوِمٌ سَكِرٌ، قَبَّحَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَلَكِنْ كَانَ مَعَ هَذَا كُلِّهِ مَهِيبًا مُحْتَرَمًا، وَالْبِلَادُ بِهِ آمِنَةٌ مُطَمْئِنَةٌ، وَقَدْ كَانَ يَرْفَعُ سَنْجَقَ أَبِيهِ يَوْمَ عَرَفَةَ عَلَى سَنْجَقِ الْخَلِيفَةِ، فَجَرَى بِسَبَبِ ذَلِكَ فِتْنَةٌ عَظِيمَةٌ، وَمَا مُكِّنَ مِنْ طُلُوعِهِ وَصُعُودِهِ إِلَى الْجَبَلِ إِلَّا فِي آخِرِ النَّهَارِ بَعْدَ جُهْدٍ جَهِيدٍ. وَفِيهَا كَانَ بِالشَّامِ جَرَادٌ كَثِيرٌ أَكَلَ الزَّرْعَ وَالثِّمَارَ وَالْأَشْجَارَ. وَفِيهَا وَقَعَتْ حُرُوبٌ كَثِيرَةٌ بَيْنَ الْقَفْجَاقِ وَالْكُرْجِ، وَقِتَالٌ كَثِيرٌ بِسَبَبِ ضِيقِ بِلَادِ الْقَفْجَاقِ عَلَيْهِمْ. وَفِيهَا وَلِيَ قَضَاءَ الْقُضَاةِ بِبَغْدَادَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ فَضْلَانَ، وَلَبِسَ الْخُلْعَةَ فِي دَارِ نَائِبِ الْوِزَارَةِ مُؤَيِّدِ الدِّينِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقُمِّيِّ بِحَضْرَةِ الْأَعْيَانِ وَالْكُبَرَاءِ، وَقُرِئَ تَقْلِيدُهُ بِحَضْرَتِهِمْ، وَسَاقَهُ ابْنُ السَّاعِي بِحُرُوفِهِ.
পৃষ্ঠা - ১০৮০২
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ عَبْدُ الْقَادِرِ بْنُ دَاوُدَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْوَاسِطِيُّ الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ الْمُلَقَّبُ بِالْمُحِبِّ، اسْتَقَلَّ بِالنِّظَامِيَّةِ دَهْرًا، وَاشْتَغَلَ بِهَا، وَكَانَ فَاضِلًا دَيِّنًا صَالِحًا، وَمِمَّا أَنْشَدَهُ مِنَ الشِّعْرِ قَوْلُهُ: الْفَرْقَدَانِ كِلَاهُمَا شَهِدَا لَهُ ... وَالْبَدْرُ لَيْلَةَ تِمِّهِ بِسُهَادِهِ دَنِفٌ إِذَا اعْتَبَقَ الظَّلَامُ تَضَرَّمَتْ ... نَارُ الْجَوَى فِي صَدْرِهِ وَفُؤَادِهِ فَجَرَتْ مَدَامِعُ جَفْنِهِ فِي خَدِّهِ ... مِثْلَ الْمَسِيلِ يَسِيلُ مِنْ أَطْوَادِهِ شَوْقًا إِلَى مُضْنِيهِ لَمْ أَرَ هَكَذَا ... مَشْتَاقَ مُضْنِي جِسْمِهِ بِبِعَادِهِ لَيْتَ الَّذِي أَضْنَاهُ سِحْرُ جُفُونِهِ ... قَبْلَ الْمَمَاتِ يَكُونُ مِنْ عُوَّادِهِ أَبُو طَالِبٍ يَحْيَى بْنُ عَلِيٍّ الْيَعْقُوبِيُّ الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ، أَحَدُ الْمُعِيدِينَ بِبَغْدَادَ، كَانَ شَيْخًا مَلِيحَ الشَّيْبَةِ، جَمِيلَ الْوَجْهِ، كَانَ يَلِي بَعْضَ الْأَوْقَافِ، وَمِمَّا أَنْشَدَهُ لِبَعْضِ الْفُضَلَاءِ: لَحَمْلُ تِهَامَةٍ وَجِبَالِ أُحْدٍ ... وَمَاءُ الْبَحْرِ يُنْقَلُ بِالزَّبِيلِ وَنَقْلُ الصَّخْرِ فَوْقَ الظَّهْرِ يَوْمًا ... لَأَهْوَنُ مِنْ مُجَالَسَةِ الثَّقِيلِ
পৃষ্ঠা - ১০৮০৩
وَلِبَعْضِهِمْ أَيْضًا وَهُوَ مِمَّا أَنْشَدَهُ الْمَذْكُورُ: وَإِذَا مَضَى لِلْمَرْءِ مِنْ أَعْوَامِهِ ... خَمْسُونَ وَهْوَ إِلَى التُّقَى لَا يَجْنَحُ عَكَفَتْ عَلَيْهِ الْمُخْزِيَاتُ بِقَوْلِهَا ... حَالَفْتَنَا فَأَقِمْ كَذَا لَا تَبْرَحُ وَإِذَا رَأَى الشَّيْطَانُ غُرَّةَ وَجْهِهِ ... حَيَّا وَقَالَ فَدَيْتُ مَنْ لَا يُفْلِحُ اتَّفَقَ أَنَّهُ طُولِبَ بِشَيْءٍ مِنَ الْمَالِ، فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ، فَاسْتَعْمَلَ شَيْئًا مِنَ الْأَفْيُونِ الْمِصْرِيِّ، فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ، وَدُفِنَ بِالْوَرْدِيَّةِ. وَفِيهَا تُوُفِّيَ قُطْبُ الدِّينِ الْعَادِلُ بْنُ الْعَادِلِ، بِالْفَيُّومِ، وَنُقِلَ إِلَى الْقَاهِرَةِ. وَفِيهَا تُوُفِّيَ إِمَامُ الْحَنَابِلَةِ بِمَكَّةَ الشَّيْخُ نَصْرُ بْنُ أَبِي الْفَرَجِ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْحُصَرِيِّ جَاوَرَ بِمَكَّةَ مُدَّةً، ثُمَّ سَاقَتْهُ الْمَنِيَّةُ إِلَى الْيَمَنِ، فَمَاتَ بِهَا فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَقَدْ سَمِعَ الْحَدِيثَ مِنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمَشَايِخِ وَفِيهَا فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ تُوُفِّيَ بِدِمَشْقَ: الشِّهَابُ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ نَجْمِ بْنِ الْحَنْبَلِيِّ أَخُو الْبَهَاءِ وَالنَّاصِحِ، وَكَانَ فَقِيهًا مُنَاظِرًا بَصِيرًا بِالْمُحَاكَمَاتِ، وَهُوَ الَّذِي أَخْرَجَ مَسْجِدَ الْوَزِيرِ مِنْ يَدِ الشَّيْخِ عَلَمِ الدِّينِ السَّخَاوِيِّ.
পৃষ্ঠা - ১০৮০৪
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ عِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ] [الْأَحْدَاثُ الْوَاقِعَةُ فِيهَا] فِيهَا عَادَ الْأَشْرَفُ مُوسَى بْنُ الْعَادِلِ مِنْ عِنْدِ أَخِيهِ الْكَامِلِ صَاحِبِ مِصْرَ إِلَى الشَّامِ، فَتَلَقَّاهُ أَخُوهُ الْمُعَظَّمُ، وَقَدْ فَهِمَ أَنَّهُمَا تَمَالَآ عَلَيْهِ، فَبَاتَ لَيْلَةً بِدِمَشْقَ وَسَارَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، وَلَمْ يَشْعُرْ أَخُوهُ بِذَلِكَ، فَسَارَ إِلَى بِلَادِهِ، فَوَجَدَ أَخَاهُ الشِّهَابَ غَازِيًّا الَّذِي اسْتَنَابَهُ عَلَى خِلَاطَ وَمَيَّافَارِقِينَ قَدْ قَوِيَ رَأْسُهُ، وَكَاتَبَهُ الْمُعَظَّمُ وَصَاحِبُ إِرْبِلَ، وَحَسَّنُوا لَهُ مُخَالَفَةَ الْأَشْرَفِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْأَشْرَفُ يَنْهَاهُ عَنْ ذَلِكَ، فَلَمْ يَقْبَلْ، فَجَمَعَ لَهُ الْعَسَاكِرَ لِيُقَاتِلَهُ. وَفِيهَا سَارَ أَقْسِيسُ الْمَلِكُ الْمَسْعُودُ صَاحِبُ الْيَمَنِ بْنُ الْكَامِلِ مِنَ الْيَمَنِ إِلَى مَكَّةَ، شَرَّفَهَا اللَّهُ تَعَالَى، فَقَاتَلَهُ ابْنُ قَتَادَةَ بِبَطْنِ مَكَّةَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ، فَهَزَمَهُ أَقْسِيسُ وَشَرَّدَهُ، وَاسْتَقَلَّ بِمُلْكِ مَكَّةَ مَعَ الْيَمَنِ، وَجَرَتْ أُمُورٌ فَظِيعَةٌ، وَتَشَرَّدَ حَسَنُ بْنُ قَتَادَةَ قَاتِلُ أَبِيهِ وَعَمِّهِ وَأَخِيهِ فِي تِلْكَ الشِّعَابِ وَالْأَوْدِيَةِ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: الشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّينِ بْنُ قُدَامَةَ الْمَقْدِسِيُّ مُصَنِّفُ " الْمُغْنِي " فِي الْفِقْهِ،
পৃষ্ঠা - ১০৮০৫
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قُدَامَةَ، الشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّينِ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَقْدِسِيُّ، إِمَامٌ عَالِمٌ بَارِعٌ، لَمْ يَكُنْ فِي عَصْرِهِ بَلْ وَلَا قَبْلَ دَهْرِهِ بِمُدَّةٍ، أَفْقَهُ مِنْهُ، وُلِدَ بْجَمَّاعِيلَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَقَدِمَ مَعَ أَهْلِهِ إِلَى دِمَشْقَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَخَمْسِينَ، وَقَرَأَ الْقُرْآنَ، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ الْكَثِيرَ، وَرَحَلَ مَرَّتَيْنِ إِلَى الْعِرَاقِ; إِحْدَاهُمَا فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسِتِّينَ مَعَ ابْنِ خَالَتِهِ الْحَافِظِ عَبْدِ الْغَنِيِّ، وَالْأُخْرَى سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ، وَحَجَّ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ، وَتَفَقَّهَ بِبَغْدَادَ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَبَرَعَ وَأَفْتَى وَنَاظَرَ، وَتَبَحَّرَ فِي فُنُونٍ كَثِيرَةٍ، مَعَ زُهْدٍ وَعِبَادَةٍ، وَوَرَعٍ وَتَوَاضُعٍ، وَحُسْنِ أَخْلَاقٍ، وُجُودٍ وَحَيَاءٍ وَحُسْنِ سَمْتٍ، وَنُورٍ وَبَهَاءٍ، وَكَثْرَةِ تِلَاوَةٍ وَصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَقِيَامٍ، وَطَرِيقَةٍ حَسَنَةٍ وَاتِّبَاعٍ لِلسَّلَفِ الصَّالِحِ، وَكَانَتْ لَهُ أَحْوَالٌ وَمُكَاشَفَاتٌ، وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إِنْ لَمْ يَكُنِ الْعُلَمَاءُ الْعَامِلُونَ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ، فَلَا أَعْلَمُ لِلَّهِ وَلِيًّا. وَكَانَ يَؤُمُّ النَّاسَ لِلصَّلَاةِ فِي مِحْرَابِ الْحَنَابِلَةِ هُوَ وَالشَّيْخُ الْعِمَادُ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ
পৃষ্ঠা - ১০৮০৬
الْعِمَادُ اسْتَقَلَّ هُوَ بِالْوَظِيفَةِ، فَإِنْ غَابَ صَلَّى عَنْهُ أَبُو سُلَيْمَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَافِظِ عَبْدِ الْغَنِيِّ. وَكَانَ يَتَنَفَّلُ بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ بِالْقُرْبِ مِنْ مِحْرَابِهِ، فَإِذَا صَلَّى الْعَشَاءَ انْصَرَفَ إِلَى مَنْزِلِهِ بِدَرْبِ الدَّوْلَعِيِّ بِالرَّصِيفِ، وَأَخَذَ مَعَهُ مِنَ الْفُقَرَاءِ مَنْ تَيَسَّرَ; يَأْكُلُونَ مَعَهُ مِنْ طَعَامِهِ، وَكَانَ مَنْزِلُهُ الْأَصْلِيُّ بِقَاسِيُونَ، فَيَنْصَرِفُ فِي بَعْضِ اللَّيَالِي بَعْدَ الْعَشَاءِ إِلَى الْجَبَلِ، فَاتَّفَقَ فِي بَعْضِ اللَّيَالِي أَنْ خَطِفَ رَجُلٌ عِمَامَتَهُ، وَكَانَ فِيهَا كَاغِدٌ فِيهِ رَمْلٌ، فَقَالَ لَهُ الشَّيْخُ: خُذِ الْكَاغِدَ، وَأَلْقِ الْعِمَامَةَ. فَظَنَّ الرَّجُلُ أَنَّ الْكَاغِدَ مَالًا، فَأَخَذَهُ وَأَلْقَى الْعِمَامَةَ، فَأَخَذَهَا الْمُوَفَّقُ ثُمَّ ذَهَبَ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى ذَكَاءٍ مُفْرِطٍ وَاسْتِحْضَارٍ حَسَنٍ فِي السَّاعَةِ الرَّاهِنَةِ، حَتَّى خَلَّصَ عِمَامَتَهُ مِنْ يَدِهِ بِتَلَطُّفٍ. وَلَهُ مُصَنَّفَاتٌ عَدِيدَةٌ مَشْهُورَةٌ مِنْهَا " الْمُغْنِي " فِي شَرَحِ " مُخْتَصَرِ الْخِرَقِيِّ " فِي عَشْرَةِ مُجَلَّدَاتٍ، وَ " الْكَافِي " فِي أَرْبَعَةِ مُجَلَّدَاتٍ، وَ " الْمُقْنِعُ " لِلْحِفْظِ، وَ " الرَّوْضَةُ " فِي أُصُولِ الْفِقْهِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ التَّصَانِيفِ الْمُفِيدَةِ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي يَوْمِ عِيدِ الْفِطْرِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَقَدْ بَلَغَ الثَّمَانِينَ، وَكَانَ يَوْمَ سَبْتٍ، وَحَضَرَ جَنَازَتَهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَدُفِنَ بِتُرْبَتِهِ الْمَشْهُورَةِ، وَرُئِيَتْ لَهُ مَنَامَاتٌ
পৃষ্ঠা - ১০৮০৭
صَالِحَةٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَكَانَ لَهُ أَوْلَادٌ ذُكُورٌ وَإِنَاثٌ، فَمَاتُوا فِي حَيَاتِهِ. وَلَمْ يُعْقِبْ مِنْهُمْ سِوَى ابْنِهِ عِيسَى وَلَدَيْنِ، ثُمَّ مَاتَا وَانْقَطَعَ نَسْلُهُ. قَالَ أَبُو الْمُظَفَّرِ سِبْطُ ابْنِ الْجَوْزِيِّ: نَقَلْتُ مِنْ خَطِّ الشَّيْخِ مُوَفَّقٍ: لَا تَجْلِسَنَّ بِبَابِ مَنْ ... يَأْبَى عَلَيْكَ دُخُولَ دَارِهْ وَتَقُولْ حَاجَاتِي إِلَيْ ... هِ يَعُوقُهَا إِنْ لَمْ أُدَارِهْ وَاتْرُكْهُ وَاقْصِدْ رَبَّهَا ... تُقْضَى وَرَبُّ الدَّارِ كَارِهْ وَمِمَّا أَنْشَدَهُ الشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّينِ لِنَفْسِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَرَضِيَ عَنْهُ - قَوْلُهُ: أَبَعْدَ بَيَاضِ الشَّعْرِ أَعْمُرُ مَسْكَنًا ... سِوَى الْقَبْرِ إِنِّي إِنْ فَعَلْتُ لَأَحْمَقُ يُخَبِّرُنِي شَيْبِي بِأَنِّيَ مَيِّتٌ ... وَشِيكًا وَيَنْعَانِي إِلَيَّ وَيَصْدُقُ يُخَرَّقُ عُمْرِي كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ... فَهَلْ أَسْتَطِيعُ رَقْعَ مَا يَتَخَرَّقُ كَأَنِّي بِجِسْمِي فَوْقَ نَعْشِي مُمَدَّدًا ... فَمِنْ سَاكِتٍ أَوْ مُعْوِلٍ يَتَحَرَّقُ
পৃষ্ঠা - ১০৮০৮
إِذَا سُئِلُوا عَنِّي أَجَابُوا وَعَوَّلُوا وَأَدْمُعُهُمْ تَنْهَلُّ هَذَا الْمُوَفَّقُ ... وَغُيِّبْتُ فِي صَدْعٍ مِنَ الْأَرْضِ ضَيِّقٍ وَأُودِعْتُ لَحْدًا فَوْقَهُ الصَّخْرُ مُطْبَقُ ... وَيَحْثُو عَلَيَّ التُّرْبَ أَوْثَقُ صَاحِبٍ وَيُسْلِمُنِي لِلْقَبْرِ مَنْ هُوَ مُشْفِقُ ... فَيَا رَبِّ كُنْ لِي مُؤْنِسًا يَوْمَ وَحْشَتِي فَإِنِّي بِمَا أَنْزَلْتَهُ لَمُصَدِّقُ ... وَمَا ضَرَّنِي أَنِّي إِلَى اللَّهِ صَائِرٌ وَمَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِي أَبَرُّ وَأَرْفَقُ فَخْرُ الدِّينِ بْنُ عَسَاكِرَ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ عَسَاكِرَ، فَخْرُ الدِّينِ أَبُو مَنْصُورٍ الدِّمَشْقِيُّ، شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ بِهَا، وَأُمُّهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ طَاهِرٍ الْقُرَيْشِيَّةُ الْمَعْرُوفُ وَالِدُهَا بِأَبِي الْبَرَكَاتِ بْنِ الرَّانِيِّ، وَهُوَ الَّذِي جَدَّدَ مَسْجِدَ الْقَدَمِ فِي سَنَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَبِهِ قَبْرُهُ وَقَبْرُهَا، وَدُفِنَ هُنَاكَ طَائِفَةٌ كَبِيرَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَهِيَ أُخْتُ آمِنَةَ وَالِدَةِ الْقَاضِي مُحْيِي الدِّينِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الزَّكِيِّ.
পৃষ্ঠা - ১০৮০৯
اشْتَغَلَ الشَّيْخُ فَخْرُ الدِّينِ مِنْ صِغَرِهِ بِالْعِلْمِ الشَّرِيفِ عَلَى شَيْخِهِ قُطْبِ الدِّينِ مَسْعُودِ النَّيسَابُورِيِّ، وَتَزَوَّجَ بِابْنِتِهِ، وَدَرَسَ مَكَانَهُ بِالْجَارُوخِيَّةِ، وَبِهَا كَانَ يَسْكُنُ فِي إِحْدَى الْقَاعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ أَنْشَأَهُمَا، وَبِهَا تُوُفِّيَ غَرْبِيَّ الْإِيوَانِ، ثُمَّ تَوَلَّى تَدْرِيسَ الصَّلَاحِيَّةِ النَّاصِرِيَّةِ بِالْقُدْسِ الشَّرِيفِ، ثُمَّ وَلَّاهُ الْعَادِلُ تَدْرِيسَ التَّقْوِيَةِ، وَكَانَ عِنْدَهُ أَعْيَانُ الْفُضَلَاءِ، ثُمَّ تَفَرَّغَ، فَلَزِمَ الْمُجَاوَرَةَ فِي الْجَامِعِ فِي الْبَيْتِ الصَّغِيرِ إِلَى جَانِبِ مِحْرَابِ الصَّحَابَةِ، يَخْلُو فِيهِ لِلْعِبَادَةِ وَالْمُطَالَعَةِ وَالْفَتَاوَى. وَكَانَتْ تَفِدُ إِلَيْهِ مِنَ الْأَقْطَارِ. وَكَانَ كَثِيرَ الذِّكْرِ، حَسَنَ السَّمْتِ، وَكَانَ يَجْلِسُ تَحْتَ قُبَّةِ النَّسْرِ فِي كُلِّ يَوْمِ اثْنَيْنِ وَخَمِيسٍ مَكَانَ عَمِّهِ لِإِسْمَاعَ الْحَدِيثَ بَعْدَ الْعَصْرِ، فَيَقْرَأُ عَلَيْهِ دَلَائِلَ النُّبُوَّةِ وَغَيْرَهُ، وَكَانَ يَحْضُرُ مَشْيَخَةَ دَارِ الْحَدِيثِ النُّورِيَّةِ، وَمَشْهَدَ ابْنِ عُرْوَةَ أَوَّلَ مَا فُتِحَ، وَقَدِ اسْتَدْعَاهُ الْمَلِكُ الْعَادِلُ بَعْدَ مَا عَزَلَ قَاضِيَهُ زَكِيَّ الدِّينِ، فَأَجْلَسَهُ إِلَى جَانِبِهِ وَقْتَ السِّمَاطِ، وَسَأَلَ مِنْهُ أَنْ يَلِيَ
পৃষ্ঠা - ১০৮১০
الْقَضَاءَ بِدِمَشْقَ، فَقَالَ: حَتَّى أَسْتَخِيرَ اللَّهَ تَعَالَى. ثُمَّ امْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ، فَشَقَّ عَلَى السُّلْطَانِ امْتِنَاعُهُ، وَهَمَّ أَنْ يُؤْذِيَهُ، فَقِيلَ لَهُ: احْمَدِ اللَّهَ الَّذِي فِي بِلَادِكَ مِثْلُ هَذَا، وَلَمَّا تُوُفِّيَ الْعَادِلُ، وَأَعَادَ ابْنُهُ الْمُعَظَّمُ الْخُمُورَ أَنْكَرَ عَلَيْهِ الشَّيْخُ فَخْرُ الدِّينِ، فَبَقِيَ فِي نَفْسِهِ مِنْهُ، فَانْتَزَعَ مِنْهُ تَدْرِيسَ الصَّلَاحِيَّةِ الَّتِي بِالْقُدْسِ وَتَدْرِيسَ التَّقْوِيَةِ، وَلَمْ يَبْقَ مَعَهُ سِوَى الْجَارُوخِيَّةِ وَدَارِ الْحَدِيثِ النُّورِيَّةِ، وَمَشْهَدِ ابْنِ عُرْوَةَ. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ بَعْدَ الْعَصْرِ عَاشِرَ رَجَبٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَلَهُ خَمْسٌ وَسِتُّونَ سَنَةً، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ بِالْجَامِعِ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا، وَحُمِلَتْ جَنَازَتُهُ إِلَى مَقَابِرِ الصُّوفِيَّةِ، فَدُفِنَ بِهَا، فِي أَوَّلِهَا قَرِيبًا مِنْ قَبْرِ شَيْخِهِ قُطْبِ الدِّينِ مَسْعُودٍ. ابْنِ عُرْوَةَ، شَرَفُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ عُرْوَةَ الْمَوْصِلِيُّ، الْمَنْسُوبُ إِلَيْهِ مَشْهَدُ ابْنِ عُرْوَةَ، وَيَقُولُ النَّاسُ: مَشْهَدُ عُرْوَةَ بِالْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ; لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ فَتَحَهُ، وَقَدْ كَانَ مَشْحُونًا بِالْحَوَاصِلِ الْجَامِعِيَّةِ، وَبَنَى فِيهِ الْبِرْكَةَ، وَوَقَفَ فِيهِ عَلَى الْحَدِيثِ دَرْسًا، وَوَقَفَ خَزَائِنَ كُتُبٍ فِيهِ، وَكَانَ مُقِيمًا بِالْقُدْسِ الشَّرِيفِ، وَلَكِنَّهُ كَانَ مِنْ خَوَاصَّ أَصْحَابِ الْمَلِكِ الْمُعَظَّمِ، فَانْتَقَلَ إِلَى
পৃষ্ঠা - ১০৮১১
دِمَشْقَ حِينَ خُرِّبَ سُورُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ بِهَا، وَقَبْرُهُ عِنْدَ قِبَابِ أَتَابَكَ طَغْتِكِينَ قِبْلِيَّ الْمُصَلَّى، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الرُّوزْبَهَارِيُّ دُفِنَ بِالْمَكَانِ الْمَنْسُوبِ إِلَيْهِ بَيْنَ السُّورَيْنِ عِنْدَ بَابِ الْفَرَادِيسِ. الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْيَمَنِيُّ كَانَ مُقِيمًا بِالْمَنَارَةِ الشَّرْقِيَّةِ، كَانَ صَالِحًا زَاهِدًا وَرِعًا، وَدُفِنَ بِمَقَابِرِ الصُّوفِيَّةِ. الرَّئِيسُ عِزُّ الدِّينِ الْمُظَفَّرُ بْنُ أَسْعَدَ، بْنُ حَمْزَةَ التَّمِيمِيُّ بْنُ الْقَلَانِسِيِّ، أَحَدُ رُؤَسَاءِ دِمَشْقَ وَكُبَرَائِهَا، وَجَدُّهُ أَبُو يَعْلَى حَمْزَةُ، لَهُ تَارِيخٌ ذَيَّلَ بِهِ عَلَى ابْنِ عَسَاكِرَ، وَقَدْ سَمِعَ عِزُّ الدِّينِ هَذَا الْحَدِيثَ مِنَ الْحَافِظِ أَبِي الْقَاسِمِ ابْنِ عَسَاكِرَ وَغَيْرِهِ، وَلَزِمَ مُجَالَسَةَ الْكِنْدِيِّ، وَانْتَفَعَ بِهِ. الْأَمِيرُ الْكَبِيرُ أَحَدُ حُجَّابِ الْخَلِيفَةِ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ قُتَلْمَشَ بْنِ
পৃষ্ঠা - ১০৮১২
تُرْكَانْشَاهْ أَبُو مَنْصُورٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ، وَكَانَ مِنْ أَوْلَادِ الْأُمَرَاءِ، وَوَلِيَ حَاجِبَ الْحُجَّابِ بِالدِّيوَانِ الْعَزِيزِ الْخَلِيفَتِيِّ، وَكَانَ يَكْتُبُ جَيِّدًا جِدًّا، وَلَهُ مَعْرِفَةٌ حَسَنَةٌ بِعُلُومٍ كَثِيرَةٍ; مِنْهَا الْأَدَبُ وَعُلُومُ الرِّيَاضَةِ، وَعُمِّرَ دَهْرًا، وَلَهُ شِعْرٌ حَسَنٌ، وَمِنْ شِعْرِهِ قَوْلُهُ: سَئِمْتُ تَكَالِيفَ هَذِي الْحَيَاةِ ... وَكَرَّ الصَّبَاحِ بِهَا وَالْمَسَاءْ وَقَدْ كُنْتُ كَالطِّفْلِ فِي عَقْلِهِ ... قَلِيلَ الصَّوَابِ كَثِيرَ الْهُرَاءْ أَنَامُ إِذَا كُنْتُ فِي مَجْلِسٍ ... وَأَسْهَرُ عِنْدَ دُخُولِ الْغِنَاءْ وَقَصَّرَ خَطْوِيَ قَيْدُ الْمَشِيبِ ... وَطَالَ عَلَى مَا عَنَانِي عَنَاءْ وَغُودِرْتُ كَالْفَرْخِ فِي عُشِّهِ ... وَخَلَّفْتُ حُلْمِي وَرَاءَ وَرَاءَ وَمَا جَرَّ ذَلِكَ غَيْرُ الْبَقَاءِ ... فَكَيْفَ تَرَى فِعْلَ سُوءِ الْبَقَاءْ وَلَهُ أَيْضًا: إِلَهِي يَا كَثِيرَ الْعَفْوِ غَفْرًا ... لِمَا أَسْلَفْتُ فِي زَمَنِ الشَّبَابِ فَقَدْ سَوَّدْتُ فِي الْآثَامِ وَجْهًا ... ذَلِيلًا خَاضِعًا لَكَ فِي التُّرَابِ فَبَيِّضْهُ بِحُسْنِ الْعَفْوِ عَنِّي ... وَسَامِحْنِي وَخَفِّفْ مِنْ عَذَابِي
পৃষ্ঠা - ১০৮১৩
وَلَمَّا تُوُفِّيَ صُلِّيَ عَلَيْهِ بِالنِّظَامِيَّةِ، وَدُفِنَ بِالشُّونِيزِيَّةِ. وَرَآهُ بَعْضُهُمْ فِي الْمَنَامِ، فَقَالَ: مَا فَعَلَ بِكَ رَبُّكَ؟ فَقَالَ: تَحَاشَيْتُ اللِّقَاءَ لِسُوءِ فِعْلِي ... وَخَوْفًا فِي الْمَعَادِ مِنَ النَّدَامَةْ فَلَمَّا أَنْ قَدِمْتُ عَلَى إِلَهِي ... وَحَاقَقَ فِي الْحِسَابِ عَلَى قُلَامَهْ وَكَانَ الْعَدْلُ أَنْ أُصْلَى جَحِيمًا ... تَعَطَّفَ بِالْمَكَارِمِ وَالْكَرَامَةْ وَنَادَانِي لِسَانُ الْعَفْوِ مِنْهُ ... أَلَا يَا عَبْدُ تَهْنِيكَ السَّلَامَهْ أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْمَحَاسِنِ زُهْرَةَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ زُهْرَةَ الْعَلَوِيُّ الْحُسَيْنِيُّ الْحَلَبِيُّ، نَقِيبُ الْأَشْرَافِ بِهَا، كَانَ لَدَيْهِ فَضْلٌ وَعِلْمٌ بِالْأَدَبِ وَالْعَرَبِيَّةِ، وَأَخْبَارِ النَّاسِ وَالتَّوَارِيخِ وَالسِّيَرِ وَالْحَدِيثِ، حَافِظًا لِلْقُرْآنِ الْمَجِيدِ، وَلَهُ شِعْرٌ جَيِّدٌ، فَمِنْهُ قَوْلُهُ: قَدْ رَأَيْتُ الْمَعْشُوقَ وَهْوَ مِنَ الْهَجْ ... رِ تَنْبُو النَّوَاظِرُ عَنْهُ أَثَّرَ الدَّهْرُ فِيهِ آثَارَ سُوءٍ ... وَأَدَالَتْ يَدُ الْحَوَادِثِ مِنْهُ عَادَ مُسْتَبْذَلًا وَمُسْتَبْدِلًا عِزًّا ... بِذُلٍّ كَأَنَّهُ لَمْ يَصُنْهُ أَبُو عَلِيٍّ يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بِنِ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ بْنِ الْجَلَاجِلِيِّ مِنْ أَبْنَاءِ
পৃষ্ঠা - ১০৮১৪
التُّجَّارِ، سَمِعَ الْحَدِيثَ، وَكَانَ جَمِيلَ الْهَيْئَةِ، يَسْكُنُ بِدَارِ الْخِلَافَةِ، وَكَانَ عِنْدَهُ عِلْمٌ، وَلَهُ شِعْرٌ حَسَنٌ، فَمِنْهُ قَوْلُهُ: خَيْرُ إِخْوَانِكَ الْمُشَارِكُ فِي الْمُرِّ ... وَأَيْنَ الشَّرِيكُ فِي الْمُرِّ أَيْنَا الَّذِي إِنْ شَهِدْتَ سَرَّكَ فِي الْقَوْ ... مِ وَإِنْ غِبْتَ كَانَ أُذْنًا وَعَيْنَا مِثْلُ سِرِّ الْعِقْيَانِ إِنْ مَسَّهُ النَّا ... رُ جَلَاهُ الْجِلَاءُ فَازْدَادَ زَيْنَا وَأَخُو السُّوءِ إِنْ يَغِبْ عَنْكَ يَشْنَئْ ... كَ وَإِنْ يَحْتَضِرْ يَكْنْ ذَاكَ شَيْنَا جَيْبُهُ غَيْرُ نَاصِحٍ وَمُنَاهُ ... أَنْ يُصِيبَ الْخَلِيلُ إِفْكًا وَمَيْنَا فَاخْشَ مِنْهُ وَلَا تَلَهَّفْ عَلَيْهِ ... إِنَّ غُرْمًا لَهُ كَنَقْدِكَ دَيْنَا
পৃষ্ঠা - ১০৮১৫
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ] [الْأَحْدَاثُ الْوَاقِعَةُ فِيهَا] فِيهَا وَصَلَتْ سَرِيَّةٌ مِنْ جِهَةِ جِنْكِزْخَانَ غَيْرُ الْأَوَّلَتَيْنِ إِلَى الرَّيِّ، وَكَانَتْ قَدْ عُمِّرَتْ قَلِيلًا، فَقَتَلُوا أَهْلَهَا أَيْضًا، ثُمَّ سَارُوا إِلَى سَاوَهْ، ثُمَّ إِلَى قُمَّ وَقَاشَانَ، وَلَمْ تَكُونَا طُرِقَتَا إِلَّا هَذِهِ الْمَرَّةَ، فَفَعَلُوا بِهَا مِثْلَ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْقَتْلِ وَالسَّبْيِ، ثُمَّ سَارُوا إِلَى هَمَذَانَ، فَقَتَلُوا أَيْضًا وَسَبَوْا، ثُمَّ سَارُوا خَلْفَ الْخُوَارَزْمِيَّةِ إِلَى أَذْرَبِيجَانَ، فَكَبَسُوهُمْ وَقَتَلُوا مِنْهُمْ خَلْقًا كَثِيرًا، فَهَرَبُوا مِنْهُمْ إِلَى تِبْرِيزَ، فَلَحِقُوهُمْ وَكَتَبُوا إِلَى ابْنِ الْبَهْلَوَانِ: إِنْ كُنْتَ مُصَالِحًا لَنَا، فَابْعَثْ لَنَا بِالْخُوَارَزْمِيَّةِ، وَإِلَّا فَأَنْتَ مِثْلُهُمْ. فَقَتَلَ مِنْهُمْ خَلْقًا، وَأَرْسَلَ بِرُءُوسِهِمْ إِلَيْهِمْ، مَعَ تُحَفٍ وَهَدَايَا كَثِيرَةٍ، هَذَا كُلُّهُ وَإِنَّمَا كَانَتْ هَذِهِ السَّرِيَّةُ ثَلَاثَةَ آلَافٍ، وَالْخُوَارَزْمِيَّةُ وَأَصْحَابُ الْبَهْلَوَانِ أَضْعَافُ أَضْعَافِهِمْ، وَلَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَلْقَى عَلَيْهِمُ الْخِذْلَانَ وَالْفَشَلَ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. وَفِيهَا مَلَكَ غِيَاثُ الدِّينِ بْنُ خُوَارَزْمِ شَاهْ بِلَادَ فَارِسَ مَعَ مَا فِي يَدِهِ مِنْ
পৃষ্ঠা - ১০৮১৬
مَمْلَكَةِ أَصْفَهَانَ وَهَمَذَانَ. وَفِيهَا اسْتَعَادَ الْمَلِكُ الْأَشْرَفُ مَدِينَةَ خِلَاطَ مِنْ أَخِيهِ شِهَابِ الدِّينِ غَازِيٍّ، وَكَانَ قَدْ جَعَلَهَا إِلَيْهِ مَعَ جَمِيعِ بِلَادِ أَرْمِينِيَّةَ وَمَيَّافَارِقِينَ وَحَانِي وَجَبَلِ جُورَ، وَجَعَلَهُ وَلِيَّ عَهْدِهِ مِنْ بَعْدِهِ، فَلَمَّا عَصَى عَلَيْهِ وَتَشَعَّبَ دِمَاغُهُ بِمَا كَتَبَ إِلَيْهِ الْمُعَظَّمُ مِنْ تَحْسِينِهِ لَهُ مُخَالَفَتَهُ، فَرَكِبَ إِلَيْهِ وَحَاصَرَهُ بِخِلَاطَ، فَسُلِّمَتْ إِلَيْهِ، وَامْتَنَعَ أَخُوهُ فِي الْقَلْعَةِ، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ نَزَلَ إِلَى أَخِيهِ مُعْتَذِرًا، فَقَبِلَ عُذْرَهُ وَلَمْ يُعَاقِبْهُ، بَلْ أَقَرَّهُ عَلَى مَيَّافَارِقِينَ وَحْدَهَا، وَكَانَ صَاحِبُ إِرْبِلَ وَالْمُعَظَّمُ مُتَّفِقَيْنِ مَعَ الشِّهَابِ غَازِيٍّ عَلَى الْأَشْرَفِ، فَكَتَبَ الْكَامِلُ إِلَى الْمُعَظَّمِ يَتَهَدَّدُهُ، لَئِنْ سَاعَدَ عَلَى الْأَشْرَفِ لَيَأْخُذَنَّ بِلَادَهُ. وَكَانَ بَدْرُ الدِّينِ لُؤْلُؤٌ صَاحِبُ الْمَوْصِلِ مَعَ الْأَشْرَفِ، فَرَكِبَ إِلَيْهِ صَاحِبُ إِرْبِلَ، فَحَاصَرَهُ بِسَبَبِ قِلَّةِ جُنْدِهِ; لِأَنَّهُ أَرْسَلَهُمْ إِلَى الْأَشْرَفِ حِينَ نَازَلَ خِلَاطَ، فَلَمَّا انْفَصَلَتِ الْأُمُورُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا نَدِمَ صَاحِبُ إِرْبِلَ وَالْمُعَظَّمُ بِدِمَشْقَ أَيْضًا. وَفِيهَا أَرْسَلَ الْمُعَظَّمُ وَلَدَهُ النَّاصِرَ دَاوُدَ إِلَى صَاحِبِ إِرْبِلَ تَقْوِيَةً عَلَى مُخَالَفَةِ الْأَشْرَفِ، وَأَرْسَلَ صُوفِيًّا مِنَ السُمَيْسَاطِيَّةِ يُقَالُ لَهُ: الْمَلْقُ إِلَى جَلَالِ الدِّينِ بْنِ خُوَارَزْمَ شَاهْ - وَكَانَ قَدْ أَخَذَ أَذْرَبِيجَانَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَقَوِيَ جَأْشُهُ - يَتَّفِقُ مَعَهُ
পৃষ্ঠা - ১০৮১৭
عَلَى أَخِيهِ الْأَشْرَفِ، فَوَعَدَهُ النَّصْرَ وَالرِّفَادَةَ. وَفِيهَا قَدِمَ الْمَلِكُ مَسْعُودٌ أَقْسِيسُ مَلِكُ الْيَمَنِ عَلَى أَبِيهِ الْكَامِلِ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَمَعَهُ شَيْءٌ كَثِيرٌ مِنَ الْهَدَايَا وَالتُّحَفِ، مِنْ ذَلِكَ مِائَتَا خَادِمٍ وَثَلَاثَةُ أَفْيِلَةٍ هَائِلَةٍ، وَأَحْمَالُ عُودٍ وَنَدٍّ وَمِسْكٍ وَعَنْبَرٍ، وَخَرَجَ أَبُوهُ الْكَامِلُ لِتَلَقِّيهِ، وَمِنْ نِيَّةِ أَقْسِيسَ أَنْ يَنْزِعَ الشَّامَ مِنْ يَدِ عَمِّهِ الْمُعَظَّمِ. وَفِيهَا كَمَلَ عِمَارَةُ دَارِ الْحَدِيثِ الْكَامِلِيَّةِ بِمِصْرَ، وَوَلِيَ مَشْيَخَتَهَا الْحَافِظُ أَبُو الْخَطَّابِ بْنُ دِحْيَةَ الْكَلْبِيُّ، وَكَانَ مِكْثَارًا، كَثِيرَ الْفُنُونِ، وَعِنْدَهُ فَوَائِدُ وَعَجَائِبُ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْقَادِسِيُّ الضَّرِيرُ الْحَنْبَلِيُّ وَالِدُ صَاحِبِ " الذَّيْلِ عَلَى تَارِيخِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ "، الْقَادِسِيُّ هَذَا يُلَازِمُ حُضُورَ مَجْلِسِ الشَّيْخِ أَبِي الْفَرَجِ بْنِ الْجَوْزِيِّ وَيُزْهِرُهُ; لِمَا يَسْمَعُهُ مِنَ الْغَرَائِبِ، وَيَقُولُ: وَاللَّهِ إِنَّ ذَا مَلِيحٌ، فَاسْتَقْرَضَ مِنْهُ الشَّيْخُ مَرَّةً عَشَرَةَ دَنَانِيرَ، فَلَمْ يُعْطِهِ، وَصَارَ يَحْضُرُ وَلَا يَتَكَلَّمُ، فَقَالَ الشَّيْخُ مَرَّةً: هَذَا الْقَادِسِيُّ لَا يُقْرِضُنَا شَيْئًا، وَلَا يَقُولُ: وَاللَّهِ إِنَّ ذَا مَلِيحٌ. رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى. وَقَدْ طُلِبَ الْقَادِسِيُّ مَرَّةً إِلَى دَارِ الْمُسْتَضِيءِ لِيُصَلِّيَ بِالْخَلِيفَةِ التَّرَاوِيحَ، فَقِيلَ لَهُ وَالْخَلِيفَةُ يَسْمَعُ: مَا مَذْهَبُكَ؟ فَقَالَ: حَنْبَلِيٌّ. فَقِيلَ لَهُ: لَا تُصَلِّ بِدَارِ الْخِلَافَةِ وَأَنْتِ حَنْبَلِيٌّ. فَقَالَ: أَنَا حَنْبَلِيٌّ، وَلَا أُصَلِّي
পৃষ্ঠা - ১০৮১৮
بِكُمْ. فَقَالَ الْخَلِيفَةُ: اتْرُكُوهُ، لَا يُصَلِّي بِنَا إِلَّا هُوَ. فَصَلَّى بِهِمْ. أَبُو الْكَرَمِ الْمُظَفَّرُ بْنُ الْمُبَارَكِ، بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ الْبَغْدَادِيُّ الْحَنَفِيُّ، شَيْخُ مَشْهَدِ أَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِ، وَلِيَ الْحِسْبَةَ بِالْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ مِنْ بَغْدَادَ، وَكَانَ فَاضِلًا دَيِّنًا شَاعِرًا، وَمِنْ شِعْرِهِ قَوْلُهُ: فَصُنْ بِجَمِيلِ الصَّبْرِ نَفْسَكَ وَاغْتَنِمْ ... شَرِيفَ الْمَزَايَا لَا يَفُتْكَ ثَوَابُهَا تَعِشْ سَالِمًا وَالْقَوْلُ فِيكَ مُهَذَّبٌ ... كَرِيمًا وَقَدْ هَانَتْ عَلَيْكَ صِعَابُهَا وَتَنْدَرِجُ الْأَيَّامُ وَالْكُلُّ ذَاهِبٌ ... يَمُرُّ وَيَفْنَي عَذْبُهَا وَعَذَابُهَا وَمَا الدَّهْرُ إِلَّا مَرُّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ... وَمَا الْعُمْرُ إِلَّا طَيُّهَا وَذَهَابُهَا وَمَا الْحَزْمُ إِلَّا فِي إِخَاءِ عَزِيمَةً ... فَنَيْلُ الْمَعَالِي صَفْوُهَا وَلُبَابُهَا وَدَعْ عَنْكَ أَحْلَامَ الْأَمَانِي فَإِنَّهُ ... سَيُسْفِرُ يَوْمًا غَيُّهَا وَصَوَابُهَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْفَرَجِ مَعَالِي بْنِ بَرَكَةَ، الشَّيْخُ فَخْرُ الدِّينِ أَبُو الْمَعَالِي
পৃষ্ঠা - ১০৮১৯
الْمَوْصِلِيُّ، قَدِمَ بَغْدَادَ، وَاشْتَغَلَ بِالنِّظَامِيَّةِ، وَأَعَادَ بِهَا، وَكَانَتْ لَهُ مَعْرِفَةٌ بِالْقِرَاءَاتِ، وَصَنَّفَ كِتَابًا فِي مَخَارِجِ الْحُرُوفِ، وَأَسْنَدَ الْحَدِيثَ، وَلَهُ شِعْرٌ لَطِيفٌ. أَبُو بَكْرِ بْنُ حَلَبَةَ الْمَوَازِينِيُّ الْبَغْدَادِيُّ كَانَ فَرْدًا فِي عِلْمِ الْهَنْدَسَةِ وَصِنَاعَةَ الْمَوَازِينِ، يَخْتَرِعُ أَشْيَاءَ عَجِيبَةً، مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ ثَقَبَ حَبَّةَ خَشْخَاشٍ سَبْعَةَ ثُقُوبٍ، وَجَعَلَ فِي كُلِّ ثَقْبٍ شَعْرَةً، وَكَانَ لَهُ حُظْوَةٌ عِنْدَ الدَّوْلَةِ. أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ أَبُو الْعَبَّاسِ الدُّبَيْثِيُّ الْبَيِّعُ الْوَاسِطِيُّ، شَيْخٌ أَدِيبٌ فَاضِلٌ، لَهُ نَظْمٌ وَنَثْرٌ، عَارِفٌ بِالْأَخْبَارِ وَالسِّيَرِ، وَعِنْدَهُ كُتُبٌ جَيِّدَةٌ كَثِيرَةٌ، وَلَهُ شَرْحُ قَصِيدَةٍ لِأَبِي الْعَلَاءِ الْمَعَرِّيِّ فِي ثَلَاثَةِ مُجَلَّدَاتٍ، وَقَدْ أَوْرَدَ لَهُ ابْنُ السَّاعِي شِعْرًا حَسَنًا فَصِيحًا حُلْوًا، لَذِيذًا فِي السَمْعِ، لَطِيفًا فِي الْقَلْبِ.
পৃষ্ঠা - ১০৮২০
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثِنْتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ] [الْأَحْدَاثُ الْوَاقِعَةُ فِيهَا] فِيهَا عَاثَتِ الْخُوَارَزْمِيَّةُ حِينَ قَدِمُوا مَعَ جَلَالِ الدِّينِ بْنِ خُوَارَزْمَ شَاهْ مِنْ بِلَادِ غَزْنَةَ مَقْهُورِينَ مِنَ التَّتَارِ إِلَى بِلَادِ خُوزِسْتَانَ وَنَوَاحِي الْعِرَاقِ، فَأَفْسَدُوا فِيهِ، وَحَاصَرُوا مُدُنَهُ، وَنَهَبُوا قُرَاهُ. وَفِيهَا اسْتَحْوَذَ جَلَالُ الدِّينِ بْنُ خُوَارَزْمَ شَاهْ عَلَى بِلَادِ أَذْرَبِيجَانَ وَكَثِيرٍ مِنْ بِلَادِ الْكُرْجِ، وَكَسَرَ الْكُرْجَ، وَهُمْ فِي سَبْعِينَ أَلْفَ مُقَاتِلٍ، فَقَتَلَ مِنْهُمْ عِشْرِينَ أَلْفًا مِنَ الْمُقَاتِلَةِ، وَاسْتَفْحَلَ أَمْرُهُ جِدًّا، وَعَظُمَ شَأْنُهُ، وَفَتَحَ تَفْلِيسَ، فَقَتَلَ مِنْهَا ثَلَاثِينَ أَلْفًا. وَزَعَمَ أَبُو شَامَةَ أَنَّهُ قَتَلَ مِنَ الْكُرْجِ سَبْعِينَ أَلْفًا فِي الْمَعْرَكَةِ، وَقَتَلَ مِنْ تَفْلِيسَ تَمَامَ الْمِائَةِ أَلْفٍ، وَقَدِ اشْتَغَلَ بِهَذِهِ الْغَزْوَةِ عَنْ قَصْدِ بَغْدَادَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا حَاصَرَ دَقُوقَا سَبَّهُ أَهْلُهَا، فَفَتَحَهَا قَهْرًا، وَقَتَلَ مِنْ أَهْلِهَا خَلْقًا كَثِيرًا، وَخَرَّبَ سُورَهَا، وَعَزَمَ عَلَى قَصْدِ الْخَلِيفَةِ بِبَغْدَادَ; لِأَنَّهُ فِيمَا زَعَمَ عَمِلَ عَلَى أَبِيهِ حَتَّى هَلَكَ، وَاسْتَوْلَتِ التَّتَرُ عَلَى الْبِلَادِ، وَكَتَبَ إِلَى الْمُعَظَّمِ بْنِ الْعَادِلِ يَسْتَدْعِيهِ لِقِتَالِ الْخَلِيفَةِ، وَيُحَرِّضُهُ عَلَى ذَلِكَ، فَامْتَنَعَ الْمُعَظَّمُ مِنْ ذَلِكَ، وَلَمَّا عَلِمَ الْخَلِيفَةُ بِقَصْدِ جَلَالِ الدِّينِ بْنِ خُوَارَزْمَ شَاهْ بَغْدَادَ انْزَعَجَ لِذَلِكَ، وَحَصَّنَ بَغْدَادَ، وَاسْتَخْدَمَ