আল বিদায়া ওয়া আন্নিহায়া

পৃষ্ঠা - ১০৬৫৪
[سَنَةُ سِتِّمِائَةٍ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِي هَذِهِ السَّنَةِ كَانَتِ الْفِرِنْجُ قَدْ جَمَعُوا خَلْقًا كَثِيرًا مِنْهُمْ لِيَسْتَعِيدُوا بَيْتَ الْمَقْدِسِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ - فِيمَا كَانُوا زَاعِمِينَ - فَأَشْغَلَهُمُ اللَّهُ بِقِتَالِ الرُّومِ ; وَذَلِكَ لِأَنَّهُمُ اجْتَازُوا فِي طَرِيقِهِمْ بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ، فَوَجَدُوا مُلُوكَهَا قَدِ اخْتَلَفُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ، فَحَاصَرُوهَا حَتَّى فَتَحُوهَا قَسْرًا، وَأَبَاحُوهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ قَتْلًا وَأَسْرًا، وَاحْتَرَقَ أَكْثَرُ مِنْ رُبْعِهَا، وَمَا أَصْبَحَ أَحَدٌ مِنَ الرُّومِ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ إِلَّا قَتِيلًا أَوْ فَقِيرًا أَوْ مَكْبُولًا أَوْ أَسِيرًا، وَلَجَأَ عَامَّةُ مَنْ بَقِيَ مِنْهَا إِلَى كَنِيسَتِهَا الْعُظْمَى الْمُسَمَّاةِ بِصُوفِيَا، فَقَصَدَهَا الْفِرِنْجُ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمُ الْقِسِّيسُونَ بِالْأَنَاجِيلِ ; لِيَتَوَسَّلُوا إِلَيْهِمْ وَيَتْلُوا عَلَيْهِمْ، فَمَا الْتَفَتُوا إِلَى شَيْءٍ مِمَّا وَاجَهُوهُمْ بِهِ، بَلْ قَتَلُوهُمْ أَجْمَعِينَ أَكْتَعِينَ أَبْصَعِينَ، وَأَخَذُوا مَا كَانَ فِي الْكَنِيسَةِ مِنَ الْحُلِيِّ وَالْأَذْهَابِ وَالْأَمْوَالِ الَّتِي لَا تُحْصَى وَلَا تُعَدُّ، وَأَخَذُوا مَا كَانَ عَلَى الصُّلْبَانِ وَالْحِيطَانِ؛ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الرَّحِيمِ الرَّحْمَنِ، الَّذِي مَا شَاءَ كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ. ثُمَّ اقْتَرَعَ مُلُوكُ الْفِرِنْجِ وَكَانُوا ثَلَاثَةً ; وَهُمْ دُوقَسُ الْبَنَادِقَةِ، وَكَانَ شَيْخًا أَعْمَى تُقَادُ فَرَسُهُ، وَمَرْكِيسُ الْإِفْرَنْسِيسُ، وَكَنَدُ أَفْلِنَدُ، وَكَانَ أَكْثَرَهُمْ عَدَدًا وَعُدَدًا، فَخَرَجَتِ الْقُرْعَةُ لَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَوَلَّوْهُ مُلْكَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ
পৃষ্ঠা - ১০৬৫৫
وَأَخَذَ الْمَلِكَانِ الْآخَرَانِ بَعْضَ الْبِلَادِ، وَتَحَوَّلَ الْمُلْكُ مِنَ الرُّومِ إِلَى الْفِرِنْجِ بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ} [آل عمران: 26] وَلَمْ يَبْقَ بِأَيْدِي الرُّومِ هُنَاكَ إِلَّا مَا وَرَاءَ الْخَلِيجِ، اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الرُّومِ يُقَالُ لَهُ: لَشْكُرِي. لَمْ يَزَلْ مَالِكًا لِتِلْكَ النَّاحِيَةِ حَتَّى تُوُفِّيَ؛ لَعَنَهُ اللَّهُ. ثُمَّ إِنَّ الْفِرِنْجَ قَصَدُوا بِلَادَ الشَّامِ وَقَدْ تَقَوَّوْا بِمُلْكِهِمُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ فَنَزَلُوا عَكَّا وَأَغَارُوا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ مِنْ نَاحِيَةِ الْغُورِ وَتِلْكَ الْأَرَاضِي فَقَتَلُوا وَسَبَوْا، فَنَهَضَ إِلَيْهِمُ الْمَلِكُ الْعَادِلُ وَكَانَ بِدِمَشْقَ - وَلِلَّهِ الْحَمْدُ - وَاسْتَدْعَى بِالْجُيُوشِ الْمِصْرِيَّةِ وَالْمَشْرِقِيَّةِ، وَنَازَلَهُمْ بِالْقُرْبِ مِنْ عَكَّا فَكَانَ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ شَدِيدٌ وَمُصَابِرَةٌ عَظِيمَةٌ، ثُمَّ وَقَعَ الصُّلْحُ بَيْنَهُمْ وَالْهُدْنَةُ، وَأَطْلَقَ لَهُمْ شَيْئًا مِنَ الْبُلْدَانِ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ جَرَتْ حُرُوبٌ كَثِيرَةٌ بَيْنَ الْخُوَارِزْمِيَّةِ وَالْغُورِيَّةِ بِالْمَشْرِقِ يَطُولُ ذِكْرُهَا. وَفِيهَا تَحَارَبَ نُورُ الدِّينِ - صَاحِبُ الْمَوْصِلِ - وَقُطْبُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ عِمَادِ الدِّينِ زَنْكِيٍّ - صَاحِبُ سَنْجَارَ - وَسَاعَدَ الْأَشْرَفُ بْنُ الْعَادِلِ الْقُطْبَ، ثُمَّ اصْطَلَحُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَتَزَوَّجَ الْأَشْرَفُ أُخْتَ نُورِ الدِّينِ، وَهِيَ الْأَتَابِكِيَّةُ بِنْتُ عِزِّ الدِّينِ مَسْعُودِ بْنِ مَوْدُودِ بْنِ زَنْكِيٍّ، وَاقِفَةُ الْمَدْرَسَةِ الَّتِي بِالسَّفْحِ، وَبِهَا تُرْبَتُهَا. وَفِيهَا كَانَتْ زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ بِمِصْرَ وَالشَّامِ وَالْجَزِيرَةِ وَقُبْرُسَ وَغَيْرِهَا مِنَ الْبِلَادِ ;
পৃষ্ঠা - ১০৬৫৬
قَالَهُ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي " كَامِلِهِ ". وَفِيهَا تَغَلَّبَ رَجُلٌ مِنَ التُّجَّارِ يُقَالُ لَهُ: مَحْمُودُ بْنُ مُحَمَّدِ الْحِمْيَرِيُّ عَلَى بَعْضِ بِلَادِ حَضْرَمَوْتَ ; ظِفَارَ وَغَيْرِهَا، وَاسْتَمَرَّتْ أَيَّامُهُ إِلَى سَنَةِ تِسْعَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ وَمَا بَعْدَهَا. وَفِي جُمَادَى الْأُولَى مِنْهَا عُقِدَ مَجْلِسٌ لِقَاضِي الْقُضَاةِ بِبَغْدَادَ، وَهُوَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْحَلَبِيُّ بِدَارِ الْوَزِيرِ، وَثَبَتَ عَلَيْهِ مَحْضَرٌ بِأَنَّهُ يَتَنَاوَلُ الرُّشَا، فَعُزِلَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ، وَفُسِّقَ، وَنُزِعَتِ الطَّرْحَةُ عَنْ رَأْسِهِ، وَكَانَتْ مُدَّةُ وِلَايَتِهِ سَنَتَيْنِ وَثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ. وَفِيهَا كَانَتْ وَفَاةُ الْمَلِكِ رُكْنِ الدِّينِ بْنِ قِلْجِ أَرَسْلَانَ، صَاحِبِ بِلَادِ الرُّومِ مَا بَيْنَ مَلَطْيَةَ وَقُونِيَةَ، وَكَانَتْ فِيهِ شَهَامَةٌ وَصَرَامَةٌ، غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ يُنْسَبُ إِلَى اعْتِقَادِ الْفَلَاسِفَةِ، وَكَانَ كَهْفًا لِمَنْ يُنْسَبُ إِلَى ذَلِكَ، وَمَلْجَأً لَهُمْ، وَظَهَرَ مِنْهُ قَبْلَ مَوْتِهِ تَجَهُّمٌ عَظِيمٌ ; وَذَلِكَ أَنَّهُ حَاصَرَ أَخَاهُ شَقِيقَهُ - وَكَانَ صَاحِبَ أَنْكُورِيَةَ، وَتُسَمَّى أَيْضًا: أَنْقِرَةَ - مُدَّةَ سَنَتَيْنِ حَتَّى ضَيَّقَ عَلَيْهِ الْأَقْوَاتَ بِهَا، فَسَلَّمَهَا إِلَيْهِ قَسْرًا، عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ بَعْضَ الْبِلَادِ، فَلَمَّا تَمَكَّنَ مِنْهُ وَمِنْ أَوْلَادِهِ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ مَنْ قَتَلَهُمْ غَدْرًا وَخَدِيعَةً وَمَكْرًا، فَلَمْ يُنْظَرْ إِلَّا خَمْسَةَ أَيَّامٍ حَتَّى ضَرَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالْقُولَنْجِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ وَمَاتَ {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ} [الدخان: 29] وَأُقِيمَ بَعْدَهُ فِي الْمُلْكِ وَلَدُهُ قِلْجُ أَرْسَلَانَ، وَكَانَ صَغِيرًا فَبَقِيَ سَنَةً
পৃষ্ঠা - ১০৬৫৭
وَاحِدَةً، ثُمَّ نُزِعَ مِنْهُ الْمُلْكُ أَيْضًا، وَصَارَ إِلَى عَمِّهِ كَيْخَسْرُو. وَفِيهَا قُتِلَ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ الْبَاطِنِيَّةِ بِوَاسِطٍ؛ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: وَفِي رَجَبٍ اجْتَمَعَ جَمَاعَةٌ مِنَ الصُّوفِيَّةِ بِرِبَاطٍ بِبَغْدَادَ فِي سَمَاعٍ، فَأَنْشَدَهُمُ الْحَادِي، وَهُوَ الْجَمَّالُ الْحِلِّيُّ: عُوَيْذِلَتِي أَقْصِرِي ... كَفَى بِمَشِيبِي عَذَلْ شَبَابٌ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ ... وَشِيبٌ كَأَنْ لَمْ يَزَلْ وَحَقِّ لَيَالِي الْوِصَالِ ... أَوَاخِرُهَا وَالْأُوَلْ وَصُفْرَةُ لَوَنِ الْمُحِبِّ ... عِنْدَ اسْتِمَاعِ الْعَذَلْ لَئِنْ عَادَ عَيْشِي بِكُمْ ... حَلَا الْعَيْشُ لِي وَاتَّصَلْ قَالَ: فَتَحَرَّكَ الصُّوفِيَّةُ عَلَى الْعَادَةِ فَتَوَاجَدَ مِنْ بَيْنِهِمْ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الرَّازِيُّ، فَخَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ، فَحَرَّكُوهُ فَإِذَا هُوَ مَيِّتٌ. قَالَ: وَكَانَ رَجُلًا صَالِحًا، وَقَالَ ابْنُ السَّاعِي: كَانَ شَيْخًا صَالِحًا صَحِبَ الصَّدْرَ عَبْدَ الرَّحِيمِ شَيْخَ الشُّيُوخِ. فَشَهِدَ النَّاسُ جِنَازَتَهُ، وَدُفِنَ بِبَابِ أَبْرَزَ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: أَبُو مُحَمَّدٍ الْقَاسِمُ بَهَاءُ الدِّينٍ الْحَافِظُ ابْنُ الْحَافِظِ أَبِي الْقَاسِمِ
পৃষ্ঠা - ১০৬৫৮
عَلِيُّ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ عَسَاكِرَ، كَانَ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، أَسْمَعَهُ أَبُوهُ الْكَثِيرَ، وَشَارَكْ أَبَاهُ فِي أَكْثَرِ مَشَايِخِهِ، وَكَتَبَ تَارِيخَ أَبِيهِ مَرَّتَيْنِ بِخَطِّهِ، وَكَتَبَ الْكَثِيرَ، وَأَسْمَعَ، وَصَنَّفَ كُتُبًا عِدَّةً، وَخَلَفَ أَبَاهُ فِي إِسْمَاعِ الْحَدِيثِ بِالْجَامِعِ، وَدَارِ الْحَدِيثِ النُّورِيَّةِ. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ ثَامِنِ صَفَرٍ، وَدُفِنَ بَعْدَ الْعَصْرِ عَلَى أَبِيهِ بِمَقَابِرِ بَابِ الصَّغِيرِ شَرْقِيَّ قُبُورِ الصَّحَابَةِ خَارِجَ الْحَظِيرَةِ؛ رَحِمَهُمَا اللَّهُ. الْحَافِظُ عَبْدُ الْغَنِيِّ الْمَقْدِسِيُّ عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ سُرُورٍ، الْحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَقْدِسِيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيفِ الْمَشْهُورَةِ، مِنْ ذَلِكَ: " الْكَمَالُ فِي أَسْمَاءِ الرِّجَالِ " وَ " الْأَحْكَامُ الْكُبْرَى " وَ " الصُّغْرَى " وَغَيْرُ ذَلِكَ، وُلِدَ بِجَمَّاعِيلَ فِي رَبِيعٍ الْآخَرِ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَهُوَ أَسُنُّ مِنَ ابْنِ خَالَتِهِ الْإِمَامِ مُوَفَّقِ الدِّينِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ قُدَامَةَ الْمَقْدِسِيِّ، بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَكَانَ قُدُومُهُمَا مَعَ أَهْلِهِمَا مِنْ بَيْتِ الْمَقَدْسِ إِلَى مَسْجِدِ أَبِي صَالِحٍ أَوَّلًا، ثُمَّ انْتَقَلُوا إِلَى السَّفْحِ فَعُرِفَتِ الْمَحَلَّةُ بِهِمْ، فَقِيلَ لَهَا: الصَّالِحِيَّةُ. فَسَكَنُوا الدَّيْرَ، وَقَرَأَ الْحَافِظُ عَبْدُ الْغَنِيِّ الْقُرْآنَ، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ، وَارْتَحَلَ هُوَ وَالْمُوَفَّقُ إِلَى بَغْدَادَ سَنَةَ سِتِّينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، فَأَنْزَلَهُمَا الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ عِنْدَهُ فِي الْمَدْرَسَةِ، وَكَانَ لَا يَتْرُكُ أَحَدًا يَنْزِلُ عِنْدَهُ، وَلَكِنَّهُ تَوَسَّمَ فِيهِمَا النَّجَابَةَ وَالْخَيْرَ
পৃষ্ঠা - ১০৬৫৯
وَالصَّلَاحَ، فَأَكْرَمَهُمَا وَأَسْمَعَهُمَا، ثُمَّ تُوفِّيَ بَعْدَ مَقْدَمِهِمَا بِخَمْسِينَ لَيْلَةً. وَكَانَ مَيْلُ عَبْدِ الْغَنِيِّ إِلَى الْحَدِيثِ وَأَسْمَاءِ الرِّجَالِ، وَمَيْلُ الْمُوَفَّقِ إِلَى الْفِقْهِ، وَاشْتَغَلَا عَلَى الشَّيْخِ أَبِي الْفَرَجِ ابْنِ الْمَنِّيِّ، ثُمَّ قَدِمَا دِمَشْقَ بَعْدَ أَرْبَعِ سِنِينَ، فَدَخَلَ عَبْدُ الْغَنِيِّ إِلَى مِصْرَ وَإِسْكَنْدَرِيَّةَ، ثُمَّ عَادَ إِلَى دِمَشْقَ ثُمَّ ارْتَحَلَ إِلَى الْجَزِيرَةِ وَبَغْدَادَ، ثُمَّ رَحَلَ إِلَى أَصْبَهَانَ فَسَمِعَ بِهَا الْكَثِيرَ، وَوَقَفَ عَلَى مُصَنَّفٍ لِلْحَافِظِ أَبِي نُعَيْمٍ فِي أَسْمَاءِ الصَّحَابَةِ - قُلْتُ: وَهُوَ عِنْدِي بِخَطِّ أَبِي نُعَيْمٍ - فَأَخَذَ فِي مُنَاقَشَتِهِ فِي أَمَاكِنَ مِنَ الْكِتَابِ فِي مِائَةٍ وَتِسْعِينَ مَوْضِعًا، فَغَضِبَ بَنُو الْخُجَنْدِيِّ مِنْ ذَلِكَ، وَتَعَصَّبُوا عَلَيْهِ وَأَخْرَجُوهُ مِنْهَا مُخْتَفِيًّا فِي إِزَارٍ. وَلَمَّا دَخَلَ فِي طَرِيقِهِ إِلَى الْمَوْصِلِ سَمِعَ كِتَابَ الْعُقَيْلِيِّ فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ، فَثَارَ عَلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ بِسَبَبِ أَبِي حَنِيفَةَ، فَخَرَجَ مِنْهَا أَيْضًا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ، فَلَمَّا وَرَدَ دِمَشْقَ كَانَ يَقْرَأُ الْحَدِيثَ بَعْدَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ بِرِوَاقِ الْحَنَابِلَةِ مِنْ جَامِعِ دِمَشْقَ فَيَجْتَمِعُ النَّاسُ إِلَيْهِ، وَكَانَ رَقِيقَ الْقَلْبِ، سَرِيعَ الدَّمْعَةِ، فَحَصَلَ لَهُ قَبُولٌ، فَحَسَدَهُ الدَّمَاشِقَةُ، وَجَهَّزُوا النَّاصِحَ ابْنَ الْحَنْبَلِيِّ، فَتَكَلَّمَ تَحْتَ النَّسْرِ، حَتَّى يُشَوِّشَ عَلَيْهِ، فَحَوَّلَ عَبْدُ الْغَنِيِّ مِيعَادَهُ إِلَى بَعْدَ الْعَصْرِ، فَذَكَرَ يَوْمًا عَقِيدَتَهُ عَلَى الْكُرْسِيِّ، فَثَارَ عَلَيْهِ الْقَاضِي مُحْيِي الدِّينِ ابْنُ الزَّكِيِّ، وَالْخَطِيبُ ضِيَاءُ الدِّينِ الدَّوْلَعِيُّ، وَعُقِدَ لَهُ مَجْلِسٌ فِي الْقَلْعَةِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ. وَتَكَلَّمُوا مَعَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْعُلُوِّ وَمَسْأَلَةِ النُّزُولِ، وَمَسْأَلَةِ الْحَرْفِ وَالصَّوْتِ،
পৃষ্ঠা - ১০৬৬০
وَطَالَ الْكَلَامُ، حَتَّى قَالَ لَهُ الصَّارِمُ بُزْغُشُ وَالِي الْقَلْعَةِ: كُلُّ هَؤُلَاءِ عَلَى الضَّلَالَةِ، وَأَنْتَ عَلَى الْحَقِّ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَغَضِبَ بُزْغُشُ مِنْ ذَلِكَ وَأَمَرَهُ بِالْخُرُوجِ مِنَ الْبَلَدِ. فَارْتَحَلَ بَعْدَ ثَلَاثٍ إِلَى بَعْلَبَكَّ ثُمَّ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، فَآوَاهُ الطَّحَّانُونَ، فَكَانَ يَقْرَأُ الْحَدِيثَ بِهَا، فَثَارَ عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ بِمِصْرَ أَيْضًا، وَكَتَبُوا إِلَى الْوَزِيرِ صَفِيِّ الدِّينِ بْنِ شُكْرٍ، فَأَقَرَّ بِنَفْيِهِ إِلَى الْمَغْرِبِ، فَمَاتَ قَبْلَ وُصُولِ الْكِتَابِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَلَهُ سَبْعٌ وَخَمْسُونَ سَنَةً، وَدُفِنَ بِالْقَرَافَةِ عِنْدَ الشَّيْخِ أَبِي عَمْرِو بْنِ مَرْزُوقٍ؛ رَحِمَهُمَا اللَّهُ. قَالَ السِّبْطُ: وَكَانَ وَرِعًا زَاهِدًا عَابِدًا، يُصَلِّي كُلَّ يَوْمٍ ثَلَاثَمِائَةِ رَكْعَةٍ، كَوِرْدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَيَقُومُ اللَّيْلَ، وَيَصُومُ عَامَّةَ السَّنَةِ، وَكَانَ كَرِيمًا جَوَادًا لَا يَدَّخِرُ شَيْئًا، وَيَتَصَدَّقُ عَلَى الْأَرَامِلِ وَالْأَيْتَامِ حَيْثُ لَا يَرَاهُ أَحَدٌ وَكَانَ يُرَقِّعُ ثَوْبَهُ، وَيُؤْثِرُ بِثَمَنِ الْجَدِيدِ، وَكَانَ قَدْ ضَعُفَ بَصَرُهُ مِنْ كَثْرَةِ الْمُطَالَعَةِ وَالْبُكَاءِ، وَكَانَ أَوْحَدَ زَمَانِهِ فِي عِلْمِ الْحَدِيثِ وَالْحِفْظِ. قُلْتُ: وَقَدْ هَذَّبَ شَيْخُنَا الْحَافِظُ أَبُو الْحَجَّاجِ الْمِزِّيُّ - تَغَمَّدَهُ اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ - كِتَابَهُ " الْكَمَالَ فِي أَسْمَاءِ الرِّجَالِ " - رِجَالِ الْكُتُبِ السِّتَّةِ - بِتَهْذِيبِهِ الَّذِي اسْتَدْرَكَ عَلَيْهِ فِيهِ أَمَاكِنَ كَثِيرَةً، نَحْوًا مِنْ أَلْفِ مَوْضِعٍ ; وَذَلِكَ أَنَّهُ الْإِمَامُ الْمِزِّيُّ الَّذِي لَا يُبَارَى وَلَا يُجَارَى وَلَا يُمَارَى، وَكِتَابُهُ " التَّهْذِيبُ " لَمْ يُسْبَقْ إِلَى مِثْلِهِ، وَلَا يُلْحَقْ فِي مِثْلِ شَكْلِهِ، فَرَحِمَ اللَّهُ صَاحِبَيِ " التَّهْذِيبِ " وَ " الْكَمَالِ " فَلَقَدْ
পৃষ্ঠা - ১০৬৬১
كَانَا نَادِرَيْنِ فِي زَمَانَيْهِمَا فِي الرِّجَالِ حِفْظًا وَإِتْقَانًا وَسَمَاعًا وَإِسْمَاعًا وَسَرْدًا لِلْمُتُونِ وَأَسْمَاءِ الرِّجَالِ. قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: وَفِيهَا تُوُفِّيَ أَبُو الْفُتُوحِ أَسْعَدُ بْنُ مَحْمُودٍ الْعِجْلِيُّ صَاحِبُ " تَتِمَّةِ التَّتِمَّةِ " أَسْعَدُ بْنُ أَبِي الْفَضْلِ بْنِ مَحْمُودِ بْنِ خَلَفٍ الْعِجْلِيُّ، الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ الْأَصْبِهَانِيُّ، الْوَاعِظُ مُنْتَخَبُ الدِّينِ، سَمِعَ الْحَدِيثَ وَتَفَقَّهَ وَبَرَعَ وَصَنَّفَ " تَتِمَّةَ التَّتِمَّةِ " لِأَبِي سَعْدٍ الْهَرَوِيِّ، وَكَانَ زَاهِدًا عَابِدًا وَلَهُ " شَرْحُ مُشْكِلَاتِ الْوَسِيطِ وَالْوَجِيزِ " قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: تُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ سِتِّمِائَةٍ. الْبُنَانِيُّ الشَّاعِرُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُهَنَّا، الشَّاعِرُ الْمَعْرُوفُ بِالْبُنَانِيِّ، مَدَحَ الْخُلَفَاءَ وَالْوُزَرَاءَ وَالْأُمَرَاءَ وَغَيْرَهُمْ، وَكَبُرَ وَعَلَتْ سِنُّهُ، وَكَانَ رَقِيقَ الشِّعْرِ لِطَيْفَهُ، فَمِنْ قَوْلِهِ: ظُلْمًا تَرَى مُغْرَمًا فِي الْحُبِّ تَزْجُرُهُ ... وَغِرَّةً بِالْهَوَى أَمْسَيْتَ تُنْكِرُهُ يَا عَاذِلَ الصَّبِّ لَوْ عَاتَبْتَ قَاتِلَهُ ... بِوَجَنْةٍ وَعِذَارٍ كُنْتَ تَعْذُرُهُ أَفْدِي الَّذِي سِحْرُ عَيْنَيْهِ يُعَلِّمُنِي ... إِذَا تَصَدَّى لِقَتْلِي كَيْفَ أَسْحَرُهُ
পৃষ্ঠা - ১০৬৬২
يَسْتَمْتِعُ اللَّيْلَ فِي نَوْمٍ وَأَسْهَرُهُ إِلَى الصَّبَاحِ وَيَنْسَانِي وَأَذْكُرُهُ وَلَهُ أَيْضًا: بَكَرَتْ تُدِيرُ عَلَى الْعَوَازِلْ ... وَتَجُرُّ ذَيْلًا فِي الْخَمَائِلْ وَتَهُزُّ فِي ثَنْيِ الْغَلَا ... ئِلِ رَدْفَهَا هَزَّ الذَّوَابِلْ وَتَقُولُ لِلْغُصْنِ الرَّطِي ... بِ إِذَا تَمَاثَلَ أَوْ تَمَايَلَ بَيْضَاءُ صَبْغَةُ خَدِّهَا ... تَنْمَى وَصَبْغُ الْوَرْدِ حَائِلْ شَهْدُ الْحَيَاةِ وُصَالُهَا ... وَصُدُورُهَا سُمُّ الْقَوَاتِلْ أَبُو سَعِيدٍ الْحَسَنُ بْنُ خَالِدِ بْنِ الْمُبَارَكِ بْنِ مَحْضَرٍ النَّصْرَانِيُّ الْمَارَدِينِيُّ، الْمُلَقَّبُ بِالْوَحِيدِ. اشْتَغَلَ فِي حَدَاثَتِهِ بِعِلْمِ الْأَوَائِلِ فَأَتْقَنَهُ وَبَرَزَ فِيهِ، وَكَانَتْ لَهُ يَدٌ طُولَى فِي الشِّعْرِ الرَّائِقِ، فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ؛ قَاتَلَهُ اللَّهُ: أَتَانِي كِتَابٌ أَنْشَأَتْهُ أَنَامِلٌ ... حَوَتْ أَبْحُرًا مِنْ فَيْضِهَا يَغْرَقُ الْبَحْرُ فَوَا عَجَبًا أَنَّى الْتَوَتْ فَوْقَ طِرْسِهِ ... وَمَا عُوِّدَتْ بِالْقَبْضِ أُنَمُلُهُ الْعَشْرُ وَلَهُ أَيْضًا؛ لَعَنَهُ اللَّهُ: لَقَدْ أَثَّرَتْ صُدْغَاهُ فِي لَوْنِ خَدِّهِ ... وَلَاحَ كَفَيْءٍ مِنْ وَرَاءِ زُجَاجِ تَرَى عَسْكَرًا لِلرُّومِ فِي الزِّنْجِ قَدْ بَدَتْ ... طَلَائِعُهُ تَسْعَى لِيَوْمِ هِيَاجِ أَمِ الصُّبْحُ بِاللَّيْلِ الْبَهِيمِ مُوَشَّحٌ ... حَكَى آبِنُوسًا فِي صَفِيحَةِ عَاجِ
পৃষ্ঠা - ১০৬৬৩
لَقَدْ غَارَ صُدْغَاهُ عَلَى وَرْدِ خَدِّهِ ... فَسَيَّجَهُ مِنْ شِعْرِهِ بِسِيَاجِ الطَّاوُسِيُّ صَاحِبُ الطَّرِيقَةِ. الْعِرَاقِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعِرَاقِيِّ رُكْنُ الدِّينِ أَبُو الْفَضْلِ الْقَزْوِينِيُّ، ثُمَّ الْهَمَذَانِيُّ، الْمَعْرُوفُ بِالطَّاوُسِيِّ، كَانَ بَارِعًا فِي عِلْمِ الْخِلَافِ وَالْجَدَلِ وَالْمُنَاظَرَةِ، أَخَذَ هَذَا الشَّأْنَ عَنِ الشَّيْخِ رَضِيِّ الدِّينِ النَّيْسَابُورِيِّ الْحَنَفِيِّ، وَصَنَّفَ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَ تَعَالِيقَ، قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ أَحْسَنَهُنَّ الْوُسْطَى. وَكَانَتْ إِلَيْهِ الرِّحْلَةُ بِهَمَذَانَ، وَقَدْ بَنَى لَهُ بَعْضُ الْأُمَرَاءِ الْحَجَبَةِ بِهَا مَدْرَسَةً تُعْرَفُ بِالْحَاجِبِيَّةِ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ مَنْسُوبٌ إِلَى طَاوُسِ بْنِ كَيْسَانَ التَّابِعِيِّ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
পৃষ্ঠা - ১০৬৬৪
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَسِتِّمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا عَزَلَ الْخَلِيفَةُ وَلَدَهُ مُحَمَّدًا الْمُلَقَّبَ بِالظَّاهِرِ عَنْ وِلَايَةِ الْعَهْدِ بَعْدَمَا خَطَبَ لَهُ بِذَلِكَ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَوَلَّى الْعَهْدَ وَلَدَهُ الْآخَرَ عَلِيًّا، فَمَاتَ عَلِيٌّ عَنْ قَرِيبٍ، فَعَادَ الْأَمْرُ إِلَى الظَّاهِرِ، فَبُويِعَ لَهُ بِالْخِلَافَةِ بَعْدَ أَبِيهِ النَّاصِرِ، كَمَا سَيَأْتِي فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ. وَفِيهَا وَقَعَ حَرِيقٌ عَظِيمٌ بِدَارِ الْخِلَافَةِ فِي خَزَائِنِ السِّلَاحِ، فَاحْتَرَقَ شَيْءٌ كَثِيرٌ مِنَ السِّلَاحِ وَالْمُتْعَةِ وَالْمَسَاكِنِ مَا يُقَارِبُ قِيمَتُهُ أَرْبَعَةَ آلَافِ أَلْفِ دِينَارٍ، وَشَاعَ خَبَرُ هَذَا الْحَرِيقِ فِي النَّاسِ، فَأَرْسَلَتِ الْمُلُوكُ مِنْ سَائِرِ الْأَقْطَارِ هَدَايَا ; أَسْلِحَةً إِلَى الْخَلِيفَةِ عِوَضًا مِمَّا فَاتَ شَيْئًا كَثِيرًا؛ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. وَفِيهَا عَاثَتِ الْكُرْجُ بِبِلَادِ الْمُسْلِمِينَ فَقَتَلُوا خَلْقًا، وَأَسَرُوا أُمَمًا. وَفِيهَا وَقَعَتِ الْحَرْبُ بَيْنَ أَمِيرِ مَكَّةَ قَتَادَةَ الْحَسَنِيِّ، وَبَيْنَ أَمِيرِ الْمَدِينَةِ سَالِمِ بْنِ قَاسِمٍ الْحُسَيْنِيِّ، وَكَانَ قَتَادَةُ قَدْ قَصَدَ الْمَدِينَةَ فَحَصَرَ سَالِمًا فِيهَا، فَرَكِبَ إِلَيْهِ سَالِمٌ بَعْدَمَا صَلَّى عِنْدَ الْحُجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ وَاسْتَنْصَرَ اللَّهَ عَلَيْهِ عَلَى قَتَادَةَ، ثُمَّ بَرَزَ إِلَيْهِ فَكَسَرَهُ، وَسَاقَ وَرَاءَهُ إِلَى مَكَّةَ فَحَصَرَهُ بِهَا، ثُمَّ أَرْسَلَ قَتَادَةُ إِلَى أُمَرَاءِ سَالِمٍ فَأَفْسَدَهُمْ عَلَيْهِ، وَكْرَّ سَالِمٌ رَاجِعًا إِلَى الْمَدِينَةِ وَهُوَ سَالِمٌ.
পৃষ্ঠা - ১০৬৬৫
وَفِيهَا مَلَكَ غِيَاثُ الدِّينِ كَيْخَسْرُو بْنُ قِلْجَ أَرْسَلَانَ بْنِ مَسْعُودِ بْنِ قِلْجَ أَرْسَلَانَ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ قُتُلْمِشَ بِلَادَ الرُّومِ وَاسْتَلَبَهَا مِنَ ابْنِ أَخِيهِ، وَاسْتَقَرَّ هُوَ بِهَا، وَعَظُمَ شَأْنُهُ وَقَوِيَتْ شَوْكَتُهُ، وَكَثُرَتْ عَسَاكِرُهُ وَأَطَاعَهُ الْأُمَرَاءُ وَأَصْحَابُ الْأَطْرَافِ، وَخَطَبَ لَهُ الْأَفْضَلُ بْنُ صَلَاحِ الدِّينِ بِسُمَيْسَاطَ، وَسَارَ إِلَى خِدْمَتِهِ. وَاتَّفَقَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَنَّ رَجُلًا بِبَغْدَادَ نَزَلَ إِلَى دِجْلَةَ يَسْبَحُ فِيهَا، وَأَعْطَى ثِيَابَهُ لِغُلَامِهِ فَغَرِقَ فِي الْمَاءِ، فَوُجِدَ فِي وَرَقَةٍ بِعِمَامَتِهِ هَذِهِ الْأَبْيَاتُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ كَانَ لِي أَمَلُ ... قَصَّرَ بِي عَنْ بُلُوغِهِ الْأَجَلُ فَلَيْتِّقِ اللَّهَ رَبَّهُ رَجُلٌ ... أَمْكَنَهُ فِي زَمَانِهِ الْعَمَلُ مَا أَنَا وَحْدِي نُقِلْتُ حَيْثُ تَرَى ... كُلٌّ إِلَى مِثْلِهِ سَيَنْتَقِلُ [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْمَشَاهِيرِ وَالْأَعْيَانِ: أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَنْتَرَ بْنِ ثَابِتٍ الْحِلِّيُّ الْمَعْرُوفُ بِشُمَيْمٍ، كَانَ شَيْخًا أَدِيبًا فَاضِلًا لُغَوِيًّا شَاعِرًا، جَمَعَ مِنْ شِعْرِهِ حَمَاسَةً كَانَ يُفَضِّلُهَا عَلَى حَمَاسَةِ أَبِي تَمَّامٍ، وَلَهُ خَمْرِيَّاتٌ يَزْعُمُ أَنَّهَا أَفَحَلُ مِنَ الَّتِي لِأَبِي نُوَاسٍ. قَالَ أَبُو شَامَةَ فِي " الذَّيْلِ ": كَانَ قَلِيلَ الدِّينِ ذَا حَمَاقَةٍ وَرَقَاعَةٍ وَخَلَاعَةٍ، وَلَهُ حَمَاسَةٌ وَرَسَائِلُ. قَالَ ابْنُ السَّاعِي: قَدِمَ بَغْدَادَ فَأَخَذَ النَّحْوَ عَنِ ابْنِ الْخَشَّابِ، وَحَصَّلَ
পৃষ্ঠা - ১০৬৬৬
طَرَفًا صَالِحًا مِنَ النَّحْوِ وَاللُّغَةِ وَأَشْعَارِ الْعَرَبِ، ثُمَّ أَقَامَ بِالْمَوْصِلِ حَتَّى تُوفِّيَ بِهَا. وَمِنْ شِعْرِهِ فِي حَمَاسَتِهِ: لَا تَسْرَحَنَّ الطَّرْفَ فِي بَقَرِ الْمَهَا ... فَمَصَارِعُ الْآجَالِ فِي الْآجَالِ كَمْ نَظْرَةٍ أَرْدَتْ وَمَا أَخَذَتْ يَ ... دُ الْمُصْمِي لِمَنْ قَتَلَتْ أَدَاةَ قِتَالِ سَنَحَتْ وَمَا سَمَحَتْ بِتَسْلِيمٍ وَ ... إِقْلَالُ التَّحِيَّةِ فِعْلَةُ الْمُغْتَالِ وَمِنْ خَمْرِيَّاتِهِ قَوْلُهُ: امْزُجْ بِمَسْبُوكِ اللُّجَيْنِ دَمًا ... حَكَتْهُ دُمُوعُ عَيْنِي لَمَّا نَعَى نَاعِي الْفِرَا ... قِ بِبَيْنِ مَنْ أَهْوَى وَبَيْنِي خَفَقَتْ لَنَا شَمْسَانِ مِنْ لَأْلَائِهَا ... فِي الْخَافِقَيْنِ وَبَدَتْ لَنَا فِي كَأْسِهَا ... مِنْ لَوْنِهَا فِي حُلَّتَيْنِ وَلَهُ فِي التَّجْنِيسِ: لَيْتَ مَنْ طَوَّلَ بِالشَّأْ ... مِ نَوَاهُ وَثَوَى بِهْ
পৃষ্ঠা - ১০৬৬৭
جَعَلَ الْعَوْدَ إِلَى الزَّوْ رَاءِ مِنْ بَعْضِ ثَوَابِهْ ... أَتُرَى يُوطِئُنِي الدَّهْ رُ ثَرَى مِسْكِ تُرَابِهْ ... وَأَرَى أَيْ نُورَ عَيْنِي مَوْطِئًا لِي وَتُرَى بِهْ أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدِ اللَّهِ بْنِ نَصْرِ بْنِ سَعِيدٍ الدَّجَاجِيُّ، كَانَ وَاعِظًا حَنْبَلِيًّا فَاضِلًا شَاعِرًا مُجِيدًا، وَلَهُ: نَفْسُ الْفَتَى إِنْ أَصْلَحْتَ أَحْوَالَهَا ... كَانَ إِلَى نَيْلِ الْمُنَى أَحْوَى لَهَا وَإِنْ تَرَاهَا سَدَّدَتْ أَقْوَالَهَا ... كَانَ عَلَى حَمْلِ الْعُلَا أَقْوَى لَهَا فَإِنْ تَبَدَّتْ حَالُ مَنْ لَهَا لَهَا ... فِي قَبْرِهِ عِنْدَ الْبِلَى لَهَا لَهَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مَسْعُودِ بْنِ مُحَمَّدِ الْقُرْطُبِيُّ الْخَزْرَجِيُّ كَانَ إِمَامًا فِي التَّفْسِيرِ وَالْفِقْهِ وَالْحِسَابِ وَالْفَرَائِضِ وَالنَّحْوِ وَاللُّغَةِ وَالْعَرُوضِ وَالطِّبِّ، وَلَهُ تَصَانِيفُ حِسَانٌ وَشِعْرٌ رَائِقٌ، مِنْهُ قَوْلُهُ: وَفِي الْوَجَنَاتِ مَا فِي الرَّوْضِ لَكِنْ ... لِرَوْنَقِ زَهْرِهَا مَعْنًى عَجِيبُ وَأَعْجَبُ مَا التَّعَجُّبُ عَنْهُ أَنِّي ... أَرَى الْبُسْتَانَ يَحْمِلُهُ قَضِيبُ أَبُو الْفِدَاءِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَرَنْقُشَ السِّنْجَارِيُّ مَوْلَى صَاحِبِهَا عِمَادِ الدِّينِ زَنْكِيِّ بْنِ مَوْدُودِ بْنِ زَنْكِيٍّ، وَكَانَ جُنْدِيًّا حَسَنَ الصُّورَةِ، مَلِيحَ النَّظْمِ، كَثِيرَ
পৃষ্ঠা - ১০৬৬৮
الْأَدَبِ، وَمِنْ شِعْرِهِ مَا كُتِبَ بِهِ إِلَى الْمَلِكِ الْأَشْرَفِ مُوسَى بْنِ الْعَادِلِ يُعَزِّيهِ فِي أَخٍ لَهُ اسْمُهُ يُوسُفُ: دُمُوعُ الْمَعَالِي وَالْمَكَارِمِ ذُرَّفُ ... وَرُبْعُ الْعُلَا قَاعٌ لِفَقْدِكَ صَفْصَفُ غَدَا الْجُودُ وَالْمَعْرُوفُ فِي اللَّحْدِ ثَاوِيًا ... غَدَاةَ ثَوَى فِي ذَلِكَ اللَّحْدِ يُوسُفُ فَتًى خَطَفَتْ كَفُّ الْمَنِيَّةِ رُوحَهُ ... وَقَدْ كَانَ لِلْأَرْوَاحِ بِالْبِيضِ يُخْطَفُ سَقَتْهُ لَيَالِي الدَّهْرِ كَأْسَ حِمَامِهَا ... وَكَانَ بِسَقْيِ الْمَوْتِ فِي الْحَرْبِ يُعْرَفُ فَوَا حَسْرَتَا لَوْ يَنْفَعُ الْمَوْتَ حَسْرَةٌ ... وَوَا أَسَفَا لَوْ كَانَ يُجْدِي التَّأَسُّفُ وَكَانَ عَلَى الْأَرْزَاءِ نَفْسِي قَوِيَّةً ... وَلَكِنَّهَا عَنْ حَمْلِ ذَا الرُّزْءِ تَضْعُفُ أَبُو الْفَضْلِ بْنُ إِلْيَاسَ بْنِ جَامِعِ بْنِ عَلِيٍّ الْإِرْبِلِيُّ تَفَقَّهَ بِالنِّظَامِيَّةِ وَسَمِعَ الْحَدِيثَ وَصَنَّفَ " التَّارِيخَ " وَغَيْرَهُ، وَتَفَرَّدَ بِحُسْنِ كِتَابَةِ الشُّرُوطِ، وَلَهُ فَضْلٌ وَنَظْمٌ حَسَنٌ، مِنْهُ قَوْلُهُ: أَمُمْرِضَ قَلْبِي، مَا لِهَجْرِكَ آخِرُ ... وَمُسْهِرَ طَرْفِي، هَلْ خَيَالُكُ زَائِرُ وَمُسْتَعْذِبَ التَّعْذِيبِ جَوْرًا بِصَدِّهِ ... أَمَا لَكَ فِي شَرْعِ الْمَحْبَةِ زَاجِرُ هَنِيئًا لَكَ الْقَلْبُ الَّذِي قَدْ وَقَفْتُهُ ... عَلَى ذِكْرِ أَيْامِي وَأَنْتَ مُسَافِرُ فَلَا فَارَقَ الْحُزْنُ الْمُبَرِّحُ خَاطِرِي ... لِبُعْدِكَ حَتَّى يَجْمَعَ الشَّمْلَ قَادِرُ فَإِنْ مِتُّ فَالتَّسْلِيمُ مِنِّي عَلَيْكُمْ ... يُعَاوِدُكُمْ مَا كَبَّرَ اللَّهَ ذَاكِرُ أَبُو السَّعَادَاتِ الْحِلِّيُّ التَّاجِرُ الْبَغْدَادِيُّ الرَّافِضِيُّ كَانَ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ
পৃষ্ঠা - ১০৬৬৯
يَلْبَسُ لِأْمَةَ الْحَرْبِ، وَيَقِفُ خَلْفَ بَابِ دَارِهِ، وَهُوَ مُجَافٍ عَلَيْهِ، وَالنَّاسِ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ، وَهُوَ يَنْتَظِرُ أَنْ يُخْرِجَ صَاحِبُ الزَّمَانِ مِنْ سِرْدَابِ سَامَرَّا - يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ الْعَسْكَرِيَّ - لِيَمِيلَ بِسَيْفِهِ فِي النَّاسِ نُصْرَةً لِلْمَهْدِيِّ. أَبُو غَالِبِ بْنُ كَمُونَةَ الْيَهُودِيُّ الْكَاتِبُ كَانَ يَزُورُ عَلَى خَطِّ ابْنِ مُقْلَةَ مِنْ قُوَّةِ خَطِّهِ، تُوفِّيَ - لَعَنَهُ اللَّهُ - بِمَطْمُورَةِ وَاسِطٍ ; ذَكَرَهُ ابْنُ السَّاعِي فِي " تَارِيخِهِ ". وَفِيهَا تُوُفِّيَ يَهُودِيٌّ آخَرُ يُقَالُ لَهُ: أَبُو غَالِبِ بْنُ أَبِي طَاهِرِ بْنِ شِبْرٍ كَانَ عَامِلًا عَلَى دَارِ الضَّرْبِ بِبَغْدَادَ، ذَكَرَهُ ابْنُ السَّاعِي الْخَازِنُ فِي " تَارِيخِهِ ".
পৃষ্ঠা - ১০৬৭০
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثِنْتَيْنِ وَسِتِّمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا وَقَعَتْ حَرْبٌ عَظِيمَةٌ بَيْنَ الْمَلِكِ شِهَابِ الدِّينِ مُحَمَّدِ بْنِ سَامٍ الْغُورِيِّ، صَاحِبِ غَزْنَةَ وَبَيْنَ بَنِي كَوْكَرَ أَصْحَابِ الْجَبَلِ الْجُودِيِّ، وَكَانُوا قَدِ ارْتَدُّوا عَنِ الْإِسْلَامِ، فَقَاتَلَهُمْ وَكَسَرَهُمْ، وَغَنِمَ مِنْهُمْ شَيْئًا كَثِيرًا لَا يُحَدُّ وَلَا يُوصَفُ، فَاتَّبَعَهُ بَعْضُهُمْ حَتَّى قَتَلَهُ غِيلَةً فِي لَيْلَةِ مُسْتَهَلِّ شَعْبَانَ مِنْهَا بَعْدَ الْعِشَاءِ، رَحِمَهُ اللَّهُ، وَكَانَ مِنْ أَجْوَدِ الْمُلُوكِ سِيرَةً وَأَعْقَلِهِمْ وَأَثْبَتِهِمْ فِي الْحَرْبِ، تَغَمَدَهُ اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ، وَلَمَّا قُتِلَ كَانَ فِي صُحْبَتِهِ فَخْرُ الدِّينِ الرَّازِيُّ وَكَانَ يَجْلِسُ لِلْوَعْظِ فَيَحْضُرُ الْمَلِكُ وَعْظَهُ، وَيَبْكِي حِينَ يَقُولُ لَهُ فِي آخِرِ مَجْلِسِهِ: يَا سُلْطَانُ، سُلْطَانُكَ لَا يَبْقَى، وَلَا تَلْبِيسُ الرَّازِيِّ أَيْضًا، وَإِنَّ مَرَدَّنَا جَمِيعًا إِلَى اللَّهِ، وَحِينَ قُتِلَ السُّلْطَانُ اتَّهَمَهُ الْخَاصِّكِيَّةُ بِقَتْلِهِ، فَخَافَ مِنْ ذَلِكَ وَالْتَجَأَ إِلَى الْوَزِيرِ مُؤَيِّدِ الْمُلْكِ بْنِ خَوَاجَا، فَسَيَّرَهُ إِلَى حَيْثُ يَأْمَنُ، وَتَمَلَّكَ غَزْنَةَ بَعْدَهُ أَحَدُ مَمَالِيكِهِ تَاجُ الدِّينِ الدُّزُّ، وَجَرَتْ بَعْدَ ذَلِكَ خُطُوبٌ يَطُولُ بَسْطُهَا، قَدِ اسْتَقْصَاهَا ابْنُ الْأَثِيرِ وَابْنُ السَّاعِي. وَفِيهَا أَغَارَتِ الْكُرْجُ عَلَى بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ، فَوَصَلُوا إِلَى خِلَاطَ فَقَتَلُوا وَسَبَوْا،
পৃষ্ঠা - ১০৬৭১
وَقَاتَلَهُمُ الْمُقَاتِلَةُ وَالْعَامَّةُ، وَفِيهَا سَارَ صَاحِبُ إِرْبِلَ مُظَفَّرُ الدِّينِ كُوكُبُورِي وَصَحِبَهُ صَاحِبُ مَرَاغَةَ لِقِتَالِ مَلِكَ أَذْرَبِيجَانَ وَهُوَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْبَهْلَوَانِ ; وَذَلِكَ لِنُكُولِهِ عَنْ قِتَالِ الْكُرْجِ، وَإِقْبَالِهِ عَلَى السُّكْرِ لَيْلًا وَنَهَارًا، فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ، ثُمَّ إِنَّهُ تَزَوَّجَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ بِنْتَ مَلِكِ الْكُرْجِ، فَانْكَفَّ شَرُّهُمْ عَنْهُ، قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: وَكَانَ كَمَا يُقَالُ: أَغْمَدَ سَيْفَهُ وَسَلَّ أَيْرَهُ. وَفِيهَا اسْتَوْزَرَ الْخَلِيفَةُ نَصِيرَ الدِّينِ نَاصِرَ بْنَ مَهْدِيٍّ الْعَلَوِيَّ الْحَسَنِيَّ، وَخَلَعَ عَلَيْهِ بِالْوِزَارَةِ وَضُرِبَتِ الطُّبُولُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَعَلَى بَابِهِ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ. وَفِيهَا أَغَارَ صَاحِبُ بِلَادِ الْأَرْمَنِ وَهُوَ ابْنُ لَاوُنَ عَلَى بِلَادِ حَلَبَ فَقَتَلَ وَسَبَى وَنَهَبَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ الْمَلِكُ الظَّاهِرُ غَازِيُّ بْنُ النَّاصِرِ، فَهَرَبَ ابْنُ لَاوُنَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَهَدَمَ الظَّاهِرُ قَلْعَةً كَانَ قَدْ بَنَاهَا، وَدَكَّهَا إِلَى الْأَرْضِ. وَفِي شَعْبَانَ مِنْهَا هُدِمَتِ الْقَنْطَرَةُ الرُّومَانِيَّةُ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَ الْبَابِ الشَّرْقِيِّ وَنُشِرَتْ حِجَارَتُهَا لِيُبَلَّطَ بِهَا الْجَامِعُ الْأُمَوِيُّ بِسِفَارَةِ الْوَزِيرِ صَفِيِّ الدِّينِ بْنِ شُكْرٍ، وَزِيرِ الْعَادِلِ، وَكَمَلَ تَبْلِيطُهُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّمِائَةٍ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: شَرَفُ الدِّينِ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، جَمَالُ الْإِسْلَامِ
পৃষ্ঠা - ১০৬৭২
الشَّهْرَزُورِيُّ بِمَدِينَةِ حِمْصَ وَقَدْ كَانَ أُخْرِجَ إِلَيْهَا مِنْ دِمَشْقَ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ مُدَرِّسًا بِالْأَمِينِيَّةِ وَالْحَلْقَةِ بِالْجَامِعِ تُجَاهَ الْبَرَّادَةِ، وَكَانَ لَدَيْهِ عِلْمٌ جَيِّدٌ بِالْمَذْهَبِ وَالْخِلَافِ. التَّقِيُّ عِيسَى بْنُ يُوسُفَ بْنِ أَحْمَدَ الْعِرَاقِيُّ الْغَرَّافِيُّ الضَّرِيرُ. مُدَرِّسُ الْأَمِينِيَّةِ أَيْضًا، كَانَ يَسْكُنُ الْمَنَارَةَ الْغَرْبِيَّةِ، وَكَانَ عِنْدَهُ شَابٌّ يَخْدُمُهُ وَيَقُودُ بِهِ، فَعُدِمَ لِلشَّيْخِ دَرَاهِمُ فَاتَّهَمَ هَذَا الشَّابَّ بِهَا، فَلَمْ يَثْبُتْ لَهُ عِنْدَهُ شَيْءٌ، وَاتُّهِمَ بِهِ الشَّيْخُ، وَلَمْ يَكُنْ يَظُنُّ النَّاسُ أَنَّ عِنْدَهُ مِنَ الْمَالِ شَيْءٌ فَضَاعَ الْمَالُ، وَاتُّهِمَ عِرْضُهُ فَأَصْبَحَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ السَّابِعِ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ مَشْنُوقًا بِبَيْتِهِ بِالْمِئْذَنَةِ الْغَرْبِيَّةِ، فَامْتَنَعَ النَّاسُ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ ; لِكَوْنِهِ قَتَلَ نَفْسَهُ، فَتَقَدَّمَ الشَّيْخُ فَخْرُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَسَاكِرَ فَصَلَّى عَلَيْهِ، فَائْتَمَّ بِهِ بَعْضُ النَّاسِ. قَالَ أَبُو شَامَةَ: وَإِنَّمَا حَمَلَهُ عَلَى مَا فَعَلَهُ ذَهَابُ مَالِهِ وَالْوُقُوعُ فِي عِرْضِهِ. قَالَ: وَقَدْ جَرَى لِي أُخْتُ هَذِهِ الْقَضِيَّةِ فَعَصَمَنِي اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِفَضْلِهِ. قَالَ: وَقَدْ دَرَّسَ بَعْدَهُ فِي الْأَمِينِيَّةِ الْجَمَالُ الْمِصْرِيُّ وَكِيلُ بَيْتُ الْمَالِ. أَبُو الْغَنَائِمِ الرَّكْبَسَلَّارُ الْبَغْدَادِيُّ كَانَ يَخْدُمُ مَعَ عِزِّ الدِّينِ نَجَاحٍ
পৃষ্ঠা - ১০৬৭৩
الشَّرَابِيِّ، وَحَصَّلَ أَمْوَالًا جَزِيلَةً، كَانَ كُلَّمَا تَهَيَّأَ لَهُ مَالٌ اشْتَرَى بِهِ مِلْكًا، وَكَتَبَهُ بِاسْمِ صَاحِبٍ لَهُ يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ أَوْصَى ذَلِكَ الرَّجُلُ أَنْ يَتَوَلَّى أَوْلَادَهُ، وَيُنْفِقَ عَلَيْهِمْ مِنْ مِيرَاثِهِ مِمَّا تَرَكَهُ لَهُمْ، فَمَرِضَ الْمُوصَى إِلَيْهِ بَعْدَ قَلِيلٍ، فَاسْتَدْعَى الشُّهُودَ ; لِيُشْهِدَهُمْ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّ مَا فِي يَدِهِ لِوَرَثَةِ أَبِي الْغَنَائِمِ فَتَمَادَى وَرَثَتُهُ فِي إِحْضَارِ الشُّهُودِ، وَطَوَّلُوا عَلَيْهِ، وَأَخَذَتْهُ سَكْتَةٌ، فَمَاتَ فَاسْتَوْلَى وَرَثَتُهُ عَلَى تِلْكَ الْأَمْوَالِ وَالْأَمْلَاكِ، وَلَمْ يُعْطُوا أُولَئِكَ شَيْئًا مِمَّا تَرَكَهُ أَبُوهُمْ لَهُمْ. أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَلِيِّ بْنِ سَعَادَةَ الْفَارِقِيُّ تَفَقَّهَ بِبَغْدَادَ، وَأَعَادَ بِالنِّظَامِيَّةِ وَنَابَ فِي تَدْرِيسِهَا، وَاسْتَقَلَّ بِتَدْرِيسِ الْمَدْرَسَةِ الَّتِي أَنْشَأَتْهَا أَمُّ الْخَلِيفَةِ وَأُرِيدَ عَلَى نِيَابَةِ الْقَضَاءِ عَنْ أَبِي طَالِبٍ عَلِيِّ بْنِ عَلِيٍّ الْبُخَارِيِّ، فَامْتَنَعَ، فَأُلْزِمَ بِهِ فَبَاشَرَهُ قَلِيلًا، ثُمَّ دَخَلَ يَوْمًا إِلَى مَسْجِدٍ فَلَبَسَ عَلَى رَأْسِهِ مِئْزَرَ صُوفٍ، وَأَمَرَ الْوُكَلَاءَ وَالْجَلَاوِذَةَ أَنْ يَنْصَرِفُوا عَنْهُ، وَأَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِعَزْلِهَا عَنْ نِيَابَةِ الْقَضَاءِ، وَاسْتَمَرَّ عَلَى الْإِعَادَةِ وَالتَّدْرِيسِ؛ رَحِمَهُ اللَّهُ. وَفِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ الْعِشْرِينَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ تُوُفِّيَتْ: الْخَاتُونُ أُمُّ السُّلْطَانِ الْمَلِكِ الْمُعَظَّمِ عِيسَى بْنِ الْعَادِلِ، فَدُفِنَتْ بِالْقُبَّةِ بِالْمَدْرَسَةِ الْمُعَظَّمِيَّةِ بِسَفْحِ قَاسِيُونَ.
পৃষ্ঠা - ১০৬৭৪
الْأَمِيرُ مُجِيرُ الدِّينِ طَاشْتِكِينُ الْمُسْتَنْجِدِيُّ أَمِيرُ الْحَاجِّ وَزَعِيمُ بِلَادِ خُوزِسْتَانَ، كَانَ شَيْخًا خَيِّرًا حَسَنَ السِّيرَةِ كَثِيرَ الْعِبَادَةِ، غَالِيًا فِي التَّشَيُّعِ، تُوفِّيَ بِتُسْتَرَ ثَانِي جُمَادَى الْآخِرَةِ مِنْ سَنَةِ ثِنْتَيْنِ وَسِتِّمِائَةٍ، وَحُمِلَ تَابُوتُهُ إِلَى الْكُوفَةِ فَدُفِنَ بِمَشْهِدِ عَلِيٍّ، بِوَصِيَّةٍ مِنْهُ، هَكَذَا تَرْجَمَهُ ابْنُ السَّاعِي فِي " تَارِيخِهِ "، وَذَكَرَ أَبُو شَامَةَ فِي " الذَّيْلِ " أَنَّهُ طَاشْتِكِينُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُقْتَفَوِيُّ أَمِيرُ الْحَاجِّ حَجَّ بِالنَّاسِ سِتًّا وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَكَانَ يَكُونُ فِي الْحِجَازِ كَأَنَّهُ مَلِكٌ، وَقَدْ رَمَاهُ الْوَزِيرُ ابْنُ يُونُسَ بِأَنَّهُ يُكَاتِبُ صَلَاحَ الدِّينِ فَحَبَسَهُ الْخَلِيفَةُ، ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ بُطْلَانُ مَا ذُكِرَ عَنْهُ فَأَطْلَقَهُ، وَأَعْطَاهُ خُوزِسْتَانَ ثُمَّ أَعَادَهُ إِلَى إِمْرَةِ الْحَجِّ، وَكَانَتِ الْحِلَّةُ السَّيْفِيَّةُ إِقْطَاعَهُ، وَكَانَ شُجَاعًا جَوَّادًا سَمْحًا، قَلِيلَ الْكَلَامِ، يَمْضِي عَلَيْهِ الْأُسْبُوعُ لَا يَتَكَلَّمُ فِيهِ بِكَلِمَةٍ، وَكَانَ فِيهِ حِلْمٌ وَاحْتِمَالٌ، اسْتَغَاثَ بِهِ رَجُلٌ عَلَى بَعْضِ نُوَّابِهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ الْمُسْتَغِيثُ: أَحِمَارٌ أَنْتَ؟ فَقَالَ: لَا. وَفِيهِ يَقُولُ ابْنُ التَّعَاوِيذِيِّ: وَأَمِيرٌ عَلَى الْبِلَادِ مُوَلًّى ... لَا يُجِيبُ الشَّاكِي بِغَيْرِ السُّكُوتِ كُلَّمَا زَادَ رِفْعَةً حَطَّنَا اللَّ ... هُ بِتَغْفِيلِهِ إِلَى الْبَهَمُوتِ