আল বিদায়া ওয়া আন্নিহায়া

পৃষ্ঠা - ১০৩১১
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا كَثُرَ فَسَادُ التُّرْكُمَانِ مِنْ أَصْحَابِ بُرْجُمَ الْإِيوَائِيِّ، فَجُهِّزَ إِلَيْهِمْ مَنْكُورُسُ الْمُسْتَرْشِدِيُّ فِي جَيْشٍ كَثِيفٍ، فَالْتَقَوْا مَعَهُمْ فَهَزَمَهُمْ أَقْبَحَ هَزِيمَةٍ، وَجَاءُوا بِالْأُسَارَى وَالرُّءُوسِ إِلَى بَغْدَادَ. وَفِيهَا كَانَتْ وَقْعَةٌ عَظِيمَةٌ بَيْنَ الْغُزِّ وَبَيْنَ الْمَلِكِ مَحْمُودٍ، فَكَسَرُوهُ وَقَتَلُوا مِنْ أَصْحَابِهِ وَغَيْرِهِمْ خَلْقًا كَثِيرًا وَنَهَبُوا الْبِلَادَ، وَأَقَامُوا بِمَرْوَ، ثُمَّ إِنَّهُمْ طَلَبُوهُ إِلَيْهِمْ فَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ، فَأَرْسَلَ وَلَدَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَأَكْرَمُوهُ، ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْهِمْ فَاجْتَمَعُوا عَلَيْهِ وَعَظَّمُوهُ. وَفِيهَا وَقَعَتْ فِتْنَةٌ كَبِيرَةٌ بِمَرْوَ بَيْنَ فَقِيهِ الشَّافِعِيَّةِ الْمُؤَيَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَبَيْنَ نَقِيبِ الْعَلَوِيِّينَ بِهَا أَبِي الْقَاسِمِ زَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ، فَقُتِلَ بَيْنَهُمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَاحْتَرَقَتِ الْمَسَاجِدُ وَالْمَدَارِسُ وَالْأَسْوَاقُ، وَانْهَزَمَ الْمُؤَيَّدُ الشَّافِعِيُّ إِلَى بَعْضِ الْقِلَاعِ. وَفِيهَا وُلِدَ النَّاصِرُ لِدِينِ اللَّهِ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ الْمُسْتَضِيءِ بِأَمْرِ اللَّهِ، وَفِيهَا خَرَجَ الْمُقْتَفِي نَحْوَ الْأَنْبَارِ مُتَصَيِّدًا وَعَبَرَ الْفُرَاتَ وَزَارَ الْحُسَيْنَ، وَمَضَى إِلَى وَاسِطٍ وَعَادَ إِلَى بَغْدَادَ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ الْوَزِيرُ. وَفِيهَا كَسَرَ جَيْشُ مِصْرَ الْفِرِنْجَ بِأَرْضِ عَسْقَلَانَ كَسْرَةً فَظِيعَةً صُحْبَةَ الْمَلِكِ
পৃষ্ঠা - ১০৩১২
الصَّالِحِ أَبِي الْغَارَاتِ، فَارِسِ الدِّينِ طَلَائِعِ بْنِ رُزِّيكَ وَامْتَدَحَهُ الشُّعَرَاءُ. وَفِيهَا قَدِمَ الْمَلِكُ نُورُ الدِّينِ مِنْ حَلَبَ إِلَى دِمَشْقَ وَقَدْ شُفِيَ مِنَ الْمَرَضِ فَفَرِحَ بِهِ الْمُسْلِمُونَ، وَخَرَجَ إِلَى قِتَالِ الْفِرِنْجِ، فَانْهَزَمَ جَيْشُهُ، فَبَقِيَ هُوَ وَشِرْذِمَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فِي لُجَّةِ الْعَدُوِّ، فَرَمَوْهُمْ بِالسِّهَامِ الْكَثِيرَةِ، ثُمَّ خَافُوا أَنْ يَكُونَ وُقُوفُهُ فِي هَذِهِ الشِّرْذِمَةِ الْقَلِيلَةِ، خَدِيعَةً لِمَجِيءِ كَمِينٍ إِلَيْهِمْ، فَفَرُّوا مُنْهَزِمِينَ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِيهَا قَايْمَازُ الْأُرْجُوَانِيُّ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: عَبْدُ الْأَوَّلِ بْنُ عِيسَى بْنِ شُعَيْبِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ، أَبُو الْوَقْتِ السِّجْزِيُّ الصُّوفِيُّ الْهَرَوِيُّ، رَاوِي " الْبُخَارِيِّ " وَ " مُسْنَدِ الدَّارِمِيِّ "، وَ " الْمُنْتَخِبِ مِنْ مُسْنَدِ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ "، قَدِمَ بَغْدَادَ فَسَمِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ هَذِهِ الْكُتُبَ، وَكَانَ مِنْ خِيَارِ الْمَشَايِخِ وَأَحْسَنِهِمْ سَمْتًا، وَأَصْبَرِهِمْ عَلَى قِرَاءَةِ الْحَدِيثِ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ التَّكْرِيتِيُّ الصُّوفِيُّ، قَالَ: أَسْنَدْتُهُ إِلَيَّ فَمَاتَ، فَكَانَ آخِرَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ قَالَ {يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ} [يس: 26] نَصْرُ بْنُ مَنْصُورِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ الْعَطَّارُ، أَبُو الْقَاسِمِ الْحَرَّانِيُّ، كَانَ كَثِيرَ الْمَالِ، يَعْمَلُ مِنْ صَدَقَاتِهِ الْمَعْرُوفَ الْكَثِيرَ مِنْ أَنْوَاعِ الْقُرُبَاتِ
পৃষ্ঠা - ১০৩১৩
الْحَسَنَةِ، وَيُكْثِرُ تِلَاوَةَ الْقُرْآنِ، وَيُحَافِظُ عَلَى الصَّلَوَاتِ فِي الْجَمَاعَةِ، وَرُوِيَتْ لَهُ مَنَامَاتٌ صَالِحَةٌ، وَقَارَبَ الثَّمَانِينَ. يَحْيَى بْنُ سَلَامَةَ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ، أَبُو الْفَضْلِ الشَّافِعِيُّ، الْحَصْكَفِيُّ ; نِسْبَةً إِلَى حِصْنِ كَيْفَا كَانَ إِمَامًا فِي عُلُومٍ كَثِيرَةٍ مِنَ الْفِقْهِ وَالْأَدَبِ، نَاظِمًا نَاثِرًا، غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ يُنْسَبُ إِلَى الْغُلُوِّ فِي التَّشَيُّعِ، وَقَدْ أَوْرَدَ لَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ قِطْعَةً مِنْ نَظْمِهِ، فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي جُمْلَةِ قَصِيدَةٍ لَهُ تَقَاسَمُوا يَوْمَ الْوَدَاعِ كَبِدِي ... فَلَيْسَ لِي مُنْذُ تَوَلَّوْا كَبِدُ عَلَى الْجُفُونِ رَحَلُوا وَفِي الْحَشَا ... تَقَيَّلُوا وَمَاءَ عَيْنِي وَرَدُوا فَأَدْمُعِي مَسْفُوحَةٌ وَكَبِدِي ... مَقْرُوحَةٌ وِغُلَّتُي لَا تَبْرُدُ وَصَبْوَتِي دَائِمُةٌ وَمُقْلَتِي ... دَامِيَةٌ وَنَوْمُهَا مُشَرَّدُ تَيَّمَنِي مِنْهُمْ غَزَالٌ أَغْيَدُ ... يَا حَبَّذَا ذَاكَ الْغَزَالُ الْأَغْيَدُ حُسَامُهُ مُجَرَّدٌ وَصَرْحُهُ ... مُمَرَّدٌ وَخَدُّهُ مُوَرَّدُ وَصُدْغُهُ فَوْقَ احْمِرَارِ خَدِّهِ ... مُبَلْبَلٌ مُعَقْرَبٌ مُجَعَّدُ كَأَنَّمَا نَكْهَتُهُ وَرِيقُهُ ... مِسْكٌ وَخَمْرٌ وَالثَّنَايَا بَرَدُ يُقْعِدُهُ عِنْدَ الْقِيَامِ رِدْفُهُ ... وَفِي الْحَشَا مِنْهُ الْمُقِيمُ الْمُقْعِدُ لَهُ قِوَامٌ كَقَضِيبِ بَانَةٍ ... يَهْتَزُّ قَصْدًا لَيْسَ فِيهِ أَوَدُ وَهِيَ طَوِيلَةٌ جِدًّا، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ هَذَا التَّغَزُّلِ إِلَى مَدْحِ أَهْلِ الْبَيْتِ وَالْأَئِمَّةِ
পৃষ্ঠা - ১০৩১৪
الِاثْنَيْ عَشْرَ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ، وَنَفَعَنَا بِهِمْ، حَيْثُ يَقُولُ: وَسَائِلِي عَنْ حُبِّ أَهْلِ الْبَيْتِ هَلْ ... أُقِرُّ إِعْلَانًا بِهِ أَمْ أَجْحَدُ هَيْهَاتَ مَمْزُوجٌ بِلَحْمِي وَدَمِي ... حُبُّهُمْ وَهْوَ الْهُدَى وَالرَّشَدُ حَيْدَرَةُ وَالْحَسَنَانِ بَعْدَهُ ... ثُمَّ عَلِيٌّ وَابْنُهُ مُحَمَّدُ وَجَعْفَرُ الصَّادِقُ وَابْنُ جَعْفَرٍ ... مُوسَى وَيَتْلُوهُ عَلِيُّ السَّيِّدُ أَعْنِي الرِّضَا ثُمَّ ابْنُهُ مُحَمَّدٌ ... ثُمَّ عَلِيٌّ وَابْنُهُ الْمُسَدَّدُ وَالْحَسَنُ التَّالِي وَيَتْلُو تِلْوَهُ ... مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمُفْتَقَدُ فَإِنَّهُمْ أَئِمَّتِي وَسَادَتِي ... وَإِنْ لَحَانِي مَعْشَرٌ وَفَنَّدُوا أَئِمَّةٌ أَكْرِمْ بِهِمْ أَئِمَّةً ... أَسْمَاؤُهُمْ مَسْرُودَةٌ تَطَّرِدُ هُمْ حُجَجُ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ ... وَهُمْ إِلَيْهِ مَنْهَجٌ وَمَقْصِدُ قَوْمٌ لَهُمْ فَضْلٌ وَمَجْدٌ بَاذِخٌ ... يَعْرِفُهُ الْمُشْرِكُ وَالْمُوَحِّدُ قَوْمٌ لَهُمْ فِي كُلِّ أَرْضٍ مَشْهَدُ ... لَا بَلْ لَهُمْ فِي كُلِّ قَلْبٍ مَشْهَدُ قَوْمٌ مِنًى وَالْمَشْعَرَانِ لَهُمْ ... وَالْمَرْوَتَانِ لَهُمْ وَالْمَسْجِدُ قَوْمٌ لَهُمْ مَكَّةُ وَالْأَبْطَحُ وَالْ ... خَيْفُ وَجَمْعٌ وَالْبَقِيعُ الْغَرْقَدُ ثُمَّ ذَكَرَ مَقْتَلَ الْحُسَيْنِ بِالطَّفِّ إِلَى أَنْ قَالَ: يَا أَهْلَ بَيْتِ الْمُصْطَفَى يَا عِدَّتِي ... وَمَنْ عَلَى حُبِّهِمْ أَعْتَمِدُ أَنْتُمْ إِلَى اللَّهِ غَدًا وَسِيْلَتِي ... وَكَيْفَ أَخْشَى وَبِكُمْ أَعْتَضِدُ وَلِيُّكُمْ فِي الْخُلْدِ حَيٌّ خَالِدُ ... وَالضِّدُّ فِي نَارٍ لَظًى مُخَلَّدُ
পৃষ্ঠা - ১০৩১৫
وَلَسْتُ أَهْوَاكُمْ بِبُغْضِ غَيْرِكُمْ ... إِنِّي إِذًا أَشْقَى بِكُمْ لَا أَسْعَدُ فَلَا يَظُنُّ رَافِضِيُّ أَنَّنِي ... وَافَقْتُهُ أَوْ خَارِجِيٌّ مُفْسِدُ مُحَمَّدٌ وَالْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ ... أَفْضَلُ خَلْقِ اللَّهِ فِيمَا أَجِدُ هُمْ أَسَّسُوا قَوَاعِدَ الدِّينِ لَنَا ... وَهُمْ بَنَوا أَرْكَانَهُ وَشَيَّدوُا وَمَنْ يَخُنْ أَحْمَدَ فِي أَصْحَابِهِ ... فَخَصْمُهُ يَوْمَ الْمَعَادِ أَحْمَدُ هَذَا اعْتِقَادِي فَالْزَمُوهُ تَفْلَحُوا ... هَذَا طَرِيقِي فَاسْلُكُوهُ تَهْتَدُوا وَالشَّافِعِيُّ مَذْهَبِي مَذْهَبُهُ ... لِأَنَّهُ فِي قَوْلِهِ مُؤَيَّدُ أَتْبَعُهُ فِي الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ مَعًا ... فَلْيَتَّبِعْنِي الطَّالِبُ الْمُسْتَرْشِدُ إِنِّي بِإِذْنِ اللَّهِ نَاجٍ سَابِقُ ... إِذَا وَنَى الظَّالِمُ وَالْمُقْتَصِدُ وَلَهُ أَيْضًا: إِذَا قَلَّ مَالِي لَمْ تَجِدْنِيَ ضَارِعًا ... كَثِيرَ الْأَسَى مُغْرًى بِعَضِّ الْأَنَامِلِ وَلَا بَطِرًا إِنْ جَدَّدَ اللَّهُ نِعْمَةً ... وَلَوْ أَنَّ مَا أُوتِي جَمِيعُ الْأَنَامِ لِي تُوُفِّيَ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ بِمَيَّافَارِقِينَ.
পৃষ্ঠা - ১০৩১৬
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا مَرِضَ الْخَلِيفَةُ الْمُقْتَفِي مَرَضًا شَدِيدًا، ثُمَّ عُوفِيَ مِنْهُ فَزُيِّنَتْ لَهُ بَغْدَادُ أَيَّامًا، وَتَصَدَّقَ بِصَدَقَاتٍ عَظِيمَةٍ كَثِيرَةٍ. وَفِيهَا اسْتَعَادَ عَبْدُ الْمُؤْمِنِ مَدِينَةَ الْمَهْدِيَّةِ مِنْ أَيْدِي الْفِرِنْجِ، وَقَدْ كَانُوا أَخَذُوهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ، وَقَاتَلَ خَلْقًا كَثِيرًا بِبِلَادِ الْمَغْرِبِ حَتَّى صَارَتْ عِظَامُ الْقَتْلَى هُنَاكَ كَالتَّلِّ الْعَظِيمِ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. وَفِي صَفَرٍ سَقَطَ بَرَدٌ بِالْعِرَاقِ كِبَارٌ، زِنَةُ الْبَرَدَةِ قَرِيبٌ مِنْ خَمْسَةِ أَرْطَالٍ، وَمِنْهَا مَا هُوَ تِسْعَةُ أَرْطَالٍ بِالْبَغْدَادِيِّ، فَهَلَكَ بِذَلِكَ شَيْءٌ كَثِيرٌ مِنَ الْغَلَّاتِ، وَخَرَجَ الْخَلِيفَةُ إِلَى وَاسِطٍ فَاجْتَازَ بِسُوقِهَا وَرَأَى جَامِعَهَا، وَسَقَطَ عَنْ فَرَسِهِ فَشُجَّ جَبِينُهُ، ثُمَّ عُوفِيَ. وَفِي رَبِيعٍ الْآخَرِ زَادَتْ دِجْلَةُ زِيَادَةً عَظِيمَةً، فَغَرِقَتْ بِسَبَبِ ذَلِكَ مَحَالُّ كَثِيرَةٌ مِنْ بَغْدَادَ حَتَّى صَارَ أَكْثَرُ الدُّورِ بِهَا تُلُولًا، وَغَرِقَتْ تُرْبَةُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَتَخَسَّفَتْ هُنَالِكَ الْقُبُورُ، وَطَفَتِ الْمَوْتَى عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ، قَالَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ. وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ كَثُرَ الْمَرَضُ وَالْمَوْتُ، وَفِيهَا أَقْبَلَ مَلِكُ الرُّومِ فِي جَحَافِلَ قَاصِدًا بِلَادَ الشَّامِ فَرَدَّهُ اللَّهُ خَائِبًا خَاسِرًا ; وَذَلِكَ لِضِيقِ حَالِهِمْ مِنَ الْمِيرَةِ، وَأَسَرَ
পৃষ্ঠা - ১০৩১৭
الْمُسْلِمُونَ ابْنَ أُخْتِهِ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ قَايْمَازُ الْأُرْجُوَانِيُّ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: أَحْمَدُ بْنُ مَعَالِيِّ بْنِ بَرَكَةَ الْحَرْبِيُّ، تَفَقَّهَ بِأَبِي الْخَطَّابِ الْكَلْوَذَانِيِّ، وَبَرَعَ فِي النَّظَرِ، وَدَرَسَ وَأَفْتَى، ثُمَّ صَارَ شَافِعِيًّا، ثُمَّ عَادَ حَنْبَلِيًّا، وَوَعَظَ بِبَغْدَادَ، وَتُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ ; دَخَلَتْ بِهِ دَابَّتُهُ فِي مَكَانٍ ضَيِّقٍ، فَدَخَلَ قَرَبُوسُ سَرْجِهِ فِي صَدْرِهِ. السُّلْطَانُ مُحَمَّدُ شَاهْ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَلِكْشَاهْ، بْنِ أَلْبِ أَرْسَلَانَ لَمَّا رَجَعَ مِنْ مُحَاصَرَةِ بَغْدَادَ إِلَى هَمَذَانَ أَصَابَهُ مَرَضُ السُّلِّ، فَلَمْ يُنْجَعْ مِنْهُ، بَلْ تُوُفِّيَ فِي ذِي الْحِجَّةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَقَبْلَ وَفَاتِهِ بِأَيَّامٍ أَمَرَ أَنْ يُعْرَضَ عَلَيْهِ جَمِيعُ مَا يَمْلِكُهُ وَيَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَهُوَ جَالِسٌ فِي الْمَنْظَرَةِ، فَرَكِبَ الْجَيْشُ بِكَمَالِهِ وَأُحْضِرَتْ أَمْوَالُهُ كُلُّهَا، وَمَمَالِيكُهُ حَتَّى جَوَارِيِهِ وَحَظَايَاهُ، فَجَعَلَ يَبْكِي وَيَقُولُ: هَذِهِ الْعَسَاكِرُ لَا يَدْفَعُونَ عَنِّي مِثْقَالَ ذَرَّةٍ، وَلَا يَزِيدُونَ فِي عُمْرِي لَحْظَةً، ثُمَّ تَأَسَّفَ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ إِلَى الْخَلِيفَةِ الْمُقْتَفِي، وَأَهْلِ بَغْدَادَ وَحِصَارِهِمْ وَأَذِيَّتِهِمْ،
পৃষ্ঠা - ১০৩১৮
ثُمَّ فَرَّقَ شَيْئًا كَثِيرًا مِنْ تِلْكَ الْحَوَاصِلِ وَالْأَمْوَالِ، وَتُوُفِّيَ عَنْ وَلَدٍ صَغِيرٍ، وَاجْتَمَعَتِ الْعَسَاكِرُ وَالْأُمَرَاءُ عَلَى عَمِّهِ سُلَيْمَانَ شَاهْ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَلِكْشَاهْ وَكَانَ مَسْجُونًا بِالْمَوْصِلِ فَأُفْرِجَ عَنْهُ، وَانْعَقَدَتِ السَّلْطَنَةُ لَهُ، وَخُطِبَ لَهُ عَلَى تِلْكَ الْبِلَادِ، سِوَى بَغْدَادَ وَالْعِرَاقِ.
পৃষ্ঠা - ১০৩১৯
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا كَانَتْ وَفَاةُ الْخَلِيفَةِ الْمُقْتَفِي لِأَمْرِ اللَّهِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُسْتَظْهِرِ بِاللَّهِ وَأُمُّهُ نُسَيْمُ، الْمَدْعُوَّةُ: سِتَّ السَّادَةِ، سَمْرَاءُ مِنْ خِيَارِ الْجَوَارِي، مَرِضَ بِالتَّرَاقِي، وَقِيلَ: بِدُمَّلٍ خَرَجَ فِي حَلْقِهِ. فَمَاتَ لَيْلَةَ الْأَحَدِ ثَانِيَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ سِتٍّ وَسِتِّينَ سَنَةً، إِلَّا ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا، وَكَانَتْ خِلَافَتُهُ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ سَنَةً وَثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ وَسِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَدُفِنَ بِدَارِ الْخِلَافَةِ، ثُمَّ نُقِلَ إِلَى التُّرَبِ، وَقَدْ كَانَ شَهْمًا شُجَاعًا مِقْدَامًا، يُبَاشِرُ الْأُمُورَ بِنَفْسِهِ، وَيُشَاهِدُ الْحُرُوبَ وَيَبْذُلُ الْأَمْوَالَ الْكَثِيرَةَ لِأَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنِ اسْتَبَدَّ بِالْعِرَاقِ مُنْفَرِدًا عَنِ السَّلَاطِينِ، مِنْ أَوَّلِ أَيَّامِ الدَّيْلَمِ إِلَى أَيَّامِهِ، وَتَمَكَّنَ فِي الْخِلَافَةِ وَحَكَمَ عَلَى الْعَسْكَرِ وَالْأُمَرَاءِ، وَقَدْ وَافَقَ أَبَاهُ فِي أَشْيَاءَ ; مِنْ ذَلِكَ مَرَضُهُ بِالتَّرَاقِي، وَمَوْتُهُ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَتَقَدَّمَ مَوْتُ السُّلْطَانِ مُحَمَّدٍ شَاهْ قَبْلَهُ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، وَكَذَلِكَ الْمُسْتَظْهِرُ مَاتَ قَبْلَهُ مُحَمَّدٌ بِثَلَاثَةٍ، وَبَعْدَ غَرَقِ بَغْدَادَ بِسَنَةٍ مَاتَ الْقَائِمُ، وَكَذَلِكَ هَذَا. قَالَ عَفِيفٌ النَّاسِخُ: رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ قَائِلًا
পৃষ্ঠা - ১০৩২০
يَقُولُ: إِذَا اجْتَمَعَتْ ثَلَاثُ خَاءَاتٍ مَاتَ الْمُقْتَفِي. يَعْنِي: خَمْسًا وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ. خِلَافَةُ الْمُسْتَنْجِدِ بِاللَّهِ، أَبِي الْمُظَفَّرِ يُوسُفَ بْنِ الْمُقْتَفِي لَمَّا تُوُفِّيَ أَبُوهُ، كَمَا ذَكَرْنَا، بُويِعَ لَهُ فِي صَبِيحَةِ يَوْمِ الْأَحَدِ ثَانِيَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، بَايَعَهُ أَشْرَافُ بَنِي الْعَبَّاسِ، ثُمَّ الْوَزِيرُ وَالْقُضَاةُ وَالْعُلَمَاءُ وَالْأُمَرَاءُ وَعُمْرُهُ يَوْمَئِذٍ خَمْسٌ وَأَرْبَعُونَ سَنَةً، وَكَانَ رَجُلًا صَالِحًا، وَكَانَ وَلِيَّ عَهْدِ أَبِيهِ مِنْ مُدَّةٍ مُتَطَاوِلَةٍ، ثُمَّ عَمِلَ عَزَاءَ أَبِيهِ، وَلَمَّا خُطِبَ لَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ نُثِرَتِ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ عَلَى النَّاسِ، وَفَرِحَ الْمُسْلِمُونَ بِهِ بَعْدَ أَبِيهِ، وَأَقَرَّ الْوَزِيرَ ابْنَ هُبَيْرَةَ عَلَى مَنْصِبِهِ وَوَعَدَهُ بِذَلِكَ إِلَى الْمَمَاتِ، وَعَزَلَ قَاضِيَ الْقُضَاةِ ابْنَ الدَّامَغَانِيِّ، وَوَلَّى مَكَانَهُ أَبَا جَعْفَرٍ عَبْدَ الْوَاحِدِ الثَّقَفِيَّ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا، لَهُ سَمَاعٌ بِالْحَدِيثِ، وَبَاشَرَ الْحُكْمَ بِالْكُوفَةِ مُدَّةً، فَتُوُفِّيَ فِي ذِي الْحِجَّةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، فَوَلِيَ مَكَانَهُ ابْنُهُ جَعْفَرٌ. وَفِي شَوَّالٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ اتَّفَقَ الْأَتْرَاكُ بِبَابِ هَمَذَانَ عَلَى خَلْعِ سُلَيْمَانَ شَاهْ، وَخَطَبُوا لَأَرْسَلَانَ بْنِ طُغْرُلَ. وَفِيهَا تُوُفِّيَ الْفَائِزُ بِنَصْرِ اللَّهِ الْفَاطِمِيُّ صَاحِبُ مِصْرَ، وَهُوَ أَبُو الْقَاسِمِ عِيسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ الظَّافِرُ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي صَفَرٍ وَعُمْرُهُ يَوْمَئِذٍ إِحْدَى عَشْرَةَ
পৃষ্ঠা - ১০৩২১
سَنَةً، وَمُدَّةُ وِلَايَتِهِ مِنْ ذَلِكَ سِتُّ سِنِينَ وَشَهْرَانِ، وَكَانَ مُدَبِّرَ دَوْلَتِهِ أَبُو الْغَارَاتِ، ثُمَّ قَامَ بَعْدَهُ الْعَاضِدُ آخِرُ خُلَفَائِهِمْ، وَهُوَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ بْنِ الْحَافِظِ، وَلَمْ يَكُنْ أَبُوهُ خَلِيفَةً، وَكَانَ يَوْمَئِذٍ قَدْ نَاهَزَ الِاحْتِلَامَ، فَقَامَ بِتَدْبِيرِ مَمْلَكَتِهِ الْمَلِكُ الصَّالِحُ طَلَائِعُ بْنُ رُزِّيكَ الْوَزِيرُ، أَخَذَ لَهُ الْبَيْعَةَ وَزَوَّجَهُ بِابْنَتِهِ، وَجَهَّزَهَا بِأَمْرٍ عَظِيمٍ، وَقَدْ عُمِّرَتْ بَعْدَ زَوْجِهَا الْعَاضِدِ، وَرَأَتْ زَوَالَ دَوْلَةِ الْفَاطِمِيِّينَ عَلَى يَدِ الْمَلِكِ صَلَاحِ الدِّينِ يُوسُفَ بْنِ أَيُّوبَ بْنِ شَاذِيٍّ، فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ، كَمَا سَيَأْتِي مُفَصَّلًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَفِيهَا كَانَتْ وَفَاةُ السُّلْطَانِ الْكَبِيرِ صَاحِبِ غَزْنَةَ خُسْرُوشَاهْ بْنُ بَهْرَامْ شَاهْ بْنِ مَسْعُودِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَسْعُودِ بْنِ مَحْمُودِ بْنِ سُبُكْتُكِينَ، مِنْ بَيْتِ مُلْكٍ وَرِيَاسَةٍ بَاذِخَةٍ، يَرِثُونَهَا كَابِرًا عَنْ كَابِرٍ، وَكَانَ مِنْ سَادَاتِ الْمُلُوكِ وَأَحْسَنِهِمْ سِيرَةً، يُحِبُّ الْعِلْمَ وَأَهْلَهُ. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي رَجَبٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَقَامَ مِنْ بَعْدِهِ وَلَدُهُ مَلِكْشَاهْ، فَسَارَ إِلَيْهِ عَلَاءُ الدِّينِ الْحُسَيْنُ مَلِكُ الْغُورِ فَحَاصَرَ غَزْنَةَ مُدَّةً فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهَا، فَرَجَعَ خَائِبًا. وَفِيهَا مَاتَ مَلِكْشَاهْ بْنُ السُّلْطَانِ مَحْمُودِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَلِكْشَاهْ بْنِ أَلْبِ أَرْسَلَانَ السَّلْجُوقِيُّ، بِأَصْبَهَانَ مَسْمُومًا، يُقَالُ: إِنَّ الْوَزِيرَ عَوْنَ الدِّينِ بْنَ هُبَيْرَةَ دَسَّ إِلَيْهِ مَنْ سَقَاهُ إِيَّاهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَفِيهَا مَاتَ
পৃষ্ঠা - ১০৩২২
أَمِيرُ الْحَاجِّ قَايِمَازُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأُرْجُوَانِيُّ سَقَطَ عَنْ فَرَسِهِ وَهُوَ يَلْعَبُ بِالْكُرَةِ بِمَيْدَانِ الْخَلِيفَةِ، فَسَالَ دِمَاغُهُ مِنْ أُذُنِهِ، فَمَاتَ مِنْ سَاعَتِهِ، رَحِمَهُ اللَّهُ، وَقَدْ كَانَ مِنْ خِيَارِ الْأُمَرَاءِ، فَتَأَسَّفَ النَّاسُ عَلَيْهِ، وَحَضَرَ جِنَازَتَهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ. مَاتَ فِي شَعْبَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، فَحَجَّ بِالنَّاسِ فِيهَا الْأَمِيرُ أَرَغَشُ مُقْطَعُ الْكُوفَةِ. وَحَجَّ فِي هَذِهِ السَّنَةِ الْأَمِيرُ الْكَبِيرُ شِيرَكُوهْ بْنُ شَاذِيٍّ، مُقَدَّمُ عَسَاكِرِ الْمَلِكِ نُورِ الدِّينِ بْنِ زَنْكِيٍّ، وَتَصَدَّقَ بِأَمْوَالٍ كَثِيرَةٍ. وَفِيهَا اسْتَعْفَى الْقَاضِي زَكِيُّ الدِّينِ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْقُرَشِيُّ مِنَ الْقَضَاءِ بِدِمَشْقَ، فَأَعْفَاهُ الْمَلِكُ نُورُ الدِّينِ، وَوَلَّى مَكَانَهُ الْقَاضِي كَمَالَ الدَّيْنِ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الشَّهْرُزُورِيَّ، وَكَانَ مِنْ خِيَارِ الْقُضَاةِ وَأَكْثَرِهِمْ صَدَقَةً، وَلَهُ صَدَقَاتٌ جَارِيَةٌ بَعْدَهُ، وَكَانَ عَالِمًا، بَارِعًا، وَإِلَيْهِ يُنْسَبُ الشُّبَّاكُ الْكَمَالِيُّ الَّذِي يَجْلِسُ فِيهِ الْحُكَّامُ فِي الْجَامِعِ بَعْدَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: الْأَمِيرُ مُجَاهِدُ الدِّينِ بُزَّانُ بْنُ مَامِينَ الْكُرْدِيُّ، أَحَدُ مُقَدَّمِي جَيْشِ الشَّامِ قَبْلَ الْمَلِكِ نُورِ الدِّينِ وَبَعْدَهُ، وَقَدْ نَابَ فِي مَدِينَةِ صَرْخَدَ مُدَّةً، وَكَانَ شَهْمًا، شُجَاعًا، كَثِيرَ الْبِرِّ وَالصَّدَقَاتِ وَالصِّلَاتِ، وَهُوَ وَاقِفُ الْمُدَرِّسَةِ الْمُجَاهِدِيَّةِ بِالْقُرْبِ مِنَ النُّورِيَّةِ، وَلَهُ الْمَدْرَسَةُ الْمُجَاهِدِيَّةُ الَّتِي دَاخِلَ بَابِ الْفَرَادِيسِ الْبَرَّانِيِّ، وَبِهَا
পৃষ্ঠা - ১০৩২৩
قَبْرُهُ، وَلَهُ السَّبْعُ الْمُجَاهِدِيُّ دَاخِلَ بَابِ الزِّيَادَةِ مِنَ الْجَامِعِ بِمَقْصُورَةِ الْخَضِرِ. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بِدَارِهِ فِي صَفَرٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، فَحُمِلَ إِلَى الْجَامِعِ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أُعِيدَ إِلَى مَدْرَسَتِهِ، وَدُفِنَ بِهَا دَاخِلَ بَابِ الْفَرَادِيسِ، وَتَأَسَّفَ النَّاسُ عَلَيْهِ، رَحِمَهُ اللَّهُ. الشَّيْخُ عَدِيُّ بْنُ مُسَافِرِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُوسَى بْنِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ مَرْوَانَ الْهَكَّارِيُّ، شَيْخُ الطَّائِفَةِ الْعَدَوِيَّةِ، أَصْلُهُ مِنَ الْبِقَاعِ غَرْبِيَّ دِمَشْقَ مِنْ قَرْيَةِ بَيْتِ فَارٍ، ثُمَّ رَحَلَ إِلَى بَغْدَادَ فَاجْتَمَعَ فِيهَا بِالشَّيْخِ عَبْدِ الْقَادِرِ، وَالشَّيْخِ حَمَّادٍ الدَّبَّاسِ، وَالشَّيْخِ عَقِيلٍ الْمَنْبِجِيِّ، وَأَبِي الْوَفَاءِ الْحُلْوَانِيِّ، وَأَبِي النَّجِيبِ السُّهْرَوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِمْ، ثُمَّ انْفَرَدَ عَنِ النَّاسِ وَتَخَلَّى بِجَبَلِ الْهَكَّارِيَّةِ وَبَنَى لَهُ هُنَالِكَ زَاوِيَةً، وَاعْتَقَدَ فِيهِ أَهْلُ تِلْكَ النَّاحِيَةِ اعْتِقَادًا بَلِيغًا، حَتَّى إِنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَغْلُو فِيهِ غُلُوًّا كَبِيرًا مُنْكَرًا. ثُمَّ كَانَتْ وَفَاتُهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ بِزَاوِيَتِهِ وَلَهُ سَبْعُونَ سَنَةً. عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ، أَبُو جَعْفَرٍ الثَّقَفِيُّ، قَاضِي قُضَاةِ بَغْدَادَ وَلِيَهَا بَعْدَ أَبِي الْحَسَنِ الدَّامَغَانِيِّ فِي أَوَّلِ هَذِهِ السَّنَةِ، وَقَدْ كَانَ قَاضِيًا بِالْكُوفَةِ قَبْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ كَانَتْ وَفَاتُهُ فِي ذِي الْحِجَّةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ وَقَدْ
পৃষ্ঠা - ১০৩২৪
نَاهَزَ الثَّمَانِينَ، وَوَلِيَ بَعْدَهُ ابْنُهُ جَعْفَرٌ. الْفَائِزُ صَاحِبُ مِصْرَ، تَقَدَّمَ فِي الْحَوَادِثِ. قَايِمَازُ الْأُرْجُوَانِيُّ، تَقَدَّمَ أَيْضًا. الْخَلِيفَةُ الْمُقْتَفِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ الْمُسْتَظْهِرُ، تَقَدَّمَتْ تَرْجَمَتُهُ عِنْدَ وَفَاتِهِ. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُسْلِمٍ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْدِيُّ، وُلِدَ بِمَدِينَةِ زُبَيْدٍ بِالْيَمَنِ سَنَةَ ثَمَانِينَ وَقِدَمَ بَغْدَادَ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِمِائَةٍ، فَوَعَظَ، وَكَانَتْ لَهُ مَعْرِفَةٌ بِالنَّحْوِ وَالْأَدَبِ، وَكَانَ صَبُورًا عَلَى الْفَقْرِ لَا يَشْكُو حَالَهُ إِلَى أَحَدٍ وَكَانَتْ لَهُ أَحْوَالٌ صَالِحَةٌ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
পৃষ্ঠা - ১০৩২৫
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا قُتِلَ السُّلْطَانُ سُلَيْمَانُ شَاهْ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَلِكْشَاهْ وَكَانَ عِنْدَهُ تَهَوُّرٌ وَقِلَّةُ مُبَالَاةٍ بِالدِّينِ، يُدْمِنُ شُرْبَ الْخَمْرِ حَتَّى فِي رَمَضَانَ، فَثَارَ عَلَيْهِ مُدَبِّرُ مَمْلَكَتِهِ كُرْدَبَازُو الْخَادِمُ فَقَتَلَهُ، وَبَايَعَ بَعْدَهُ السُّلْطَانَ أَرْسَلَانَ شَاهْ بْنَ طُغْرُلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَلِكْشَاهْ. وَفِيهَا قُتِلَ الْمَلِكُ الصَّالِحُ فَارِسُ الدِّينِ أَبُو الْغَارَاتِ طَلَائِعُ بْنُ رُزِّيكَ الْأَرْمَنِيُّ، وَزِيرُ الْعَاضِدِ صَاحِبِ مِصْرَ، وَوَالِدِ زَوْجَتِهِ، وَكَانَ قَدْ حَجَرَ عَلَى الْعَاضِدِ لِصِغَرِهِ وَاسْتَحْوَذَ عَلَى الْأُمُورِ، فَقَتَلَتْهُ الْحَاشِيَةُ، وَوَزَرَ بَعْدَهُ وَلَدُهُ رُزِّيكُ، وَلُقِّبَ بِالْعَادِلِ، وَقَدْ كَانَ أَبُوهُ الصَّالِحُ كَرِيمًا أَدِيبًا، يُحِبُّ أَهْلَ الْعِلْمِ وَيُحْسِنُ إِلَيْهِمْ، كَانَ مِنْ خِيَارِ الْمُلُوكِ وَالْوُزَرَاءِ، وَقَدِ امْتَدَحَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الشُّعَرَاءِ. قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: كَانَ أَوَّلًا مُتَوَلِّيًا بِمُنْيَةِ بَنِي خَصِيبٍ، ثُمَّ آلَ بِهِ الْحَالُ إِلَى أَنْ وَزَرَ لِلْفَائِزِ، وَذَهَبَتْ لَهُ وِزَارَةُ عَبَّاسٍ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ، ثُمَّ لَمَّا هَلَكَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ قَامَ فِي الْوِزَارَةِ بَعْدَهُ وَلَدُهُ الْعَادِلُ رُزِّيكُ بْنُ طَلَائِعَ فَلَمْ يَزَلْ
পৃষ্ঠা - ১০৩২৬
فِيهَا حَتَّى انْتَزَعَهَا شَاوَرُ، كَمَا سَيَأْتِي. قَالَ: وَالصَّالِحُ هَذَا هُوَ بَانِي الْجَامِعِ عِنْدَ بَابِ زُوَيْلَةَ ظَاهِرَ الْقَاهِرَةِ. قَالَ: وَمِنَ الْعَجَائِبِ أَنَّهُ وَلِيَ الْوِزَارَةَ فِي تَاسِعَ عَشَرَ شَهْرٍ، وَقُتِلَ مِنْ تَاسِعَ عَشَرَ شَهْرٍ، وَنُقِلَ مِنْ دَارِ الْوِزَارَةِ إِلَى الْقَرَافَةِ فِي تَاسِعَ عَشَرَ شَهْرٍ آخَرَ، وَزَالَتْ دَوْلَتُهُمْ فِي تَاسِعَ عَشَرَ شَهْرٍ آخَرَ. قَالَ: وَمِنْ شِعْرِهِ مَا رَوَاهُ عَنْهُ الْوَاعِظُ زَيْنُ الدِّينِ عَلِيُّ بْنُ نَجَا الْحَنْبَلِيُّ، وَهُوَ قَوْلُهُ مَشِيبُكَ قَدْ نَضَا صِبْغَ الشَّبَابِ ... وَحَلَّ الْبَازُ فِي وَكْرِ الْغُرَابِ تَنَامُ وَمُقْلَةُ الْحَدَثَانِ يَقْظَى ... وَمَا نَابَ النَّوَائِبَ عَنْكَ نَابِ وَكَيْفَ بَقَاءُ عُمْرِكَ وَهْوَ كَنْزٌ ... وَقَدْ أَنْفَقْتَ مِنْهُ بِلَا حِسَابِ وَقَوْلُهُ: كَمْ ذَا يُرِينَا الدَّهْرُ مِنْ أَحْدَاثِهِ ... عِبَرًا وَفِينَا الصَّدُّ وَالْإِعْرَاضُ نَنْسَى الْمَمَاتَ وَلَيْسَ يَجْرِي ذِكْرُهُ ... فِينَا فَتُذْكِرُنَا بِهِ الْأَمْرَاضُ وَمِنْ شِعْرِهِ الْجَيِّدِ أَيْضًا قَوْلُهُ: أَبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يَدُومَ لَنَا الدَّهْرُ ... وَيَخْدِمُنَا فِي مُلْكِنَا الْعِزُّ وَالنَّصْرُ عَلِمْنَا بِأَنَّ الْمَالَ تَفْنَى أُلُوفُهُ ... وَيَبْقَى لَنَا مِنْ بَعْدِهِ الْأَجْرُ وَالذِّكْرُ خَلَطْنَا النَّدَى بِالْبَأْسِ حَتَّى كَأَنَّنَا ... سَحَابٌ لَدَيْهِ الْبَرْقُ وَالرَّعْدُ وَالْقَطْرُ وَلَهُ أَيْضًا، وَهُوَ مِمَّا نَظَمَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلَاثِ لَيَالٍ:
পৃষ্ঠা - ১০৩২৭
نَحْنُ فِي غَفْلَةٍ وَنَوْمٍ وَلِلْمَوْ ... تِ عُيُونٌ يَقْظَانَةٌ لَا تَنَامُ قَدْ رَحَلْنَا إِلَى الْحِمَامِ سِنِينًا ... لَيْتَ شِعْرِي مَتَى يَكُونُ الْحِمَامُ ثُمَّ قَتَلَهُ غِلْمَانُ الْعَاضِدِ فِي النَّهَارِ غِيلَةً وَلَهُ إِحْدَى وَسِتُّونَ سَنَةً، وَخَلَعَ عَلَى وَلَدِهِ الْعَادِلِ بِالْوِزَارَةِ، وَرَثَاهُ عُمَارَةُ الْيَمَنِيُّ بِقَصَائِدَ حِسَانٍ، وَيَوْمَ نُقِلَ إِلَى تُرْبَتِهِ بِالْقَرَافَةِ سَارَ الْعَاضِدُ مَعَهُ حَتَّى وَصَلَ إِلَى قَبْرِهِ فِي التَّابُوتِ. قَالَ الْقَاضِي ابْنُ خَلِّكَانَ: فَعَمِلَ الْفَقِيهُ عُمَارَةُ فِي ذَلِكَ قَصِيدَةً طَوِيلَةً أَجَادَ فِيهَا، فَمِنْ ذَلِكَ فِي صِفَةِ التَّابُوتِ قَوْلُهُ: وَكَأَنَّهُ تَابُوتُ مُوسى أُودِعَتْ ... فِي جَانِبَيْهِ سَكِينَةٌ وَوَقَارُ وَفِيهَا أَوْقَعَتْ بَنُو خَفَاجَةَ بِأَهْلِ الْكُوفَةِ وَقْعَةً عَظِيمَةً، فَقَتَلُوا خَلْقًا، مِنْهُمُ الْأَمِيرُ قَيْصَرُ وَجَرَحُوا أَمِيرَ الْحَاجِّ أَرْغَشَ جِرَاحَاتٍ، فَنَهَضَ إِلَيْهِمْ وَزِيرُ الْخِلَافَةِ عَوْنُ الدِّينِ بْنُ هُبَيْرَةَ فِي جَيْشٍ، فَتَبِعَهُمْ حَتَّى أَوْغَلَ فِي الْبَرِّيَّةِ، فَبَعَثُوا يَطْلُبُونَ الْعَفْوَ. وَفِيهَا وَلِيَ مَكَّةَ الشَّرِيفُ عِيسَى بْنُ قَاسِمِ بْنِ أَبِي هَاشِمٍ، وَقِيلَ: قَاسِمُ بْنُ فُلَيْتَةَ بْنِ قَاسِمِ بْنِ أَبِي هَاشِمٍ. وَفِيهَا أَمَرَ الْخَلِيفَةُ الْمُسْتَنْجِدُ بِإِزَالَةِ الدَّكَاكِينِ الَّتِي تُضَيِّقُ الطُّرُقَاتِ، وَأَنْ لَا يَجْلِسَ أَحَدٌ مِنَ الْبَاعَةِ فِي عَرْصَةِ الطُّرُقَاتِ ; لِئَلَّا يَضُرَّ ذَلِكَ بِالْمَارَّةِ. وَفِيهَا وَقَعَ رُخْصٌ عَظِيمٌ بِبَغْدَادَ جِدًّا. وَفِيهَا فُتِحَتِ الْمَدْرَسَةُ الَّتِي بَنَاهَا ابْنُ الشَّمْحَلِ فِي الْمَأْمُونِيَّةِ، وَدَرَّسَ فِيهَا أَبُو
পৃষ্ঠা - ১০৩২৮
حَكِيمٍ إِبْرَاهِيمُ بْنُ دِينَارٍ النَّهْرَوَانِيُّ الْحَنْبَلِيُّ، وَقَدْ تُوُفِّيَ مِنْ آخِرِ هَذِهِ السَّنَةِ، وَدَرَّسَ بَعْدَهُ فِيهَا أَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ، وَقَدْ كَانَ عِنْدَهُ مُعِيدًا، وَنَزَلَ لَهُ عَنْ تَدْرِيسٍ آخَرَ بِبَابِ الْأَزَجِّ عِنْدَ مَوْتِهِ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: حَمْزَةُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ طَلْحَةَ أَبُو الْفُتُوحِ الْحَاجِبُ، كَانَ خِصِّيصًا عِنْدَ الْمُسْتَرْشِدِ وَالْمُقْتَفِي أَيْضًا، وَقَدْ بَنَى مَدْرَسَةً إِلَى جَانِبِ دَارِهِ، وَحَجَّ فَرَجَعَ مُتَزَهِّدًا، فَلَزِمَ بَيْتَهُ مُعَظَّمًا نَحْوًا مِنْ عِشْرِينَ سَنَةً، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، قَدِ امْتَدَحَهُ بَعْضُهُمْ فَقَالَ: يَا عَضُدَ الْإِسْلَامِ يَا مَنْ سَمَتْ ... إِلَى الْعُلَا هِمَّتُهُ الْفَاخِرهْ كَانَتْ لَكَ الدُّنْيَا فَلَمْ تَرْضَهَا ... مُلْكًا فَأَخْلَدْتَ إِلَى الْآَخِرَهْ
পৃষ্ঠা - ১০৩২৯
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا دَخَلَتِ الْكُرْجُ بِلَادَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَتَلُوا خَلْقًا مِنَ الرِّجَالِ وَأَسَرُوا مِنَ الذَّرَارِيِّ أُمَمًا ; فَاجْتَمَعَ لِحَرْبِهِمْ مُلُوكُ تِلْكَ النَّاحِيَةِ ; إِيلْدِكْزُ صَاحِبُ أَذْرَبِيجَانَ وَابْنُ سَكْمَانَ صَاحِبُ خِلَاطَ وَابْنُ آقْ سُنْقُرَ صَاحِبُ مَرَاغَةَ وَسَارُوا إِلَى بِلَادِهِمْ فِي السَّنَةِ الْآتِيَةِ فَنَهَبُوهَا، وَأَسَرُوا ذَرَارِيَهِمْ، وَالْتَقَوْا مَعَهُمْ فَكَسَرُوهُمْ كَسْرَةً ذَرِيعَةً فَظِيعَةً مُنْكَرَةً، مَكَثُوا يَقْتُلُونَ فِيهِمْ وَيَأْسِرُونَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ. وَفِي رَجَبٍ أُعِيدَ يُوسُفُ الدِّمَشْقِيُّ إِلَى تَدْرِيسِ النِّظَامِيَّةِ بَعْدَ عَزْلِ ابْنِ نِظَامِ الْمُلْكِ بِسَبَبِ أَنَّ امْرَأَةً ادَّعَتْ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا فَأَنْكَرَ، ثُمَّ اعْتَرَفَ، فَعُزِلَ عَنِ التَّدْرِيسِ. وَفِيهَا كَمَلَتِ الْمَدْرَسَةُ الَّتِي بَنَاهَا الْوَزِيرُ ابْنُ هُبَيْرَةَ بِبَابِ الْبَصْرَةِ وَرَتَّبَ فِيهَا مُدَرِّسًا وَفَقِيهًا. وَحَجَّ بِالنَّاسِ أَمِيرُ الْكُوفَةِ أَرْغَشُ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: شُجَاعٌ شَيْخُ الْحَنَفِيَّةِ بِمَشْهَدِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَكَانَ جَيِّدَ الْكَلَامِ فِي النَّظَرِ، أَخَذَ عَنْهُ الْحَنَفِيَّةُ، وَدُفِنَ عِنْدَ الْمَشْهَدِ.
পৃষ্ঠা - ১০৩৩০
صَدَقَةُ بْنُ وَزِيرٍ الْوَاسِطِيُّ دَخَلَ بَغْدَادَ وَوَعَظَ بِهَا وَأَظْهَرَ تَقَشُّفًا، وَكَانَ يَمِيلُ إِلَى التَّشَيُّعِ وَعِلْمِ الْكَلَامِ، وَمَعَ هَذَا كُلِّهِ رَاجَ عَلَى الْعَوَامِّ وَبَعْضِ الْأُمَرَاءِ، وَحَصَلَ لَهُ فُتُوحٌ كَثِيرَةٌ، ابْتَنَى مِنْهُ رِبَاطًا وَدُفِنَ فِيهِ، سَامَحَهُ اللَّهُ تَعَالَى. زُمُرُّدُ خَاتُونَ بِنْتُ جَاوْلِي أُخْتُ الْمَلِكِ دُقَاقِ بْنِ تُتُشَ لِأُمِّهِ، وَهِيَ بَانِيَةُ الْخَاتُونِيَّةِ ظَاهِرَ دِمَشْقَ عِنْدَ قَرْيَةِ صَنْعَاءَ بِمَكَانٍ يُقَالُ لَهُ: تَلُّ الثَّعَالِبِ. غَرْبِيَّ دِمَشْقَ عَلَى جَانِبِ الشَّرْقِ الْقِبْلِيِّ بِصَنْعَاءِ الشَّامِ وَهِيَ قَرْيَةٌ مَعْرُوفَةٌ قَدِيمًا، وَأَوْقَفَتْهَا عَلَى الشَّيْخِ بُرْهَانِ الدِّينِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَلْخِيِّ الْحَنَفِيِّ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ، وَكَانَتْ زَوْجَةَ الْمَلِكِ بُورِي بْنِ طُغْتِكِينَ، فَوَلَدَتْ لَهُ ابْنَيْهِ شَمْسَ الْمُلُوكِ إِسْمَاعِيلَ الْمَذْكُورَ، وَقَدْ مَلَكَ بَعْدَ أَبِيهِ وَسَارَ سِيرَتَهُ، وَمَالَأَ الْفِرِنْجَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَهَمَّ بِتَسْلِيمِ الْبَلَدِ وَالْأَمْوَالِ إِلَيْهِمْ، فَقَتَلُوهُ وَتَمَلَّكَ أَخُوهُ وَذَلِكَ بَعْدَ مُرَاجَعَتِهَا وَمُسَاعَدَتِهَا، وَقَدْ كَانَتْ قَرَأَتِ الْقُرْآنَ، وَسَمِعَتِ الْحَدِيثَ، وَكَانَتْ حَنَفِيَّةَ الْمَذْهَبِ تُحِبُّ الْعُلَمَاءَ وَالصَّالِحِينَ، وَقَدْ تَزَوَّجَهَا الْأَتَابِكِيُّ زَنْكِيٌّ صَاحِبُ حَلَبَ ; طَمَعًا فِي أَنْ يَأْخُذَ بِسَبَبِهَا دِمَشْقَ فَلَمْ يَظْفَرْ بِذَلِكَ، بَلْ ذَهَبَتْ إِلَيْهِ إِلَى حَلَبَ ثُمَّ عَادَتْ إِلَى دِمَشْقَ بَعْدَ وَفَاتِهِ، وَقَدْ دَخَلَتْ بَغْدَادَ وَسَارَتْ مِنْ هُنَاكَ إِلَى
পৃষ্ঠা - ১০৩৩১
الْحِجَازِ، وَجَاوَرَتْ بِمَكَّةَ سَنَةً، ثُمَّ جَاءَتْ فَأَقَامَتْ بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ حَتَّى مَاتَتْ بِهَا، وَدُفِنَتْ بِالْبَقِيعِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَقَدْ كَانَتْ كَثِيرَةَ الْبِرِّ وَالصَّدَقَاتِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ. قَالَ السِّبْطُ: وَلَمْ تَمُتْ حَتَّى قَلَّ مَا بِيَدِهَا، فَكَانَتْ تُغَرْبِلُ الْقَمْحَ وَالشَّعِيرَ وَتَتَقَوَّتُ بِأُجْرَتِهِ، وَهَذَا مِنْ تَمَامِ الْخَيْرِ وَالسَّعَادَةِ وَحُسْنِ الْخَاتِمَةِ، رَحِمَهَا اللَّهُ تَعَالَى.