আল বিদায়া ওয়া আন্নিহায়া

পৃষ্ঠা - ১০২২৯
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا كَانَتْ وَفَاةُ الْمُسْتَرْشِدِ وَوِلَايَةُ الرَّاشِدِ، وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ بَيْنَ السُّلْطَانِ مَسْعُودٍ وَبَيْنَ الْخَلِيفَةِ وَقَائِعُ كَثِيرَةٌ، فَاقْتَضَى الْحَالُ أَنَّ الْخَلِيفَةَ أَرَادَ قَطْعَ الْخُطْبَةِ لَهُ مِنْ بَغْدَادَ، فَاتَّفَقَ مَوْتُ أَخِيهِ طُغْرُلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَلِكْشَاهْ، فَسَارَ إِلَى الْبِلَادِ فَمَلَكَهَا، وَقَوِيَ جَانِبُهُ ثُمَّ شَرَعَ يَجْمَعُ الْعَسَاكِرَ لِيَأْخُذَ بَغْدَادَ مِنَ الْخَلِيفَةِ، فَلَمَّا عَلِمَ الْخَلِيفَةُ بِذَلِكَ انْزَعَجَ وَاسْتَعَدَّ لِذَلِكَ، وَقَفَزَ جَمَاعَةٌ مِنْ رُءُوسِ الْأُمَرَاءِ إِلَى الْخَلِيفَةِ خَوْفًا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِنْ سَطْوَةِ الْمَلِكِ مَسْعُودٍ، وَرَكِبَ الْخَلِيفَةُ مِنْ بَغْدَادَ فِي جَحَافِلَ كَثِيرَةٍ فِيهِمُ الْقُضَاةُ وَرُءُوسُ الدَّوْلَةِ مِنْ جَمِيعِ الْأَصْنَافِ، فَمَشَوْا بَيْنَ يَدَيْهِ أَوَّلَ مَنْزِلِهِ حَتَّى وَصَلَ إِلَى السُّرَادِقِ وَبَعَثَ بَيْنَ يَدَيْهِ مُقَدِّمَةً، وَأَرْسَلَ الْمَلِكُ مَسْعُودٌ عَلَى مُقَدِّمَتِهِ دُبَيْسَ بْنَ صَدَقَةَ بْنِ مَنْصُورِ، الَّذِي كَانَ صَاحِبَ الْحِلَّةِ فَجَرَتْ خُطُوبٌ كَبِيرَةٌ وَحُرُوبٌ كَثِيرَةٌ. وَحَاصِلُ الْأَمْرِ أَنَّ الْجَيْشَيْنِ الْتَقَيَا فِي عَاشِرِ رَمَضَانَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا كَثِيرًا، وَلَمْ يُقْتَلْ مِنَ الصَّفَّيْنِ سِوَى خَمْسَةِ أَنْفُسٍ، ثُمَّ حَمَلَ الْخَلِيفَةُ عَلَى جَيْشِ الْمَلِكِ مَسْعُودٍ فَهَزَمَهُمْ. ثُمَّ تَرَاجَعُوا فَحَمَلُوا عَلَى جَيْشِ الْخَلِيفَةِ، فَهَزَمُوهُمْ وَقَتَلُوا مِنْهُمْ خَلْقًا، وَأَسَرُوا الْخَلِيفَةَ، وَنُهِبَتْ أَمْوَالُهُ وَحَوَاصِلُهُ، مِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ أَرْبَعَةُ آلَافِ أَلْفِ دِينَارٍ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الثِّيَابِ وَالْخِلَعِ وَالْأَثَاثِ وَالْقُمَاشِ وَالْمَاعُونِ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. وَطَارَ الْخَبَرُ فِي الْأَقَالِيمِ، وَحِينَ بَلَغَ الْخَبَرُ إِلَى بَغْدَادَ انْزَعَجَ النَّاسُ
পৃষ্ঠা - ১০২৩০
لِذَلِكَ، وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا صُورَةً وَمَعْنًى، وَجَاءَتِ الْعَامَّةُ إِلَى الْمَنَابِرِ فَكَسَرُوهَا وَامْتَنَعُوا مِنْ حُضُورِ الْجَمَاعَاتِ، وَخَرَجَ النِّسَاءُ فِي الْبَلَدِ حَاسِرَاتٍ يَنُحْنَ عَلَى الْخَلِيفَةِ، وَمَا جَرَى عَلَيْهِ مِنَ الْأَسْرِ وَتَأَسَّى بِأَهْلِ بَغْدَادَ فِي ذَلِكَ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْبِلَادِ، وَتَمَّتْ فِتْنَةٌ كَبِيرَةٌ وَانْتَشَرَتْ فِي الْأَقَالِيمِ، وَاسْتَمَرَّ الْحَالُ عَلَى ذَلِكَ مُسْتَهَلَّ شَهْرِ ذِي الْقَعْدَةِ وَالشَّنَاعَةُ فِي الْأَقَالِيمِ مُنْتَشِرَةٌ، فَكَتَبَ الْمَلِكُ سَنْجَرُ إِلَى ابْنِ أَخِيهِ يُحَذِّرُهُ غِبَّ ذَلِكَ، وَيُبَصِّرُهُ بِمَا وَقَعَ مِنَ الْأَمْرِ الْعَظِيمِ وَالْخَطْبِ الْجَسِيمِ، وَيَأْمُرُهُ أَنْ يُعِيدَ الْخَلِيفَةَ إِلَى مُسْتَقَرِّ عِزِّهِ وَدَارِ خِلَافَتِهِ، فَامْتَثَلَ الْمَلِكُ مَسْعُودٌ ذَلِكَ وَضُرِبَ لِلْخَلِيفَةِ سُرَادِقٌ عَظِيمٌ، وَنُصِبَ لَهُ فِيهِ قُبَّةٌ عَظِيمَةٌ تَحْتَهَا سَرِيرٌ هَائِلٌ، وَأُلْبِسَ الْخَلِيفَةُ السَّوَادَ عَلَى عَادَتِهِ وَأُرْكِبَ بَعْضَ مَا كَانَ يَرْكَبُهُ مِنْ مَرَاكِبِهِ. وَجَاءَ الْمَلِكُ مَسْعُودٌ فَقَبَّلَ الْأَرْضَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَأَمْسَكَ لِجَامَ الْفَرَسِ وَتَمَشَّى فِي خِدْمَتِهِ، وَالْجَيْشُ كُلُّهُمْ مُشَاةٌ حَتَّى أُجْلِسَ الْخَلِيفَةُ عَلَى سَرِيرِهِ وَوَقَفَ الْمَلِكُ مَسْعُودٌ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَخَلَعَ الْخَلِيفَةُ عَلَيْهِ، وَجِيءَ بِدُبَيْسٍ مَكْتُوفًا، وَعَنْ يَمِينِهِ أَمِيرَانِ وَعَنْ يَسَارِهِ أَمِيرَانِ وَسَيْفٌ مَسْلُولٌ وَشُقَّةٌ بَيْضَاءُ، فَطُرِحَ بَيْنَ يَدَيِ الْخَلِيفَةِ، مَاذَا يَرْسُمُ فِيهِ تَطْيِيبًا لِقَلْبِهِ؟! فَأَقْبَلَ السُّلْطَانُ يَشْفَعُ فِي دُبَيْسٍ وَهُوَ مُلْقًى يَقُولُ: الْعَفْوَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنَا أَخْطَأْتُ وَالْعَفْوُ عِنْدَ الْمَقْدِرَةِ، فَأَمَرَ الْخَلِيفَةُ بِإِطْلَاقِهِ وَهُوَ يَقُولُ: لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمْ، فَنَهَضَ قَائِمًا وَالْتَمَسَ أَنْ يُقَبِّلَ يَدَ الْخَلِيفَةِ فَأَذِنَ لَهُ فَقَبَّلَهَا وَأَمَرَّهَا عَلَى صَدْرِهِ، وَسَأَلَ الْعَفْوَ عَنْهُ وَعَمَّا كَانَ مِنْهُ، وَاسْتَقَرَّ الْأَمْرُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَطَارَ هَذَا الْخَبَرُ فِي الْآفَاقِ وَفَرِحَ النَّاسُ بِذَلِكَ فَلَمَّا كَانَ مُسْتَهَلُّ ذِي الْقَعْدَةِ جَاءَتِ الرُّسُلُ مِنْ جِهَةِ
পৃষ্ঠা - ১০২৩১
الْمَلِكِ سَنْجَرَ إِلَى ابْنِ أَخِيهِ يَسْتَحِثُّهُ عَلَى الْإِحْسَانِ إِلَى الْخَلِيفَةِ، وَأَنْ يُبَادِرَ إِلَى سُرْعَةِ رَدِّهِ إِلَى وَطَنِهِ، وَأَرْسَلَ مَعَ الرُّسُلِ جَيْشًا لِيَكُونُوا فِي خِدْمَةِ الْخَلِيفَةِ إِلَى بَغْدَادَ فَصَحِبَ الْجَيْشَ عَشَرَةٌ مِنَ الْبَاطِنِيَّةِ، فَقِيلَ: مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ، وَقِيلَ: بَلْ كَانُوا مُجَهَّزِينَ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ. إِلَّا أَنَّهُمْ حَالَةَ وُصُولِهِمْ إِلَى هُنَالِكَ حَمَلُوا عَلَى الْخَلِيفَةِ فِي خَيْمَتِهِ، فَقَتَلُوهُ فِيهَا وَقَطَّعُوهُ قِطَعًا، فَلَمْ يَلْحَقِ النَّاسُ مِنْهُ إِلَّا الرُّسُومَ، وَقَتَلُوا مَعَهُ جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِهِ مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُكَيْنَةَ فَأُخِذَ أُولَئِكَ الرَّهْطُ فَأُحْرِقُوا قَبَّحَهُمُ اللَّهُ، وَسَارَتْ بِذَلِكَ الرُّكْبَانُ فِي الْبُلْدَانِ فَمَا مِنْ أَهْلِ بَلْدَةٍ إِلَّا وَهُمْ أَشَدُّ حُزْنًا عَلَى الْخَلِيفَةِ الْمُسْتَرْشِدِ مِنَ الْأُخْرَى لَا سِيَّمَا أَهْلَ بَغْدَادَ وَخَرَجَتِ النِّسَاءُ فِي الطُّرُقَاتِ يَنُحْنَ عَلَيْهِ وَيَنْدُبْنَهُ، وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو الْفَرَجِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ مَا كُنَّ يَقُلْنَهُ مِنَ النِّيَاحَةِ عَلَى الْخَلِيفَةِ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَكَانَ مَقْتَلُهُ عَلَى بَابِ مَرَاغَةَ فِي يَوْمِ الْخَمِيسِ سَابِعَ عَشَرَ ذِي الْقَعْدَةِ فَحُمِلَ إِلَى بَغْدَادَ وَلَمَّا اسْتَقَرَّ خَبَرُ مَوْتِهِ بِبَغْدَادَ عُمِلَ لَهُ الْعَزَاءُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بَعْدَمَا بُويِعَ لِوَلَدِهِ الرَّاشِدِ. ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ تَرْجَمَةِ الْمُسْتَرْشِدِ رَحِمَهُ اللَّهُ كَانَ الْمُسْتَرْشِدُ شُجَاعًا مِقْدَامًا بَعِيدَ الْهِمَّةِ، فَصِيحًا بَلِيغًا عَذْبَ الْكَلَامِ حَسَنَ الْإِيرَادِ مَلِيحَ الْخَطِّ، كَثِيرَ الْعِبَادَةِ، مُحَبَّبًا إِلَى الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ، وَهُوَ آخِرُ خَلِيفَةٍ رُئِيَ خَطِيبًا، قُتِلَ وَعُمْرُهُ ثَلَاثٌ وَأَرْبَعُونَ سَنَةً، وَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ، وَكَانَتْ مُدَّةُ
পৃষ্ঠা - ১০২৩২
خِلَافَتِهِ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَسِتَّةَ أَشْهُرٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا، وَكَانَتْ أُمُّهُ أُمَّ وَلَدٍ مِنَ الْأَتْرَاكِ. [خِلَافَةُ الرَّاشِدِ بِاللَّهِ أَبِي جَعْفَرٍ مَنْصُورِ بْنِ الْمُسْتَرْشِدِ] كَانَ أَبُوهُ قَدْ أَخَذَ لَهُ الْعَهْدَ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَخْلَعَهُ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ لَمْ يُقَدَّرْ، فَلَمَّا قُتِلَ أَبُوهُ بِبَابِ مَرَاغَةَ فِي يَوْمِ الْخَمِيسِ السَّابِعَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ مِنْ سَنَةِ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ كَمَا ذَكَرْنَا، كَانَ هُوَ بِبَغْدَادَ فَلَمَّا جَاءَ خَبَرُهُ إِلَيْهَا بَايَعَهُ الْأُمَرَاءُ وَالْأَعْيَانُ، وَخُطِبَ لَهُ عَلَى الْمَنَابِرِ بِبَغْدَادَ وَسَائِرِ الْبِلَادِ، وَكَانَ إِذْ ذَاكَ كَبِيرًا لَهُ أَوْلَادٌ، وَكَانَ أَبْيَضَ جَسِيمًا حَسَنَ اللَّوْنِ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ جِيءَ بِالْمُسْتَرْشِدِ - قَدْ نُقِلَ مِنْ هُنَاكَ إِلَى بَغْدَادَ - فَصُلِّيَ عَلَيْهِ بِبَيْتِ النُّوبَةِ وَكَثُرَ الزِّحَامُ وَخَرَجَ النَّاسُ لِصَلَاةِ الْعِيدِ مِنَ الْغَدِ، وَهُمْ فِي حُزْنٍ شَدِيدٍ عَلَى الْمُسْتَرْشِدِ، وَقَدْ ظَهَرَ الرَّفْضُ قَلِيلًا فِي أَوَّلِ أَيَّامِ الرَّاشِدِ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عُمَرَ أَبُو الْمُظَفَّرِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الشَّاشِيُّ، تَفَقَّهَ بِأَبِيهِ وَاخْتَرَمَتْهُ الْمَنِيَّةُ بَعْدَ أَخِيهِ وَلَمْ يَبْلُغْ سِنَّ الرِّوَايَةِ. إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَلِيٍّ أَبُو الْقَاسِمِ الْحَاكِمِيُّ تَفَقَّهَ بِإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ، وَكَانَ رَفِيقَ الْغَزَالِيِّ فِي الِاشْتِغَالِ وَأَسَنَّ مِنْهُ، فَلِهَذَا كَانَ الْغَزَالِيُّ يَحْتَرِمُهُ وَيُكْرِمُهُ وَكَانَ فَقِيهًا بَارِعًا وَعَابِدًا وَرِعًا، كَانَتْ وَفَاتُهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ
পৃষ্ঠা - ১০২৩৩
بِطُوسَ وَدُفِنَ إِلَى جَانِبِ الْغَزَالِيِّ، رَحِمَهُمَا اللَّهُ. دُبَيْسُ بْنُ صَدَقَةَ بْنِ مَنْصُورِ بْنِ دُبَيْسِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَزْيَدٍ أَبُو الْأَعَزِّ الْأَسَدِيُّ الْأَمِيرُ، مِنْ بَيْتِ الْإِمْرَةِ وِسَادَةِ الْأَعْرَابِ كَانَ شُجَاعًا بَطَلًا فَعَلَ الْأَفَاعِيلَ وَتَمَزَّقَ فِي الْبِلَادِ مِنْ خَوْفِهِ مِنَ الْخَلِيفَةِ ثُمَّ اسْتُرْضِيَ عَنْهُ الْخَلِيفَةُ الْمُسْتَرْشِدُ كَمَا ذَكَرْنَا، فَلَمَّا قُتِلَ الْخَلِيفَةُ عَاشَ بَعْدَهُ أَرْبَعَةً وَثَلَاثِينَ يَوْمًا، ثُمَّ اتُّهِمَ عِنْدَ السُّلْطَانِ مَسْعُودٍ بِأَنَّهُ قَدْ كَاتَبَ زَنْكِي يَنْهَاهُ عَنِ الْقُدُومِ عَلَى السُّلْطَانِ، وَيَأْمُرُهُ أَنْ يَنْجُوَ بِنَفْسِهِ فَبَعَثَ إِلَيْهِ السُّلْطَانُ غُلَامًا أَرْمَنِيًّا فَوَجَدَهُ مُنَكِّسًا رَأْسَهُ يُفَكِّرُ فِي أَمْرِهِ فَمَا كَلَّمَهُ حَتَّى شَهَرَ سَيْفَهُ وَضَرَبَهُ بِهِ فَأَبَانَ رَأْسَهُ عَنْ جُثَّتِهِ، وَيُقَالُ: بَلِ اسْتَدْعَاهُ السُّلْطَانُ إِلَيْهِ فَقَتَلَهُ صَبْرًا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ. طُغْرُلُ السُّلْطَانُ بْنُ السُّلْطَانِ مُحَمَّدِ بْنِ مَلِكْشَاهْ تُوفِّيَ بِهَمَذَانَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ ثَالِثَ الْمُحَرَّمِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرْزِيجَانِيُّ، كَانَ عَابِدًا زَاهِدًا حَكَى ابْنُ الْجَوْزِيِّ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ بِأَنَّ الْقُدْرَةَ تَتَعَلَّقُ بِالْمُسْتَحِيلِ، ثُمَّ أَنْكَرَ ذَلِكَ وَعُذِرَ بِجَهْلِهِ وَعَدَمِ تَعَقُّلِهِ لِمَا يَقُولُ.
পৃষ্ঠা - ১০২৩৪
الْفَضْلُ أَبُو مَنْصُورٍ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الْمُسْتَرْشِدُ بِاللَّهِ، كَانَ مِنْ خِيَارِ الْخُلَفَاءِ الْعَبَّاسِيِّينَ شَهْمًا شُجَاعًا يُبَاشِرُ الْحُرُوبَ بِنَفْسِهِ وَقَدْ أَسْلَفْنَا ذَلِكَ فِيمَا تَقَدَّمَ. قَتَلَتْهُ الْبَاطِنِيَّةُ بِبَابِ مَرَاغَةَ يَوْمَ الْخَمِيسِ السَّابِعَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، ثُمَّ نُقِلَ إِلَى بَغْدَادَ فَدُفِنَ بِهَا، رَحِمَهُ اللَّهُ وَبَلَّ بِالرَّحْمَةِ ثَرَاهُ وَجَعَلَ الْجَنَّةَ مَنْزِلَتَهُ وَمَأْوَاهُ.
পৃষ্ঠা - ১০২৩৫
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا وَقَعَ بَيْنَ الْخَلِيفَةِ الرَّاشِدِ وَبَيْنَ السُّلْطَانِ مَسْعُودٍ بِسَبَبِ أَنَّهُ أَرْسَلَ إِلَى الْخَلِيفَةِ يَطْلُبُ مِنْهُ مَا كَانَ كَتَبَهُ لَهُ وَالِدُهُ الْمُسْتَرْشِدُ حِينَ أَسَرَهُ، الْتَزَمَ لَهُ بِأَرْبَعِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، فَامْتَنَعَ مِنْ أَدَاءِ ذَلِكَ وَقَالَ لَيْسَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِلَّا السَّيْفُ، فَوَقَعَ بَيْنَهُمَا الْخُلْفُ فَاسْتَجَاشَ السُّلْطَانُ الْعَسَاكِرَ وَاسْتَنْهَضَ الْخَلِيفَةُ الْأُمَرَاءَ وَأَرْسَلَ إِلَى عِمَادِ الدِّينِ زَنْكِي، فَجَاءَ وَالْتَفَّ عَلَيْهِ خَلَائِقُ، وَجَاءَ فِي غُبُونِ ذَلِكَ السُّلْطَانُ دَاوُدُ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَلِكْشَاهْ فَخَطَبَ لَهُ الْخَلِيفَةُ بِبَغْدَادَ وَخَلَعَ عَلَيْهِ وَبَايَعَهُ عَلَى الْمُلْكِ، فَتَأَكَّدَتِ الْوَحْشَةُ بَيْنَ السُّلْطَانِ وَالْخَلِيفَةِ جِدًّا، وَبَرَزَ الْخَلِيفَةُ إِلَى ظَاهِرِ بَغْدَادَ، وَمَشَى الْجَيْشُ بَيْنَ يَدَيْهِ كَمَا كَانُوا يُعَامِلُونَ أَبَاهُ قَبْلَهُ، وَذَلِكَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ سَلْخَ شَعْبَانَ، وَخَرَجَ السُّلْطَانُ دَاوُدُ مِنْ جَانِبٍ آخَرَ، فَلَمَّا بَلَغَهُمْ كَثْرَةُ جُيُوشِ السُّلْطَانِ مَسْعُودٍ حَسَّنَ عِمَادُ الدِّينِ زَنْكِي لِلْخَلِيفَةِ أَنْ يَذْهَبَ مَعَهُ إِلَى الْمَوْصِلِ، وَاتَّفَقَ دُخُولُ السُّلْطَانِ مَسْعُودٍ إِلَى بَغْدَادَ فِي غَيْبَتِهِمْ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ رَابِعَ شَوَّالٍ، فَاسْتَحْوَذَ عَلَى دَارِ الْخِلَافَةِ بِمَا فِيهَا جَمِيعِهِ، ثُمَّ اسْتَخْلَصَ مِنْ نِسَاءِ الْخَلِيفَةِ وَحَظَايَاهُ الْحُلِيَّ وَالْمَصَاغَ وَالثِّيَابَ الَّتِي لِلزِّينَةِ وَغَيْرَ ذَلِكَ، وَجَمَعَ الْقُضَاةَ وَالْفُقَهَاءَ وَأَبْرَزَ لَهُمْ خَطَّ الرَّاشِدِ أَنَّهُ مَتَى خَرَجَ مِنْ بَغْدَادَ لِقِتَالِ السُّلْطَانِ فَقَدْ خَلَعَ نَفْسَهُ مِنَ الْخِلَافَةِ، فَأَفْتَى مَنْ أَفْتَى مِنَ الْفُقَهَاءِ بِخَلْعِهِ، فَخُلِعَ فِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ سَادِسَ عَشَرَ شَهْرِ ذِي الْقَعْدَةِ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ، وَفُتَيَا أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ
পৃষ্ঠা - ১০২৩৬
وَكَانَتْ خِلَافَتُهُ أَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا وَأَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا، وَاسْتَدْعَى السُّلْطَانُ بِعَمِّهِ الْمُقْتَفِي بْنِ الْمُسْتَظْهِرِ فَبُويِعَ بِالْخِلَافَةِ، عِوَضًا عَنِ ابْنِ أَخِيهِ الرَّاشِدِ بِاللَّهِ. [خِلَافَةُ الْمُقْتَفِي لِأَمْرِ اللَّهِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُسْتَظْهِرِ بِاللَّهِ] وَأُمُّهُ صَفْرَاءُ تُسَمَّى نُسَيْمَ وَيُقَالُ لَهَا: سِتُّ السَّادةِ، وَلَهُ مِنَ الْعُمْرِ يَوْمئِذٍ أَرْبَعُونَ سَنَةً، بُويِعَ بِالْخِلَافَةِ بَعْدَ خَلْعِ الرَّاشِدِ بِيَوْمَيْنِ وَخُطِبَ لَهُ عَلَى الْمَنَابِرِ، يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِعِشْرِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ، وَلُقِّبَ بِالْمُقْتَفِي ; لِأَنَّهُ يُقَالُ إِنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي الْمَنَامِ وَهُوَ يَقُولُ لَهُ: سَيَصِلُ هَذَا الْأَمْرُ إِلَيْكَ فَاقْتَفِ بِي. فَصَارَ إِلَيْهِ بَعْدَ سِتَّةِ أَيَّامٍ فَلُقِّبَ بِذَلِكَ لِذَلِكَ. فَائِدَةٌ حَسَنَةٌ يَنْبَغِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهَا وَلِيَ الْمُقْتَفِي وَالْمُسْتَرْشِدُ الْخِلَافَةَ وَكَانَا أَخَوَيْنِ، وَكَذَلِكَ السَّفَّاحُ وَالْمَنْصُورُ وَكَذَلِكَ الْهَادِي وَالرَّشِيدُ ابْنَا الْمَهْدِيِّ وَكَذَلِكَ الْوَاثِقُ وَالْمُتَوَكِّلُ ابْنَا الْمُعْتَصِمِ أَخَوَانِ، وَأَمَّا ثَلَاثَةُ إِخْوَةٍ فَالْأَمِينُ وَالْمَأْمُونُ وَالْمُعْتَصِمُ بَنُو الرَّشِيدِ، وَالْمُنْتَصِرُ وَالْمُعْتَزُّ وَالْمُعْتَمِدُ بَنُو الْمُتَوَكِّلِ، وَالْمُكْتَفِي وَالْمُقْتَدِرُ وَالْقَاهِرُ بَنُو الْمُعْتَضِدِ، وَالرَّاضِي وَالْمُقْتَفِي وَالْمُطِيعُ بَنُو الْمُقْتَدِرِ، وَأَمَّا أَرْبَعَةُ إِخْوَةٍ فَلَمْ يَكُنْ إِلَّا فِي بَنِي أُمَيَّةَ وَهُمُ: الْوَلِيدُ وَسُلَيْمَانُ وَيَزِيدُ وَهِشَامُ بَنُو عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ. وَلَمَّا اسْتَقَرَّ الْمُقْتَفِي بِالْخِلَافَةِ اسْتَمَرَّ الرَّاشِدُ ذَاهِبًا إِلَى الْمَوْصِلِ صُحْبَةَ صَاحِبِهَا عِمَادِ الدِّينِ زَنْكِي فَدَخَلَهَا فِي ذِي الْحِجَّةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ.
পৃষ্ঠা - ১০২৩৭
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: مُحَمَّدُ بْنُ حَمَّوَيْهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَمَّوَيْهِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجُوَيْنِيُّ، رَوَى الْحَدِيثَ وَكَانَ صَدُوقًا مَشْهُورًا بِالْعِلْمِ وَالزُّهْدِ، وَلَهُ كَرَامَاتٌ، دَخَلَ إِلَى بَغْدَادَ فَلَمَّا وَدَّعَهُمْ أَنْشَدَهُمْ: لَئِنْ كَانَ لِي مِنْ بَعْدُ عَوْدٌ إِلَيْكُمُ ... قَضَيْتُ لُبَانَاتِ الْفُؤَادِ لَدَيْكُمُ وَإِنْ تَكُنِ الْأُخْرَى وَفِي الْغَيْبِ عِبْرَةٌ ... وَحَالَ قَضَاءٌ فَالسَّلَامُ عَلَيْكُمُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَبِيبٍ أَبُو بَكْرٍ الْعَامِرِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْخَبَّازَةِ، سَمِعَ الْحَدِيثَ وَرَحَلَ فِي طَلَبِهِ، وَكَانَتْ لَهُ مَعْرِفَةٌ بِالْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ، وَقَدْ شَرَحَ كِتَابَ " الشِّهَابِ "، وَكَانَ يَعِظُ النَّاسَ عَلَى طَرِيقِ التَّصَوُّفِ، وَكَانَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِيمَنْ تَأَدَّبَ بِهِ وَقَدْ أَثْنَى عَلَيْهِ، وَمِنْ شِعْرِهِ: كَيْفَ احْتِيَالِي وَهَذَا فِي الْهَوَى حَالِي ... وَالشَّوْقُ أَمْلَكُ لِي مِنْ عَذْلِ عُذَّالِي وَكَيْفَ أَسْلُو وَفِي حُبِّي لَهُ شُغُلٌ ... يَحُولُ بَيْنَ مُهِمَّاتِي وَأَشْغَالِي وَقَدِ ابْتَنَى رِبَاطًا، فَكَانَ عِنْدَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُتَعَبِّدِينَ وَالزُّهَّادِ، وَلَمَّا احْتَضَرَ أَوْصَاهُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ وَالْإِخْلَاصِ ثُمَّ شَرَعَ فِي النَّزْعِ وَعَرَقَ جَبِينُهُ فَمَدَّ يَدَهُ ثُمَّ قَالَ:
পৃষ্ঠা - ১০২৩৮
هَا قَدْ بَسَطْتُ يَدِي إِلَيْكَ فَرُدَّهَا ... بِالْفَضْلِ لَا بِشَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ ثُمَّ قَالَ أَرَى الْمَشَايِخَ بَيْنَ أَيْدِيهِمُ الْأَطْبَاقُ، وَهُمْ يَنْتَظِرُونَنِي ثُمَّ مَاتَ، وَذَلِكَ لَيْلَةَ الْأَرْبِعَاءِ نِصْفَ رَمَضَانَ وَدُفِنَ بِرِبَاطِهِ ثُمَّ غَرِقَ رِبَاطُهُ وَقَبْرُهُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ. مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْعَبَّاسِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصَّاعِدِيُّ الْفُرَاوِيُّ كَانَ أَبُوهُ مِنْ ثَغْرِ فُرَاوَةَ وَسَكَنَ نَيْسَابُورَ فَوُلِدَ لَهُ بِهَا مُحَمَّدٌ هَذَا، وَقَدْ سَمِعَ الْحَدِيثَ الْكَثِيرَ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنَ الْمَشَايِخِ بِالْآفَاقِ، وَتَفَقَّهَ وَأَفْتَى وَنَاظَرَ وَوَعَظَ، وَكَانَ ظَرِيفًا حَسَنَ الْوَجْهِ جَمِيلَ الْمُعَاشَرَةِ كَثِيرَ التَّبَسُّمِ، وَأَمْلَى أَكْثَرَ مِنْ أَلْفِ مَجْلِسٍ وَرَحَلَ إِلَيْهِ الطَّلَبَةُ مِنَ الْآفَاقِ حَتَّى كَانَ يُقَالُ: لِلْفُرَاوِيِّ أَلْفُ رَاوٍ. وَقِيلَ: إِنَّ ذَلِكَ كَانَ مَكْتُوبًا فِي خَاتَمِهِ، وَقَدْ أَسْمَعَ " صَحِيحَ مُسْلِمٍ " قَرِيبًا مِنْ عِشْرِينَ مَرَّةً. تُوُفِّيَ فِي شَوَّالٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ تِسْعِينَ سَنَةً، رَحِمَهُ اللَّهُ.
পৃষ্ঠা - ১০২৩৯
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا كَثُرَ مَوْتُ الْفَجْأَةِ بِأَصْبَهَانَ، فَمَاتَ أُلُوفٌ مِنَ النَّاسِ وَأُغْلِقَتْ دُورٌ كَثِيرَةٌ. وَفِيهَا تَزَوَّجَ الْخَلِيفَةُ بِالْخَاتُونَ فَاطِمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدِ بْنِ مَلِكْشَاهْ عَلَى صَدَاقِ مِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، فَحَضَرَ أَخُوهَا السُّلْطَانُ مَسْعُودٌ الْعَقْدَ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَعْيَانِ الدَّوْلَةِ، وَالْوُزَرَاءُ وَالْأُمَرَاءُ وَنُثِرَ عَلَى النَّاسِ أَنْوَاعُ النِّثَارِ. وَفِيهَا صَامَ أَهْلُ بَغْدَادَ رَمَضَانَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا، وَلَمْ يَرَوُا الْهِلَالَ لَيْلَةَ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ مَعَ كَوْنِ السَّمَاءِ كَانَتْ مُصْحِيَةً. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَهَذَا شَيْءٌ لَمْ يَقَعْ مِثْلُهُ. وَفِيهَا هَرَبَ وَزِيرُ صَاحِبِ مِصْرَ وَهُوَ تَاجُ الدَّوْلَةِ بَهْرَامُ النَّصْرَانِيُّ، وَقَدْ كَانَ تَمَكَّنَ فِي الْبِلَادِ وَأَسَاءَ السِّيرَةَ فَتَطَلَّبَهُ الْخَلِيفَةُ الْحَافِظُ حَتَّى أَخَذَهُ فَسَجَنَهُ، ثُمَّ أَطْلَقَهُ فَتَرَهَّبَ وَتَرَكَ الْعَمَلَ، فَاسْتَوْزَرَ بَعْدَهُ رِضْوَانَ بْنَ الزَّنْجِيِّ، وَلَقَّبَهُ الْمَلِكَ الْأَفْضَلَ وَلَمْ يُلَقَّبْ وَزِيرٌ بِذَلِكَ قَبْلَهُ، ثُمَّ وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَافِظِ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ
পৃষ্ঠা - ১০২৪০
الْخَلِيفَةُ حَتَّى قَتَلَهُ وَاشْتَغَلَ بِتَدْبِيرِ أُمُورِهِ وَحْدَهُ. وَفِيهَا مَلَكَ عِمَادُ الدِّينِ زَنْكِي عِدَّةَ بِلَادٍ. وَفِيهَا ظَهَرَ بِالشَّامِ سَحَابٌ أَسْوَدُ أَظْلَمَتْ لَهُ الدُّنْيَا، ثُمَّ ظَهَرَ بَعْدَهُ سَحَابٌ أَحْمَرُ كَأَنَّهُ نَارٌ أَضَاءَتْ لَهُ الدُّنْيَا، ثُمَّ جَاءَتْ رِيحٌ عَاصِفٌ أَلْقَتْ أَشْجَارًا كَثِيرَةً، ثُمَّ وَقَعَ مَطَرٌ شَدِيدٌ وَسَقَطَ بَرَدٌ كِبَارٌ. وَفِيهَا قَصَدَ مَلِكُ الرُّومِ بِلَادَ الشَّامِ فَأَخَذَ بِلَادًا كَثِيرَةً مِنْ أَيْدِي الْفِرِنْجِ، وَأَطَاعَهُ أَلْيُونُ بْنُ مَلِكِ الْأَرْمَنِ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ الْحَسَنِ أَبُو سَعْدٍ الْخُجَنْدِيُّ، تَفَقَّهَ عَلَى وَالِدِهِ الْإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ الْخُجَنْدِيِّ الْأَصْبَهَانِيِّ، وَوَلِيَ التَّدْرِيسَ بِالْمَدْرَسَةِ النِّظَامِيَّةِ بِبَغْدَادَ مِرَارًا، وَيُعْزَلُ عَنْهَا، وَقَدْ سَمِعَ الْحَدِيثَ وَوَعَظَ، وَتُوُفِّيَ فِي غُرَّةِ شَعْبَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَقَدْ قَارَبَ التِّسْعِينَ. هِبَةُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ الْحَرِيرِيُّ، يُعْرَفُ بِابْنِ الطَّبَرِ، سَمِعَ الْكَثِيرَ، وَهُوَ آخِرُ مَنْ رَوَى عَنْ أَبِي الْحَسَنِ ابْنِ زَوْجِ الْحُرَّةِ، وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ، وَكَانَ ثَبَتًا صَحِيحَ السَّمَاعِ، كَثِيرَ الذِّكْرِ وَالتِّلَاوَةِ، مُمَتَّعًا بِحَوَاسِّهِ وَقُوَاهُ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الْأُولَى مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ سِتٍّ وَتِسْعِينَ سَنَةً رَحِمَهُ اللَّهُ.
পৃষ্ঠা - ১০২৪১
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثِنْتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا قُتِلَ الْخَلِيفَةُ الرَّاشِدُ الْمَخْلُوعُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ اجْتَمَعَ مَعَهُ الْمَلِكُ دَاوُدُ وَجَمَاعَةٌ مِنْ كِبَارِ الْأُمَرَاءِ، فَقَصَدُوا قِتَالَ مَسْعُودٍ بِأَرْضِ مَرَاغَةَ فَهَزَمَهُمْ وَبَدَّدَ شَمْلَهُمْ وَقَتَلَ مِنْهُمْ خَلْقًا صَبْرًا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْهُمْ صَدَقَةُ بْنُ دُبَيْسٍ وَوَلَّى أَخَاهُ مُحَمَّدًا مَكَانَهُ عَلَى الْحِلَّةِ وَهَرَبَ الْخَلِيفَةُ الرَّاشِدُ الْمَخْلُوعُ فَدَخَلَ أَصْبَهَانَ فَقَتَلَهُ مَنْ كَانَ يَخْدُمُهُ مِنَ الْخُرَاسَانِيَّةِ، وَكَانَ قَدْ بَرَأَ مِنْ وَجَعٍ أَصَابَهُ، فَقَتَلُوهُ فِي الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ، وَدُفِنَ بِشَهْرَسْتَانَ ظَاهِرَ أَصْبَهَانَ وَقَدْ كَانَ حَسَنَ اللَّوْنِ مَلِيحَ الْوَجْهِ شَدِيدَ الْقُوَّةِ مَهِيبًا. أُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. وَفِيهَا كَسَا الْكَعْبَةَ رَجُلٌ مِنَ التُّجَّارِ يُقَالُ لَهُ رَاسَتُ الْفَارِسِيُّ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفَ دِينَارٍ ; وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ تَأْتِهَا كُسْوَةٌ فِي هَذَا الْعَامِ لِاخْتِلَافِ الْمُلُوكِ. وَفِيهَا كَانَتْ زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ بِبِلَادِ الشَّامِ وَالْجَزِيرَةِ وَالْعِرَاقِ فَانْهَدَمَ شَيْءٌ كَثِيرٌ، وَمَاتَ تَحْتَ الْهَدْمِ خَلْقٌ كَثِيرٌ وَجَمٌّ غَفِيرٌ. وَفِيهَا كَانَ بِخُرَاسَانَ غَلَاءٌ شَدِيدٌ
পৃষ্ঠা - ১০২৪২
حَتَّى أَكَلُوا الْكِلَابَ. وَفِيهَا أَخَذَ الْمَلِكُ عِمَادُ الدِّينِ زَنْكِي مَدِينَةَ حِمْصَ فِي الْمُحَرَّمِ وَتَزَوَّجَ فِي رَمَضَانَ بِالسِّتِّ زُمُرُّدَ خَاتُونَ، أُمِّ صَاحِبِ دِمَشْقَ وَهِيَ الَّتِي تُنْسَبُ إِلَيْهَا الْخَاتُونِيَّةُ الْبَرَّانِيَّةُ. وَفِيهَا مَلَكَ صَاحِبُ الرُّومِ مَدِينَةَ بُزَاعَةَ وَهِيَ عَلَى سِتَّةِ فَرَاسِخَ مِنْ حَلَبَ، فَجَاءَ أَهْلُهَا الَّذِينَ نَجَوْا مِنَ الْقَتْلِ وَالسَّبْيِ يَسْتَغِيثُونَ بِالْمُسْلِمِينَ بِبَغْدَادَ، فَمُنِعَتِ الْخُطْبَةُ بِبَغْدَادَ وَجَرَتْ فِتَنٌ طَوِيلَةٌ. وَفِيهَا تَزَوَّجَ السُّلْطَانُ مَسْعُودٌ سَفْرَى بِنْتَ دُبَيْسِ بْنِ صَدَقَةَ، وَزُيِّنَتْ بَغْدَادُ لِذَلِكَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: فَحَصَلَ بِسَبَبِ ذَلِكَ فَسَادٌ عَرِيضٌ طَوِيلٌ مُنْتَشِرٌ ثُمَّ تَزَوَّجَ ابْنَةَ عَمِّهِ فَزُيِّنَتْ بَغْدَادُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَيْضًا. وَفِيهَا وُلِدَ السُّلْطَانُ النَّاصِرُ صَلَاحُ الدِّينِ يُوسُفُ بْنُ أَيُّوبَ بْنِ شَاذِيٍّ بِقَلْعَةِ تَكْرِيتَ. وَفِيهَا حَجَّ بِالنَّاسِ الْأَمِيرُ نَظَرٌ الْخَادِمُ، وَكَذَا فِي السَّنَوَاتِ الَّتِي قَبْلَهَا، أَثَابَهُ اللَّهُ تَعَالَى. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الْفَتْحِ الدِّينَوَرِيُّ الْحَنْبَلِيُّ، سَمِعَ الْحَدِيثَ وَتَفَقَّهَ عَلَى أَبِي الْخَطَّابِ الْكَلْوَذَانِيِّ، وَأَفْتَى وَدَرَّسَ وَنَاظَرَ وَكَانَ أَسْعَدُ الْمِيهَنِيُّ يَقُولُ: مَا اعْتَرَضَ أَبُو بَكْرٍ الدِّينَوَرِيُّ عَلَى دَلِيلِ أَحَدٍ
পৃষ্ঠা - ১০২৪৩
إِلَّا ثَلَمَهُ، وَقَدْ تَخَرَّجَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ وَأَنْشَدَ عَنْهُ قَوْلَهُ: تَمَنَّيْتُ أَنْ تُمْسِيَ فَقِيهًا مُنَاظِرًا ... بِغَيْرِ عَنَاءٍ فَالْجُنُونُ فُنُونُ وَلَيْسَ اكْتِسَابُ الْمَالِ دُونَ مَشَقَّةٍ ... تَلَقَّيْتَهَا فَالْعِلْمُ كَيْفَ يَكُونُ عَبْدُ الْمُنْعِمِ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ هَوَازِنَ أَبُو الْمُظَفَّرِ الْقُشَيْرِيُّ آخِرُ مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ سَمِعَ أَبَاهُ وَأَبَا بَكْرٍ الْبَيْهَقِيَّ وَغَيْرَهُمَا وَسَمِعَ مِنْهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ الْأَنْمَاطِيُّ، وَأَجَازَ ابْنَ الْجَوْزِيِّ وَقَارَبَ التِّسْعِينَ. مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ أَبُو الْحَسَنِ الْكَرَجِيُّ، سَمِعَ الْكَثِيرَ فِي بِلَادٍ شَتَّى، وَكَانَ فَقِيهًا مُفْتِيًا، تَفَقَّهَ بِأَبِي إِسْحَاقَ وَغَيْرِهِ مِنْ أَئِمَّةِ الشَّافِعِيَّةِ وَكَانَ أَدِيبًا شَاعِرًا فَصِيحًا، وَلَهُ مُصَنَّفَاتٌ كَثِيرَةٌ ; مِنْهَا الْفُصُولُ فِي اعْتِقَادِ الْأَئِمَّةِ الْفُحُولِ، يَذْكُرُ فِيهِ مَذَاهِبَ السَّلَفِ فِي بَابِ الِاعْتِقَادِ، وَيَحْكِي فِيهِ أَشْيَاءَ غَرِيبَةً حَسَنَةً، وَلَهُ تَفْسِيرٌ وَكِتَابٌ فِي الْفِقْهِ وَكَانَ لَا يَقْنُتُ فِي الْفَجْرِ، وَيَقُولُ: لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ فِي حَدِيثٍ، وَقَدْ كَانَ إِمَامُنَا الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: إِذَا صَحَّ الْحَدِيثُ فَاضْرِبُوا بِقَوْلِي هَذَا الْحَائِطَ، وَقَدْ كَانَ حَسَنَ الصُّورَةِ جَمِيلَ الْمُعَاشَرَةِ وَمِنْ شِعْرِهِ:
পৃষ্ঠা - ১০২৪৪
تَنَاءَتْ دَارُهُ عَنِّي وَلَكِنْ ... خَيَالُ جَمَالِهِ فِي الْقَلْبِ سَاكِنْ إِذَا امْتَلَأَ الْفُؤَادُ بِهِ فَمَاذَا ... يَضُرُّ إِذَا خَلَتْ مِنْهُ الْأَمَاكِنْ تُوُفِّيَ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَقَدْ جَاوَزَ السَّبْعِينَ. الْخَلِيفَةُ الرَّاشِدُ مَنْصُورُ بْنُ الْمُسْتَرْشِدِ وَلِيَ الْخِلَافَةَ بَعْدَ أَبِيهِ ثُمَّ خُلِعَ، فَذَهَبَ مَعَ الْعِمَادِ زَنْكِي إِلَى أَرْضِ الْمَوْصِلِ، ثُمَّ جَمَعَ جُمُوعًا فَاقْتَتَلَ مَعَ الْمَلِكِ مَسْعُودٍ فِي هَذِهِ السَّنَةِ فَهَزَمَهُمْ، فَذَهَبَ إِلَى أَصْبَهَانَ فَقُتِلَ بَعْدَ مَرَضٍ أَصَابَهُ، فَقِيلَ: إِنَّهُ سُمَّ، وَقِيلَ: قَتَلَتْهُ الْبَاطِنِيَّةُ وَقِيلَ: قَتَلَهُ الْفَرَّاشُونَ الَّذِينَ كَانُوا يَلُونَ أَمْرَهُ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ حَكَى ابْنُ الْجَوْزِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصُّولِيِّ أَنَّهُ قَالَ: النَّاسُ يَقُولُونَ: كُلُّ سَادِسٍ يَقُومُ بِأَمْرِ النَّاسِ مِنْ أَوَّلِ الْإِسْلَامِ لَا بُدَّ أَنْ يُخْلَعَ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: فَتَأَمَّلْتُ ذَلِكَ فَرَأَيْتُهُ عَجَبًا ; قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرُ ثُمَّ عُثْمَانُ ثُمَّ عَلِيٌّ ثُمَّ الْحَسَنُ فَخُلِعَ، ثُمَّ مُعَاوِيَةُ وَيَزِيدُ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ يَزِيدَ وَمَرْوَانُ وَعَبْدُ الْمَلِكِ ثُمَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ فَخُلِعَ وَقُتِلَ، ثُمَّ الْوَلِيدُ وَسُلَيْمَانُ ثُمَّ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَيَزِيدُ وَهِشَامٌ ثُمَّ الْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ فَخُلِعَ وَقُتِلَ، وَلَمْ يَنْتَظِمْ لِبَنِي أُمَيَّةَ بَعْدَهُ أَمْرٌ حَتَّى قَامَ السَّفَّاحُ الْعَبَّاسِيُّ ثُمَّ أَخُوهُ الْمَنْصُورُ ثُمَّ الْمَهْدِيُّ ثُمَّ الْهَادِي ثُمَّ الرَّشِيدُ ثُمَّ الْأَمِينُ فَخُلِعَ وَقُتِلَ، ثُمَّ الْمَأْمُونُ وَالْمُعْتَصِمُ
পৃষ্ঠা - ১০২৪৫
وَالْوَاثِقُ وَالْمُتَوَكِّلُ وَالْمُنْتَصِرُ ثُمَّ الْمُسْتَعِينُ فَخُلِعَ وَقُتِلَ، ثُمَّ الْمُعْتَزُّ وَالْمُهْتَدِي وَالْمُعْتَمِدُ وَالْمُعْتَضِدُ وَالْمُكْتَفِي ثُمَّ الْمُقْتَدِرُ فَخُلِعَ ثُمَّ أُعِيدَ فَقُتِلَ، ثُمَّ الْقَاهِرُ وَالرَّاضِي وَالْمُتَّقِي وَالْمُكْتَفِي وَالْمُطِيعُ ثُمَّ الطَّائِعُ فَخُلِعَ، ثُمَّ الْقَادِرُ وَالْقَائِمُ وَالْمُقْتَدِي وَالْمُسْتَظْهِرُ وَالْمُسْتَرْشِدُ ثُمَّ الرَّاشِدُ فَخُلِعَ وَقُتِلَ. أَنُوشِرْوَانُ بْنُ خَالِدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقَاشَانِيُّ الْفِينِيُّ مِنْ قَرْيَةِ فِينَ مِنْ قَاشَانَ الْوَزِيرُ أَبُو نَصْرٍ وَزَرَ لِلسُّلْطَانِ مَحْمُودٍ وَلِلْخَلِيفَةِ الْمُسْتَرْشِدِ، وَكَانَ عَاقِلًا مَهِيبًا عَظِيمَ الْخِلْقَةِ، وَهُوَ الَّذِي أَلْزَمَ أَبَا مُحَمَّدٍ الْحَرِيرِيَّ بِتَكْمِيلِ الْمَقَامَاتِ، وَكَانَ سَبَبَ ذَلِكَ أَنَّ أَبَا مُحَمَّدٍ الْحَرِيرِيَّ كَانَ جَالِسًا ذَاتَ يَوْمٍ فِي مَسْجِدِ بَنِي حَرَامٍ مِنْ مَحَالِّ الْبَصْرَةِ فَدَخَلَ عَلَيْهِ شَيْخٌ ذُو طِمْرَيْنِ، فَقَالُوا: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا رَجُلٌ مِنْ سَرُوجَ يُقَالُ لِي أَبُو زَيْدٍ، فَعَمِلَ الْحَرِيرِيُّ الْمَقَامَةَ الْحَرَامِيَّةَ وَاشْتُهِرَتْ فِي النَّاسِ، فَلَمَّا طَالَعَهَا الْوَزِيرُ أَنُوشِرْوَانُ أُعْجِبَ بِهَا، وَكَلَّفَ أَبَا مُحَمَّدٍ الْحَرِيرِيَّ أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهَا غَيْرَهَا فَعَمِلَ مَعَهَا تَمَامَ خَمْسِينَ مَقَامَةً، فَهِيَ هَذِهِ الْمَشْهُورَةُ الْمُتَدَاوَلَةُ بَيْنَ النَّاسِ، وَقَدْ كَانَ الْوَزِيرُ كَرِيمًا مُحَمَّدًا غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ يُنْسَبُ إِلَى التَّشَيُّعِ وَقَدْ مَدَحَهُ الْحَرِيرِيُّ فَقَالَ: أَلَا لَيْتَ شِعْرِي وَالتَّمَنِّي تَعِلَّةٌ ... وَإِنْ كَانَ فِيهِ رَاحَةٌ لِأَخِي الْكَرْبِ أَتَدْرُونَ أَنِّي مُذْ تَنَاءَتْ دِيَارُكُمْ ... وَشَطَّ اقْتِرَابِي مِنْ جَنَابِكُمُ الرَّحْبِ أُكَابِدُ شَوْقًا مَا يَزَالُ أُوَارُهُ ... يُقَلِّبُنِي فِي اللَّيْلِ جَنْبًا عَلَى جَنْبِ
পৃষ্ঠা - ১০২৪৬
وَأَذْكُرُ أَيَّامَ التَّلَاقِي فَأَنْثَنِي ... لِتِذْكَارِهَا بَادِي الْأَسَى طَائِرَ اللُّبِّ وَلِي حَنَّةٌ فِي كُّلِّ وَقْتٍ إِلَيْكُمُ ... وَلَا حَنَّةُ الصَّادِي إِلَى الْبَارِدِ الْعَذْبِ فَوَاللَّهِ لَوْ أَنِّي كَتَمْتُ هَوَاكُمُ ... لَمَا كَانَ مَكْتُومًا بِشَرْقٍ وَلَا غَرْبِ وَمِمَّا شَجَا قَلْبِي الْمُعَنَّى وَشَفَّهُ ... رِضَاكُمْ بِإِهْمِالِ الْإِجَابَةِ عَنْ كُتْبِي وَقَدْ كُنْتُ لَا أَخْشَى مَعَ الذَّنْبِ جَفْوَةً ... فَقَدْ صِرْتُ أَخْشَاهَا وَمَا لِيَ مِنْ ذَنْبِ وَلَمَّا سَرَى الْوَفْدُ الْعِرَاقِيُّ نَحْوَكُمْ ... وَأَعْوَزَنِي الْمَسْرَى إِلَيْكُمْ مَعَ الرَّكْبِ جَعَلْتُ كِتَابِي نَائِبِي عَنْ ضَرُورَةٍ ... وَمَنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً تَيَمَّمَ بِالتُّرْبِ وَنَفَّذْتُ أَيْضًا بَضْعَةً مِنْ جَوَارِحِي ... لِتُنْبِئَكَمْ عَنْ شَرْحِ حَالِي وَتَسْتَنْبِي وَلَسْتُ أَرَى إِذْ كَارَكُمْ بَعْدَ خُبْرِكُمْ ... بِمَكْرُمَةٍ حَسْبِي اهْتِزَازُكُمُ حَسْبِي
পৃষ্ঠা - ১০২৪৭
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا كَانَتْ زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ بِمَدِينَةِ جَنْزَةَ، مَاتَ بِسَبَبِهَا مِائَتَا أَلْفٍ وَثَلَاثُونَ أَلْفًا، وَصَارَ مَكَانُهَا مَاءً أَسْوَدَ عَشَرَةَ فَرَاسِخَ فِي مِثْلِهَا، وَزُلْزِلَ أَهْلُ حَلَبَ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ ثَمَانِينَ مَرَّةً وَفِيهَا وَضَعَ السُّلْطَانُ مَسْعُودٌ مُكُوسًا كَثِيرَةً عَنِ النَّاسِ، وَكَثُرَتِ الْأَدْعِيَةُ لَهُ. وَفِيهَا كَانَتْ وَقْعَةٌ عَظِيمَةٌ بَيْنَ السُّلْطَانِ سَنْجَرَ وَخُوَارِزْمِ شَاهْ، فَهَزَمَهُ سَنْجَرُ، وَقُتِلَ فِي الْمَعْرَكَةِ وَلَدُهُ فَحَزِنَ عَلَيْهِ وَالِدُهُ حُزْنًا شَدِيدًا. وَفِيهَا قُتِلَ صَاحِبُ دِمَشْقَ شِهَابُ الدِّينِ مَحْمُودُ بْنُ تَاجِ الْمُلُوكِ بُورِي بْنِ طُغْتِكِينَ، قَتَلَهُ ثَلَاثَةٌ مِنْ خَوَاصِّهِ لَيْلًا وَهَرَبُوا مِنَ الْقَلْعَةِ، فَأُدْرِكُ اثْنَانِ فَصُلِبَا، وَأَفْلَتَ وَاحِدٌ. وَمَلَكَ بَعْدَهُ أَخُوهُ كَمَالُ الدَّيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ تَاجِ الْمُلُوكِ وَكَانَ بِبَعْلَبَكَّ قَبْلَ ذَلِكَ فَمَلَكَ بَعْدَهُ بَعْلَبَكَّ عِمَادُ الدِّينِ زَنْكِي وَاسْتَنَابَ عَلَيْهَا الْأَمِيرَ نَجْمَ الدِّينِ أَيُّوبَ وَالِدَ الْمَلِكِ صَلَاحِ الدِّينِ، وَالْمَلِكِ الْعَادِلِ أَبِي بَكْرٍ وَذُرِّيَّتِهِمَا.
পৃষ্ঠা - ১০২৪৮
وَفِيهَا صُرِفَ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى عَنِ الْمُبَاشَرَاتِ، ثُمَّ أُعِيدُوا قَبْلَ شَهْرٍ. وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِيهَا نَظَرٌ الْخَادِمُ أَثَابَهُ اللَّهُ تَعَالَى. [مَنْ تُوَفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: زَاهِرُ بْنُ طَاهِرِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الشَّحَّامِيُّ، الْمُحَدِّثُ الْمُكْثِرُ الرَّحَّالُ الْجَوَّالُ، سَمِعَ الْكَثِيرَ وَأَمْلَى بِجَامِعِ نَيْسَابُورَ أَلْفَ مَجْلِسٍ، وَيُقَالُ إِنَّهُ كَانَ بِهِ مَرَضٌ يُكْثِرُ بِسَبَبِهِ الْجَمْعَ بَيْنَ الصَّلَوَاتِ، فَتَكَلَّمَ فِيهِ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ وَقَالَ: إِنَّهُ كَانَ يُخِلُّ بِالصَّلَوَاتِ وَقَدْ رَدَّ ابْنُ الْجَوْزِيِّ عَلَى السَّمْعَانِيِّ بِعُذْرِ الْمَرَضِ فَاللَّهُ أَعْلَمُ. بَلَغَ خَمْسًا وَثَمَانِينَ سَنَةً وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بِنَيْسَابُورَ فِي رَبِيعٍ الْآخَرِ وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ يَحْيِي بْنِ يَحْيِي. عَلِيُّ بْنُ أَفْلَحَ أَبُو الْقَاسِمِ الْكَاتِبُ، وَقَدْ خَلَعَ عَلَيْهِ الْمُسْتَرْشِدُ وَلَقَبَّهُ جَمَالَ الْمُلْكِ وَأَعْطَاهُ أَرْبَعَةَ دُورٍ، وَكَانَتْ لَهُ دَارٌ إِلَى جَانِبِهِنَّ فَهَدَمَهُنَّ كُلَّهُنَّ، وَاتَّخَذَ مَكَانَهُنَّ دَارًا هَائِلَةً ; طُولُهَا سِتُّونَ ذِرَاعًا فِي عَرْضِ أَرْبَعِينَ ذِرَاعًا، وَأَطْلَقَ لَهُ
পৃষ্ঠা - ১০২৪৯
الْخَلِيفَةُ أَخْشَابًا وَآجُرًّا وَذَهَبًا فَبَنَاهَا، وَغَرِمَ عَلَيْهَا ابْنُ أَفْلَحَ مَالًا جَزِيلًا، وَكَتَبَ عَلَى أَبْوَابِهَا وَطِرَازَاتِهَا، أَشْعَارًا حَسَنَةً مِنْ نَظْمِهِ وَنَظْمِ غَيْرِهِ ; فَمِنْ ذَلِكَ مَا هُوَ عَلَى بَابِ الدَّارِ: إِنْ عَجِبَ الرَّاءُونَ مِنْ ظَاهِرِي ... فَبَاطِنِي لَوْ عَلِمُوا أَعْجَبُ شَيَّدَنِي مَنْ كَفُّهُ مُزْنَةٌ ... يَحْمِلُ مِنْهَا الْعَارِضُ الصَّيِّبُ وَدَبَّجَتْ رَوْضَةُ أَخْلَاقِهِ ... فِيَّ رِيَاضًا نُورُهَا مُذْهَبُ صَدْرٌ كَسَا صَدْرِيَ مِنْ نُورِهِ ... شَمْسًا عَلَى الْأَيَّامِ لَا تَغْرُبُ وَعَلَى الطُّرُزِ مَكْتُوبٌ: وَمِنَ الْمُرُوءَةِ لِلْفَتَى ... مَا عَاشَ دَارٌ فَاخِرَهْ فَاقْنَعْ مِنَ الدُّنْيَا بِهَا ... وَاعْمَلْ لِدَارِ الْآخِرَهْ هَاتِيكَ وَافِيَةٌ بِمَا ... وَعَدَتْ وَهَذِي سَاحِرَهْ وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ مَكْتُوبٌ: وَنَادٍ كَأَنَّ جِنَانَ الْخُلُودِ ... أَعَارَتْهُ مِنْ حُسْنِهَا رَوْنَقَا وَأَعْطَتْهُ مِنْ حَادِثَاتِ الزَّمَا ... نِ أَنْ لَا تُلِمَّ بِهِ مَوْثِقَا