আল বিদায়া ওয়া আন্নিহায়া

পৃষ্ঠা - ১০০৪২
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِي الْمُحَرَّمِ وَرَدَ الْفَقِيهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الطَّبَرِيُّ بِمَنْشُورِ نِظَامِ الْمُلْكِ بِالتَّدْرِيسِ بِالنِّظَامِيَّةِ فَدَرَّسَ بِهَا ثُمَّ قَدِمَ الْفَقِيهُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْوَهَّابِ الشِّيرَازِيُّ بِمَنْشُورٍ آخَرَ مِنْهُ بِالتَّدْرِيسِ بِهَا. فَاتَّفَقَ الْحَالُ عَلَى أَنْ يُدَرِّسَ هَذَا يَوْمًا وَهَذَا يَوْمًا. وَفِي جُمَادَى الْأُولَى دَهَمَ أَهْلَ الْبَصْرَةِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ تِلْيَا كَانَ يَنْظُرُ فِي النُّجُومِ فَاسْتَغْوَى خَلْقًا مِنْ أَهْلِهَا وَزَعَمَ أَنَّهُ الْمَهْدِيُّ وَأَحْرَقَ مِنَ الْبَصْرَةِ شَيْئًا كَثِيرًا مِنْ ذَلِكَ دَارُ كُتُبٍ كَانَتْ أَوَّلَ دَارِ كُتُبٍ وُقِفَتْ فِي الْإِسْلَامِ، وَأَتْلَفَ شَيْئًا كَثِيرًا مِنَ الدَّوَالِيبِ وَالْمَصَانِعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَفِيهَا خُلِعَ عَلَى أَبِي الْقَاسِمِ عَلِيِّ بْنِ طِرَادٍ الزَّيْنَبِيِّ بِنِقَابَةِ الْعَبَّاسِيِّينَ بَعْدَ أَبِيهِ. وَفِيهَا اسْتُفْتِيَ عَلَى مُعَلِّمِي الصِّبْيَانِ أَنْ يُمْنَعُوا مِنَ الْمَسَاجِدِ صِيَانَةً لَهَا، وَلَمْ يُسْتَثْنَ مِنْهُمْ سِوَى رَجُلٍ كَانَ فَقِيهًا شَافِعِيًّا يَدْرِي كَيْفَ تُصَانُ الْمَسَاجِدُ، وَاسْتَدَلَّ الْمُفْتِي بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «سُدُّوا كُلَّ خَوْخَةٍ إِلَّا خَوْخَةَ أَبِي بَكْرٍ» وَحَجَّ بِالنَّاسِ خُمَارْتِكِينُ عَلَى الْعَادَةِ.
পৃষ্ঠা - ১০০৪৩
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: الْوَزِيرُ أَبُو نَصْرِ بْنُ جَهِيرٍ، مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَهِيرٍ فَخْرُ الدَّوْلَةِ أَحَدُ مَشَاهِيرِ الْوُزَرَاءِ، وَزَرَ لِلْقَائِمِ ثُمَّ لِوَلَدِهِ الْمُقْتَدِي ثُمَّ عَزَلَهُ مَلِكْشَاهْ السُّلْطَانُ وَوَلَّاهُ دِيَارَ بَكْرٍ وَغَيْرَهَا، فَمَاتَ بِالْمَوْصِلِ وَهِيَ الْبَلَدُ الَّتِي وُلِدَ بِهَا.
পৃষ্ঠা - ১০০৪৪
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِي الْمُحَرَّمِ مِنْهَا كَتَبَ الْمُنَجِّمُ الَّذِي أَحْرَقَ الْبَصْرَةَ إِلَى أَهْلِ وَاسِطٍ يَدْعُوهُمْ إِلَى طَاعَتِهِ وَيَذْكُرُ فِي كِتَابِهِ أَنَّهُ الْمَهْدِيُّ صَاحِبُ الزَّمَانِ الَّذِي يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ وَيَهْدِي الْخَلْقَ إِلَى الْحَقِّ فَإِنْ أَطَعْتُمْ أَمِنْتُمْ مِنَ الْعَذَابِ وَإِنْ عَدَلْتُمْ عَنِ الْحَقِّ خُسِفَ بِكُمْ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَبِالْإِمَامِ الْمَهْدِيِّ. وَفِيهَا أُلْزِمَ أَهْلُ الذِّمَّةِ بِلُبْسِ الْغِيَارِ وَشَدِّ الزُّنَّارِ وَكَذَلِكَ نِسَاؤُهُمْ فِي الْحَمَّامَاتِ وَغَيْرِهَا وَفِي جُمَادَى الْأُولَى قَدِمَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْغَزَّالِيُّ الطُّوسِيُّ مِنْ أَصْبَهَانَ إِلَى بَغْدَادَ عَلَى تَدْرِيسِ النِّظَامِيَّةِ بِهَا، وَلَقَّبَهُ نِظَامُ الْمُلْكِ زَيْنَ الدِّينِ شَرَفَ الْأَئِمَّةِ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَكَانَ كَلَامُهُ مَعْسُولًا وَذَكَاؤُهُ شَدِيدًا وَفِي رَمَضَانَ مِنْهَا عُزِلَ الْوَزِيرُ أَبُو شُجَاعٍ عَنْ وَزَارَةِ الْخِلَافَةِ، فَأَنْشَدَ عِنْدَ عَزْلِهِ: تَوَلَّاهَا وَلَيْسَ لَهُ عَدُوٌّ ... وَفَارَقَهَا وَلَيْسَ لَهُ صَدِيقُ ثُمَّ جَاءَهُ كِتَابُ نِظَامِ الْمُلْكِ بِأَنْ يَخْرُجَ مِنْ بَغْدَادَ فَخَرَجَ مِنْهَا إِلَى عِدَّةِ أَمَاكِنَ فَلَمْ تَطِبْ لَهُ فَعَزَمَ عَلَى الْحَجِّ ثُمَّ طَابَتْ نَفْسُ النِّظَامِ عَلَيْهِ فَبَعَثَ إِلَيْهِ
পৃষ্ঠা - ১০০৪৫
يَسْأَلُهُ أَنْ يَكُونَ عَدِيلَهُ فِي ذَلِكَ وَنَابَ ابْنُ الْمُوصَلَايَا فِي الْوَزَارَةِ، وَقَدْ كَانَ أَسْلَمَ قَبْلَ هَذِهِ الْمُبَاشَرَةِ فِي أَوَّلِ هَذِهِ السَّنَةِ. وَفِي رَمَضَانَ مِنْهَا دَخَلَ السُّلْطَانُ مَلِكْشَاهْ بَغْدَادَ وَمَعَهُ الْوَزِيرُ نِظَامُ الْمُلْكِ وَقَدْ خَرَجَ لِتَلَقِّيهِ قَاضِي الْقُضَاةِ أَبُو بَكْرٍ الشَّامِيُّ وَابْنُ الْمُوصَلَايَا الْمُسْلِمَانِيُّ وَجَاءَتْ مُلُوكُ الْأَطْرَافِ إِلَيْهِ ; لِلسَّلَامِ عَلَيْهِ، مِنْهُمْ أَخُوهُ تَاجُ الدَّوْلَةِ تُتُشُ صَاحِبُ دِمَشْقَ وَأَتَابِكُهُ قَسِيمُ الدَّوْلَةِ آقَ سُنْقُرُ صَاحِبُ حَلَبَ. وَفِي ذِي الْقَعْدَةِ خَرَجَ السُّلْطَانُ مَلِكْشَاهْ وَابْنُهُ وَابْنُ ابْنَتِهِ مِنَ الْخَلِيفَةِ فِي خَلْقٍ كَثِيرٍ إِلَى الْكُوفَةِ وَفِيهَا اسْتُوْزِرَ أَبُو مَنْصُورِ بْنُ جَهِيرٍ وَهِيَ النَّوْبَةُ الثَّانِيَةُ لِوَزَارَتِهِ لِلْمُقْتَدِي، وَخُلِعَ عَلَيْهِ وَرَكِبَ إِلَيْهِ نِظَامُ الْمُلْكِ فَهَنَّأَهُ فِي دَارِهِ بِبَابِ الْعَامَّةِ. وَفِي ذِي الْحِجَّةِ عَمِلَ السُّلْطَانُ الْمِيلَادَ فِي دِجْلَةَ، وَأُشْعِلَتْ نِيرَانٌ عَظِيمَةٌ، وَأُوْقِدَتْ شُمُوعٌ كَثِيرَةٌ، وَكَانَتْ لَيْلَةً مَشْهُودَةً عَجِيبَةً جِدًّا، وَقَدْ نَظَمَ فِيهَا الشُّعَرَاءُ الشِّعْرَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّهَارُ مِنْ هَذِهِ اللَّيْلَةِ طِيفَ بِالْخَبِيثِ الدَّاعِيَةِ الْمُدَّعِي أَنَّهُ الْمَهْدِيُّ تِلْيَا الْمُنَجِّمُ، عَلَى جَمَلٍ بِبَغْدَادَ وَهُوَ يَسُبُّ النَّاسَ وَالنَّاسُ يَلْعَنُونَهُ وَعَلَى رَأْسِهِ طُرْطُورٌ بِوَدَعٍ وَالدِّرَّةُ تَأْخُذُهُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ ثُمَّ صُلِبَ بَعْدَ ذَلِكَ. وَفِيهَا أَمَرَ السُّلْطَانُ مَلِكْشَاهْ جَلَالُ الدَّوْلَةِ بِعِمَارَةِ جَامِعِهِ الْمَنْسُوبِ إِلَيْهِ بِظَاهِرِ السُّورِ وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ مَلَكَ أَمِيرُ الْمُسْلِمِينَ يُوسُفُ بْنُ تَاشُفِينَ صَاحِبُ بِلَادِ الْمَغْرِبِ كَثِيرًا مِنْ بِلَادِ الْأَنْدَلُسِ، وَأَسَرَ صَاحِبَهَا الْمُعْتَمِدَ بْنَ عَبَّادٍ، وَسَجَنَهُ وَأَهْلَهُ بِأَغْمَاتَ، وَقَدْ كَانَ الْمُعْتَمِدُ هَذَا مَوْصُوفًا بِالْكَرَمِ وَالْأَدَبِ وَالْحِلْمِ وَحُسْنِ
পৃষ্ঠা - ১০০৪৬
السِّيرَةِ وَالْعِشْرَةِ وَالْإِحْسَانِ إِلَى الرَّعِيَّةِ وَالرِّفْقِ بِهِمْ فَحَزِنَ النَّاسُ عَلَيْهِ وَقَالَ فِي مُصَابِهِ الشُّعَرَاءُ فَأَكْثَرُوا. وَفِيهَا مَلَكَتِ الْفِرَنْجُ مَدِينَةَ صِقِلِّيَةَ مِنْ بِلَادِ الْمَغْرِبِ وَمَاتَ مَلِكُهُمْ فَقَامَ مِنْ بَعْدِهِ وَلَدُهُ، فَسَارَ فِي النَّاسِ سِيرَةَ مُلُوكِ الْمُسْلِمِينَ وَأَحْسَنَ إِلَيْهِمْ كَأَنَّهُ مِنْهُمْ. وَفِيهَا كَانَتْ زَلَازِلُ كَثِيرَةٌ بِالشَّامِ وَغَيْرِهَا فَهَدَّمَتْ بُنْيَانًا كَثِيرًا وَكَانَ مِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ تِسْعُونَ بُرْجًا مِنْ سُورِ أَنْطَاكِيَةَ وَهَلَكَ تَحْتَ الْهَدْمِ خَلْقٌ كَثِيرٌ وَحَجَّ بِالنَّاسِ خُمَارْتِكِينُ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلَّكَ، أَبُو طَاهِرٍ وُلِدَ بِأَصْبَهَانَ وَتَفَقَّهَ بِسَمَرْقَنْدَ وَهُوَ الَّذِي كَانَ سَبَبَ فَتْحِهَا عَلَى يَدِ السُّلْطَانِ مَلِكْشَاهْ وَكَانَ مِنْ رُؤَسَاءِ الشَّافِعِيَّةِ وَقَدْ سَمِعَ الْحَدِيثَ الْكَثِيرَ. قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مَنْدَهْ: لَمْ نَرَ فَقِيهًا فِي وَقْتِنَا أَنْصَفَ مِنْهُ وَلَا أَعْلَمَ، وَكَانَ فَصِيحَ اللَّهْجَةِ، كَثِيرَ الْمُرُوءَةِ غَزِيرَ النِّعْمَةِ، تُوُفِّيَ بِبَغْدَادَ وَمَشَى الْوُزَرَاءُ وَالْكُبَرَاءُ فِي جِنَازَتِهِ غَيْرَ أَنَّ نِظَامَ الْمُلْكِ رَكِبَ وَاعْتَذَرَ بِكِبَرِ السِّنِّ وَدُفِنَ إِلَى جَانِبِ الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيِّ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا، وَجَاءَ السُّلْطَانُ مَلِكْشَاهْ إِلَى التُّرْبَةِ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: جَلَسْتُ بُكْرَةَ الْعَزَاءِ إِلَى جَانِبِ نِظَامِ الْمُلْكِ وَالْمُلُوكُ قِيَامٌ بَيْنَ يَدَيْهِ
পৃষ্ঠা - ১০০৪৭
اجْتَرَأْتُ عَلَى ذَلِكَ بِالْعِلْمِ. حَكَاهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ. مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حَامِدٍ أَبُو نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ، كَانَ إِمَامًا فِي الْقِرَاءَاتِ وَلَهُ فِيهَا الْمُصَنَّفَاتُ، وَسَافَرَ فِي ذَلِكَ كَثِيرًا، وَاتَّفَقَ لَهُ أَنَّهُ غَرِقَ فِي الْبَحْرِ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ ; فَبَيْنَمَا الْمَوْجُ يَرْفَعُهُ وَيَضَعُهُ إِذْ نَظَرَ إِلَى الشَّمْسِ قَدْ زَالَتْ فَنَوَى الْوُضُوءَ وَانْغَمَسَ فِي الْمَاءِ، ثُمَّ صَعِدَ فَإِذَا خَشَبَةٌ فَرَكِبَهَا وَصَلَّى عَلَيْهَا وَرَزَقَهُ اللَّهُ السَّلَامَةَ بِبَرَكَةِ الصَّلَاةِ وَعَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ دَهْرًا وَتُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَلَهُ نَيِّفٌ وَتِسْعُونَ سَنَةً. مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ أَبُو بَكْرٍ النَّاصِحُ، الْفَقِيهُ الْحَنَفِيُّ الْمُنَاظِرُ الْمُتَكَلِّمُ الْمُعْتَزِلِيُّ، وَقَدْ وَلِيَ الْقَضَاءَ بِنَيْسَابُورَ ثُمَّ عُزِلَ مِنْهَا بِخِيَانَةِ وُكَلَائِهِ وَأَخْذِهِمُ الرُّشَا، وَوَلِيَ قَضَاءَ الرَّيِّ وَقَدْ سَمِعَ الْحَدِيثَ وَكَانَ مِنْ أَكَابِرِ الْعُلَمَاءِ تُوُفِّيَ فِي رَجَبٍ مِنْهَا. أَرْتُقُ بْنُ أَكْسَبَ التُّرْكُمَانِيُّ جَدُّ الْمُلُوكِ الْأَرْتُقِيَّةِ الَّذِينَ هُمُ الْيَوْمَ مُلُوكُ مَارْدِينَ، كَانَ شَهْمًا شُجَاعًا عَالِيَ الْهِمَّةَ، تَغَلَّبَ عَلَى بِلَادٍ كَثِيرَةٍ وَقَدْ تَرْجَمَهُ ابْنُ خَلِّكَانَ وَأَرَّخَ وَفَاتَهُ بِهَذِهِ السَّنَةِ.
পৃষ্ঠা - ১০০৪৮
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا أَمَرَ السُّلْطَانُ مَلِكْشَاهْ بِبِنَاءِ سُوقِ الْمَدِينَةِ الْمَعْرُوفَةِ بِطُغْرُلْبَكَ إِلَى جَانِبِ دَارِ الْمُلْكِ وَجَدَّدَ خَانَاتِهَا وَأَسْوَاقَهَا وَدُورَهَا وَأَمَرَ بِتَجْدِيدِ الْجَامِعِ الَّذِي تَمَّ عَلَى يَدِ هَارُونَ الْخَادِمِ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ. وَوَقَفَ عَلَى نَصْبِ قِبْلَتِهِ بِنَفْسِهِ، وَمُنَجِّمُهُ إِبْرَاهِيمُ حَاضِرٌ وَنُقِلَتْ إِلَيْهِ أَخْشَابُ جَامِعِ سَامَرَّا وَشَرَعَ نِظَامُ الْمُلْكِ فِي بِنَاءِ دَارٍ هَائِلَةٍ لَهُ، وَكَذَلِكَ تَاجُ الْمُلُوكِ أَبُو الْغَنَائِمِ، شَرَعَ فِي بِنَاءِ دَارٍ هَائِلَةٍ أَيْضًا وَاسْتَوْطَنُوا الْبَلَدَ وَطَابَتْ لَهُمْ بَغْدَادُ. وَفِي جُمَادَى الْأُولَى وَقَعَ حَرِيقٌ عَظِيمٌ بِبَغْدَادَ فِي أَمَاكِنَ شَتَّى، فَمَا أُطْفِئَ حَتَّى هَلَكَ لِلنَّاسِ شَيْءٌ كَثِيرٌ فَمَا عَمَّرُوا بِقَدْرِ مَا حُرِقَ وَمَا غَرِمُوا. وَفِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ خَرَجَ السُّلْطَانُ إِلَى أَصْبَهَانَ وَفِي صُحْبَتِهِ وَلَدُ الْخَلِيفَةِ أَبُو الْفَضْلِ جَعْفَرٌ، ثُمَّ عَادَ إِلَى بَغْدَادَ فِي رَمَضَانَ، فَبَيْنَمَا هُوَ فِي الطَّرِيقِ يَوْمَ عَاشِرِهِ عَدَا صَبِيٌّ مِنَ الدَّيْلَمِ عَلَى الْوَزِيرِ نِظَامِ الْمُلْكِ، بَعْدَ أَنْ أَفْطَرَ فَضَرَبَهُ بِسِكِّينٍ فَقَضَى عَلَيْهِ، وَأُخِذَ الصَّبِيُّ الدَّيْلَمِيُّ فَقُتِلَ، وَقَدْ كَانَ مِنْ كِبَارِ الْوُزَرَاءِ وَخِيَارِ الْأُمَرَاءِ، وَسَنَذْكُرُ شَيْئًا مِنْ سِيرَتِهِ عِنْدَ ذِكْرِ تَرْجَمَتِهِ. وَقَدِمَ السُّلْطَانُ بَغْدَادَ فِي رَمَضَانَ بِنِيَّةٍ غَيْرِ صَالِحَةٍ فَلَقَّاهُ اللَّهُ فِي نَفْسِهِ
পৃষ্ঠা - ১০০৪৯
مَا تَمَنَّاهُ لِأَعْدَائِهِ ; وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا اسْتَقَرَّ رِكَابُهُ بِبَغْدَادَ وَجَاءَ النَّاسُ لِلسَّلَامِ عَلَيْهِ وَالتَّهْنِئَةِ بِقُدُومِهِ وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الْخَلِيفَةُ يُهَنِّئُهُ فَأَرْسَلَ إِلَى الْخَلِيفَةِ يَقُولُ لَهُ: لَا بُدَّ أَنْ تَتْرُكَ لِي بَغْدَادَ وَتَتَحَوَّلَ إِلَى أَيِّ الْبِلَادِ شِئْتَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الْخَلِيفَةُ يَسْتَنْظِرُهُ شَهْرًا فَرَدَّ عَلَيْهِ: وَلَا سَاعَةً وَاحِدَةً، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ يَتَوَسَّلُ فِي إِنْظَارِهِ عَشَرَةَ أَيَّامٍ، فَأَجَابَ إِلَى ذَلِكَ بَعْدَ تَمَنُّعٍ شَدِيدٍ، فَمَا اسْتَتَمَّ الْأَجَلُ حَتَّى خَرَجَ السُّلْطَانُ يَوْمَ عِيدِ الْفِطْرِ إِلَى الصَّيْدِ فَأَصَابَتْهُ حُمَّى شَدِيدَةٌ فَافْتَصَدَ فَمَا قَامَ مِنْهَا حَتَّى مَاتَ قَبْلَ الْعَشَرَةِ أَيَّامٍ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. فَاسْتَحْوَذَتْ زَوْجَتُهُ زُبَيْدَةُ خَاتُونُ عَلَى الْجَيْشِ، وَضَبَطَتِ الْأَحْوَالَ جَيِّدًا وَأَرْسَلَتْ إِلَى الْخَلِيفَةِ تَسْأَلُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ وَلَدُهَا مَحْمُودٌ مَلِكًا بَعْدَ أَبِيهِ وَأَنْ يُخْطَبَ لَهُ عَلَى الْمَنَابِرِ، فَأَجَابَهَا إِلَى ذَلِكَ وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ بِالْخِلَعِ وَبَعَثَ يُعَزِّيهَا وَيُهَنِّئُهَا مَعَ وَزِيرِهِ عَمِيدِ الدَّوْلَةِ ابْنِ جَهِيرٍ وَكَانَ عُمُرُ الْمَلِكِ مَحْمُودٍ هَذَا يَوْمَئِذٍ خَمْسَ سِنِينَ، ثُمَّ أَخَذَتْهُ وَالِدَتُهُ فِي الْجُيُوشِ وَسَارَتْ بِهِ نَحْوَ أَصْبَهَانَ لِتُوَطِّدِ لَهُ الْمُلْكَ فَدَخَلُوهَا وَتَمَّ لَهُمْ مُرَادُهُمْ وَخُطِبَ لَهُ فِي جَمِيعِ الْبِلَادِ حَتَّى فِي الْحَرَمَيْنِ، وَاسْتُوْزِرَ لَهُ تَاجُ الْمُلْكِ أَبُو الْغَنَائِمِ الْمَرْزُبَانُ بْنُ خِسْرُو، وَأَرْسَلَتْ أُمُّ الْمَلِكِ مَحْمُودٍ تَسْأَلُ لَهُ مِنَ الْخَلِيفَةِ أَنْ يُوَلِّيَهُ الْمُلْكَ وَأَنْ يَجْعَلَ وِلَايَاتِ الْعُمَّالِ إِلَيْهِ فَقَالَ الْخَلِيفَةُ: هَذَا لَا يُسِيغُهُ الشَّرْعُ. وَوَافَقَهُ الْغَزَّالِيُّ، عَلَى ذَلِكَ وَأَفْتَى الْمُشَطَّبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَنَفِيُّ بِجَوَازِ ذَلِكَ، فَلَمْ يُعْمَلْ إِلَّا بِقَوْلِ الْغَزَّالِيِّ وَانْحَازَ أَكْثَرُ جَيْشِ السُّلْطَانِ إِلَى ابْنِهِ الْآخَرِ بَرْكْيَارُوقَ، فَبَايَعُوهُ وَخَطَبُوا لَهُ بِالرَّيِّ وَانْفَرَدَتِ الْخَاتُونُ وَوَلَدُهَا وَمَعَهُمْ شِرْذِمَةٌ قَلِيلَةٌ مِنَ الْجَيْشِ وَالْخَاصِّكِيَّةِ فَأَنْفَقَتْ فِيهِمْ ثَلَاثِينَ أَلْفَ
পৃষ্ঠা - ১০০৫০
أَلْفِ دِينَارٍ لِقِتَالِ بَرْكْيَارُوقَ بْنِ مَلِكْشَاهْ فَالْتَقَوْا فِي ذِي الْحِجَّةِ فَكَانَتْ خَاتُونُ هِيَ الْمُنْهَزِمَةَ وَمَعَهَا وَلَدُهَا وَقَدْ ثَبَتَ فِي " صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ " «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً.» وَفِي ذِي الْقَعْدَةِ اعْتَرَضَتْ بَنُو خَفَاجَةَ لِلْحَجِيجِ فَقَاتَلَهُمْ مَنْ فِي الْحَجِيجِ مِنَ الْجُنْدِ مَعَ الْأَمِيرِ خُمَارْتِكِينَ فَهَزَمُوهُمْ وَنُهِبَتْ أَمْوَالُ الْأَعْرَابِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. وَفِيهَا جَاءَ بَرَدٌ شَدِيدٌ عَظِيمٌ بِالْبَصْرَةِ وَزْنُ الْبَرَدَةِ الْوَاحِدَةِ مِنْهُ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ إِلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ رِطْلًا، فَأَتْلَفَتْ شَيْئًا كَثِيرًا مِنَ النَّخِيلِ وَالْأَشْجَارِ، وَجَاءَ رِيحٌ عَاصِفٌ قَاصِفٌ فَأَلْقَى عَشَرَاتِ الْأُلُوفِ مِنَ النَّخِيلِ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: 30] وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ مَلَكَ تَاجُ الدَّوْلَةِ تُتُشُ صَاحِبُ دِمَشْقَ مَدِينَةَ حِمْصَ وَقَلْعَةَ عِرْقَةَ وَقَلْعَةَ أَفَامِيَةَ، وَمَعَهُ قَسِيمُ الدَّوْلَةِ آقْ سُنْقُرُ، وَكَانَ السُّلْطَانُ قَدْ جَهَّزَ سَرِيَّةً إِلَى الْيَمَنِ صُحْبَةَ سَعْدِ الدَّوْلَةِ كُوَهْرَائِينَ وَأَمِيرٍ آخَرَ مِنَ التُّرْكُمَانِ، فَدَخَلَاهَا وَأَسَاءَا فِيهَا السِّيرَةَ، فَتُوُفِّيَ كُوَهْرَائِينُ يَوْمَ دُخُولِهِ إِلَيْهَا فِي مَدِينَةِ عَدَنَ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.
পৃষ্ঠা - ১০০৫১
[مَنْ تُوُفَّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: جَعْفَرُ بْنُ يَحْيَي بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَبُو الْفَضْلِ التَّمِيمِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْحَكَّاكِ الْمَكِّيِّ، رَحَلَ فِي طَلَبِ الْحَدِيثِ إِلَى الشَّامِ وَالْعِرَاقِ وَأَصْبَهَانَ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْبِلَادِ، وَسَمِعَ الْكَثِيرَ، وَخَرَّجَ الْأَجْزَاءَ، وَكَانَ حَافِظًا مُتْقِنًا وَضَابِطًا أَدِيبًا صَدُوقًا خَيِّرًا، وَكَانَ يَتَرَاسَلُ عَنْ صَاحِبِ مَكَّةَ وَكَانَ مِنْ ذَوِي الْهَيْئَاتِ وَالْمُرُوءَاتِ قَارَبَ الثَّمَانِينَ رَحِمَهُ اللَّهُ. نِظَامُ الْمُلْكِ الْوَزِيرُ هُوَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ الْعَبَّاسِ، أَبُو عَلِيٍّ الْوَزِيرُ نِظَامُ الْمُلْكِ وَزَرَ لِلْمَلِكِ أَلْبِ أَرْسَلَانَ وَوَلَدِهِ مَلِكْشَاهْ تِسْعًا وَعِشْرِينَ سَنَةً، كَانَ مِنْ خِيَارِ الْوُزَرَاءِ وُلِدَ بِطُوسَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، وَكَانَ أَبُوهُ مِمَّنْ يَخْدِمُ أَصْحَابَ مَحْمُودِ بْنِ سُبُكْتِكِينَ، وَكَانَ مِنَ الدَّهَاقِينِ فَأَشْغَلَ وَلَدَهُ هَذَا بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَلَهُ إِحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً، وَأَشْغَلَهُ بِعِلْمِ الْقِرَاءَاتِ وَالتَّفَقُّهِ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَسَمَاعِ الْحَدِيثِ وَاللُّغَةِ وَالنَّحْوِ، وَكَانَ عَالِيَ الْهِمَّةِ، فَحَصَّلَ مِنْ ذَلِكَ طَرَفًا صَالِحًا ثُمَّ تَرَقَّى فِي الْمَرَاتِبِ حَتَّى وَزَرَ لِلسُّلْطَانِ أَلْبِ أَرْسَلَانَ بْنِ دَاوُدَ بْنِ مِيكَائِيلَ بْنِ سَلْجُوقَ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ لِوَلَدِهِ مَلِكْشَاهْ لَمْ يُنْكَبْ فِي شَيْءٍ مِنْهَا.
পৃষ্ঠা - ১০০৫২
وَبَنَى الْمَدَارِسَ النِّظَامِيَّاتِ بِبَغْدَادَ وَنَيْسَابُورَ وَغَيْرِهِمَا، وَكَانَ مَجْلِسُهُ عَامِرًا بِالْفُقَهَاءِ وَالْعُلَمَاءِ بِحَيْثُ يَقْضِي مَعَهُمْ عَامَّةَ أَوْقَاتِهِ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ هَؤُلَاءِ شَغَلُوكَ عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الْمَصَالِحِ، فَقَالَ: هَؤُلَاءِ جَمَالُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَلَوْ أَجْلَسْتُهُمْ عَلَى رَأْسِي مَا اسْتَكْثَرْتُ ذَلِكَ، وَكَانَ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو الْقَاسِمِ الْقُشَيْرِيُّ وَأَبُو الْمَعَالِي الْجُوَيْنِيُّ قَامَ لَهُمَا وَأَجْلَسَهُمَا فِي الْمَسْنَدِ، فَإِذَا دَخَلَ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارْمَذِيُّ قَامَ وَأَجْلَسَهُ مَكَانَهُ وَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَعُوتِبَ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنَّهُمَا إِذَا دَخَلَا عَلَيَّ قَالَا: أَنْتَ وَأَنْتَ فَأَزْدَادُ تِيهًا، وَأَمَّا الْفَارْمَذِيُّ يَذْكُرُ لِي عُيُوبِي وَظُلْمِي، فَأَنْكَسِرُ وَأَرْجِعُ عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الَّذِي أَنَا فِيهِ. وَكَانَ مُحَافِظًا عَلَى الصَّلَوَاتِ فِي أَوْقَاتِهَا لَا يَشْغَلُهُ بَعْدَ الْأَذَانِ شُغْلٌ عَنْهَا، وَكَانَ يُوَاظِبُ عَلَى صِيَامِ الْاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ وَلَهُ الْأَوْقَافُ الدَّارَّةُ وَالصَّدَقَاتُ الْبَارَّةُ. وَكَانَ يُعَظِّمُ الصُّوفِيَّةَ تَعْظِيمًا زَائِدًا فَعُوتِبَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ إِنِّي كُنْتُ أَخْدُمُ بَعْضَ الْأُمَرَاءِ فَجَاءَنِي يَوْمًا إِنْسَانٌ فَقَالَ لِي: اخْدُمْ مَنْ تَنْفَعُكَ خِدْمَتُهُ وَلَا تَخْدُمْ مَنْ تَأْكُلُهُ الْكِلَابُ غَدًا، فَلَمْ أَفْهَمْ مَا يَقُولُ فَاتَّفَقَ أَنَّ ذَلِكَ الْأَمِيرَ سَكِرَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ فَخَرَجَ فِي أَثْنَاءِ اللَّيْلِ وَهُوَ ثَمِلٌ، وَكَانَتْ لَهُ كِلَابٌ تَفْتَرِسُ الْغُرَبَاءَ بِاللَّيْلِ فَلَمْ تَعْرِفْهُ وَمَزَّقَتْهُ فَأَصْبَحَ وَقَدْ أَكَلَتْهُ الْكِلَابُ قَالَ: فَأَنَا أَطْلُبُ مِثْلَ ذَلِكَ الشَّيْخِ.
পৃষ্ঠা - ১০০৫৩
وَقَدْ أَسْمَعَ الْحَدِيثَ فِي أَمَاكِنَ شَتَّى بِبَغْدَادَ وَغَيْرِهَا وَكَانَ يَقُولُ: إِنِّي لَأَعْلَمُ بِأَنِّي لَسْتُ أَهْلًا لِلرِّوَايَةِ وَلَكِنِّي أُحِبُّ أَنْ أُرْبَطَ فِي قِطَارِ نَقَلَةِ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ أَيْضًا: رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ إِبْلِيسَ فَقُلْتُ لَهُ وَيْحَكَ خَلَقَكَ اللَّهُ وَأَمَرَكَ بِالسُّجُودِ لَهُ مُشَافَهَةً فَأَبَيْتَ وَأَنَا لَمْ يَأْمُرْنِي بِالسُّجُودِ لَهُ مُشَافَهَةً وَأَنَا أَسْجُدُ لَهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ مَرَّاتٍ فَأَنْشَأَ يَقُولُ: مَنْ لَمْ يَكُنْ لِلْوِصَالِ أَهْلًا ... فَكُلُّ إِحْسَانِهِ ذُنُوبُ وَقَدْ أَجْلَسَهُ الْمُقْتَدِي مَرَّةً بَيْنَ يَدَيْهِ وَقَالَ لَهُ: يَا حَسَنُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْكَ بِرِضَا أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَنْكَ. وَقَدْ مَلَكَ أُلُوفًا مِنَ التُّرْكِ. وَكَانَ لَهُ بَنُونَ كَثِيرَةٌ، وَزَرَ مِنْهُمْ خَمْسَةٌ وَزَرَ ابْنُهُ أَحْمَدُ لِلسُّلْطَانِ مُحَمَّدِ بْنِ مَلِكْشَاهْ وَلِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْمُسْتَرْشِدِ بِاللَّهِ خَرَجَ نِظَامُ الْمُلْكِ مَعَ السُّلْطَانِ مِنْ أَصْبَهَانَ قَاصِدًا بَغْدَادَ فِي مُسْتَهَلِّ رَمَضَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الْعَاشِرُ اجْتَازَ فِي بَعْضِ طَرِيقِهِ بِقَرْيَةٍ بِالْقُرْبِ مِنْ نَهَاوَنْدَ وَهُوَ يُسَايِرُهُ فِي مِحَفَّةٍ فَقَالَ: قَدْ قُتِلَ هَاهُنَا خَلْقٌ مِنَ الصَّحَابَةِ زَمَنَ عُمَرَ فَطُوبَى لِمَنْ يَكُونُ عِنْدَهُمْ، فَاتَّفَقَ أَنَّهُ لَمَّا أَفْطَرَ جَاءَهُ صَبِيٌّ فِي هَيْئَةِ مُسْتَغِيثٍ بِهِ وَمَعَهُ قِصَّةٌ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيْهِ ضَرَبَهُ بِسِكِّينٍ فِي فُؤَادِهِ، وَهَرَبَ فَعَثَرَ بِطُنُبِ الْخَيْمَةِ، فَأُخِذَ فَقُتِلَ، وَمَكَثَ الْوَزِيرُ سَاعَةً وَجَاءَهُ السُّلْطَانُ يَعُودُهُ فَمَاتَ
পৃষ্ঠা - ১০০৫৪
وَهُوَ عِنْدَهُ، وَقَدِ اتُّهِمَ السُّلْطَانُ فِي أَمْرِهِ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي مَالَأَ عَلَيْهِ فَلَمْ تَطُلْ مُدَّتُهُ بَعْدَهُ سِوَى خَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ يَوْمًا وَكَانَ فِي ذَلِكَ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ. وَلَمَّا بَلَغَ أَهْلَ بَغْدَادَ مَوْتُ النِّظَامِ حَزِنُوا عَلَيْهِ وَجَلَسَ الْوَزِيرُ وَالرُّؤَسَاءُ لِلْعَزَاءِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَرَثَاهُ الشُّعَرَاءُ مِنْهُمْ مُقَاتِلُ بْنُ عَطِيَّةَ فَقَالَ كَانَ الْوَزِيرُ نِظَامُ الْمُلْكِ لُؤْلُؤَةً ... يَتِيمَةً صَاغَهَا الرَّحْمَنُ مِنْ شَرَفِ عَزَّتْ فَلَمْ تَعْرِفِ الْأَيَّامُ قِيمَتَهَا ... فَرَدَّهَا غَيْرَةً مِنْهُ إِلَى الصَّدَفِ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرُهُمَا رَحِمَهُ اللَّهُ. عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ دَاوُدَ بْنِ نَاقَيَا أَبُو الْقَاسِمِ الشَّاعِرُ مِنْ أَهْلِ الْحَرِيمِ الطَّاهِرِيِّ وُلِدَ سَنَةَ عَشْرٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ وَسَمِعَ الْحَدِيثَ وَكَانَ مَاهِرًا وَقَدْ رَمَاهُ بَعْضُهُمْ بِرَأْيِ الْأَوَائِلِ وَأَنَّهُ قَالَ: فِي السَّمَاءِ نَهْرٌ مِنْ مَاءٍ وَنَهْرٌ مِنْ لَبَنٍ وَنَهْرٌ مِنْ خَمْرٍ وَنَهْرٌ مِنْ عَسَلٍ وَمَا يَسْقُطُ مِنْ ذَلِكَ قَطْرَةٌ إِلَى الْأَرْضِ إِلَّا هَذَا الَّذِي هُوَ يُخَرِّبُ الْبُيُوتَ وَيَهْدِمُ السُّقُوفَ وَهَذَا الْكَلَامُ كُفْرٌ مِنْ قَائِلِهِ لَعَنَهُ اللَّهُ نَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي " الْمُنْتَظَمِ ".
পৃষ্ঠা - ১০০৫৫
وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ وَجَدَ فِي كَفِّهِ مَكْتُوبًا حِينَ مَاتَ هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ: نَزَلْتُ بِجَارٍ لَا يُخَيِّبُ ضَيْفَهُ ... أُرَجِّي نَجَاتِي مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمِ وَإِنِّي عَلَى خَوْفِي مِنَ اللَّهِ وَاثِقٌ ... بِإِنْعَامِهِ وَاللَّهُ أَكْرَمُ مُنْعِمِ مَالِكُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَانِيَاسِيُّ الشَّامِيُّ وَقَدْ كَانَ لَهُ اسْمٌ آخَرُ سَمَّتْهُ بِهِ أُمُّهُ: عَلِيٌّ أَبُو الْحَسَنِ فَغَلَبَ عَلَيْهِ مَا سَمَّاهُ بِهِ أَبُوهُ، وَمَا كَنَّاهُ بِهِ سَمِعَ الْحَدِيثَ عَلَى مَشَايِخَ كَثِيرَةٍ وَهُوَ آخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ الصَّلْتِ هَلَكَ فِي حَرِيقِ سُوقِ الرَّيْحَانِيِّينَ وَلَهُ ثَمَانٍ وَثَمَانُونَ سَنَةً وَكَانَ ثِقَةً عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ. السُّلْطَانُ مَلِكْشَاهْ السُّلْطَانُ الْكَبِيرُ جَلَالُ الدَّوْلَةِ، أَبُو الْفَتْحِ مَلِكْشَاهْ بْنُ أَبِي شُجَاعٍ أَلْبِ أَرْسَلَانَ بْنِ دَاوُدَ بْنِ مِيكَائِيلَ بْنِ سَلْجُوقَ بْنِ تُقَاقَ التُّرْكِيُّ مَلَكَ بَغْدَادَ كَمَا ذَكَرْنَا، وَامْتَدَّتْ مَمْلَكَتُهُ مِنْ أَقْصَى بِلَادِ التُّرْكِ إِلَى أَقْصَى بِلَادِ الْيَمَنِ وَرَاسَلَهُ
পৃষ্ঠা - ১০০৫৬
الْمُلُوكُ مِنْ سَائِرِ الْأَقَالِيمِ وَالْأَقْطَارِ حَتَّى مَلَكَ الرُّومَ وَالْخَزَرَ وَالَّانَ وَكَانَتْ دَوْلَتُهُ صَارِمَةً وَالطُّرُقَاتُ فِي أَيَّامِهِ آمِنَةً، وَمَعَ عَظَمَتِهِ يَقِفُ لِلْمِسْكِينِ وَالْمَرْأَةِ وَالضَّعِيفِ، فَيَقْضِي حَوَائِجَهُمْ. وَقَدْ عَمَّرَ الْعِمَارَاتِ الْهَائِلَةَ، وَبَنَى الْقَنَاطِرَ وَأَسْقَطَ الْمُكُوسَ وَالضَّرَائِبَ وَحَفَرَ الْأَنْهَارَ الْكِبَارَ الْخَرَابَ، وَبَنَى مَدْرَسَةَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالسُّوقَ وَبَنَى الْجَامِعَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ جَامِعُ السُّلْطَانِ بِبَغْدَادَ، وَبَنَى مَنَارَةَ الْقُرُونِ مِنْ صُيُودِهِ بِالْكُوفَةِ، وَمِثْلَهَا فِيمَا وَرَاءَ النَّهْرِ وَضَبَطَ مَا صَادَهُ بِنَفْسِهِ فِي صُيُودِهِ فَكَانَ ذَلِكَ نَحْوًا مِنْ عَشَرَةِ آلَافِ صَيْدٍ فَتَصَدَّقَ بِعَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ وَقَال: إِنِّي خَائِفٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ أَكُونَ أَزْهَقْتُ نَفْسَ حَيَوَانٍ لِغَيْرِ مَأْكَلَةٍ. وَقَدْ كَانَتْ لَهُ أَفْعَالٌ حَسَنَةٌ وَسِيرَةٌ صَالِحَةٌ ; مِنْ ذَلِكَ أَنَّ فَلَّاحًا أَنْهَى إِلَيْهِ أَنَّ غِلْمَانًا لَهُ أَخَذُوا لَهُ حِمْلَ بِطِّيخٍ، هُوَ رَأْسُ مَالِهِ. فَقَالَ الْيَوْمَ أَرُدُّ عَلَيْكَ حِمْلَكَ. ثُمَّ قَالَ لِقَيِّمِهِ: أُرِيدُ أَنْ تَأْتُونِي الْيَوْمَ بِبِطِّيخٍ. فَفَتَّشُوا فَإِذَا فِي خَيْمَةِ الْحَاجِبِ بِطِّيخٌ فَحَمَلُوهُ إِلَيْهِ، فَاسْتَدْعَى الْحَاجِبَ فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ لَكَ هَذَا الْبِطِّيخُ؟ قَالَ: جَاءَ بِهِ الْغِلْمَانُ فَقَالَ أَحْضِرْهُمْ فَذَهَبَ فَهَرَّبَهُمْ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَأَحْضَرَهُ وَسَلَّمَهُ إِلَى الْفَلَّاحِ، وَقَالَ خُذْ بِيَدِهِ فَإِنَّهُ مَمْلُوكِي وَمَمْلُوكُ أَبِي، وَإِيَّاكَ أَنْ تُفَارِقَهُ، فَرَدَّ عَلَيْهِ حِمْلَهُ فَخَرَجَ الْفَلَّاحُ يَحْمِلُهُ وَفِي يَدِهِ الْحَاجِبُ فَاسْتَفْدَى نَفْسَهُ مِنْهُ
পৃষ্ঠা - ১০০৫৭
بِثَلَاثِمِائَةِ دِينَارٍ. وَلَمَّا تَوَجَّهَ لِقِتَالِ أَخِيهِ تَكِشَ اجْتَازَ بِطُوسَ فَدَخَلَ لِزِيَارَةِ قَبْرِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا وَمَعَهُ نِظَامُ الْمُلْكِ، فَلَمَّا خَرَجَا قَالَ لِلنِّظَامِ: بِمَ دَعَوْتَ؟ قَالَ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُظَفِّرَكَ عَلَى أَخِيكَ فَقَالَ لَكِنِّي قُلْتُ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ أَخِي أَصْلَحَ لِلْمُسْلِمِينَ فَظَفِّرْهُ بِي، وَإِنْ كُنْتُ أَصْلَحَ لَهُمْ فَظَفِّرْنِي بِهِ. وَقَدْ سَارَ مَلِكْشَاهْ هَذَا بِعَسْكَرِهِ مِنْ أَصْبَهَانَ إِلَى أَنْطَاكِيَةَ فَمَا عُرِفَ أَنَّ أَحَدًا مِنْ جَيْشِهِ ظَلَمَ أَحَدًا مِنْ رَعِيَّتِهِ. وَاسْتَعْدَى إِلَيْهِ تُرْكُمَانِيُّ أَنَّ رَجُلًا افْتَضَّ بَكَارَةَ ابْنَتِهِ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُمَكِّنَهُ مِنْ قَتْلِهِ، فَقَالَ لَهُ: يَا هَذَا إِنَّ ابْنَتَكَ لَوْ شَاءَتْ مَا مَكَّنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا فَإِنْ كُنْتَ لَابُدَ فَاعِلًا فَاقْتُلْهَا مَعَهُ فَسَكَتَ الرَّجُلُ فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: أَوَ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: فَإِنَّ بَكَارَتَهَا قَدْ ذَهَبَتْ فَزَوِّجْهَا مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ وَأَنَا أَمْهَرُهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كِفَايَتَهَا فَفَعَلَ. وَحَكَى لَهُ بَعْضُ الْوُعَّاظِ أَنَّ كِسْرَى اجْتَازَ يَوْمًا فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ بِقَرْيَةٍ مُنْفَرِدًا مِنْ جَيْشِهِ، فَوَقَفَ عَلَى بَابِ دَارٍ فَاسْتَسْقَى فَأَخْرَجَتْ إِلَيْهِ جَارِيَةٌ إِنَاءً فِيهِ مَاءُ قَصَبِ السُّكَّرِ بِالثَّلْجِ فَشَرِبَ مِنْهُ فَأَعْجَبَهُ فَقَالَ: كَيْفَ تَصْنَعُونَ هَذَا؟ فَقَالَتْ إِنَّهُ سَهْلٌ عَلَيْنَا اعْتِصَارُهُ عَلَى أَيْدِينَا فَطَلَبَ مِنْهَا شَرْبَةً أُخْرَى فَذَهَبَتْ لِتَأْتِيَهُ بِهَا فَوَقَعَ فِي نَفْسِهِ أَنْ يَأْخُذَ هَذَا الْمَكَانَ مِنْهُمْ وَيُعَوِّضَهُمْ عَنْهُ، فَأَبْطَأَتْ عَلَيْهِ
পৃষ্ঠা - ১০০৫৮
ثُمَّ خَرَجَتْ وَلَيْسَ مَعَهَا شَيْءٌ، فَقَالَ: مَا لَكِ؟ فَقَالَتْ كَأَنَّ نِيَّةَ سُلْطَانِنَا تَغَيَّرَتْ عَلَيْنَا فَتَعَسَّرَ عَلَيَّ اعْتِصَارُهُ - وَهِيَ لَا تَعْرِفُ أَنَّهُ السُّلْطَانُ - فَقَالَ: اذْهَبِي فَإِنَّكِ الْآنَ تَقْدِرِينَ عَلَيْهِ وَغَيَّرَ نِيَّتَهُ إِلَى غَيْرِهَا فَذَهَبَتْ وَجَاءَتْهُ بِشَرْبَةٍ أُخْرَى سَرِيعًا فَشَرِبَهَا وَانْصَرَفَ، فَقَالَ لَهُ السُّلْطَانُ مَلِكْشَاهْ: هَذِهِ تَصْلُحُ لِي وَلَكِنْ قُصَّ عَلَى الرَّعِيَّةِ حِكَايَةَ كِسْرَى الْأُخْرَى حِينَ اجْتَازَ بِبُسْتَانٍ فَطَلَبَ مِنْ نَاطُورِهِ عُنْقُودًا مِنْ حِصْرَمٍ فَإِنَّهُ قَدْ أَصَابَتْهُ صَفْرَاءُ وَعَطَشٌ فَقَالَ لَهُ النَّاطُورُ: إِنَّ السُّلْطَانَ لَمْ يَأْخُذْ حَقَّهُ مِنْهُ، فَلَا أَقْدِرُ أَنْ أُعْطِيَكَ مِنْهُ شَيْئًا، قَالَ: فَعَجِبَ النَّاسُ مِنْ ذَكَاءِ الْمَلِكِ وَحُسْنِ اسْتِحْضَارِهِ هَذِهِ فِي مُقَابَلَةِ تِلْكَ. وَاسْتَعْدَاهُ رَجُلَانِ مِنَ الْفَلَّاحِينَ عَلَى الْأَمِيرِ خُمَارْتِكِينَ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْهُمَا مَالًا جَزِيلًا وَكَسَرَ ثَنِيَّتَهُمَا، وَقَالَا: سَمِعْنَا بِعَدْلِكَ فِي الْعَالَمِ، فَإِنْ أَقَدْتَنَا مِنْهُ كَمَا أَمَرَكَ اللَّهُ وَإِلَّا اسْتَعْدَيْنَا عَلَيْكَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَخَذَا بِرِكَابِهِ فَنَزَلَ عَنْ فَرَسِهِ وَقَالَ لَهُمَا خُذَا بِكُمِّي فَاسْحَبَانِي إِلَى دَارِ نِظَامِ الْمُلْكِ، فَهَابَا ذَلِكَ، فَعَزَمَ عَلَيْهِمَا فَفَعَلَا مَا أَمَرَهُمَا بِهِ، فَلَمَّا بَلَغَ النِّظَامَ مَجِيءُ السُّلْطَانِ إِلَيْهِ خَرَجَ مُسْرِعًا مِنْ خَيْمَتِهِ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: إِنِّي إِنَّمَا قَلَّدْتُكَ الْأَمْرَ لِتُنْصِفَ الْمَظْلُومَ مِمَّنْ ظَلَمَهُ، فَكَتَبَ مِنْ فَوْرِهِ بِعَزْلِ خُمَارْتِكِينَ وَحَلِّ أَقْطَاعِهِ وَأَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِمَا أَمْوَالَهُمَا وَأَنْ يَقْلَعَا ثَنِيَّتَيْهِ إِنْ قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ وَأَمَرَ لَهُمَا الْمَلِكُ مِنْ عِنْدِهِ بِمِائَةِ دِينَارٍ. وَأَسْقَطَ مَرَّةً بَعْضَ الْمُكُوسِ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْتَوْفِينَ: يَا سُلْطَانَ الْعَالَمِ إِنَّ هَذَا يَعْدِلُ سِتَّمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ وَأَكْثَرَ فَقَالَ: وَيْحَكَ إِنَّ الْمَالَ مَالُ اللَّهِ وَالْعِبَادَ عَبِيدُهُ، وَالْبِلَادَ بِلَادُهُ وَإِنَّمَا يَبْقَى هَذَا لِي، وَمَنْ نَازَعَنِي فِي هَذَا ضَرَبْتُ عُنُقَهُ.
পৃষ্ঠা - ১০০৫৯
وَغَنَّتْهُ امْرَأَةٌ حَسْنَاءُ فَطَرِبَ وَتَاقَتْ نَفْسُهُ إِلَيْهَا فَهَمَّ بِهَا، فَقَالَتْ: أَيُّهَا الْمَلِكُ إِنِّي أَغَارُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الْجَمِيلِ مِنَ النَّارِ وَبَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ فَاسْتَدْعَى بِالْقَاضِي فَزَوَّجَهُ بِهَا. وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ عَنِ ابْنِ عَقِيلٍ أَنَّ السُّلْطَانَ مَلِكْشَاهْ كَانَ قَدْ فَسَدَتْ عَقِيدَتُهُ بِسَبَبِ مُعَاشَرَتِهِ بَعْضَ الْبَاطِنِيَّةِ ثُمَّ تَنَصَّلَ مِنْ ذَلِكَ وَرَاجَعَ الْحَقَّ. وَذُكِرَ أَنَّ ابْنَ عَقِيلٍ كَتَبَ لَهُ شَيْئًا فِي الدَّلِيلِ عَلَى إِثْبَاتِ الصَّانِعِ. وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ لَمَّا رَجَعَ آخِرَ مَرَّةٍ إِلَى بَغْدَادَ عَزَمَ عَلَى الْخَلِيفَةِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهَا فَاسْتَنْظَرَهُ عَشَرَةَ أَيَّامٍ فَمَرِضَ السُّلْطَانُ وَمَاتَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعَشَرَةِ أَيَّامٍ. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ النِّصْفِ مِنْ شَوَّالٍ عَنْ سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً وَخَمْسَةِ أَشْهُرٍ وَكَانَتْ مُدَّةُ مُلْكِهِ مِنْ ذَلِكَ تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَأَشْهُرًا وَدُفِنَ بِالشُّونِيْزِيَّةِ، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ أَحَدٌ لِشِدَّةِ كِتْمَانِ الْأَمْرِ، وَكَانَ مَرَضُهُ بِالْحُمَّى وَقِيلَ: إِنَّهُ سُمَّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. بَانِي التَّاجِيَّةِ بِبَغْدَادَ الْمَرْزُبَانُ بْنُ خُسْرُو تَاجُ الْمُلْكِ الْوَزِيرُ أَبُو الْغَنَائِمِ بَانِي التَّاجِيَّةِ الَّتِي دَرَّسَ فِيهَا أَبُو بَكْرٍ الشَّاشِيُّ وَبَنَى تُرْبَةَ الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ وَقَدْ كَانَ السُّلْطَانُ مَلِكْشَاهْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَوْزِرَهُ بَعْدَ نِظَامِ الْمُلْكِ فَمَاتَ سَرِيعًا فَاسْتَوْزَرَ لِوَلَدِهِ مَحْمُودٍ فَلَمَّا قَهَرَهُ
পৃষ্ঠা - ১০০৬০
أَخُوهُ بَرْكْيَارُوقُ قَتَلَهُ غِلْمَانُ النِّظَامِ وَقَطَّعُوهُ إِرْبًا إِرْبًا فِي ذِي الْحِجَّةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ. هِبَةُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ بُورِي أَبُو الْقَاسِمِ الشِّيرَازِيُّ أَحَدُ الرَّحَّالِينَ الْجَوَّالِينَ فِي الْآفَاقِ، وَكَانَ حَافِظًا ثِقَةً دَيِّنًا وَرِعًا حَسَنَ الِاعْتِقَادِ وَالسِّيرَةِ لَهُ تَارِيخٌ حَسَنٌ وَرَحَلَ إِلَيْهِ الطَّلَبَةُ مِنْ بَغْدَادَ وَغَيْرِهَا. رَحِمَهُ اللَّهُ.
পৃষ্ঠা - ১০০৬১
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا قَدِمَ إِلَى بَغْدَادَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ أَرْدَشِيرُ بْنُ مَنْصُورٍ أَبُو الْحُسَيْنِ الْعَبَّادِيُّ مَرْجِعَهُ مِنَ الْحَجِّ، فَنَزَلَ النِّظَامِيَّةَ فَوَعَظَ النَّاسَ، وَحَضَرَ مَجْلِسَهُ الْغَزَّالِيُّ مُدَرِّسُ الْمَكَانِ وَازْدَحَمَ النَّاسُ فِي مَجْلِسِ وَعْظِهِ وَكَثُرُوا فِي الْمَجَالِسِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَتَرَكَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ مَعَايِشَهُمْ، وَكَانَ يَحْضُرُ مَجْلِسَهُ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ قَرِيبٌ مِنْ ثَلَاثِينَ أَلْفًا مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَتَابَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَلَزِمُوا الْمَسَاجِدَ، وَأُرِيقَتِ الْخُمُورُ وَكُسِرَتِ الْمَلَاهِي، وَكَانَ الرَّجُلُ فِي نَفْسِهِ صَالِحًا لَهُ عِبَادَاتٌ وَفِيهِ زُهْدٌ وَافِرٌ، وَلَهُ أَحْوَالٌ صَالِحَةٌ، وَكَانَ النَّاسُ يَزْدَحِمُونَ عَلَى فَضْلِ وَضُوئِهِ، وَرُبَّمَا أَخَذُوا مِنَ الْبِرْكَةِ الَّتِي يَتَوَضَّأُ مِنْهَا لِلْبَرَكَةِ. وَنَقَلَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ أَنَّهُ اشْتَهَى مَرَّةً عَلَى بَعْضِ أَصْحَابِهِ تُوتًا شَامِيًّا وَثَلْجًا، فَطَافَ الْبَلَدَ بِكَمَالِهِ فَلَمْ يَجِدْهُ، فَرَجَعَ فَوَجَدَ الشَّيْخَ فِي خَلْوَتِهِ، فَسَأَلَ: هَلْ جَاءَ الْيَوْمَ إِلَى الشَّيْخِ أَحَدٌ؟ فَقِيلَ لَهُ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: إِنِّي غَزَلْتُ بِيَدَيَّ غَزْلًا وَبِعْتُهُ، وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَشْتَرِيَ لِلشَّيْخِ طُرْفَةً، فَامْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ فَبَكَتْ، فَرَحِمَهَا وَقَالَ: اذْهَبِي فَاشْتَرِي فَقَالَتْ: مَاذَا تَشْتَهِي فَقَالَ مَا شِئْتِ فَذَهَبَتْ فَأَتَتْهُ بِتُوتٍ شَامِيٍّ وَثَلْجٍ فَأَكَلَهُ.
পৃষ্ঠা - ১০০৬২
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: دَخَلْتُ عَلَيْهِ وَهُوَ يَشْرَبُ مَرَقًا فَقُلْتُ فِي نَفْسِي لَيْتَهُ أَعْطَانِي فَضْلَهُ لِأَشْرَبَهُ لِحِفْظِ الْقُرْآنِ، فَنَاوَلَنِي فَضْلَهُ فَقَالَ: اشْرَبْهَا عَلَى تِلْكَ النِّيَّةِ، قَالَ: فَرَزَقَنِي اللَّهُ حِفْظَ الْقُرْآنِ وَكَانَتْ لَهُ عِبَادَاتٌ وَمُجَاهَدَاتٌ ثُمَّ اتُّفِقَ أَنَّهُ تَكَلَّمَ فِي بَيْعِ الْقُرَاضَةِ بِالصَّحِيحِ فَمُنِعَ مِنَ الْجُلُوسِ وَأُخْرِجَ مِنَ الْبَلَدِ. وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ خَطَبَ تُتُشُ بْنُ أَلْبِ أَرْسَلَانَ صَاحِبُ دِمَشْقَ لِنَفْسِهِ بِالسَّلْطَنَةِ، وَطَلَبَ مِنَ الْخَلِيفَةِ أَنْ يُخْطَبَ لَهُ بِالْعِرَاقِ فَحَصَلَ التَّوَقُّفُ عَنْ ذَلِكَ، بِسَبَبِ ابْنِ أَخِيهِ بَرْكْيَارُوقَ بْنِ مَلِكْشَاهْ فَسَارَ إِلَى الرَّحْبَةِ وَفِي صُحْبَتِهِ وَطَاعَتِهِ آقْ سُنْقُرُ قَسِيمُ الدَّوْلَةِ صَاحِبُ حَلَبَ وَبُوزَانُ صَاحِبُ الرُّهَا، فَفَتَحَ الرَّحْبَةَ ثُمَّ سَارَ إِلَى الْمَوْصِلِ فَأَخَذَهَا مِنْ يَدِ صَاحِبِهَا إِبْرَاهِيمَ بْنِ قُرَيْشٍ بْنِ بَدْرَانَ، وَهَزَمَ جُيُوشَهُ مِنْ بَنِي عَقِيلٍ، وَقَتَلَ خَلْقًا مِنَ الْأُمَرَاءِ صَبْرًا وَكَذَلِكَ أَخَذَ دِيَارَ بَكْرٍ، وَاسْتَوْزَرَ الْكَافِيَ بْنَ فَخْرِ الدَّوْلَةِ بْنِ جَهِيرٍ، وَكَذَلِكَ أَخَذَ هَمَذَانَ وَخِلَاطَ وَفَتَحَ أَذْرَبِيجَانَ، وَاسْتَفْحَلَ أَمْرُهُ ثُمَّ فَارَقَهُ الْأَمِيرَانِ آقْ سُنْقُرُ وَبُوزَانُ فَسَارَا إِلَى الْمَلِكِ بَرْكْيَارُوقَ، وَبَقِيَ تُتُشُ وَحْدَهُ فَطَمِعَ فِيهِ ابْنُ أَخِيهِ بَرْكْيَارُوقُ فَرَجَعَ تُتُشُ فَلَحِقَ قَسِيمَ الدَّوْلَةِ آقْ سُنْقُرَ وَبُوزَانَ بِبَابِ حَلَبَ فَكَسَرَهُمَا وَأَسَرَ بُوزَانَ وَآقْ سُنْقُرَ فَصَلَبَهُمَا وَبَعَثَ بِرَأْسِ بُوزَانَ فَطِيفَ بِهِ حَرَّانَ وَالرُّهَا وَمَلَكَهَا مِنْ بَعْدِهِ. وَفِيهَا وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ بَيْنَ الرَّوَافِضِ وَالسُّنَّةِ وَانْتَشَرَتْ بَيْنَهُمْ شُرُورٌ كَثِيرَةٌ